موسوعة المصطلحات والمفاهيم
موسوعة
علوم القرآن والتفاسير

د. فالح الربيعي
القصة القرآنية والإسرائيليات

مما لا شك فيه أنّ ظاهرة (الإسرائيليات)، أي: (الأخبار التي دسها في قصص الأنبياء أعداء الإسلام من اليهود وغيرهم)، قد استطاعت أن تنفذ إلى قصص الأنبياء كما هي موجودة في كتب التاريخ والتفسير، ولعل من أهم العوامل التي أدت إلى شيوع ظاهرة الاستناد إلى روايات (اليهود) فيما يتعلق بأخبار الأنبياء والأمم الماضية، هو علماء التفسير والتاريخ أنفسهم، إذ أن اليهود ما كانوا ليجدون الطريق ممهداً للنفوذ بسمومهم إلى التاريخ الإسلامي لولا ذلك الضعف واللين اللذان فسحا المجال إلى حد ما لذلك النفوذ، ثم هنالك ذلك الفضول وتلك النزعة التقريرية التفصيلية والرغبة في معرفة كل شيء (وإن كانت هذه المعرف على حساب الحقيقة والالتزام بالبحث العلمي الأمين) تلك الرغبة التي طغت على أغلب علماء التفسير والتاريخ آنذاك (ولعلها ما زالت) خصوصاً فيما يتعلق بالمجهولات التي سكت عنها القرآن لعدم ضرورتها ولعدم ترك معرفتها أي أثر على مدى فهم القصة واكتساب الدروس والعبر منها.
وقد أدت تلك الرغبة العارمة المحفوفة بالمحاذير والمخاطر إلى أن يبيح بعض هؤلاء العلماء لنفسه أن يستند إلى الروايات التي جاءت من طريق أحبار اليهود وبعض الشخصيات اليهودية المشكوك في خلوص ونقاء إسلامها، هذا بالإضافة إلى الاستناد إلى كتاب (التوراة) المليء بالدسّ والتحريف والنيل من مكانة الأنبياء ونسبة التهم الباطلة إليهم التي لا تتفق في أي حال من الأحوال مع نظرة الإسلام إليهم المبنية على أنهم يمثلون شخصيات نزيهة معصومة عن ارتكاب الإثم مهما كان صغيراً، فما بالك إذا نسبت إليهم الذنوب الفاحشة والكبائر التي قد لا تصدر من الإنسان العادي المتوسط الإيمان، فكيف إذا كان هذا الإنسان نبياً اصطفاه الله تعالى على أهل زمانه، وحمله مسئولية هداية القوم الذين يعيش بينهم؟!
طبعاً نحن لا نريد هنا أن ننفي المعلومات التي جاءت في التوراة نفياً مطلقاً، ونعتبرها منحرفة بالمرة، فقد ورد فيها من المعلومات (وهي قليلة جداً) ما جاء متفقاً مع المعلومات الواردة في القرآن أو قريباً منها، ولكن مَن الذي يضمن عدم تسرب المعلومات المحرفة الممتزجة مع المعلومات الصحيحة امتزاجاً يصعب معه ضمان عدم نفوذ شيء من تلك المعلومات؟!
وحديثنا هنا يشمل ـ طبعاً ـ المعلومات التي سكت عنها القرآن، وإلا فإن الاستشهاد بما جاء في التوراة والمرويات الإسرائيلية مما طابق مطابقة كاملة ما جاء في القرآن الكريم لغرض إثبات صدق ودقة المعلومات الواردة في القرآن، وبيان كون القرآن وحياً إلهياً، إن مثل هذا الاستشهاد مستحسن بل وضروري في بعض الأحيان شريطة أن يشمل المعلومات المتطابقة فحسب.
والروايات المروية عن النبي (ص) تميل بصورة عامة إلى النهي عن الاستناد إلى الروايات الإسرائيلية أياً كانت خشية الوقوع في تلك المحاذير التي حدثت فعلاً من خلال امتلاء بعض كتب التفسير والتاريخ بالروايات الإسرائيلية.
وقد بلغ الإسفاف والترف ((التفصيلي)) ببعض المفسرين حداً جعلهم يخوضون في قضايا ليست محايدة فحسب وإنما سخيفة وتافهة وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على تحول تلك النزعة التفصيلية إلى نوع من الشذوذ والانسياق اللامحدود في تيار تلك النزعة، كالبحث حول لون كلب أهل الكهف، واسم الغلام الذي قتله الخضر ونوع الشجر الذي اقتطع منه موسى عصاه!!
وهنالك لطيفة يوردها لنا صاحب (التفسير الكاشف) حول هذا الترف الذي ابتلي به المؤرخون والمفسرون في فترة من الفترات، يقول صاحب التفسير: (( ... نقل عن أحد القصاصين القدامى أنه كان يحكي قصة يوسف لجماعة، ولما وصل إلى الذئب قال: كان اسم الذئب الذي أكل يوسف (كذا)، فقال له بعض من حضر: إن الذئب لم يأكل يوسف، فقال القصاص: فليكن هذا الاسم للذئب الذي لم يأكل يوسف!!)).
إن الإسرائيليات شملت القصص القرآنية ـ بصورة عامة ـ وقصص أنبياء بني إسرائيل ـ بصورة خاصة ـ وقصة موسى (ع) بشكل أخص.
ونحن سنذكر فيما يلي نماذج من هذه الإسرائيليات، وقبل أن نذكر هذه النماذج من الضروري أن نذكر أن القرآن الكريم قد أشار إشارات واضحة وصريحة إلى عملية تحريف أهل الكتاب (واليهود بصورة خاصة) للمعلومات الواردة في الكتب المقدسة التي أنزلت على أنبيائهم وخصوصاً التوراة وذلك في آيات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال: (يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدن يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون) آل عمران/ 70 ـ 71، (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه) النساء/ 46، (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب) المائدة/ 15، (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه) المائدة/ 41، (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين. ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم. ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون) المائدة/ 64 ـ 66.
والقرآن الكريم ـ كما نلاحظ ذلك ـ يقدم لنا ـ بالإضافة إلى التأكيد على حقيقة تحريف اليهود للكتب السماوية ـ نماذج من تلك التحريفات والمزاعم الباطلة، كقولهم أن يد الله مغلولة، وأنهم قتلوا المسيح (ع)، وإنكارهم لنبوة محمد (ص) رغم تبشير التوراة بها كما ذكر ذلك القرآن الكريم.
ونذكر مرة أخرى قبل أن نبدأ بعرض النماذج أن (الإسرائيليات) لا تشمل تحريفات اليهود فحسب، وإنما تطلق على كل المعلومات المأخوذة عن الكتب السماوية و (التاريخية القديمة) والمستند إليها في تفصيل (القصص القرآنية المشتملة على المجهولات)، وإطلاق مصطلح (الإسرائيليات) وتعميمه على كل تلك المصادر هو من باب تغليب الأكثر لأن المعلومات الواردة في أسفار (التوراة) تشكل الجزء الأعظم من تلك الأخبار، أما المعلومات الأخرى التي جاءت في الكتب المقدسة الأخرى كالإنجيل والزبور فهي قليلة جداً بحيث لا تستحق أن يشار إليها في التسمية.
1 ـ الادعاء أن داود (ع) قد أعجب بزوجة أحد قادته العسكريين، فأرسل هذا القائد إلى الحرب ودبر له مؤامرة لقتله والاستئثار بزوجته!
تأملوا ما جاء في التوراة بهذا الخصوص: ((إن داود نظر وهو يمشي على سطح داره إلى امرأة تستحم فأعجبته وأغرم بها وأتى بها واضطجع معها (هكذا) فحملت منه وأعلمته، وكان زوجها (أوريا الحشي) في الحرب فأتى ليسأله عن أمر الحرب في الظاهر، وليحدث الرجل بامرأته عهداً حتى لا يرتاب بأمرها إذا علم فيما بعد أنها حامل، ولكن الرجل كان تقياً جداً (أتقى من داود النبي!) فبات بباب داود، لأنه رأى من عدم التقوى أن يتمتع بزوجه وإخوانه في الحرب بعيدون عن أزواجهم (!) فلما علم داود لم ير وسيلة لعدم افتضاح أمره إلا تعريض أوريا لجبهة القتال حاملاً الراية (!!) وأن يتأخر عنه الجند بعد التقدم، وبهذه الوسيلة قتل الرجل (!) وأتت امرأته بولد من تلك الزنية (!!) )).
والأغرب من ذلك أن اليهود يدّعون وبكل وقاحة أن هذا الولد (النغل) هو سليمان (ع) تعالى أنبياء الله عن مزاعمهم وافتراءاتهم علواً كبيراً.
واللطيف أن بعض المفسرين قد أخذ بهذه المعلومة الإسرائيلية، ولما كان فيها افتراء فاحش على نبي من أنبياء الله فقد أخذوا يبررون ويؤولون ويتعسفون في التبرير والتأويل وكأنه لزام عليهم أن يأخذوا بهذه الرواية، في حين أن بإمكانهم أن ينفوا هذه القصة من الأساس، ويسكتوا عنها كما سكت القرآن الكريم، أو أن يؤولوا الآية بما يناسب أصل عصمة الأنبياء الذي يؤمن به جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم، لا أن يبرروا ويختلقوا المعاذير التي توقف داود (ع) موقف المتهم المحاج إلى التبرير والدفاع كما فعل ذلك البيضاوي ـ مثلاً ـ عندما كتب في تفسير الآية قائلاً: ((وأقصى ما في هذه القصة الإشعار بأنه (ع) ودّ أن يكون له ما لغيره، وكان له أمثاله، فنبهه الله بهذه القصة فاستغفر وأناب، وما روي أن بصره وقع على امرأة فعشقها، وسعى حتى تزوجها، إن صح (!) فلعله خطب مخطوبته أو استنزله عن زوجته (!)، وكان ذلك معتاداً فيما بينهم، وقد واسى الأنصار المهاجرين بمثل هذا ... )).
ونحن إذا أردنا أن نأخذ بنظر الاعتبار المقاييس القرآنية الواضحة بهذا الصدد لنفينا القصة من الأساس، ولما أخذنا حتى بهذا التبرير الذي لا داعي له، ولدفعنا أي شبهة أو أي اتهام ـ مهما كان بسيطاً ـ عن ساحة هذا النبي العظيم الذي تقول عنه التوراة (المحرفة) نفسها كاشفة بذلك اختلاق هذه القصة من الأساس: ((فقال سليمان: إنك قد فعلت مع عبدك داود أبي رحمة عظيمة حسبما سار أمامك بأمانة وبر واستقامة قلب معك ... )).
فهل يعقل أن تصدر مثل هذه الفعلة الشنيعة (الزنا والقتل) من نبي ديدنه الأمانة والبر واستقامة القلب باعتراف التوراة نفسها؟!
2 ـ ومن ضمن الإسرائيليات الأخرى التي انطلت على بعض المفسرين، ناقلين بذلك ـ من حيث لا يشعرون ـ عن أحد الأنبياء المكرمين عند الله، تلك الإسرائيلية التي تدّعي زوراً وبهتاناً أن موسى (ع) ذهب ليستحم في النهر بعد أن وضع ملابسه على حجر، فما كان من الحجر إلا أن انطلق بملابس موسى، وموسى يركض وراءه عارياً حتى استقر به المقام بين جمع بني إسرائيل كل ذلك ليثبت الخالق تعالى لهم أنه بريء من التهمة التي نسبوها إليه من أنه مصاب بمرض (الإدرة) وهو تورم في الخصية!!
وللأسف الشديد فإن هذه الإسرائيلية قد انطلت هي الأخرى على بعض المفسرين، حتى إن بعض المحدثين قد نسب إلى رسول الله (ص) حديثاً يشبه تلك القصة الإسرائيلية في بعض النواحي عند التعرض لتفسير آية: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبراه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً) الأحزاب/ 69.
هذا الحديث يحمل أدلة كونه مختلقاً منحولاً وبشكل واضح وصريح دون أن تكون هناك حاجة إلى مراجعة سنده (الضعيف المشكوك فيه)، إذ كيف يعقل أن يأمر الله تعالى الحجر بالجرى بملابس موسى وإجباره (ع) على أن يركض وراءه عارياً مكشوف العورة، وموسى على ماه و عليه من مقام سامق وحظوة عند الله تعالى بشهادة الآية نفسها: (وكان عند الله وجيهاً).
وأنا لا أدري لماذا يحرص البعض على الأخذ بمثل هذه المرويات التي تقدح ـ مهما كانت درجة تأويلها وتبريرها ـ بشخصية نبي هو من أفضل الأنبياء، ويتركون مرويات أخرى لا يترتب على قبولها أي مدح بشخصية هذا النبي، كالرواية التي تقول أن قارون اتهم موسى (ع) بالزنا ثم برأه الله من هذه التهمة.
أو الرواية التي تقول إن بني إسرائيل اتهموا موسى بقتل هارون بعد أن نزل من الجبل وأخبرهم بموت هارون (ع)، وهي روايات معقولة تتفق تمام الاتفاق مع ما هو معروف عن بني إسرائيل من طبيعة مجبولة على الخبث والإيذاء والاجتراء على الله ورسله.
3 ـ الادعاء أن الشيطان قد أصاب أيوب (ع) بمرض منفرمشوه كما جاء (في سفر أيوب): (فخرج الشيطان وضرب أيوب بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته، فأخذ لنفسه شقفة ليحتك بها وهو جالس في وسط الرماد)!!.
بل إن بعض المرويات لم تكتف عند هذا الحد من تقبيح البلاء الجسمي والروحي الذي نزل بأيوب (ع)، وهو نبي مكرم ورسول صاحب رسالة لا يمكن الإنسان العاقل مطلقاً أن يصدق أنه قد ابتلي بمثل تلك الأمراض (المنتنة ذات الروائح الكريهة كما تصرح بذلك تلك الروايات) التي تنفر الناس منه، لاحظ ـ مثلاً ـ الرواية التالية: (( ... فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة (!!) من قرنه إلى قدمه، فبقى في ذلك دهراً (!) يحمد الله تعالى ويشكره حتى وقع في بدنه الدود (!!) وكانت الدودة تخرج من بدنه ويقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله تعالى منه، وحتى أخرجه أهل القرية وألقوه على المزبلة خارج القرية (!!).
وأظن أن مثل هذه الروايات المختلقة المجهولة أسخف وأتفه من أن نرد عليها، فهي تحمل أدلة بطلانها واختلاقها بين كلماتها وسطورها، كماأنها واضحة الدلالة على أن الهدف منها الاستهانة بالأنبياء وإسقاط هيبتهم كما هو معروف عن اليهود وأحبارهم، ولكن الأغرب من ذلك هو أن بعض المفسرين قد نقلواهذه الروايات في تفاسيرهم!
كانت تلك النماذج بعضاً من الإسرائيليات الكثيرة التي غصت بها كتب التفسير وقصص الأنبياء، ونحن لم ننقل تلك النماذج إلا لكي نبرهن على أن التأدب بالأدب القرآني والنبوي هو السبيل الأفضل للتعامل مع تلك الإسرائيليات، ولقد بينا الموقف القرآني من (المصادر الإسرائيلية) لتاريخ الرسالات من خلال ذكر الآيات القرآنية التي تحدثت عن هذا الجانب، وبقي علينا الآن أن نحدد الموقف النبوي (المستمد بطبيعة الحال من الموقف القرآني والمفصل له) من خلال درج نماذج من الأحاديث النبوية التي حددت وبكل ضوح الطريق الأمثل الذي يجب أن نتعامل على ضوئه مع الإسرائيليات: ((لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولا آمنا بالله وما أنزل إلينا ... )).
وهذا الحديث واضح الدلالة على أن الموقف الصحيح الذي يجب اتخاذه إزاء الروايات الإسرائيلية والاستناد إليها وترتيب أية نتيجة عليها، اللهم إلا إذا كان نقلها لغرض المقارنة والاطلاع.
((والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى (ع) كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني)).
وهذا الحديث قريب الدلالة من الحديث السابق، وفيه إشارة إلى ما ذكرناه سابقاً من أن بعض المعلومات الواردة في مرويات أهل الكتاب صحيحة ولكن اختلاطها بالمحرف والمختلق يبلغ حداً يجعل من العسير ـ إن لم نقل من المستحيل ـ أن ننقل تلك المعلومات دون أن يمتزج معها المحرف، وهذا بالضبط ما أراده النبي (ص) من نهي المسلمين عن سؤالهم.
وبذلك نرى أن (الإسرائيليات) لا يمكن الاستناد إليها بأي حال من الأحوال في التعرف على أحوال الأنبياء والأمم السابقة، وأن الطريق الأسلم الذي يجب أن ننهجه ونحن نعالج موضوعاً تاريخياً يدور حول تاريخ الرسالات الإلهية هو اتباع قاعدة (السكوت عما سكت عنه القرآن) باعتبارها السد المنيع الذي يحول دون نفوذ الإسرائيليات في تاريخ الأديان، اللهم إلا إذا وصلتنا رواية نبوية من طريق لا نشك في وثوقه كشفت بعض المجهولات القرآنية فيما يتعلق بقصص الأنبياء (ع).
وإلى كل تلك الاعتبارات (وغيرها) قصرنا دراساتنا في القصة القرآنية على المعلومات التي جاءت في القرآن الكريم فحسب والأحاديث النبوية المتفق على صحتها إلى حد الإجماع، ومع ذلك فإن هذا الاستناد إلى الأحاديث لم يحدث إلا في مواضع استثنائية نادرة، لأن دراستنا منصبة في الأصل على القصص القرآنية كما جاءت في القرآن الكريم.

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم