مركز الصدرين للدراسات السياسية || المقالات السياسية

الولاية وأبعادها
دار الولاية


بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}.
يحدد الله تعالى في هذه الآية طبيعة العلاقة بين أهل الإيمان مطلقاً عليها مصطلح الولاية، ولفهم هذه العلاقة ومبرراتها وأبعادها نعود إلى كلمات الإمام الخامنئي (مد ظله العالي).
يقول سماحته « جاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليبني المجتمع المسلم وهو لإنجاز هذا الهدف يحتاج إلى جماعة متراصة متحدة يشد بعضها بعضاً، وتسير بخطى كاملة نحو تحقيق هدفها فكانت فاتحة أعمال الرسول لإيجاد مثل هذه الجماعة عن طريق تلاوة الآيات القرآنية والمواعظ الحسنة.. فكانت بداية أعمال الرسول تجميع المسلمين ليشكلوا الجماعة الأولى والصف الأول والجبهة التي تقابل جبهة الشرك .. وكان على المسلمين أن يكونوا كالفولاذ إذا أرادوا لجبهتهم أن تكون مستقلة عن الجاهلية.. وكان عليهم الارتباط القوي والاتصال المحكم حتى لا يستطيع أيُّ عاملٍ النفوذَ إلى جبهتهم ليفرق بينهم... لا بد لتلك الجماعة من الانسجام والاتصال والوحدة والانفصال عن سائر الجبهات الأخرى من أجل أن تبقى على أسس القوة والمتانة والثبات.
وهنالك أسس لهذه العلاقة الالتحامية ولهذه الجبهة المتميزة والتي شكلتها مجموعة من الأفراد ذوي الفكر الواحد، والطموح الواحد، والهدف الواحد، والواضعين خطاهم في طريق واحد، وقد أطلق القرآن الكريم على هذا النسيج الخاص من العلاقات.. مصطلح الولاية... فالولاية هي الاتصال والترابط والانسجام بين الأفراد, والقرآن يعتبر المؤمنين فيما بينهم أولياء.. والذين آمنوا وأخلصوا يشكلون في منطق القرآن جبهة واحدة » .
أبعاد الولاية
يقول الإمام الخامنئي (مد ظله العالي): « إن وجود الولي الذي كان يوصي بإنشاء علاقة الولاية بين أتباعه، وكان يربط بعضهم ببعض ويجعل بعضهم رحيماً ببعض، وكان يشكل ينبوع هذه العلاقة، ويشجع عليها ويحفظها قوية بين أفراد جبهته، وهذا بعد من أبعاد الولاية عند الشيعة ... إن ولاية الأمة الإسلامية وولاية تلك الجبهة السائرة والمجاهدين في سبيل الله تعني العلاقة المتفاعلة والمنسجمة والمتصلة بين أفراد هذه الأمة، وهذه الجبهة التي تظهر في العلاقات القلبية المشتركة والمتلائمة وفي الاستقلالية الكاملة عن باقي الجبهات التي تحمل فكراً وتسلك سلوكاً مضاداً وتعمل في سبيل إلغاء هذه الأمة ومصادرة وجودها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} أي لا تعتبروا أولئك منكم، ولا تحسبوهم من جبهتكم وصفكم وأعضاء جمعتكم وأمتكم، ولا تجعلوا عدو الله وعدوكم إلى جنبكم ومعكم، بل كونوا صفاً يقابله، وقِفوا في وجهه وعارضوه .
أما البعد الآخر للولاية فهو الارتباط المستحكم بين كل مسلم من المسلمين وفي كل الأحوال مع قلب الأمة الإسلامية، هذا الارتباط فضلاً عن كونه ارتباطاً فكرياً هو ارتباط عيني، فالإمام هو القدوة وهو المتبَّع في الأفكار والرؤى وهو المطاع في الجانب السلوكي والعملي، فولاية الإمام علي(عليه السلام) تعني أن يتبع الإنسان علياً بأفكاره وكذلك في سلوكه وعمله وتكون له علاقة قوية مع الإمام علي(عليه السلام) لا تقبل الانفصال، هذا هو معنى الولاية، وعلى ضوئه يتضح لنا فهم معنى الحديث القائل (ولاية علي بن أبي طالب حصني، فمن دخل حصني أمن عذابي) فهذا كلام دقيق عميق مفاده أن المسلمين وأبناء القرآن إذا تابعوا علياً في الجانب الفكري والسلوكي فسوف يأمنون من العذاب.. فالموالي للإمام علي (عليه السلام) هو الذي أحكم علاقته به بشكل غير قابل للانفصال فكراً وسلوكاً..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية