ما كتب عن الشهيد السيد محمد صادق الصدر ( قدس سره)

ما بعد الاستشهاد: شهيد مظلوم، وشعب يعيش المأزق

 

الشهيد امتداد للصدر الأول:

في تعليق أولي على الجريمة النكراء، كان سماحة السيد فضل الله قد أصدر البيان التالي:

 حذّر سماحته من المؤامرة الكبرى التي يعمل من خلالها النظام العراقي على إفراغ الحوزة الدينية من رموزها العلمائية والفكرية والفقهية عن طريق اغتيال العلماء.

ليست لدينا معلومات تفصيلية واسعة حول جريمة اغتيال السيد محمد محمد صادق الصدر، ولكننا كنا نخاف عليه، لأنه قام بما يشبه الثورة من خلال أداء صلاة الجمعة التي اجتاحت أكثر مدن العراق، واستطاعت أن تصنع يقظةً دينيةً منفتحة، وقد قام النظام العراقي قبل أسبوعين تقريباً باعتقال بعض أئمة الجمعة، لأنهم تحدّثوا بطريقة لا تنسجم مع ما يريده، وقد شدد السيد الشهيد قبل أسبوع أو أكثر على ضرورة إطلاق سراحهم، ويبدو أن النظام لم يتحمل ذلك، وهكذا حدثت الجريمة..

أضاف سماحته: إنني أعتقد أن وراء هذا الاغتيال مواقفه الأخيرة التي لم يرتح لها النظام من جهة، ومن جهة ثانية، فإن موقعه قد كبُر كثيراً في العراق، بحيث أصبح مرجع أكثرية الشعب العراقي من الناحية الفتوائية، وأظن أن النظام لا يرتاح لوجود شخصية عراقية، ولاسيما أنها تحمل ذكرى السيد الشهيد محمد باقر الصدر، في هذا الامتداد الشعبي الكبير.

وحذّر سماحته من المؤامرة الكبرى التي يعمل من خلالها النظام العراقي على إفراغ الحوزة الدينية من رموزها العلمائية والفكرية والفقهية عن طريق اغتيال العلماء. وذلك ليس جديداً على هذا النظام الذي لم يشبع من سفك دماء أهل العلم، ولم يتورع عن تصفيتهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. كما دعا علماء المسلمين من السنّة والشيعة إلى استنكار هذه الجريمة، والتصدي لهذا المخطط المجنون الذي لم يستكمل فصوله على ما يبدو، في وقت تمر الأمة الإسلامية والعربية في مرحلة تفرض التماسك والتوحد في وجه مؤامرات الخارج وجرائم الداخل.

المرجع المظلوم:

سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله(دام ظله) قد ألقى كلمة خاصة بمناسبة استشهاد المرجع الديني السيد محمد الصدر (رضي الله عنه) في ندوة السبت في حوزة المرتضى (عليه السلام) بتاريخ 5ذي القعدة/1419هـ الموافق 20/2/1999م، وجاء فيها:

 لم ينقل عنه في كل حركة مرجعيته أنه قال كلمة في السلطة بالطريقة التي توحي أنه يؤيِّدها، فمن الناحية السياسية أو الفكرية على الأقل، أنا لم أسمع ذلك ولم يُنقل لي ذلك،

"عظم الله أجورنا وأجوركم وأجور المسلمين بهذا المصاب الجلل الذي استهدف عالماً كبيراً ومجاهداً، عاش حياته منذ شبابه وهو يدافع عن الإسلام، فقد كنّا ونحن في مجلة (الأضواء) في سنة 1380 هـ في النجف الأشرف، نستقبل شاباً طاهراً طيباً، الطهارة تفيض على وجهه، وتشعر بالروح الإسلامية تتحرك في كل مواقفه، كان يأتي بكلماته في (الأضواء) ليعالج قضايا لم يكن مجتمع النجف يعالجها آنذاك.

انطلق وهو تلميذ ابن عمه الشهيد السعيد الصدر الذي تتلمذ عليه، وعاش حياته معه، وكان الشهيد الصدر يتنبأ بأنه سوف يكون له شأن كبير في حركة العلم والبحث والانفتاح، حيث كتب هذا في مقدمة موسوعة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ التي ألفها السيد محمد الصدر. وعاش آلام شهادة الشهيد السعيد وآلام شهادة أخته العلوية بنت الهدى، وعاش مأساة العراق، ودخل السجن وعاش الاضطهاد، وانطلق في خط المرجعية، وظلمه الكثيرون ولا يزالون يظلمونه عندما قالوا عنه (إنه مرجع السلطة)، وقالوا عنه كلمات كنا نرى منذ البداية أنه يأثم صاحبها.

إني أعتقد أن هؤلاء لو كانوا في زمن الأئمة (عليهم السلام)، لاتهموهم بولائهم للسلطة، لأن الذهنية هي الذهنية. لذلك إنني أتصور طيبته وطهارته وصفاء نفسه، وأتصور أنه كان يرى ـ سواء ناقشته في ما يرى أو لم تناقشه ـ أنه يستطيع أن يقوم بخدمة الإسلام، باعتبار ما يعتقده من تقية أو ما أشبه ذلك.

لم ينقل عنه في كل حركة مرجعيته أنه قال كلمة في السلطة بالطريقة التي توحي أنه يؤيِّدها، فمن الناحية السياسية أو الفكرية على الأقل، أنا لم أسمع ذلك ولم يُنقل لي ذلك، من الممكن أنه كان هناك نوع من الهدنة أو نوع من المداراة التي كان يرى باجتهاده أنها مشروعة، ولاسيما في العراق الذي تتميّز حكومته بأنها من أكثر الأنظمة شراسةً في الجريمة. لذلك، أن تكون خارج العراق لتعلق على بعض المواقف شيء، وأن تكون في داخل الزنزانة حتى وأنت تتحرك في مدينتك شيء آخر.

وعليه، لا بدَّ من أن ندرس كلَّ ظروف أهلنا وأخواننا، وعلى الإنسان المؤمن عندما يريد أن يحكم على أي شخص، ولاسيما في مثل هذا الرجل الذي ملأ الثقافة الإسلامية علماً وفقهاً، أن يدرس ظروفه النفسية وظروف الساحة وظروف الواقع الذي كان يعيشه. إننا أصبحنا نقلب كلمة علي (عليه السلام) الذي قال: "ضع أمر أخيك على أحسنه، ولا تظننَّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً"، فـأصبحت المسألة (ضع أمر أخيك على أسوأه، ولا تظننَّ بكلمة خرجت من أخيك خيراً وأنت تجد لها في السوء محملاً). أصبحنا نغلِّب احتمالات الشرّ على احتمالات الخير، ونظلم الناس على هذا الأساس، ونحن نعرف القاعدة الحضارية الإنسانية التي تقول: (المتهم بريء حتى تثبت إدانته). وقضية الإدانة تحتاج إلى حيثيّات في دراسة الموقف والكلمة؛ لأن من الممكن أن تكون هناك بعض الظروف الدقيقة التي لا تسمح له أن يتكلم بكلمة. نحن نقرأ في أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) كيف كانوا يواجهون الظروف التي كانت تحيط بهم بأسلوب المداراة حفظاً للخط، حتى يستمر الخط الأصيل، وحتى يمكن حماية المعارضة والجهات الممانعة. من الطبيعي أن للتقية حدوداً، ومن الطبيعي أن لها برامج وقوانين، ولكن علينا أن لا نعذر أنفسنا في ما لا نعذر به الناس: "اجعل نفسك ميزاناً بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك".

إنَّ الكثيرين الذي يسجّلون ملاحظات قاسية، لو كانوا في الموقع نفسه ماذا يفعلون؟ نحن لا نريد أن نتبنى كل الأسلوب، فقد يكون لنا رأي في أسلوب معين أو أسلوب آخر، وقد نعارض أسلوباً ونؤيد آخر، ولكن هناك فرقاً بين أن تعارض أسلوباً معيناً لتجد أنه خطأ، وأن تحكم على الذي يمارس هذا الأسلوب بالخيانة، وبما أشبه ذلك من الكلمات التي تحدَّث بها البعض، وهناك من قد يخطىء في فكره، ولكنه قد يكون معذوراً. ونحن من نتمسك بقول: "إن المجتهد إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجرٌ واحد".

إننا عندما ندرس ممارسته الثورية في صلاة الجمعة التي استطاعت أن تعيد هذه الروح الإسلامية التي غابت من الشارع الإسلامي في ظلّ الضغوط التي حصلت وأدّت إلى إلغاء مجالس العزاء والمواكب الحسينية وإلغاء كلّ الحريات، ولم يبق إلاّ الزيارات لمقامات الأئمة(ع) كمتنفس وحيد لهم...

فقد كان ـ بحق ـ المعارضة والثورة الصامتة، وعندما جاءت صلاة الجمعة، استطاعت أن تكون المتنفَّس للكلمة الدينية والموعظة والكلمة الإسلامية، ولذلك أيَّدناه بكل قوة، لأن صلاة الجمعة هي الصلاة التي حرمنا منها في مدى القرون الأولى، ولأنها الصلاة التي تجمع المسلمين في كلِّ منطقة ليلتقوا في أجوائها، وليسمعوا الكلمات التي تتَّصل بحياتهم.

وقد لاحظنا في المدة الأخيرة كيف بدأ يخرج من هذا الطوق، ويتكلم بكلمات فيها من المعارضة الشيء الكثير، ومن النقد للسلطة، وأعتقد أن هذه الجريمة رد فعل لما أثاره من التهديد للسلطة، ولما يمكن أن يقوم به الناس ضدها إذا لم تطلق سراح أئمة الجمعة الذين سجنتهم. وإنني أتصور أن هذا الموقف كان قمةً في إطلاق كلمة الحق، ولعل السلطة لم تصبر على ذلك، لأنها لا تتحمل أن تُقال كلمة قوية في وجهها، لم تكن تتصور أن الوضع سوف يمتد إلى هذا الالتفاف الجماهيري، ولذلك ربما خطَّطت لشيء، لكنها اصطدمت بشيء ربما يهدد وضعها في المستقبل، لأن هناك صلاة تجمع الناس، وعندما يجتمع الناس في صلاة واعية، فإن من الطبيعي أن ينفتح هذا الوعي ويتحرك ويعبّر عن نفسه، ولاسيما في هذه الظروف السياسية التي تحاصر السلطة الصدّامية عربياً ودولياً كما تحاصرها محلياً.

لذلك، إننا نعتقد أنه الشهيد المظلوم، أنه الرجل الذي أعطى الإسلام الكثير في كتبه، وانطلق من أجل أن يؤكد حركة الإسلام بحسب ما يتسع له ظرفه، ولا يجوز أن يُتحدث عنه بسوء. قد يملك أحد أن يتحدث عن خطأ في الأسلوب أو خطأ اجتهادي كما يتحدث المجتهدون، لكن أن يتحدث عنه بسوء، فهذا ظلم له. لذلك نقول لكل الذين يتحدثون أو ينتقدون: لقد ظُلم هذا الإنسان الكبير من قبل طاغية العراق، فلا تضيفوا إلى ظلامته ظلامة أخرى، لقد اغتاله النظام الطاغي جسدياً فلا تغتالوه معنوياً، ومن الممكن كما قلت أكثر من مرة في هذا الحديث، أن تناقشوا بعض كلماته أو أساليبه، ولكنكم لن تستطيعوا أن تناقشوا أنه كان صالحاً تقياً يخاف الله ويعمل بما يعتقد أن الله يعذره فيه.

إننا نشعر بخسارة كبيرة جداً، وبظلامة كبيرة جداً، ونشعر بالمأزق الذي يعيشه هذا الشعب الذي عذِّب كثيراً من حاكمه، وعذِّب من الواقع الدولي، ولا يزال يُعذَّب جوعاً وتشريداً وقتلاً وما إلى ذلك، ولعل من أشد عذاباته هو ما يعانيه الآن من هذه الجريمة، ولا ندري كيف يكون رد الفعل هناك؟ وقد سمعنا أن هناك ردود فعل غاضبة، ولكننا نعرف أن العراق كله يعيش في بلد تحكمه المخابرات ويحكمه الحديد والنار.

فليكن الصوت واحداً ضدّ هذه الجريمة، ولا تتركوا للخطوط هنا وللخطوط هناك أن تتحرّك بين من يشمت وبين من يأثم في كلماته. ليكن الصوت واحداً، لقد كان هذا الرجل شهيداً مظلوماً عاش من أجل الإسلام، ومات من أجل الإسلام، وعلينا أن نعمل ونحفظ البقية الباقية من الحوزة العلمية في النجف الأشرف، التي اغتالها النظام، ومن المراجع الذين كانوا ولا يزالون في خطر".

عمليات الاغتيال الجسدي:

وفي ما يتعلَّق بعمليات الاغتيال الجسدي لعدد من مراجع النجف، ومنها السيِّد محمد صادق الصدر(رض)، وجّه سماحته في خطبة الجمعة السياسية بتاريخ: 9 ذو القعدة 1419هـ، 26شباط 1999، كلمةً حول هذا الموضوع جاء فيها:

"إنَّ مشكلة العراق أولاً هي مشكلة حاكمه، الذي لم نقرأ في التاريخ ولا في الواقع المعاصر حاكماً قتل من شعبه مثلما قتل، ولاسيما العلماء الكبار، وفي مقدمتهم الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر، الذي يمثِّل الفكر الإسلامي المبدع، والذي لو امتدّ به العمر لأعطى الفكر الإسلامي الكثير من أفكاره المبدعة، كما قتل الكثيرين من رفاقه ومن الأحرار من أفراد الشعب العراقي، بحيث لا يملك الإنسان عدد الذين قتلهم هذا النظام.

إنَّ أول حكم يصدر لأي معارض هو الإعدام، فهو لا يعرف شيئاً آخر غير الإعدام، وهذا ما لاحظناه أيضاً في المدة الأخيرة، بعدما كان قد اغتال حوزة النجف، التي كانت منذ أكثر من ألف سنة، منذ زمن الشيخ الطوسي رحمه الله، حتى وقت قريب، كانت الحوزة العلمية التي تخرّج آلاف العلماء في سائر أنحاء المعمورة، ولكنه جاء واغتال هذه الحوزة، فهجّر أكثر علمائها، ولم يبق إلا أعداد قليلة جداً من الطلاب يعيشون أجواء الرعب والخوف هناك.

وقد بدأ في المدة الأخيرة في اغتيال العلماء، فاغتال أولاً من خلال عملائه آية الله الشيخ مرتضى البروجردي، ثم آية الله الشيخ ميرزا علي غروي التبريزي، ثم بالأسلوب نفسه اغتال آية الله السيد محمد صادق الصدر، الذي لم يصدر منه إلا مطالبته الحكم العراقي بأن يفرج عن وكلائه الذين يصلّون الجمعة في مناطق العراق، فما كان من النظام العراقي إلا أن أرسل عملاءه لاغتياله في طريق عودته إلى بيته مع ولديه، بعد أن أطفأ الكهرباء في المنطقة كلّها، حتى لا يرى أحد هول الجريمة، وقد قام هؤلاء باغتياله بدمٍ بارد، ثم بعد ذلك دفنه ليلاً، ولم يمكّن أحداً من أن يُشيّع جنازته، بل أتى بعائلته وبقية أولاده قبل الفجر من أجل أن يشهدوا دفنه ليلاً، وقد كان دفنه ليلاً كدفن جدته السيدة فاطمة الزهراء(ع)، وكان دفنها ليلاً احتجاجاً، ولكن كان دفنه إخفاءً لوضعه، هي اختارت أن تدفن ليلاً لتحتجّ بعد وفاتها بما احتجّت به قبل وفاتها، ولكنهم دفنوه ليلاً حتى يمنعوا الناس من تشييع جنازته، وقد سمعنا أن زوجته توفيت بعد استشهاده بثلاثة أيام بفعل الصدمة الصعبة، حيث رأت نفسها قد فقدت زوجها وولديها في غفلة من الزمن.

إن هذا النظام هو النظام الذي أدخل شعبه في الكثير من المتاهات، والكثير من الظلمات، من خلال مغامراته غير المحسوبة، وحتى الآن لا يزال يغامر، ولا يزال يتحرك من دون أي تخطيط عقلي، مهما قتل من شعبه، ومهما حوصر شعبه وجُوِّع.

إنّ علينا أن نكون دائماً مع الشعب العراقي المظلوم الجريح الذي شرّد مئات الألوف منه في سائر أنحاء العالم، والذي لا يزال أطفاله يعيشون الجوع من خلال الحصار الأمريكي من جهة، ومن خلال حصار حاكمه من جهة أخرى، وعلينا أن نكون مع علمائنا المجاهدين ومع مراجعنا الكبار في النجف أو في قم أو في أي مكان من العالم، لأن الاستكبار العالمي يعمل في خطين بالنسبة إلى العلماء المجاهدين الكبار، الخط الأول هو اغتيالهم جسدياً، والخط الثاني هو اغتيالهم معنوياً، وذلك من خلال إثارة الضوضاء حولهم بالعمل على تشويه صورتهم، وقد تكون المسألة بإثارة العقد الموجودة في ما بين المؤمنين، من أجل الاغتيال المعنوي لعلمائهم الكبار المجاهدين.

علينا أن نحذّر من كلِّ هذه الخطة التي قد يكون شكلها شكلاً محلياً أو شكلاً إقليمياً، ولكنها تخضع لتخطيط دولي. إن قيمة الأمة إنما هي بعلمائها ومراجعها الكبار، وإذا كانت هناك اختلافات في وجهات النظر، فليس معنى ذلك أن نتحزّب لهذا العالِم أو لذاك العالِم، أو نشوّه صورة هذا العالم أو ذاك العالم. إن علينا أن نحترمهم جميعاً، وأن نقدرهم جميعاً، لأنهم ملح الأرض، ولأنهم زاد الأمة، وقد ورد عن النبي(ص): "العلماء ورثة الأنبياء". هذا ما يجب علينا أن نواجهه، وأن يعرف كل الحكام وكل الأنظمة، أن الأمة تقف مع علمائها، وأنها لا تسمح باغتيال علمائها جسدياً أو معنوياً".

الجريمة الكبرى:

وفي حوار لقناة (L.B.C) الفضائية مع سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في 21/2/1999، جاء:

ـ سماحة السيد، قبل أن نقدم بطاقة التعريف عن شخصك، فإني سوف أسألك عن الحدث اليوم الذي تصدَّر كل الصحف وكلَّ نشرات الأخبار، إن في لبنان أو في العالم العربي، وهو اغتيال آية الله السيد محمد محمد صادق الصدر واثنين من أبنائه، كيف تلقيت الخبر؟ وما هو تفسيرك لهذه الجريمة؟ يقول سماحته:

"لقد كانت صدمةً كبرى؛ لأن الجريمة كانت جريمة قاسية جداً، باعتبار أن الرجل يملك حضوراً واسعاً لدى الشعب العراقي، وذلك من خلال حضوره المرجعي من جهة، ومن خلال صلاة الجمعة التي كانت تضمّ في سائر أنحاء العراق عشرات الألوف من الناس. وإنني أتصور أن الذي يقف وراء عملية الاغتيال هو النظام العراقي؛ لأنه اغتال أكثر من شخصية علمية كبيرة، وفي مقدمتها السيد محمد باقر الصدر، المفكر الإسلامي المعروف، والكثير من العلماء، سابقاً ولاحقاً، ولعل الأساس في هذه الجريمة، هو أن المغفور له السيد الشهيد الصدر، تحدّث في الجمعة الفائتة مطالباً الحكومة العراقية بالإفراج عن بعض أئمة الجمعة الذين اعتقلتهم، وهدّد أنه سوف يتحدث مع الجماهير حول هذا الموضوع إذا لم تستجب لطلبه، وكان ردّ الفعل هو عملية اغتياله بشكل قاسٍ، حيث قتل هو وولداه، ونحن عندما نعرف طبيعة الأجهزة التي تحكم العراق، فإننا نعرف أنه من الصعب جداً أن يحمل أحدٌ سلاحاً بالطريقة التي حدثت فيها الجريمة".

وفي درس التفسير القرآني الأسبوعي في بيروت:

بتاريخ 7ذو القعدة/1419هـ، الموافق 23 شباط/1999م، أكد سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله "أننا لم نشهد نظاماً مجرماً كالنظام العراقي في كل هذا التاريخ المعاصر"، معرباً عن عدم ثقته بالإعلان الأمريكي عن الاستعداد للمساعدة في الإطاحة بهذا النظام، لأن أمريكا تستفيد من الابتزاز وإرباك الواقع العربي، مشيراًَ إلى أن المعارضة العراقية ليست واحدة وتمتلك التخطيط الذي تتكامل فيه عناصره مع بعضها البعض، (داعياً كل الأحرار والمسلمين) أن يدعموا حوزة النجف ومراجعها وطلابها، حتى لا يكون مصيرهم كمصير من سبقهم.

 

السيرة الذاتية || الصور || المؤلفات || ما كتب حوله