موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة علم السياسة

محمد مهدي شمس الدين
أُطروحة مقاومة التطبيع مبررات، واقتراحات

 

أنا أعتبر أن مقاومة التطبيع ليست فقط استجابة سليمة ومعافاة للعامل الديني والقومي معاً، بل هي بالإضافة إلى ذلك وربما قبل ذلك، قبل الدين وقبل القومية هي استجابة سليمة للعامل النفعي البراغماتي المحض لفلاحنا وللقطب الصناعي فينا، أطروحة مقاومة التطبيع هي جزء من أيديولوجية الأمة الدينية والقومية.
إن مقاومة التطبيع جزء من أيديولوجية الأمة الدينية والقومية ومن هنا فهي لا تحتاج إلى تكوين قناعات، إن مقاومة التطبيع لا تستدعي أن نكوِّن في أمتنا قناعات ليست موجودة عندها، بل نحتاج إلى ترسيخ هذه القناعات وإلى آلية عمل. بالنسبة لترسيخ القناعات وتحويلها إلى جزء من شخصية الإنسان العربي، يأتي دور وسائل الإعلام، والمدرسة، والتنظيم السياسي والاجتماعي، والنقابات، والأندية الثقافية، ومن هنا ينبغي أن تتحمل وسائل الإعلام المرئي والمقروء والمسموع مسؤولية جعل مقاومة التطبيع جزءاً من عملها اليومي في صياغة الخبر، وفي التحليل الاقتصادي والسياسي، وفي نقطة من أخطر النقاط وهي السياسات الإعلانية وأنا عندي شعور قوي، بان إحدى الثغرات الخطرة في هذه المسألة شركات الإعلان ومؤسسات الإعلان العالمية وما يرتبط بها من مصالح.
والكتاب المدرسي يجب أن يتضمن نصوصاً ضد التطبيع، تكون إحدى ثوابته، مثل النشيد ومثل العلم الوطني، يجب أن توضع فيه ثوابت ضد التطبيع، كما تفتتح أي محطة إعلامية من تلفزة أو راديو أو جريدة أو مجلة بنشيد وطني أو قرآن أو بإنجيل أو بعلم وطني، يجب أن يتفق على صيغ تربوية وتعبوية تشحن الناس ضد التطبيع، الأحزاب يجب أن يكون في مواثيقها التي تبتني عليها نصوص تعبئتها الداخلية، نشراتها الداخلية وإعلامها العام، موادَّ ملزمة ضد التطبيع، بحيث تربي كوادرها وعناصرها سياسياً وعقائدها على مقاومة التطبيع، وعلى المؤسسات الأخرى، من هذا القبيل.
قال لي قوميون وإسلاميون: نحن ديننا ضد التطبيع، وهذا يكفي. قلت: هذا لا يكفي، تارة نحن نمارس الشيء لأننا واعون له أو لا نمارس الشيء لأننا غافلون عنه، وإن كنا نؤمن به، المطلوب أن تكون حرمة التطبيع في وعينا، هذه القضية يجب أن تكون في الوعي، يجب أن ينص عليها، ويجب أن نحترز لئلا يأتي جيل آخر ويقول هذا مما لا نص منه، كما نقول في علم الأصول (الذي لا نص فيه، باب الإباحة مفتوح فيه) كلا، هذا فيه نص، يجب إعادة النظر في كتاب المدرسة، من مستوى الروضة الأولى إلى مستوى الثانويات.
-----------------------------
المصدر: التطبيع بين ضرورات الأنظمة وخيارات الأمة

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة علم السياسة