شتم العلماء بين المفهوم و المصداق


سألني أحد طلبة الحوزة من الشيوخ المُعمَّمين عن بحثي في هذه الظاهرة - وأقصد ظاهرة شتم العلماء - فقال لي هل أنّ بحثك هذا في المفاهيم أم في المصاديق ؟؟ فقلت له بطبيعة الحال في المفاهيم فقال إذن لا تعارض بيننا ، وبحسب فهمي له أنه كان يتفق معي تمام الاتفاق على تبجيل وتعظيم واحترام العلماء كمفهوم ، أما في المصاديق فهنالك اختلاف فقد يَصدُق على أحد الأشخاص مفهوم العالم ويكون مصداقاً حقيقياً وواقعياً لذلك المفهوم وقد لا يصدق على أشخاص آخرين يتمثلون بزي العلماء ومظهرهم ويشغلون بعض مناصبهم ويتسلمون بعض مسؤولياتهم بطريقة وأخرى وبطبيعة الحال يُفهم من تساؤل هذا الشيخ المعمم أنه يجوّز لنفسهِ التجرؤ والتجاسر بالقول السوء على هؤلاء الأشخاص الذين لا يصدق عليهم مفهوم العلماء من وجهة نظرهِ وإن كان ظاهرهم يوحي بذلك والمجتمع يتعامل معهم على أساس ذلك وأجيبه على مستويين :
المستوى الأول : إذا كان المجتمع يتعامل مع هؤلاء الأشخاص على أساس أنهم جهات متشرعة وأن المجتمع مؤمن بهم كمصداق واقعي لمفهوم العلماء فإن أي تسقيط أو تهجم أو تجاسر على هؤلاء الأشخاص سواء بفعلٍ أو بقولٍ أو بايحاءٍ سيؤول في النهاية إلى تصدع في البنية الاجتماعية للمجتمع الذي ينقاد لهم على ذلك الأساس ولا يسمح بأي تعدي على رموزه الدينية سواء كانوا مراجعاً للتقليد أو نخباً من القيادات الإسلامية مما يؤدي إلى التعسكر والتكتل وخلق أجواء مشحونة بالبغضاء تسودهما الفوضى والمهاترات التي أبعد ما يكون عنها الدين ومذهب أمير المؤمنين(ع).
المستوى الثاني : إننا يجب أن نرتقي بالنفس الإنسانية إلى أسمى مقام ونحث الخطى في مجاهدة النفس الإمارة بالسوء ونسعى لبلوغ أعلى مراحل التكامل في طريق العروج إلى الله جل وعلا الذي يمثل الكمال اللامتناهي بحسب اصطلاح العارفين ويجب استنفار كل الطاقات للإقتراب والتأسي بالعترة الطاهرة من آل محمد(صلوات الله عليهم أجمعين) الذين يُمثلون خُلُق القرآن الكريم ولذلك أقول أنه وحتى في الموارد التي تجوز فيها الغيبة بحسب تعبير الفقهاء فإنه يجب الابتعاد عن ذلك لكي لا تنزلق النفس الأمارة بالسوء شيئاً فشيئاً وبالتدريج في هاوية الرذيلة.

 

              

 

الرئيسية