موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة علم السياسة

شمس الدين
الحركات السياسية التي اتخذت من الإسلام دليلاً لها هل استطاعت أن تعبر عن الإسلام الأصيل من خلال تجاربها سواء مواجهة الأنظمة كما في مصر والجزائر أم في إقامة دولة (افغانستان مثلاً)؟.

 

بالنسبة لهذا السؤال الأمثلة الواردة فيه خطأ، الحركات الإسلامية في مصر تشكل جواباً فاشلاً على مشروع التحدي. الحركة الإسلامية الجزائرية بدل أن تنتصر جعلت الإسلام في مواجهة المجتمع والمصريون يسيرون باتجاه وضع الإسلام في مواجهة المجتمع. بدل أن يدخل المجتمع في الإسلام. جعلنا الإسلام من خلال طريقة سعينا للإستيلاء على السلطة، حالة مواجهة لو أن الشعب الجزائري ملتزم بالمشروع كما يطرحه القسم الذي خلق المشكلة من جبهة الإنقاذ. أكيد لا نظام بوضياف استطاع أن يواجه ولا النظام القائم فعلاً.
أما افغانستان، افغانستان مأساة. الإسلام فيها حارب السوفيات بالأميركان، قادة الحركات الإسلامية كانوا يذهبون إلى البيت الأبيض ويجتمعون مع الرئيس الأميركي، إيران ساعدتهم، المملكة السعودية ساعدتهم وباكستان الإسلامية ساعدتهم لكن في النهاية محطتهم كانت واشنطن.
الآن ولأسباب فيها اميركان وفيها إسلام، انسحب السوفيات، أين نظام الإسلاميين في افغانستان؟ السنة يتحاربون مع بعضهم البعض، الشيعة يتحاربون مع بعضهم البعض، والسنة والشيعة يتحاربون، جيش افغاني لا يوجد بالمعنى المألوف، الموجود أربعة أو خمسة جيوش. جيوش حقيقية والحرب بينهم مستعرة. وكل المخلصين عاجزون عن إصلاح ذات البين.
الشعب الجزائري الحبيب والعزيز شعب نعرفه مسلماً مخلصاً صافياً. كله جبهة إنقاذ، لكن قدم له الإسلام وأدبرت العملية بنحو جعلت المشروع الإسلامي ليس في مقابل النظام، القول بأنه إذا ذهب النظام وحُيّد الجيش نفسه نستطيع الإستيلاء. طبعاً تستطيعون، لكن هل الناس راضية. على الإسلاميين أن يعرفوا أن إيران ليست النموذج ، إيران فلتة، إيران على تعبيري أنا، كانت جمهورية إسلامية أيام الشاه. لا أحد يحدث نفسه أنه قد يحدث في الجزائر ما حدث في إيران، جاء الإمام الخميني (قده) ومعه بعض المعاونين وإصدار فتويين واربع خطب فهرب بختيار والشاه ركب طائرة وانتهى الموضوع. لا. كان يوجد شعب إيراني كون جمهوريته الإسلامية ونحن نعرفها ونحن جزء منها لقد كان جمورها وكوادرها وقياداتها ومالها وثقافتها وخطابها السياسي موجوداً.
كان هناك جمهورية كاملة بلا ملك بلا رئيس، حكومتها كانت موجودة. كان يوجد قبعة على رأس إيران أسمه الشاه، الشعب الإيراني لم ينشئ ثقافة جديدة ولا انشأ نظاماً جديداً. نظامه هو نظام الشعب الإيراني الدستور هو الذي كان يعيش عليه الشعب الإيراني. هذه تجربة غير موجودة. كوادر الشعب الإيراني الدينية اشتغلت حوالي مئة سنة أنتجت هذا الشعب الذي أقام جمهورية إسلامية ولم يقيموا له جمهورية إسلامية. الشعب الإيراني صنع لنفسه جمهورية.
هل الإسلاميون المصريون هم التعبير عن الخمسين مليون مصري. لو كانوا كذلك، لكانوا هم الخميني، لكن لأنهم ليسوا تعبيراً عن الخمسين مليون مصري ليسوا الخميني. هم تحالف أحزاب يريد أن يفرض فهمه للإسلام بقوة على الشعب المصري. الشعب المصري يمنعه إيمانه من أن يذلهم ويسبهم ولكن يحيد نفسه: يقول أن المعركة هي بينهم وبين نظام حسني مبارك.
العشب الإيراني لم يقل لا دخل لي. عندما دخل الإمام الخميني (قده)، قال أنا من جماعة الخميني أو بالأحرى الخميني من جماعتي.
القضية الإسلامية في العالم الإسلامي المعاصر تدار خطأ ولذلك أنتجت جزائر وأنتجت مصر وأنتجت هنا ضاحية جنوبية وأنتجت أفغانستان. التجربة الأفغانية كانت مرشحة لتكون أسلم تجربة. لأن الشعب الأفغاني مدفوع بالفعل بدافعين: دافع إسلامي ودافع وطني رفض الحكم السوفياتي ورفض مؤسساته. الآن ليس فقط افغانستان انتهت. افغانستان أصبحت خطراً على جيرانها.
واستمرار الإدارة نفسها لا يؤدي إلا إلى التمزق.. والتخوين والتكفير على المستوريين القومي والإسلامي وتصبح الأنظمة كافرة وخائنة, والأمة كافرة وخائنة والأحزاب كافرة وخائنة, كل حزب بالنسبة للحزب الآخر كافر وخائن. و"إسرائيل" بتوراتها واجهت الكل وانتصرت. على كل الكفرة وعلى كل الخونة. المسألة مسألة مراجعة.
* * *
---------------------------------------------------------------
المصدر : التطبيع بين ضرورات الأنظمة وخيارات الأمة

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة علم السياسة