المسلمون في الغرب
لويس فرقان يستعرض جوانب من راهن المسلمين في الولايات المتحدة 


في حوار أجرته فضائية الجزيرة مع الزعيم المسلم لويس فرقان، سأله مقدم برنامج "الشريعة والحياة" ماهر عبد الله:
المسلمون في هذا البلد يزيدون عن الثلاثين مليوناً، البعض يقول اثنين وثلاثين مليون يشكلون أكثر من 10% من الناخبين الأمريكيين، الجالية اليهودية بالمقابل لا تصل إلى عُشر هذا الرقم، لكن نفوذها في السياسة الخارجية وفي إدارة البلد وإدارة علاقاتها مع العالم؛
مائة ضعف الوجود الأسود، والوجود المسلم، والوجود العربي، والوجود الإسلامي رغم الكثرة العددية، كيف تفسر لنا هذا النفوذ الصهيوني من ناحية، وتقصير ما يمكن أن نجملهم بغير اليهود من ناحية أخرى؟
وأجاب فرقان بالقول:
هذا لصالح الشعب اليهودي ولصالح الصهيونية، فرغم أنهم مجموعة صغيرة في الولايات المتحدة، فإنهم فعلاً يمتلكون تأثيراً كبيراً وهائلاً على الحكومة، وعلى السياسة الخارجية، وعلى السياسة الداخلية أيضاً، من خلال الجمعيات اليهودية.. الكثير من المنظمات.. السود وزعماؤهم وضعوا خططاً، وإلا انقطعوا عن مصادر التمويل، أنا أناضل ضد هذا النوع من السيطرة والهيمنة، لأن أمريكا لا يمكن أن تكون حرة تماماً، إذا كانت هناك مجموعة صغيرة تهيمن في تحديد اتجاهات هذه الأمة، سواء كانت يهودية أو عربية أو بولندية أو يونانية أو ايرلندية أو إيطالية، أية مجموعة صغيرة إثنية أو التي يمكن أن تهيمن على بلد فيه 260 أو 270 مليون شخص، هذا يجب أن يعارض من قبلنا جميعاً، لأنه يسلب البلد من الديمقراطية، وما يفترض أن تكون..
ماهر عبد الله:
ما الذي يمنع السيد لويس فرقان.. ما الذي يمنع أمة الإسلام. ما الذي يمنع الأقليات الأخرى العرقية والدينية من أن تستغل ما يتيحه لها النظام الديمقراطي، في إقامة نفس الشبكة من العلاقات في إيجاد التأثير والنفوذ في السياسة الأمريكية؟
لويس فرقان:
نحن نعمل بجهد من أجل التغلب على ذلك من خلال استغلال ما تمنحه لنا أمريكا في النظام الديمقراطي، ونأمل بأن يكون هناك مظاهرة لمليون أسرة ومليون شخص، وننوي أن ننظم حملات لتسجيل الناس في اللوائح الانتخابية من أجل أن يكون لدينا بعض التأثير، فمعظم أخوتنا العرب والمسلمين الذين يأتون لهذا البلد لا يريدون أن يثيروا مشاكل، لديهم عملهم، وهناك علماء وأساتذة، ولكنهم ليسوا فعالين سياسيّاً، ما نأمل أن نقوم به هو أن نساعد في تنظيم العرب والمسلمين مع السود والأسبان لكي نصبح ليس فقط أقوياء اقتصاديّاً، وإنما أقوياء سياسيّاً، بحيث نستطيع أن نساعد أمريكا في إعادة تغيير وجهات سياستها الخارجية.
وفي جانب آخر من اللقاء يسأل مقدم البرنامج:
أشير إلى أن هناك تناقض يبدو لي في هذا الكلام، من ناحية (أمة الإسلام) في الأخير، هي مجموعة أمريكية، وجزء من نسيج هذا المجتمع الأمريكي، 400 سنة عمر طويل في هذا البلد، من ناحية أخرى (لويس فرقان) في زياراته للعالم لا يختار.
ـ يبدو لي ـ من الأصدقاء إلا من يعادون أمريكا أو مَنْ تعاديهم أمريكا، فكيف تتوقع أن تقبل في هذا النظام، وكل أصدقائك هم أعداء هذا النظام؟
لويس فرقان:
هذا سؤال رائع للغاية، لقد ذهبت إلى السعودية، ولا اعتقد أن السعوديين يعتبرون أعداء لأمريكا، فهي تستطيع أن تحصل على ما تريد من الأسلحة الأمريكية لأنه في الكونغرس مهما صرفت الولايات المتحدة من مليارات الدولارات تفيد الاقتصاد الأمريكي، إلا أنها لا تستطيع أن تحصل على نفس نوعية الأسلحة التي تعطيها أمريكا لإسرائيل، لقد ذهبت إلى السعودية، وذهبت إلى باكستان، وذهبت إلى الإمارات، وذهبت إلى الأردن، وذهبت إلى الدول الإسلامية التي لا تعتبر أعداء، ولكن أصدقائي.. (معمر القذافي) هو صديقي، فهو أخي، لماذا أحبه كثيراً؟ لماذا؟ لأنه مسلم، ولأنه يقف في وجه الاضطهاد الأمريكي والبريطاني ومصالح الدول الكبرى التي تمتص دماء الشعب الليبي.. أنا أحب إيران، وأحب أية الله الخميني، لماذا؟ لأني أرى فيه مسلماً رأى CIA تقوم بالانقلاب على (محمد مصدق) وتضع الشاه في السلطة، حتى تستطيع أمريكا أن تسلب ثروات الشعب الإيراني النفطية، فعندها تخلص (خميني) من الشاه، وأقام جمهورية إسلامية، أنا أحب ذلك.. أنا أحب السودان، وأحب أولئك الذين يقفون ضد السياسة الخارجية الأمريكية التي لا تلائم مصالح هذه الشعوب، أنا أحب (فيدال كاسترو) لماذا؟ لأنه كومنست Communist؟ كلا، لأنه شيوعي؟ كلا، لأنه إنسان حاول أن يجد مصالح الشعب الكوبي، الغالبية العظمى الذين هم سود مثلي، إذا كان هؤلاء أعداء أمريكا فلماذا هم أعداء أمريكا؟ هل لأن أمريكا كانت جيدة، أو لأن أمريكا سياستها كانت صحيحة؟ كلا، لأن سياسة أمريكا تجاههم كانت شريرة، والآخرون الدول الإسلامية المعتدلة يعرفون أن ما أقوله هو الحقيقة لذلك فهم يقولون لي خلف الأبواب.. أتمنى أن يكون لديَّ القوة لأن أقول ما تقوله، ولهذا السبب، فهذه القوة لديَّ لأنني أؤمن بالله، ولا أخشى أحداً سوى الله.
عبر الهاتف، يسأل أحد مشاهدين البرنامج من الإمارات زعيم المسلمين الزنوج في أمريكا لويس فرقان فيقول:
نحن نفهم بأن الولايات المتحدة بلد كله ضد الإسلام لأسباب عديدة، ولكن سؤالي: هل أدركت أمريكا بأن القرآن العظيم يحمل الأسرار في كافة ميادين العلم، وما الذي تفعلونه أنتم مثلاً من أجل إعلامهم بكنوز القرآن؟ هل تنشئون تليفزيوناً إسلاميّاً في الولايات المتحدة لتعريف الأمريكيين بذلك؟
ويجيب فرقان:
القرآن كتاب غريب في الولايات المتحدة، وهو ليس معروف بالنسبة للحكماء، وخاصة أعضاء المحافل الماسونية والذين يحصلون على الدرجة الثالثة والثلاثين من الأستاذية، فهم يسمون كل معابدهم وفقاً للمدن الإسلامية، فهناك معبد يسمى مكة أو المدينة أو المسلم أو الإسلام، إذن يعرفون قيمة القرآن، ولكن الماسونية تبقى جمعية سرية، ولا تستطيع أن تقولها للعامة، هذه هي الطريقة التي نستطيع بها أن نجعل أمريكا تفهم جمال القرآن.
أولاً: يجب علينا أن يكون هناك مجتمع نموذجي يقدّر المبادئ الرئيسية للقرآن والسنة سنة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فعندما يكون هناك هذا المجتمع المثالي لا يكون في سكيرين أو زنا ولا يكون فيه شذوذ جنسي، ويكون موحداً ومثقفاً وذكياً ومتمدناً، فإن الشعب الأمريكي سيقول ما الذي حدث؟ كيف استطاعت هذه المجموعة أن تحصل على كل هذا وسط كل هذا التهاوي الموجود في بلدنا؟ استطعنا أن ننشئ مجتمعاً لا يشرب ولا يزني ولا يتعاطى المخدرات، وأن نعزز أواصر الزواج، ونشجع التعليم، ولا نعاني من المشاكل التي تعاني منها أمريكا.
فكلما عملنا بشكل جيد، ورفعنا من قيمة هذا الإسلام فإن الشعب الأمريكي سيقول ما الذي حدث؟ كيف حدث ذلك؟ ونقول إن ذلك هو القرآن، هل تحبون أن نقول لكم وأن نعلمكم أكثر عن هذا الكتاب الرائع، وطريقة الحياة الرائعة هذه، فالشعب الأمريكي حاليّاً متعطش لطريقة حياة أفضل.
ويطرح على فرقان سؤال هاتفي آخر فحواه أن ثمة الكثير من المصاحف التي تطبع مختلطة بكتب دينية أخرى، ويحاول بعض أعداء الإسلام والمتربصين به طباعة أناجيل وكأنها مصاحف أو مزيج من القرآن والإنجيل ويمررونها على رهط من المسلمين، فما هو الموقف اللازم حيال هذه الظاهرة؟ ويعلق الزعيم الأمريكي المسلم:
كل من يعادي الهيمنة الغربية يسمى إرهابياً أو متشدداً، لذلك هؤلاء الناس يحاولون صناعة قرآن مزور يضعونه بين أيدي الشعب، فهم أسياد من قام بذلك، فقد قاموا بتشويه الإنجيل، ووضعوه بين أيدي الناس، وقاموا بتشويه الإنجيل والتوراة ووضعها بين أيدي الناس، ولكن حسب معرفتي هناك الكثير من الترجمات للقرآن، وكلها التي أعرفها حاولت أن تكون قرية جدّاً من النسخة العربية، ولا توجد كلمات باللغة الإنجليزية تعادل جمال وقوة اللغة العربية، ولسوء الحظ أنا لا أستطيع أن أتحدث العربية، كنت أحب أن أتكلمها، وربما يوماً ما أستطيع أن أقوم بذلك.
ويسأله محمد الشامي من الولايات المتحدة قائلاً:
هل من الممكن أن نقيم جامعة إسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية على غرار الأزهر الشريف؟ وأنا لا أقصد غرفة في مبنى ، إنما أقصد مجمع إسلاميّ ضخم فيه كل المنتجات.
وكان جواب لويس:
نعم يمكن أن يحدث ذلك، وهذا يحدث الآن، يجب علينا أن ننشئ جامعة في الولايات المتحدة الأمريكية شبيهة إن لم أقل متفوقة على جامعات الأزهر في القاهرة، أمريكا هي التي تقود العالم حاليّاً، وأية مؤسسة ننشئها في أمريكا يجب أن تعكس قيادة أمريكا للعالم، وهذا ما نأمل أن يحدث من خلال جامعة الإسلام التي بدأنا فيها، والتي سنستمر في دعمها حتى نستطيع أن نحصل على بعثات من كل العالم الإسلامي، من أجل يأتوا ويدرّسوا هنا في أمريكا، ويجعلونا من أفضل المسلمين في العالم.
وتطرح الأخت سارة سؤالها عبر الهاتف بالقول:
أكيد الأخ لويس بما أنه زعيم أمة الإسلام قد سمع عن جمعية الشاذين المسلمين Islamic Genes Society في أمريكا التي ظهرت. إذا كان يؤمن بها فلا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا لم يكن مؤمناً بها ما رأيه فيها؟ ماذا سيفعل تجاهها؟ بما أنها لها مركز في شيكاغو وفي واشنطن، وهم يبنون مسجداً في واشنطن دي سي ولها موقعها على الانترنيت.
ويؤكد فرقان في إجابته:
أخوتي وأخواتي في الإسلام، نحن نعرف بأن أمريكا اليوم، هي مثل "سدوم" القديمة، وإذا درسنا القرآن الكريم فإننا نعرف أن الله قد دمر قوم لوط في سدوم بسبب ما سماه بالفاحشة، رجال يعاشرون رجال!! ونحن لا نستطيع أن نسمي أنفسنا جمعية شاذين مسلمين لأن الكلمتين متناقضتين، فالمسلم هو الذي يقوم بتنفيذ ما طلبه منه الله، وأنتم تعرفون.. إذا قرأتم القرآن فإن الله لا يقبل الشذوذ الجنسي، سواء للرجال أو للنساء، لذلك فإذا كانت هناك جمعية للشاذين فهي جمعية للشاذين، ولكن لا يمكن أن تكون مسلمة، لأن المسلم يجب أن يطيع الله، وأنا أقول لكم بكل الحب الذي أكنُّه لكم بأننا نحبكم كمسلمين، ولكننا لا نستطيع أن نوافق على ممارسات تتعارض مع ما طلبه منا الله عز وجل في القرآن الكريم، ومن خلال كل رسله لم يرسل أي رسول للبشر يوافق على مثل هذه الممارسات، مهما كانت هذه العادة شائعة في أمريكا، فهي لا تزال فاحشة في نظر الله.
ويسأله مقدم البرنامج:
خلال السنوات الماضية قام العديد من السياسيين الأمريكيين مثل (جاك كمب) و(روبرت نوفاك) بالثناء على العديد من البرامج التي تقوم بها أمة الإسلام في إحياء المسلمين السود.. وفي إحياء السود عموماً؛ من مكافحة المخدرات.. مكافحة الجريمة.. مكافحة البطالة، وتراجعوا بعد الهجوم عليهم من بعض الجهات، هل تمت اتصالات بينكم وبين هؤلاء الذين شجعوا عمل أمة الإسلام؟ وهل وصلتم إلى نتائج معينة؟
وسؤال ثان:
هل تعتقد أنه من الممكن أن يصوِّت المسلمون كوحدة واحدة.. المسلمون السود والعرب والباكستانيون وباقي المسلمين، هل سيصوِّتون block Vote في الانتخابات القادمة؟
ويجيب فرقان:
اسمح لي أقول بأن (روبرت نوفاك) وكثيراً من الكتّاب الذين كانوا يتساءلون عني، عندما يسمعون الجواب عن أسئلتهم، ويرون بأننا لسنا كما وصفنا في وسائل الإعلام؛ فإن موقفهم يتغير تجاهنا، لذلك فإن موقف الشعب الأمريكي كله سيتغير عندما يعرفون ما هو الإسلام حقاً؟ وما الذي ندافع عنه؟ وبالنسبة للسؤال الثاني.. هذا هو هدفنا.. هو أن يقوم المسلمون السود والعرب والباكستانيون.. كلهم ليصبحوا قوة سياسية ثالثة.. أنا لا أقول حزباً ثالثاً، وإنما قوة سياسية ثالثة. أشخاص يريدون أن يروا أمريكا تصبح ديمقراطية حقاً لنر إذا استطعنا أن نتحد بصوت وبكتلة واحدة، واعتقد بأننا إذا قمنا بذلك فإن السيد (بوش) والسيد (غور) والسيد (بيوكانان) سيأتون إلى مساجدنا، كما ذهبوا إلى الكنائس اليهودية والمسيحية، وسيتساءلون إن كنا سنمنحهم أصواتنا، نحن لدينا صحيفة وطنية ننوي إصدارها في حوالي ألف مدينة في الولايات المتحدة، ونأمل أنه خلال مسيرة المليون شخص.. سيكون هناك عدد كافٍ من الأشخاص من أجل أن نوحد أنفسنا من أجل أن يحصل الشخص الملائم على أصواتنا، والذي يمكن أن يفيد ليس فقط السود، وإنما للأسبان والعرب والآسيويين والهنود الحمر وكل الفقراء.
---------------------------------
المصدر : فضائية الجزيرة

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة