الاستراتيجية الأمريكية في العراق
الحلقة الثانية
كتابات - صلاح التكمه جي


حرب الخليج الأولى
بدأت الحرب العراقية الإيرانية: في أواخر عام 1980 ،و قرر صدام إلغاء معاهدة الجزائر في عام 1973 ، و إعلانه بالبدء في دخول القوات العراقية للأراضي الإيرانية و الشروع بحرب، استمرت حتى آب عام1988 ، دخلت العلاقات العراقية الأمريكية مرحلة جديدة بعد نشوب الحرب ،و أصبحت تلك العلاقات تأخذ درجة تطورها مع تطور الحرب، و تغيير ميزان القوى في ساحات المعارك ، ولكن أول لقاء دبلوماسي تم بتاريخ 20/10/1980 ،حيث اجتمع وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكي مع وزير خارجية العرق آنذاك سعدون حمادي ،وصرح الوزير الأمريكي ( بان بلاده ستبقى على اتصال مستمر بالعراقيين وشدّد في الأثناء على تصميم واشنطن في الدفاع عن الأصدقاء) (عن جريدة السياسة الكويتية بتاريخ 20/10/1980 ) و لكن رغم الاتصال المستمر بين الطرفين ألا أن العلاقات الرسمية لم تعود ألا بتاريخ في 26 /11 /1984 . وفي تشرين 1980 اشتركت لاول مرة الشركات الأمريكية و البريطانية في معرض بغداد الدولي و اصبح التعاون التجاري في ذروته عندما تغير ميزان القوى لصالح إيران في عام 1982 وذلك حين حصلت هزائم في الجيش العراقي ، حينها تم تطبيق نظرية (بريجسنكي ) مستشار الامن القومي الا وهي نظرية( انظمة الدفاعات الاقليمية) و التي هي عبارة عن اتفاقيات أمنية شاملة و تحالفات عسكرية إقليمية و أعداد قوات عسكرية للتدخل في الحالات الاضطرارية . وشهد شباط 1982 نشاط أمريكيا واضحا بالعلاقات مع العراق فقد زارها كل من وزير الدفاع الأمريكي (كاسبر واينبرغر) ووزير الخارجية السابق ( الكسندر هيغ) ورئيس لجنة العلاقات الخارجية للكونغرس الأمريكي( جارلس بيرس) . لكن اكثر مرحلة تطورت هي فيها العلاقات الامريكية العراقية هي في رئاسة ريغان و عندما تسلم ( رامسفيلد) وزارة الدفاع و كان يقول بان له الفضل في تطور العلاقات الأمريكية العراقية ،وقد نشر إبراهيم غرايبه في كتابه حرب أل بوش عن هذا الموضوع (وكان أكثر المسؤولين الأميركيين حماسا لنظام الحكم في العراق عام 1982 هو دونالد رمسفيلد الذي كان وزيرا للدفاع قبل أن يتولى الوزارة مرة أخرى في عهد بوش الابن، وقد سافر في مارس/ آذار 1983 إلى بغداد لترتيب تزويد العراق بالأسلحة الكيماوية والتجهيزات العسكرية المتطورة.وتطورت العلاقات الأميركية العراقية إيجابيا منذ عام 1982 حتى إن رمسفيلد قال في مقابلة صحفية مع شيكاغو تريبيون عام 1984 إن أكثر عمل يعتز به هو إعادة وتطوير العلاقات الأميركية العراقية.
وكشف الصحفي الأميركي بوب وودورد عام 1986 أن CIA قدمت عام 1984 للعراقيين معلومات استخبارية وصورا من الأقمار الصناعية ساعدت في تسديد عمليات القصف العراقي على إيران.وقد تدخل بوش نائب الرئيس ريغان عام 1984 لدى بنك إكسبورت إمبورت كي يمول مشروع خط أنابيب عراقي آمن للنفط يكون بديلا للخط الرئيس المهدد من إيران. وقد نفذ المشروع شركة بكتل التي كان يرأس مجلس إدارتها جورج بوش والذي عمل وزيرا للخارجية الأميركية منذ عام 1982، وكان البنك قد رفض في البداية تمويل المشروع لضخامة المبلغ (مليار دولار) ولضعف ضمانات التسديد.وقدمت الولايات المتحدة بين عام 1983 وعام 1990 قروضا لتمويل منتوجات زراعية موردة إلى العراق قيمتها خمسة مليارات دولار وبأسعار مدعومة من الدولة الأميركية وبكفالتها
و بالفعل بفضل هذه العلاقة استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تحفظ التوازن في الحرب العراقية الايرانية وتنهي تلك الحرب في 18 تموز 1988 بعد هدنة اقترحتها الأمم المتحدة و في 20 اب أعلن وقف إطلاق النار بشكل رسمي وحسب تقرير bbc (بلغت الخسائر 400 إلف قتيل750 الف شخص مصاب من الجانبين والخسائر الاقتصادية400 مليار دولار) أن الاستراتيجية الأمريكية على ضوء الحرب العراقية الإيرانية رسمت صورة جديدة للمنطقة الشرق الأوسط ساهمت بشكل كبير في الصراع للمراحل التالية مما مهد للدخول في مرحلة جديدة للاستراتيجية الأمريكية مع العراق و كان أهم ملامح تلك الصورة هي كالتالي:
1- تم و ضع حجر الأساس لنظرية بريجنسكي ( أنظمة الدفاعات الإقليمية) و التي ترتكز على توقيع تحالفات أمنية و عسكرية مع دول المنطقة. مع بوادر انتشار للقوات التدخل السريع في حسم التوترات بالمنطقة .
2- الدعم العسكري للعراق في حربه على ضوء الاستراتيجية الأمريكية في تلك المرحلة مكن بروز قوة عسكرية ضخمة للبلد من قوة بشرية و تقنيات عسكرية و خبرات و أسلحة استراتيجية مما اثر في التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل مما آثار الرعب في مراكز الدراسات الاستراتيجية و القريبة من اللوبي اليهودي الذي أطلق عليه في حينها بما يسمى (توازن الرعب).
3- التعاون وثيق للاستراتيجية العسكرية الأمريكية مع باكستان و المجاهدين في أفغانستان في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي و التمكن من هزيمته و انتصار المجاهدين الأفغان والعرب وبروز دولة طالبان في أفغانستان .
4- ولادة الحركات الإسلامية الجهادية في أفغانستان مثل حركة طالبان و حركة الأفغان العرب التي كونت بعد ذلك تشكيل القاعدة اصطلح عليها آنذاك( للجبهة العالمية لمحاربة الصهيونية .)
5- عودة المجاهدين العرب (الأفغان العرب) من أفغانستان و تحركهم في بناء قواعد لهم داخل أوطانهم و البدء بالعمل الجهادى ضد أنظمة المنطقة مثل مصر و الجزائر و غيرها من البلدان مما شكل ظهور البوادر الأولى في صراع تلك الحركات مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد ان كانت متحالفة معها في أفغانستان في حربهم ضد الاتحاد السوفيتي.
ولكي تتضح صورة فيما يسمى بتوازن الرعب للقوة العسكرية في العراق لابد من معرفة حقيقة تلك القدرة العسكرية العراقية و خرقها لتوازن الاستراتيجي بالمنطقة و التي موضح في الجدول أدناه :
مقارنة بعام 1980 1990
البيان  
التعداد العام /نسمة 12.470.000 17.800.000
القوات المسلحة/افراد 212 1 مليون
نفقات الدفاع/دينار 491.5 مليون 12.9 مليون
القوات البرية/افراد 180.000 950.000
القوات البحرية/افراد 4.000 5.000
القوات الجوية/افراد 28.000 40.000
الاحتياط / افراد 250.000 750.000
دبابات / قطع 1.700 5.500
عربة مدرعة / قطع 1.500 10.000
مدافع ميدان /قطع 3.500 8.000
قاذفات صاروخية /قطع - 500
مدافع مضادة للطائرات 1.200 3000
قطع بحرية/انواع 35 55
مقاتلات وقاذفات 277 600
هليوكوبتر  
صاروخ سكود بي 300 كلم 200
صاروخ الحسين كلم  
صاروخ العباس 850 كلم 40
المصدر: أزمة الخليج والعوامل الموضوعية غير المباشرة للدكتور سعيد أبو علي
 

الرئيسية  | مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي |  العودة للصفحة السابقة