مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية

مصادر التفسير القرآني
 من وجهة نظر المذاهب الإسلاميّة
 السيد محي الدين المشعل (1)

 مصادر التفسير، واختلاف المسلمين فيها:
المصدر التفسيري هو المرجع الذي يرجع إليه المفسر في عملية التفسير وقد وقع خلاف بين علماء المذاهب الإسلاميّة في الاعتماد عليها والنظر فيها، وعددها، فقد عقد جلال الدين السيوطي في كتابه القيم (الإتقان في علوم القرآن) فصلاً في أمهات مآخذ التفسير.
وقال الزركشي في البرهان: للناظر في القرآن لطلب التفسير مآخذ كثيرة أمهاتها أربعة:
الأول: النقل عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ: وهذا هو الطراز المعلم...".
الثاني: الأخذ بقول الصحابي فإن تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ.
الثالث: الأخذ بمطلق اللغة، فإن القرآن نزل بلسان عربي، وهذا قد ذكره جماعة ونص عليه أحمد في مواضع.
الرابع: التفسير بالمقتضى من معنى الكلام، والمقتضب من قوة الشرع، وهذا هو الذي دعا به النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لابن عباس، حيث قال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل" والذي عناه علي ـ عليه السلام ـ  بقوله إلاّ فهماً يؤتاه الرجل في القرآن (2).
فهذه أربعة مصادر ذكرها السيوطي، ونقل خلافا حولها سنتعرض له فيما بعد.
ومن المصادر التفسيرية الأساسية، والتي وقع الاتفاق عليها من قبل المسلمين كافة بمختلف مشاربهم، ومذاهبهم هو القرآن الكريم نفسه يقول ابن تيمية في ذلك:
"ذلك لأن القرآن هو أصدق الطرق في التفسير، ومن أراد أن يفسر القرآن فعليه أن يطلبه أولاً من القرآن"(3).
وهناك مصدر آخر وهو العقل، أو الرأي، وسوف نحاول بحثه بالتفصيل فيما يأتي.
والذي نستخلصه مما تقدم أن هناك مصدرين أساسيين للعملية التفسيرية:
أحدهما: المصدر النقلي: وهو يعتمد على:
القرآن الكريم.
السنة النبوية المطهرة.
أحاديث وروايات العترة الطاهرة من أهل البيت ـ عليهم السلام ـ.
أقوال الصحابة.
أقوال التابعين، وتابعيهم، ومن جاء بعدهم. اللغة العربية المستقرأة من أقوال العرب العارية، وإن كان بعضهم قد جعل اللغة العربية مصدراً مستقلاً عن النقل، وعن العقل، ولكن الأرجح أنها من النقل.
الثاني المصدر العقلي: وهو يعتمد على:
"الرأي مع مراعاة ضوابط ذكروها كشروط للمفسر".
"الرأي مع عدم مراعاة الضوابط المتقدمة"(4)
الإشارة والرمز مع عدم نفي المراد الظاهري.
الإشارة والرمز مع نفي المراد الظاهري(5). وبشكل كلي فكل مصدر تفسيري لا يندرج تحت النقل فهو من المصدر العقلي وإن تعددت أسماؤه أو أنحاؤه كالتفسير العلمي مثلاً.
أما القرآن الكريم:
فلا يتردد أحد من المسلمين على الإطلاق في مرجعيته، ومصدريته في اكثر الجوانب المعرفية فضلاً عن العملية التفسيرية، والروايات كثيرة في هذا المعنى، ومقدمات كتب التفسير شاهدة على ذلك، بل نفس التفاسير التي هي تطبيق عملي للعملية التفسيرية تتجلى فيها هذه المرجعية والمصدرية. رأي أهل البيت ـ عليهم السلام ـ  في مصدرية القرآن الكريم:
المنطلق في ذلك هو حديث الثقلين المتواتر الذي يرويه الفريقان، والذي يقرن بين الكتاب والعترة على نحو لا يمكن أن ينفك أحدهما عن الآخر، بل انهما سيردان على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ الحوض وهما كذلك ملتحمان مقترنان لا يفارق أحدهما الآخر مطلقاً، وهم قد أسسوا مرجعية القرآن
قال الإمام ـ عليه السلام ـ  في نهج البلاغة:
"وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا" وإنه ينطق بعضه ببعض، ويشهد
بعضه على بعض"(6) وكان الإمام ـ عليه السلام ـ  وأهل بيته يستخدمون آيات القرآن مرجعاً في عملية التفسير وهذا أكبر شاهد على مصدريته عندهم ـ عليهم السلام ـ .
فعن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ  في تفسيره لقوله تعالى:?صراط الّذين أنعمت عليهم?(7). قال: قولوا أهدنا صراط الّذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك، وطاعتك، لا بالمال، والصحة، فإنهم قد يكونون كفاراً أو فساقاً... وهم الّذين قال الله تعالى:
?ومن يطع الله والرسول فاؤلئك مع الّذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً? (النساء ـ 69) (8).
والروايات عن أهل البيت كثيرة في جعل القرآن مصدراً، ومرجعا للتفسير، كما وأنهم ـ عليهم السلام ـ  قد جعلوه مصدر لتصحيح ما يروى عنهم ـ عليهم السلام ـ  وعن جدهم ـ صلى الله عليه وآله ـ (9).
وقد اتبعهم الشيعة الأثناء عشرية في جعل القرآن مصدراً أساسياً، ورئيسياً في التفسير، فهذا شيخ الطائفة الشيخ أبو جعفر الطوسي (ره) (10). قد حفل تفسيره العظيم "التبيان" بجعل القرآن مصدراً أساسياً في التفسير.
وقد حفل التبيان بالمزيد من النماذج التفسيرية التي اعتمد فيها الشيخ الطوسي منهج تفسير القرآن بالقرآن ضمن تبنيه الاتجاه الأثري، والذي يشكل تفسير القرآن بالقرآن أحد دعائمه وقد أطل على المكتبة القرآنية بأقدم محاولة تفسيرية كاملة لدى الشيعة الإمامية، خصوصاً وأن صاحبها أحد أعلام التشيع ومؤسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف، والتي يمتد تاريخها إلى ما يقرب من ألف عام، حيث تخرج منها طوال عمرها المبارك كبار الفقهاء المجتهدين، ومشاهير العلماء، والكتاب والأدباء، والمحققين"(11).
كما أن العلامة السيد محمّد حسين الطباطبائي الذي يعد تفسيره من أروع المحاولات التفسيرية لدى الشيعة الإمامية في القرن العشرين قد اعتمد القرآن مصدراً أساسياً ومرجعاً رئيسياً في عملية التفسير اعتماداً على ما أسسهُ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأهل بيته الطاهرون في هذا المجال.
"ومن هنا كان لابد من الرجوع إلى القرآن واستنطاقه، وعلى هذا الأساس، ووفق هذه الرؤية بنى العلامة الطباطبائي منهجه التفسيري، فصار القرآن مرجعه، وآياته دليله، وعلى هذا النحو مضى في الميزان يفسر الآية بالآية ما وجد إلى ذلك سبيلاً"(12).
قال العلامة الطباطبائي في مقدمة تفسير الميزان.
"أن نفسر القرآن بالقرآن ونستوضح معنى الآية من نظيرتها بالتدبر المندوب إليه في نفس القرآن، ونشخص المصاديق، ونتعرفها بالخواص التي تعطيها الآيات، كما قال تعالى: ?ونزلنا عليك الكتاب نبيانا لكل شيء?(النحل: 89) وحاشا أن يكون القرآن تبيانا لكل شيء، ولا يكون تبياناً لنفسه(13).
وعلى كلّ حال فإن التأكيد من قبل النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، وأهل البيت ـ عليه السلام ـ  على التمسك بالكتاب والعترة جعل من الشيعة الإمامية متمسكين حقيقيين بالكتاب الكريم، الأمر الذي يؤكد مصدرية القرآن، ومرجعيته لديهم في عملية التفسير، وربما توجد بعض النظرات الشاذة في أن القرآن لا يمكن أن يكون مرجعاً لنفسه لحاجة كلّ أية في تفسيرها إلى رواية فهذه غير ملتفت إليها.رأي أهل السنة في ذلك:
قال الذهبي: وكانت مصادر الصحابة في التفسير:
القرآن الكريم: لما يشتمل عليه من الإيجاز والإطناب، والأجمال والتبيين،
والإطلاق، والتقييد، والعموم والخصوص"(14).
وقال الزركشي في البرهان في مسألة في أحسن طرق التفسير، أن يفسر القرآن بالقرآن:
"والقرآن يفسر بعضه بعضا"(15).
قال ابن كثير الدمشقي:
"فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير؟!
فالجواب: أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر... والغرض من ذلك أنك تطلب تفسير القرآن منه"(16).
وقال الذهبي عن ابن كثير:
وهو شديد العناية بهذا النوع من التفسير الذي يسمونه تفسير القرآن بالقرآن، وهذا الكتاب أكثر ما عرف من كتب التفسير سردا للآيات المتناسبة في المعنى الواحد.
"هذا وقد أجمع العلماء والمفسرون على أن أعظم، وأفضل ما يفسر به كتاب الله هو القرآن نفسه، باعتباره المصدر الأول للتفسير، وقد برزت فكرة تفسير القرآن بالقرآن في وقت مبكر من عمر الرسالة الإسلاميّة فبالإضافة إلى ما ورد في الكتاب العزيز من تفسير لبعض آياته، وبشكل جلي وواضح لدى عامة المسلمين، فضلاً عن علمائهم، فإن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ والصحابة من بعده كانوا قد مارسوا هذا اللون من التفسير، واستخدموه في معرفة معاني بعض الآيات القرآنية الكريمة"(17).
وبعد هذا فلسنا بحاجة إلى استعراض المصادر التفسيرية لدى فرق
المسلمين المختلفة في إثبات مصدرية القرآن الكريم، ومرجعيته في العملية التفسيرية بل لم يختلف أحد من المسلمين مطلقاً في هذه المرجعية الأمر الذي يكشف لنا أن القرآن الكريم هو المصدر المتفق عليه لدى جميع المسلمين. وأما السنة النبوية المطهرة:
فهي تمثل المصدر الثاني من المصادر النقلية للعملية التفسيرية، وقد وقع الخلاف بين العلماء فيها على أساس أنها مرويات عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قد اشتملت على السليم، والسقيم، والغث والسمين، ومنها ما هو صحيح، ومقبول، ومنها ما هو ضعيف ومردود.
قال السيوطي في الإتقان: "النقل عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، وهذا هو الطراز المعلم، لكن يجب الحذر من الضعيف منه والموضوع، فإنه كثير، ولهذا قال أحمد: ثلاث كتب لا أصل لها المغازي والملاحم والتفسير، قال المحققون من أصحابه: مراده أن الغالب أنّه  ليس لها أسانيد صحاح متصلة، وإلا فقد صح من ذلك كثير، كتفسير الظلم بالشرك في آية الأنعام، والحساب اليسير بالعرض، والقوة بالرمي في قوله ?وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة?.
قلت: الذي صح من ذلك قليل جداً، بل أصل المرفوع منه في غاية القلة"(18).
"وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلاّ بأن يسمع من الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ وذلك متعذر إلاّ في آيات قليلة(19).
وقال السيوطي في الإتقان:
"من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه من القرآن، فإن أعياه ذلك طلبه من السنة فإنها شارحة للقرآن ومفصحة له، وبذلك قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ إلاّ وأني أوتيت القرآن، ومثله معه" يعني السنة(20).
يقول ابن تيمية: "يجب أن يعلم أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بين لأصحابه كلّ ما في القرآن كما بين لهم ألفاظه"(21).
وقال ابن كثير في تفسيره:
"والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة"(22).
وعن حسان بن عطية، قال: كان جبريل ـ عليه السلام ـ  ينزل على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ، ويعلمه كما يعلمه القرآن".
ونقل عن أحمد بن حنبل قوله : السنة تفسر الكتاب وتبينه، والسنة عندنا آثار رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ والسنة تفسير القرآن، وهي دلائل القرآن.
"وقال عبد الرحمن بن مهدي: الرجل إلى الحديث أحوج منه إلى الأكل والشرب لأن الحديث يفسر القرآن".
"وليس الحديث إلاّ مفسراً للقرآن، وشارحاً لمراده".
"وقد جاء من قال لعمران بن الحصين: ما هذه الأحاديث التي تحدّثوناها، وتركتم القرآن، لا تحدثونا إلاّ بالقرآن.
فقال عمران في جوابه: أرأيت لو وكلت ـ أنت وأصحابك ـ إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، تقرأ في اثنتين؟
أرأيت لو وكلت ـ أنت وأصحابك ـ إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً والطواف بالصفا والمروة؟
"وقال ابن حزم: لما بينا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرايع، نظرنا فيه فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ، ووجدناه عزّوجلّ يقول فيه واصفاً لرسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : ?وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى? (النجم ـ 3 ـ 4) فصح لنا بذلك أن الوحي من الله عزّوجلّ إلى رسوله على قسمين:
أحدهما: وحي، متلو، مؤلف تأليفاً معجز النظام، وهو القرآن.
والثاني: وحي مروي، منقول غير مؤلف، ولا معجز النظام، ولا متلو، ولكنه مقروء هو الخبر الوارد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وهو المبين عن الله عزّوجلّ مراده.
"ولا تختلف السنة عن القرآن في الحجية، وقد أجمع على ذلك علماء الإسلام، وعقد أهل الحديث في كتبهم أبوابا تدل تراجمها على ذلك، فقد ترجم الخطيب البغدادي أول أبواب كتابه الكفاية بعنوان: "باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى، وحكم سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في وجوب العمل، ولزوم التكليف"(23).رأي الإمامية في طريق ثبوت التفسير بالسنة المطهرة:قال السيد أبو القاسم الخوئي في البيان:
"ولابد للمفسر من أن يتبع الظواهر التي يفهمها العربي الصحيح، فقد بينا لك حجية الظواهر أو يتبع ما حكم به العقل الفطري الصحيح، فأنه حجة من الداخل، كما أن النبي حجة من الخارج أو يتبع ما ثبت عن المعصومين ـ عليهم السلام ـ فإنهم المراجع في الدين، والذين أوصى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بوجوب التمسك بهم فقال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا"(24).
ولا شبهة في ثبوت قولهم ـ عليهم السلام ـ  إذا دل عليه طريق قطعي لا شك فيه"(25).
وقال الشيخ الطوسي (ره) في تفسيره التبيان:
"واعلم أن الرواية ظاهرة في أخبار أصحابنا بأن تفسير القرآن لا يجوز إلاّ
بالأثر الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وعن الأئمة ـ عليهم السلام ـ الّذين قولهم حجة كقول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ.
وقد روي عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ رواية لا يدفعها أحد، أنّه  قال: "إني مخلف فيكم الثقلين، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض) وهذا يدل على أنّه  موجود في كلّ عصر، لأنه لا يجوز أن يأمر بالتمسك بما لا نقدر على التمسك به، كما أن أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ومن يجب اتباع قوله حاصل في كلّ وقت"(26).
فالذي يظهر من هذه الكلمات أن أرقى طريق لنقل رواية رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في تفسير القرآن الكريم هو الواصل إلينا عن طريق العترة الطاهرة.رأي أهل السنة والجماعة في طريق ثبوت التفسير بالسنة النبوية المطهرة:
فإن الواضح من طرقهم كما في تفسير الطبري (ت 310 هـ) جامع البيان في تفسير القرآن أنّه  يكفي نقل تفسير النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بواسطة الصحابة، أو التابعين أو تابعيهم خصوصاً، وأن ابن تيمية يرى أن رسول الله ـصلى الله عليه وآله ـ قد بين للصحابة القرآن كله ألفاظه، ومعانيه"(27).
بل إن السيوطي في الدر المنثور قد حذف الأسانيد، وقال في مقدمة تفسيره: "فلما ألفت كتاب ترجمان القرآن، وهو التفسير المسند عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأصحابه رضي الله عنهم، وتم بحمد الله في مجلدات، فكان ما أوردته فيه من الآثار بأسانيد الكتب المخرج منها واردات، رأيت قصور أكثر الهمم عن تحصيله، ورغبتهم في الاقتصار على متون الأحاديث دون الإسناد وتطويله فلخصت منه هذا المختصر مقتصرا فيه على متن الأثر مصدراً بالعزو والتخريج إلى كلّ كتاب معتبر، وسميته الدر المنثور في التفسير بالمأثور"(28).
فيكفي بحسب ما يظهر من عبارة السيوطي أن تكون الرواية الناقلة لتفسير الكتاب العزيز منقولة في كتاب معتبر ليثبت كونها من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ.
وعلى كلّ حال فإن كثيرا من أهل السنة والجماعة عندما اعتبروا تفسير الصحابي بمنزلة المرفوع عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، فمن باب أولى أن نقل الصحابي لتفسير النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حجة بلا أشكال، بل حتّى التابعي عند بعضهم (29).
وإن خالف في ذلك البعض ـ كما ينقل السيوطي ـ فقال: "وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلاّ بأن يسمع من الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ، وذلك متعذر إلاّ في آيات قليلة (30). فكأنه يرى قلة الرواية الصحيحة في تفسير القرآن عنه ـ صلى الله عليه وآله ـ.
وكأن الزركشي يشترط صحة السنة فيقول: فالأول ـ أي الذي ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يبحث فيه عن صحة السند"(31).
وهذا بعض ما يتعلق بمصدرية السنة وطرق إثباتها لدى المذاهب الإسلاميّة. مصدرية أقوال الصحابة في عملية التفسير القرآني
"أما الصحابة فقد اختلف في حجية تفسيرهم، إلاّ أن تفسير الصحابي عند أهل السنة بمنزلة المرفوع إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ على رأي الحاكم في التفسير"(32).
وقد نازعه فيه ابن الصلاح، وغيره من المتأخرين بأن ذلك مخصوص بما فيه سبب النزول أو نحوه، بل لقد صرح الحاكم نفسه بذلك فقال: ومن الموقوفات تفسير الصحابة، وأما من يقول إن تفسير الصحابة مسند، فإنما يقوله فيما فيه سبب النزول"(33).
وتفسير القرآن بأقوال الصحابة هو الطريق الثالث لدى الأثريين بعد الكتاب والسنة، فإذا لم يجدوا التفسير فيهما رجعوا إلى أقوال الصحابة باعتبارهم أدرى في ذلك لما شاهدوه من تفسير القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم والعلم الصحيح على حد تعبير ابن تيمية(34).
وفعلا فإن بعض الصحابة وقفوا على أسباب النزول، وأدركوا قصة الآيات، وأجوائها وفي ذلك سبب لتفسيرهم الكثير من نصوص الكتاب العزيز لكونهم ممن عاش النزول القرآني، وعايشه، الأمر الذي حدا ببعض العلماء أن يقول بعدم جواز مخالفة أقوالهم باعتبارها روايات لا دخل للرأي فيها، وبهذا فإن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي له حكم المرفوع(35).
يقول صبحي الصالح: "أما صحابته الكرام فما كانوا يجرؤون على تفسير القرآن، وهو ـ عليه السلام ـ  بين أظهرهم يتحمل هذا العبء العظيم، ويؤديه حق الأداء، حتّى إذا لحق ـ عليه السلام ـ  بالرفيق إلاّ على لم يكن بد للصحابة العلماء بكتاب الله، الواقفين على أسراره، المهتدين بهدي النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ من أن يقوموا بقسطهم في بيان ما علموه، وتوضيح ما فهموه، والمفسرون من الصحابة كثيرون"(36).
"وكان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ إذا لم يجدوا التفسير في القرآن ولم يسمعون من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ رجعوا في ذلك إلى اجتهاداتهم، لأنهم عاينوا نزول القرآن، ولأنهم كانوا من خلص العرب، يعرفون عاداتهم، والألفاظ، ومعانيها، ومناحي العرب في كلامهم، ومعتمدين في ذلك على الشعر الذي هو ديوان العرب"(37).
وقال ابن كثير: "إذا لم نجد التفسير في القرآن، ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة: فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن، والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لاسيما علماؤهم، وكبراؤهم"(38).
وهذه الكلمات التي نقلناها، وإن عدت اجتهادات الصحابة تفسيرا عند عدم الحصول على تفسير للآية من القرآن أو من السنة لكنها مع ذلك لا تثبت أي حجة لأقوالهم بل تضع مناطات معينة لقبول أقوالهم، وربما توجد بعض العبارات لكبار الأئمة تناقش في اصل القبول.
فقد قال الزركشي: ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة، وفهم أهل اللسان فلا شك في اعتماده وإن فسره بما شاهد من الأسباب، والقرائن فلا شك فيه"(39).
ويقول مناع القطان: "وهناك روايات منسوبة إلى هؤلاء وغيرهم ـ يقصد الصحابة ـ في مواضيع متعددة من تفسير القرآن بالمأثور تتفاوت درجتها من حيث السند صحة وضعفا"(40).
ويقول أيضاً: "أما ما يكون ـ أي من تفسير الصحابي ـ للرأي فيه مجال فهو موقوف عليه ما دام لم يسنده إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ "(41).
وقد وقع الخلاف في قول الصحابي من حيث الحجية فذهب قوم إلى حجيته مطلقا، وقوم إلى حجية قول الخليفتين الأول والثاني، وغير ذلك من الأقوال التي عدها الغزالي في المستصفي باطلة بأجمعها حيث قال:
"إن من يجوز عليه الغلظ، والسهو، ولم تثبت عصمته عنه فلا حجة في
قولـه، فكيف يحتج بقولهم مع جواز الخطأ، وكيف تدعى عصمتهم من غير حجة متواترة، وكيف يتصور عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف ؟ وكيف يختلف المعصومان ؟ كيف وقد اتفقت الصحابة على جواز مخالفة الصحابة ! فلم ينكر أبو بكر وعمر على من خالفهما بالاجتهاد، بل أو جبوا في مسائل الاجتهاد على كلّ مجتهد أن يتبع اجتهاد نفسه"(42).
وإن كان السيوطي يحاول أن يبرر الخلاف بين الخلفاء في قضية التفسير بقوله: "إنه قد يرد عن الصحابة تفسيران في الآية الواحدة مختلفان، فيظن اختلافاً وليس باختلاف، وإنّما  كلّ تفسير على قراءة"(43).
"ومهما يكن من أمر فإن هذا المصدر عن الصحابة يجب أن يرصد بكثير من الحيطة والحذر، لما دس عن طريقهم في القرآن من قبل اليهود، والنصارى، وما كثر في ذلك من الإسرائيليات، (44). والانحرافات وما زور من الأحاديث التي وضعت في العصرين الأموي والعباسي ترويجاً لمبدأ، ودعماً لفكرة مما لم تصح نسبته، ولم يثبت صدوره"(45).
"ولقد كانت حاجة الصحابة إلى معرفة الأحكام تلجؤهم إلى الاستعانة بأهل الكتاب أحيانا ممن يثقون به أو يعتمدون حسن سيرته، فيسألون فيجاب بما لم ينزل به الله سلطانا ينحرف الكلم عن مواضعه، ولا يبلغ الحق نصابه، وقد حصل من هذا، وذلك خلط كبير وتضييع لكثير من الحقائق، وصدر قسم منها جهلا، والقسم الأخر عناداً، وتزويراً حتّى عادت المسألة ذات بالٍِ عند المسلمين، فتحرج قوم وتجوز آخرون حتّى نقل السيوطي إن ما نقل عن أهل الكتاب ككعب ووهب وقف عن تصديقه وتكذيبه لقوله "ص": "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم
ولا تكذبوهم"(46).
وعلى ذلك لابد أن يتعامل مع آراء الصحابة التفسيرية على أساس أنها اجتهادات يمكن النقاش فيها، ويمكن قبول ما توفر على الشروط الصحيحة للتفسير منها كأن يعتمد على تفسير القرآن بالقرآن، أو باللغة، أو بالعقل (الرأي) المقبول كما سيأتي البحث عنه ورد ما كان مفتقدا لذلك، خصوصا، وإننا نجد أن التفاسير المختلفة التي فيها تفسير للصحابة قد ملئت بكثير من أهواء أهل الكتاب كقصة الغرانيق، وزواج رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ من زينب بنت جحش، وغيرها كثير"(47). فلابد للمفسر المتعامل معها أن يكون محيطاً بأصول الدين، ومجريات كلام العرب من الحقيقة والمجاز، والتمثيل، والصفات المتعلقة بذات الله تعالى وغير ذلك من الآليات التي تضمن له سلامة تفسيره عند التعامل مع أي قول أو رأي في العملية التفسيرية.
وهنا لابد من التنويه إلى مسألة مهمة في الفرق بين كون المصدر التفسيري مصدراً للتفسير، وبين كونه حجة بالإضافة إلى مصدريته، فأقوال الصحابة كما قال الغزالي لا دليل على حجيتها، بل إن كلّ دليل أورده القوم على حجيتها فهو محل كلام وبحث (48). وهذا يعني أنها غير لازمة القبول كما هو الحاصل في تفسير رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ  وأهل بيته ـ عليه السلام ـ  فالتفسير عنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ  وعن أهل بيته ـ عليهم السلام ـ  لازم القبول، وإن كان في كثير من الأحيان لا تنحصر الآية الكريمة من حيث تفسيرها فيه، لأن تفاسيرهم ـ عليهم السلام ـ  أحيانا تشير إلى المصداق، وأما أقوال الصحابة فليست كذلك من حيث الحجية، ولكن هذا لا ينفي مصدريتها كأن يعتمد عليها المفسر أو يستعين بها في الفهم وفي العملية التفسيرية إذا توافرت
على مناطات الاعتبار من قبيل موافقته "لسيرة المتشرعة، وظواهر الكتاب والعقل السديد، ومصادر اللغة، وطبيعة الفهم الموضوعي"(49).
وما إلى ذلك.
مصدرية أقوال التابعين في تفسير القرآن الكريم:
قال ابن كثير في مقدمة تفسيره:
"إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر... وغيرهم من التابعين، وتابعيهم ومن بعدهم فتذكر أقوالهم في الآية، فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافاً فيحكيها أقوالاً، وليس كذلك فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمة أو بنظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في اكثر الأماكن فليتفطن اللبيب لذلك، والله الهادي.
وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون حجة في التفسير ؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا اجمعوا على الشيء  فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على قول بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك (50).
ثم قال الزركشي: وفي الرجوع إلى قول التابعي، روايتان عن أحمد، واختار ابن عقيل المنع، وحكوه عن شعبة، لكن عمل المفسرين على خلافه، فقد حكوا في كتبهم أقوالهم لأن غالبها تلقوها من الصحابة (51).
وتفسير القرآن بأقوال التابعين طريق رابع سلكه الأثريون عندما لم يجدوا
في الكتاب والسنة وأقوال الصحابة شيئاً فرجعوا في ذلك إلى أقوال التابعين"(52).
والعبارات في مصدرية قول التابعي كما في كتب علوم القرآن الكريم، وكما في مقدمات الموسوعات التفسيرية واحدة تشير إلى حالة من الخلاف بين العلماء في قبول أقوال التابعين من حيث الحجية، وعدمها، وفي الحقيقة أن البحث في أقوال التابعين أقل مؤنة من البحث في أقوال الصحابة، وبالتالي يجري عليها نفس ما يجري على أقوال الصحابة، خصوصاً وأن زمن تسرب الإسرائيليات بشكل واضح وجلي إلى تفاسير المسلمين هو في زمن التابعين، ومن جاء من بعدهم، فإذا اشتمل رأي التابعين على الشروط الموضوعية للتفسير فيؤخذ به، بل يعمل به، وإن لم يكن موافقا للحق والحقيقة فإن الظن لا يغني من الحق شيئاً. مصدرية اللغة العربية في العملية التفسيرية:
وبحسب الظاهر القوي جدا من خلال استقراء كلمات الأساطين في هذه المسألة أنّه  مما لا ريب فيه أن اللغة العربية الأصيلة المعلومة النقل عن العرب العاربة تعد مصدراً أساسياً في فهم القرآن، بل لأبد منها في فهمه، وإنّما  حصل الكلام بينهم في قول اللغوي الذي يستقري اللغة، ويضم إليها بعض اجتهاداته وهل أنّه  حجة أم لا ؟
والذي يكشف عن هذه المصدرية ويؤسس المنهج في تفسير القرآن تفسيراً لغوياً هو عمل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فقد أثر عنه أن فسر بعض الآيات تفسير لغويا، وكذلك أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ، والصحابة، والتابعين، وتابعيهم ومن جاء بعدهم، فلم يتردد أحد في جعل اللغة مصدراً، أو اتخاذها منهجاً في العملية التفسيرية كما فعل الراغب الأصفهاني وغيره.
قال السيوطي: الثالث ـ من مأخذ التفسير ـ الأخذ بمطلق اللغة، فإن القرآن نزل بلسان عربي، وهذا قد ذكره جماعة، ونص عليه أحمد في مواضع، لكن نقل الفضل بن زياد عنه أنّه  سئل عن القرآن يمثل له الرجل بيتاً من الشعر، قال ما يعجبني، فقيل ظاهره المنع، ولهذا قال بعضهم في جواز تفسيره القرآن بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد".
وقيل الكراهة تحمل على صرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة يدل عليها القليل من كلام العرب ولا يوجد غالباً إلاّ في الشعر ونحوه، ويكون المتبادر خلافها.
وروى البيهقي في الشعب عن مالك، قال: لا أوتي برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلاّ جعلته نكالاً"(53).
ومن الأمور الأولية والأساسية التي يحتاجها المفسر العلم التفصيلي باللغة العربية بمختلف علومها من صرف ونحو واشتقاق، وبيان ومعاني وبديع وغيرها الأمر الذي يكشف بوضوح عن ضرورة جعل اللغة مصدراً، لا البحث في مصدريتها وعدمه  فيجب على المفسر البدء بالعلوم اللفظية، وأول ما يجب البدء به منها تحقيق الألفاظ المفردة فيتكلم عليها من جهة اللغة ثم التصريف ثم الاشتقاق ثم يتكلم عليها بحسب التركيب، فيبدأ بالأعراب، ثم بما يتعلق بالمعاني، ثم البيان، ثم البديع، ثم يبين المعنى المراد، ثم الاستنباط، ثم الإشارات(54).مصدرية العقل في تفسير القرآن الكريم:
وهذا المصدر عليه خلاف كبير بين فرق المسلمين، وأساطين علمائهم، والذي يظهر أن منشأ هذا الخلاف هو عدم وضوح مدلول العقل، والخلط بينه
وبين الرأي وعدم وجود تحديد دقيق لهذه المصطلحات، ويضاف إلى ذلك كله وجود الروايات الكثيرة بل المتواترة في التحذير من تفسير القرآن بالرأي والمقبولة لدى جميع فرق المسلمين وإن وجهها أصحاب المنهج العقلي والفلسفي في التفسير بتوجيهات معينة.
والذي يمكن أن يخلص إليه الباحث في مجال البحث الموضوعي هو أن التفسير العقلي أو ما يصطلح عليه بتفسير القرآن بالرأي ينقسم إلى قسمين:
أحدهما مقبول والآخر مرفوض، وهو الذي تحذر منه الروايات، وتنهي عن تعاطيه، وإن كان بعض أرباب الفرق الإسلاميّة يجيزونه مطلقاً، والبعض الآخر يمنعه مطلقاً، ونحاول في هذا الاختصار أن نستعرض كلمات بعض أساطين المذاهب الإسلاميّة لنرى رأيهم في ذلك:
يقول شيخ الطائفة الإمامية أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي في مقدمة تفسيره التبيان:
"وأعلم أن الرواية ظاهرة في أخبار أصحابنا بأن تفسير القرآن لا يجوز إلاّ بالأثر الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، وعن الأئمة ـ عليهم السلام ـ الّذين قولهم حجة كقول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ، وأن القول فيه ـ في القرآن بالرأي لا يجوز ، وروي العامة ذلك عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إنه قال: "من فسر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ" وكره جماعة من التابعين، وفقهاء أهل المدينة القول في القرآن بالرأي: كسعيد بن المسيب وعبيدة السلماني، ونافع، ومحمد بن القاسم وسالم بن عبد الله، وغيرهم، وروي عن عائشة أنها قالت: لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يفسر القرآن إلاّ بعد أن يأتي به جبرائيل ـ عليه السلام ـ  (55).
وظاهر عبارته (ره) أنّه  يمنع مطلقاً عن التفسير بالرأي، وإن كان دقيقاً في التفريق بينه وبين الاستفادات العقلية إذ أنّه  يقول في مورد آخر:
"ولا يجوز لأحد أن يقلد أحداً منهم ـ أي المفسرين المتأخرين ـ بل ينبغي
أن يرجع إلى الأدلة الصحيحة أما العقلية أو الشرعية"(56).
وهذا يتضح منه أن العقل حجة لديه، بل لابد من جعله مناطاً في قبول تفسير ما أورده وقد قدمه في العبارة على الأدلة الشرعية.
وقال ابن كثير: فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام لما رواه محمّد بن جرير رحمه الله تعالى حيث قال: حدثنا محمّد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد...عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار"... وأن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ  قال: "من قال في القرآن برأيه فقد اخطأ ". و" من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ"(57).
وقال السيد الخوئي: أو يتبع ـ أي في التفسير ـ ما حكم به العقل الفطري الصحيح فإنه حجة من الداخل كما أن النبي حجة من الخارج"(58).
وقال الطبري في تفسير: "وهذه الأخبار شاهدة لنا على صحة ما قلنا، من أن ما كان من تأويل آي القرآن الذي لا يدرك علمه إلاّ بنص بيان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ  أو بنصبه الدلالة عليه، فغير جائز لأحد القول فيه برأيه، بل القائل في ذلك برأيه وإن أصاب الحق فيه، فمخطئ فيما كان من فعله بقوله فيه برأيه، لأن أصابته ليست إصابة موقن أنّه  محق، وإنما هي أصابه خارص وظان، والقائل في دين الله بالظن قائل على الله ما لا يعلم، وقد حرم الله جل ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: ?قل إنّما  حرم ربي الفواحش ما ظهر منها، وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً، وأن تقولوا على الله مالا تعلمون..? ـ الأعراف ـ 33"(59).
قال السيوطي في الإتقان: "ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي والاجتهاد
من غير أصل، قال تعالى: ?ولا تقف ما ليس لك به علم? (الإسراء ـ 36). وقال ?وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون? (البقرة 169)، وقال: ?لتبين للناس ما نزل إليهم? (النحل ـ 44)، فأضاف البيان إليه، وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : "من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ" أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"أخرجه أبو داود.
قال البيهقي في الحديث الأول: هذا الحديث إن صح، فإنما أراد ـ والله أعلم ـ الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه، وأما الذي يسنده برهان، فالقول به جائز.
وقال في المدخل: في هذا الحديث نظر، وإن صح فإنما أراد به ـ والله أعلم: فقد الطريق فسبيله أن يرجع في تفسير ألفاظه إلى أهل اللغة..." قال: وقد يكون المراد به: من قال فيه برأيه من غير معرفة منه بأصول العلم، وفروعه فتكون موافقته للصواب إن وافقه من حيث لا يعرف غير محمودة.
وقال الماوردي: قد حمل بعض المتورعة هذا الحديث على ظاهره، وامتنع من أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده، ولو صحبتها الشواهد، ولم يعارض شواهدها نص صريح، وهذا ـ والكلام للماوردي ـ: عدول عما تعبدنا بمعرفته من النظر في القرآن واستنباط الأحكام، كما قال تعالى: ?لعلمه الّذين يستنبطونه منهم? (آل عمران ـ 7).
ولو صح ما ذهب إليه لم يعلم شيء إلاّ بالاستنباط، ولما فهم الأكثرون من كتاب الله شيئاً وإن صح الحديث فتأويله أن من تكلم في القرآن بمجرد رأيه، ولم يعرج عل سوى لفظه، وأصاب الحق فقد أخطأ الطريق، وإصابته اتفاق، إذ الغرض أنّه  مجرد رأي لا شاهد له...".
وقال ابن الانباري في الحديث الأول: حمله بعض أهل العلم على أن الرأي معني به الهوى فمن قال في القرآن قولاً يوافق هواه، فلم يأخذه عن أئمة السلف، وأصاب فقد أخطأ لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله ولا يقف على مذاهب أهل الأثر والنقل فيه.
وقال في الحديث الثاني: له معنيان: أحدهما من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله تعالى، والآخر ـ وهو الأصح ـ من قال في القرآن قولاً يعلم أن الحق غيره فليتبوأ مقعده من النار(60).
وفي مباحث في علوم القرآن.
"أما التفسير بالرأي فقد اختلف العلماء حوله، فمن محرم له، ومن مجوز لكن اختلافهم يؤول في الحقيقة إلى أن المحرم منه هو الجزم بأن مراد الله كذا من غير برهان، أو محاولة تفسير الكتاب الكريم مع جهل المفسر بقواعد اللغة، وأصول الشرع، أو تأييد بعض الأهواء بآيات من القرآن زوراً وبهتاناً، أما إذا كانت الشروط المطلوبة متوافرة في المفسر فلا مانع من محاولته التفسير بالرأي، بل لعلنا لا نبعد إن قلنا: إن القرآن نفسه يدعو إلى هذا الاجتهاد في تدبر آياته وفق تعاليمه، قال تعالى: ?أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها? (محمّد ـ 22)، وقال: ?كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته، وليتذكر أولوا الألباب?(ص: 29) (61).
والخلاصة في المقام الذي يمكن أن يستفاد من كلمات العلماء فيما نقلناه عن السيوطي وغيره هو أن كلّ ما ليس بنقلي في مصادر التفسير فهو عقلي يدخل تحته كلّ أنواع التفسير بالرأي بل بالرمز، والإشارة، وبالباطن، والتفسير العلمي الذي يحاول الاستفادة من العلوم التجريبية وكذلك التفسير الفلسفي، وغير ذلك.
فإن كان المصدر في التفسير هو العقل مع مراعاة الضوابط التي ذكرت كشروط للمفسر وللتفسير فإنه من التفسير الجائز شريطة أن لا تكون نتائجه مخالفة لحقائق الشريعة (62) وذلك أنّه  "يعتمد" تحليل الآيات الواردة في المعارف على ضوء الأحكام العقلية القطعية الثابتة لدى العدلية (كالتحسين والتقبيح) العقليين وغيرها
مما يعترف به جميع العقلاء في العالم (63) وكذلك يعتمد النظر المجرد الذي يستعين بقواعد اللغة وأساليب البيان من غير أن يخالف تفسيراً عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، أو يتنافى مع أسباب النزول التي صحت طرق إثباتها وبالتالي فهو اعتماد النظر العقلي في آيات القرآن وألفاظه"(64).
وكما قال ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير: إن هذا النوع مما أجازه العلماء شريطة أن لا تعرض فيه بشاعة ولا استقباح مع ملاحظة الاعتماد على ما نقل عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ مما ينير السبيل للمفسر برأيه على أن يكون ذا معرفة واطلاع بقوانين اللغة وأساليبها، وبصيراً بقانون الشريعة حتّى ينزل كلام الله على المعروف من تشريعه"(65).
وإن كان المصدر في التفسير هو العقل مع عدم مراعاة الضوابط المتقدمة: فإنه قد عده العلماء من التفسير الحرام استناداً لرواية ابن عباس عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"(66).
وذلك لأن كثيراً من نتائج هذا التفسير تأتي مناقضة لحقائق الشريعة"(67) بل يعتمد هذا اللون من التفسير على الآراء المسبقة فإنه في غالب حالته يخضع الآيات للعقائد التي اعتنقها المفسر في مدرسته الكلامة كما في تفاسير المعتزلة والاشاعرة والباطنية والمتصوفة فإن لهؤلاء عقائد خاصة في مجالات مختلفة زعموها حقائق على ضوء الاستدلال"(68). فعملية التفسير هذه لا تخلو من حمل القرائن على الهوى بدل حمل الهوى على القرآن، وبالتالي تفتح مجالاً واسعاً لأن يقول كلّ في القرآن بما شاء ويطبقه على ما يشاء، وهذا ما حصل من قبل كثير من مفسري الفرق
الإسلاميّة، حيث أنهم طبقوا القرآن على أرائهم ولم يفسروا القرآن بحسب الأصول والضوابط الصحيحة للتفسير"(69).
وإن كان المصدر العقلي في التفسير يعتمد على الإشارة والرمز مع عدم نفي المراد الظاهري، فقد قال السيوطي عنه نقلاً عن التفتازاني في شرحه أنّه  قال سميت الملاحدة باطنية لا دعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها بل لها معان باطنية لا يعرفها إلاّ المعلم، وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية، قال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها، وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال الإيمان، ومحض العرفان"(70).
وإن كان المصدر العقلي في التفسير يعتمد على الإشارة والرمز مع نفي المراد الظاهري فهو من تفاسير الباطنية "الّذين خرجوا بافتراءاتهم على ظواهر الشريعة الحقة وأرادوا بتأويلاتهم هدم الشريعة القويمة"(71)، وقد قال عنهم الغزالي في كتاب فضائح الباطنية "لما عجزوا عن صرف الخلق عن القرآن والسنة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريق زخرفوها واستفادوا أبطال معاني الشرع، وكل ما ورد من الظواهر في التكاليف والحشر، والنشر والأمور الإلهية فكلها أمثلة ورموز إلى بواطن"(72).
"وعلى كلّ حال فإن التفسير بالرأي الذي يدخل تحته أكثر ما تقدم من التفسير بالعقل الذي أجمع الفريقان على منعه تبعاً للأثر المتظافر عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حيث قال: "اتقوا الحديث إلاّ ما علمتم، فمن كذب علي
متعمداً فليتبوا مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار"(73) يحتاج إلى حذر في التعامل معه، وعلى ضوء هذا الحديث المتفق عليه يجب على المفسر أن يتجرد عن الآراء المسبقة، ويوطن نفسه على قبول ما تفيده الآية وتدل عليه، ولا يخضع القرآن لعقيدته"(74).
ومن ثم فمن غير المعقول أن يهمل الإسلام العظيم دور العقل ـ على رغم تقديره العظيم له ـ في العملية التفسيرية ـ في الوقت الذي يؤسس الإسلام ورسول الإسلام وأهل بيته ـ عليهم السلام ـ الكثير من المعارف على ضوء العقل، فلابد لعلماء المسلمين جميعاً من البحث حول مصدرية العقل للعملية التفسيرية من خلال ما يلي.
أولاً: أن تستقرأ الروايات الواردة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ، وعن أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في هذا المجال الذي تنهى فيه عن تفسير القرآن بالرأي لتدرس من حيث السند والدلالة، والجهة، وظروف الصدور، وحالات التعارض بينها، ليتوصل إلى ما هو صحيح منها وأخذه وترك ما ليس بصحيح، ونبذه.
ثانياً: النظر في أقوال العلماء في هذا المجال، والمصدر الذي اعتمدوا عليه في إباحة التفسير بالرأي أو تحريمه، مع التفاسير والتأويلات المختلفة لتلك الروايات الواردة عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، ومحاولة دراستها دراسة مستوعبة للتعرف على مناشئها قبولاً ورفضاً.
ثالثاً: البحث حول قضية التأويل، وحدودها، والروايات التي استدل بها عليها، وروايات الباطن، والحد والمطلع للوصول إلى نتائج علمية، وموضوعية مقبولة.
فإذا تمكنا أن نحدد العقل، والرأي تحديداً دقيقاً جداً، ونفرق بين الرأي الجائز وبين الرأي الممنوع، وأن نتعرف على ماهية التأويل وهل أنّه  يعتمد العقل
مصدراً له أو اللغة بما تتحمله أو غير ذلك، فإننا نتمكن أن نقيم جميع المناهج في ذلك، والتي يعدها اكثر المفسرين من التفسير بالرأي كالتفسير العلمي، والباطني، والرمزي والإشاري، والفلسفي، والكلامي والعقيدي، وغيرها، فإن هذه المناهج أما أن يكون مصدرها الرأي الجائز فهي مقبولة، وإما أن يكون مصدرها الرأي الممنوع المعتمد على الذوق الخاص أو الهوى أو ما إلى ذلك فهي مرفوضة.___________________
1  ـ من علماء البحرين، متخصص في الدراسات القرآنية. 
2  ـ الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ـ ص 207 ـ طبعة إيران ـ منشورات الرضي، ويراجع أيضاً في ذلك كتاب البيان ـ الخوئي ـ وكذلك في مدارك التفسير ـ ص 421 ـ المطبعة العلمية ـ قم.
3  ـ مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ـ ص 32.
4  ـ الطباطبائي ومنهجه في تفسيره الميزان ـ علي الأوسي ـ ص 105.
5  ـ مجلة رسالة القرآن ـ العدد الأول ـ ص 17 المناهج التفسيرية ـ الشيخ جعفر السبحاني.
6  ـ  نهج البلاغة ـ صبحي الصالح ـ خطبة 18 ـ والخطبة رقم 123.
7  ـ الفاتحة ـ 7.
8  ـ الميزان ـ الطباطبائي ـ ج 1 ـ ص 29، وأنظر كذلك الميزان ـ ج 11 ـ 203، والدر المنثور ج 6 ص 40.
9  ـ راجع في ذلك مجلة رسالة القرآن ـ العدد التاسع ـ ج ص 113 ـ تحت عنوان: تفسير القرآن بالقرآن عند أهل البيت ـ عليهم السلام ـ للأستاذ خضير جعفر.
10  ـ انظر مقدمة تفسيره التبيان ـ تحقيق أحمد قصير العاملي.
11  ـ أنظر مجلة رسالة القرآن ـ العدد الثالث ـ ص 26 ـ تحت عنوان تفسير القرآن بالقرآن عند الشيخ الطوسي، الدكتور خضير جعفر.
12  ـ المصدر السابق ـ العدد الأول ـ ص 38 ـ ويراجع أيضاً كتاب على الأوسي: الطباطبائي ومنهجه في تفسيره الميزان وكذلك: كتاب الدكتور خضير جعفر: تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي.
13  ـ الميزان ـ ج 1 ص 11.
14  ـ التفسير والمفسرون ـ محمّد حسين الذهبي ـ ط: 2 ـ ج1 ص 37.
15  ـ البرهان ـ ح 2 ـ ص 175 ـ نقلا عن صبحي الصالح ـ مباحث في علوم القرآن ـ ص 299.
16  ـ تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير الدمشقي ـ مقدمة التفسير ص 4 ـ ط 1 دار المعرفة بيروت.
17  ـ انظر كتاب تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي ـ جعفر خضير ـ ص 66 ـ 94 تحت عنوان نشأة تفسير القرآن بالقرآن.
وانظر كذلك كتاب الطباطبائي، ومنهجه في تفسيره الميزان ـ علي الاوسي ص 125 وما بعدها تحت عنوان تفسير القرآن بالقرآن.
18  ـ الإتقان ـ ج 4 ـ ص 208.
19  ـ دراسات قرآنية ـ الصغير ـ ج 2 ص 57 عن الإتقان للسيوطي.
20  ـ الإتقان ح 4 ص 200.
21  ـ المصدر نفسه 4: 202.
22  ـ تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ ج 1 ـ المقدمة ـ ص 4.
23  ـ تدوين السنة الشريفة ـ بدايته المبكرة في عصر الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ ومصيره في عهود الخلفاء إلى نهاية القرن الأول ـ السيد محمّد رضا الحسيني الجلالي ـ ط 1 ـ دار الهادي ـ لبنان ص 347 وما بعدها.
24  ـ كنز العمال ـ باب الاعتصام بالكتاب والسنة ـ ج 1 ص 153 ـ 332 ـ طبعة دائرة المعارف العثمانية.
25  ـ البيان ـ الخوئي ـ ص 421 ـ تحت عنوان مدارك التفسير.
26  ـ مقدمة تفسير التبيان للشيخ الطوسي ـ ص 4.
27  ـ مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ـ ص 35.
28  ـ الدر المنثور ـ المقدمة ج1.
29  ـ الزركشي ـ البرهان ـ ج 2 ـ ص 157.
30  ـ السيوطي ـ الإتقان ـ ج 4 ـ ص 171.
31  ـ الزركشي ـ البرهان ـ ج 2 ـ ص 175.
32  ـ الزركشي ـ البرهان ـ ج 2 ـ ص 157.
33  ـ السيوطي ـ الإتقان ـ ج 4 ـ ص 181.
34  ـ مقدمة في تفسير القرآن لابن تيمية ص 32.
35  ـ تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي ـ د. خضير جعفر ـ ص 54، ينقله عن السيوطي في الإتقان.
36  ـ مباحث في علوم القرآن ـ د. صبحي الصالح ـ ص 289 ط: 5، بيروت: دار العلم للملايين.
37  ـ مقدمة تفسير القرآن العظيم لابن كثير، وهي مأخوذة من التفسير والمفسرون للذهبي ـ ص 16.
38  ـ تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ المقدمة ص 4 ـ ط: بيروت، دار المعرفة. 
39  ـ دراسات قرآنية ـ محمّد حسين علي الصغير ـ ج 2 ـ ص 58 نقلا عن البرهان للزركشي ـ ج2 ـ ص 137.
40  ـ مباحث في علوم القرآن ـ مناع القطان ـ ص 336.
41  ـ المصدر نفسه ـ ص 337.
42  ـ الأصول العامة للفقه المقارن ـ الحكيم ـ ص 440 ـ مؤسسة آل البيت للطباعة والنشر.
43  ـ دراسات قرآنية ـ محمّد حسين علي الصغير ـ ج 2 ـ ص 61 ـ نقلا عن الإتقان للسيوطي ـ ج 4 ـ ص 193.
44  ـ يراجع في ذلك الإسرائيليات في التفسير والحديث ـ الذهبي.
45  ـ دراسات قرآنية ـ الصغير ـ ج 2 ـ ص 61.
46  ـ المصدر نفسه.
47  ـ انظر كتاب الإسرائيليات في التفسير والحديث ص 20، وما بعدها و ص 119 وما بعدها في بيان التفاسير التي ملئت بالإسرائيليات ويراجع في ذلك أضواء على السنة المحمدية ـ محمود أبو رية ـ ص 125 ـ 126 ـ ص 172 ـ 173.
48  ـ الأصول العامة للفقه المقارن ـ الحكيم ـ ص 133 ـ وما بعدها بحث حول سنة الصحابي. 
49  ـ دراسات قرآنية ـ الصغير ـ ج 1 ـ ص 62.
50  ـ تفسير القرآن العظيم ـ الحافظ ابن كثير ـ المقدمة ص 5 ـ 6.
51  ـ الإتقان في علوم القرآن ـ السيوطي ـ ج 4 ـ ص 208 ـ منشورات بيدار ـ قم ـ إيران.
52  ـ تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي ـ خضير جعفر ـ ص 55 نقلا عن مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية.
53  ـ الإتقان في علوم القرآن ـ ج 4 ـ ص 209.
54  ـ الإتقان في علوم القرآن ـ ج 4 ـ ص 227.
55  ـ التبيان في تفسير القرآن ـ الشيخ الطوسي ـ تحقيق أحمد قصير العاملي ـ ص 4 من المقدمة ـ مكتب الأعلام الإسلامي.
56  ـ المصدر السابق ص 6.
57  ـ تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ المقدمة ص 6 ـ دار المعرفة ـ بيروت.
58  ـ البيان ـ السيد الخوئي ـ ص 422 ـ المطبعة العلمية ـ قم.
59  ـ تفسير الطبري ـ ص 78 ـ 79 ـ ج 1 ـ نقلاً عن مباحث في علوم القرآن ـ مناع القطان ـ ص 353.
60  ـ الإتقان ـ السيوطي ـ ج 4 ـ ص 210 ـ 212 نقلناها على رغم طولها لما فيها من تعدد الآراء والإفهام.
61  ـ مباحث في علوم القرآن ـ صبحي الصالح ـ ط: 5 ـ ص 292.
62  ـ الطباطبائي ومنهجه في تفسيره الميزان ـ د. على الأوسي ـ ص 105.
63  ـ رسالة القرآن ـ العدد الأول ـ ص 19 ـ تحت عنوان المناهج التفسيرية ـ الشيخ جعفر سبحاني.
64  ـ تفسير القرآن بالقرآن عن العلامة الطباطبائي ـ د. خضير جعفر ـ ص 55 ـ عن بحوث إسلامية للدكتور بلتاجى ص 70.
65  ـ البرهان ج 1 ـ ص 178.
66  ـ المصدر السابق ـ ص 56.
67  ـ الطباطبائي ومنهجه في تفسيره الميزان ـ د. علي الأوسي ـ ص 105.
68  ـ رسالة القرآن ـ العدد الأول ـ ص 23 ـ تحت عنوان المناهج التفسيرية ـ الشيخ جعفر سبحاني.
69  ـ تراجع مقدمة تفسير الميزان ـ العلامة الطباطبائي ـ ج1.
70  ـ الإتقان ـ السيوطي ـ ج 4 ـ ص 224.
71  ـ الطباطبائي ومنهجه ـ علي الاوسي ـ ص 109.
72  ـ نقلا عن فضائح الباطنية ـ تحقيق عبد الرحمن بدوى ـ ص 55.
73  ـ سنن الترمذي ـ أبواب التفسير ـ ج 2 ـ 157.
74  ـ رسالة القرآن ـ العدد الأول ـ ص 38 ـ تحت عنوان المناهج التفسيرية ـ الشيخ جعفر سبحاني. 
 

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية