مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

رؤية إسلامية لحال الأمة

ورقة عمل(1)
1- خمس سنين مضت منذ اجتمع في القاهرة خمسون مفكراً يمثلون التيارات السياسية الدينية والقومية في الوطن العربي، في الندوة التي نظمها عام 1989 مركز دراسات الوحدة العربية. وقد جدّت على الساحة المحلية العربية، وعلى الساحة العالمية، تغيّرات شديدة الخطورة لم تزد أهل الرأي والفكر إلا يقيناً بضرورة الإعداد لما أوصت به تلك الندوة من استمرار اللقاء القومي - الديني، وفي صورة أكثر خصوصية: اللقاء القومي - الإسلامي، أملا في تجلية الرؤية المشتركة، والرؤى الخاصة لقضايانا الحالية وللتحديات المتجددة التي تواجه الأمة في حاضرها فتهدد، بلا ريب، مستقبلها.
2- وإذا كان اللقاء بين القوى الفكرية والسياسية أمراً مرغوباً فيه بوجه عام، فإن اللقاء القومي - الإسلامي ضرورة لا غنى عنها، ولا يملك أي من التيارين
1- أعدّ ورقة العمل هذه، بتكليف من اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومي - الإسلامي، لجنة من التيار الإسلامي مؤلفة من السادة ( حسب الترتيب الأبجدي): فهمي هويدي، محمد سليم العوّا، محمد عمارة، يوسف القرضاوي، كما حضر اجتماعات اللجنة، أحمد صدقي الدجاني.
ترف التفريط فيها أو إهمالها.
3- فالتياران القومي والإسلامي هما اللذان يعبّران في الأمة العربية اليوم عن مناهج الأصالة: تحديداً للهوية، وبناءً للذات، ومواجهة للآخرين، موالين كانوا أم أعداء. والتحديات التي تواجه الأمة العربية والأمة الإسلامية داخلياً وخارجياً تدعو هذين التيارين إلى التقارب والالتقاء على مواضع الوفاق في سعيهما إلى تحقيق النهضة والخروج من أسر الهزيمة وإحياء الأمل في نجاح المشروع الحضاري المتميز للأمة العربية، وهو مشروع لا يمكن أن ينفصل عن نهضة إسلامية عامة ولا يتصور قيامه دون الارتباط بعرى وثيقة مع الفكر والتوجيه الإسلاميين، وللعروبة في هذا المشروع الحضاري دور متميز وملحوظ .
4- وفي نظر التيار الإسلامي يأتي هذا اللقاء مع التيار القومي في إطار ضرورة تعاضد القوى الرافضة مخططات الهيمنة الغربية، والاستسلام لمطامع العدو الصهيوني، اللذين كسبا مساحات واسعة من القبول الرسمي على المستوى الحكومي العربي كرّسته الاتفاقات الأخيرة بين العدو الصهيوني وبين منظمة التحرير الفلسطينية، ثم بينه وبين الأردن. وقد اتسعت شريحة المثقفين والمفكرين الذين يؤيدون الاستسلام لهذا الواقع الجديد الذي تصبح فيه اليد العليا للصهيونية والقوى الدافعة نفسها في الغرب والعناصر المؤيدة للتعاون معها في الداخل، ولم يعد متمسكاً بموقف الدفاع عن الهوية المتميزة للأمة العربية سوى التيار الإسلامي والتيار القومي اللذين لا يكتفيان بمجرد الرفض النظري للموقف الحكومي الرسمي وللمنهج القائل بالتعاون الإقليمي بين العرب وبين إسرائيل بل يطوّرانه، كل بما يملك من
وسائل وأدوات، إلى رفض عملي منظم، وإلى فكر حركي فعّال داخل الأراضي المحتلة، فلسطين، وفي غيرها من أقطار الوطن العربي، وبين الجاليات العربية خارج الوطن وعلى الأخص في الغرب الأوروبي والأمريكي.
5- ويشعر التيار الإسلامي بوجه خاص بأن الذي تواجهه أمتنا من عدوها ليس أمرا مؤقتاً، ولا خطراً عارضاً، وإنما هو ذروة الاستكبار العالمي، في ظنه أن الأرض كلها قد أخذت له زخرفها وازينت، وأصبح بأمواله وقوته قادراً عليها مسيطراً على كل شبر فيها.
وهو حلقة من حلقات العداوة المستمرة بين الإسلام وبين الشانئين له يصدق فيها قول اللّه تبارك وتعالى: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)(1).
6- ولا يتعامل التيار الإسلامي مع هذه الحلقات المستمرة من موقع الاستسلام بحال من الأحوال، بل يقف منها موقف المقاومة المستمرة نزولاً عند أمر الله تبارك وتعالى: (وقاتلوا في سبيل اللّه الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا)(2).
7- واستنهاض القوى الفاعلة في الأمة كله لأداء فريضة المقاومة لمحاولات الهيمنة عليها والتمكين لعدوها واجب لا يدخر التيار الإسلامي جهداً في أدائه ولا يترك سبيلاً يؤدي إليه دون أي يسلكه، عملاً بالأمر القرآني: (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة)(3).
والأمل كبير في أن يكون اللقاء المستمر بين التيارين الإسلامي والقومي من
1- البقرة / 217 .
2- البقرة / 190 .
3- الانفال / 60 .
وسائل تحقيق هذا الواجب، وأن يؤدي دوره في تحقيق استنفار شعبي عام في مواجهة المخططات الجاري تنفيذها على أرض الواقع.
8- ولأن التحدّيات على درجة من الخطورة غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر، والانهيارات في الجبهات العربية تتوالى بسرعة مخيفة، فإن التيار الإسلامي لا يرى أي جدوى من إنفاق الأوقات التي تخصص لهذه اللقاءات في مناقشة الماضي، أو محاولات كل تيار لتبرئة ساحته مما يرميه البعض به من تهم. وإنما الذي نراه مجدياً ومؤثراً هو أن يتطلع المفكرون والقياديون المجتمعون إلى الحاضر والمستقبل، يحاولون في الحاضر مقاومة الاستسلام الرسمي لمحاولات الاستتباع والإضعاف وقهر الإرادة الوطنية، ويحاولون في المستقبل صنع الوسائل الكفيلة بتغيير الواقع المر باستعادة السيادة الوطنية واستقلال القرار العربي وفرض الحق على الناكبين عنه والرافضين له.
9- واللقاء بين التيارين الإسلامي والقومي ليس لقاء لتحقيق مصلحة عابرة، ولا هو موقف تمليه الضرورات الحاضرة. ولكنه السبيل، في نظر التيار الإسلامي، إلى إحياء حضاري يصل مستقبل الأمة بما انقطع من ماضيها، ويعوّض لأجيالها القادمة ما خسره جيلنا منذ بدأت حركة التحرر من الاستعمار العسكري الأجنبي تؤتي ثمارها حتى اليوم.
10- واللقاء الحضاري العربي - الإسلامي ليس مقتصراً على التيارين السياسيين العربي والإسلامي فى الوطن العربي، بل هو لقاء أكثر شمولاً يصل بين الأمة العربية، باتباع مختلف الأديان فيها، وبين العالم الإسلامي على اتساعه وترامي أطرافه، صلة يقوى بها العرب والمسلمون جميعاً، ويتجدد عطاؤهم الحضاري للإنسانية، ويساوون - إن لم يفوقوا - بجمعهم وإمكاناتهم
المادية والمعنوية الكتل الحضارية المتصارعة في الغرب والشرق.
11- وهذا المفهوم للقاء العربي الإسلامي يقود إلى إيضاح حقيقة مهمة، هي أن العربي مهما كان انتماؤه الفكري أو عقيدته الدينية لا يملك التفريط في اعتزازه بالانتساب إلى الحضارة الإسلامية، فالعروبة وعاء الإسلام، ومحضن نصه المقدس: القرآن الكرم، وهي جامع تحدّده اللغة العربية المنطوقة والمقروءة، وهو، لذلك، يتسع نطاقه كل يوم بازدياد المتكلمين باللسان العربي، فإن العربية - في مأثورنا - ليست من أحدنا بأب ولا أم ولكن من تكلم بلسان العرب فهو عربي.
12- والاعتزاز بالإسلام قوة لكل عربي، والانتماء إليه: ديناً للمؤمنين به، وحضارة لأهل غيره من الأديان نصرة لقضايانا العربية كلها. ولا شك أن اعتزاز التيار الإسلامي - العربي بعروبته كان في أدبيات نصف القرن الماضي - على الأقل - أوضح من اعتزاز التيار القومي بالإسلامي. والذي تدعو هذه الورقة إليه هو أن يتأكد الاعتزاز المتبادل بالإسلام من العروبيين، وبالعروبة من الإسلاميين، الاعتزاز الذي يمليه إدراك حقائق العلاقة بين الفكرتين والتيارين الممثلين لهما، لا الاعتزاز الذي يمليه التقليد الأعمى أو العصبية الجاهلية التي نهى الإسلام عنها.
13- ويفتح هذا اللقاء أبواب التفاهم الاستراتيجي بين التيارين القومي والإسلامي حول القضايا التي يجب حسمها في سبيل صياغة مشروع للنهضة العربية في مواجهة محاولات ترسيخ الاستذلال والاستتباع للصهيونية وللغرب.
14- وأولى هذه القضايا هي قضية المرجعية الإسلامية العامة لهذه الأمة.
فالتيار الإسلامي يرى أن هذه المرجعية لاتكون إلا للإسلام، وأن عوامل القوة الأخرى كالاعتزاز القومي بالتاريخ وبالنضال وبالأبطال وبالموقف، يجب أن يكون إضافة مقدّرة إلى رصيد المرجعية الإسلامية، ولا يجوز أن تكون تحت أي ظرف خصماً من هذا الرصيد أو عبئاً عليه.
بالإضافة إلى الالتزام الديني الذي يقوم عليه موقف التيار الإسلامي من هذه القضية - وغيرها من القضايا - فإن النزول عند القاعدة الديمقراطية التي تجعل للأغلبية حق اتخاذ القرار في الشؤون العامة يقتضي، حيث يكون المسلمون هم الأغلبية، وحيث يكون أبناء الديانات الأخرى قد عبّروا خلال قرون متعاقبة عن قبولهم للأساس الحضاري الإسلامي، أن تكون شريعة الإسلام هي مصدر المرجعية العامة للمشروع الحضاري لهذا الوطن.
15- والانتقال من القاعدة الديمقراطية إلى الواقع العلمي يبين أن الإسلام هو الطاقة الأقدر على تحريك الجماهير نحو موقع حضاري متقدم، وهو القوة الدافعة لنضال مستمر يخرج بالأمة من نكبتها الحالية إلى الموقع الحضاري المناسب لطاقتها وإمكاناتها.
16- وليس بدعاً أن تدعى الأمة كلها، بتياراتها كافة، إلى إعلان القبول بالمرجعية الإسلامية العامة لمشروع نهضتها. فقد شهدت السنين العشر الأخيرة تراجع المذهبيات الغربية المنكرة للدين أو غير المكترثة به، وتقدم الأفكار والمشاريع ذات المرجعية الدينية. ولعل الثورة العارمة، في بلدان المسيحية وبلدان الإسلام، التي ووجهت بها بعض توجهيات مؤتمر القاهرة للسكان، خير دليل على نمو الشعور الديني السياسي والاجتماعي والاقتصادى.
وطبيعي، إذا، والمسلمون أكثر أهل الأديان استمساكاً بدينهم، والعرب المسيحيون أكثر أهل المسيحية اعتزازاً بها وحرصاً عليها، أن تكون المرجعية العامة لمشروع النهضة العربية هي المرجعية الإسلامية، بما يتضمنه ذلك لزوماً وضرورة من الحرص على أهل غير الإسلام من أديان والرعاية لكامل حقوقهم في المواطنة ولحريتهم العقيدية والتعبدية ولحقوقهم في التنظيم الأسري والاجتماعي المستمد من دينهم.
17- ويتصل بهذه المسألة ضرورة تحديد موقف التيار القومي من العلمانية التي ينادي بها البعض بديلاً للالتزام الديني على مستوى العمل الوطني والقومي، ومستوى النضال العربي ضد الصهيونية وصانعيها وصنائعها. إذ ليس صحيحاً من الناحية الفكرية، ولا من الناحية التاريخية، أن هناك رابطة أو تلازماً بين القومية العربية والعلمانية، بل إن التميز القومي العربي خرج في الواقع من عباءة الفكر الإسلامي وتاريخ نضال علمائه.
18- والتيار الإسلامي يرى أن قبول مبدأ التعددية الفكرية والسياسية يفرض معارضة الأفكار التي مؤداها "نفي الآخر"، فلا الإسلاميون يريدون - ولا يستطيعون - حرمان غيرهم من مخالفيهم في الرأي من حقهم في التعبير عن رأيهم، ولا هؤلاء يجوز لهم أن ينفردوا دون الإسلاميين بساحة العمل والنضال. والمهم هنا أن يقر الجميع أن العلمانية ليست مرادفاً للديمقراطية، ولا هي ضرورة من ضروراتها، ولا هي إحدى آلياتها، فكل ذلك غير صحيح، والبحث العلمي المحايد يثبت عدم صحته.
فبقي لنا أن يحترم كل فريق عقائد الآخرين وأن نتعاون جميعاً لصياغة مشروعنا لنهضة تسع الجميع وتدعو الجميع إلى الإسهام في صنعها والدفاع
عن القيم التي تتبناها وتقوم عليها.
19- لا يسع التيار الإسلامي في هذه الورقة الموجزة إلا أن يقرر أن ما تتهم به الدعوى العلمانية تيار التدين في العالم كله لا ينطبق على مفاهيم التيار الإسلامي للعمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، بل إن المفاهيم التي ينطلق منها هذا التيار تتنافى كل التنافى مع مأخذ العلمانية على التيار الديني العالمي.
20- فالإسلاميون يقفون موقف العداء والانتقاد من تيار الجمود الفكري وينطلقون من المبادئ الإسلامية الخالدة التي تقرر أن اللّه تبارك وتعالى خلق لعباده (مافي الأرض جميعاً)(1)، وأن الناس "أعلم بشؤون دنياهم"، وأنه "حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله ودينه" ، وأن مارآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وأنه حيث يثبت حكم شرعي يقينى فإن تطبيقه هو عين المصلحة، إذ إن الدين كله مبني على "جلب المصالح وتحقيقها"،ولازم ذلك أن "دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة"، وأن القاعدة القرآنية في إباحة الضرورات للمحظورات: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم)(2). قاعدة عامة تعمل في مجالات الحياة العامة والخاصة جميعاً، وأن "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها".
21- والتيار الإسلامي يؤمن بضرورة استمرار العمل العلمي على هدي من مبدأ الاجتهاد المقرر في الإسلام، ومن مسلمات الفقه الإسلامي أن النصوص المحدودة لا يمكن أن تتسع لحكم الوقائع المتجددة غير المحدودة. وقد قرر النبي(صلى الله عليه وآله) هذا المبدأ في وقائع عديدة، من أشهرها قوله لعمرو بن العاص: "إن
1- البقرة / 29 .
2- النحل / 15 .
الحاكم إذا اجتهد فحكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فحكم فأخطأ، فله أجر". وما كان فاعله دائراً بين الأجر والأجرين فإنه خير كله، ولا يجوز للأمة القعود عنه والركون إلى تقليد السابقين الذين قدموا لأزمانهم ما صلح به حال الناس ولكنهم ليسوا معنا الآن ليعلموا ما الذي يصلح به حالنا وما الذي تستقيم به شؤوننا. فلا مناص من الاجتهاد الشرعي في كل أمر يحتاج إلى حكم جديد، ولا يستطيع القيام بهذا الاجتهاد إلا المؤهلون علمياً للقيام به.
22- والمنهج الإسلامي في الاجتهاد منهج علمي منضبط لا يتسع للفوضى الحاصلة في هذه الأيام في مجالات الرأي والفكر الديني، ولا يقرها. ويعمل التيار الإسلامي ما وسعه العمل على إقرار قواعد العلم والعمل جميعاً بين المنتمين إليه، وعلى إشاعتها وتأكيد وجوب الالتزام بها في الناس كافة.
23- فكل الذي تأخذه العلمانية بمفهومها الغربي على الدين والتدين ليس له علاقة، من قريب أو بعيد، بمفاهيم التيار الإسلامي الذي ينطلق منها عمله، ولا بقيمه التي تقوم عليها عقيدته، ولا بتعاليمه التي يبثها في الأجيال المتتابعة من المنتمين إليه.
24- والإسلام حين استقرأ علماؤه ضرورات العمران البشري حدّدوها في خمسة عوامل هي: حفظ الدين والنفس والنوع والعقل والمال، فجعل الدين مقوماً واحداً من مقومات العمران البشري وبقية المقومات راجعة إلى حماية الإنسان فرداً وجماعة، وحماية المال خاصاً وعاماً. وأحكام هذه الحماية إذا توافر لها الوازع الديني كان الالتزام بها أقوى في نفوس المخاطبين وكان الخضوع لها اختياراً لا كرهاً، وكان التأييد للمشروع الحضاري الذي يقوم عليها والوقوف إلى جوار دعاته أوفر منه لأي مشروع آخر.
25- ومن قضايا هذا اللقاء تحديد معالم مشروع نهضة أمتنا، ومنها:
أ- الوطن المستقل.
ب - الثقافة الوطنية والقومية والإسلامية المستقلة.
ج - التنمية المستقلة.
د - العدل الاجتماعي في توزيع الثروات والأموال.
هـ - الوحدة الوطنية.. فالقومية.. فالإسلامية.
و - الاعتزاز بالعربية وتحقيق سيادتها على الأرض العربية في الثقافة والحياة العامة، وجعلها رباطاً جامعاً بين العرب والقوميات الإسلامية الأخرى.
26- ومن القضايا الجوهرية في أولويات هذا الحوار، عند التيار الإسلامي قضية الموقف من الغرب ومن تيارات الفكر والحركة المعادية فيه للإسلام.
وموقف التيار الإسلامي في هذه القضية مستمد من الأمر الرباني الصريح للنبي (صلى الله عليه وآله) (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا اللّه ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون)(1).
27- والوصول إلى "كلمة سواء" لا يكون إلا بالحوار الحر المخلص الذي يبتغي كل طرف فيه الوصول إلى الحقيقة، وليس في تاريخ علاقتنا بالغرب موقف أو توجّه يحسب علينا ، فلم تكن هناك ، أبداً، مشكلة عدوان من جانب العرب في مواجهة الغربيين، ولكن المواقف والتوجيهات السلبية كانت دائماً من جانب الغرب، حكامه وأحزابه ومفكريه، ضد الأمة العربية وضد حضارتها وثقافتها وشعوبها جميعاً.
1- آل عمران / 64 . 28- وفي مرحلة نضالنا الحالية، فإن موقف التيار الإسلامي من هذه القضية أن مشروعنا الحضاري، المستمدة أسسه من عقيدتنا وقيمنا وثقافتنا وتقاليدنا، مشروع واجب الاحترام، وأن كل ما يقدمه الغرب من دعاوى الإيمان بالتعددية السياسية وأهميتها وضرورتها لا يقوم على ساق إذ لم يحترم الغرب التعددية الحضارية والثقافية كاحترام التعددية السياسية سواء بسواء.
29- والتعددية - عندنا - سنة من سنن اللّه في الكون: (ألم تر أن اللّه أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيضٌ وحمرٌ مختلف ألوانها وغرابيب سودٌ. ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك . إنما يخشى الله من عباده العلماء . إن اللّه عزيز غفور)(1)، وهي سنة من سنن الله وآية من آياته في البشر: (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)(2)، وهي سنة من سنن اللّه في الشرائع والحضارات: (... لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)(3).
30- فالموقف العربي - الإسلامي من الغرب، إذا، موقف تقدير الاختلاف واحترامه، والحوار البناء حول قضاياه.
وعلى نقيض ذلك كان، ولا يزال، الموقف الغربي من الحضارة الإسلامية والثقافية العربية: رفضاً مستمراً وعداء مستحكماً بلغ قمته بزرع الكيان الصهيوني في أرضنا العربية، ولايزال عند موقفه منه، تأييداً مطلقاً ودعماً في
1- فاطر / 27 - 28 .
2- الروم / 22 .
3- المائدة / 48 .جميع المجالات على حساب الحقوق العربية.
31- وللخروج من هذا الموقف شبه المتجمد، فإن التيار الإسلامي يدعو الى حوار مستمر مع القوى الفاعلة في الغرب يجاوز ردود الفعل العربية التقليدية للدعوات التي وجهت خلال العقود الأربعة الماضية للحوار الإسلامي - المسيحي، إلى فعل مبتدأ هو الدعوة إلى حوار جاد حول احترام الحضارات كل للأخرى، واحترام الغرب بوجه خاص لسعينا نحو تحقيق مشروعنا الحضاري الذاتي.
32- وفي الوقت نفسه يشعر التيار الإسلامي بأن هناك محاولات دائبة من بعض القوى الغربية لاختراق حواجز الوحدة الوطنية في الوطن العربي، بمحاولة تصوير مشروع النهضة الإسلامي- العربي على أنه مشروع يهدر حقوق غير المسلمين في الوطن العربي.
33- ولمواجهة مخاطر هذه المحاولات يدعو التيار الإسلامي إلى حوار إسلامي - مسيحي- عربي لحمته استثمار الصلات الحميمة، المستقرة في وجدان كل عربي مخلص، بين أبناء الوطن العربي على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم، وسداه أن يتفق الجميع على أن أمن العربي غير المسلم جزء لا يتجزأ من أمن العربي المسلم، وأن استقلال القرار العربي، وتميّز المشروع الحضاري يتضمن، في ما يتضمنه، اليقين بأن وحدة أبناء الأديان المختلفة والمذاهب المتباينة في وجه محاولات الاختراق، هي الحاجز الأول الذي يمنع انهيار الأجزاء الصامدة من هذه الأمة، التي عليها المعول في تماسك بقاياها وسعيها إلى استعادة بنيان المقاومة فيها.
34- ويهتم التيار الإسلامي في مواجهة طغيان الترف المادي الذي يغرق بقاعاً كثيرة من الوطن العربي بأن يعلن أن موقفه من قضية الإصلاح الاقتصادي وتوزيع الثروات الوطنية هو موقف الانحياز العلني الصادق إلى أهل الحاجة في مواجهة المحتكرين للثروة والناهبين إياها. وإن أي إصلاح لا يأخذ في اعتباره مصالح الكثرة الغالبة من أبناء الوطن مقضي عليه بالإخفاق، وضرره أكبر من نفعه.
35- ولم يعد المحتكرون للثروات والناهبون إياها أفراداً معدودين في كل دولة، بل أصبحوا جماعات مصالح متشابكة يعمل العديد منها عبر الأقطار، ولذلك فإن مقاومة نفوذهم لم تعد أمراً سهلاً، وهي قضية من قضايا العمل الوطني ذات أهمية بالغة، دستور الإسلاميين فيها أن المال لا يجوز أن يكون دولة بين الاغنياء، وأن عطاء القادرين الذين كسبهم حلال ليس على سبيل الصدقة المستحبة أو الزكاة الواجبة فحسب، وإنما هو يتجاوز ذلك إلى ضرورة أن يحمل أهل كل منطقة أو محلة فقراءهم وذوي الحاجة فيهم "فليس منا من بات شبعان وجاره جائع".
وإن الذين ينهبون الثروات من حرام، ليس لمالهم الذي نهبوه بغير حق حرمة ولا كرامة، وعلى الدولة أن تترجم هذه القاعدة إلى سلوك عملي تشريعي وتنفيذي، فلا تمكن هؤلاء من الكسب الحرام أصلا، ولا تتيح لهم الإبقاء على ما سبقت إليه أيديهم منه.
36- ويعاني العالم، ويعاني الوطن كله معه، موجات الانحلال الخلقي التي تتمثل في شيوع التحلل من القيم الملزمة بإتيان الحلال واجتناب الحرام، وفي ذيوع آفة الإدمان بين ملايين الشباب، وفي السعي إلى تحصيل كل متعة ممكنة دون نظر إلى عواقبها على النفس والغير. 37- ويقف التيار الإسلامي من كل ذلك مع القوى المتمسكة بالخيار الخلقي في مواجهة اختيار التحلل والانفلات. وقيم الإسلام كلها، وتشريعاتها كافة تقوم على تمكين الالتزام بالأخلاق الطيبة التي يرضاها اللّه ورسوله والمؤمنون، وعلى استنكار كل ضد لها ونقيض من فكر أو سلوك.
ومع وجوب اتباع جميع الوسائل العلمية والثقافية التي تحارب الانحلال الخلقي، فإن التيار الإسلامي يرى أن أقوى مؤثر يمكن أن يؤدي إلى النتائج المرجوة هنا هو التركيز على غرس القيم الدينية والحض على الاستمساك بالسلوك الذي تدعو إليه في نفوس الشباب والناشئة، والتركيز على ذلك بصفة دائمة من خلال برامج التربية وبرامج الترفيه على السواء.
ولا يحمى شبابنا من صرعة التقليد الأعمى لموجات الفساد الآتية إلينا من كل صوب إلا التركيز على تميّزنا الثقافي والحضاري الذي مكوّنه الأول هو الدين الذي يتديّن به كل فرد وكل أسرة وكل جماعة أيا كان الجامع بينها، والدين عقيدة ترجمانها السلوك العملي السوي، والتيار الإسلامي يستحضر في هذا السياق قول عمر بن الخطاب للجيش المسلم: "إنكم تنصرون على عدوكم بطاعتكم ومعصيتهم، فإذا استويتم وإياهم في المعصية غلبوكم . بكثرة عددهم وقوة عدتهم".
وهكذا نحن مع خصومنا الحضاريين لا نصرة لنا عليهم إلا بالتميّز الحافظ لقوتنا وطاقتنا.
38- وإذا كان الغلو أو التطرف الفكري هو أحد الأمراض التي يعانيها كثير من شباب الأمة، فإن أحد أسباب هذا التطرف أنه ردّ فعل لدى الشباب المتدين لانحلال الشباب المستهتر الذي لا يقيم للدين وقيمه وأوامره ونواهيه وزنا. والعلاج الذي يعيد هذا الشباب إلى الجادة، هو الذي يجعل الغلو ظاهرة منبتّة الصلة بالمجتمع، بمعنى أن يكون السلوك العلني العام خالياً من مثيرات هذا الغلو ومسوغاته ودواعيه. ومهما حاول الدعاة والمفكرون أن يعيدوا الشباب المتطرف في فكره إلى منهج الوسطية الإسلامية، فإن محاولتهم لا ثمرة لها مالم يجتثّ المجتمع من دوائره كلها بواعث هذا التطرف الفكري، ومن أهمها وأولاها بالمقاومة المستمرة الانحلال الخلقي.
39- والتيار الإسلامي معني أشد العناية بما تعانيه مجتمعاتنا العربية كافة من تفشي ظواهر العنف والإرهاب الفردي والجماعي.
40- ويودّ التيار الإسلامي أن يحدد موقفه من هذه القضية مؤكداً، ابتداء، أن العنف في التحليل الصحيح ليس وسيلة للتغيير; لا هو وسيلة لتغيير الأوضاع الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، ولا هو وسيلة لتغيير القناعات الفكرية النظرية أو المعتقدات أو المذاهب.
41- وان الإرهاب الذي تمارسه بعض الجماعات وبعض الأفراد وينسب كثير منه، بالحق حيناً وبالباطل أحياناً، إلى مذهب أو آخر من مذاهب الفكر الإسلامي، أو جماعة أو أخرى من جماعات الإسلام، هذا الإرهاب كله لا علاقة له بالإسلام، ولا يتأيد فعله بأي نص من نصوصه أو مبدأ من مبادئه. والتيار الإسلامي الفكري والحركي القائم فعلاً، والمشارك واقعاً، في الحياة السياسية والاجتماعية بريء من هذا الإرهاب ومن المؤمنين بجدواه والواقعين في حبائله.
42- والعنف والإرهاب اللذان تمارسهما بعض الحكومات على معارضيها والمخالفين لمنهجها أو لقناعتها السياسية خطأ كخطأ الإرهاب سواء بسواء.
وحين يبلغ هذا العنف والإرهاب الحكومي حدّ تعذيب المحبوسين والمعتقلين، وحدّ الاغتيال العشوائي في الطريق العام ، وحدّ قتل المعتقلين السياسيين وهم رهن التحقيق... حين يبلغ العنف الحكومي ذلك ونظائره، فإنه يصبح خطيئة نظم كاملة لا خطأ أفراد معدودين، ويصبح جريمة ضد حق الحياة العام لا ضد إنسان بعينه.
والتيار الإسلامي ينكر ذلك ويستنكره ويدعو الجميع إلى مواجهته وإدانته، ومحاسبة المسؤولين عنه قبل أن يتحول إلى فتنة تأكل الأخضر واليابس، ولا يغفل التيار الإسلامي عن حقيقة ثابتة في أحكام الإسلام أن الله تعالى حرم العدوان على النفس الإنسانية بإطلاق : (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)(1) وأن ذكر وصف الإسلام في مثل قول النبي(صلى الله عليه وآله) "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه" إنما يأتي على سبيل التغليب، ويحمل على مثل قوله الآخر: "يا أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم..." فالتحريم عام: لا يحل لأحد أن ينال من أحد إلا بسبب مشروع، وبقضاء عادل تكفل فيه ضمانات المحاكمة والدفاع. والتعاضد في مواجهة العدوان الرسمي على المعارضين أوجب اليوم منه في أي وقت مضى، لأن الترتيبات التي يجري تنفيذها في العلاقات الرسمية مع العدو الصهيوني تجعل من واجب حكوماتنا العربية، بموجب اتفاقات رسمية، منع المقاومة للوجود المعتدي على أرضنا، ومنع الدعوة إلى مقاومة التطبيع معه، وضحايا كل ذلك سوف يكونون أساساً من المنتمين إلى التيارين الإسلامي والقومي. فالتعاون على الوقوف في وجه هذه الممارسات غير الإنسانية تعاون نفعي محض، فضلاً عن كونه تعاوناً على
1- الاسراء / 33 .البر والتقوى مأموراً به في مواجهة التعاون المضاد على الإثم والعدوان.
43- ويقودنا هذا الواقع الجديد إلى ضرورة التأكيد على وجوب التفرقة بين العنف الممنوع أو المحرم، وبين العنف المشروع أو الواجب، ونعني به العنف في مقاومة العدو الغاصب، والمستبد الظالم، وأذنابهما من دعاة الاستسلام للهزيمة وترسيخ التبعية.
وقد تجلى هذا النوع من المقاومة المشروعة، أعظم ما تجلى، في الانتفاضة الفلسطينية التي تعيش الآن أحرج اختبار لها في مواجهة ما يسمى بالسلطة الفلسطينية في غزة وأريحا.
44- والتيار الإسلامي يقف بكل قواه وراء هذه المقاومة، ويدعو جميع القوى الوطنية إلى الوقوف وراءها بلا تردد ولا تحفظ. وإذا كانت المواثيق الدولية العصرية، وقرارات المنظمات الدولية تمثل لدى العالم المعاصر مصادر للشرعية التي تحظى بها مقاومة المحتل في أي بلد، فإن الإسلاميين يستمدون مصدر الشرعية لمقاومة المحتل من القرآن الكريم مباشرة. فهم مأمورون بقول الله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا)(1). ومخاطبون بقوله سبحانه: (لا ينهاكم اللّه عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم اللّه عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم. ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)(2).
45- والجهاد الذي جعله النبي(صلى الله عليه وآله) "ذروة سنام الإسلام" ماض إلى يوم القيامة، ومن أظهر صوره مقاومة المحتل الغاصب ومن يمكنون له وييسرون أمامه سبيل البقاء في أرضنا واغتيال حقوقنا المشروعة.
1- البقرة / 190 .
2- الممتحنة / 8 - 9 . 46- والتيار الإسلامي والتيار القومي مطالبان بتقوية شوكة المقاومة الفلسطينية الباسلة في الداخل والخارج، في الداخل بمواجهة العدو بكل وسيلة ممكنة، وفي الخارج بالعمل الدائب على إبقاء جذوة الكراهية والرفض لهذا العدو ولعدوانه مشتعلة في نفوس الأجيال الناشئة، التي يسعى الإعلام غير المسؤول إلى تذويب قدرتها على المقاومة باقناعها بإمكان العيش في سلام مع الذين أخرجونا من ديارنا وظاهروا على إخراجنا.
47- ودور القوتين القومية والإسلامية في مقاومة التغيير الذي يجري الآن إتمامه دور جوهري، قد لا يكون في الأرض العربية قائم به غيرهما، بحيث يصبح فرض عين على كل منتم إلى واحد منهما. وهو دور يبدأ بإعلان إنكارنا هذا الواقع، ورفضنا محاولات إسباغ الشرعية على الوجود الصهيوني في الأرض العربية. والشعوب لا تسقط بسقوط بضعة أشخاص، والأمم لا تلتزم بـإرادة حفنة من المهزومين داخلياً، والاتفاقات السياسية مالم تعبر عن الحقائق الواقعية والتاريخية والحضارية فإن مصيرها كمصير الذين يبرمونها: إلى زوال وعدم. هذه الحقائق يعمل التيار الإسلامي على نشرها وتعميق الإيمان بها، ومجال التعاون في ذلك بينه وبين التيار القومي رحب لايحدّه حدّ، وممتد في الزمان حتى يأذن الله بوصول الأمة إلى استعادة حقوقها السلبية.
48- وهذا الملتقى لا يفوته، يقيناً، أن حرمان القوى السياسية الاسلامية في جلّ البلاد العربية من التعبير المشروع قانونياً عن وجودها وبرامجها ومناهجها في التغيير إنما يخدم، في المقام الأول، مشروع الهيمنة الصهيوني - الغربي على الوطن العربي كله.
49- وحرمان أية مجموعة بشرية من حق تكوين حزب يعبّر عن رأيها
وعقيدتها غير مشروع. ومن باب أولى يكون غير مشروع أن تحرم الأحزاب أو الجماعات الممثلة لغالبية الأمة، عدداً أو عقيدة، من التعبير القانوني عن وجودها السياسي.
50- وبالمثل، فإن حرمان بعض فصائل التيار القومي من حقها في الوجود القانوني غير مقبول. لذلك فإن التيار يرى من واجب هذا الملتقى أن يعلن إلى الأمة أن حرمان أية جماعة من أبناء الوطن من حقهم في الإعلان القانوني عن وجودهم، لمجرد أن التزامهم الديني أو السياسي أو المذهبي لا يعجب القوى الحاكمة، أمر غير جائز ولا مشروع، وأن النقص في بعض قوانين تنظيم العمل السياسي على وجوب التزام الأحزاب باتفاقات السلام مع إسرائيل مصادرة لحق الأمة في الدفاع عن كيانها الحر وقرارها المستقل في وجه المخططات الرامية إلى إخضاعها لعدوها والتمكين له على الرغم من إرادتها.
51- ولابد أن نذكر جميعاً أن الإسلام هو رسالة الأمة العربية إلى العالم وإلى الناس كافة. وليس من العدل أن يقف بعض أبناء هذه الأمة موقف الريب أو الشك، فضلاً عن العداء، لمصدر قوتنا ومكمن عزتنا وسر تميّزنا عن الأمم الأخرى. وواجب المفكرين وأهل الرأي في التيارين القومي والإسلامي هو البحث عن نقاط التلاقي والعمل المشترك للتركيز عليها وتجليتها للمنتمين إلى التيارين جميعاً.
ولندرك أننا بما نمثله من استجابة للتحدي القائم أمام أمتنا، ومن محاولة استدعاء مقومات أصالتها وتميزها، ومن عمل على استنهاض طاقتها وقدرتها... لندرك أننا في ذلك كله "أمة من دون الناس"، ولنعمل معاً غير متدابرين ولا متنافرين ليوم يفرح فيه المؤمنون بنصر اللّه، فإن اللّه لا يضيع أجر العاملين. 


 


مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية