موسوعة المصطلحات والمفاهيم
موسوعة
علم الحديث

د. عبد الهادي الفضلي
مصادر الحديث

رواية الحديث :
سلك المسلمون العرب في رواية الحديث عن رسول الله (ص) طريقين هما : الرواية الشفوية والرواية التحريرية .
الرواية الشفوية :
وهي الظاهرة المعروفة لديهم في حمل الثقافة ونقلها .
ورواية الشعر في العصر الجاهلي وعصر صدر الاسلام اجلى مصاديق هذه الظاهرة .
وتعتمد هذه الظاهرة (اعني الرواية الشفوية ) على دعامتين اساسيتين هما : السماع والحفظ .
سماع الحديث من المتحدث ثن استظهاره وحفظه عن ظهر قلب .
ولأ ن الحديث النبوي ( السنة النبوية الشريفة ) كان يشمل - بالاضافة الى القول الذي يعتمد فيه على السماع - الفعل والتقرير , اي افعال النبي (ص) غير القولية وامضاءاته او اقراراته لأفعال الاخرين .
ولأن هذه لا تدخل في نطاق ما يدرك عن طريق السمع تقوم المشاعدة والمعاينة مقام السامع ويقوم البصر مقام السمع .
ففي الحالة الاولى - وهي حكاية اقوال النبي (ص) يقول الراوي : (سمعت رسول الله يقول ..) او يقول : ( قال رسول الله ...) والخ .
وفي الحالة الثانية - وهي الاخبار عن الفعل والتقرير - يقول الراوي : ( رأيت رسول الله يفعل كذا ) او ( رأيته اقر فلاناً على فعل كذا ) او ( فعل فلان امام رسول الله كذا ولم ينكر عليه ) .. والخ .
فالرواية من قبل الرواي الاول وهو الذي يروي السنة الشريفة عن رسول الله (ص) مباشرة من دون ان يكون بينه وبين رسول الله واسطة , تعتمد الحس (السمع او البصر) و( الاستظهار ) .
هذا في حالة حمل السنة الشريفة وتحملها .
وفي حالة نقلها الى الاخرين فتعتمد النقل الشفوي اي القول شفاهاً .
الرواية التحريرية :
وهي ان يكتب الراوي اقوال الرسول (ص) وافعاله وتقريراته .
ويعتبر هذا التدوين او تلك الكتابة حملاً للسنة الشريفة وتحملاً لها .
واذا اراد ان ينقلها فقد يعتمد في نقلها الى الاخرين الرواية الشفوية , وقد يعتمد الرواية التحريرية بأن يسلمه ما كتبه او ينسخه له .
ولأن ظاهرة الكتابة والتدوين لم تكن من الشيوع والانتشار عند العرب بمستوى ظاهرة الرواية الشفهية كان اعتماد المحدثين من الصحابة على الرواية الشفهية اكثر منه على الرواية التحريرية .
تدوين الحديث:
ومع هذا فقد ذكر تاريخياً وثبت عند علماء الحديث من اهل السنة او بعض الصحابة كتب حديث رسول الله على عهده , واقر رسول الله (ص) هذا الفعل منهم بما يعد سنة شريفة يستفاد منها جواز كتابة الحديث وتدوينه .
ومما اشتهر من هذا :
1- الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص .
2- الصحيفة الصحيحة برواية همام بن منبه عن ابي هريرة عن رسول الله (ص) .
3- صحيفة سمرة بن جندب .
4- صحيفة سعدة بن عبادة الانصاري .
5- صحيفة جابر بن عبد الله الانصاري .
ونلمس أقرار النبي (ص) لكتابة حديثه على عهده ونعرف موقفه من هذا مما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص قال : " كنت اكتب كل شئ اسمعه من رسول الله (ص) ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا , فأمسكت عن الكتابة , فذكرت ذلك لرسول الله , فأومأ باصبعه الى فيه وقال : اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه الا حق " .
وهذه الرواية كما تعرب عن ان رسول الله (ص) أجاز الكتابة عنه وجوزها ورد التهمة التي وجهت اليه من قريش , تشير الى ان هناك من الصحابة من نهى عن كتابة حديث رسول الله (ص) على عهده .
وقد اشتهر هذا النهي او المنع عن الخليفة عمر بن الخطاب " وأرجع الحافظ ابن حجر هذا المنع الى امرين :
الاول : انهم (يعني الصحابة ) كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك - كما ثبت في صحيح مسلم - خشية ان يختلط بعض ذلك بالقرأن " .
" وقد اخرج الهروي في كتاب ذم الكلام من طريق الزهري , قال :أخبرني عروة بن الزبير ان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أراد ان يكتب السنن , واستشار فيها اصحاب رسول الله (ص) فأشار عليه عامتهم بذلك , فلبث عمر شهراً يستخير الله في ذلك شاكاً فيه ,ثم اصبح يوماً وقد عزم الله سبحانه وتعالى له , فقال : اني كنت قد ذكرت لكم في كتابة السنن ما قد علمتم , ثم تذكرت فاذا أناس من اهل الكتاب قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتباً , فأكبوا عليها , وتركوا كتاب الله ,واني - والله - لا ألبس كتاب الله بشئ ) فترك كتابة السنن " .
وواضح من النص المذكور في اعلاه ان هذا كان اجتهاداً من عمر ,تأثر فيه بواقع اليهود ومواقفهم من التوراة , لا أنه - كما قيل - اعتمد النهي المروي عن النبي ( ص) لأنه لم يشر اليه , والقصة المذكورة تدل - وبوضوح - على انه اجتهد رأيه .
الا انه - كما ترى- اجتهاد في مقابلة النص الامر بالكتابة .
ومع انه اجتهاد وفي مقابلة النص كان يصر عليه وكتب به الى الامصار , فقد " روي عن يحيى بن جعدة ان عمر بن الخطاب اراد ان يكتب السنة ثم بدا له ان لا يكتبها ,ثم كتب الى الأمصار : منكان عنده شئ فليمحه ".
ويبدو ان عمر كان على معرفة باللغة العبرية , فقد ذكر انه بعد ان قرر قراره المذكور بالمنع من كتابة الحديث جمع ما في ايدي الصحابة من الحديث المكتوب على مدى شهر , ثم أحرقه وقال : ( مشناة كمشناة اهل الكتاب ) .
والمشناة هي نص التلمود اليهودي . ذلك ان التلمود - وهو مجموعة الشرائع اليهودية التي نقلت شوياً مقرونة بتفاسير رجال الدين ينقسم الى قسمين : المشنة وهي النص , والجمارة وهي التفسير .
ويبدو لي ان هذا كان منه لئلا ينتشر فضل اهل البيت من خلال نشر الحديث , ولئلا يبين حق علي في الخلافة عن طريق حديث الغدير وامثاله .
يقول السيد هاشم معروف في كتابه ( دراسات في الحديث والمحدثين 21-22) : " وجاء عنه ( يعني عمر ) انه لما حدث ابن ابي كعب عن بيت المقدس واخباره , انتهره عمر بن الخطاب وهم بضربه , فاستشهد ابي بجماعة من الانصار , ولما شهدوا بانهم سمعوا الحديث عن رسول الله (ص) تركه , فقال لي ابي بن كعب : اتتهمني على حديث رسول الله ؟ فقال : يا أبا المنذر والله ما اتهمتك ,ولكني كرهن ان يكون الحديث عن رسول الله ظاهراً .
الى غير ذلك من المرويات الكثيرة التي تؤكد ان الخليفة لم يعتمد على الرسول في منعه عن التدوين , وانه قد تفرد بهذا التصرف حرصاً على كتاب الله .
ولكن الرواية التي تنص على انه قد انتهز ابن ابي كعب لما حدث عن بيت المقدس , وقوله فيها : اني كرهت ان يكون الحديث عن رسول الله ظاهراً .. هذه الرواية تدل على انه كان حريصاً على ان لا ينتشر الحديث عن رسول الله (ص) , مع العلم بأ، حديث الرسول مكمل للتشريع , ومبين لمجمولات القرأن ومخصص لعموماته ومطلقاته , وقد تكفل لكثير من النواحي الاخلاقية والاجتماعية والتربوية .
( ولو تقصينا الاسباب التي يمكن افتراضها لتلك الرغبة الملحة في بقاء السنة في طي الكتمان لم نجد سبباً يخوله هذا التصرف , ولا نستبعد انه كان يتخوف من اشتهار احاديث الرسول في فضل علي وابنائه (ع) . )
ويؤكد هذا ما رواه عبد الرحمن بن الاسود عن ابيه : ان علقمة جاء بكتب من اليمن او مكة تحتوي على طائفة من الاحاديث في فضل اهل البيت (ع) فاستأذنا على عبد الله بن مسعود , فدخلنا عليه , ودفعنا اليه الكتب , قال : فدعا الجارية ثم دعا بطشت فيه ماء , فقلنا له , يا عبد الله انظر فيها فان فيها أحاديث حساناً , فلم يلتفت , وجعل يميثها في الماء , ويقول ( نحننقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرأن ) القلوب اوعية فأشغلوها بالقرأن .
وعبد الله بن مسعود كان منحرفاً عن علي ( ع) , ويساير المنحرفين عنه . كما تؤكد ذلك النصوص التاريخية " .
تدوين الحديث عند اهل السنة :
وقد استمرت هذه الحالة عند اهل السنة اخذاً باجتهاد عمر بن الخطاب حتى خلافة عمر بن عبد العزيز الاموي , وحيث انتهى اخر جيل من الصحابة , بدأوا يكتبون الحديث وبأمر عمر بن عبد العزيز .
ومرت الكتابة عندهم بمراحل ثلاث : مرحلة الجمع , ومرحلة المسانيد , ومرحلة الصحاح .
مرحلة الجمع :
يقول ابو نعيم في الحلية :قام كبار اهل الطبقة الثالثة في منتصف القرن الثاني فدونوا الاحكام .
فصنف الامام مالك (الموطأ ) وتوخى فيه القوي من حيث اهل الحجاز ومزجه باقوال الصحابة وفتاوي التابعين ومن بعدهم .
وصنف اببن جريج بمكة , والاوزاعي بالشام وسفيان الثوري بالكوفة وحماد بن ابي سليمان بالبصرة وهشيم بواسط ومعمر باليمن وابن المبارك بخراسان جرير بن عبد الحميد بالري .
وكان هؤلاء في عصر واحد فلا يدري ايهم اسبق .
ثم تلاهم كثير من اهل عصرهم في النسج على منوالهم .
مرحلة المسانيد :
وهي التي افردت فيها احاديث النبي (ص) عن سواها .
" يقول ابن حجر في ( فتح الباري ) : رأى بعض الائمة منهم ان يفرد حديث النبي خاصة ,وذلك على رأس المائتين , فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسنداً ,وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسنداً وصنف اسد بن موسى الاموي مسنداً وصنف نعيم بن حماد الخزاعي مسنداً .
ثم اقتفى الائمة بعد ذلك اثرهم , فقل امام من الحفاظ الا وصنف حديثه على المسانيد كالامام احمد , واسحاق بن راهويه , وعثمان بن شيبه , وغيرهم من النبلاء .
مرحلة الصحاح :
وهي مرحلة افراد الصحيح من حديث رسول الله من غير الصحيح مما روي عنه .
واول من اتجه هذا الاتجاه البخاري , يقول ابن حجر : ولما رأي البخاري هذه التصانيف ورواها وحدها جامعة للصحيح والحسن , والكثير منها يشمله التضعيف , فحرك همته لجمع الحديث الصحيح , وقوى همته لذلك ما سمعه من استاذه اسحاق بن راهويه حيث قال لمن عنده والبخاري فيهم : لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله (ص) ..) قال البخاري ك فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح " .
واهم واشهر كتب الحديث عند اهل السنة هي :
1- موطأ الامام مالك بن أنس .
2- مسند الامام احمد بن حنبل .
3- الجامع الصحيح لابي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري ( ت 256 ه ) .
4- الجامع الصحيح لمسلم بن الحجاج القشيري ( ت 261 ه )
5- السنن لابي داود سليمان بن الاشعث السجستاني ( ت 275)
6- السنن لمحمد بن عيسى الترمذي ( ت 279 )
7- السنن لاحمد بن شعيب النسائي ( ت 302)
8 السنن لمحمد بن يزيد بن ماجة القزويني ( ت 273)
هذا عند الصحابة القائلين بالمنع ومن تبعهم من اهل السنة وهم جمهورهم .
تدوين الحديث عند اهل البيت :
اما عند اهل البيت فالامر كان على العكس حيث التزموا سنة رسول الله (ص) فدونوا الحديث وكتبوه في الصحف الصغيرة , والكتب الكبيرة الجامعة .
( ورواية الكليني تعطينا صورة واضحةعن هذا , فقد جاء في اخرها قول امير المؤمنين (ع) : وقد كنت ادخل على رسول الله (ص) كل يوم دخلة , وكل ليلة دخلة , فيخليني فيها ادور معه حيث دار , وقد علم اصحاب رسول الله انه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري , فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله اكثر من ذلك ) .
وكنت اذا دخلت عليه بعض منازله اخلاني واقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري , واذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم يقم عني فاطمة ولا أحد من بني . وكنت اذا سألته اجابني , واذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ز
فما نزلت على رسول الله اية من القرأن الا اقرأنيها او املاها علي فكتبتها بخطي , وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها , ومحكمها ومتشابهها , وخاصها وعامها.
ودعا الله ان يعطيني فهمها وحفظها , فما نسيت اية من كتاب الله تعالى , ولا علما املاه الله علي وكتبه منذ دعا الله لي ما دعا , وماترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام ولا امر ولا نهي كان او يكون , ولا كتاب منزل على احد قبله من طاعة او معصية الا علمني اياه وحفظته فلم أنس حرفاً واحداً .
ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي ان يملأ قلبي فهماً وعلماً وحكماً ونوراً , فقلت : يا رسول الله - بابي انت وامي - منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ,ولم يفتني شئ لم اكتبه أفتتخوف علي النسيان فيما بعد , فقال : لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل" .
واول كتاب كتب في حديث اهل البيت (ع) عن رسول الله (ص) هو ( كتاب علي ) .
وقد ورد ذكره بالاشارة اليه والنقل عنه في كتب الرجال والفهارس والحديث والفقه وغيرها .
قال عنه شيخنا الطهراني بعنوان ( امالي سيدنا ونبينا ابي القاسم رسول الله ) : أملاه علي امير المؤمنين على (ع) وهو كتبه بخطه الشريف .
هذا اول كتاب كتب في الاسلام من كلام البشر من املاء النبي وخط الوصي .
وهو كتاب مدرج عظيم يفتح ويقرأ منه على ما ترشدنا اليه احاديث اهل البيت .
نتيمن بذكر واحد منها , رواه النجاشي في كتابه في ترجمة محمد بن عذافر باسناده الى عذافر بن عيسى الصيرفي قال : كنت مع الحكم بن عيينة عدن ابي جعفر الباقر (ع) فجعل يسأله الحكيم , وكان ابو جعفر له مكرماً , فاختلفا في شئ , فقال ابو جعفر : يا بني قم فأخرج كتاب علي فاخرج كتاباً مدرجاً عظيماً ففتحه, وجعل ينظر حتى اخرج المسألة , فقال ابو جعفر : هذا خط علي واملاء رسول الله (ص) وأقبل على الحكم , وقال : يا أبا محمد اذهب انت وسلمة وابو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالاً , فوالله لا تجدون العلم اوثق من عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل . انتهى .
تدوين الحديث عند الشيعة :
مر تدوين الحديث عند الشيعة بمرحلتين : مرحلة المجموعات الصغيرة ومرحلة المجموعات الكبيرة .
مرحلة المجموعات الصغيرة :
ويمكننا ان نطلق عليها ( مرحلة الروايات المباشرة والمبكرة ) ذلك ان من هذه المجموعات والتي عرفت بين المحدثين ب ( الأصول ) تقوم في منهج تأليفها على رواية المؤلف عن الامام مباشرة , او بتوسط راو واحد فقط بينه وبين الامام , اي ان المؤلف يروي الحديث عمن رواه عن الامام مباشرة .
وكانت هذه المجموعات من حيث العدد كثيرة بلغت الاربعمائة ويرجع سبب كثرتها الى :
1- كثرة الرواة من الشيعة عن الائمة.
2- كثرة الحديث الذي يرويه الائمة عن رسول الله (ص) , بحيث تغطي مساحة التشريع الاسلامي كلها , وتوفي جميع احتياجات الفقيه من النصوص الشرعية في مجال الاستنباط .
وان من هذه المجموعات ما لم يلتزم شرط الولاية المباشرة , الا ان ما فيه من احاديث ترجع في تاريخها الى عهود الائمة , ومن هنا تعد من الروايات المبكرة .
وكانت هذه الاصول الاربعمائة والكتب الاخرى المشار اليها ,تستمد مادتها الحديثية من الامام وكل امام تروى عنه ,يرويها هو - بدوره - عن ابيه او ابائه عن كتاب علي الذي مرت الاشارة اليه .
واسنادها من الامام حتى الباري تعالى هو المعروف في عرف المحدثين من السنة والشيعة بسلسلة الذهب لنقائه وصفائه وسمو قيمته الروائية .
الأصول الاربعمائة :
الاصول الاربعمائة هي مائة كتاب ,اطلق عليها عنوان (أصل) بمعنى مرجع لرجوع العلماء اليه واعتمادهم عليه .
وقد انفردت هذه الاصول عند العلماء بمزايا , منها :
1- انفرادها بمنهجها الخاص في التأليف الذي أشرت اليه انفاً , وهو ان الحديث المدون فيها أما انه برواية مؤلفة عن الامام مباشرة او بروايته عمن يرويه عم الامام مباشرة .
2- الثناء على مؤلفيها , بما اوجب ان يقال بصحة ما فيها ,من قبل قدماء اصحابنا .
فوجود الحديث في الاصل المعتمد عليه بمجرده كان من موجبات الحكم بالصحة عند القدماء .
واما سائر الكتب المعتمدة فانهم يحكمون بصحة ما فيها بعد دفع سائر الاحتمالات المخلة بالاطمينان بالصدور , ولا يكتفون بمجرد الوجود فيها وحسن عقيدة مؤلفيها .
فالكتاب الذي هو اصل ممتاز عن غيره من الكتب بشدة الاطمينان بالصدور والاقربية الى الحجية والحكم بالصحة .
هذه الميزة ترشحت الى الأصول من قبل مزية شخصية توجد في مؤلفيها . تلك هي المثابرة الاكيدة على كيفية تأليفها والتحفظ على ما لا يتحفظ عليه غيرهم من المؤلفين , وبذلك صاروا ممدوحين عند الائمة ...
ولذا نعد قول ائمة الرجال في ترجمة احدهم : (ان له اصلاً ) من الفاظ المدح له , لكشفه عن وجود مزايا شخصية فيه , من الضبط والحفظ والتحرز عن بواعث النسيان والاشتباه , والتحفظ عن موجبات الغلط والسهو وغيرها , والتهيؤ لتلقي الاحاديث بعين ما تصدر عن معادنها ,على ما كان عليع ديدن اصحاب الاصول ...
ان المزايا التي توجد في الأصول ومؤلفيها دعت اصحابنا الى الاهتمام التام بشأنها قراءة ورواية وحفظاً وتصحيحاً والعناية الزائدة بها وتفضيلها على غيرها من المصنفات .
يرشدنا الى ذلك تخصيصهم الاصول بتصنيف فهرس خاص لها , وافرادهم مؤلفيها عن سائر الرواة والمصنفين بتدوين تراجمهم مستقلة , كما صنعه الشيخ ابو الحسين احمد بن الحسين بن عبيد الله بن الغضائري " المعاصر للشيخ الطوسي" .
ذكر شيخنا الطهراني ما يقرب عن 130 اصلاً في كتابه ( الذريعة ج2 ص 125-167) منها :
- أصل ادم بن الحسين النخاس الكوفي الثقة .
- أصل ادم بن المتوكل بياع اللؤلؤ الكوفي الثقة .
- أصل ابان بن تغلب الكوفي الثقة .
- أصل ابان بن عثمان الاحمر البجلي الثقة .
- أصل ابان بن محمد البجلي الثقة .
- أصل ابراهيم بن عثمان أبي ايوب الخزاز الكوفي الثقة .
- أصل ابراهيم بن مسلم الضرير الكوفي الثقة .
- أصل ابراهيم بن مهزم الاسدي الكوفي الثقة .
- أصل احمد بن الحسين الصيقل الكوفي الثقة .
- أصل اسحاق بن عمار الساباطي الثقة .
كتب الحديث الاخرى :
وهي الكتب ( غير الاصول الاربعمائة ) التي ألفت في عهود الائمة ايضاً , الا انه لم يلتزم فيها اصحابها ما التزمه مؤلفو الاصول الاربعمائة من التقيد برواية الحديث عن الامام مباشرة , او بروايته عمن يرويه عن الامام مباشرة .
فهم قد يروون عن الامام مباشرة , وعن صاحب الاصل مباشرة وعنهما بالواسطة الواحدة , والواسطة المتعددة .
نذكر - تيمناً- مما ذكره شيخنا الطهراني في ( الذريعة ج6ص303 وما بعدها ) العناوين التالية :
- كتاب الحديث لأبي يحيى ابراهيم بن أبي البلاد .
- كتاب الحديث لأبراهيم بن ابي الكرام الجعفري .
كتاب الحديث لابراهيم بن خالد العطار العبدي .
- كتاب الحديث لابراهيم بن صالح الانماطي الاسدي .
- - كتاب الحديث لابراهيم بن عبد الحميد الأسدي .
- كتاب الحديث لابراهيم بن مهزم الاسدي .
- كتاب الحديث لابراهيم بن نصر الجعفي .
- كتاب الحديث لابراهيم بن نعيم العبدي .
- كتاب الحديث لابراهيم بن يوسف الكندي .
- كتاب الحديث لأبي شعيب المحاملي الكوفي .
مرحلة المجموعات الكبيرة :
وهي مرحلة أعداد وتأليف الكتب الكبيرة التي جمع فيها ما في مدونات الحديث في المرحلة السابقة ,وتختلف عنها في الاضافات على الاسناد بذكر الرواة من مؤلف الكتاب الجامع الى مؤلف الكتاب الاصل , وفي التبويب وفق ابواب الفقه او الموضوع الذي من أجله ألفت .
وتمثلت هذه المجموعات الكبيرة فيما عرف بين المحدثين ب ( الجوامع المتقدمة ) و ( الجوامع المتأخرة ) .
الجوامع المتقدمة :
وهي الكتب المعروفة بالكتب الاربعة :
1- الكافي .
2- من لا يحضره الفقيه .
3- التهذيب .
4- الاستبصار .
وتعرف ايضاً بالكتب الاربعة الأصول .
1- الكافي لأبي جعفر بن محمد بن يعقوب الكليني الرازي ( ت 328 ه ) .
صنفه مؤلفه في 34 كتاباً و 326 باباً وعدة احاديثه 16199 حديثاً وقسمه الى قسمين : الاصول والفروع .
ضمن قسم الاصول احاديث الاعتقاد , وقسم الفروع أحاديث الفقه .
وجمعه خلال عشرين عاماً .
طبع اصوله في نشرته الاولى الحجرية بأيران سنة 1281 ه , بخط محمد شفيع التبريزي , وفروعه سنة 1315 ه .
ثم طبع مراراً حجرياً وحروفياً .
وفهرست كتبه :
1- كتاب العقل والجهل .
2- كتاب فضل العلم .
3- كتاب التوحيد .
4- كتاب الحجة .
5- كتاب الايمان والكفر .
6- كتاب الدعاء .
7- كتاب فضل القران .
8- كتاب العشرة .
9- كتاب الطهارة .
10 - كتاب الحيض .
11- كتاب الجنائز .
12- كتاب الصلاة .
13- كتاب الزكاة .
14 - كتاب الصيام .
15 كتاب الحج .
16 - كتاب الجهاد .
17 - كتاب المعيشة .
18 كتاب النكاح .
19 - كتاب العقيقة .
20 - كتاب الطلاق .
21- كتاب العتق والتدبير والمكاتبة .
22- كتاب الصيد .
23 - كتاب الذبائح .
24- كتاب الأطعمة .
25 كتاب الاشربة .
26 - كتاب الزي والتجمل والمروءة .
27- كتاب الدواجن .
28 - كتاب الوصايا .
29 - كتاب المواريث .
30 كتاب الحدود .
31 - كتاب الديانات .
32 - كتاب الشهادات.
33- كتاب القضاء والاحكام .
34- كتاب الايمان والنذور والكفارات .
2- من لا يحضره الفقيه , لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ( ت 381 ه ) .
جزأه مؤلفه أربعة اجزاء , وبوبه 666 باباً , وضمنه 5998 حديثاً .
طبع في نشرته الحجرية بايران سنة 1325 ه , ثم طبع مراراً حجرياً وحروفياً .
3- التهذيب = تهذيب الاحكام لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( ت 460 ه )
عدة أبوابه 393 باباً وعدد احاديثه 13590 حديثاً .
طبع حجرياً وحروفياً مراراً .
4- الاستبصار فيما اختلف من الأخبار , لأبي جعفر الطوسي ايضاً .
يقع في ثلاثة اجزاء جزءان منه في العبادات والثالث في بقية ابواب الفقه من العقود والايقاعات والاحكام الى الحدود والديات .
" مشتمل على عدة كتب تهذيب الاحكام , غير ان هذا مقصور على ذكر ما اختلف فيه من الاخبار وطريق الجمع بينها , والتهذيب جامع للخلاف والوفاق " .
وعدد احاديثه 5511 حديثاً .
طبع مراراً حجرياً وحروفياً .
الجوامع المتأخرة :
وهي المجموعات الكبيرة التي جمعت ما في الجوامع المتقدمة او أستدركت عليها او جمعت واستدركت معاً , او استدرك بعضها على بعض , وهي الاربعة التالية :
1- الوافي , للشيخ محمد بن مرتضى المدعو بمحسن الكاشاني والملقب بالفيض 0 ت 1091ه ).
جمع فيه احاديث الكتب الاربعة المتقدمة الى احاديث مهمة نقلها من غيرها , مع شئ من التلعليق والشرح .
قال في مقدمته : " بذلت جهدي في ان لا يشذ عنه حديث ولا اسناد يشتمل عليه الكتب الاربعة ما استطعت اله سبيلاً , وشرحت منه ما لعله يحتاج الى بيان شرحاً مختصراً , وأوردت بتقريب الشرح أحاديث مهمة من غيرها من الكتب والأصول " .
يحتوي 14 كتاباً و 50000 حديث .
2- الوسائل = وسائل الشيعة = تفصيل وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة , لمحمد بن الحسن الحر العاملي ( ت 1104 ه ) .
وهو حاو لجميع احاديث الكتب الاربعة ( المتقدمة ) وجامع لأكثر ما في كتب الامامية من احاديث الأحكام وعدة تلك الكتب نيف وسبعون كتاباً كافتها معتمدة عند الاصحاب , وقد فصل فهرسها , وبين اعتبارها في خاتمة الكتاب ,وادرج في الخاتمة من الفوائد الرجالية ما لم يوجد في غيرها .
بدأ باحاديث مقدمة العبادات , ورتب احاديث الاحكام على ترتيب كتب الفقه من الطهارة الى الديانات .
وبالجملة , هو أجمع كتاب لأحاديث الأحكام واحسن ترتيباً لها حتى من (الوافي ) و ( البحار ) لاقتصار الوافي على جمع خصوص ما في الكتب الاربعة على خلاف التارتيب المأنوس فيها واقتصار البحار على ما عدا الكتب الاربعة , مع كون جل احاديثه في غير الأحكام .
فنسبة هذا الجامع الى سائر الجوامع المتأخرة كنسبة الكافي الى سائر الكتب الاربعة المتقدمة .
ويشبه الكافي ايضاً في طول مدة جمعه الى عشرين سنة.
وعدد احاديثه 35850 حديثاً .
3- البحار = بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار , لمحمد باقر بن محمد تقي المجلسي ( ت 1110 ه ) .
قال فيه شيخنا الطهراني : هو الجامع الذي لم يكتب قبله ولا بعده جامع مثله لاشتماله مع جمع الاخبار على تحقيقات دقيقة وبيانات وشروح لها , غالباً لا توجد في غيره .
وطبع على الحجر في ايران سنة 1303 ه - 1315 ه في خمسة وعشرين مجلداً وفق تجزئة المؤلف .
4- المستدرك = مستدرك الوسائل ومستنبط الدلائل , لميرزا حسين النوري ( ت 1320 ه ) .
فيه زهاء ثلاثة وعشرين ألف حديث , أستدركها مؤلفه على كتاب ( وسائل الشيعة ) للحر العاملي , ورتبه ترتيب الوسائل .
طبع بايران حجريا ً وبلبنان حروفياً .
* اصول الحديث

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة علم الحديث