موسوعة المصطلحات والمفاهيم
موسوعة
علوم القرآن والتفاسير

ابو عبد الله الزنجاني
الإعجام في القرآن

المراد بالإعجام: تمييز الحروف المتشابهة بوضع نقط لمنع اللبس فالهمة في الإعجام للسلب، أي إزالة العجمة كما في قولك: شكوت إليه فأشكاني، أي أزال شكواي، والمشهور أن اختراع الإعجام كان في عصر عبدالملك بن مروان، والتحقيق يفيد أنه كان قبل الاسلام لأنه عثر على كتابات قديمة محررة قبل خلافة عبدالملك بن مروان، فيها إعجام بعض الحروف كالباء ولاياء، وشبههما على أنه مع تشابه صور حروف كثيرة كالباء والتاء الثاء بعيداً جداً عدم الإعجام وعدم مميز يميزها.
فالحق إن الإعجام موضوع قبل الاسلام، ولكن تساهلوا في شأنه شيئاً فشيئاً حتى تنوسي، ولمي بق منه إلا النادر، إلى أن جاء زمن عبدالملك، فحتم على كتاب دولته رعايته، وبيان ذلك أن الناس مكثوا يقرأون في مصاحف عثمان نيفاً وأربعين سنة، وقلنا: إن مصاحف عثمان، كانت مجردة عن النقط والشكل.
ومكث القارئ يقرأ ولا يعلم هل القراءة الصحيحة والقرآن المنزل هو قوله (ننشزها) بالزاي المعجمة أو (ننشزها) بالراء المهملة، أو (لتكون آية لمن خلفك) بالفاء أو (لمن خلقك) بالقاف.
ولذلك كثر التصحيف في العراق، ففزع الحجاج أمير العراق إلى كتابه في زمن عبدالملك، وسألهم أن يضعوا علامات لتمييز الحروف المتشابهة، ودعا نصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر العدواني تلميذي أبي الأسود الدؤلي لهذا الأمر، وكانت عامة المسلمين تكره أن يزيد أحد شيئاً على ما في مصحف عثمان ولو للإصلاح خشية الابتداع. وتردد كثير منهم في قبول الإصلاح الذي أدخله أبو الأسود، فبعد البحث والتروي، قرر نصر ويحيى ـ وكانا من التقوى بحيث لا يتهمان في دينهما ـ إدخال الإصلاح الثاني وهو أن توضع النقط أفراداً وأزواجاً لتمييز الأحرف المتشابهة بالأسلوب الموجود الآن بيدنا، ولكن سبق القول أن الحركات والسكنات كانت بطريقة النقط. وكذلك الإعجام أيضاً، كان بطريق النقط. فمنعاً للبس بعض الحركات والسكنات والإعجام كان رسم كتابة المصحف مثلاً يكتب الحركة بلون أحمر، والإعجام بلون يخالف الأحمر، قال أبو عمرو: ولا أستجيز النقط بالسواد لما فيه من التغيير لصور الرسم، يعني رسم مصاحف عثمان، ورأى أن يكتب الهمزات بالصفرة! وعلى ذلك مصاحف أهل المدينة.
وقال عثمان بن سعيد الداني في كتابه المقنع: ((وإذا استعملت الخضرة لألفات الوصل على ما أحدث أهل بلدنا قديماً فلا أرى بذلك بأساً)). وبلده دانية بالأندلس.
وجرى أهل الأندلس على استعمال أربعة ألوان في المصاحف: السواد للحروف، والحمرة للشكل بطريقة النقط، والصفرة للهمزات، والخضرة لألفات الوصل، ولم تشتهر طريقة أبي الأسود إلا في المصاحف حفظاً لقواعد القرآن.

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم