مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 نظرة الغربيين للاسلام
جانب من الدراسات الغربية التي تناولت الاسلام


وفي 1705 نشر المستشرق البوتستاني هادريان ريلاند من أوتريشت كتابه "دين محمد" وفيه معلومات واسعة عن الاسلام. ومن الاحداث المهمة في ذلك العصر صدور ترجمة للقرآن باللغة الانكليزية وقد تولى هذه الترجمة العالم الانكليزي جورج سيل في عام 1734 وهذه الطبعة سرعان ما ترجمت ونشرت باللغات الالمانية والفرنسية والهولندية فكانت المصدر المهم المعول عليه في أوربا لمدة تناهز القرن لمعرفة القضايا التي عالجها القرآن. وقد نوه فيها العالم جورج سيل تمشياً مع روح عصر النهضة بكثير من فضائل الدين الاسلامي ولا سيما منها ما يتفق مع الدين المسيحي.
وفي فرنسا أوضح معجم المكتبة الشرقية لمؤلفه بارتيليمي دي هيربيلو عام 1697 أسساً لتفهم الاسلام بشكل أصوب وأجود. وفي 1720 نشر هنري دي بولونفيرس كتابه "سيرة حياة محمد" وفيه دفاع عن سيرة النبي ورد على المطاعن والانتقاصات السابقة من شخصيته موضحاً ان محمداً مبدع ديني عقلي يستحق التقدير حتى في الغرب.. ان هذا الكتاب صدر في لندن بعد وفاة المؤلف. وقد أثر هذا الكتاب في تفكير فولتير اذ ألف كتابه (بحث في العادات) سنة 1765 فمدح به الاسلام وأشاد بمحمد وبالقرآن وقد نعت محمداً بأنه مع كونفوشيوس وزرادشت أعظم مشرعي العالم. ومن الجدير بالتنويه في هذا الصدد ان كتاب فولتير هذا يعكس تبدل آراء هذا المفكر الفرنسي الكبير السابقة عن النبي محمد. فكتابه السابق "التعصب أو النبي محمد".
وصف محمداً بأنه منافق وخداع ومحب للملذات الجسدية ومستبد. وقد كان فولتير بهذا النعت غير المنصف والطعن بشخصية محمد يستهدف دحض الأفكار الدينية المتعصبة بصورة عامة في فترة سادت بها حملة عامة واسعة لدحض الافكار الدينية المسيحية تجاوباً مع مبادىء عصر النهضة والتنوير العقلي. وقد ترجم الشاعر الالماني غوته كتاب فولتير هذا الى اللغة الالمانية رغم مخالفته للأراء غير المنصفة التي وردت فيه وذلك تلبية لرغبة رئيسه أمير فايمار كار اوغست.
وفي المانيا برز في تلك الحقبة علماء كبار ومفكرون عقليون مثل هيردر ولايبنيتز وليسينغ فصوروا وأوضحوا ما في الاسلام من مبادىء انسانية عادلة وفضائل خلقية وفكرية. فليسينغ في روايته "ناثان الحكيم" يمثل التفكير المتسامح في قضايا الدين وفي كتابه "كاردانوس"
أوضح ان الاسلام دين طبيعي. كما ان هيردر عزز هذه الآراء والنظرة المتسامحة بكتابه "أفكار حول فلسفة تاريخ الانسانية" وفي هذا الكتاب القيم أشاد المؤلف العلامة بشخصية النبي محمد وحماسه العالي لفكرة "وحدة الله" وحكمة عبادته بواسطة الطهارة والتأمل والعمل الصالح. وقد رد هيردر على التقاليد اليهودية والمسيحية البالية وأشاد بسيرة محمد والثقافة الاسلامية واطرى تعاليم الدين الاسلامي التي حثت على تحريم الخمر والمأكولات النجسة والربا والقمار والميسر وبين أن تأثيرات العبادة اليومية وأفكار الرحمة والطاعة لارادة الله التي نص عليها القرآن تمنح المسلمين اطمئنانهم النفسي. ومما قال العلامة هيردر في تقديره للقرآن: "لو كان للمسيطرين الجرمانيين على اوربا كتاب كلاسيكي بلغتهم كما كان القرآن للعرب لما اصبحت اللغة اللاتينية مسيطرة عليهم ولتعذر على قبائلهم ان تضيع بصورة كاملة في الضلال".
 

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة