مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

دور الازهر في حركة التقريب
بين المذاهب الاسلامية
أ. د. عبد المعطي محمد بيومي
باحث من مصر



  الاسلام - كما هو معروف - دين عالمي، وعقيدته عقيدة أممية تنشئ أمة واحدة مع الاعتراف بخصائص الشعوب الثقافية، الا أنها تصهر الشعوب في اطار واحد على أسس واحدة من العقيدة ومن الشعور بالوحدة والانتماء.
فأساسيات العقيدة الاسلامية لا تصادر التعددية لأن اطارها يحتوى كل خصائص الانسان وثقافات الشعوب ولا يجعل من هذه الخصائص الفردية أو الثقافات الشعبية أو العادات والتقاليد عوامل تفرقة.
واذا شئنا قلنا دون أن نعدو الحق: إن الاسلام يقدم نظاما يقوم على التعدد في اطار الوحدة أو التنوع في اطار العموم.
فنرى الله تعالى يقول: "ان هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاعبدون" (الانبياء: 92).
فالايمان بالوحدانية لله والنبوة الخاتمة بمحمد(ص) والايمان بالبعث والنشور في اليوم الآخر ايمان يتسع لمفهوم الأمة الواحدة، ولا يتعارض مع أي ثقافة تؤمن بهذه الأسس الوحدانية - الرسالة - اليوم الآخر، وتترك بعد ذلك للانسان وللشعوب في هذا الاطار أن تتمذهب بما تشاء دون حرج ودون خروج على مفهوم الأمة الواحدة. وهذه بدهية من بدهيات الاسلام، وامكانية كبرى من امكانيات التوحيد والعالمية للبشر والرسالة.
وقد عمل رسول الله(ص) على تأكيد هذه السمة وتركيزها في المجتمع الاسلامي بكل ما استطاع من وسائل الدعوة والبناء للأمة.
ولنأخذ من عمله (ص) مظهرين أساسيين في هذا المجال:
1- توحيده (ص) على أساس مفهوم الأمة في أول عمل له لاقامة الدولة الاسلامية في المدينة عن طريق:
- مؤاخاته أولا بين المهاجرين والأنصار، وازاحة الخلافات والنعرات القديمة بين الأوس والخزرج، وطرحه للعصبية الجاهلية التي كانت تفرق بينهم على أساس قبلي طائفي. وقال عن هذه العصبية الجاهلية "دعوها فانها منتنة".
- ادخاله عليه الصلاة والسلام في عقد الوحدة للأمة غير المسلمين في مفهوم الأمة الواحدة بالوثيقة التي أپرمها (ص) مع يهود المدينة وجعلم ضمن الأمة الواحدة مع احترام رغبتهم فيما يدينون وتركهم عليه.
أورد ابن هشام في كتابه "السيرة النبوية" قال:
قال ابن اسحق "كتب رسول الله (ص) كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم، واشترط عليهم".
ثم أورد نص الكتاب: فقال "بسم الله الرحمن الرحيم" هذا كتاب من محمد النبي(ص) بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، انهم أمة واحدة من دون الناس.
وجاء فيه "وان ذمة الله واحدة، يجير عليهم أدناهم، وان المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وانه من تبعنا من يهود فان له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم".
كما جاء فيه "وانكم مهما اختلفتم فيه من شيء فان مرده الى الله عز وجل، والى محمد (ص)، وان اليهود يتفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين، وان يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، الا من ظلم وأثم، فانه لا يوتغ (يهلك) الا نفسه وأهل بيته، وان ليهود بني النجار مثل ماليهود بني عوف، وان ليهود بني الحارث مثل ماليهود بني عوف ....
وراحت الوثيقة تعدد قبائل اليهود، وتعطيهم ما تعطي لبني عوف.
ولكن الذي يلاحظ في الوثيقة بعد ذلك تأكيده (ص) وتكراره على أن أي حدث أو اشتجار بين أهل الصحيفة سواء بين المسلمين بعضهم وبعض أو بين المسلمين واليهود أو بين اليهود واليهود ممن شملهم مفهوم الأمة الواحدة في هذا النص المبكر في تاريخ الاسلام يجب أن يعود فيه المشتجرون، حتى قبل فساد مابينهم ووصوله الى مرحلة يتعذر معها الاصلاح أن يريدوه، الى الله عزّوجل، والى محمد(ص) ، فيطرحوا خلافهم على القرآن والسنة فينزلوا جميعا على حكم الله فيما شجر بينهم. جاء في الوثيقة: "... وانه ماكان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فان مرده الى الله عزوجل، والى محمد رسول الله(ص) ، وان الله على أتقى مافي هذه الصحيفة وأبره"
ومضى المسلمون أمة واحدة على هدى هذه الوثيقة بعد هدى الله سبحانه في قوله: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" وقوله سبحانه "وما اختلفتم فيه من شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" وقوله تعالى: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله".
لعلنا نلاحظ تكرار القرآن الكريم وتأكيده على الرجوع الى الله ورسوله عند اشتجار المؤمنين واختلافهم في أي شيء والأخذ بما يقول الله ورسوله في موضع الخلاف الذي يتنازعون فيه.
لكن الأمور لم تمض على هذا النحو طويلا، فانصدعت الوحدة الاسلامية بدءا من عهد عثمان (رض) ومرورا بعهد على (ع)، وما تلا ذلك من عهود، تشعبت فيها الآراء وتشققت المذاهب، وذهب كل فريق مذهبا لا يلوي على الآخر، وعمد أصحاب المذاهب الى القرآن والسنة يطوعون آيات الله ويخضعون أحاديث رسوله الى مذاهبهم، ويضربون الكتاب بعضه ببعض، ويقتل بعضهم بعضا، مع نهي الرسول(ص) عن ذلك في آخر بيان عام له يوم حجة الوداع "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".
وكان المذهبان الكبيران اللذان برزا من هذا الخلاف هما مذهبا أهل السنة والشيعة، وقد جرت بين أتباعهما مقاتل كثيرة أضرت بهم جميعا، كما أضرت بمفهوم الأمة الواحدة، ومكنت لأعداء الاسلام والمسلمين الشيء الكثير في الماضي والحاضر خاصة بعد ما أنهكت الحروب والمقاتل الداخلية الأمة الاسلامية ومكنت لأعدائها المتوالين عبر التاريخ من التتار والصليبيين وحملات الاستعمار وهي جديرة في حال استمرارها أن تمكن من الأمة الاسلامية حملات التغريب المستمرة منذ قرون، وحملات العولمة ومايسمى بالنظام العالمي الجديد.
ومع أننا لا نريد بهذه المناسبة أن ننكئ الجراح القديمة؛ بأن نسرد بعض تفاصيل هذا الصراع المقيت، ولا أسسه المذهبية فاننا نريد أن نذكر هنا بالفضل والاشادة أن هذا الصراع المذهبي الدامي لم يخل من أناس كبار النفوس والقلوب وكبار العقول كان لهم من سماحة الصدر ورحابة الأفق وسعة العلم والحدب على الأمة حاولوا التوفيق في الخلاف والتقريب بين المسلمين، لترد الأمة ما اشتجرت فيه الى الله ورسوله، ولتتفرغ جهودها الضائعة في الخلاف فيما بينها الى التوحيد، والتركيز في مقاومة مايتحداها من خارجها، وهو أولى بالمقاومة وأجدر بتجميع الصفوف وتوحيد الجهود.
من هؤلاء السيد جمال الدين الأفغاني (الاسد آپادي) وتلميذه الامام محمد عبده.
فقد كان الرجلان أسرع من تنبها الى ضرورة توحيد الأمة في مقاومة الاستعمار بشتى أشكاله السياسية والثقافية والاجتماعية والعسكرية، وأن هذا التوحيد لن يتحقق الا بالاتفاق على الأصول العامة للاسلام ومبادئه الأساسية التي تحتفظ للمسلم باسلامه، و لا يضر بعد ذلك الخلاف فيما سواها، لتتوحد الأمة تحت راية الاسلام وتتعاون فيما بينها على صد المحالاوت الأجنبية التي تريد أن تستعبد المسلمين في ديارهم وتجتث أصول دينهم من قلوبهم لتتركها فراغا تملؤه بعد ذلك بما شاءت من أهواء وأفكار.
وقد كان جمال الدين يرى أن السياسة في الحقيقة، لا الدين، هي التي أذكت نار الخلاف بين السنة والشيعة "فالملوك من السنيين - كما قال - هوَّلوا وأعظموا أمر الشيعة لاستهواء العوام بأوهام غريبة وعزويات عجيبة على شيعة أهل البيت، ليتسنى له بذلك تحزيب الأحزاب، وتجييش الجيوش ليقتتل المسلمون بعضهم بعضا، بحجة الشيعة والسنة وجميعهم يؤمنون بالقرآن، وبرسالة محمد(ص)".
ولم يكن جمال الدين الأفغاني (الاسد آبادي) يرى مبرراً - في عصرنا للخلاف بين المسلمين من أجل الخلافة في عصور مضت بكل مافيها.
قال: "أما مسألة تفضيل الامام علي والانتصار له يوم قتال معاوية وخروجه عليه، فلو سلمنا أنه كان في ذلك اليوم مفيداً أًو ينتظر من ورائه نفع لاحقاق حق أو ازهاق باطل، فاليوم نرى أن بقاء هذه النعرة والتمسك بهذه القضية التي مضى أمرها وانقضى مع أمة قد خلت ليس فيها الا محض الضرر وتفكيك عرى الوحدة الاسلامية".
ثم قال: "لو أجمع أهل السنة اليوم، ووافقوا المفضلة من الشيعة من عرب وعجم وأقروا وسلموا بأن علياً بن أپي طالب، كان أولى بتولّي الخلافة قبل أپي بكر، فهل ترتقي بذلك العجم أو تتحسن حالة الشيعة؟ أو لو وافقت الشيعة أهل السنة بأن أبا بكر تولى الخلافة قبل الامام علي بحق ، فهل ينهض ذلك بالمسلمين السنيين وينشلهم مما وقعوا فيه اليوم من الذل والهوان وعدم حفظ الكيان.
أما آن للمسلمين أن ينتبهوا من هذه الغفلة؟ ومن هذا الموت قبل الفوت؟
يا قوم. وعزة الحق ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لا يرضى عن العجم ولا عن عموم أهل الشيعة، اذا هم قاتلوا أهل السنة أو افترقوا عنهم لمجرد تفضيله على أپي بكر ، وجميعهم لا يحسنون أمر دنياهم، والناس أبناء ما يحسنون.
وكذلك أبو بكر، فلا يرضيه أن تدافع أهل السنة عنه وأن تقاتل الشيعة لأجل تلك الأفضلية التي مر زمنها، والتي تخالف روح القرآن، الآمر أن يكونوا كالبنيان المرصوص".
ولابد هنا أن نسجل بكل حياد وإنصاف أن الأزهر كان له الدور الأكبر منذ وقت مبكر منذ بدء الحملات الفكرية الاستعمارية التي أرادت أن تلعب على وتر الفرقة بين المسلمين واستغلال الانقسامات المذهبية والوقيعة بين فصائل الأمة خاصة بين السنة والشيعة.
فبالرغم من أنه قام أصلا على دراسة المذهب الشيعي منذ انشأه الفاطميون في مصر، وتحولت مسيرته الى دراسة المذهب السني الا أنه في معظم عصوره لم يكن يلجأ الى تكفير المسلمين، الاّ المغالين الذين ينكرون نصوص القرآن أو يطعنون مباشرة في ثوابت الدين أو ينتقصون بالسب أو القذف أحدا من أنبياء الله ورسله أو صحابته المشهود لهم بالعدالة أو الولاية في القرآن الكريم .
 والذي يفحص منهج الأزهر عبر تاريخه الطويل في دراسته للعقائد يدرك بوضوح وجلاء أن هذه الدراسة تعتمد على عرض الأقوال والجدل بينها في أمانة وموضوعية في الأغلب الأعم، ويتدخل شيوخه تدخلا حاسما كل بقدره عندما تترامى سهام الألفاظ أحيانا في بعض الكتب التي ألفت في عصور تأثرت بالفتنة، أو نضحت عليها بعض آثار الانقسام.
ولقد انتج منهج الأزهر عبر تاريخه استعدادا وتهيؤا لدى أساتذته وطلابه ، لكلمة الحق في المذاهب الاعتقادية والفقهية على حد سواء طالما تجردت للحق وخلت من الغلو والتطرف وبرئت من الأطماع السياسية التي تعلو عليها عقائد الاسلام النقية التي هي فطرة الله التي خلق الناس عليها لأن تلك العقائد التي لا تقبل التطرف والشرك في الألوهية والتزييف في الربوبية كما لا تقبل المادية البغيضة التي لا تعترف بالأديان وما تحتوي عليه من الألوهية والنبوة واليوم الآخر.
ولذلك لم يكن الأزهر بعيدا عن التقريب بين المذاهب الاسلامية بل كان يمارس التقريب في كل يوم في محاضرات أساتذته وشيوخه وتكوين عقول طلابه.
وما أن تلقف دعوة التقريب بين السنة والشيعة على يد مجموعة من كبار علمائهم مثل الشيخ محمد تقي القمي والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، حتى وجدت في أرض الأزهر نبتة صالحة أقبل عليها كبار علمائه، من الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر نفسه والشيخ على الخفيف والشيخ عبد العزيز عيسى والشيخ محمد المدني والشيخ محمد الغزالي والشيخ سيد سابق. وقد كانت جهودهم امتدادا لجهود الشيخ محمد عبده والشيخ محمد مصطفى المراغي والشيخ مصطفى عبد الرازق والشيخ عبد المجيد سليم وغيرهم.
وقد سارت مدرسة محمد عبده في الأزهر في ضوء هذه القواعد الأساسية التي أرساها فجعلت من الأزهر أكثر ترفعا وموضوعية في وزن وتقييم المذاهب الاسلامية .
ولقد كان للروح الجديدة التي بثها محمد عبده في الأزهر أثر في خلق تيار جديد أكثر اقداما على الاجتهاد والتجديد وادراك الظروف السياسية والاجتماعية الناشئة من الفرقة في الأمة الاسلامية.
وكانت فكرة الشيخ محمد عبده الأساسية في أن عقائد الاسلام الأساسية التوحيد والنبوة والايمان باليوم الآخر اذا وجدت لدى أحد من المسلمين فردا أو جماعة كان على الاسلام الصحيح والدين الحق ولا يضر بعد ذلك الخلاف في الفروع التي وراء الايمان بهذه الأصول.
فهو يقول عن التوحيد: "نصَّ الكتاب على ان دين الله في جميع الأزمان هو افراده بالربوبية ، والاستسلام له وحده بالعبودية، وطاعة فيما أمر به ونهى
عنه مما هو مصلحة للبشر... وأن هذا المعنى من الدين هو الأصل الذي يرجع اليه عند هبوب ريح التخالف، وهو الميزان الذي توزن به الأقوال عند التناصف وان اللجاج والمراء فراق مع الدين وبعد عن سنته، ومتى روعيت حكمته ولوحظ جانب العناية الالهية في الانعام على البشرية ذهب الخلاف وتراجعت القلوب الى هداها، وسار الكافة في مراشدهم اخوانا، بالحق مستمسكين ، وعلى نصرته متعاونين.
ويقول في النبوة: "بعد أن ثبتت نبوته عليه السلام بالدليل القاطع على ما بيّنا، وانه انما يخبر عن الله تعالى، فلا ريب أنه يجب تصديقه والايمان بما جاء به، ونعني بما جاء به ما صرح به في الكتاب العزيز وما تواتر به الخبر تواترا صحيحا مستوفيا للشرائط وهو : ما أخبر به جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب. عادة في أمر محسوس.
ومن ذلك أحوال مابعد الموت من بعث ونعيم في جنة وعذاب في نار وحساب على حسنات وسيئات وغير ذلك مما هو معروف ويجب أن يقتصر في الاعتقاد على ماهو صريح في الخبر.
ويقول: "من اعتقد بالكتاب العزيز، وبما فيه من الشراع العملية، وعسر عليه فهم الغيب على ماهي في ظاهر القول، وذهب بعقله الى تأويلها بحقائق يقوم له الدليل عليها مع الاعتقاد بحياة بعد الموت، وثواب وعقاب على الأعمال والعقائد بحيث لا ينقص تأويله شيئا من قيمة الوعد والوعيد ولا ينقص شيئا من بناء الشريعة في التكليف كان مؤمنا حقا .
ولقد تنبه لدور الأزهر وضرورة هذا الدور في نجاح حركة التقريب العلامة المصلح الشيخ محمد تقي القمي بعبقريته الفذة وأدرك أن هذه الحركة الاصلاحية لا تنمو نموها الطبيعي الا في تربة الأزهر حيث ينقلها الأزهر بدوره وبتأثيره المتعاظم الى أنحاء الاسلام الرحبة.
فما أن أسس هذه الدعوة مع زملائه في ايران الأئمة الحاج أغا حسين البروجردي ، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، والسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي حتى هاجر من ايران الى مصر واتصل بعلماء الأزهر.
وقد وصف الامام الأكبر الشيخ شلتوت عبقرية هذا الرجل في اختيار مصر والأزهر منطلقا لدعوة التقريب فقال:
"كنت أود لو كتب قصة التقريب أحد غير أخي الامام المصلح محمد تقي القمي ليستطيع أن يتحدث عن ذلك العالم المجاهد الذي لا يتحدث عن نفسه ولا عما لاقاه في سبيل دعوته، وهو أول من دعا الى هذه الدعوة وهاجر من أجلها الى هذا البلد، بلد الأزهر الشريف. فعاش معها والى جوارها منذ غرسها بذرة مرجوة على بركة الله، وظل يتعهدها بالسقي والرعاية بما آتاه الله من عبقرية واخلاص وعلم غزير وشخصية قوية ، وصبر على الغير، وثبات على صروف الدهر حتى رآها شجرة سامقة الأصول باسقة الفروع، تؤتي أكلها كل حين باذن ربها، ويستظل بظلها أئمة وعلماء ومفكرون في هذا البلد وفي غيره".
وكان الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر الأسبق قد مهد الأجواء لحركة التقريب بمهاجمته القوية للأهواء التي تفرق الأمة، فقد كان يقول: "يجب العمل على ازالة الفروق المذهبية، أو تضييق شقة الخلاف بينها ، فان الأمة في محنة من هذا التفرق ، ومن العصبية لهذه الفرق، ومعروف لدى العلماء ان الرجوع الى أسباب الخلاف ودراستها دراسة بعيدة عن التعصب يهدي الى الحق في أكثر الأوقات..".
ثم يقول: "أيها المسلمون: غضوا الطرف عن الفروق الطائفية والمذهبية ولا تجعلوا تلك الفروق سببا في الفرقة وسلاحا بين عدوكم يخرب به بيوتكم ولا تخشوا أحدا في اظهار شعائر الاسلام والانتصار له".
كما كان شيخ الأزهر الشيخ عبد المجيد سليم مقتنعا تماما بوجوب التقريب بين المذاهب الاسلامية "وأسهم بكل طاقاته المادية والروحية في انشاء جماعة التقريب ودعا الى تأييدها بقلمه ولسانه".
وقد أشاد الشيخ شلتوت رحمه لله بدور سلفيه الراحلين شيخي الأزهر السابقين الشيخ مصطفى عبد الرازق والشيخ عبد المجيد سليم فقال: "كنت أود لو أستطيع أن أبرز صورة الرجل السمح الذكي القلب العف اللسان رجل العلم والخلق المغفور له الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق، وصورة كصورة الرجل المؤمن القوي الضليع في مختلف علوم الاسلام، المحيط بمذاهب الفقه أصولا وفروعا، الذي كان يمثل الطود الشامخ في ثباته، والذي أفاد منه التقريب في فترة ترسيخ مبادئه أكبر الفائدة، المغفور له أستاذنا الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم رضي الله عنه وأرضاه".
وكان الشيخ شلتوت بعد ذلك أكبر دعم لحركة التقريب عن طريق اتخاذه موقفين أساسيين في دفع الحركة الى الامام وهما:
1- فتواه وهو شيخ للجامع الأزهر بجواز التعبد بمذهب الشيعة الامامية الاثنى عشرية لمن يرى صحة ذلك ونص هذه الفتوى:
"قيل لفضيلته: ان بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكي تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة الامامية ولا الشيعة الزيدية فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على اطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الامامية الاثنى عشرية مثلا؟
فأجاب فضيلته:
1- ان الاسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتباع مذهب معين بل نقول: ان لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا، والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة، ومن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل الى غيره - أي مذهب كان - ولا حرج عليه في شيء من ذلك.
2- أن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الامامية الاثنى عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة، فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات".
وقد بعث الشيخ شلتوت نص هذه الفتوى المهمة الى محمد تقي القمي ليسجلها ضمن وثائق دار التقريب، في خطاب نصه مايلي:
"السيد صاحب السماحة العلامة الجليل محمد تقي القمي
السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهب الاسلامية
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
أما بعد.. فيسرني أن أبعث الى سماحتكم بصورة موقع عليها بامضائي من الفتوى التي أصدرتها في شأن جواز التبعد بمذهب الشيعة الامامية، راجيا أن تحفظوها في سجلات دار التقريب بين المذاهب الاسلامية التي أسهمنا معكم في تأسيسها ووفقنا الله لتحقيق رسالتها.
والسلام عليكم ورحمة الله
2- الموقف الثاني: تقرير دراسة فقه المذاهب الاسلامية الشيعية مع المذاهب السنية في الأزهر وفي كلية الشريعة على وجه الخصوص.
وكانت فكرة الشيخ شلتوت أن يكون من بين ما تعني به كلية الشريعة في منهجها الجديد دراسة الفقه المقارن بين المذاهب الاسلامية على الأسس التالية:
أولا.. أن تكون الدراسة على مختلف المذاهب، لا فرق بين سنة وشيعة، ويعني بوجه خاص ببيان وجهة النظر الفقهية، حكما ودليلا، لكل من مذاهب السنة وهي الأربعة المعروفة والامامية الاثنا عشرية والزيدية.
ثانيا... يستخلص الحكم الذي يرشد اليه الدليل دون التفات الى كونه موافقا أو مخالفا لمذهب أو الطالب حتى تحقق الفائدة من المقارنة، وهي وضوح الرأي الراجح من الآراء المتعددة، وتبطل العصبيات المذهبية المذمومة.
وفي أصول الفقه يعنى بوجه خاص ببيان المواضع الأصولية التي وقع الاختلاف فيها بين المذاهب الستة السابقة الذكر، مع بيان أسباب الخلاف.
وفي علم مصطلح الحديث ورجاله تشمل الدراسة ما اصطلح عليه أهل السنة، وما اصطلح عليه الامامية والزيدية ، كما تشمل دراسة الرجال المشهورين، وأصحاب المسانيد ومسانيدهم، في كل من الفريقين.
هذا بالاضافة الى التوسع في هذه الدراسة تفصيلا في الدراسات العليا بكلية الشريعة.
والواقع أن الموقفين اللذين صدرا من الشيخ شلتوت كانا ترجمة وتطبيقا لبند من بنود العمل في جماعة التقريب حيث كانت تتضمن في لائحتها الأساسية المادة الثالثة العمل على أن تقوم الجامعات الاسلامية في جميع الأقطار بتدريس فقه المذاهب الاسلامية حتى تصبح جامعات اسلامية عامة، "بالاضافة الى نشر الكتب والرسائل، والدعوة بطريق الصحف والمناظرات والاذاعات، وتبادل النشرات مع الجماعات الدينية والثقافية في مختلف الهيئات الاسلامية .
وقد استقبل الشيخ محمد تقي القمي - شريك الشيخ شلتوت في انشاء دار التقريب - هذا العمل العلمي بالتقدير الشديد فنراه يقول في وصفها: "لم تكن الفكرة ارتجالية، بل كانت مبدأ نادت به الجماعة منذ نشأتها فلما قدر لرجل صالح مصلح من رجالها المجاهدين - له مركزه الديني الكبير - أن يجلس على كرسي مشيخة الأزهر كان من الطبيعي أن ينفذ ماعاهد الله عليه لخير الاسلام وصالح المسلمين".
ويقول: "ولقد زلزل هذا القرار كثيرا من الانتهازيين وقضى على آمال كثير من المتربصين، ولكن التاريخ لا يخدع، وقد سجل هذه الخطوة كحدث هام في تاريخ الاسلام والمسلمين، لم يكن سُجل مثله منذ بدأ الخلاف بين الطائفتين الى اليوم".
كما علق الشيخ القمي على اقتران هذه الخطوة العلمية في الأزهر بفتوى الشيخ شلتوت بجواز التعبد بمذهب الشيعة الامامية بأن هذه الفتوى كانت ثمرة يانعة من ثمار التقريب، صدرت من رجل عظيم ذي مركز خطير في الاسلام اعتنق الفكرة من أول يوم وأيدها بقلمه وعلمه ومشكور سعيه في كل مناسبة".
ولم يكن موقف الشيخ شلتوت من حركة التقريب فورة عاطفية أو مجاملة لصديقه الشيخ القمي أو صديقه الآخر الشيخ البروجردي، وانما كان موقفا عقليا نابعا من اقتناعه الذاتي لضرورة التقريب بين المسلمين وكان - على حد ماقال بالحرف - منهجا قويما وايمانا راسخا تجلى في تفسيره للقرآن الكريم الذي استمر ينشره في مجلة رسالة الاسلام التي تصدرها حركة التقريب.
قال: "لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم، وأسهمت منذ أول يوم في جماعتها وفي وجوه نشاط دارها بأمور كثيرة كان منها تلك الفصول المتتابعة في تفسير القرآن الكريم التي ظلت تنشرها مجلتها (رسالة الاسلام) قرابة أربعة عشر عاما، حتى اكتملت كتابا سويا، أعتقد أنه تضمن أعز أفكاري، وأخلد آثاري، وأعظم ما أرجو به ثواب ربي ، فان خير ما يحتسبه المؤمن عند الله هو ما ينفقه من الجهة الخالص في خدمة كتاب الله ".
وقد كانت الدعامة الأساسية التي يقوم عليها منهج الشيخ شلتوت في تفسيره هي: التحرر من التأثر بالعصبيات المذهبية على خلاف ما درج عليه أصحاب المذاهب من تحميل القرآن الكريم لمذاهبهم وتطويع الآيات القرآنية لتؤيد اتجاهاتهم.
قال الشيخ شلتوت: "حدثت بدعة الفرق والتطاحن المذهبي والتشاحن الطائفي وأخذ أرباب المذاهب وحاملو رايات الفرق المختلفة يتنافسون في العصبيات المذهبية والسياسية.
وامتدت أيديهم الى القرآن فأخذوا يوجهون العقول في فهمه وجهات تتفق وما يريدون" .
ويقودنا البحث بطبيعة الحال الى سر تفاعل الشيخ شلتوت وانعطافه بهذه الدرجة مع حركة التقريب وتأييده لها لعدة اسباب وعوامل:
1- ان الدعوة نفسها منبثقة من آية كريمة تُعد حركة التقريب هي أساس الحركة ومنهجها وثمراتها وهي قوله تعالى: "انما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون".
فالجملة الأولى من الآية الكريمة تقر حقيقة الأخوة الايمانية على سبيل الحصر "انما المؤمنون أخوة" وهي شبيهة في هذا الأسلوب - كما تقول مقدمة قصة التقريب - بقوله تعالى "انما الله اله واحد" فليس للمسلمين بعد هذا أن يرموا الى هدف يخالف هذا الهدف ، ولا أن يخرجوا من مقتضيات هذه الأخوة لأي سبب من الأسباب.
والجملة الثانية: تأمر باصلاح ذات البين أي بأن يدرأ المسلمون عن أنفسهم كل ما يفسر علاقة الأخوة التي قررها الله بينهم - وفي ذلك تحذير رسول الله(ص)، اذ يقول: "ان فساد ذات البين هي الحالقة".
والجملة الثالثة تأمر بأن يكون الاصلاح بين المسلمين في ظل من تقوى الله، فتحذر من اتباع الهوى والتواء القصد.
والجملة الرابعة: وهي جملة الختام يوجه الله فيها رجاءنا الى ثمرة هذه الدعوة فيقول "لعلكم ترحمون" لتحقق الرحمة للمسلمين وما الرحمة في هذا المقام الا تيسير اليسرى لمن استقام على الطريقة: المثلى.
2- ان العلاقة بين الفريقين السنة والشيعة سادها الكثير من الظلام الموحش الذي جعل كلا من الفريقين لا يرى أحدهما الآخر - كما يقول الشيخ القمي - الا شبحا تحوطه الظلمة.
والكتب المؤلفة من أبناء الفريقين كانت تحتشد بالطعن والتجريح على الآخر فكبرت الخلافات وسادت الشكوك حتى وصلت المصحف فقيل ان لدى الشيعة مصحفا يسمى مصحف فاطمة يختلف عن المصحف الذي يتداوله المسلمون ويقول الشيخ القمي "ومع ذلك لم يكلف أحدهم نفسه مأونة التقليب في نسخة من ملايين النسخ التي في متناول يده ، ولو أنهم فعلوا ذلك، لذهب الشك وحلت المشكلة، ولكنهم حكموا على الموجود المحسوس بماليس فيه اعتمادا على قول مؤلف مغرض مات قبل قرون".
3- جهود المستشرقين التي أكدتها السياسات الأجنبية في الطعن على الفريقين كليهما من كتب الآخر مما أعطى الفرقة الشرعية ومكن لخصوم الاسلام نفسه من المسلمين.
4- ثم ان هناك سببا يراه الشيخ القمي وهو ان الأسر التي حكمت باسم الخلافة الاسلامية قرونا طويلة (يشير الى الأمويين والعباسيين) كانت ترى في آل علي كرم الله وجهه المعارض الوحيد الخطير عليها، فكانت تسيء الى شيعة آل علي وتستخدم الأقلام والألسنة ضدهم حتى أوجدوا حول الشيعة كثيرا من الخلط وكثيرا من التشويش، وكان يمكن لاي مصلح يتصدى للدفاع عنهم أن يدرأ عن المسلمين شر التفرق، ولكن القوة بيد الخلفاء ومقاومة بعض الحكام من الجانب الآخر كلاهما سخر الأقلام والضمائر ضد كل محاولة من هذا القبيل وقضى عليها.
كل ذلك - قطعا - كان في ذهن الشيخ شلتوت باعتباره رجلا عالما أزهريا مفكرا مصلحا يستوعب القرآن وأهدافه وغاياته في رأپ الصدع بين المسلمين واعادتهم الى مفهوم الأمة الواحدة الذي طبقه رسول الله (ص).
5- على أنه كان في نهاية الأسباب وقمتها التي دفعت الشيخ شلتوت لمناصرة حركة التقريب، هي نفس المبادئ التي قامت عليها الحركة وكانت كفيلة بأن تغريه بالمشاركة في تأسيسها والعمل الدؤوب في دعمها ونشرها ونشر روحها بين المسلمين كافة.
يقول الشيخ القمي في تلخيص مبادئ هذه الحركة وكيف حددوا هذه المبادئ بوصفها خطة عمل وأنجح طريقة لتحقيق الغاية.
"هكذا بدأنا في التفكير في التقريب، ثم سلخنا بعد ذلك شهورا نبحث في سبيل العلاج ، فدرسنا الدعوات التي سبقتنا وأفدنا منها كثيرا، ودرسنا المشاكل الطائفية برمتها، والكتب المعتمدة عند كل فريق لنحدد الطوائف التي تتفق في الأصول الاسلامية، ودرسنا الخلافات الفرعية الفقهية ومبلغ ما وصلنا اليه، ثم حددنا أنجح طريقة للوصول بفكرتنا الى الأعماق.
وقد أدى بنا التفكير الى أن هذه الدعوة:
* يجب أن تقوم بها جماعة بدل أن يقوم بها فرد يتعرض لكثير من الأخطار.
* وأن تكون الدعوة الى التقريب بين أرباب المذاهب، لا الى جمع المسلمين على مذهب واحد فيبقى الشيعي شيعيا والسني سنيا.
* وان يسود بين الجميع مبدأ احترام الرأي الذي يؤيده الدليل.
* وأن تكون الجماعة ممثلة للمذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السنة ومذهبي الشيعة الامامية والزيدية، وأن يمثل كل مذهب علماء من ذوي الرأي والمكانة فيه.
* وأن تكون الجماعة بمعزل عن السياسة.
* وأن تكون محددة الأهداف.
* وأن يكون سعيها على أساس البحث والعلم كي تثبت أمام المعارضة وتكسب الأنصار عن سبيل الاقناع والاقتناع، ولكي تستطيع بسلاح العلم محاربة الأفكار الخرافية الطفيلية التي لا تعيش الا في ظل الأسرار والأجواء المظلمة، ولكي تتمكن في الوقت نفسه من مقاومة الطوائف والنحل التي ليست من الاسلام في شيء والتي يحسبها الشيعي سنية والسني شيعية، بينما هي في حقيقتها حرب على الاسلام.
* ولم تكن سنة التدرج تفارق الفكرة.
هكذا كانت فكرة التقريب التي شهدت ازدهارها في منتصف هذا القرن الهجري (في الستينيات من هذا القرن الميلادي) ودور الأزهر فيها بعامة ودور الشيخ شلتوت بخاصة وكان من نتائجها كما يقول الشيخ القمي:
- تبين بوضوح أن المسلمين لا يختلفون في كتابهم ولا في صلواتهم ولا في صومهم ولا في حجهم، بالاضافة الى اتفاقهم المطلق في أصول العقائد وأصول الدين والتوحيد والنبوة ، وليس يضيرهم أن يكون لبعضهم أصول مذهبية خاصة، كالولاية عند الشيعة الذي يرون أن عليا (ع) وأولاده أحق بها من غيرهم.
لقد قرأ السني عن الشيعة أبحاثهم واستنباطهم وأعجب بالكثير منها.
وقرأ الشيعي عن السنة أن أهل البيت مجمع بينهم على حبهم واكرامهم وان ماصدر عن بعض الظالمين لا يمثل رأي أهل السنة في أهل البيت.
وعرف أهل السنة أن الشيعة يعتبرون الغلاة نجسا ويحكمون بكفرهم ويحكمون بخروج أصحاب الحلول كذلك.
وأذن فشتان بين الشيعة على حقيقتها، والشيعة التي تصورها المتصورون، وشتان بين الناصبي الذي كان يناصب أهل البيت العداء، وأهل السنة الذين يرون في حب أهل البيت عبادة، ويصلون عليهم في تشهدهم "اللهم صلي على محمد وآل محمد.. وبارك على محمد وآل محمد.
وتبقى نتيجة أخرى من نتايج التقريب لم يكتب للشيخ القمي ولا للشيخ شلتوت أن يرياها، وهي أن أخلاف الشيخ شلتوت وتلاميذه الذين يمثلون امتداد الرائد العظيم الامام محمد عبده داعية التجديد للاسلام والتقريب بين المسلمين يملأون ساحات الأزهر وأروقته ويشغلون قمته. وهم على استعداد تام وتأهيل كامل ووعي متعاظم بالرسالة الكبرى للعودة بهذه الأمة الى الينابيع الأولى والوثائق الأساسية التي أوحاها الله الى رسوله(ص) ليعيدوا على أساسها تجديد الاسلام والتقريب بين المسلمين.

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية