بسم الله الرحمن الرحيم
(( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ))( آل عمران /61)

الرسالة التي أرسلها
الأستاذ أسعد تركي
الأمين العام لمؤسسة الصدرين للدراسات الإستراتيجية
إلى
زعيم الطائفة الكاثوليكية البابا بنديكتوس السادس عشر
حول
تصريحاته التي أثارت توترات كبيرة في العالم الإسلامي

 

مؤسسة

مؤسسة فكرية سياسية إسلامية مستقلة

رقم الإجازة في وزارة الدولة لمؤسسات المجتمع المدني / 1B53944

alsadrain@alsadrain.com

alsadrain@yahoo.com

بسم الله الرحمن الرحيم

 


 

إلى / قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر المعظم
م /  زيارة وفد من المسلمين الشيعة في العراق
 

العدد / 417
التاريخ / 20 / 9 / 2006 م

 

بسم الله الرحمن الرحيم (( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ))( آل عمران /61)
السلام على آدم صفوة الله ...................................................
السلام على نوحٍ نبيّ الله .....................................................
السلام على إبراهيم خليل الله .................................................
السلام على موسى كليم الله ..................................................
السلام على عيسى روح الله ..................................................
السلام على محمد حبيب الله ..................................................
السلام على عليّ بن أبي طالب وصيّ الله ............................................
السلام على مريم العذراء البتول الطيبة الطاهرة الحصينة سيدة نساء عصرها...............................................................................
السلام على فاطمة الزهراء الصدّيقة المعصومة بنت المصطفى خاتم النبيّين وزوجة سيد الوصيّين ومنبع الإمامة سيدة نساء العالمين ..........................................
السلام على الحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذريّة الحسين ..................
ذُريّة بعضها من بعض .
بسم الله الرحمن الرحيم (( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )) ( البقرة / 285)

قداسة البابا المعظم :
السلام رسالة عيسى ومحمد ( صلوات الله عليهما ) ،
السلام رسالة الإسلام ،
السلام عليكم :
قال الله تعالى في كتابه الكريم ، كتاب الرحمة والإنسانية والسلام ، القرآن الكريم :
بسم الله الرحمن الرحيم (( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ )) ( المائدة / 82)
قداسة البابا المعظم :
لا يخفى على جنابك المعظم البصمات الواضحة لقوى الإستكبار والإستعباد والإستهتار العالمي التي تتمظهر أحياناً على شكل قوى سياسية أو هيئات إقتصادية أو حركات دينية متطرفة والتي تقف وراء كل الصراعات الفكرية و العقائدية وما يتمخَّض عنهما من صراعات سياسية و إقتصادية وعسكرية وما ينتج عن ذلك من تعسكر وتخندق في صفوف الإنسانية بين مختلف مكوناتها الإجتماعية ، ومما يبعث على الأسف والأسى أن كل ذلك بدأ يُلقي بضلاله ومن خلال إسقاطات وإنعكاسات هذه الصراعات على العلاقات الروحية الحميمة بين أتباع الرسالات السماوية الثلاث الرئيسية ، ولذا كان لزاماً على كل المخلصين من المفكرين ورجال الدين التصدّي لإنقاذ الإنسانية من هذا الواقع المرير وعزل هذه القوى المتطرفة وإقصائها لحماية الإنسانية من شرورها ،
وإننا اليوم ومن خلال زيارتنا لإخوتنا في الإنسانية وأحبائنا من أتباع الطائفة الكثولوكية فإننا نأمل بأن تكون خطوة على هذا الطريق الرحب والمبارك لتلاقي وتلاقح وتحاور أتباع هذه الرسالات ولا أقول تحاور الأديان لأن الأديان صادرة من منبع واحد لا خلاف ولا إختلاف بينها ، فلو إجتمع الإنبياء والأوصياء في مكان وزمان واحد لأستحال أن يحدث بينهم أي خلاف بطبيعة الحال ، و بإستقراء خاطف لمجمل التأريخ السياسي نرى وبوضوح تام الأدوار الرئيسية والبصمات الواضحة للطبقات السياسية ، الحاكمة منها والمعارضة ، في كل الأزمات العقائدية والطائفية والحروب الأهلية والتي تقف من ورائها المخططات الإستراتيجية لقوى الإستكبار والإستعباد والإستهتار العالمي ، فالغالبية العظمى من الفئات السياسية غالباً ما تتمترس وتتخندق وتتعسكر بديانة وطائفة معينة لرفع أسهمها مستغلين مشاعر الشعوب وإنتمائاتهم العقائدية والطائفية والذي يعبر بدوره عن الخواء الفكري والإفلاس الجماهيري لهذه القوى ، وفي الوقت الذي أرى فيه وجوب المحافظة على هوية الإنتمائات العقائدية و المذهبية و الإتجاهات الفكرية والتي تتيح بدورها المساحات الشاسعة من حرية الخيارات العقائدية للإنسانية فتوفر ثرائاً فكرياً وأفقاً واسعاً لديناميكية العقل الإنساني ، فأنه لا بد من الإبتعاد كل البعد عن التطرف العقائدي والتعصب الطائفي الذي لطالما أذكت غلوائه قوى الإستكبار العالمي من خلال أذنابها من السلطات السياسية الحاكمة والمعارضة ، فالعنصرية والتعصب العقائدي والطائفي هو أن ترى شرار قومك خير وأفضل من خيار قوم آخرين ،
ومع أنه لا بد من الإعتراف بأنه قد حدث إنحراف في مسيرة المسلمين ، ولا بد من الإعتراف بإنه قد فتحت العديد من الدول بقوة السلاح ، ولكن ذلك المنهج المنحرف لا يمكن أن يتحمل وزره الإسلام الكريم وخاتم النبيين ، كما أنه ليس من العدل بأن نحكم على العقيدة والمذهب الذي يعتنقه الساسة والجنود الذين دمروا الإنسانية وقتلوا الملايين من البشر لمصالح شخصية أو فئوية أو حزبية ، و ما المجزرة البشرية التي حدثت في مدينتي هيروشيما ونكازاكي اليابانيتين عنا ببعيد ، ولذلك فإن وصيّ الله ورسوله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه كان أول من تصدّى لهذا الإنحراف بعد المؤامرة التي تعرّض لها بعد إستشهاد رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله ، حيث أقصيَ من موقعه الإلهي الذي نصَّت عليه السماء في خلافة رسول الله بعد رحيله ، ولكن المصالح الشخصية والتعصّب القبلي لبعض أصحاب رسول الله حال دون قيادة الإسلام المحمدي الأصيل المتمثل بولاية أمير المؤمنين والأئمة المعصومين من بعده ، وهذا ما جرَّ الويلات على المسلمين والإنسانية فيما بعد ، فلقد أراد أمير المؤمنين أن تكون هناك فتوحات داخلية ، وببيان آخر ، أراد أنْ ينفتح المسلمون على دينهم فيعتنقون مفاهيمه الحقَّة لينتقل الإسلام من بعد ذلك بالفكر والروح والأخلاق السامية ، ومن الجدير بالذكر إن أغلب المؤرخين ينتقدون أمير المؤمنين لأنه لم تكن هنالك فتوحات خارجية في فترة حكمه التي لم تكمل الخمسة أعوام ، كما فعل غيره من الحكام المسلمين الذين إستلموا زمام الحكم بالسيف وفتحوا البلدان الأخرى بالسيف كذلك ، ثم جائت الملحمة الحسينية الخالدة لتفرز الألوان المتداخلة وبشكل جلي بنظر الإنسانية ، هذه الثورة الإنسانية الأخلاقية الخالدة التي قادها الحسين بن علي بن أبي طالب والتي أراد من خلالها أن يضع حداً فاصلاً ومائزاً واضحاً بين الإسلام المحمدي الأصيل المتمثل بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والتسعة المعصومين من بعده وبين الإسلام الأموي الذي تستر بإسم الإسلام لتحقيق مصالح الحكام الأمويين ونزعتهم العدوانية القبلية ،
وفي هذه العجالة أرى وعلى نحو الإيجاز بأنه لابد من توضيح مفهومان قد أساء البعض فهمهما وهما كل من ( الجهاد – الإرهاب )
1 – الجهاد / ويقسم إلى قسمين بحسب العقيدة الإسلامية الشيعية الإثنى عشرية :
آ – الجهاد الإبتدائي – وهو من صلاحيات القائد المعصوم المتمثل بالنبي أو الوصي ولا يحق لغيرهما أن يأمر به كائناً من كان .
ب – الجهاد الدفاعي – وهو التصدي لأي هجوم دفاعاً عن الأوطان والمقدسات ، وهو أمر عقلائي أقرَّته كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية على مختلف منابعها الفكرية والعقائدية .
2 – الإرهاب – وهذا اللفظ وإنْ كان قد تطور إلى إصطلاح سياسي معاصر يرمز إلى التطرف والإجرام بحق الإنسانية ، إلا أن البعض يحاول ذرَّ الرماد في العيون ليشوّش الرؤيا بنظر الإنسانية ليشوه الصورة الناصعة للإسلام الكريم ، على خلفية ذكر بعض الألفاظ المقاربة لهذا اللفظ في القرآن الكريم وأنا أجيب على هذه الشبهات بوجهين :
الوجه الأول / إن لفظة ( ترهبون ) بقوله تعالى (( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (الأنفال / 60 ) إنما هو أمرٌ إلهي بالإستعداد للدفاع عن النفس في حالة وقوع أية هجمات محتملة ، وإذا كان الدفاع عن النفس واجب شرعي وعقلائي ، فإن مقدمات الواجب واجب بحسب إصطلاح الفقهاء ، وهذا الأمر هو مرادفٌ ومقاربٌ للإستعراضات العسكرية التي تقوم بها الدول المعاصرة اليوم ، والتي تحاول أن توصل من خلالها رسالة للعدو المحتمل ، فينتج عن ذلك منع العدو من القيام بالهجوم فتحقن دماء الشعوب لوجود حالة توازن وقوة رادعة عند الطرف المدافع .
الوجه الثاني / إن لفظة ( إرهبون ) بقوله تعالى (( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)) ( البقرة / 40 ) ،
ولفظة يرهبون بقوله تعالى (( وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ))( الأعراف / 154 ) ، إنما هي تعبيرٌ عن العلاقة الروحية بين الخالق والمخلوق ، فمن خلال هذه الرهبة التي يدعوا إليها البارئ سبحانه وتعالى إلى خشيته ليوجه ويسدّد خلقه من خلال فلسفة الثواب والعقاب فتسير الإنسانية إلى جادَّة الصواب والسعادة الأبدية .
أما المفاهيم السامية التي دعا إليها النبيّ الأعظم من خلال الرسالة الإسلامية حول الإنفتاح على الآخر والتعايش والتحاور السلمي مع الإنسانية كافة على مختلف إنتمائاتها الفكرية والعقائدية فنوجزها بقوله تعالى (( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ))( الممتحنة / 8 ) ، بل أن خاتم الأنبياء والمرسلين قال (( مَنْ آذى ذِمّيّاً فقد آذاني )) أي حذَّرَ المسلمين من التعرض لأتباع الشرائع السماوية الأخرى الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية وكفل لهم حقوق المواطنة ، وقال بأن أي تعرض لهم بسوء فأنه يعني التعرض لرئيس الدولة الأعلى ، بل إنه تعرض بسوء لمقام النبوة المتمثلة بشخص النبي صلوات الله عليه وآله ، علماً بأنه لم يعطي هذه الحصانة الدبلوماسية ، كما يعبرون بالإصطلاح السياسي المعاصر ، إلا لهؤلاء الذمّيّين من أهل الكتاب من النصارى واليهود وإلى أهل بيته الطاهرين المعصومين ، وذلك بقوله ( صلوات الله عليه وآله (( مَنْ آذى عليّاً فقد آذاني )) وبقوله صلوات الله عليه وآله بحق إبنته فاطمة الزهراء البتول (( فاطمة بضعةٌ مني يؤذيني ما يؤذيها )) ، فهل هنالك نظاماً قديماً كان أم معاصراً أعطى حقوقاً للأقلّيات كما أعطاها الإسلام الكريم ، وها هو مرجعنا العظيم الفيض المقدَّس المفكّر الإسلامي الكبير السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر الذي كان قد أكَّد على هذه المفاهيم الكريمة وذلك من خلال خطب الجمعة التي ألقاها من على منبر الكوفة المعظَّم حين قال (( إني لا أطلب منكم تغيير أديانكم ولا مذاهبكم ولكن كونوا متورعين في الدين والمذهب الذي تنمون إليه وتعتقدون به )) ،



قداسة البابا المعظم :
إن المحاضرة التي ألقاها جنابك المعظم مؤخراً والتي ترتَّب على أثرها مضاعفات خطيرة على مستقبل العلاقة بين أتباع الديانة الإسلامية وأتباع الشريعة المسيحية والتي إستغلتها الكثير من القوى والحركات العقائدية والسياسية المتطرفة يحاولون بذلك عسكرة الإنسانية وتحويلها إلى كانتونات صغيرة لكي يسهل السيطرة عليها خدمة لمصالح تلك القوى وأهدافها الإستكبارية القائمة على ظلم العباد ونهب ثروات البلاد ، ومع أنَّ جنابك المعظم قد إقتبس كلاماً أساء لخاتم الرسل محمد صلوات الله عليه وآله وللإسلام ، ولم يكن هو تعبير عن رأي جنابك المعظم بطبيعة الحال ، إلا أنه لا بدَّ من توضيح مايلي :
إن هذا الملك الذي إقتبست تعابيره بخصوص الإسلام ، كان قد حكم جهلاً وظلماً على الإسلام من خلال بعض الإنحرافات التي صدرت من قبل الحكام المسلمين الذين تسلطوا على رقاب المسلمين قسراً وقهراً وبدعم من قبل قوى الإستكبار والإستعباد العالمي ، وبذلك يكون من الظلم والجهل أن نحكم على خاتم النبيين وعلى الإسلام من خلال أفعال هؤلاء الحكام الطغاة المرتزقة ، ولو جاز الأمر فبماذا نحكم على الدين والمعتقد الذي إعتنقه الجبابرة من أمثال جوزيف ستالين وأدولف هتلر وموسيليني وغيرهم من الطغاة ، علماً بأنه قد حدثت العديد من الثورات الإسلامية التي قادها الأئمة المعصومين وأتباعهم المخلصين لتصحيح مسار الرسالة الإسلامية وتقديم الوجه الناصع والحقيقي للإسلام الكريم وللوقوف بوجه هؤلاء الحكام الطغاة ، ثم أنه قد تصدر مثل هذه الأحكام الظالمة والجاهلة من هنا وهناك من الذين هم ليسوا من أهل الإختصاص في الإبحاث التأريخية والفكرية والعقائدية ، ولكنه يستغرب ويستبعد ونحن نربأ بجنابك المعظم أن تتبنى هكذا رؤى ومواقف وتصورات وأنت العارف المتبحر بعلوم الأديان والشرائع السماوية بحكم طبيعة المقام السامي الموكول إليك لقيادة الكنيسة الأكبر والأهم في العالم ،
ولكن المشكلة التي أثيرت من بعد إقتباس جنابك المعظم لتلك التعابير ، والتي إستغلتها الكثير من القوى والحركات المتطرفة لمصالحها العدوانية ، لتعكير صفو الأجواء الإنسانية الحميمة بين الجانبين الإسلامي والمسيحي ، ومما ساعد على شحن تلك الأجواء هو وجود معيارين للحكم على تلك التعابير التي صدرت من جنابك المعظم وإنْ كانت إقتباساً ،
فالمعيار الأول - هو أن ناقل الكفر ليس بكافر ، أي أنه لا يشترط تبني الآراء التي وردت في الكلام المقتبس .
والمعيار الثاني – هو أن ناقل الكفر كافر ، أي أن نقل الآراء يشير إلى تبنيها ،
والمعيار الثاني هو ما تبنته أغلب الفرق الإسلامية ،
ولحساسية الموقف وحرصاً منا على العلاقة الإنسانية الحميمة مع أحبائنا المسيحيين والتي وصفها البارئ عزَّ وجَلّ في القرآن الكريم بقوله تعالى (( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ )) ( المائدة / 82) ولكل ما تقدَّم فإنه يشرفنا اليوم التنسيق لزيارة الفاتيكان للقاء جنابك المعظم ولقاء كاردينالات الكنيسة الكاثوليكية ولإلقاء المحاضرات الدينية التي تقرب وجهات النظر وتزيل ما لحق من غبار وتشويه بأنظار الجانبين ولعقد المؤتمرات الدينية والإعلامية ، وقد تكون هذه الأحداث التي حصلت هي مما يمكن لنا أن نطلق عليها ( رُبَّ ضارَّة نافعة ) ،
وسنوافيكم بأسماء الوفد البالغ عددهم خمسة عشر شخصية ،
مع فائق التبجيل والتعظيم والسلام على رسل السلام .

 

 




نسخة منه إلى :
ـ مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان
ـ مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية
ـ مركز الصدرين للدراسات السياسية
ـ مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي
ـ الحفظ مع الأوليات