الإستراتيجية الأمريكية في العراق
المرحلة العاشرة
مشروع الاحتلال الامريكي
كتابات - صلاح التكمه جي


التواجد الامريكي في العراق بعد الاحتلال، أخذ ابعاد عديدة عند البيت الابيض و الباحث الامريكي الاستراتيجي ، و نحاول في هذه المرحلة ان نسلط الضوء على اهم افكار الباحث الاستراتيجي الامريكية ، من خلال تصريحات الرئيس بوش و بعض المسؤولين الامريكين ، و بمتابعة تقريبية لتصريحات الابيض الامريكي خلال العام الاول من الاحتلال ،نلاحظ ان امور عديدة كانت مورد اهتمام الرئيس بوش و مساعديه و التي اهمها :
1- الوضع العسكري للقوات التحالف : الحلقة الاضعف و الحساسة عند القرار الاستراتيجي الامريكي هي حالة القوات الامريكية و التحالف في العراق و المخاطر التي تواجها سواء الامنية الامنها او الدعم المادي من قبل الكونغرس او الاسناد العسكري ، من تعبئة اقصى ما يجب من دول العالم للقوات الامريكية و ان اهم المشاكل التي واجهت قوات الامريكية هي كالتالي :
• المشاكل اللوجيستية و المادية :التكاليف المادية للقوات الامريكية و تقدر 4 مليارات دولار شهريا ةتعتبر هذه الكلفة عبا على صاحب القرار الامريكي حيث يقول السناتور الاميركية جوزيف «نحن نشكل 95 في المائة من القتلى، ونتحمل 95 في المائة من التكاليف، ونشكل ما يزيد على 90 في المائة من القوات»، مضيفاً ان «التكاليف صاعقة، ونحن نشهد تصاعداً مستمراً في عدد الضحايا الاميركيين، ونحتاج الى التوجه الى الامم المتحدة طلبا للمساعدة، ومن اجل عملية عسكرية تصادق عليها الأمم المتحدة وتكون تحت قيادة اميركية». وبوجود ما يقرب من 140 ألف جندي اميركي في العراق، تصل التكاليف العسكرية وحدها الى ما يقرب من أربعة مليارات دولار شهرياً حسب ما قاله مسؤولون في الادارة)( خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» 31/8/ 3 ) كان بوش قد وقع أخيرا على قرار من الكونغرس باعتماد ستين مليار دولار اضافية للقوات الاميركية في العراق، وعشرين مليار دولار لمشاريع اعادة اعمار العراق(واشنطن: «الشرق الأوسط»7/7/3) علما انه بلغت الخسائر الأمريكية لحد إعداد التقرير 509 قتيل
• الكثافة البشرية للقوات التحالف :يقدر عدد القوات الامريكية في العراق 123 جندي امريكي وفي تقرير لمؤسسة «راند» الاستشارية الاميركية انه لا بد من زيادة حجم القوات الاميركية في العراق ليصل الى نصف مليون جندي لضمان نجاح المساعي لاعادة الاعمار وحذر التقرير الذي حمل عنوان «الدور الاميركي في بناء الأمم: من المانيا الى العراق» العسكريين الاميركيين من أنهم «ربما لن يقدروا على تحمل احتلال العراق بإمكانياتهم الحالية ومع استمرار استهدافهم من قبل جماعات عراقية». لكن ادارة الرئيس بوش تبدو مقتنعة بأنها لن تحتاج الى قوات اضافية. ويؤكد دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي انه ما من حاجة لزيادة عدد القوات، بل ويدافع عن خفضه على الرغم من انه لا يرفض زيادة قوات الاحتياطي والمتطوعين والحرس الوطني التابعين لحكومات الولايات. (واشنطن: «الشرق الأوسط»7/7/3 )
• اشراك حلف الناتو و الامم المتحدة في دعم التواجد العسكري و حل مشكلة نقص القوات في العراق (اعترفت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش بأن التكاليف الباهظة للعملية، في الاطار البشري والمالي، هي من الضخامة بحيث لا يمكن للولايات المتحدة وحدها ان تتحملها.وحتى الوقت الحالي ظل «الدور الحيوي»، الذي وعد الرئيس بوش الأمم المتحدة به، محدوداً في اسهام هامشي. غير ان الحاجة الأميركية الحالية للقوات والأموال التي لا يمكن ان توفرها الا دول اخرى تحفز واشنطن على اعادة التفكير بواقعية في المشاركة الدولية.ان المهمة الاوسع التي يمكن تحديدها، بما في ذلك اشراف الأمم المتحدة على قوات متعددة في العراق تحت قيادة اميركية ـ وهو ترتيب قالت الادارة، للمرة الاولى، انها قد تكون مستعدة لقبوله ـ ان هذه المهمة مطروحة للتفاوض )( ( خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» 31/8/ 3 ) اما بالنسبة لمشاركة قوات حلف الناتو في العراق فقد صرح أحد كبار المسؤولين في ادارة الرئيس جورج بوش بأن «هناك رغبة» في تحويل المهمة الى حلف الناتو. وأضاف يقول: «اعتقد أن الرأي العام الأميركي سيكون سعيدا وهو يرى حلف الناتو يمد الينا يد المساعدة في العراق، فالأميركيون يؤمنون بالناتو وسيرون مشاركته في ادارة شؤون العراق أمرا ايجابيا جدا».و في مؤتمر صحافي عقده اواخر يونيو (حزيران) ان اللورد روبرتسون، السكرتير العام لحلف الناتو أبلغه أنهم «مستعدون للمشاركة ولكن أحدا لم يطلب منهم ذلك». وقال جنرال الجيش المتقاعد باري ماكفري، الذي قاد الفرقة 24 مشاة خلال حرب الخليج 1991 «هناك عوامل قلق واحباط اصبحت تفعل فعلها داخل الجيش. وبعد 12 شهرا سنكون كمن يمشي على منحدر صخري حاد. اننا لا نستطيع ان نحافظ على مستوى هذا الانتشار في قواتنا».«لوس أنجليس تايمز» و«واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط10/7/3)
• التهديد العسكرية و الامني للقوات الامريكية: ان اكبر معضلة تواجها القوات الامريكية هي استمرار العمليات العسكرية ضدها و اعتبر المسؤولين الامريكان ان الجهات التي تشكل خطر و تهديد امنيا و عسكريا للقواتها هي 1- رموز النظام السابق و قياداته ،2- الارهابين الاجانب ،و3- اضيف اخير ، جزء شيعي في المعادلة ،المتمثل في تيار مقتدى الصدر. فقد قال بوش في كلمته عن حالة الاتحاد التي القاها امام الكونغرس وهو يعرض برنامجه في حملة اعادة انتخابه لتولي فترة ثانية «اننا نتعامل مع هؤلاء المجرمين في العراق مثلما تعاملنا مع النظام الشرير لصدام حسين».و0 أنحى بوش بالمسؤولية في الهجمات التي تشن ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة على «فلول مؤيدي صدام الخطيرين.. الذين انضم اليهم ارهابيون اجانب». (الشرق الاوسط واشنطن ـ لندن: 22/1/4). وقد اشار الرئيس جورج بوش الى ذلك في خطابه الأسبوعي الإذاعي بتاريخ11/4/4 بالقول إن المعركة قد تستمر لعدة أسابيع. وقال الرئيس الأميركي «هذا الأسبوع في العراق واجهت قوات التحالف تحديات ونقلت القتال إلى ساحة العدو»، وأضاف «وأن إرادتنا الدفاعية ستستمر خلال الأسابيع المقبلة».وأعاد مسؤولون كبار في البنتاغون وضباط كبار التأكيد على انهم اتخذوا قرارا «بالمواجهة الاستباقية والحاق الهزيمة» بعناصر المليشيا الموالين لرجل الدين الشاب مقتدى الصدر الذين يقومون بتمرد في الجنوب العراقي. جريدة الشرق الاوسط * خدمة «نيويورك تايمز12/4 / 4
• الارهاق الجسدي و النفسي للقوات الامريكية : * نقل بعض كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) إلى مجلس الشيوخ اول من امس أن القوات الأميركية مرهقة وتعاني كثيرا وهي تحاول التوفيق بين متطلبات واجبات الأمن وإعادة الاعمار التي كلفها بها الرئيس جورج بوش . وقد أثار هذا الاعلان تمديد بقاء القوات الامريكيةفي العراق بتاريخ 10/9/3 قلق المشرعين والمسؤولين العسكريين من أن الاعتماد على الاحتياط ربما يؤدي إلى تدني الروح المعنوية. و قال السناتور بيل نيلسون، الديمقراطي من ولاية فلوريدا، وهو يتحدث عن قوات الاحتياط من ولايته: «إنهم يتعرضون لضغوط وصلت حد الانهيار».
• تخبط وزارة الدفاع و عدم وجود أستراتيجية عسكرية واضحة لها : تعرضت وزارة الدفاع الامريكي و التي تشرف على قوات التحالف في العراق الى انتقاد واسعة و خصوصا وزير الدفاع (رامسفيلد) بفشل خطة ادارة وزارة الدفاع للقوات التحالف و عدم وجود خطة استراتيجية لها وقال نيوت غينغريتش المتحدث السابق باسم مجلس النواب والمستشار غير الرسمي لرامسفيلد: «كان أعلى مستوى وصل إليه رامسفيلد حينما تحقق النصر بشكل سريع لكنه الآن يتمتع بهالة أقل قليلا من تلك الفترة». لكن السناتور الديمقراطي جاك ريد العضو في لجنة القوات المسلحة والذي كان ضابطا في الفرقة 82 المحمولة جوا طرح الامر بشكل أكثر حدة: «رامسفيلد انتهى». خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»; /11/9/3. وكان النائب ديفيد اوباي عن ولاية ويسكونسن والعضو الديمقراطي البارز في مجلس النواب طالب الاسبوع الماضي ان يستقيل رامسفيلد وبول وولفويتز نائب وزير الدفاع بسبب «سوء تقديرات خطيرة» اودت بحياة عدد من الجنود الاميركيين وعزل اميركا عن حلفائها واستنزاف الاموال. جريدة الشرق الاو سط 11/9/3 . وقد لقيت ملاحظات زيني، التي ادلى بها في آرلنغتون امام لقاء مشترك ضم المنتسبين الى «معهد البحرية الاميركية» و«جمعية مقاتلي المارينز»، وهما هيئتان تضمان ضباطا محترفين، حيث اعتبر الجنرال الاميركي المتقاعد انتوني زيني سياسة ادارة الرئيس جورج بوش مع عراق ما بعد الحرب، معتبرا انها تفتقد الى استراتيجية متماسكة وخطة جادة وللموارد المطلوبة. وتساءل زيني ايضا حول قرار ادارة بوش الذي اتخذ في يناير (كانون الثاني) الماضي بمنح وزارة الدفاع (البنتاغون) الإشراف على جهود ما بعد الحرب في العراق، قائلا: «لماذا تكون وزارة الدفاع هي هيئتنا الحكومية المسؤولة عن اعادة بناء العراق؟ انه لامر لا معنى له».كذلك انتقد (زيني ) ،ادارة بوش لعدم اعدادها خططاً مبكرة ولعدم بذلها جهودا قصوى من اجل الحصول على قرار للامم المتحدة، لمح العديد من دول العالم ان شرط مشاركتها المسبق مع قوات التحالف هو مساهمتها في عمليات حفظ السلام في العراق. وقال الجنرال المتقاعد: «لقد قمنا بالتأكيد بتجاوز الامم المتحدة. لماذا؟. لا اعرف. وها نحن الآن نعود اليها وننشد دعمها».* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» واشنطن: توماس ريكس6/9/3
ثانيا – أسلحة دمار الشامل :
 من المواضيع المهمة التي اخذت حيزا واسعا بعد احتلال العارق هو البحث عن اسلحة دمارالشامل في العراق و قد شكلت هذه المعضلة نقطة ارتكاز في بادئ الامر لشرعية الحرب ويلاحظ ان هذه المسالة تم التعامل معها ومواجهة نتائجها من قبل ادارة البيت الابيض بالشكل التالي :
• الفشل في البحث عن اسلحة دمار الشامل : عمدت الادارة الامريكية الى تشكيل لجنة برئاسة المستشار الخاص لوكالة المخابرات المركزية الاميركية سي آي إيه( ديفيد كاي )وكذلك ريتشارد كير وهو نائب سابق لمدير الوكالة. وأعتبر رئيس فريق المفتشين الاميركيين السابق ديفيد كاي قد اعلن خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الاميركي «تبين بنظري اننا اخطأنا جميعا على الارجح. وهذا الامر يبعث قلقا كبيرا»، معتبرا وبصفة شخصية ان لجنة مستقلة وحدها قادرة على تسليط الضوء على الاخطاء التي ارتكبتها اجهزة الاستخبارات) وقالت رايس مستشارة الامن القومي لشبكة «ان بي سي» التلفزيونية ان المخابرات بدأت بالفعل في اجراء تحقيق خاص بها وهو «نوع من التدقيق لمراجعة ما هو معروف أنه دخل بالفعل (للعراق) وما تم العثور عليه عندما ذهبوا الى هناك».
وتابعت قائلة ان الادارة ترغب في الحصول على كل الحقائق لتقارن بين ما كان يظن البيت الابيض أنه سيتم العثور عليه في العراق وما عثر عليه بالفعل. وأضافت «ليس هناك من يريد أن يعرف أفضل وأكثر عما عثرنا عليه عندما دخلنا العراق أكثر من هذا الرئيس (بوش) وادارته».وقالت انه مهما تكن النتيجة فان الادارة لن تغير موقفها بأنه كان يتعين رحيل صدام. وأضافت «التقدير سيظل كما هو.. هذا رجل خطير جدا في موقع خطير في العالم وأن الوقت حان لعمل شيء ما ازاء هذا التهديد». واشنطن: « جريدة الشرق الأوسط»30/12/4.
• تبرير الفشل في عدم ايجاد الاسلحة : قد ذكرت تبريرات كثيرة في عدم ايجاد اسلحة الدمار الشامل و لكن اهمها :
1. تدميرها من قبل النظام السابق فقد اعرب الرئيس الاميركي جورج بوش بتاريخ 21/7/3عن اعتقاده بان مواقع اسلحة الدمار الشامل العراقية تعرضت الى النهب في الايام الاخيرة لحكم صدام حسين. وقال بوش في كلمته الاذاعية الاسبوعية: «خلال اكثر من عقد من الزمن، قام صدام حسين بكل ما هو ممكن لاخفاء اسلحته عن العالم. ». وقد تكهنت دراسة استخباراتية أميركية سرية أعدت قبل ثلاثة اشهر من الحرب في العراق ديسمبر (كانون الأول) 2002 ان «تحديد برنامج اتسم بقواعد الانكار والتضليل ليس مهمة سهلة. ان غياب الأمن المديد وأعمال العنف والعصابات ما تزال الى حد كبير أسوأ حصيلة للحصول على ترسانة صدام من أسلحة الدمار الشامل». جون دياموند* 14/2/ 4 جريدة الشرق الاوسط
2. تهريبها الى منظمات ارهابية و دول الجوار : وقال الرئيس بوش في سينسناتي، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي2003.«يمكن أن يقرر العراق في أي يوم إعطاء الأسلحة البيولوجية أو الكيماوية لأية مجموعة إرهابية أو للإرهابيين كأفراد. وبالتالي فإن التحالف مع الإرهابيين يمكن أن يمكن العراق من الهجوم على أميركا دون أن يترك اية بصمات».كان بول بريمر، القائد المدني الأميركي في العراق، قد صرح بتاريخ 18/7/3في برنامج «مع الصحافة» في قناة إن بي سي، أنه يعتقد ان صدام حسين ما يزال حيا. كما صرح لوكالة فوكس نيوز، يوم الأحد، أن صدام قام بنقل الأسلحة ووضع الخطط لقيادة حرب عصابات، في حالة هزيمة قواته، كما هو متوقع، في الحرب ضد الولايات المتحدة واشنطن ـ لندن: «الشرق الاوسط» 20/7/3.
3. المعلومات الخاطئة المسربة من دوائر الاستخبارات الامريكية : اوعز بعض مسؤولي البيت الابيض ان سبب عدم ايجاد أسلحة الدمار الشامل يعود الى التسريبات الكاذبة من قبل عملاء الاستخبارات الامريكية و خصوصا من بعض افراد المعارضة العراقية و بعض التقارير الغير دقيقة لتقارير الاستخبارات وذكر ستيفان هادلي نائب مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس للمراسلين، انه تسلم مذكرتين من «سي. آي. ايه»، في اكتوبر (تشرين الاول)، تلقيان ظلالا من الشك على المزاعم القائلة ان العراق حاول الحصول على اليورانيوم من النيجر لاستخدامه في تطوير اسلحته الكيماوية. شعر البيت الابيض بوخزة قوية عندما اكتشف ان واحدة من حجج بوش لشن الحرب استندت على معلومات مشكوك فيها، ولذلك عمد الى اجراء تحقيق داخلي حول الكيفية التي اخترق فيها هذا الزعم المشبوه كل الحواجز ليصل حتى خطاب حالة الاتحاد؟ * خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط24/7/3 .
تلك كانت متابعة مختصرة لبعض افكار صاحب القرار الامريكي بعد سيطرته على العراق ، و نحتاج في المرحلة القادمة والاخيرة ، ان نعرض موجزا عن اهم الاهداف الاستراتيجية الامريكية في حربها للارهاب بالعراق .

الرئيسية  | مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي |  العودة للصفحة السابقة