مركز الصدرين للدراسات السياسية || الدراسات السياسية

الحكومة في الاسلام
آية الله بهشتي
ترجمة: ناظم شيرواني


هدف الحكومة
لا تتبع حكومات العالم المختلفة هدفاً واحداً، وهذا الوضع كان قائماً منذ القدم، وإنْ دل على شيءٍ فانما يدل على وجود فوارق بين الحكومات.
وهذه الفوارق لها عوامل كثيرة، تنشأ من: العقائد الدينية، التقاليد القومية، النظم الاجتماعية، والمحيط الجغرافي، وعلى الاغلب من الغرائز والأهواء والأغراض الشخصية.
ومن هنا يمكن تقسيم هذه الفوارق والعوامل الى عدة أصناف، وسنركز في هذا البحث على صنف واحد منها يقسِّم الحكومة الى ثلاثة أنواع رئيسة:
1 ـ الحكومات التي لا تهدف سوى الى تلبية رغبات الحاكم والهيئة الحاكمة:
في هذا النوع من الحكومات، تتلخص الغاية من القوانين والقرارات والأجهزة الحكومية والنظم الاجتماعية، في تقوية أركان الحكومة وتوفير الرفاهية المادية والمعنوية للأشخاص الذين يديرون زمام الأُمور، في حين أن منهج المجتمع ونشاط الأجهزة الاجتماعية، يتحددان وفق رغبات الحكام.
مثلاً إذا كان الحُكام يفكرون في الاهتمام بالآخرين، وحل مشاكلهم، وإعمار البلاد، وتوفير الرفاهية للشعب، فان جميع الطاقات تحشد لهذا الغرض، وبذلك تزدهر البلاد، وتتحسن أوضاع الشعب.
أما إذا كانوا يفكرون بالتوسع وإشعال نار الحروب، فإن جميع الطاقات والإمكانات تُخصص للحرب والتسلح قبل أي شيءٍ آخر. وعندها يكون أسمى الفضائل متمثلاً بالبسالة والاقتتال، ويجب أن يتحول كل شيءٍ الى آلة حرب، حتى وإنْ تحولت البلاد الى خربة وتدهورت أوضاع الجماهير، إذ لابُد من مواصلة التضحية تلبيةً لأهواء الحكومة.
كما ويجب أنْ تتخلى الجماهير عن كلِ شيءٍ وتقاتل حتى النفس الأخير، لكي تلبي بعملها هذا رغبة الحكام في التوسع. وبهذه الوسيلة فقط دخل "جنكيز خان" و"تيمور لنك" التاريخ.
واذا كانت فلسفة الحُكام تقوم على الود والتأدب فقط، لأصبحت الفلسفة والآداب، محوراً لكافة النشاطات الاجتماعية، ويتم أحياناً الاهتمام بالفلسفة والغزل الى درجة يتم معها تجاهل الاحتياجات المادية والصناعية بصورة كلية، فيعاني المجتمع آنذاك من الفقر المادي، ويحرم حتى من أبسط الوسائل المعيشية.
وإذا كان الحُكام يتبعون الأهواء والشهوات، فيجب آنئذ أن تركع جميع الأشياء أمام بساط الشهوة. وفي تلك الحالة تمتلئ الكؤوس بالنبيذ ـ على الدوام ـ، ويزداد عدد الفاسقين والفاسقات. وقد يصرف الحاكم أو الحُكام كمية كبيرة من ثروات البلاد لكسب قلب فتاة ما، بل والتضحية بأراضي البلاد اذا ما تطلب الأمر! فتذهب الفضائل المعنوية والسجايا الأخلاقية للفرد والمجتمع ضحية أهواء الحُكام، وتتدرج الساقطات من النساء في المناصب الحكومية، وبالتالي يقدم الحكام الفاسقون على عقد اتفاقيات سياسية واقتصادية تضر بالبلاد والشعب.
وشعار هذا النوع من الحكومات هو:
"كلُ شيءٍ في خدمة الرغبات الشخصية للحكومة"، فليس مهماً ما اذا كانت السلطة بيد (نيرون) الذي كان يحكم روما، أو بيد الفيلسوف ماركسة أورل، الذي كان هو الآخر امبراطوراً لروما.
والشعار الآنف الذكر يشكل الى حد ما ميزة عامة للحكومات الفردية والطبقية، وتعتبر رغبات الحكومة (كالملك على سبيل المثال) ملاكاً لتقييم الأمور؛ فالشيء الذي يرغب فيه الملك يكون جيداً، وإلا كان سيئاً، حتى ان الشخص يكون جيداً ومعتبراً مادام يحظى برغبة الملك فيه، لكن إذا استاء الملك منه، يصبح سيئاً وقبيحاً، وبذلك تستطيع رغبة الملك أن تتلاعب بكل شيء، وحتى بالأخلاق والدين.
يقول "ميكافيلي": إن النهج الصحيح للحكم هو أن لا يتخوف الحاكم من أي شيءٍ من أجل المحافظة على سلطته وقدرته وتحقيق ما يصبو اليه.. يجب أن يرحم إذا تطلب الأمر، ويظلم ويضطهد ويقتل ويسلب ويؤسر ويحرق ويدمر ولا يبالي بالفضائل الأخلاقية والمعتقدات الدينية، ويفضل رغبته ومصلحته على الدين والأخلاق والعدل والقوانين والسنن الأخلاقية والمعتقدات الدينية في الحالات اللازمة. ولن تكون السنن الأخلاقية، والقوانين والعقائد الدينية معتبرة وقيمة ما لم تساعده على تنمية قدرته. وفي تلك الحالة فقط يجب أن يتم المحافظة عليها والسعي لنشرها. أما إذا أصبحت تلك الأمور سبباً لإضعاف قدرة الحاكم، فيجب القضاء عليها. ويجب عليه أن يدعم أقذر الممارسات وأقبح المفاسد الأخلاقية، وأرذل المذاهب لحفظ سلطته، إذ ان الحق بنظر الحكومة يتمثل بالشيء الذي يساعدها على البقاء، بينما الباطل هو الشيء الذي يحاول إضعافها!
2 ـ الحكومات التي يكون هدفها الرئيسي تحقيق رغبات الناس، وتسمى بالحكومات الوطنية:
وهذا النوع من الحكومات يتواجد في النقطة المقابلة للنوع الأول، حيث تفتقر مثل هذه الحكومات الى الأهداف، وعليها ان تطيع المجتمع؛ فإذا أراد المجتمع شيئاً سعت لتوفيره، وإذا رفض شيئاً حاولت هي الأخرى رفضها. على سبيل المثال إذا كان المجتمع يطالب بالمعنويات، لعملت الحكومة على توفيرها، واذا كان يطالب بالتطور المادي والصناعي والعلمي، لا تجهت نحو الصناعة والعلم. أما إذا كان يدعو للفساد واللهو والطرب، لقامت الحكومة وفق برنامج مدروس بتهيئة الأجواء الملائمة لهذه الأمور، مع فرض ضرائب كبيرة على الناس.
وفي هذا النوع من الحكومات، تتغير القوانين وحتى الدستور تبعاً لرغبة الناس، مع هذا الفارق، وهو أنها عندما تريد أن تغير الدستور فإنها تصرف وقتاً أكبر قياساً الى القوانين العادية.
وليس هنا أي مبدأ ثابت، فحتى الأخلاق والدين والتقاليد القومية والاجتماعية لا يمكن الاعتماد عليها بشكل دائم، بل ولا يمكن اعتبارها مطلقة وغير قابلة للتغيير، إذ ان وظيفة الحكومة الوطنية المحضة لا تتعدى تلبية الرغبات العامة، وعليها ان تقبل رأي الأكثرية الساحقة، حتى وإنْ كان مخالفاً للمصلحة العامة، فإما أنْ تعمل خلافاً لسياستها وبضرر الناس، أو أنْ تستقيل لتأتي حكومة أخرى وتقوم بهذا العمل. ومثل هذه الحكومات ترى أن الحق والباطل، والجيد والرديء، والجمال والقبح، والمصلحة وعدم المصلحة، لا تتمثل بسوى رغبة الأكثرية. فالحق حسب مفهومها هو ما تتفق عليه الأكثرية، بينما الباطل هو ما ترفضه تلك الأكثرية.
3 ـ الحكومات التي يكون هدفها الأساسي تأمين مصالح الناس:
وفي هذا النوع من الحكومات تشكل مراعاة المصلحة العامة مبدأ ثابتاً ومطلقاً وغير قابل للتغيير، حيث يجب مراعاة مصلحة الناس في حدود المصلحة، وعدم اتباع رأي الأكثرية حين يكون مخالفاً للمصلحة العامة.
وطبيعي أن أكثر المصالح العامة تتغير إذا ما تطلب المكان والزمان الى ذلك التغيير، كما أن رغبة الناس تقوم في بعض الأحيان بجعل عملٍ ما مصلحة، وآخر خلافاً للمصلحة، ومع ذلك تكون هناك مصالح مطلقة وغير قابلة للتغيير، وأن رأي الحكومة في مثل هذه الموارد يكون مطلقاً وغير قابل للتغيير.
المصلحة
هذه الكلمة شاملة ولها معنى واسع؛ فهناك مصلحة مادية، ومصلحة معنوية في حدود الأخلاق، ومصلحة معنوية في حدود الدين، ومصلحة مادية ومعنوية، ومصلحة أخلاقية ودينية، ومصلحة شخصية، أو مصلحة عدة أشخاص، أو طبقة معينة، أو شعب معين، أو شعوب قارة ما، أو قومية معينة، أو جميع القوميات والشعوب والقارات، وأيضاً مصلحة جيل معين أو عدة أجيال.
والحكومات من هذه الناحية تكون على أنواع، وأفضلها هي الحكومة التي تأخذ المصالح المادية والمعنوية والأخلاقية والدينية لجميع الأفراد والطبقات والشعوب والقوميات والأجيال بنظر الاعتبار.
ومن بين الحكومات التي تطرقنا اليها في القسم الأول من البحث[1]، فإن الحكومة الإلهية تدعي انتهاجها هذه السياسة؛ فهي تقول إنها تنظر نظرة شمولية الى جميع الأماكن والأشخاص والأمور. ويكون رئيس الحكومة فيها، أي النبي، ملماً بالمسائل الخارجية والقوانين الحكومية الى جانب تخصصه في الشؤون الدينية، ويعمل وفق ما يوحى اليه.
ويمكن مشاهدة نماذج كثيرة من هذه الإرشادات الإلهية، في سيرة الأنبياء، وفي الآيات القرآنية التي تتحدث عنهم.
لقد كان الرسول الأكرم (ص) في جميع الحالات… في الحرب أو الصلح، متمثلاً بالوحي.
فقبل معركة بدر نزل عليه (ص) وحي إلهي، بشره بالنصر[2]. وفي المجلس الحربي الذي شُكل بأمر من الرسول الأكرم (ص) على أثر تحرك جيش قريش من مكة نحو بئر بدر، فإن بعض المسلمين قالوا بأن القتال ضد قريش غير ضروري، لكن الرسول (ص)، رغم جميع الأخطار، ومن خلال الاتكاء على الوحي الإلهي، والإيمان بالنصر، كان مصمماً على القتال. وقد شعر بعض الصحابة برغبته (ص) في الحرب، ومن بين هؤلاء نهض مقداد، وقال ما معناه: اننا نؤمن بك، ونعتبرك صادقاً، ولا نكرر ما قاله بنو اسرائيل {… فاذْهبْ أنتَ وَرَبُكَ فَقاتِلا إنا ههُنا قاعِدُون}[3]… نحن نقول، اعمل بأوامر الله، وأننا سنقاتل معك.
ثم نهض سعد بن معاذ رئيس الأنصار، فقال ما معناه: فداك أبي وأمي… أننا نُؤمن بك، ونعتبرك صادقاً فيما تقوله لأنه من جانب الله، فأمرنا بما تشاء وخذ من أموالنا ما تريد. فارتاح الرسول الأكرم (ص) من أقوال مقداد وسعد، وتوجه مع المسلمين الى بدر، مفضلاً المصالح الإسلامية على وجهات نظر هذا وذاك.
ويكون هدف الحكومة الإلهية وأجهزتها السياسية والاجتماعية، متمثلاً بتحقيق السعادة للبشرية، ولن تكون لأغراض الحكام ومصالحهم الشخصية أية أصالة، حتى ان الوضع المعاشي لرئيس الحكومة وبقية المسؤولين يكون في حد تقتضيه المصالح العامة، بحيث لا تتباين معه حياة أي مسؤول في الحكومة مع حياة أي فرد عادي. كما أن مطالب الناس المادية لا تتعدى نطاق الحاجة، ويتم الحيلولة دون ظهور التفرقة والإفراط والتفريط حتى وإنْ كان الناس يرغبون فيها، حيث لا مطالب الأكثرية تكون لها أصالة في هذه الحكومة، ولا الأهواء والشهوات المادية.
ويكون ضمان المطالب المادية للناس في ظل الحكومات الإلهية، في حد بحيث لا يواجه لا الفرد ولا المجتمع ضغوطاً مادية وينحرفا نتيجة لذلك، كما لا تحشد جميع الطاقات في خدمة الأهواء والشهوات والابتعاد عن الكمال المعنوي. فالمجتمع في ظل هذه الحكومات لا يعاني من الفقر والمرض والجهل والشقاء والمصاعب، ولا يغرق بالمرة في الأمور المادية، بحيث تسيطر الشهوة على عقله فيتجه نحو الفساد، مبتعداً عن الفضائل المعنوية.
حكومة الأنبياء
{وما أرسَلْنا مِنْ رسُولٍ إلا لِيُطاع بِإذْن الله…}[4].
ان كلمة (الحكومة) لم ترد في الآيات والروايات وأقوال فقهاء ومتكلمي المسلمين، خاصة في المراحل الأولى من صدر الاسلام، بمعنى الحكم، غير ان كلمتي (الإمامة) و (الولاية) وردتا في المعنى المذكور.
واليوم، فإن المقصود من كلمة (الحكومة) أو (الحكم) هو القضاء والتحكيم، كما أن الحكم جاء مراراً في القرآن بمعنى القضاء.
والآية89 من سورة الأنعام تقول:
{أولئك الذينَ آتَيْناهُمُ الكتِابَ وَالْحُكْمَ والنُّبُوةَ…}.
كما جاء مثل هذا التعبير في موارد أخرى من القرآن الكريم. لكن ونظراً للموارد الأخرى التي استعملت فيها كلمة (الحكم)، فلا يمكن القول ان معنى هذه الكلمة هو غير القضاء، والحكم بين الحق والباطل. لكننا في بحثنا هذا استعملنا كلمة (الحكومة) بمعناها المتعارف عليه اليوم؛ أي الحكم وإدارة أمور المجتمع.
إن الأنبياء لم يبعثوا للتحكم بالمجتمع، إذ أنهم وقبل كل شيءٍ مرشدون ومرسلون من قبل الله، وأن الهدف الأساسي من بعثهم هو إرشاد الناس الى الصراط المستقيم.
انهم جاؤوا لحل الاختلافات في الآراء والعقائد حول الحق والحقيقة، وإراءة الحق للناس، وسوقهم الى الله، وجعلهم يؤمنون بالله ويوم الحساب، وحثهم على الأعمال الصالحة، وتبشيرهم بالثواب الإلهي، وتخويفهم من عذابه سبحانه وتعالى:
{كان الناسُ أمةً واحدة فَبَعَثَ اللهُ النبِيينَ مُبشرين وُمُنذِرين وأنْزل مَعَهُم الكتابَ بِالحق لِيَحْكُمَ بَيْنَ الناس فيما اختلفُوا فيهِ…}[5] {وما نُرْسلُ المُرسلينَ إلا مُبَشرينَ وَمُنذِرينَ…}[6] ونفهم من الآيات القرآنية التي وردت بخصوص النبوة وبعث الأنبياء، أن نهج الأنبياء هو أقرب الى نهج معلم فكري ومعنوي منه الى أي حاكم أو زعيم سياسي.
ومع ذلك، فإن اطاعة أوامر الأنبياء، تعتبر لازمة على جميع أفراد البشر:
{وما أرْسَلنا منْ رَسُولٍ إلا لِيُطاع بإِذنِ اللهِ…}[7].
وعلى هذا الأساس، فإن إطاعة الأنبياء تعتبر قانوناً إلهياً شُرّع للبشرية جمعاء، وأن تجاهل أوامر الأنبياء يعتبر معصية تترتب عليها عقوبات أخروية، سواء أكانت أوامره صادرة في مجال الشؤون الدينية، أو في مجال الشؤون الشخصية، أو في مجال الشؤون الاجتماعية، أو في مجال الشؤون القضائية، أو في مجال الشؤون السياسية، ولكن لا يصح القول ان جميع الأنبياء كانوا يحكمون.
ومن المسلم به أن أغلب الأنبياء كانوا يحكمون الى جانب امتيازهم بمقام النبوة، وأن الله جل وعلا قد منحهم هذين المقامين.
والحاكم في مثل هذا النوع من الحكومة، يكون متواضعاً، ويعيش بين الناس، ويتجنب الألقاب، ولا يرغب في أن يلقبوه بالأمير أو الملك.
داود (ع) نبي لبني اسرائيل وملك عليهم
بعد سنين من وفاة موسى (ع)، بدأ بنو اسرائيل نتيجة لتكبرهم وتجاهل الأحكام والسنن الإلهية، يعانون من الضعف والذل والهوان والتشتت والتشرد، حيث تغلب عليهم أعداؤهم، وأخرجوهم من ديارهم.
ولما شعر اليهود بالاستياء من تلك الأوضاع، ذهبوا الى نبي زمانهم، وطلبوا منه ان يحكم عليهم، ليلتفوا حوله ويطيعوا أوامره، ويقاتلوا مناوئيهم، ليستعيدوا بالتالي عزتهم ومكانتهم الأولى، وبعد أن حصل نبيهم على بعض الضمانات منهم، قال لهم بان الله عز وجل اختار طالوت ليكون ملكاً عليهم.
ولم يكن طالوت ملكاً أو أميراً أو غنياً، وكان من الصعب قبوله ملكاً، إلا أن الأزمة التي كان يعانيها بنو اسرائيل دعتهم لقبول طالوت.
وأعد طالوت جيشاً، وتوجه نحو الأعداء… وفي الطريق مر بنهر، ولكي يتأكد من صدق أقوال أفراد جيشه، طلب منهم أن لا يشربوا من ماء النهر سوى جرعة واحدة. فاستجاب له البعض، بينما امتنع البعض الآخر عن إطاعة أمره، حيث شربوا ما طالب لهم، ومع ذلك خاض طالوت حرباً ضد الأعداء، وتمكن أحد أفراده ـ وكان يُدعى داود ـ من قتل جالوت العدو وانتصر بنو اسرائيل. وبعد مدة جعل الله داود نبياً وحاكماً على هؤلاء القوم.

صفات حكومة الأنبياء
إن حكومة الأنبياء مهما كانت، فهي حكومة متواضعة وصادقة وتتميز عن الأنواع الأخرى من الحكومات، بالصفات التالية:
1 ـ إن مقام الحكومة تمنح للأنبياء من جانب الله:
{وما أرسلنا منْ رَسُولٍ إلا ليطاع بإذن الله…}[8].
إن الله كان لا يسلب مقام الحكومة من الأنبياء بعد ان يمنحه إياهم، ولا يلعب أي عامل دوراً في تفويض هذه السلطة الى الأنبياء ليكون قادراً على عزلهم.
2 ـ وفي الحكومات الأُخرى تكون إطاعة الناس للقوانين وأوامر الحكومة ناشئة من خوفهم من العقوبات التي قد تفرضها الحكومة عليهم، غير أن الناس في ظل حكومة الأنبياء يطيعون أوامر الحكومة انطلاقاً من ايمانهم الديني ورغبتهم في تحقيق السعادة لأنفسهم في الحياة الآخرة.
3 ـ إن رئيس الحكومة، أي النبي، يكون معصوماً ومنزهاً بنظر الناس، حيث لا يميل الى الأهواء، ولا يسلب حقوق الناس ولا يتقاعس في حفظه لحقوقهم، ولذلك يلتف الناس حول مثل هذه الحكومة، ويطيعون أوامرها.
4 ـ وبالتالي تهدف حكومة الأنبياء الى نشر الدعوة الإلهية والدينية، والسعي بكل ما لديها لتحقيق هذا الهدف.
[1] يرجى مراجعة العدد الثامن من مجلة التوحيد ـ ص84.
[2] الانفال الآية7.
[3] المائدة الآية24.
[4] النساء الآية64.
[5] البقرة الآية213.
[6] الأنعام الآية48، والكهف الآية56.
[7] النساء الآية64.
[8] النساء الآية64.

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية