مؤسسة

مؤسسة فكرية سياسية إسلامية مستقلة
رقم الإجازة في وزارة الدولة لمؤسسات المجتمع المدني / 1B53944

alsadrain@alsadrain.com
alsadrain@yahoo.com

 

 

إلى / دولة رئيس الوزراء العراقي الأستاذ الفاضل نوري المالكي ( دام توفيقه )
م / رسالة إلى مؤتمر القوى السياسية للمصالحة الوطنية

العدد / 684
التاريخ / 15 / 12 / 2006 م

 

 

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين وعلى أصحابه الأوفياء المخلصين ،
أصالةً عن نفسي ونيابةً عن كوادر مؤسسة الصدرين للدراسات الإستراتيجية في العراق ومكاتبها الخارجية ، أتقدم بوافر الإمتنان والتقدير وخالص الأمنيات والدعاء بالتوفيق لكلّ الجهود المباركة التي تسعى لإنقاذ الشعب العراقي المظلوم من هذا الواقع المأساوي المرير ،
أيها الأحبَّة :
لا يخفى على جنابكم المعظَّم وأنتم صفوة المجتمع وقلبه النابض ما هي العلل الرئيسية الكامنة وراء هذا الواقع المأساوي الذي يمرُّ به الشعب العراقي المظلوم وأمتنا العربية والإسلامية الكريمة ، فبإستقراء خاطف لمجمل التأريخ السياسي نرى وبوضوح تام الأدوار الرئيسية والبصمات الواضحة للطبقات السياسية ، الحاكمة منها والمعارضة ، في كل الأزمات الطائفية والحروب الأهلية والتي تقف من ورائها المخططات الإستراتيجية لقوى الإستكبار العالمي ، فالغالبية العظمى من الفئات السياسية غالباً ما تتمترس وتتخندق وتتعسكر بطائفة معينة لرفع أسهمها مستغلين مشاعر الجماهير و إنتمائاتها الطائفية والذي إنْ دَلَّ على شيء إنما يدلّ على الخواء الفكري والإفلاس الجماهيري لهذه الفئات السياسية ، وفي سيكولوجية الشعوب وعلم النفس الإجتماعي غالباً ما تضطر الشعوب إذا لم تجد دولة تتمتع بمؤسسات أمنية وطنية قادرة على حمايتها فإنها ستلجأ حين ذاك إلى طوائفها وإذا لم تكن طوائفها قادرة على حمايتها ستلجأ بعد ذلك إلى قبائلها وهكذا إلى أن تحمل سلاحها بيدها لتأمين حمايتها ولذلك فإننا نرى وجوب الشروع وبجدية لبناء مؤسسات أمنية مهنية ووطنية قادرة على توفير الأمن للجماهير لكي لا تلجأ بعد ذلك إلى العناوين والإنتمائات الأخرى التي ذكرناها ، وهنالك عوامل مساعدة أخرى تلعب دوراً أساسياً في تحديد مستوى حدة هذه التوترات الطائفية ومنها مستوى الوعي الجماهيري وترابط النسيج الإجتماعي والعامل الإقتصادي ، وفي الوقت الذي أرى فيه وجوب المحافظة على هوية الإنتمائات المذهبية و الإتجاهات الفكرية التي تتيح بدورها المساحات الشاسعة من حرية الخيارات العقائدية للإنسانية فتوفر ثرائاً فكرياً وأفقاً واسعاً لديناميكية العقل الإنساني ، إلا أنه لا بد من التمييز بين التنوع المذهبي والتعصّب الطائفي الذي لطالما أذكت غلوائه قوى الإستكبار العالمي من خلال أذنابها من السلطات السياسية الحاكمة والمعارضة ، فالعنصرية والتعصب الطائفي هو أن ترى شرار قومك خير وأفضل من خيار قوم آخرين ، أما ما يجري في عراقنا الحبيب ، عراق علي والحسين صلوات الله عليهما وعراق كل الأحرار والثائرين من أبناء أمتنا العربية والإسلامية فهو عصيٌّ على مخططات الدوائر الصهيونية وأحلامهم المريضة في إشعال وإذكاء الفتنة الطائفية بسبب قوة الأواصر الإجتماعية وترابط النسيج الإجتماعي وبسبب ورع وكياسة وعقلائية المرجعيات الدينية العراقية التي تتمتع بنظرة ثاقبة تجاه ما يحاك ضد الأمة العربية والإسلامية من دسائس ومخططات ماكرة ،
أيها الأحبّة :
أصبح من البديهيات المطوية في علم الأدلة الجنائية للشروع في الأبحاث الجنائية هو البدء بالسؤال عن المستفيد من وقوع هذه الجرائم ، وبنظرة خاطفة لمجمل العملية السياسية في العراق نرى بأن المستفيد الأكبر من إستمرار الإضطرابات الأمنية في العراق هو الإحتلال الأميريكي وأذنابه من القوى السياسية والدينية المتطرفة وبعض الحكومات الإقليمية ودول الجوار التي تلاقت مصالحها جميعاً في نقل المعركة خارج حدودها لتأمين عروشها ولأسباب سياسية وإقتصادية وطائفية ولذلك فكل هؤلاء شركاء في الجرائم التي يعاني منها الشعب العراقي المظلوم وهم شركاء في المخاطر المحدقة بالأمة العربية والإسلامية ، وأما فيما يخص منفعة قوى الإحتلال الأميريكي فهو لتوفير الذريعة اللازمة لبقاء قواتها المحتلة في المنطقة بعد أن قرنوا بقاء قواتهم في العراق بمستوى الإستقرار والإستتباب الأمني ولذلك فالوضع الأمني لن يستقر ولكنهم في نفس الوقت يريدون ( لا إستقرار مسيطر عليه ) ،
وإنني أحذّر الشعب العراقي المظلوم وأحذّر الإنسانية جمعاء على مختلف إتجاهاتها وإنتمائاتها الفكرية والعقائدية ومختلف مكوناتها الإجتماعية بأن قوى الإستبداد و الإستعباد والإستكبار والإستهتار العالمي التي كانت في الأمس القريب تنتقد وتتصدى لتصدير الثورة الفكرية الإسلامية التي نادى بها ودعا إليها السيد روح الله الموسوي الخميني ( رضوان الله تعالى عليه) ، تجيز لنفسها اليوم تصدير بل و قيادة ما يسمى ب(الثورة الديمقراطية) قيادة ميدانية مباشرة وفرضها بالقوة ، بعد أن تخلَّت عن إستراتيجيتها السابقة المتمثلة بتنصيب الدكتاتوريات على الشعوب قسراً وقهراً من خلال عملائها وأذنابها ، وإنها اليوم تتبنى نظرية (الفوضى المنتظمة ) أو بتعبير آخر اللا إستقرار المسيطر عليه ، لأن الإستقرار السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي التام للأمم والبلدان يزيل الذرائع ويرفع الحجج التي تتذرع وتتحجج بها هذه القوى للتدخل في شؤون ومصائر ومقدرات وثروات تلك الأمم والشعوب ، وفي ذات الوقت تمنع من حدوث الفوضى الكاملة وتعمل بكل قواها لتحول دون حدوث لا إستقرار غير مسيطر عليه لكي لا يعصف بمخططاتها أو ينتج عن ذلك بروز قيادات شعبية ورموز وطنية تقود ذلك الشعب وتلك الأمة لقيادة ثورة شعبية عارمة تغرّد خارج موازين قوى الإستكبار العالمي وغير خاضعة لموازين المعادلات السياسية الدولية وبالتالي تفقد تلك القوى إمتيازاتها ومصالحها السياسية و الإقتصادية والدينية الإستراتيجية ، ولأن الفوضى المنتظمة واللا إستقرار المسيطر عليه يجعل كلا قطبي المعادلة السياسية في كل البلدان وأعني بهما قطب النظام وقطب المعارضة يدوران في فلك تلك القوى وبحالة إحتياج دائم لغطائها الدولي ودعمها اللوجستي وذلك مصداق لقوله تعالى : (( إنَّ فرعون علا في الأرض وَجَعَل أهلها شِيَعَا ))(القصص/4) ،
ولكن لتفهم هذه القوى بأننا نستطيع مقاومة غزو جيوشهم ولكنهم لا يستطيعون مقارعة فكرنا الذي يتناغم مع الفطرة الإنسانية ويرتقي بها ، وأنهم قد يستطيعون قتلنا ولكنهم لا يستطيعون هزيمتنا ،
فمهما بلغت قوى الإستكبار والطغيان من دهاء وعتوّ وإستكبار فلن تجد لها موطئاً في بلاد الأنبياء والأوصياء والثائرين بلاد علي والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ، ومع ذلك فعلى النخب من القيادات الإسلامية المخلصة إحتضان الأمة والإرتقاء بها إلى مستوى خطورة المرحلة فبعد إستقطاب الجماهير وإلتفافها حول الأطروحة الإسلامية وقياداتها المخلصة لن تضيرها كل المخططات الماكرة والدسائس التي تحاك ضدها لأنه وكما ورد في الحكمة وعلم المنطق بأن العِلّة الفاعلية على الشيء لا تتم إلا بعد أنْ تتم العِلَّة القابلية على ذلك الشيء وتذكروا ما قاله محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه (( إن الجماهير أقوى من الطغاة مهما تفرعن الطغاة )) بسم الله الرحمن الرحيم (( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين))(الأنفال / 30 ) ،
ومن هذا الموجز أصبح واضحاً بأن ما يجري في العراق الذبيح له مؤثرات خارجية وتنعكس منه كذلك نتائج خارجية ، ومنها ما يسمى بالمصالحة الوطنية التي نحن بصددها اليوم ، فهي وإنْ كُنّا نعتقد بأنها إحدى الأوراق التي رمت بها الإدارة الأميريكية الحالية المتمثّلة بالجمهوريين لإنقاذ مشروعها في العراق والمنطقة ولعلاج مشاكلها الداخلية في الصراع مع الديمقراطيين الذين يتبنَّوْن رؤيا مخالفة بعض الشئ تجاه العراق تحديداً ، إلا أنه أحياناً ولفترة وجيزة تتلاقى مصالح الشعوب مع مصالح القوى الدولية ولذلك يجب إستثمار هذا التلاقي المؤقت ، كما حصل في إزاحة الطاغية المقبور صدام اللعين من على صدر العراق الحبيب ،
ولكن المصالحة اليوم تسير بإتجاه خاطئ وكما قال أمير المؤمنين (( صلوات الله عليه ) مَنْ سار على طريق بغير هُدىً ، ما زاد في سرعته إلا إزداد بُِعداً )) ،فإنَّ التصالح مع النُخَب السياسية والذي وضع للإستهلاك الإعلامي لم يُجدي ، بل زاد الأمر تدهوراً وهذا إنْ دَلَّ على شئ إنما يدلّ على إمرين لا ثالث لهما ، فإما أن تكون هذه النُخَب السياسية لا أثر لها في الشارع العراقي ، أو أن هذه النُخَب لا تلتزم بعهودها ومواثيقها السابقة ، وفي كلتا الحالتين يكون من العبث إهدار الجهود في هذه الفعّاليات البائسة واليائسة ،
أيها الأحبّة :
نحن ندعوا إلى الوحدة القائمة على أساس الحقيقة والعدل والإنصاف وليست الوحدة القائمة على أساس المجاملات الزائفة والمخادعة التي أوصَلَت الأمة إلى أن تُصبح هيكلاً فارغ المحتوى وكياناً خائر القوى ،
إننا ننصح القوى التي تصَدَّت لقيادة الساحة السياسية العراقية بأنْ تَكُفَّ عن خطابها الطائفي المقيت الذي أوصل الشعب العراقي المظلوم إلى ما هو عليه اليوم ، فمثلاً تتهم بعض هذه القوى السياسية منافسيها من القوى السياسية الأخرى والتي تنتمي إلى الطائفة الإمامية الإثنى عشرية بأنها فارسية الأصل ولا تنتمي إلى هذا الوطن ، علماً بأن هذه القوى التي تثير الفتن وتكيل التهم تنتمي إلى الطائفة التي ثلاثة من أصل أربعة من رؤساء مذاهبهم هم من الفرس ، وأنَّ العالم الذي تتبعه الغالبية العظمى من أبناء هذه الطائفة وهو أبو حنيفة النعمان ، هو فارسيُّ الأصل ، بينما في قبال ذلك نرى بأن الطائفة الإمامية الإثنى عشرية التي يتهمونها بأنها فارسية ترجع إلى ( سيّد العرب ) وذلك بنصّ رسول الله (صلوات الله عليه وآله ) حين قال (( يا عليّ أنا سيّد ولد آدم وأنت سيّد العرب )) ، فهل يصحّ من أبناء هذه الطائفة وقواها السياسية إدّعائهم بأنهم سادة العرب ويتعاملون مع الآخرين بلغة إستكبارية وفوقية ، فأين الجميع من كلام البارئ عز وجل (( إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم )) وأين الجميع من حديث الرسول الأعظم محمد ( صلوات الله عليه وآله (( لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى )) ،
فليتعلّم وليصغ الساسة العراقيين إلى الخطاب الأبوي لفيلسوف القرن العشرين والأب الكبير للعراق الحديث والأمة ، المفكر الإسلامي الكبير السيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه حين كان يخاطب أبناء شعبه وأمته حيث قال في إحدى ندائاته الأخيرة (( أنا معك يا أخي وولدي السنّي بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي ، أنا معكما بقدر ما أنتما مع الإسلام )) ،
وليتعلّم الساسة العراقيين من الفيض المقدَّس المفكر الإسلامي الكبير السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر ( قدَّسَ الله خَفيّه ) حينما كان يخاطب الأمة من على منبر الكوفة المُعَظَّم وقال (( ليس المهم في العمل والتفكير أن نجعل الشيعيين سُنّيين ، أو نجعل السُنّيين شيعيين ، بل المهم التمسك بالدين المشترك وهو الإسلام والوقوف ضدَّ العدوّ المشترك وهو الكفر والإلحاد )) ،
أيها الأحبَّة :
إنني أرى بأن القوى السياسية العراقية قد أحدثت إنقلاباً خطيراً على الدستور وخانت الأمانة التي إئتمنهم الشعب العراقي عليها وكان ذلك في اللحظة التي ركنت بها هذه القوى إلى تشكيل ما يسمى بحكومة التوافق أو حكومة الوحدة الوطنية ، فالناخب العراقي كان قد ضَحّى بدمه وخاطر في الوصول إلى صناديق الإقتراع ليصوّت على مواد الدستور الذي كان من أهم مفاصله وملامحه ومواده هو أن الحكومة تتشكّل من قبل الكتلة البرلمانية الحائزة على ثلثي مقاعد البرلمان ، ومع أنه لدينا الكثير من المؤآخذات على الدستور بدأً من الأساس الفلسفي والمرتكز الفكري مروراً بالنظام الإنتخابي وصولاً إلى الخطاب السياسي الركيك والأداء المتدني الذي أدّى إلى هذا الواقع المأساوي والذي كان نتيجة منطقية لمقدمات خاطئة وبتعبير علم المنطق فإن النتائج تتبع مقدماتها ، ومع إننا نرفض الحكم الأوليكارشي فضلاً عن الحكم الديكتاتوري وشخصنة الدولة وبنائها على شكل هرم مقلوب الرأس الذي يؤدي إلى إنهيار النظام والدولة بإنهيار ذلك الشخص الحاكم أو الفئة المتسلطة إلا إننا نرفض كذلك المحاصصات الطائفية أو ما يعبر عنها بالتوافق السياسي تحت ذريعة مشاركة جميع القوى السياسية في الحكم لنزع فتيل الأزمات السياسية والأمنية ، إذ أن التوافق المتعارف عليه في الأعراف السياسية والذي عادةً ما تتبناه القوى السياسية الفاعلة في البلدان لفض النزاعات القائمة ولعلاج الحالات الطارئة كحالات النزاع الطائفي والتوتر الأمني ويكون ذلك من خلال تقاسم مراكز القوى التشريعية والتنفيذية لتكوين ما يسمى ب ( حكومة الوحدة الوطنية ) ولكن الخطورة تكمن بأن يتحول هذا التوافق إلى أعراف دستورية يصعب التخلي عنها لأنها تعزز التمترس و التعسكر الطائفي والذي لطالما أذكى غلوائه الحكام والسلطات السياسية على مرّ التأريخ للحفاظ على المكاسب التي يتمتعون بها من خلال مواقعهم السياسية والأخطر من ذلك أن التوافق السياسي يجعل الفئات السياسية الحاكمة متراضية مع بعضها ولا يراقب ولا يحاسب بعضها للبعض الآخر وهذا مما يوفر البيئة الخصبة لنشوء ونمو الفساد الإداري ، فكلٌّ مشغولٌ بمكاسبه وغير آبهٍ لما يدور بشعبه وأمته ، هذا من جهة وإن حصل التوافق ولم تقنع تلك الفئات بما حصلت عليه من مكاسب جرّاء ذلك التوافق فستتحول تلك الحكومة المسماة ب (حكومة الوحدة الوطنية) إلى ساحة حرب و إستكبار وتكون فاقدة للمركزية بحيث لا يستطيع رئيس تلك الحكومة إقالة أحد وزرائه لأنه معيناً من قبل إحدى القوى السياسية المؤتلفة في حكومة التوافق وبطبيعة الحال وبتعبير المثل الصيني ( مَن أمِنَ العقاب أساء الأدب ) ، هذا فضلاً عن أن عملية تسييس وتحزب الوزارات والتي ينتج عنها التغيير المستمر في المناصب الوزارية عبر المحاصصات الطائفية والحزبية والذي يؤدّي بدوره إلى التبدل المستمر في السياسات العامة للوزارات وينتج عنه تحطم الخطط الإستراتيجية التي يستحيل تحقيقها في ظل هذا الوضع المرتبك للوزارات وبالتالي فإن هذه المحاصصات تضعف الحكومة وتضعف البرلمان في ذات الوقت ، وتضرُّ بكل القوى السياسية لأنهم جميعاً مشتركون بهذه الحكومات الهزيلة الممزقة ، وعليه فإنه يجب العودة سريعاً إلى الدستور لإختيار أهون الشرَّين وأحلى المُرَّين وهو أن تتشكل الحكومة من قبل الكتلة البرلمانية الحائزة على ثلثي مقاعد البرلمان ، وتبقى باقي الكتل البرلمانية تراقب وتحاسب وتعرض للرأي العام مواطن الخلل والتعثّر والضعف ليقول الشعب كلمته الفصل في الإنتخابات القادمة والتي قد تتغير فيها موازين هذه القوى السياسية التي تكون نتيجة لتغير وجهة نظر الناخب العراقي ، ومما يساعد على هذا التوجه هو إجراء إنتخابات نيابية مبكرة ،
أما نحن فإننا نرى بأنه ينبغي أن تتشكل الحكومة من قبل الكتلة البرلمانية الأكبر والفائزة بالأغلبية البسيطة أما الآخرون فيجب أن يمارسوا دور المراقبة والمحاسبة لأداء الحكومة وبالتالي ستتوفر حرية كافية للحكومة في الأداء والإبداع لما تتمتع به من مركزية وفي نفس الوقت ستكون شديدة الحذر متجنبةً الأخطاء بأقصى ما يمكن لوجود الكتلة البرلمانية المعارضة والمراقبة ، و يمكن تجسيد هذه الرؤية وتحقيق هذا الطرح عملياً من خلال أمرين هما :

1 - إحداث مقاربة بل ومساواة بالإمتيازات المادية بين الجهات التشريعية وتحديداً الكتل البرلمانية المعارضة وبين الجهات التنفيذية التي شكلت الحكومة لكي يخبت سعير التلاهث وراء المناصب الحكومية،
2 – تفعيل القوة القانونية لصلاحيات البرلمان .

أما رؤيتنا تجاه الملف الأمني فإننا نرى بأن العلاج السريع والحاسم للتدهور والإنهيار الأمني يكون بما يلي :

1- الإسراع في تطبيق وتحديد حدود فدرالية المحافظات التي لا يُخشى بها على الوطن من التقسيم , فيكون أبناء كل محافظة مسئولين عن حمايتها وأمنها فأهل كل محافظة أدرى بشعابها , إضافة إلى أنه كلما كانت الوحدة الإدارية أصغر كانت عملية إنمائها وتطويرها أيسر وأسرع , ومراقبة ومحاسبة القائمين على إدارتها أعمق وأدق .
2 - تفعيل الملف القضائي والإسراع بالقصاص من المجرمين لردع الظالمين وإطلاق سراح الأبرياء منهم .
3- فصل مهام وزارة الداخلية التي هي المسئول الأول عن الأمن الداخلي عن مهام وزارة الدفاع التي تكون مسئولة عن حماية الوطن من الأخطار والتدخلات الخارجية كما هو متعارف عليه دوليأ ، لأن هذا التداخل جعل المنظومة الأمنية فاقدة للمركزية ويوفر الأرضية الخصبة للفساد الإداري وضياع المتآمر والمُقصّر والمسئول عن التدهور الأمني الحاصل.
4 – الوقف الفوري لعمليات الإعتقال العشوائي والمداهمات الليلية التي تقوم بها قوات الإحتلال ، وتسليم الملف الأمني إلى قوى الأمن الداخلي من أبناء العراق الغيارى .
5- تشكيل لجنة وزارية مختصة من قبل وزارة التجارة بإشراف رئاسة مجلس الوزراء لنقل الحصص التموينية الخاصة بالعوائل التي هجرت قسرا بسبب التوترات الطائفية المقيتة إلى أماكن سكناهم الجديدة .
6 - تشكيل لجنة وزارية مختصة تستقبل العوائل التي هجرت دورها لكي تحدث حالة تراضي فيما بينها بعد تقدير أسعار الدارين للتراضي بين أصحابها فلا نعتقد بإمكانية عودة كل صاحب دار إلى داره بعد الدماء التي سالت ظلما وعدوانا وجهالة .
7 - توفير كرفانات سريعة لإنتشال النساء والأطفال والشيوخ من العوائل التي هجرت قسرا وإنقاذهم من البرد القارص .


نسأل الله العلي القدير أن يلهمنا ويلهمكم ويرشدنا ويرشدكم لكل ما يُعز الإسلام والإنسانية والوطن ،
مع فائق التقدير وخالص أمنياتنا بالدعاء والتوفيق لجهودكم المباركة ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 

 




نسخة منه إلى :
ـ مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان
ـ مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية
ـ مركز الصدرين للدراسات السياسية
ـ مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي
ـ الحفظ مع الأوليات