موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة علم السياسة

الجانب السياسي في فلسفة الحكم عند الامام علي (ع)

د. نوري جعفر


يتلخص جوهر سياسة الإمام من الناحية السياسية في إشاعة العدل بين الناس في شتى ضروب الحياة وفي مختلف المجالات الاجتماعية.
والعدل عند الإمام أفضل من الشجاعة "لأن الناس لو استعملوا العدل عموما في جميعهم لاستغنوا عن الشجاعة".
والمراد بالشجاعة في هذا الباب القوة المادية المتمثلة في الجسم أو المال أو السلاح أو النفوذ عندما يستعين المرء بذلك لاسترداد حق مهضوم أو لاغتصاب حق من حقوق الناس.
ويلجأ الإنسان في العادة إلى هذا التصرف إذا فقد العدل وانعدم ناصروه ومنفذوه. ويتجلى ذلك بأوضح أشكاله في عالم الحيوان وفي المجتمعات البدائية وفي الحالات التي ينعدم فيها تطبيق العدالة الاجتماعية في المجتمعات الراقية الحديثة.
والعدل يحتاج إلى ضبط للنفس وجلد وبخاصة في تحمل مضضه عند الشخص الذي يطبق عليه. لأن الإنسان في العادة يميل _ بطريقة لا شعورية أحياناً_ إلى عدم إلزام نفسه في اتباع الحق _في القول وفي العمل _ إذا كان في عدم الإلزام.
هذا ما يخدم مصالحه أو مصالح من يعطف عليهم من الناس. وربما وقف موقف المحايد أو عدم المكترث بالباطل والحق في الحالات التي لا تتعلق به من قريب أو بعيد.
أما إذا كان الأمر متصلا بمصالحه الخاصة أو بمصالح من يعطف عليهم فإن عدم اتباع الحق _كما يبدو له _ يصبح مثار نقمته وامتعاضه وتحديه. على أن كثيراً من الناس يميلون _ بطريقة غير مقصودة أحياناً_ إلى اظهار الباطل بمظهر الحق لإحراز نفع، أو لتجنب ضرر محتمل الوقوع.
وسبب ذلك على ما يبدو هو أن ظهور الشخص بمظهر الباطل _بشكل مكشوف وصريح _ لا يضمن حصوله على المنافع ولا يدفع الأضرار عن طريقه في كثير من الأحيان يحصل هذا حتى في المجتمعات التي ينعدم فيها تطبيق الحق على تصرفات المواطنين. لأن الاعتراف بالتزام الحق "بغض النظر عن نوعه" من الناحية النظرية أمر مسلم به في جميع المجتمعات البشرية المعروفة قديما وحديثاً.
والعدل عند الإمام ينتظم الناس جميعا _مسلمين وغير مسلمين، عرباً وغير عرب حكاماً ومحكومين _. لأن الناس بنظر الإمام صنفان:
"إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق".
أخ لك في الدين يعني مسلماً عربياً أو غير عربي، ونظير لك في الخلق يعني: إنساناً مثلك بغض النظر عن دينه وجنسه.
ويتجلى شعور الإمام بضرورة تطبيق للعدل على الناس بأروع أشكاله _قبل أن تنتقل إليه الخلافة، وبخاصة في شطر من خلافة عمر وفي أغلب سني خلافة عثمان _ إذا تذكرنا أن الإمام كثيراً ما كان يتولى بنفسه تطبيق حدود الله على المستحقين كلما قصر الخليفة القائم عن ذلك أو تهاون فيه.
أن الخلافة لم تكن بنظر الإمام وسيلة للأبهة أو الإثراء غير المشروع أو مجالا لتوزيع المناصب والجاه والنفوذ على الأصهار والأتباع وذوي القربى.
وإنما هي مجال يتسنى به للإمام أن يطبق العدل على المواطنين.
"وقال ابن عباس: دخلت على علي بذي قار وهو يخصف نعله.
فقال لي ما قيمة هذه النعل؟ فقلت لا قيمة لها، فقال: والله لهي أحب إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلا".
وكتب عليّ إلى سهل بن حنيف:
"أما بعد: فقد بلغني أن رجالا من قبلك يتسللون إلى معاوية. فلا تأسف على ما يفوتك من عددهم... فقد عرفوا العدل ورأوه وسمعوه ووعوه. وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة فهربوا إلى الإثرة... إنهم والله لم يفروا من جور ولم يلحقوا بعدل".
فإذا كان الغلبة تعني كثرة الأتباع على الباطل _وهي ليست كذلك بالطبع _ "فاختر أن تكون مغلوباً وأنت منصف ولا تختر أن تكون غالباً وأنت ظالم".
وموقف الإمام ينتظم الرعية جميعاً: عرباً وغير عرب، مسلمين وغير مسلمين.
أما ما يتصل بالمسلمين "العرب وغير العرب" فيتضح موقف الإمام تجاههم بقوله: "ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم.. والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوط القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم. وليسبقن سابقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا". ليأخذ كل ذي حق حقه وفق نصوص القرآن والسنة النبوية.
وهذا يعني _من الناحية السلبية _ القضاء على كل ما لا يتفق مع ذلك مما حصل عليه بعض المسلمين _على حساب غيرهم أو على حساب الدين _ في الفترة التي تقع بين وفاة النبي ومقتل عثمان بن عفان.
قال علي "فيما رده على المسلمين من فظائع عثمان:
والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق".
وأما موقفه من غير المسلمين فقد كان يجري ضمن الإطار الذي وصفناه. وتتجلى روعة ذلك الموقف إذا تذكرنا قوة إيمان الإمام بمبادىء الدين الاسلامي واعتباره إياه أرقى الأديان. ولعل إيمانه العميق بذلك هو الذي جعله يقف من غير المسلمين ذلك الموقف العادل المعروف.
ثم علل الإمام موقفه من أولئك الناس بقوله: "إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا" يجري عليهم ما يجري علينا من الحقوق والواجبات العامة.
ولتحقيق العدالة الاجتماعية من الناحية السياسية وضع الإمام شروطاً خاصة لتكوين الجهاز الحكومي وتعيين واجباته العامة تجاه الشعب. والأساس الذي يرتكز عليه الجهاز الحكومي هو من الناحية الإدارية كما قال الإمام:
"لا تقبلن في استعمال عمالك وأمرائك شفاعة إلا شفاعة الكفاءة والأمانة" هذا من جهة الحاكم.
وفي ضوء ما ذكرنا نستطيع أن نقول:
لقد وضع الإمام الذي عاش قبل زهاء أربعة عشر قرناً مقياساً للتوظيف لم يصل إليه أرقى القوانين في المجتمع الغربي الحديث. فلم يكتف الإمام بأن تسند الوظائف الحكومية لذوي الكفاءة والاختصاص _دون غيرهم _ بل أضاف إلى ذلك جانباً آخر لا يقل أهمية عن الكفاءة هو الأمانة ونزاهة النفس.
فالموظف الكفؤ (غير الامين) قد يتجاوز ضرره الاجتماعي ضرر الموظف غير الكفؤ: فيتخذ من كفاءته وسيلة لإتقان فن الخيانة، وإتقان فن التواري عن الأنظار من جهة، وإتقان فن التباكي على المصلحة العامة من جهة أخرى.
أما الموظف الأمين غير الكفؤ فيكون ضرره الاجتماعي _في حالة وقوعه _ غير مقصود في العادة من جهة وغير موجه نحو الناس على حساب بعض آخر من جهة أخرى.
والخيانة "بنظر الإمام" تشمل من يتعاطاها بشكل مباشر بقدر ما تشمل من يعطف على من يتعاطاها أو يغض النظر عنه. ولهذا قال الإمام:
"كفاك خيانة أن تكون أميناً للخونة".
لقد مر بنا القول بأن مقياس التوظيف عند الإمام هو الكفاءة والأمانة، ترى ما الكفاءة؟ وما الأمانة؟ بنظر الإمام؟ وكيف نقيس كلا منهما؟ وللإجابة عن السؤال الأول نقول:
إن الكفاءة هي قدرة الشخص على إنجاز الواجب الذي يسند إليه بشكل مرضي. وتقاس الكفاءة في العادة بالدراسة والتخصص وبالشهادة المدرسية. غير أن تلك الأمور "بشكلها الحاضر" لم تكن موجودة في عهد الإمام. فكان مقياس الكفاءة بنظره هو توسم قيام الشخص بالواجب المنوط به بشكل مرضي. فإذا عين الشخص بمنصبه ولم يثبت "بعد فترة من الزمن الكفاءة المطلوبة" تحتم فصله عن العمل وتطبيق حدود الله عليه. وبخاصة إذا لم يعمل وجوده في الوظيفة على جعله قادراً على أداء واجبه على شكله الصحيح.
أما الأمانة: فهي الامتناع عن الاعتداء على أموال الآخرين وحقوقهم.
فالأمانة ذات جانبين: جانب مادي وآخر معنوي يعملان معاً في الأعم الأغلب. فالموظف الأمين هو الذي لا يقبل الرشوة ولا تمتد يده إلى ما تحتها من أموال الدولة.
أما من الناحية المعنوية: فالموظف الأمين هو الذي يعطي كل ذي حق حقه في المجال الذي يعمل فيه. فلا يجعل بعض الناس يعتدي على حقوق بعض آخر، ولا يجعل الدولة تعتدي على حقوق الناس أو بالعكس.
وأما مقياس الأمانة بنظر الإمام فهو "في بدايته" سمعة الشخص ومركز عائلته من الناحية الدينية.
كل ذلك بالطبع يسبق عملية التوظيف. فإذا ظهر الشخص "بعد التوظيف" بمظهر الخائن وثبت ذلك عليه وجب إقصاؤه عن الخدمة وتطبيق حدود الله عليه.
أما إذا ثبتت خيانته مع عدم كفاءته فيجب أن يعزل ثم يعاقب: يعزل لعدم كفاءته ويعاقب لخيانته بعد ثبوت ذلك عليه بالطبع. ويعكس الأمر عند الخائن الكفؤ. ويمكن أن يشبه عمل الأول منهما "في حالة حدوثه بسبب عدم الكفاءة" بما يحدثه وقوع حجر من مكان مرتفع على أحد المارة. وعمل الثاني بقذف ذلك الشخص بذلك الحجر من قبل بعض الناس بصورة مقصورة: فتنتفى المسؤولية في الحالة الأولى مع ما يتبعها من العقاب.
أما الخيانة _عند غير الكفؤ _ فهي ناتجة عن عدم الكفاءة، اللهم إلا إذا كان ذلك الموظف يجمع بين الصفتين: الخيانة وعدم الكفاءة.
أما القضاة فيجب أن تتوافر فيهم "بالإضافة الى ما ذكرنا" شروط أخرى هي كذلك على جانب كبير من الأهمية والروعة. وقد نص عليها الإمام بقوله:
"ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك: ممن لا تمحكه الخصوم ولا يتمادى في الزلة ولا يحصر من الفىء إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه. أوقفهم في الشبهات وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم وأصبرهم على تكشف الأمور وأصرمهم عند اتضاح الحكم ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميله إغراء".
فينبغي البحث عنهم والتقاطهم على القدر المستطاع. على أن هؤلاء _مع هذا _ من الممكن أن يكتسبوا (عن طريق الخبرة أثناء ممارستهم العمل) كثيراً من المزايا التي جعلها الإمام أساساً لانتقائهم، وأن يبرعوا في الوقت نفسه في المزايا التي كانت لديهم قبل التوظيف.
ومن الممكن أن يحصل ذلك كله إذا تذكر هؤلاء أنهم عرضة للفصل والإهانة والعقاب إذا ما قصروا في أداء واجبهم. وبالعكس فانهم مؤهلون للمكافأة والترفيع إذا ما قاموا بواجبهم على الوجه المرضي.
فالموظفون _بعد أن يتم تعيينهم على الشكل الذي وصفناه _ يجب أن يخضعوا لرقابة حكومية شديدة وأن يتعرضوا بصورة مستمرة لتفتيش دقيق ليعرف الصالح منهم فيكافأ على صلاحه والطالح ليلقى جزاءه.
وقد أشار إلى ذلك الإمام بقوله:
"ثم تفقد أعمالهم وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية".
أي أن للمفتشين الحكوميين يجب أن يكونوا من أهل الصدق والوفاء لكي يزودوا الوالي والخليفة بأوثق الأخبار وأدق المعلومات عن الموظفين _لأن على تقاريرهم وأخبارهم يتوقف مصير الموظف في حالتي الثواب والعقاب.
يضاف إلى ذلك أن هذا النوع من المراقبة يحفزهم على القيام بواجباتهم على الوجه المطلوب.
"فإن أحد منهم بسط يده إلى الخيانة اجتمعت عليه عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهداً فبسطت العقوبة عليه في بدنه وأخذته بما أصاب عمله. ثم نصبته بمقام المذلة ووسمته بالخيانة وقلدته عار التهمة".
فللوظيفة (بقسميها الإداري والقضائي) إذن بنظر الإمام جانب تربوي تثقيفي بالإضافة إلى جانبها المتصل بإنجاز أمور الناس وفق شروط الشريعة السمحاء.
فينبغي والحالة هذه أن نتوخى من المرشحين للوظيفة: "أهل التربية والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام. فإنهم أكرم أخلاقاً وأقل في المطامع إسرافاً وأبلغ في عواقب الأمور" من غيرهم.
ثم اشترط عليه أن يكون المرشحون للتوظيف أحسن أولئك في العامة أثراً وأعرفهم بالأمانة وجهاً. لأن "من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه".
فالتحدر من الأسر الاسلامية الكريمة شرط أساسي من شروط التوظيف ولكنه بحد ذاته غير كاف فجعل الامام ذلك الشرط مشروطاً كذلك "إذا جاز هذا التعبير" حين اشترط أن يكون الشخص المرشح للوظيفة "مع ذلك كله" أحسن أولئك (المتحدرين من الأسر الاسلامية الكريمة) أثراً في العامة وأعرفهم بالأمانة وجهاً. وإذا لم يحل ذلك كله بين ذلك الشخص _بعد توظيفه بالطبع _ وبين امتداد يده إلى ما تحتها من الأموال والمصالح _للدولة والناس وجب فصله وتطبيق حدود الله عليه حسبما تستلزم الظروف ذلك.
ومن طريف ما يروى عن الامام في هذا الصدد أنه كتب إلى المنذر بن الجارود العبدي _وكان قد استعمله على بعض النواحي فخان الأمانة في بعض ما ولاه من أعمال:
"أما بعد فإن صلاح أبيك قد غرني فيك. وظننت أنك تتبع هديه... ولئن كان ما بلغني عنك حقاً لجمل أهلك وشسع نعلك خير منك. فاقبل إلى حين يصل إليك كتابي".
يتضح من كل ذلك أن الإمام نهى عن التحيز _بشتى صوره ومختلف مجالاته _ في هذه القضية "أي موضوع التوظيف" وفي غيرها على السواء. "فإن كان لابد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال".
أما ما يتعلق بموقف الوالي منهم فيتجلى _فيما يتصل بالإداريين _ بقوله:
"ثم أسبغ عليهم الأرزاق.. فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك".
وهذا الإجراء من أنجح الإجراءات وقاء من الرشوة ومن أعدلها في معاقبة المرتشين.
وأما القاضي فأكثر "تعاهد قضائه وافسح له في البذل ما يزيل علته وثقل معه حاجته إلى الناس. واعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ليأمن اغتيال الرجال له عندك".
أي أن الإمام قد خص القاضي _بالإضافة إلى ما ينطبق عليه من شروط التوظيف التي ذكرناها _ بمنزلة رفيعة من الناحيتين المادية والمعنوية. وسبب ذلك كما لا يخفى هو دقة مركزه وأهميته من الناحية العامة بالنسبة لحقوق الناس.
وأما ما يتعلق بموظفي السلك العسكري "فول من جنودك أنصحهم لله ولرسوله ولإمامك. وأنقاهم جيباً وأفضلهم حلماً. ممن يبطىء عن الغضب ويستريح إلى العذر ويرأف بالضعفاء وينبو على الأقوياء وممن لا يثيره العنف ولا يعقد به الضعف.
فإذا فرغت من انتقائهم على الشكل المذكور "فتفقد من أمورهم.
فرجال الجيش يجب أن يتم انتقاؤهم _بنظر الإمام _ حسب شروط خاصة وإن كانت تجري، من حيث الأساس، على المجرى العام الذي ذكرناه حين التحدث عن الموظفين للمدنيين. وبما أن الناحية العسكرية ترتبط بالذهن عادة مع الشدة والقسوة وأخذ الناس بالصرامة والعنف فقد فطن الإمام إلى ذلك فحدد مجال عمل ذلك من جهة وعمل على إضعافه في المواطن التي تحتاج إلى ذلك الإضعاف من جهة أخرى.
وقد اشترط الإمام أول ما اشترط في الجنود _أي رجال الجيش من مختلف الصنوف المعروفة في عهده _ النصيحة للعقيدة الإسلامية لأنها "بنظره" الأساس الذي تستند إليه تصرفات الجندي "وغيره من المسلمين" في جميع مجالات الحياة.
ثم نص الإمام "بالإضافة إلى ذلك" على الشرط العام الذي يجب أن يتوافر في جميع أفراد الجهاز الحكومي "المدني والقضائي والعسكري" وهو نقاوة الجيب.
ثم اشترط الإمام في الجندي شرطاً خاصاً _ليزيل جانب الصرامة المرتبط بمهنته في المواضع التي تستلزم إزالته:
هذا الشرط هو أن يكون الجندي: "ممن يبطىء عن الغضب ويستريح إلى العذر ويرأف بالضعفاء وينبو على الأقوياء".
وهناك أمر لابد من الإشارة إليه في هذا الصدد هو: أن الإمام يعتبر العقوبة وسيلة للإصلاح لا للإنتقام. وهي _بنظره _ آخر إجراء ينبغي أن يستعان به.
فالمذنب بنظره كالمريض يجب أن يعالج باللطف والإرشاد على القدر المستطاع، على أن العقوبة "إذا كان لابد من الاستعانة بها لتقويم الاخلاق كما نصت على ذلك العقيدة الإسلامية المتمثلة في القرآن والسيرة النبوية" فيجب، مع ذلك، أن يتأخر إنزالها "لفترة مناسبة من الزمن" ليرى المذنب جريرته ونتائجها وما يتبعها من عقوبة لعله يرتدع عن الذنب في المستقبل.
"فلا تتبع الذنب العقوبة واجعل بينهما وقتاً للاعتذار" هذا من الناحية السلبية.
أما من الناحية الإيجابية فازجر "المسىء بثواب المحسن".
أما الضعفاء فقد أوصى الإمام جنوده بضرورة الرأفة بهم فيعاقبونهم عن طريق التهذيب بالتجاوز عن هفواتهم ضمن الحدود المعقولة.
وأما الأقوياء "وأصحاب النفوذ" فأبطش بهم _إذا أذنبوا _ بطشاً يتناسب هو مع طبيعة الذنب. وسبب ذلك هو: أن العفو عن القوي ربما يجعله يعتقد بأن ذلك العفو ناتج عن نفوذه فيتمادى في الزلة. هذا من الناحية النفسية.
أما من الناحية الاجتماعية فقد يخيل للآخرين أن نفوذ المجرم المتنفذ "المعفو عنه" كان عاملا من عوامل العفو عنه، الأمر الذي يشجعهم _وبخاصة إذا كانوا من ذوي النفوذ أو ممن يمتون إليهم بصلة _ على ارتكاب الباطل. فتنتفي _في الحالتين _ الغاية من العفو وهي الإصلاح والتهذيب عن طريق العفو نفسه.
أما ترفيع أفراد الجيش وترقيتهم (بعد تعيينهم وفق الشروط التي ذكرناها) فقد وضع ذلك الإمام بشكل صريح لا يحتاج إلى شرح أو توضيح. ولكي يكون الترفيع عادلا وجب أولا وقبل كل شيء مراقبة أعمالهم وتقديم التقارير الأمينة عنهم والتوصيات العادلة بحق كل منهم. ثم اعطاء كل ذي حق حقه في مجال الترفيع والتقدير.
وهناك أمران آخران يتصلان بالجيش يجمل بنا أن نشير إليهما قبل الانتقال الى التحدث عن الولاة.
وأولهما: موقف الإمام بصورة عامة من الجيش من حيث كونه ركناً من أركان جهاز الحكم في البلاد.
وثانيهما: موقفه من القطعات العسكرية التي تجهز للاشتراك الفعلي مع الخصم، وموقفها ممن تمر بأرضهم من المواطنين.
وقد لخص الإمام الجانب الأول منهما بقوله: "إن حقاً على الإمام أن لا يغيره على رعيته فضل ناله ولا طول خص به. وأن يزيده ما قسم الله له من نعمة دنواً من عباده وعطفاً على إخوانه. ألا وإن لكم عندي أن لا أحتجز دونكم سراً إلا في حرب ولا أطوي دونكم أمراً إلا في حكم. ولا أؤخر لكم حقاً عن محله ولا أقف به دون مقطعه وأن تكونوا عندي في الحق سواء، ولي عليكم الطاعة وأن لا تنكصوا عن دعوة ولا تفرطوا في صلاح وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق. فإن أنتم لم تستقيموا لي فلم يكن أحد أهون عليّ ممن أعوج منكم..
فالإمام يريد أن يطبق مبدأ العدالة الاجتماعية تاما غير منقوص. وفق مستلزمات الشريعة الاسلامية على الجنود وعلى غيرهم من أفراد الشعب ومن أعضاء الحكومة. وهو يريد من أفراد الجيش أن يعينوه على ذلك في مجال عملهم.
أما ثاني الأمرين اللذين ذكرناهما فقد نص الامام بقوله:
"في كتاب له إلى العمال الذين يطأ الجيوش عملهم".
"أما بعد فإني سيرت جنوداً هي مارة بكم. وقد أوصيتهم بما يجب لله عليهم من كف الأذى وصرف الشذى وأنا أبرأ إليكم وإلى ذمتكم "يعني اليهود والنصارى" من معرة الجيش... وأنا بين ظهر الجيش "أي في أعقابه"، فارفعوا إلى مظالكم وما عراكم مما يغلبكم من أمرهم وما لا تطيقون دفعه إلا بالله وبي، أغيره بمعونة الله".
أي أن الامام يريد من الجيش "في حالة مسيره إلى المعركة أو رجوعه منها" أن يتحلى بالخلق الاسلامي فيما يتصل بالأماكن التي يمر بها وفي موقفه من المسلمين وغير المسلمين من أهل الذمة. ومن يخالف ذلك يقع _دون شك _ تحت طائلة العقاب.
ثم يختتم الامام موقفه من رجال السلك العسكري بالملاحظات التالية:
ثم أفسح في آمالهم وواصل في حسن الثناء عليهم وتعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم فإن كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهز الشجاع وتحرض الناكل.
ثم اعرف لكل امرى منهم ما أبلى. ولا تضيفن بلاء امرىء إلى غيره ولا تقصرون به دون غاية بلائه. ولا يدعونك شرف امرىء إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيراً ولا ضعة امرىء إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيماً".
وأما الولاة فينطبق عليهم ما ذكرناه مع اختلاف كبير ذي جانبين:
أحدهما: هو أن الامام نفسه يعين الولاة بصورة مباشرة في حين أنهم (منفردين _ في الأعم الأغلب _ يعينون للموظفين الآخرين.
وثانيهما: عظم المسئولية الملقاة على عاتق الوالي فيما يتصل بإدارة شئون المصر الذي يخضع له من الناحية السياسية والمالية والخلقية.
فالامام يحكم الأقاليم الاسلامية المختلفة بطريقة غير مباشرة. أي أنه يحكمها عن طريق الولاة.
فالوالي إذن هو الخليفة (مصغرا) في ولايته. فعليه إذن _ كما على الخليفة_ واجبات خلقية وسياسية ومالية في حدود أضيق، من حدود الخليفة من الناحية المكانية، وأوسع من حدود الموظفين الآخرين. وواجبات الولي هي _من الناحية الأخلاقية:
"أن ينصر الله بيده وقلبه ولسانه.. وأن يكسر من نفسه عند الشهوات وينزعها عند الجمحات" و "ليكن أحب الذخائر إليك _أيها الوالي _ ذخيرة العمل الصالح. فاملك هواك وشح بنفسك عما لا يحل لها. فإن الشح بالنفس هو الانصاف منها فيما أحبت أو كرهت".
وأما واجبات الوالي تجاه الرعية فقد رسمها الامام بقوله:
"أشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم. ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم". لأن الرعية صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.
"فاخفض لهم جناحك وألن لهم جانبك وأبسط لهم وجهك وآس بينهم في اللحظة والنظرة". وبذلك يكون عدلك شاملا لا يشوبه تحيز إلا للحق.
فإذا عرف الناس ذلك منك عندئذ "لا يطمع العظماء في حيفك لهم ولا ييئس الضعفاء من عدلك عليهم".
فيجب عليك "أن لا تسخط الله برضا أحد من خلقه. لأن سخط الله يحصل من فقدان العدالة الاجتماعية بين الناس نتيجة محاباة الوالي بعضهم وإيثاره إياهم _دون حق _على حساب الآخرين.
وبما أنك بحكم مركزك عرضة للزهو والكبرياء "فإذا حدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة فانظر إلى عظم الله فوقك. لأن ذلك يريك صغر نفسك وضآلة شأنك وحقارة سلطانك فيكبح جماحك ويستثير التواضع فيك ويدفعك على تحري الصواب في أحكامك.
"وأعلم أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظن وال برعيته من إحسانه إليهم وتخفيفه المؤنات عنهم وترك استكراهه إياهم ما ليس قبلهم" ذلك لأن هذا التصرف يجعل الرعية تشعر بأن الوالي منها وإليها، وأنه ساهر على خدمتها بجميع الوسائل المشروعة المتوافرة لديه.
وهذا يؤدي بدوره إلى تعاونها معه في إقامة الحق وإشاعة العدل ومكافحة الرذائل سواء أكان ذلك عن طريق الترفع عن تعاطيها أم بالكشف عمن يتعاطاها لردعه من قبل الحكومة وازدرائه من قبل أفراد الشعب.
ثم يوجه الخليفة انتباه الوالي إلى ظاهرة اجتماعية عامة تتصل بالرعية بمجموعها فيقول: "إن الرعية تفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ... وإن في الناس عيوباً الوالي أحق من سترها. فلا تكشفن عما غاب عنك منها فإن عليك تظهير ما ظهر لك والله يحكم على ما غاب عنك... فتغاب عن كل ما لا يضح لك".
هذا مع العلم أن الإمام كان المثل الأعلى في إطاعة أوامر الله ونواهيه في قلبه ولسانه ويده في تصرفاته العامة والخاصة مع خصومه وأنصاره على السواء.
أما الوالي "أي وال" فهو بحكم كونه دون ورع الإمام بمراحل أحوج إلى عفو الله ومغفرته دون شك. غير أن عفو الله كما هو معلوم له حدود لا يتعداها وعفو الوالي يجب أن يسير ضمن نطاق الإسلام. والغاية المتوخاة من هذا العفو هي التهذيب والتوجيه لا التسيب وفقدان المحاسبة على الموبقات.
لأن فقدان المحاسبة على الموبقات عامل من عوامل انتشارها _وهو أمر يأباه الإسلام. فعفو الوالي يجب أن يكون واسعاً كسعة عفو الله رقيقا لينا كرقته ولينه صارما كلما مس العمل حداً من حدود الله فتجاوزه أو خرج عليه. على أن العفو مع هذا لابد من اللجوء إليه كلما كان ذلك ممكنا، فلا تندمن على عفو. ولا تبجحن بعقوبة ولا تسرعن إلى بادرة وجدت عنها مندوحة. لأن النفس البشرية تميل في العادة إلى الترنح بين نقيضين كلما عملت عملا بطريقة معينة وكانت النتيجة على خلاف ما كانت تتوخاه.
فإذا صفح الحاكم مثلا عمن ارتكب جرماً يستحق العقاب "لغرض ردعه وتهذيبه عن طريق العفو عنه" وكانت النتيجة تمادي ذلك الشخص في سلوكه الشائن بدلا عن إقلاعه عنه فإن الحاكم يميل في العادة إلى الاستعانة بالشدة في معالجة أمثال تلك الأمور، لا فيما يتصل بذلك الشخص فقط بل فيما يتصل بغيره من الناس.
ثم أوصى الوالي بأمور أخرى تتصل بشخصه فقال له: "أطلق عن الناس عقدة كل حقد وارفع عنها سبب كل وتر.. ولا تعجلن على تصدق ساع. وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في العدل وأجمعها لرضى الرعية فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة".
ذلك لأنه يستحيل على الوالي _من الناحية العملية _ أن يرضى في كل تصرف من تصرفاته جميع الأشخاص الذين يعنيهم الأمر من قريب أو بعيد بصورة مباشرة أو غير مباشرة. أي أن كل تصرف _مهما كان عادلا _ يرضي بعض الناس ويسخط بعضاً آخر. فإذا رضي جميع الذين يعنيهم الأمر بذلك التصرف العادل "وهو ما يهدف إليه الإمام" فلا مشكلة هناك.
أما إذا لم يحصل ذلك فإن رضي العامة هو مقياس سلامة التصرف لأن الخاصة من أصحاب المصالح تميل في العادة نحو المحافظة على مصالحها المركزة بشتى الوسائل ومختلف الجهود. فتغضب وتثور وتحتج وتملأ الدنيا ضجيجا وتهديداً ومغالطة وتضليلاً إذا ما تعرضت مصالحها للتصدع أو الانهيار.
ثم أيها الوالي إن طبيعة مركزك _من حيث كونك والياً _ تستلزم اتصالك بالرعية بصورة مستمرة لتتفقد شئونها "فلا تطولن احتجابك عن الرعية" لأن "الاحتجاب عنهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم عندهم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح ويشاب الحق بالباطل.
وانما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس من الأمور وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب" أي أن احتجاب الوالي عن الرعية قد يخلق جواً من الريبة والدعاية الكاذبة التي يقوم بها الموتورون والمستهترون وأصحاب المصالح التي زعزع الباطل منها عدل الحاكم. هذا من جهة.
ومن جهة ثانية فإن الاحتجاب قد يشجع الوالي على تعاطي الموبقات وعلى الارتماء بأحضان أصدقاء السوء.
ثم "الصق بأهل الورع والصدق ورضهم على أن لا يطروك في باطل لم تفعله ويبجحوك بباطل لم تفعله" لأن ذلك يفسد ورعهم ويلوث صدقهم من جهة ويسوقك إلى صحارى الزهو والخيلاء من جهة أخرى.
"ولا يكونن المحسن والمسىء عندك بمنزلة سواء _فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان وتدريباً لأهل الإساءة على الاساءة".
فضع كل شخص في منزلته وصارحه بحقيقة أمره كي تستقيم لك الناس وتعاونك على القضاء على عوامل الفساد والدس والمواربة والتضليل.
"وأكثر من مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك وإقامة ما استقام به الناس".
فإن العلماء الحكماء ذوو خبرة واسعة وبصيرة نافذة في الأمور، وذوو إخلاص في إسداء النصح للحكام الصالحين.
ثم أوصاه بعدم الطيش والاندفاع ونهاه عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق فقال له: "إياك والدماء وسفكها بغير حلها... ولا عذر لك عند الله وعندي في قتل العمد".
ذلك ما يتعلق بشخصية الوالي وتصرفاته العامة المباشرة وغير المباشرة تجاه الرعية.
أما ما يتصل بحاشيته والمقربين إليه وتصرفاتهم تجاه الناس _فلكل وال حاشية مقربون وذوو قربى يكونون عوناً له أحيانا في إصلاح الأوضاع العامة ووبالا عليه وعلى الناس أحياناً أخرى فقد ذكره الامام بقوله:
"إن للوالي خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول وقلة انصاف في معاملة. فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال.
فلا تقطعن لأحد من خاصتك قطيعة ولا يطمعن منك في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤنته على غيرهم".
ثم أوصاه قائلا: "أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك وممن لك فيه هوى من رعيتك. "وإنصاف الله يتحقق _في هذا الباب _ عن طريق السير وفق شريعته السمحاء. وإنصاف الناس يتحقق بواسطة تطبيق تلك الشريعة على الأحكام والمعاملات.
"وليكن أبعد رعيتك منك أطلبهم لمعايب الناس" لكيلا يتخذ من التحدث المشين عن أعراض الناس وسيلة يتقرب بها منك فيتمادى _بعد ذلك _ في غيه مختلقاً المثالب والموبقات وواصماً بها دون حساب. هذا من جهة.
ومن جهة ثانية: فإن "في الناس عيوبا الوالي أحق من سترها.. "إن شر وزرائك من كان قبلك للأشرار وزيراً، ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة". ذلك لأنه ألف _منذ عهدهم _ أساليب الجور وأصبحت له منذ ذلك الحين مصالح مركزة وأتباع ومؤيدون في الباطل.
يضاف إلى ذلك أن تصرفاته الشريرة لابد أن تكون قد أزعجت الصالحين من الناس فشجبوها، الأمر الذي يجعله يتحين الفرص للإيقاع بهم.
ففتش عن وزراء صالحين، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم وليس عليه أوضارهم وأوزارهم وآثامهم" ولا يخفى عليك أن الوزراء الجدد يختلفون _مع صلاحهم _ في نفاذ البصيرة ودقة الملاحظة وفي الإقدام واتباع الحق فليكن "آثرهم عندك أقولهم للحق".
ولعل السبب الذي دعا الإمام إلى إعلان سياسته الإقتصادية بالشكل الآنف الذكر _بالاضافة إلى مستلزمات الشريعة السمحاء _ هو ذلك التفاوت المالي المريع بين المسلمين: أقلية مترفة مرابية لا تتقيد إلا ببعض مظاهر الدين في المواضع التي لا تتضارب هي ومصالحها، وأكثرية معدمة يبيت أغلبها على الطوى، في حين أنهم جميعاً "عباد الله والمال مال الله يقسم بينهم بالسوية، لافضل لأحد على أحد".
ذكر الإمام ذلك كله على مرأى ومسمع ممن حضر الاجتماع _من المهاجرين والأنصار، وأهل السابقة في الإسلام. فاختلفت مواقفهم منه باختلاف مصالحهم، فارتاع ذووا المصالح المركزة وأسروا في أنفسهم الإمتعاض، والحقد، لعلمهم أن ابن أبي طالب يعني ما يقول: وأنه ينجز وعده مهما كلف الأمر من مشقة وتضحية.

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة علم السياسة