مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

قراءات في الاتفاقيات والقرارات الدولية الصادرة عن المؤتمرات الدولية
أ. عفت الجعبري
رئيسة مركز شابات الخليل


المرأة في الفكر الغربيمدخليقوم الفكر الغربي على الفكر العلماني المبني على فصل الدين عن الدولة، وهذا الفكر في أبعاده المختلفة يقوم على معاداة الأديان السماوية؛ لأنه يعتبر الدين معيقا للتقدم والازدهار في الحياة. وقد أوضح يوسف القرضاوي(1) تعريف العلمانية كما عرفتها دائرة المعارف البريطانية (أن العلمانية حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها).وتعتبر الليبرالية الأمريكية نموذج للفكر العلماني، كما يراها منير شفيق أن هذه العلمانية الليبرالية تحاول أن ترسخ قيما جديدة تتعلق بالأسرة (140) والرجل والمرأة حول التعليم والعقوبة والشذوذ والجريمة تحت دعوى الحداثة والتقدم وهي تتسم برفض ومحاربة العادات والتقاليد المنبثقة عن الدين فكانت النتائج والتأثيرات على المجتمع والأفراد خطيرة؛ حيث انتشرت الجريمة والمخدرات وانحدرت القيم والمشاعر الإنسانية. فالليبرالية كما يراها منير شفيق تتسم بالارتجالية والخفة ويرى أن قطعها مع الدين والماضي لن يؤدي إلى السلبيات بل سيؤدي إلى ولادة سلبيات أشد خطرا وفي هذا يقول راشد الغنوشي(2): " أن الليبرالية الاقتصادية إلهها الربح تستحل كل شيء بسبب ذلك؛ تستحل الكذب تستحل تدمير ثقافات الشعوب وامتصاص دمائها وتنتهي إلى فقر الشعوب من أجل مصالح عدد من العائلات وليس الشعوب"ويذهب فهمي هويدي(3) في الحديث عن العلمانية وتجلياتها إلى أبعد من أن تكون العلمانية فصل الدين عن الدولة حيث يقول: "إن العلمانية فصل كل المطلقات الأخلاقية والمعرفية والإنسانية عن الدنيا بحيث تصبح كل الأمور نسبية".
المرأة وهيئة الأمم المتحدةتبنت هيئة الأمم المتحدة بمنظماتها المختلفة الفكر العلماني كمنطلق لأعمالها ونشاطها الاجتماعي والثقافي وإن كانت هيئة الأمم قائمة في الأصل على حفظ السلام وفض النزاعات وتوفير الأمن للشعوب.تقول عائشة عبد الرحمن(4)" بنت الشاطىء، عن وثيقة حقوق الإنسان التي أعلنتها الأمم المتحدة " إن هذه الفقرة التي أعلن فيها عن هذه الوثيقة انتهكت فيها حقوق الشعب الفلسطيني، وفاجعة هيروشيما وحرب الإبادة والتدمير في آسيا وإفريقيا". (141)إلا أننا اليوم نجد هيئة الأمم المتحدة تركز على النواحي الاجتماعية والثقافية للشعوب، وتسعى إلى تأسيس قواعد كونية تحكم السلوك البشري وتسعى لتكوين نمط بشري واحد في ثقافته. والمرأة تحظى بالاهتمام الواسع من قبل هذه الهيئة لأن المر أة هي المفتاح الذي يستخدم لفتح جميع الأبواب فهي تعتبر مدخلا من مداخل التغيير التي تسعى له الأمم المتحدة بقيادة أمريكا، وقد خصصت هيئة الأمم المتحدة منظمات يعنيها تخطيط وتنفيذ البرامج المتعلقة بالمر أة والطفل وصندوق الأمم المتحدة من أجل المرأة ".وقد أشرفت الأمم المتحدة على سلسلة من المؤتمرات العالمية مثل مكسيكوستي الذي عقد في المكسيك عام 1975م، وهو العام الذي أعلن فيه عام المرأة الدولي" ومؤتمر كوبنهاجن الذي عقد عام 1980م ومؤتمر نيروبي عام1985م ومؤتمر السكان في القاهرة 1994م ومؤتمر بكين عام 1995م.الحركات النسوية وأثرها على هيئة الأمم والقرارات الدولية ظهر مصطلح النسوية الفيمينزم في كتاب كرستينا هوف سومرز (من الذي سرق النسوية ) والذي راج في أمريكا ويعني المصطلح أن المرأة أو النساء بشكل عام مسجونات في إطار نظام ظالم وهو النظام الأبوي الذي يتحكم فيه الرجل، ويفرض سيطرته على المرأة. فكلمة الفيمينزم هي المساواة بين الرجل والمرأة وهذه الحركة ترى أن حال المرأة يزداد سوءاً، وأنهن يردن إحداث ثورة نوعية جنسية، وهؤلاء الراديكاليات أو المتطرفات يسمين أنفسهن المتحررات (ليبرر) قد بدأن حركتهن في أمريكا(5).أما هبه رؤوف عزت(6) فقد قالت: " أنه يقصد النسوية بالترجمة الحضارية التمركز حول الأنثى، وتضيف: أن حركة تحرير المرأة كحركة اجتماعية (142) كونها جزءا من المجتمع تسعى للدفاع عن حقوقها حول المجتمع، بينما نجد أن النسوية في الرؤية الغربية تعتبر المرأة خارج السياق الاجتماعي كأنها كائن قائم بذاته متمركز حول ذاته، منفصل عن الرجل، في حالة صراع كوني معه، لذا فهي تسعى لتغيير اللغة الإنسانية ومسار التاريخ والطبيعة البشرية ذاتها حتى يتم اختلاط الأدوار تماما".ابتدأت هذه الحركة منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وفي البداية قامت هذه الحركة للدفاع عن حقوق المرأة وتسليط الضوء على قضيتها من جراء الظلم والاستبداد والغبن اللاحق بها واستطاعت هذه الحركة أن تجعل قضية المرأة قضية عالمية تجاوزت الحدود وأصبحت تطالب بالحقوق السياسة والاجتماعية والاقتصادية وتنادي بإزالة العقبات والمشاكل والصعوبات التي تقف أمام تقدم المرأة وازداد نشاط هذه الحركة بعد الحرب العالمية الثانية، وراحت أمريكا وأوروبا تتنافس للمطالبة بحقوق المرأة منطلقة من الفلسفات الفكرية المختلفة الليبرالية والاشتراكية على مر السنين، لقد تطورت هذه الحركة وتأثرت كثيراً بالفلسفات والأفكار المختلفة.قال محمد عمارة(7)" إن أبا النزعة الأنثوية الفرنسية هو الاشتراكي الفرنسي (فوربيه) (1772-1837م)، وقد دعا إلى تحرير المرأة على كل الأصعدة "البيتي....والمهني..والمدني. ..والجنسي، وقال:إن العائلة تكاد تشكل سدا في وجه التقدم!وأضاف: ان فيلسوف هذه النزعة هو "ماركيوز هربرت"(1898-1979م) وقد جعل من أسس (نظريته النقدية)"التأكيد على انعتا ق الغرائز الجنسية وإطلاق الحرية الجنسية بلا حدود، سواء من ناحية الكم أو الكيف، أي حتى حرية الشذوذ بل تمجيده باعتباره ثورة وتمرد ضد قمع الجنس. معتبرا التحرر (143)الجنسي عنصرا مكملا ومتمما لعملية التحرر الاجتماعي.كما رفض (فوكوميشل 1926-1984) ربط الممارسة الجنسية بالأخلاق فقال: لماذا يجعل السلوك الجنسي مسألة أخلاقية ومسألة أخلاقية مهمة؟ ثم يضيف محمد عمارة: أما فيلسوفة هذه النزعة الأنثوية الكاتبة الوجودية(سيمون دي بوفوار1908-1968م) فقد اعتبرت مؤسسة الزواج مؤسسة لقهر المرأة يجب هدمها وإلغاؤها، وأنكرت أي تمييز طبيعي للمرأة عن الرجل، فلا يولد المرء إمرأة بل يصير كذلك، وسلوك المرأة لا تفرضه عليها هرموناتها ولا تكون دماغها بل هو نتيجة لوضعها.ازدادت هذه الحركة تطرفا عندما سعت إلى عالم تنفرد به المرأة تتمركز فيه حول ذاتها، وتطلق العنان لمفهوم الحرية ومفهوم المساواة يقول محمد عمارة " فنحن بالمسيرة الحضارية الغربية أمام نزعة للغلو سارية في العديد من النظريات ومتخذة شكل الثنائيات المتناقضة والمتصارعة:( العقل والنقل، الفرد والمجموعة، الذات والأخر، الدين والدولة، الدنيا والآخرة، المادية والروحانية) دونما وسطية جامعة تجمع عناصر الحق والعدل من الأقطاب المتقابلة، لتكون موقف ثالث متميز لكنه ليس مغايرا تماما لقطبي الظاهرة، فلغلو النزعة الأنثوية المتطرفة أيضا تراث في الغلو الذي تميزت به مسيرات النظريات الفكرية في النموذج الحضاري الغربي بوجه عام، ثم يشير محمد عمارة( إلى أن احتقار المرأة كما نراه في التراث الغربي كان ردت فعله غلوا أكثر وتطرفا في الحركة الأنثوية تطرفا يعالج تطرفا وجنوحا إلى التمركز حول الأنثى ويواجه جنوحا آخر في احتقار الإناث).يقول مثنى الكردستاني(8) حول زيادة التطرف النسوي: (ولكن الحركة النسوية ومع تصاعد درجات العلمنة والإباحية والأنانية والتخبط الفكري (144) سرعان ما تحولت أكثر من فصائلها إلى حركات هدامة وشمولية وراديكالية متطرفة، تجاوزت حدود اختصاصها وقضاياها إلى الحديث عن ايدولوجيا خاصة بالمرأة "أبستمولوجيا" نسائية، بل حتى مجتمعات خاصة بالمر أة، وبدأت تتبنى مطالبات تتعارض مع العدالة والأخلاق والقيم والأديان، وتؤدي إلى الفوضى والعبث وتهدد الأمن الاجتماعي وتستهدف الأسرة وحقوق الأطفال وتدخل المرأة في متاهات وظلمات لها أول ولا آخر لها"
الحركة الأنثوية والمؤتمرات الدوليةاتخذت الحركة النسوية المؤتمرات قاعدة لتحريك مخططاتها، ولقد شكلت هذه الحركة لجان ضغط مختلفة على هيئة الأمم المتحدة والدول الكبرى لتحقيق أهدافها ومآربها، مثل لجنة المرأة في الأمم المتحدة تقول كاثرين بالتمور(9) الأمريكية: أن التي شكلت هذه اللجنة هي إمرأة اسكندنافية كانت تؤمن بالزواج المفتوح ورفض الأسرة، وتعتبر الزواج قيداً، ثم تضيف: أن المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تخص المرأة والأسرة والسكان تصاغ في لجان ووكالات تسيطر عليها الفئة الأنثوية المتطرفة "الشاذون والشاذات جنسيا".مؤتمر السكان والتنمية عقد في القاهرة عام 1994ملقد حفلت وثيقة هذا المؤتمر بمصطلحات خطيرة غير واضحة المعالم مثل مصطلح"الاختيارات الإنجابية" "الصحة الجنسية " وعبارة المتحدين والمتعايشين، يعتبر هذا المؤتمر أكثر المؤتمرات الدولية التي تعارض وتمس الأديان، إن عنوان هذا المؤتمر وشعاره السكان والتنمية كان بعيدا عن حقيقة المؤتمر، والذي يدعو على حرية الجنس والعلاقات الجنسية خارج الزواج (145)والمساواة المثلية والشذوذ والإباحية وتحديد النسل، يقول مثنى الكردستاني:(10) لاشك أن هذه الوثيقة وبقية المواثيق والاتفاقيات الدولية تتضمن الكثير من الأمور الجيدة والمفيدة والتي تشكل أرضية مشتركة يمكن للبشرية جميعا أن تقف عليها سواء ما يتعلق منها بالمرأة وتحسين أوضاعها أو ما يتعلق بمشاكل المهاجرين أو البيئة...الخ ولكن المشكلة تكمن في خلط هذه الأمور الطيبة ببعض الأمور والآليات الخبيثة، التي لا يمكن الاتفاق عليها أبدا، وقد وردت في هذه الوثيقة أمور من هذا النوع؛ وهي لا شك انعكاس لفكر الأنثوية المتطرفة، ومن يشايعها، منها الحديث عن المساواة المتعلقة بين الجنسين وإلغاء جميع الفوارق بينهما، وهذا يعني إلغاء ممكنا في الواقع بأن نجعل الجنسين جنساً واحداً، فكان من المنطقي بعد ذلك سن قوانين على وفق ذلك، ولكنه مستحيل مهما غيرنا من طرق التنشئة والتربية.إن هذه الوثيقة تصف دور المرأة في استمرار الحياة وتربية الأجيال وتوفير الأمن الأسري والمجتمعي بالأدوار النمطية والتقليدية التي لا بد من تغييرها.ويصف مثنى الكردستاني(11)" وفي مسائل المساواة أيضا في الفصل الرابع هناك حديث عن المساواة بين الجنسين في حق الملكية وفي هذا إشارة خبيثة إلى موضوع المساواة في الميراث".وفي إباحة الجنس فإن الوثيقة تتحدث عن إلغاء القوانين التي تحد من ممارسة الأفراد لنشاطهم الجنسي بحرية، وتتحدث عن حماية الحاملات سفاحا؛ لأن ممارسة الجنس والإنجاب حرية شخصية، وليست مسؤولية جماعية. تقول الوثيقة: " ويتعين على البلدان بدعم من المجتمع الدولي أن تحمي وتعزز حقوق المراهقين في التربية والمعلومات والرعاية المتصلة بالصحة الجنسية (146) والتناسلية حماية قانونية للانحراف الخلقي والرذيلة، بل طالبت بعض المؤسسات والمنظمات المشاركة في المؤتمر بتدريس الجنس في كافة المراحل التعليمية ونشر الثقافة الجنسية عبر وسائل الإعلام.أجازت الوثيقة إنهاء الحمل وشجعت على الإجهاض غير المأمون، واعتبرته حق للمرأة ووسيلة من وسائل صحتها الجنسية. فرقت الوثيقة بين الزواج والجنس والإنجاب. ومعنى ذلك أنه يمكن ممارسة الجنس بدون زواج، ويمكن الإنجاب بدون زواج، ويمكن للمرأة تأجير رحمها كما حصل للسيدة البريطانية التي أجرت رحمها لأبنتها التي لا تنجب " الأم البديلة أو البيولوجية "، وفي ذلك الزنى وخلط الأنساب. جاء في الوثيقة تعريف أشكال متعددة للأسرة مثل الأسرة المثلية المتكونة من جنس واحد من امرأتين أو من رجلين شذوذ ولواط. أسر المعاشرة الجماعية وهي متكونة من مجموع من الشباب والشابات يمارسون حياة جنسية مشاعية بأشكال مختلفة (وهذا زنى وفاحشة نكراء تعاقب عليها جميع الأديان)، الأسر المقترنة أو المتزاوجة والمتكونة من النساء والرجال الذين يعاشرون البعض ويتبادلون المتعة الجنسية دون وجود زواج ولا عقد ولا وثيقة (بوي فرندز).هذا ما جاء في وثيقة مؤتمر السكان الذي عقد في عاصمة دولة مصر العربية المسلمة، هذه العاصمة جاءها الشاذون والشاذات زعيمات الحركة النسوية الفيميزم ليتظاهروا في شوارعها مطالبين بحقوقهم الشاذة.نستطيع القول: أن هذه الوثيقة التي صدرت عن مؤتمر السكان بإشراف الأمم المتحدة قد أيدت ممارسة الرذيلة والإجهاض والشذوذ الجنسي وممارسة الجنس خارج نطاق الزواج الشرعي، وتجنبت الوثيقة استخدام كلمة "أسرة " إلا عندما تتكلم عن تنظيم الأسرة، وحاولت الوثيقة قدر الإمكان تجنب استخدام لفظ (147) الزوجين، وفضلت علية لفظ "القرينين ". وعندما تحدثت الوثيقة عن اللقاء بين الرجل والمرأة لم تفترض وجود زواج شرعي. كما أنها عندما ذكرت وسائل مكافحة مرض الإيدز لم تذكر بين الوسائل العفة الجنسية أو الامتناع عن ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، كذلك فإن الوثيقة عارضت بشدة الزواج الشرعي المبكر في الوقت الذي ساندت فيه العلاقات الجنسية المبكرة خارج نطاق الزواج.إن هذه المحاولة وغيرها من المحاولات المستمرة تستهدف تقويض الأسرة المسلمة وإفراغها من مضمونها وفرض نموذج الأسرة الغربية على مجتمعنا وإلغاء قيود التقاليد والعادات والأديان.
مؤتمر بكينعقد مؤتمر المر أة العالمي الرابع في بكين بتاريخ 31/8/1995م. ويعتبر هذا المؤتمر حصيلة عدة مؤتمرات عالمية سبقته مثل مكسيكو ستي وكوبنهاغن ونيروبي ، كان شعار المؤتمر " تنمية سلام ومساواة" اجتمعت في الصين أكثر من 140ألف إمرأة من جميع أنحاء العالم للمشاركة في هذا المؤتمر، وبعد المداولات والنشاطات التي تبني منهاج العمل باعتباره وثيقة عالمية ،تعرض منهاج العمل إلى اثني عشر مجال اهتمام تم تحديدها على أنها بحاجة إلى عمل حاسم لضمان تقدم النساء وهي :1. عبء الفقر المتزايد الواقع على المرأة.2. عدم المساواة في فرص التعليم والتدريب ذات النوعية الجيدة على جميع المستويات وعدم كفايتها.3. أوجه عدم المساواة في الرعاية الصحية والخدمات المتعلقة فيها. (148)4. عدم المساواة في الهياكل والسياسات الاقتصادية وفي جميع أشكال الأنشطة الإنتاجية وفي الوصول إلى الموارد.5. عدم المساواة بين الرجل والمرأة في اقتسام السلطة وصنع القرار على جميع المستويات.6. العنف ضد المرأة .7. عدم وجود آليات كافية على جميع الأصعدة لتعزيز النهوض بالمرأة. 8. عدم احترام ما للمرأة من حقوق الإنسان وقصور الترويج لهذه الحقوق وحمايتها.9. التصوير النمطي للمرأة وعدم المساواة في وصولها إلى جميع نظم الاتصال والمشاركة فيها ولا سيما في وسائط الإعلام.10. عدم المساواة بين الجنسين في إدارة الموارد الطبيعية وحماية البيئة.11. التمييز المستمر ضد الطفلة وانتهاك حقوقها.12. آثار النزاعات المسلحة وغيرها من أنواع النزاعات على النساء بما فيهن النساء اللاتي يعشن تحت وطأة الاحتلال الأجنبي.وقدم ممثلو الدول في المؤتمر البيان التالي في إعلان بكين:" إننا نحن الحكومات، نعتمد هنا منهاج العمل التالي ونلتزم بتنفيذه وبما يكفل مراعاة الجنسين في جميع سياساتنا وبرامجنا: وأننا نحث منظومة الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية وسائر المؤسسات الإقليمية والدولية ذات الصلة والنساء والرجال كافة وكذلك المنظمات غير الحكومية مع الاحترام التام لاستقلالها وجميع قطاعات المجتمع المدني على التعاون مع الحكومات على الالتزام الكامل بمنهاج العمل هذا والمساهمة في تنفيذه(12).إن هذه المنهجية وهذه الشعارات في ظاهرها قد توهم البعض بأنه (149) منطقية للمرأة ولكن بعد أثني عشر يوما من الاجتماعات الساخنة بين المؤتمرين المحافظين والليبراليين الغربيين أظهرت حجم الهوة في الخلافات إلحادة بين مختلف الديانات السماوية ومختلف الثقافات والتقاليد السائدة في العالم، مزيج متنوع من الشرق والغرب والشمال والجنوب في الكرة الأرضية كلها جاءت تسلط الضوء على قضية المرأة ولكن لكل واحد وجهة نظر مختلفة عن الآخر، سواء في طرح الموضوع أو معالجته ويبقى الأهم وهو من هو صاحب القرار الأخير؟ ومن هو الطرف الذي صاغ القرارات والتوجيهات النهائية في هذا المؤتمر؟ وما هي المواضيع التي حازت على الأولوية بعد أن اختلط الحابل بالنابل كما يقولون بعد أن اختلط السم بالدسم؟ لقد خرج موضوع المطالبة بحقوق المرأة عن نطاق الحق والخير كما تقول(آمنة فتنت مسيكة بر) (13) ودخل حيز المزايدات والمهاترات، وابتعاد المرأة عن المنطق والموضوعية...كانت المفاجآت التي ظهرت في هذا المؤتمر مثل عبارةSexual Orientatio التي تفيد حرية الحياة غير النمطية كحق من حقوق الإنسان في نص المادة 226 تختلف بحسب المجتمع وقد أمر هذا المؤتمر بوجود ستة أنماط للأسرة حسب الوسط الاجتماعي وبعد جهد جهيد استطاعت الدول المحافظة إدخال كلمتي الزوج والزوجة، وفي إطار السياق رفضت الدول الغربية إدخال كلمة " التقليدية " لأن في ذلك عودة إلى الوراء وانتكاسا للمكتسبات التي تم تحقيقها في مؤتمر السكان في القاهرة. طالبت هذه الوثيقة الدول والمجتمعات تبني استراتيجيات للتغيير مثل تغيير الأدوار والوظائف بين الرجل والمرأة على أساس الجندر بين الجنسين وفي استعراض سريع لمفهوم الجندر الذي ظهر في البداية في مؤتمر السكان في القاهرة، ولكن ظهر في مؤتمر بكين بشكل أثار شكوكا وتوجها لما يحوي من (150)معان غير واضحة، فهو يمثل لغما مبثوثا وقد تكررت هذه الكلمة في إعلان بكين 254 مرة، وقد أثار هذا المصطلح جدلا واسعا بين الوفود الحاضرة من المحافظين، فخرجت لجنة التعريف بدون تعريف. ومعنى ذلك أن الأمم المتحدة استخدمت في وثائقها تعريفها الذي اعتمدته، وقد عرفته منظمة الصحة العالمية " هذا المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأه كصفات مركبة اجتماعية لا علاقة لها بالاختلافات العضوية "، تفسير ذلك " أن كونك ذكرا أو أنثى عضويا ليس له علاقة باختيارك لأي نشاط جنسي قد تمارسه، على ذلك يمكن أن يقوم الرجل بدور المرأة أو تقوم المرأة بدور الرجل، يدخل في ذلك موضوع الشذوذ".وهذا ما أوضحه فهمي هويدي(14) :" أن كلمة الجندر تحمل معان وأبعادا تختلف تماما عما يخطر على بالنا لأول وهلة لا يقصد بها الغرائز التي تستثيرها علاقة الرجل بالمرأة فيما يسمى بالجنس البيولوجي فهي أقرب إلى معنى كلمة "الشخص" الذي لا يعرف له مدلول محدد سوى أنه بشر، أما هل هو رجل أم إمرأة ؟ فليس معروفا على وجه التحديد فهو طمس لمعالم الذكورة والأنوثة ومحاولة لتحديد فكرة الجنس لتجاوز ثنائية الأنوثة والذكورة واستيعاب الشواذ جنسيا. وقد تعامل البعض مع المصطلح ببراءة على اعتبار أنه يعني جنس الرجال والنساء معا، بينما كان البعض الآخر على وعي بأن المصطلح ليس بتلك البراءة.أما الموسوعة البريطانية تعرفه " أنه شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى وفي الأعم الأغلب فإن الهوية الجندرية والخصائص العضوية تكون على اتفاق أو تكون واحدة" ولكن هناك حالات لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائص العضوية ولا يكون هناك توافق بين الصفات العضوية وهويته الجندرية "أي (151) شعوره الشخصي بالذكورة أو الأنوثة" وتواصل الموسوعة البريطانية تعريفها للجندر: " كما أنه من الممكن أن تتكون هوية جندرية لاحقة أو ثانوية للتطور وتضفي على الهوية الجندرية الأساسية الذكورة أو الأنوثة حيث يتم باكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة، فالمجتمع من وجهة النظر الجندرية هو المسؤول عن تحديد أدوار النوع والعلاقات الاجتماعية، وهذه العلاقات والأدوار قابلة للتغيير فالفروق بين النوعية ليست فروقا بيولوجية ولكنها تستند إلى الأدوار الاجتماعية كما يقول أصحاب الجندر التي نستعملها منذ الطفولة ومن ثم يستطيع المجتمع تغييرها عند الإقصاء وعادة يتم طرح سؤال في التدريبات الجندرية للمجتمعات النسائية والرجالية البسطاء في تعليمهم وفهمهم للحياة وهذا السؤال هو: ما هي اللحظة الأولى التي وعيتم فيها أنكم ذكور أو إناث ؟؟ بسؤال آخر متى كان إدراككم الأول بوضعكم ذكورا أو إناثا إذ عليكم أن تفعلوا أشياء أو لا تفعلوها ؟؟تقول عالية الكردي(15) : أن وثيقة بكين ركزت على قضية توزيع الأدوار الأسرية والاجتماعية على أساس وجود اختلاف بين الجنسين، حيث يتم التطرق إلى أهمية استبعاد هذا النمط من التوزيع للأدوار والوظائف من خلال المحاور التالية: " المرأة والفقر" " التعليم وتدريب النساء" " العنف ضد المرأة".آليات مؤسسية لتقدم المرأة، الحقوق الإنسانية للمرأة ، المرأة والإعلام ، ثم تضيف :" تقر المواد المتضمنة في المحاور السابقة بخطورة توزيع الأدوار على أساس وجود الاختلاف بين الجنسين ثم تصف الأدوار أنها ثابتة ونمطية وغير قابلة للتغيير، يجب تغيرها من خلال طرح أدوار ووظائف جديدة على أساس الجندر بين الجنسين .وتضيف عالية الكردي: أن الوثيقة ربطت بين مناداتها بتوزيع الأدوار (152) والوظائف بين الجنسين على أساس الجندر وبين العنف الممارس ضد المرأة خاصة في إطار المنزل حيث ترى الوثيقة أن التساوي المطلق بين الجنسين فيما يتعلق بقيامهم بأدوارهم ووظائفهم الأسرية مدخل للقضاء على مظاهر العنف الموجود تنطلق الوثيقة من واقع المجتمعات الغربية التي فشلت رغم تسخير مؤسسات الدولة المختلفة لحل الخلافات والتجاوزات الأسرية تجاه أعضائها في تأمين وضمان جو أسري يتسم بالاستقرار والأمان من خلال فرض حلول ومعالجات قانونية أدت إلى تدهور مكانة الأسرة أكثر مما كان علية من قبل.إن هذه الوثيقة تعتبر من أخطر الوثائق لأنها تتناول أدق التفاصيل المتعلقة بالأسرة، من زواج وعلاقة وأدوار ونزع القداسة عن المفاهيم السائدة بين أفراد الأسرة من مودة وتراحم واحترام" فهي تتناول منظومة العلاقات الأسرية، وتشير إلى أن العلاقة بين أفراد الأسرة علاقة متميزة وغير متساوية حول هذا الموضوع، تم عقد ورش عديدة مدعومة من المنظمات الدولية حول تغيير بعض المصطلحات التي تكرس دونية المرأة مثلا ما ورد في أحدى كتب اللغة العربية في فلسطين للمراحل الابتدائية حيث تم الاعتراض على جملة تقول " أحمد يلعب ورباب تساعد أمها في أعمال البيت" كأن مساعدة البنت لوالدتها شيء فيه انتقاص واحتقار للبنت، يريدون لهذه العلاقة القريبة والحميمة بين أفراد الأسرة أن تتسم بالندية والأنانية.أما في موضوع المساواة فقد نادت الوثيقة بإحداث تغييرات للتشريعات القائمة حتى تتمكن المرأة من الحصول على فرص متساوية مع الرجل في الموارد الاقتصادية الأسرية والمجتمعية وغيرها وقد أشارت بذلك إلى الميراث في الإسلام. (153)وقد تكررت المطالبة بإعطاء المرأة فرصتها كاملة ومساوية للرجل في الحصول على المواد الاقتصادية والمساواة في الرعاية الصحية ومساواة في الهياكل السياسية واقتسام السلطة وصنع القرار، وقد تم شرح هذه المطالب بتفصيلات وتفسيرات بعيدة عن معناها اللغوي والشرعي للمجتمعات الإسلامية.تقول عالية الكردي(16) : أن الوثيقة تتناول أهم مشكلة تعاني منها المجتمعات الغربية وهي هروب الرجال من تحمل المسؤوليات الأسرية (وخاصة من ما يترتب على العلاقات والممارسات الجنسية من الحمل والإنجاب ) وبالتالي ازدياد معاناة النساء اللاتي يردن التمتع بحياة أسرية.وتترجم هذه الوثيقة هذه المعاناة من خلال المحاور التالية: المرأة والصحة، المرأة واتخاذ القرار، المرأة والإعلام، فتطالب الوثيقة بتبني استراتيجيات تساند وتعمل على ترسيخ الشراكة المتساوية بين الجنسين ومن خلال حملات إعلامية تستهدف التأكيد على المساواة الجندرية والأدوار الجندرية غير النمطية " أي تحقيق التماثل بين الجنسين في الحقوق والواجبات" للنساء والرجال داخل الأسرة لكي تتسنى للمرأة المشاركة المجتمعية للمرأة أي تشريد المرأة ثم العمل على تمكينها اقتصاديا"ثم تضيف عالية الكردي: والملاحظ من خلال المواد المتضمنة للشراكة المتساوية أنها تربط بين الشراكة المتساوية وحصول النساء على خدمات الصحة الإنجابية والتمتع بعلاقات جنسية غير مسؤولة حيث تترجم الوثيقة واقع المجتمعات الغربية ترجمة دقيقة إلى حد كبير، من حيث عدم وجود إطار قانوني وشرعي للممارسات الجنسية للجنسين؛ وذلك نتيجة تراجع نسب الزواج تدريجيا والتحول من الزواج نحو المساكنة مع عدم وجود أية التزامات (154) للرجال بما يترتب على العلاقات الجنسية في إطار المساكنة وبالتالي، تصبح الآثار الناتجة من العلاقات الجنسية الغير مقيدة بإطار قانوني وبالاً على المرأة؛ حيث تتحمل الحمل والإنجاب وتنشئة الطفل لوحدها. ومعروف أن أكثر من 90% من الأسر التي لها عائل واحد " الأب والأم " هي أسر مؤنثة بمعنى أن عائلها الوحيد إمرأة وهذه الظاهرة تؤكدها جميع الدراسات الاجتماعية الغربية كما تواجه الدولة مشكلة اللقطاء والأولاد غير الشرعيين وما يترتب عليها من أعباء اقتصادية واجتماعية تكلف الدولة ميزانية باهظة.بينما حال المجتمعات الإسلامية الملتزمة بالحياة الأسرية المنظمة حسب القواعد والضوابط الشرعية مختلفة تماما عن هذه الصورة القاتمة للغرب إلا اللهم ما يتجدد من مظاهر اجتماعية نتيجة التدهور الاقتصادي مثل زيادة نسبة معيلات الأسر من النساء، وهذه لا يمكن مقارنتها بما وصلت إليها الحياة الأسرية من التفكك. اتفاقية مكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW )تعتبر هذه الاتفاقية مكملة ومتطورة عن معاهدة حقوق المرأة السياسية الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1952 ، بدأت المفوضية في إعداد هذه المعاهدة في عام 1973، وأكملت إعدادها عام 1979 اعتمدتها الأمم المتحدة في 18|12|1979 وأصبحت سارية المفعول في 3|12/1981 بعد توقيع خمسين دولة عليها.تتكون الاتفاقية من ثلاثين مادة موزعة على ستة أجزاء وتتناول مجمل القضايا المتعلقة بالمرأة من الحقوق السياسية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والتعليم والصحة بما فيها الصحة الإنجابية والجنسية وقوانين الزواج والأسرة، وفيها مواد تتعلق باللجان وكيفية متابعة عملها. (155)لقد تم صياغة هذه المواد صياغة قانونية ملزمة قانونا للدول التي تصادق عليها، وبمقتضى هذه الاتفاقية فانه يتوجب على الدول التي توقع على هذه الاتفاقية أن تلغي التشريعات والقوانين المخالفة لها. تشكلت لجنة إزالة التمييز ضد المرأة بموجب المادة 17 من هذه الاتفاقية ومهمتها مراقبة الدول الموقعة وإعداد التقارير والتوصيات وتقييم الأداء، وتتكون هذه اللجنة من ثلاثة وعشرين عضوا منتخبين من الدول التي وقعت على الاتفاقية والمؤمنين بمبادئ هذه الاتفاقية.وقد تحفظت معظم الدول العربية والإسلامية على كثير من بنود هذه الاتفاقية، وذلك لما تحتوي من مخالفات شرعية، تقول الدكتورة سعاد الفاتح:" إن الاتفاقية تقلب موازين المجتمع رأسا على عقب وأن منظمة الأمم المتحدة مع جهات أروبية أخرى تمارس ضغوطا مضنية من أجل إرغام الدول على التوقيع ثم تضيف لن نساوم ولن نجامل ولن نتنازل عما قاله الله ورسوله وهذه الاتفاقية تلغي عشرين آية من القرآن تتعلق بالزواج والطلاق والأنفاق والقوامة والرضاعة".أما كاثرين بالتمور(17) فقد قالت:" أن الاتفاقية تحتوى على بنود مبهمة وفضفاضة يفسرها الناس بآرائهم المختلفة ويوقعون عليها ظنا منهم بأنهم يفسرونها بطريقتهم الخاصة فحق الشذوذ غير موجود في القانون الدولي، ولكنه أدخل عن طريق تفسير النصوص المبهمة الفضفاضة لأباحته، ثم تضيف: لقد ذكرت لجنة الأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ الدول الأعضاء لاتفاقية سيداو أنة لا مجال لتفسيرات مختلقة تقوم على الدين والثقافات المختلفة، أي أنه حين تتعارض الثقافة والدين مع ما تقوله اللجنة فان الدين يترك وقد سبق أن طلبت لجنة سيداو في تقريرها عام 1994 من الجماهيرية الليبية أن تعيد (156) تفسير القرآن ليتماشى مع رؤية سيداو للأمور. ومن المحاور التي تجدها باستمرار تضيف كاترين في تقارير اللجنة هو نقد الأمومة ووصفها بأنها قوالب جامدة وجائرة تعوزها الأصالة والشخصية تبلى بها المرأة وتكرر اللجنة الطلب من الدول باستمرار لإلغاء هذه القوالب الجامدة التي تصف النساء كأمهات بأنة شرف لهن".تقول عالية الكردي(18) أن الاتفاقية تعمل بالتدريج أي تنتقل من نطاق إلى نطاق بتدرج وانتظام، فهي تبدأ من مستوى الدستور إلى القانون إلى أعمال المحاكم الوطنية إلى مستوى تصرفات السلطة العامة إلى مستوى الأفراد وتختم بمستويين متكاملين .اولهما: تعديل تشريعات تعتبر تمييزية(من وجهة نظر الأتفاقية).ثانيهم: إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية باعتبار الاتفاقية ناسخة لغيرها من التشريعات والأحكام ثم تضيف عالية الكردي أن أهم ما يلاحظ في الجزء الأول من المادة 16, أ, ب, ج, د, ه, و, ز, ح هو أن المراد من صياغة هذا الجزء بكافة بنودها هو تحقيق التماثل SAMENESS بين الجنسين بمعنى تحقيق المساواة بدرجة التماثل الكامل بين الجنسين فيما يتعلق بحصولهم على الحقوق في الزواج عقدا وأدوارا ووظائف ومسؤوليات بعيدا عن كل ما يراد تحقيقها من وظائف وأدوار لأسرة مكونة من رجل وأمرأة، بل بدل ذلك التعامل مع الجنسين كفردين تنحكم في تأسيس حياتهما الأسرية كل من الفردية والصراع واللذة (0000 ومحاولة عولمة هذه الأسس وفرضها على الشعوب كلها من خلال هذه الاتفاقية الدولية) .أما فيما يتعلق بالمادة الخامسة تضيف عالية الكردي إن هذه المادة ببنودها (أ, ب) تؤكد على أن الاتفاقية تساوى بين الجنسين ولا تعطي أية اعتبار (157) للاختلافات البيولوجية بينهما وفي سبيل ترجمة هذا التوجه إلى واقع معاش تفرض التغيير على كل الثقافات بمختلف مكوناتها، إضافة على أن الاتفاقية وخاصة من خلال بند (ب) تدمج بين الشراكة في تربية الأطفال بين الوالدين والذي يطالب به الإسلام وغيرة من الأديان بمطلب آخر، والذي يعبر عن رفض الاتفاقية للأساس البيولوجي لوظيفة الأمومة مع تأكيدها على إعطاء الأولوية لمصلحة الأطفال أنفسهم التي تتناقض واقعا مع تعميم وظيفة الأمومة للجنسين على أنها وظيفة اجتماعية مجردة. تقول عالية الكردي: أن قبول المادة 2, أ من اتفاقية سيداو معناه أن الاتفاقية تتدخل في إطار سيادة الدولة، وما يحدده دستورها من معالم شتى تنبني على أساسها قوانينها، بينما قبول كل من بند( و،ز) سيؤدي إلى أبطال كافة الأحكام واللوائح والأعراف والتي تميز بين الرجل والمرأة في قوانينها، إضافة إلى مطالبة الدول باستبدال تلك القوانين بأخرى، تؤكد القضاء على تلك الممارسات، سواء كانت صادرة عن أشخاص أو ناتجة عن أعراف أو أعراف دون استثناء، حتى التي تقوم على أساس ديني، وبالتالي تستهدف الاتفاقية تحقيق التماثل بين الرجل والمرأة خاصة فيما يتعلق بقوانين الأسرة.وتشكل الاتفاقية خاصة البندين «و» و«ز» من حيث أنهما يقدمان الاتفاقية بأنها مرجعية في ذاتها ولا تستمد معيارها إلا من ذاتها بمعنى أنه لا يحتج عليها بشيء خارج عنها، ويحتج بها على كل شيء (أعراف، تقاليد، أديان، ثقافات، قوانين) .بمقتضى المادة 2: تصبح جميع أحكام الشريعة المتعلقة بالمرأة لغواً وباطلا ولا يصح الرجوع إليها.بمقتضى المادة 5، ب: فإن الأمومة وظيفة اجتماعية مجردة من أساسه (158) البيولوجي، ويمكن أن يقوم بها أي إنسان رجلا كان أم أمرأة وبعيدا عن الدراسات والبحوث التي أثبتت أن حنان الأم فطري ولا يساوي حنان الأب ولا يساوي صبره صبر الأم، تنفي المادة 5، ب اختصاص المرأة بها ويساوي عطفها وحنانها وتميزها بالأداء بغيرها.بمقتضى المادة 16: فإن المساواة الكاملة يتحقق فيما يتعلق بمنح المرأة والرجل نفس الحقوق على قدم المساواة في عقد الزواج وفي أثنائه وعند فسخه، وكذلك في القوامة والولاية على الأبناء ( وذلك يتعارض مع قاعدة ولي الزوجة عند عقد الزواج) ومع المهر وقوامة الرجل على المرأة في الأسرة، وتعدد الزوجات ومنع زواج المسلمة بغير المسلم وأحكام الطلاق والعدة وعدة الوفاة وحضانة الأولاد.يقول مثنى الكردستاني(19):" ولا تختلف المسائل الواردة في اتفاقية سيداو كثيرا عن الواردة في مؤتمر السكان ولكنها تزيد عليه في بعض من الأمور الخطيرة منها:1. أنها اتفاقية دولية وأحكامها ملزمة تماما للدول التي تدخل فيها.2. وجود لجنة دائمة في الأمم المتحدة لمتابعة الاتفاقية وهذه اللجنة تستنفر مئات الخبراء والنا شطين الأنثويين ومئات المنظمات الأهلية لمتابعة الاتفاقية والضغط على الدول للتوقيع عليها وتنفيذ بنودها.3. ربط بنود الاتفاقية بكل مرافق الحياة وبكل مشاريع الدولة المختلفة السياسية، الاقتصادية، الجيش، البرلمان، مؤسسات القرار، التعليم، الصحة، التوظيف، التدريب، القانون... بحيث أن الدولة المنظمة لا بد أن تغير من دينها وثقافتها وأولويتها وبرامجها حتى تستجيب لمتطلبات الاتفاقية.4. إلزام الدول بالعمل على إزاحة كل العقبات الثقافية الفكرية والقانونية (159)التي تعترض تنفيذ الاتفاقية بما في ذلك الدين، الثقافة، الهوية الخاصة، بل وتطهير مناهج التعليم ووسائل الإعلام من كل أثر لذلك الدين وتلك الثقافة فيما يتعلق بمخالفتها للاتفاقية وقد طلب من الباكستان وليبيا أن يعيدا قراءة وتفسير القرآن ليتوافق مع الاتفاقية وهذا يعني أن الاتفاقية أصل وكل الأديان والثقافات فرع يقاس عليها، فإن خالفها أمر رفض وأزيح. وقد طلب من الصين أن تسمح بالدعارة وتوفر لها الحماية من الاستغلال والاتجار ومخاطر الأمراض وذلك باعتبارها من حقوق الإنسان.5. الاتفاقية مطاطية وفضفاضة بخلاف الاتفاقيات الدولية المعروفة وتحمل أوجه كثيرة من التفسير وربما أن هذا يغري البعض بالتوقيع عليها بحجة تفسيرها محليا، ومن كثرة مطاطية الاتفاقية فإن هناك بعض الإضافات جاءت بعد 19عاما من توقيع بعض الدول على الاتفاقية وفي هذا قالت (موالانا فريدة) القاضية بالمحكمة العليا بالخرطوم: " وقد يدخل لاحقا فيها حق الاستنساخ البشري للأطفال حتى تتفادى المرأة الإنجاب.6. وقد يكون هناك مخرج من التحفظ على البنود المخالفة لديننا كما تحفظت بعض الدول الإسلامية، وكثيرا من الدول غير الإسلامية أيضا على بنود متعددة من الاتفاقية، ولكن الاتفاقية تنص (المادة 28) على عدم جواز التحفظ على المواد التي تعتبر جوهر الاتفاقية، وهذا القيد المطلق يجعل التحفظات التي نحتاجها نحن المسلمين لاغية وباطلة،وسوف يطلب منا عاجلا أم آجلا سحب هذه التحفظات والتنازل عنها والانقياد للاتفاقية وتفسيراتها.
الاستنتاجات1. إن الاتفاقيات والوثائق الدولية الصادرة عن المؤتمرات الدولية تأثرت (160) بالفكر الأنثوي المتطرف إذ يستمد أفكاره من العلمانية القائمة على فصل الدين عن الدولة ، بل إن هذا الفكر الذي تتبناه الحركة النسوية ازداد تطرفا في أفكاره في فصل كل المطلقات الأخلاقية في سبيل الحرية المنفلتة التي تنسف كل المبادئ والقيم.2. إن هيئة الأمم المتحدة بكافة منظماتها ومؤسساتها تم تسخيرها لدعم الحركة النسوية الغربية التي تمثلت بالمؤتمرات والبرامج وورش العمل التي يتم عقدها عبر الجمعيات والمؤسسات الداعمة والمؤيدة لهذه الحركة في جميع أنحاء العالم .3. إن بعض الدول العربية والإسلامية قد وقعت على بعض الاتفاقيات مثل اتفاقية مكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة وتحفظت على بعض بنودها ولكن هذا التحفظ ليس له أهمية في تغيير بنود الاتفاقية .4. إن هذه الاتفاقيات والمواثيق الدولية تمثل تحديا خطيراً ومعاديا للأديان السماوية ، وبالرغم من هذه الخطورة فإن العالم العربي والإسلامي " في قضية المرأة" لازال عنده شح في فقه المرأة ويفتقر إلى دراسات علمية متخصصة تعالج المشكلات برؤية إسلامية حضارية عصرية عميقة شاملة، لازالت المعالجات لهذه القضية معالجات سطحية تتسم بردود الفعل.
التوصيات 1. مراجعة التراث الفكري الإسلامي القائم على العادات والتقاليد الموروثة الخاطئة وفرز الصحيح من الخاطئ خاصة فما يتعلق بإقصاء المرأة و تهميشها والعمل على تأهيل معرفي لقضايا معاصرة تتعلق بالمرأة . العمل على دراسة (161) أسباب تخلف المرأة المسلمة وأسباب بعدها عن دينها وما ينتج عن ذلك من مخاطر وتأخير في نهضة المرأة.2. العمل على تأسيس مراكز بحوث متخصصة تؤسس لعمل نسائي فكري وثقافي شامل يضع الخطط والبرامج يقوم على الإحصاءات والرصد وجمع المعلومات.3. العمل على تفعيل الروابط الإسلامية النسائية على مستوى العالم العربي والإسلامي عبر المؤتمرات والندوات لبلورة رأي وموقف موحد في مواجهة التحديات التي تواجه المرأة المسلمة.4. العمل على إنشاء قاعدة بيانات مركزية تخدم قضايا المرأة في العالم الإسلامي على أن تجدد دوريا مع تبادل الخبرات والمعلومات.5. مراقبة المؤسسات غير الحكومية المدعومة من الخارج والتي تعمل بأجندة الحركات النسوية الغربية والتي لا تتوافق مع ديننا وحضارتنا الإسلامية ورصد أنشطتها ونشرها والتصدي والرد عليها لبيان الحقيقة ودحض الأباطيل التي تروج ضد الدين بأسلوب حضاري علمي. هوامش: 1- يوسف القرضاوي: الإسلام والعلمانية وجها لوجه ط3، ص49. 2- رسالة ماجستير عفت الجعبري. 3- فهمي هويدي: المفترون خطاب التطرف العلماني في الميزان ط1، ص246. 4- عائشة عبد الرحمن: القرآن وقضايا الإنسان ط1، ص6. 5ـ ورقة عمل بعنوان(من وثائق الأمم المتحدة من الحرية والمساواة إلى التماثلية والشذوذ) إعداد صباح عبده هادي الخيشني، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، مجلة المجتمع الكويتية العدد.1343. 6ـ هبة رؤوف عزة: المرأة والعمل السياسي رؤية إسلامية ط1، ص50. 7ـ مثنى أمين الكردستاني:حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، دراسة نقدية إسلامية، تقديم محمد عمارة ط1، ص5 8ـ مثنى أمين الكردستاني: المرجع السابق. 9ـ كاثرين بالتمور: محاضرة في كلية القانون في جامعة بريجهام يونغ بالولايات المتحدة وقد شاركت بالعديد من اجتماعات الأمم المتحدة وتعرف فحوى الوثائق واتفاقيات مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وهي مديرة المركز العالمي لسياسات الأسرة بجامعة برحهام وهي أم لستة ولها حفيد واحد المرجع: ندوة العولمة وقوانين المرأة الدولية التي أشرف عليها مركز لينا للإنتاج في الخرطوم السودان فبراير 2000. 10ـ الكردستاني: المرجع السابق. 11ـ الكردستاني: المرجع السابق. 12 ـ ما بعد بكين : نشرة إخبارية تصدر عن مشروع اليونيفم العدد 3، 1998. 13 ـ آمنة فتنت مسيكة بر: واقع المرأة الحضاري في ظل الإسلام ط1،ص442. 14 ـ فهمي هويدى: جريدة القدس 13/12/1995م. 15 ـ عالية الكردي: الوثائق الدولية والتغيير في واقع الحياة الأسرية، مؤتمر اللاسرة المسلمة والتحديات المعاصرة 2005. 16 ـ عالية الكردي: نفس المرجع. 17 ـ كاثرين بالتمور: نفس المرجع. 18 ـ عالية الكردي: نفس المرجع. 19 ـ مثنى الكردستاني: نفس المرجع.

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية