موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة علم السياسة

كمال الغزالي
الحكومة الإسلامية ومؤسسات الجيش

 


يعتبر الجيش مؤسسة من مؤسسات الدولة وهو أداة للحفاظ على أمنها الداخلي والخارجي وهو الدرع الواقي في الحرب. والدولة التي لا تملك جيشاً قوياً معرضةً في سيادتها إلى المخاطر.
ومهمة الجيش أيضاً هو المساهمة في الإعمار وتنمية البلاد، فهو في خدمة الشعب وليس ضد الشعب، وهو إحدى المؤسسات الخاضعة للقيادة العليا، وعلى هذا الأساس فإن أي محاولة للخروج عن هذا الدور يعرض الأمة إلى الانهيار والتفكك خصوصاً أنه يمتلك وسائل الحسم الكبرى ((قطاع السلاح)) لفرض أي خيار يريده فباستطاعته إخراج الدبابات والمدرعات إلى الشوارع بسرعة فائقة لتتحول البلاد إلى حرب أهلية تقضي على الجالس والواقف على البريء والظالم. لذا فمؤسسة الجيش هي أخطر مؤسسة في الدولة ويتوجب تقنينها بالشكل الذي يحد من أطماع بعض الضباط في الانفراد بالحكم أو الانقضاض على نتائج الانتخابات أو حتى التلاعب بممتلكات الدولة كما هو الحال في ((الجزائر)).
إن من مقتضيات إشراك الجيش في بناء المجتمع والحفاظ عليه وعلى ممتلكات الدولة هو انخراطه في عملية التثقيف موازاة مع عملية التدريب العسكري فعملية التثقيف هذه تستهدف الرفع من مستوى المعارف السياسية والاجتماعية بحيث يتشكل لديه قناعة أنه جزء من المجتمع وأن الدولة هو الإطار العام الذي تعمل فيه كل المؤسسات بلحاظ طبيعتها وأنه ليس عدواً للشعب فهو في خدمة المواطنين. ومن أجل إعادة هيكلة الجيش في الدولة الإسلامية يتوجب العمل على بعض المقتضيات.
1 ـ شروط الارتقاء في المراتب العسكرية:
صحيح أن العسكري يحصل على مرتبة عسكرية من خلال إنجاز بعض الامتحانات الموسمية، ومن خلال أدائه العسكري داخل الثكنة أو أثناء الحرب لكن هذا لا يكفي للانتقال من مرتبة إلى أخرى تصاعدية إلا إذا ثبت فيه أيضاً حسن الخلق والكفاءة الروحية، فلا معنى لضابط يحتقر فيلقه يسب الأفراد ويشتم ويتفوه بالكلام الساقط وأحياناً يسب الله، فهذا الشخص ليس عسكرياً مخلصاً لوطنه وليس وفياً لعمله، فالدولة الإسلامية تحتاج إلى ضباط متخلقين وأكفاء.
كما على الدولة الإسلامية إقحام مادة المقاصد الشرعية في المدرسة العسكرية حتى يتمكن الضابط من أداء واجبه سواء في الحرب أو السلم وفق مقتضيات الشريعة. وتعتبر الكليات الخمس أساس هذه المقتضيات بالنظر إلى أبعادها: الدين، النفس، العقل، العرض، المال.
فهي المؤسسة لشخصية عسكرية متوازية تدرك خصائص القتال الشرعي وأهمية الدين في الحفاظ على الدولة وممتلكاتها وعلى المجتمع وأفراده. هكذا يتولد عند العسكري إحساس بأنه جزء من هذا المجتمع فتنتهي بذلك تربية القطيعة والمفاصلة بينه وبين المجتمع هذه المفاصلة ولدت عداء تاريخياً بين الجيش والمجتمع، هذا العداء نلحظه بقوة عند نزول الجيش إلى الشوارع لقمع الاحتجاجات المطلبية.
2 ـ الخدمة العسكرية:
لماذا الخدمة العسكرية؟ أولاً لأن الدولة رغم وجود جيش منظم ومهيكل تحتاج إلى جيش احتياطي وهذا الجيش هو مجموع أفراد الخدمة العسكرية ذلك إن من مهام الدولة تحسيس المواطن بأنه مكلف في أي لحظة بالدفاع عنها وليس الجيش فقط هو المكلف بالدفاع عن حوزة الوطن، فالكل مسؤول عند تعرض الدولة إلى مخاطر تستهدف سيادتها لهذا الأمر تأتي الخدمة العسكرية لتقول لكل فرد ينتمي إلى هذه الدولة إنك مقصود في عملية الدفاع. أما شروط الخدمة العسكرية كما هو متعارف عليه هو السن الثامن عشر ويبقى الإشكال مطروحاً بالنسبة للطلبة يستحسن دعوة الطلبة في الخدمة العسكرية بإنهائهم مرحلة الشهادة الجامعية (الليسانس) ذلك أن بعض التجارب تستدعي الطلبة أثناء المرحلة الدراسية مما يخلق مصاعب كثيرة عند الطالب.
المهم أن يعتبر المدعو إلى الخدمة العسكرية أن هذه الدعوة من صلب المسؤوليات المنوطة بكل أفراد المجتمع، وأنها ستعمل على تعميق وعيه الوطني والرسالي.
وستتقوى الدولة الإسلامية وستزداد هيبتها لأنها ـ تملك قطاعاً احتياطياً يمتلك المعرفة الكاملة بمقتضيات الدفاع عن الدولة.
----------------------------
المصدر:النهضة الاسلامية وقضايا المجتمع والدولة

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة علم السياسة