موسوعة المصطلحات والمفاهيم
موسوعة
السيرة والتاريخ

أحمد حامد
اليهودية صفية بنت حيى بن أخطب..

"كيف تكونان خيرا مني ، وزوجي محمد ، وأبي هارون ، وعمي موسى".صفية
هي:صفية بنت حيى بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير بن النخام بن ناخوم من بني إسرائيل، من سبط لاوى بن يعقوب، ثم من ولد هارون بن عمران، اخي النبي موسى عليه السلام.
أمها: صفية بنت برة بنت سموال.
كانت صفية على درجة عالية من الجمال والأنوثة والدلال.
تزوجت سلام بن مشكم، وكان شاعراً يهودياً، ثم تزوجت للمرة الثانية، من كنانة ابن أبي الحقيق، وكان شاعرا أيضاً، وقتل الثاني عنها يوم خيبر.
سبيت يوم خيبر، بعد قتال المسلمين وعلى رأسهم محمد، اليهود والانتصار عليهم.
أخذها بلال مع ابنة عم لها، ذاهبا بهما إلى رسول الله، ماراً بهما على ساحة القتال، فشهدتا قتلاهم من اليهود، وحاولت صفية أن تطلق صرخة ألم على ما شاهدت من يهود قتلى، لكنها لم تقو على إطلاق الصرخة، أما ابنة عمها، فلطمت الخدود، وشقت الجيوب، وعفرت رأسها ووجهها بالتراب، وانهارت تماماً أما صفية فقد أنزل الله عليها سكينة وهدوءاً من عنده، فلما دخل بهما بلال على رسول الله. وشاهد ابنة صفية، على ما كانت عليه من جزع وفزع لهول ما رأت، أشاح بوجهه الكريم عنها قائلا: أغربوا عني هذه الشيطانة وخرجت ابنة عم صفية، وبقيت صفية، فأجلسها بجواره، وألقى عليها رداءه وكان معنى ذلك أنه يريدها زوجا له.
واتجه الرسول إلى بلال يقول له مطيبا خاطر صفية:
"أنزعت منك الرحمة يا بلال، حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما، واتجه إلى صفية قائلاً "هل لك فيّ" قالت: يا رسول الله، قد كنت أتمنى ذلك في الشرك، فكيف إذا أمكنني الله منه في الإسلام وكانت صفية قد رأت في نومها، أن قمراً وقع في حجرها، فذكرت ذلك لأبيها، فضرب وجهها، ضربة أثرت فيه، وقال لها: "إنك لتمدين عنقك إلى أن تكوني عند مالك العرب" يقصد رسول الله.
وكان ما زال أثر الضربة ظاهرا على وجهها، ورآه رسول الله، وأشفق عليها، وأنزلها مكانة تليق بها وأعتقها، وكان ذلك صداقها.
ولم يستقبل المسلمون زواج النبي من اليهودية استقبالاً طيباً، فقد تذكروا ما فعلته اليهودية زوجة سلام بن مشكم، وكانت تدعى زينب بنت الحادث، لم ينس المسلمون فعلتها التي بدأت بالفشل، وهي تعمل على قتل الرسول بالسم في الطعام الذي كان يحبه في الشاة التي أغرقتها سما، خاصة المكان الذي يحبه الرسول، إلا أن الله أخبره بالسم، فبصق ما أدخله فمه، إلا أن بشر بن البراء، الذي كان بصحبته قد مات من أثر أكل الشاة المطبوخة بالسم الزعاف.
واعتقد المسلمون أن صفية، إنما ستفعل ما فعلت اليهودية من بني جلدتها. فتربصوا حول المكان الذي دخل فيه الرسول بزوجه اليهودية التي لم يشك الرسول في إخلاصها له، خاصة بعد إسلامها، وتحقيق حلمها الذي ضربت من أجله، وظلت آثاره باقية ليراها الزوج الرسول.
فنزل زواج رسول الله من صفية اليهودية على نسائه، نزول الصاعقة، خاصة على الأثيرة الحبيبة، بنت الصديق، التي أخفت نفسها، وراحت إلى بيت حارثة بن النعمان الأنصاري، حيث دخل بها رسول الله لترى اليهودية الحسناء وتتأكد من الشائعات التي قيلت في جمالها، ورآها الزوج الرسول، تدخل بيت حارثة، وتخرج منه، فسألها الرسول الكريم: كيف رأيت ياشقيراء ؟!
فقالت عائشة، والغيرة متملكة منها تماماً: رأيت يهودية..
ورد عليها الرسول، لا تقولي ذلك فإنها أسلمت وحسن إسلامها.
ودخلت صفية بيت النبوة، زوجا لرسول الله، فاستقبلوها بفتور بالغ، لكنها تقربت إلى الأثيرة عائشة، وإلى ابنة عمر بن الخطاب حفصة، حتى لا يعيرنها بأصلها اليهودي.
لكن صفية مع تقربها الذي حدث، لم تسلم من التعريض بيهوديتها، بطريق مباشر حينا، وبالتلميح حينا آخر، فقد كانت الضرائر يفاخرن بأصولهن العربية القريشية.
وضاقت صفية بغيرة عائشة، خاصة واليهودية حسناء بكل المقاييس التي جعلت نار الغيرة تلهب عائشة، فأسمعتها كثيراً مما لا تحب أن تسمع، وقررت صفية أن تقول للزوج الرسول، ما يحدث من نسائه خاصة عائشة، وبالفعل قالت له باكية: إنهن يفاخرن امامي بأصولهن القرشية العربية، فهدأ الرسول من روعها وقال لها: "حينما تسمعين منهن هذه المفاخرة، قولي لهن: كيف تكونان _عائشة وحفصة _ خيراً مني، وزوجي محمد، وأبي هارون وعمي موسى.
وهدأت صفية لرد الرسول، لتدافع به عن نفسها أمام نسائه إذا عايرنها في أي وقت.
وعاشت صفية لا تبالي بحديث عائشة وحفصة، ولا بكبرياء زينب بنت جحش عليها، فقد عرفت منزلتها عند الزوج الرسول، وكفاها هذا المنزلة ردا على كل ما يحدث من ضرائرها.
ولما وشت جاريتها عند عمر بن الخطاب، بعد موت الرسول قائلة: إن صفية ما زالت تحب السبت وتصل اليهود.
وأحشرها الفاروق عمر وسألها عن ذلك فقالت: أما السبت، فإني لم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة. وأما اليهود فإن لي فيهم رحما، فأنا أصِلها.
وتركها عمر بن الخطاب، واستدعت صفية جاريتها، لتسألها عن هذه الوشاية وما الذي جعلها تسعى بها.
فقالت الجارية: إنه الشيطان.
وأعتقتها صفية وقالت لها: إذهبي فأنت حرة وماتت صفية في عهد معاوية، حوالي عام خمسين.
----------------------------
المصدر : قمم نسائية في الاسلام

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   ||  موسوعة السيرة والتاريخ