مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

كيف نواجه التبشير في افريقيا؟
- جمهورية التشاد نموذجاً -
الشيخ علي المسيري (1)


للمبشرين نشاطات واسعة في تشاد تركز على زرع الشكوك في قيم الاسلام وتعميق فكرة سيطرة الرجل الغربي الابيض وترسيخ فكرة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، والتغريب. وتعمل في تشاد جمعيات ومؤسسات تنصيرية عديدة، بعضها يحمل أسماء تبشيرية كنسية صريحة، وبعضها يتستر بغطاء المساعدات الانسانية والاقتصادية والصحية. وللمسلمين جهود في مقابلة موجة التنصير تتلخص في بناء الجامعات والمدارس ومعاهد القرآن الكريم. والمقترح هو اهتمام العالم الاسلامي بأمر كل البلدان الاسلامية على صعيد التعليم والاعلام والخدمات الاجتماعية والصحية والتنمية الاقتصادية.تاريخ دخول الإسلام في تشاد
دخل الإسلام في السودان الأوسط تشاد الحالية عام 46هـ الموافق 666م بوصول طلائع الفتح الإسلامي إلى منطقة كوار شمال شرق بحيرة تشاد بقيادة فاتح أفريقيا عقبة بن نافع، ومن ذلك التاريخ وحتى دخول الاستعمار لم تعرف تشاد دينا غير الإسلام، كما لم يعرف سكان تشاد شيئا عن المسيحية إلا من خلال قراءاتهم للقرآن الكريم، فلذلك لم توجد بها آثار مسيحية. وقد دخل الإسلام في تشاد طواعية ولم يذكر التاريخ وقوع معارك بين طلائع الفتح وبين الوثنيين في أفريقيا، وقد قامت في تشاد عدة ممالك، وأول مملكة اعتنقت الإسلام هي مملكة السيفيين التي تعرف الآن بمملكة كانم التي حكمت تشاد وما جاورها لمدة تزيد عن الألف سنة، وأول ملك اعتنق الإسلام هو ألمي دونمه الذي أسس دولة كانم الإسلامية ومازال أحفاده يحتفظون ببقاياها في الشمال.الإدارة في تشاد
تنقسم دولة تشاد إلى أربع عشرة محافظة وكل محافظة تنقسم إلى مقاطعة ومقاطعات يبلغ مجموعها 54.الحالة الاجتماعية في تشاد
يوجد في تشاد أكثر من مائة وخمسين قبيلة ولكل قبيلة لغتها الخاصة وتقاليدها وعاداتها ولكن لا تمنعها من مصاهرة غيرها ماعدا غير المسلمين.
أما من حيث الديانة فإن سكان تشاد ينقسمون على ثلاثة أقسام:
1 ـ المسلمون ونسبتهم 85%.
2 ـ المسيحيون ونسبتهم5%.
3 ـ الوثنيون أو اللادينيون ونسبتهم10%.
وتعتبر تشاد هي البوابة الأولى لنشر الإسلام والثقافة العربية في وسط أفريقيا، وهذا ما حمل المنصّرين على بذل جهودهم لتنصير تشاد قبل الدول المجاورة لها، لتكون بوابة للتنصير كما كانت بوابة لنشر الثقافة الإسلامية والعربية.موقع تشاد الجغرافي
تقع جمهورية تشاد في وسط القارة الأفريقية وتقدر مساحتها بحوالي 1284000 كلم مربع، وهي مغلقة ليس لها منفذ بحري وتقع مابين خطي العرض 22ر8 شمال خط الاستواء وخطي الطول 16 شرق خط جرينتش ويحد دولة تشاد ستة دول أفريقية:
1 ـ من الشمال: الجماهيرية الليبية .
2 ـ ومن الشرق جمهورية السودان.
3 ـ ومن الغرب جمهوريتي النيجر ونيجيريا.
4 ـ ومن الجنوب الغربي جمهورية الكامرون.
5 ـ ومن الجنوب الشرقي جمهورية أفريقيا الوسطى.
وعدد سكانها يتراوح مابين 7 ـ 6 مليون نسمة نسبة المسلمين 85% ونسبة اللادينيين تبلغ 10% ونسبة المتنصرين تبلغ 5% ولغتها التي يتعامل بها جميع السكان هي اللغة العربية وتليها اللغة الفرنسية لغة المستعمر.
وتوجد بها عدة لغات محلية مختلفة اندثر الكثير منها ومازال بعضها قائماً وعاصمتها أنجمينا فور لامي سابقا.
1 ـ وتعتمد في اقتصادها على الزراعة ومن أهمها القطن وجميع أنواع الغلال كالدخن والأرز والذرة والقمح والفولاذ والبطاطس والذرة الشامية وقصب السكر.
2 ـ وتعتمد على تربية المواشي ـ الإبل والغنم والبقر وصيد الوحوش المفترسة وغيرها والأسماك والطيور. كما توجد بها كميات كبيرة من المعادن مثل البترول واليورانيوم والذهب والدرر والنحاس والحديد. وتوجد بها عدة أنهر وبحيرات عذبة المياه صالحة للزراعة وصيد الأسماك. من أهمها بحيرة تشاد التي تبلغ مساحتها 300 كيلومتر مربع وبحيرة الفتري.نبذة عن حالة المسلمين في تشاد
منذ ظهور فجر الإسلام في ربوع تشاد عام 46هـ 666م وحتى عصرنا هذا كان المسلمون في تشاد مقبلين على حفظ القرآن الكريم وتحفيظه باعتبار أنه كلام رب العالمين (إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً كبيراً )(2) كما أنهم كانوا مقبلين على دراسة الحديث النبوي الشريف والفقه الإسلامي واللغة العربية، ومعتمدين في ذلك كله على تأسيس الخلوات التي تقوم بنفسها تارة وبمساعدة المحسنين تارة أخرى، والتي مازالت تمشي على النمط القديم الموروث عن الأولين. وقد عرفت تشاد منذ القدم بأنها دولة القرآن لكثرة الذين يحفظون القرآن الكريم عن ظهر قلب فيها.
وخير شاهد على صحة ذلك، الفوز الكبير والنجاح الفائق الذي حققه أبناء تشاد في المسابقات القرآنية الدولية في الدول التي وفق الله تعالى أهلها على تشجيع المسلمين لحفظ كتاب الله بإقامة المسابقات وبذل الأموال الكثيرة في سبيل ذلك.
وكان المذهب المالكي هو المذهب المعمول به في تشاد مع استفادتهم من المذاهب الأخرى.
وعقيدة المسلمين في تشاد هي عقيدة أهل السنة والجماعة المتمثلة في الأشعرية والماتريدية، وجلهم متصوفون إلا أنهم غير مغالين فيه كما أنهم غير متعصبين.
والرواية المشهورة في قراءة القرآن في تشاد هي رواية ورش عن نافع، وقلة منهم يقرأون برواية حفص عن عاصم.أهداف التبشير والتنصير
إن أهداف المبشرين والمنصرين كثيرة وطموحاتهم كبيرة لا يستطيع أحد أن يحصرها إلا أن أهم أهدافهم تتلخص فيما يلي:
1 ـ الحيلولة دون دخول النصارى في الإسلام وهذا الهدف موجه الجهود في المجتمعات التي يغلب عليها النصارى ويعبر عنه بعض المنصرين بحماية النصارى من الإسلام.
2 ـ الحيلولة دون دخول الأمم الاخرى غير النصرانية في الإسلام والوقوف أمام انتشار الإسلام بإحلال النصرانية مكانه أو بالإبقاء على العقائد المحلية المتوارثة.
3 ـ إخراج المسلمين من الإسلام أو إخراج جزء من المسلمين من الإسلام.
4 ـ زرع الاضطرابات والشكوك في المثل والمبادىء الإسلامية لمن أصرواعلى التمسك بالإسلام.
5 ـ الإيماء بأن المبادىء والمثل والتعاليم النصرانية أفضل من أي مثل ومبادئ أخرى لتحل هذه المثل والمبادىء النصرانية محل المثل والمبادىء الإسلامية.
6 ـ الإيماء بأن تقدم الغربيين الذي وصلوا إليه إنما جاء بفضل تمسكهم بالنصرانية بينما يعزى تأخر العالم الإسلامي إلى تمسكهم بالإسلام، فهذا منطق المنصرين المتمسكين بنصرانيتهم. أما العلمانيون فإنهم يقرون أن سر تقدم الغرب إنما جاء لتخليهم عن النصرانية وأن تخلف المسلمين يعود إلى إصرارهم على التمسك بدينهم وهنا يلتقي المنصرون والعلمانيون على الحكم بتأخر المسلمين لتمسكهم بالإسلام ويختلفون في سر تقدم الغرب.
7 ـ تعميق فكرة سيطرة الرجل الغربي الأبيض على بقية الأجناس البشرية الأخرى. وترسيخ مفهوم الفوقية والدونية تعضيدا للاحتلال بأنواعه والتبعية السياسية في الشعوب والحكومات الإسلامية للرجل الأبيض ومن ثم إخضاع العالم الإسلامي لسيطرة الاحتلال، ويستمر التحكم في قدراته وإمكاناته.
8 ـ ترسيخ فكرة قيام دولة وطن قومي لليهود في أي مكان أولا ثم في فلسطين المحتلة بعدئذ.
9 ـ التغريب وذلك بالسعي إلى نقل مجتمع المسلمين في سلوكياته(3)وممارساته بأنواعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأسرية والعقدية من أصالتها الإسلامية إلى تبني الأنماط الغربية في الحياة المستمدة من النصرانية واليهودية.
10 ـ إدخال النصرانية إلى عدد كبير من البلاد الإسلامية وغيرها وخاصة في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. وفي هذا يقول روبرت ماكس أحد المنصرين من أمريكا الشمالية: لن تتوقف جهودنا وسعينا في تنصير المسلمين حتى يرتفع الصليب في سماء مكة ويقام قداس الأحد في المدينة(4).
وقد تبين من تجارب المنصرين في المجتمعات الإسلامية خاصة والتي وصل إليها الإسلام عامة أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الهدف هو إدخال الآخرين في النصرانية بل هو محاولة لضمان استمرار سيطرة النصرانية على الأمم الأخرى. ويمكن القول بأن هذه الاهداف كلها تمثل مجمل ما يسعى المنصرون عامة إلى تحقيقه في حملاتهم التنصيرية.أشهر وسائل التنصير العالمية
قبل الخوض في عد وسائل التبشير والتنصير لابد من توزيعها بحسب أنواعها وأنماطها، فهناك وسائل صريحة وأخرى خفية أو مخفية، كما أن هناك وسائل تقليدية وأخرى حديثة فرضتها الحالة التي وصل إليها العالم اليوم في تقنية الاتصال والمعلومات والمواصلات وتنوع الوسائل وتعددها. وأبرز وسائل التنصير والتبشير وأظهرها وأوضحها التنصير الصريح وهو على نوعين.
1 ـ التنصير العلمي القائم على النقاش أو على السفسطة والتشكيك.
2 ـ التنصير القسري ويتمثل في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش واختطاف الأطفال والقرصنة البحرية وإحراق المسلمين الرافضين للتنصير والغزوات والاحتلال (الاستعمار) ويمكن أن يتحقق القيام بالتنصير الصريح من خلال قيام مؤسسات تنصيرية ترعى الحملات وتمكن لها وتمدها بما تحتاج إليه من الموارد المالية والبشرية، وتتلقى الدعم المادي والمعنوي من الحكومات الغربية ومن المؤسسات والأفراد عن طريق المخصصات والتبرعات والهبات والأوقاف. ومن أبرز هذه المؤسسات التنصيرية قيام الجمعيات المتعددة في أوربا وأمريكا أو في البلاد المستهدفة ومن أمثلتها الجمعيات الآتية:
1 ـ جمعية لندن التنصيرية وتأسست عام 1179 هـ ـ 1756م وهي موجهة إلى أفريقيا.
2 ـ جمعيات بعثات التنصير الكنسية وتأسست في لندن سنة 1212 هـ 1799م وهي موجهة إلى الهند ومنطقة الخليج (الفارسي).
3 ـ جمعية تبشير الكنيسة الأنجليكانية البريطانية وتأسست عام 1214 هـ 1799م وتدعم من الأسرة المالكة في بريطانيا.
4 ـ جمعية طبع الإنجيل وتأسست سنة 1219هـ ـ 1804م وتهتم بالطبع والترجمة والتوزيع.
5 ـ جمعية طبع الإنجيل الأمريكية وتأسست عام 1231هـ ـ 1816م ولها مطابع ومكتبات تجارية في البلاد العربية.
6 ـ مجلس الكنيسة المشيخية الأمريكية وتأسست سنة 1253 هـ ـ 1837م وهي موجهة إلى العالم العربي.
7 ـ جمعية الكنيسة التنصيرية وأنشئت سنة 1260هـ ـ 1844م وتركز على التعليم والخدمات العلاجية ويساهم الألمان فيها بجهود كبيرة.
8 ـ جمعية الشبان النصارى ونشأت سنة 1271هـ ـ 1855م.
9 ـ إرساليات الجامعات لوسط أفريقيا ونشأت سنة 1273هـ ـ 1856م.
10 ـ جمعية الشباب القوطيين للتنصير في البلاد الأجنبية.
11 ـ الكنيسة الإصلاحية الأمريكية وتأسست عام 1273هـ ـ 1857م وهي موجهة إلى منطقة الخليج (الفارسي).
12 ـ جمعية الروح القدس في زنجبار وتأسست عام 1280 هـ ـ 1863م وهي كاثوليكية وتهتم بالعلاج والتعليم الصناعي.
13 ـ اتحاد البعثة التنصيرية الإنجيلية وتأست سنة 1307هـ ـ 1890م في الولايات المتحدة الأمريكية.
14 ـ الإرساليات العربية الأمريكية ونشأت سنة 1311 هـ ـ 1894م في الولايات المتحدة الأمريكية وتهتم بمنطقة الخليج (الفارسي).
15 ـ جمعية اتحاد الطلبة النصارى وتأسست سنة 1313 هـ ـ  1895م.
16 ـ ملة التنصير العالمية وتأسست عام 1331هـ ـ 1913م في الولايات المتحدة الأمريكية وتهتم بالطب والتعليم والترجمة.
17 ـ زمالة الإيمان مع المسلمين وأنشأت سنة 1334هـ 1915م في بريطانيا وكندا وتهتم بالمطبوعات.
18 ـ عمودية التعبئة وتأسست سنة 1377هـ ـ 1958م وهي موزعة وتعنى بتدريب الشباب على التنصير.
19 ـ جمعية تنصير الشباب ونشأت سنة 1372هـ ـ 1952م.
20 ـ الامتداد النصراني في الشرق الأوسط ونشأت سنة 1396هـ ـ 1976م وهي موزعة وتهتم بالمطبوعات.
21 ـ إرسالية الكنيسة الحرة الاسكتلندية وتهتم بالصناعات اليدوية والزراعة.
22 ـ جمعية التنصير في أرض التوراة العثمانية.
23 ـ جمعية تنصير شمال أفريقيا.
24 ـ لجنة التنصير الأمريكية.
25 ـ إرسالية كنيسة اسكوتلندا الرسمية.
26 ـ جمعية الشباب المسيحيين.
27 ـ جمعية الشابات المسيحيات ولهاتين الجمعيتين مراكز نشطة وخاصة في القاهرة والاسكندرية وهدفهما الرئيسي هو الاقتراب من المسلمين بالتبشير.
28 ـ هذا بالإضافة إلى الجمعيات المحلية في العواصم والمدن الإسلامية التي يقوم عليها عاملون محليون مدعومون من جمعيات تنصيرية غربية وأوروبية وأمريكية. وفي أفريقيا وحدها وفي تشاد بالذات والدول المجاورة لها ما يزيد عن سبعين منظمة كنسية تنصيرية تعمل ليل نهار لتنصير سكان القارة الأفريقية تارة وللحيلولة بين المسلمين وإسلامهم تارة أخرى.
طبيعة التنصير في أفريقي
تعتبر أفريقيا إحدى القارات الثلاث التي تكون العالم القديم وتحتل المركز الثاني بين القارات إذ أن مساحتها تقدر بـ1107 مليون ميل مربع. وموقعها المتميز جعلها محط أنظار الاستكشافات الأوربية طمعا في نهب خيراتها وسلب إرادة سكانها ونشر التنصير فيها.
وإن طبيعة التنصير في أفريقيا تختلف عن طبيعة التنصير في القارات الأخرى من العالم لأن هذه القارة وخاصة جنوبها ووسطها هي من وجهة نظر المنصرين بمثابة مناطق خاصة للنصارى وحدهم انطلاقا من عوامل سيطرتهم على طرق الحياة السياسية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية في كثير من دول هذه القارة، وهذا ما جعلهم قادرين على تغيير مايرونه غير متفق مع مصالحهم أو متعارض مع سياساتهم وقد وضعوا لذلك الخطط الكفيلة بتحقيق أهدافهم في الوقت المناسب وهذا ما حملهم على إطلاق شعار تنصير أفريقيا عام 2000م.
ولتحقيق هذا الحلم ضاعف المنصرون جهودهم في بداية الألفية الثالثة.كسر الحواجز في جنوب تشاد
لقد كسرت الحواجز والمتاريس التي أقامها المنصرون في جنوب تشاد بإسلام عدد كبير من السلاطين والشخصيات البارزة في الدوائر الحكومية وإسلام قرى بأكلمها وتكسير الكنائس وبناء المساجد في محلها مما أدخل الرعب والذعر في قلوب المنصرين وجعلهم يرددون دائما قولهم: أدركوا الكنيسة في تشاد من خطر الإسلام المتزايد. لكن المنصرين لم ييأسوا من تحقيق أهدافهم ولو للمدى البعيد.
ورغم ذلك كله فإن مستوى الأمة الإسلامية كان أعلى بكثير من مستوى المنصرين المزودين بكل الإمكانيات، لأن الحضارة الإسلامية أينع وأزكى من الحضارة النصرانية، ولذا لم تنهزم الأمة الإسلامية حين سقطت دولتها، بل ظل المسلمون يؤدون رسالتهم كما هي بفعالية ونجاح، ذلك لأن جوهر الأمة الإسلامية بقي سليما قادرا على النهوض.  فعليهم أن ينهضوا بعد العثار ويستأنفوا المسيرة حتى ينتصروا على عدوهم بعد الهزيمة قال تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)(وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم).التعرف عل كل من التبشير والتنصير والفرق بينهم
يتردد مصطلح التبشير في كثير من الكتابات العربية وهو مرادف لمصطلح التنصير. والتبشير هو التعبير النصراني لحملات التنصير. وله عند النصارى تعريفات مختلفة بحسب العصور التي مرت بها النصرانية.
فهو تارة إرسال مبعوثين ليبلغوا رسالة الإنجيل لغير المؤمنين بها. أو محاولة إيصال تعاليم العهد الجديد لغير المؤمنين بها، أو إيصال الأخبار السارة إلى الأفراد والجماعات ليقبلوا يسوع المسيح رباً، وأن يعبدوه من خلال عضوية الكنيسة. وهو عند المسلمين تنصير وأصحابه نصارى.
ولم يتخل المسلمون عن هذه المصطلحات منذ أن نزل القرآن الكريم وسماهم النصارى وكذا سماهم خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، حتى جاء العصر الحديث فداهمت الأمة غزوات استعمارية وفكرية أشاعت مصطلحات بين المسلمين(5) على أن هناك من يفرق بين الإطلاقين النصرانية والمسيحية فيجعل المسيحية هي الدين المنسوب إلى ساؤول أبو بولس، وهي تختلف في جوهرها عن النصرانية التي يتحدث عنها القرآن الكريم. فليس نصارى اليوم أو مسيحيو اليوم نصارى الأمس من أتباع عيسى بن مريم عليهما السلام.
وفي هذا يقول عمر فروخ: يجب التفريق بين النصرانية والمسيحية فالنصرانية هي الدين السماوي الذي أوحي إلى عيسى(عليه السلام)، وهو دين قائم على التوحيد وعلى أن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام نبي.
أما المسيحية فهي مجموع التعاليم التي وضعها بولس، والتي بنيت على التثليث الهندي ثم نسب إلى المسيح الذي جعل إله(6).
وعلى أي حال فإن القرآن الكريم سمى أتباع هذا الدين نصارى.
ويظل مفهوم التنصير قابلا للتطوير بحسب ما تقتضيه الحال وبحسب البيئة التي يعمل بها وبحسب التوجيهات العقدية والسياسية التي تسير المنصرين وتسعى بهم إلى تحقيق أهداف استراتيجية داخل المجتمعات التي يغلب عليها النصارى والمجتمعات الأخرى التي يغلب عليها غير النصارى.موقف رجال الكنيسة من الإسلام
العجب كل العجب من موقف رجال الكنيسة من الإسلام!!
إنهم لو فكروا قليلا ـ وبموضوعية ـ لتغير موقفهم من المسلمين ولبذلوا الجهود الصادقة المخلصة في التعرف على هذا المنهج الجديد الذي جاء بعد عيسى عليه السلام.
إذ أن المنهج الجديد ـ الإسلام ـ لم يأت مكذبا لنبيهم ولا سابا له ولا متورطا في محاولة قتله ولا مدعيا على أمه مثل ما ادعى اليهود، بل قال في عيسى وأمه: (ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام)(7). فعيسى عليه السلام عبد الله ورسوله جاء ذكره في السلسلة النبوية الكريمة، شأنه شأن إخوانه من الأنبياء والمرسلين كإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى عليهم الصلاة والسلام، وقصة عيسى ذكرت في أكثر من موضع في القرآن الكريم ولم يرد في موضع واحد من القرآن الكريم ما يمس عيسى عليه السلام بسوء أو يشينه، كما أنه لم يرد فيه شيء يمس جناب أمه أو يشينها بل خص القرآن الكريم أمه بسورة كريمة من سوره هي سورة مريم (عليها السلام).
ولا يوجد فرق كبير بيننا وبين النصارى في شخص مريم عليها السلام فنحن نؤمن بها صديقة وبأنها بشر وبأنها عذراء لم يمسها بشر، طاهرة، صالحة، تقية، نقية، تعهدها الله برعاية خاصة وفضلها تفضيلا عظيما على نساء العالمين.
والفرق بيننا وبين رجال الكنيسة يتمثل أول ما يتمثل في شخص المسيح عليه السلام، فنحن نؤمن بأنه رسول  قد خلت من قبله الرسل ولا نؤمن بأنه إله ولا إبن اللّه ولا أنه يجلس إلى جوار أبيه في السماء، ونؤمن بأن النصرانية الصحيحة التي نزلت على عيسى تنزلت بما نؤمن به. وأن فرقا كثيرة من النصارى كانت عقيدتها موافقة لعقيدتنا ولكنها ووجهت بحرب إبادة فأبيدت(8).الجهات التي تدعم المنصرين في تشاد
إن دولة تشاد هي إحدى الدول الأفريقية التي تتعرض لحملة تنصيرية شرسة يدفع عجلتها العديد من المؤسسات التنصرية، ومن خلال تقريراتهم السنوية التي يقدمونها للسكرتيرية الدائمة للمنظمات غير الحكومية تحصلنا على الآتي:
1 ـ منظمة الآحاد التوراتية التشادية فقد أنفقت مايزيد عن 803066090 فرنك سيفا في مجال تطوير اللهجات المحلية.
2 ـ حركة ضد المجاعة فقد أنفقت مايزيد عن 114779071 فرنك سيفا في مجالات الصحة ورعاية الأمومة والطفل وإنشاء المشاريع التنموية لصالح الحركة، وقد آوت مايزيد عن 2401 من الأطفال بغية تنصيرهم في المستقبل.
3 ـ حركة التعاون من أجل التنمية وهي متسترة تحت غطاء: مساعدة السكان المضطهدين لرفع مستواهم المعيشي ومكافحة مرض فقد المناعة الإيدز بتوزيع كميات كبيرة من أكياس الوقاية وتنظيم ندوات ثقافية لتوعية السكان تهدف إلى تنصيرهم في المستقبل ولتحقيق هذا الهدف أنفقت 207776355 فرنك سيفا.
3 ـ منظمة اتفاق الكنائس والبعثات التنصيرية في تشاد وهي متسترة بغطاء الاهتمام بالجوانب الصحية والاجتماعية والتعليمية والتنموية ولأجل تحقيق هدفها أنفقت 56 مليار فرنك سيفا.
4 ـ المعهد الأفريقى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية INNADES هدفه تطويع اقتصاد الدولة لصالح المؤسسات الكنسية وتعمل في مجالات مختلفة منها البحوث العلمية والتنمية الزراعية وتوعية سكان الريف ولتحقيق هدفها أنفقت 354422245 فرنك سيفا.
5 ـ أطباء بلا حدود وهي منظمة بلجيكية تابعة للكنيسة البروتستانتية وهي تهدف إلى الدعم في مجال الصحة ومساعدة المشاريع الوطنية الهادفة وفي سبيل ذلك أنفقت 1359432315 فرنك سيفا.
6 ـ أطباء بلا حدود ـ لكسمبورج وهي تعمل في مجال الصحة ولتحقيق هدفها أنفقت 429114400 فرنك سيفا.
7 ـ البعثة الكنسية ضد مرض الجذام وهي منظمة بروتستانتية تعمل في مكافحة مرض الجذام، وتقدم الأحذية التي تناسب المصابين بهذا المرض ولتحقيق هدفها أنفقت مايعادل 23131177 فرنك سيفا.
8 ـ منظمة الإغاثة الكاثوليكية للتنمية وهي تقوم بإنشاء مراكز مهنية للمسيحيين فقط وتساعد المسلمين بهدف تنصيرهم وقت المجاعات والكوارث الطبيعية. وتقدر نفقة مشاريعها بـ1419717198 فرنك سيفا.
9 ـ النظرة العالمية البروتستانتية ومهمتها رعاية الأطفال وتخزين الغلال وحماية البيئة من التلوث وبناء المستشفيات وقد أنفقت في سبيل ذلك 102955800 فرنك سيفا.
10 ـ منظمة بلاك الكنسية وهي منظمة مكونة من خمس اسقفيات تعمل في جنوب تشاد هدفها الهيمنة على مجال الزراعة والتعليم وتكوين كوادر مسيحيين تحت غطاء التنمية الريفية والثقافية والاجتماعية، ولها ميزانية أكبر من ميزانية الدولة ففي عام 1999م وحده أنفقت ما يزيد عن 1198281500 فرنك سيفا.
11 ـ منظمة التعاون العالمي التي مقرها إيطاليا وهي تعمل تحت ستار الصليب الأحمر الدولي وإغاثة المنكوبين وتقديم المعونات للدول النامية وقد أنفقت 124000000 فرنك سيفا لتحقيق أهدافها.
12 ـ الصليب الأحمر السويسري الذي يعمل في مجال دعم مجال الصحة وبناء مراكز للصحة وترميمها وفي ذلك أنفقت 245272000 فرنك سيفا.
13 ـ جمعية بتسال البروتستانتية وهي تقدم الدعم في مجال رعاية الأيتام بإنشاء مدارس خاصة للأيتام وفي مجال تعليم رجال الكنيسة في القرى وإنشاء مراكز لحضانة الأطفال بلغت نفقاتها 45464000 فرنك سيفا.
14 ـ الجمعية التشادية من أجل تحسين أحوال الأسرة وهي تعمل تحت ستار الحملة المكثفة في أوساط الشباب لمكافحة مرض فقدان المناعة الإيدز. وتقوم بتدريب الشبان والشابات على استعمال كيس الوقاية الذي يدعو إلى الإباحية والانحلال الخلقي، مستعملين وسائل اللهو وعرض الأفلام الخليعة التي تشمئز منها النفوس وفي سبيل تحقيق هذا الهدف أنفقت 1098846809 فرنك سيفا.
15 ـ جمعية دعم المبادرات المحلية للتنمية، وهي تابعة للكنيسة البروتستانتية تعمل تحت هذا الغطاء وأنفقت 3225763 فرنك سيفا.
16 ـ مكتب الدعم الصحي والبيئة، وهي جمعية سويسرية تتستر في غطاء الصحة ومكافحة تلوث البيئة، وأنفقت في تحقيق ذلك 173447759 فرنك سيفا.
17 ـ الجمعية التشادية للتنمية وهي تعمل في مجال الزراعة وتقدم للمزارعين قروضا مالية ومعدات زراعية تبلغ قيمتها 31311772 فرنك سيفا.
18 ـ الجمعية العالمية للغات وهي جمعية هدفها تطوير اللغات المحلية، وقد اختارت (11) لغة محلية في تشاد، ولها أنشطة تنصيرية خطيرة تقوم بها في تشاد. وتتلقى الدعم من أمريكا وألمانيا وسويسرا وإنجلترا وكندا والمكسيك وفرنسا والنرويج وأستراليا ومن جميع الكنائس المسيحية. وهي أخطر الجمعيات التنصيرية في تشاد وفي سبيل تحقيق هذا الهدف أنفقت 42386871 فرنك سيفا.
19 ـ جمعية يرين تشاد ومقرها في ألمانيا وهي تعمل في مجال دعم المشاريع التنموية بتقديم القروض المالية لبناء المدارس ومراكز التعليم والمنح الدراسية ولهذا الهدف انفقت 30000000 فرنك سيفا.
20 ـ الجماعة من أجل تقدم قوندي، وهي منطقة تابعة لإحدى المحافظات التشادية تقوم بتمويلها الكنيسة الكاثوليكية مستترة بغطاء الصحة وتتلقى الدعم من البعثة التنصيرية الإيطالية وقدرت نفقاتها بـ128539579 فرنك سيفا.
21 ـ دعم مجلس الكنائس العالمي(9) فقد نشرت الصحف العالمية أنها أنفقت عشرة آلاف ملايين دولار خلال عام واحد لتنفيذ خطة مرسومة وعمل منظم واستراتيجية طويلة الأمد يشارك في تنفيذها عشرات الآلاف من  المنصرين من جميع أنحاء العالم، وكان هدفها تنصير المناطق التي يسكنها مسلمون 100%.
ولأول مرة في تاريخ تشاد أغرت بعض الشباب فاعتنقوا المسيحية وهم كانوا من آباء وأجداد مسلمين.مؤهلات المبشرين والمنصرين
لقد قرر المؤتمر التنصيري المنعقد في القاهرة سنة 1324 هـ ـ 1906م مجموعة من التوصيات منها:
1 ـ تعلم اللهجات المحلية ومصطلحاتها.
2 ـ مخاطبة العوام على قدر عقولهم.
3 ـ إلقاء الخطب والمواعظ بصوت رخيم وفصيح المخارج.
4 ـ الجلوس أثناء إلقاء الخطب والمواعظ.
5 ـ الابتعاد عن الكلمات الأجنبية أثناء إلقاء الخطب.
6 ـ الاعتناء باختيار الموضوعات.
7 ـ العلم بآيات القرآن والإنجيل.
8 ـ الاستعانة بروح القدس والحكمة الإلهية.
كما أوجب الغرب على كل منصر ومنصرة استخدام الوسائل المحببة كالموسيقى وغيرها .
9 ـ دراسة القرآن الكريم للوقوف على ما فيه.
10 ـ عدم إثارة نزاعات مع المسلمين.
11 ـ إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم.
12 ـ إيجاد منصرين من بين المسلمين ومن أنفسهم.
13 ـ زيارة المنصرات لبيوت المسلمين والاجتماع بالنساء وتوزيع المؤلفات والكتب التنصيرية  عليهن مجانا وإلقاء المحاضرات الدينية في تعاليم الإنجيل.التنصير المختفي
أما التنصير المختفي فقد أعد الغرب لتنفيذه وسائل متعددة ومتجددة خاصة للمراجعة والتقويم الدوري ومن أهمها الوسائل الآتية:
1 ـ البعثات الدبلوماسية.
2 ـ المستكشفون الجغرافيون في البلاد الإسلامية وغيرها.
3 ـ بعثات التطبيب في مجالات الإغاثة الطبية والصحية.
4 ـ بعثات التعليم الصناعي والتدريب المهني.
5 ـ بعثات التعليم العالي.
6 ـ بعثات الإغاثة الإنسانية.
7 ـ استغلال المرأة المسلمة وغير المسلمة بتحريضها لمساواة الرجال في كل المجالات.
8 ـ استغلال العاملين النصارى في المجتمعات المسلمة على مختلف مستوياتهم وتخصصاتهم.
9 ـ استغلال البعثات الدراسية للطلبة المسلمين خارج البلاد الإسلامية.
10 ـ استغلال المؤسسات العلمية التي تقدم دراسات عن العالم الإسلامي والعرب والشرق الأوسط.
11 ـ مؤازرة اليهود للمنصرين.
12 ـ استغلال المنظمات الدولية على اختلاف اهتماماتها وتخصصاتها.
13 ـ استغلال التبادل الثقافي.
بداية التنصير في أفريقيا وفي تشاد
بعد احتلال الغرب للقارة الأفريقية بأكملها وفرض السيطرة الكاملة عليها بدأت الحملة التنصيرية في القارة الأفريقية عامة وفي تشاد على وجه الخصوص، فدخلت النصرانية إلى تشاد بعد الاحتلال الفرنسي بزمن يسير، لقد احتلت فرنسا الجزء الغربي من تشاد سنة 1900م واستولت على تشاد بأكملها سنة1910م، فصحبت القوات الفرنسية الغازية طلائع التبشير والتنصير، وبعد أن درس المبشرون والمنصرون حالة تشاد من كل الجوانب ركزوا جهودهم على تنصير السكان الوثنيين واللادينيين قبل تنصير المسلمين، ليربطوا بين الغزو الاستعماري العسكري وبين التنصير والتبشير في أفريقيا وفي تشاد على وجه الخصوص.
ففي عام 1920م بدأ منصرو الكنيسة البروتستانية أعمالهم في جنوب تشاد ـ معقل الوثنيين واللادينيين واختاروا من الجنوب منطقة ليري، فبنوا بها أول مركز لهم. كانت البداية بإرسال بعثات أمريكية ثم تلتها بعثات من جنسيات مختلفة تم تمويل الجميع من الكنيسة ودعمتها القوات الفرنسية الغازية، وفي عام 1949م وصلت بعثات التنصير الكاثوليكية إلى تشاد، وأسست أول مركز لها في مدينة مندو الاستراتيجية الموقع.
وبموجب المرسوم البابوي الصادر بتاريخ22 مارس 1946م كونت البعثات الكاثوليكية في تشاد أربع مراكز لها لتكون كالنواة الأولى لغرس النصرانية في قلوب سكان تشاد واختاروا لها من المناطق:
1 ـ فور لامي العاصمة التي غير أسمها بعد الاستقلال إلى اسم ـ أنجمينا.
2 ـ فور شامبول إحدى محافظات الجنوب الهامة وقد غير اسمها بعد الاستقلال إلى ـ سار.  3 ـ مندو.  4 ـ بالا.
أنشطة المبشرين في أفريقي
إن النشاط التبشيري ضاعف جهوده لتنصير أفريقيا ككل وخاصة تشاد التي هي البوابة الأولى لنشر الثقافة العربية والإسلامية في قلب القارة الأفريقية. ومن أهم الأنشطة التي قامت وتقوم بها حتى الآن:
1 ـ بناء الكنائس في كل المحافظات والمراكز والمقاطعات وحتى في المناطق التي لم يوجد بها مسيحي واحد، آملين من وراء ذلك تنصير أهالي تلك المناطق في المستقبل القريب أو البعيد.
2 ـ بناء أكبر مجمع لتعليم اللغات الوطنية المحلية، فقد وصل عدد اللغات التي درسوها دراسة جيدة وأتقنوها مايزيد على سبعين لغة محلية.
3 ـ توزيع الأشرطة والمسجلات مجانا بمختلف اللغات التي درسوها.
4 ـ تأسيس الجمعيات والمنظمات التبشيرية بدعم من الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانية.
5 ـ التستر تحت غطاء الجمعيات والمنظمات الخيرية مثل حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية مستغلة في ذلك الجهل والمرض والفقر.
6 ـ توزيع الكتيبات والجرائد والمجلات باللغتين العربية وباللهجات المحلية.
7 ـ الدخول في كل بيت بغير استئذان لدعوة أهله إلى التنصير أو النصرانية.
8 ـ تكثيف الجهود في تقديم المعونات المادية والمعنوية للذين اعتنقوا النصرانية مثل الأدوية والأغذية والملابس ورواتب عالية للمعلمين.
9 ـ تأسيس مدارس لمحو الأمية يدرسون فيها القرآن الكريم واللغة العربية للإيناس بهم، ثم يزرعون التشكيك في قلوبهم ولو على المدى البعيد.
10 ـ بناء العديد من المراكز للتدريب المهني.
11 ـ إنشاء العديد من المشاريع الزراعية وتخزين المحاصيل والمنتوجات إلى وقت المجاعة فيوزعونه للبائسين بغية جعل الناس يعتقدون بأن المبشرين محسنون.
  وعلى كل حال فإن الحملة التنصيرية أخذت تزداد يوما بعد يوم مستغلة فرص المجاعة والفقر والجهل، ففي أوقات المجاعة تقدم الكنائس بشتى أشكالها المواد الغذائية للمنكوبين مجانا بغية أن يعتقد المنكوبون: إن النصرانية أحسن الأديان بما تقدمه لهم من مساعدات إنسانية وإذا نظرنا بعين الاعتبار نجد أن الغرب والمنصرين هم السبب في حصول المجاعة.مقاومة التنصير
إن الجهود التي بذلها الأفارقة المسلمون في نشر الدعوة الإسلامية ومقاومة التنصير والتبشير الكنسيين في القارة الأفريقية تسجل نجاحا هاما وتقدما ملموسا في كل الميادين.
وتتمثل هذه الجهود في بناء المساجد وعمارتها بأنواع العبادات، وإقامة الحلقات التعليمية، وعقد الندوات والدورات التدريبية، وبناء المدارس الأساسية والعليا وتأسيس المعاهد العلمية الدينية، وإنشاء الخلاوي القرآنية في كثير من المدن والقرى الأفريقية، وتأسيس المجالس والجمعيات الإسلامية المحلية والعالمية. وهذا ما جعل عجلة الإسلام في أفريقيا تسير بسرعة منقطعة النظير، ادت إلى إسلام أعداد كبيرة من الوثنيين والمتنصرين من كل الطبقات. ومن أبرز نماذج جهود المسلمين في مقاومة التنصير في تشاد:
أ ـ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ومقره العاصمة أنجمينا والمجالس الفرعية التابعة له ويبلغ تعدادها 54 مجلسا في 14 محافظة و54 مقاطعة. وهو يحمل على عاتقه جميع آمال المسلمين في تشاد وجهوده لاتقل عن جهود وزارة الأوقاف في الدول الإسلامية. ومن أهم الأنشطة التي حققها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في جمهورية تشاد:
1 ـ تكوين مجالس فرعية في كل المحافظات والمراكز والمقاطعات.
2 ـ إنشاء أول جامعة أهلية إسلامية عربية بها عدة كليات وقسم للدراسات العليا، فتح لأول مرة في جمهورية تشاد.
3 ـ تكوين إدارة الدعوة والدعاة، وهي تقوم بتدريب الأئمة والدعاة وتساعدهم للقيام بمهمتهم الدعوية ولها قسم باللغة الفرنسية.
4 ـ تكوين إدارة المهتدين وهي ترعى شؤون المهتدين الجدد.
5 ـ إدارة الإفتاء وهي تتولى الإجابة على الأسئلة الدينية عبر وسائل الإعلام المرئية، والمسموعة والمقروءة.
6 ـ إدارة القضاء في الأحوال الشخصية.
7 ـ إدارة رعاية الأيتام وهي تتولى رعاية الأيتام تعليميا وصحيا واجتماعيا وتربويا بالتعاون مع المؤسسات الخيرية في الدول الإسلامية كبيت الزكاة الكويتي وجمعية قطر الخيرية وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بالشارقة.
8 ـ إدارة الإتصالات الخارجية والداخلية.
9 ـ إدارة الإعلام والمكتبة.
10 ـ إدارة المشاريع.
11 ـ إدارة الموارد المالية.
12 ـ إدارة مراجعة المصروفات المالية.
13 ـ إدارة شؤون المساجد.
14 ـ إدارة شؤون التعليم والخلاوي القرآنية.
15 ـ كما قام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تشاد بإنشاء 215 مدرسة إسلامية عربية أهلية 193 منها إبتدائية 14 منها إعدادية 8 ثانويات من بينها ثلاثة معاهد أزهرية.
16 ـ كما قام المجلس بإنشاء معهد للقراءات وعلوم القرآن ومعهد تأهيل الحفظة لنيل الشهادة الإعدادية والثانوية، كما قام المجلس ببناء 118 مسجدا بواسطة المحسنين، ومن أهم إنجازات المجلس تأسيس مدينة قرآنية لأبناء المهتدين الجدد تأوي وتكفل 420 طالبا، حفظ العديد منهم القرآن الكريم. كما قام المجلس بحفر 16 بئرا في القرى والمدن التشادية ويساعد المجلس على تنفيذ المشروعات سبع جمعيات إسلامية تعمل في تشاد وهي:
17 ـ لجنة مسلمي أفريقيا ومقرها في الكويت ولها مكتب إقليمي في تشاد بالعاصمة أنجمينا وأربعة فروع تابعة له بالمحافظات التشادية.
18 ـ هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ومقرها في جدة بالمملكة العربية السعودية ولها مكتب إقليمي في تشاد.
19 ـ المنتد ى الإسلامي العالمي ومقره في لندن.
20 ـ الندوة العالمية للشباب الإسلامي ومقره في الرياض المملكة العربية السعودية.
21 ـ منظمة الدعوة الإسلامية ومقرها في الخرطوم ـ السودان.
22 ـ الوكالة الإسلامية السودانية.
23 ـ جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ومقرها بالجماهيرية العربية الليبية.أسباب تنصير بعض المسلمين
لقد كان المنصرون يدركون تماما مدى انتشار الإسلام ورسوخه في أعماق شمال أفريقيا ووسطها، وعلى الرغم من أن النصارى كانوا أقلية في أفريقيا فإنهم يمتلكون القوة التي بها يستطيعون تغيير الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
وإذا بحثنا عن أسباب تنصير بعض المسلمين نجدها تكمن في الأسباب التالية:
1 ـ الانفتاح الديموقراطي وحرية التعبير والتشبث بذيل الديموقراطية وهذا ما أتاح الفرصة للمنصرين أن يدعوا المسلمين إلى النصرانية داخل بيوتهم.
2 ـ استغلال نزاعات المسلمين الطائفية وزرع بذور الشقاق بينهم.
3 ـ استغلال الفقر والجهل والمرض والكوارث.
4 ـ خلو الساحة الإسلامية من الدعاة المتفرغين للدعوة وتوعية المسلمين من هذا الخطر.
5 ـ سيطرة المنصرين على التعليم في أفريقيا.
6 ـ تقديم المساعدات المالية لبعض الشباب المسلمين بغرض تأسيس جمعيات مغرية تهدف إلى الحيلولة بينهم وبين الإسلام.
7 ـ اتباع المناهج الغربية في إدارة شؤون الدول الأفريقية وفي شؤون التعليم وتقليدهم حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكوه وراءهم.مقترحات وحلول
إن العالم الإسلامي بكل طبقاته وهو في عصر مسابقة الحضارات في حاجة ماسة إلى وضع أساس الوحدة قبل تنفيذ أي هدف آخر عملا بقوله تعالى:
(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، وترك ونبذ النزاعات والصراعات الطائفية عملا بقوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم....) ولمّ الشعث وتوحيد الصفوف وجمع الكلمة عملا بقوله تعالى: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة...) والتماسك والتراحم فيما بينهم عملاً بقوله (صلى الله عليه وآله): "ترى المسلمين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". "المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشـد بعضـه بعضا" وبالأمس القريب كانت تسيطر على العالم كتلتان شرقية وغربية أو شيوعية ورأسمالية وقد سقطت الشيوعية ومالت الرأسمالية ونحن في انتظار سقوطها، ولا بديل لهما إلاّ الإسلام، فعلى قادة المسلمين أن يكونوا أنفسهم لقيادة العالم الجديد الذي ينتظرهم بإعداد العدة الكافية لذلك، وتسهيل السبل الكفيلة بتطبيق الشريعة الإسلامية وإلاحلال محل النظامين السابقين: (إن ينصركم الله فلا غالب لكم. وما ذلك على الله بعزيز).
ولكي نصل إلى هدفنا نقترح الآتي:
1 ـ في مجال التعليم نقترح أن يهتم قادة المسلمين  بدعم المدارس العربية الإسلامية بسد جميع احتياجاتها. وأن يؤسسوا مدارس عربية إسلامية بالدول غير الناطقة بالعربية. والدول التي بها أقليات مسلمة وإنشاء جامعات في جميع المجالات وفي كل المستويات.
2 ـ في مجال الثقافة الإسلامية على قادة المسلمين أن يفكروا ويضعوا الخطط الكفيلة بحل مشاكل المسلمين وذلك بإقامة المؤتمرات وعقد الندوات العالمية والمحلية حتى يصلوا إلى حل مشاكلهم بأنفسهم.
3 ـ في مجال الإعلام: يجب على قادة الأمة الإسلامية أن يركزوا على وسائل الإعلام بكل أنواعها وأشكالها باعتبار أنها السلاح القوي الذي يعين على نشر الدعوة الإسلامية في كل قارات الدنيا باللغات العالمية وباللهجات المحلية.
4 ـ في مجال الدعوة الإسلامية: يجب على قادة المسلمين أن يوظفوا دعاة متفرغين دوليين لهم كفاءة علمية تؤهلهم لذلك.
5 ـ في مجال الرعاية الاجتماعية: الاهتمام بالمرأة وتعليمها وتربية الأسرة والاهتمام بالأيتام واللقطاء وحديثي العهد بالإسلام والعوانس من النساء بتزويجهن لكل مسلم.
6 ـ في مجال الصحة: فتح مجال كليات الطب لأبناء المسلمين وتدريب عدد كاف من الممرضين في الدول الفقيرة.
7 ـ في مجال الاقتصاد حث المسلمين على العمل التنموي ومحاربة البطالة في جميع طبقات المجتمع ومستوياته وإنشاء سوق إسلامية مشتركة وعملة إسلامية موحدة.

-------------------------------
1- نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بجمهورية تشاد.
2-  الاسراء / 9 .
3- أحمد عبد الوهاب، حقيقة التبشيريين في الماضي والحاضر ص162.
4- عبد الودود شلبي، الزحف إلى مكة ص13.
5- إبراهيم عكاشة علي، التبشير النصراني جنوب السودان ص 24 ـ 25.
6- عمر فروخ، الاستشراق في نظام العلم وفي نطاق السياسة ص 125 ـ 143.
7- سورة المائدة آية: 75.
8- المسيحية ص143 ـ 144 ـ 145.
9- أنشأتها المخابرات الأمريكية أنظر كتاب: الزحف إلى مكة ص22 عبد الودود شلبي. 
 

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية