مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 نظرة الغربيين للإسلام
مع واحدة من شبهات المستشرق الهولندي سنوك
فؤاد كاظم المقدادي


يطرح المستشرق الهولندي كريستيان سنوك هجروينية تحت مادة "إسرائيل" في دائرة المعارف الإسلامية، شبهة حول بنوّة يعقوب لإبراهيم عليهما السلام من وجهة نظر قرآنية، فيقول: "ويظهر أن محمداً كان أول الأمر يعتبر يعقوب ابناً لإبراهيم، فعندما زفت البشرى لسارة يقول: (فَبَشَّرنَاهَا بِإِسْحاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ).
والواقع أن مرد هذا الإشكال إلى قصور سنوك عن فهم لغة القرآن العربية. فعلى كل الأقوال اللغوية في هذه الآية يكون التقدير هو: (فَبَشَّرنَاهَا بِإِسْحاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) وقد فهم المفسرون من مجيء هذه الجملة في هذا الموضع أنها كانت لبيان أن إبراهيم سيبقى عقبه فهو سيولد له ويولد لولده أيضاً بدليل قوله تعالى: (واللهُ جَعلَ لَكمْ مِن أنْفسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعلَ لَكُمْ مِن أزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدةً ...). وهكذا نجد أن هذه الآية توافق جميع الآيات التي تنقل لنا هذه الحقيقة ولا تتناقض مع آيات أخرى من القرآن الكريم اعتبرت يعقوب ابناً لإسحاق وحفيداً لإبراهيم، كما حاول سنوك أن يلمح لذلك، مشيراً إلى وجود تناقض في هذه القضية بين آيات القرآن الكريم، وخصوصاً بين الآيات المكية والمدنية. كما يرد على قولهم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم كان أول الأمر يعتبر يعقوب ابناً لإبراهيم في الآيات المكيّة، في حين أن الآيات المكيّة التي ذكرت هذا الأمر بما فيها الآية أعلاه ـ التي أوضحنا مدلولها ـ على خلاف ذلك المدّعى. فالآية "6" من سورة يوسف المكيّة جاء في آخرها: (... وَيُتمُّ نِعْمتَهُ عَليْكَ وَعَلَى آل يَعقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَويْكَ مِن قَبلُ إِبْراهيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَليمٌ حَكيمٌ) وهي بيان أن يعقوب ابن إسحاق وحفيد إبراهيم، وأيضاً في الآية "39" من سورة إبراهيم المكيّة ورد: (الحَمدُ للهِ الَّذِي وَهبَ لِي عَلَى الكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَميعُ الدُّعَاءِ) ولم يقل إسماعيل وإسحاق ويعقوب، وفي مسألة البشرى لسارة ورد في الآية "28" من سورة الذاريات المكية ذكر لولد واحد فقط: (فأَوْجسَ مِنهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ وَبَشَّروهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ). فأين التردد وأين التناقض في آيات القرآن الكريم؟!
----------------------------------
المصدر : "الإسلام وشبهات المستشرقين"
 

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة