مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

رسالـة التقريب

 
 كلما طاف طائف في بلدان المسلمين، أو ألقى نظرة على الفضائيات التي غزت بيوت الآمنين عاد وهو يزداد إيمانا برسالة التقريب.
  الظروف مواتية لصحوة عالمية تحمل روح الاسلام وتقتدي بتعاليمه، فالفراغ الروحي الرهيب يبحث عما يملؤه، والعقائد المادية المنهارة تنتظر من يخلفها، والاسلام هو الرسالة المرشحة لأن تملأ الفراغ وتسدّ حاجة البشرية، وهذا يتطلب أن تكون أمة الاسلام بمستوى هذه المسؤولية العالمية، وأن يكون خطابها متناسبا مع متطلبات الساحة البشرية، وأن تكون وسائل ايصال هذا الخطاب عصرية متكافئة - على الاقل - مع وسائل الآخرين، غير أن الواقع الراهن لامتنا بعيد كثيراً عن مستوى الطموح، فالتخلف يسود حال الامة وخطابها ووسائل إعلامها . ولهذا التخلف مظاهر أبشعها الخلاف الطائفي.
  وجود المذاهب الاسلامية لا يعني الخلاف، بل يعني نشاط الحركة الاجتهادية، وهو مظهر حركة في الفكر والعمل، غير أن الخلاف بين أبنائها يعني وجود حالة نفسية منخفضة منغلقة على نفسها لا تستوعب الرأي الآخر، ولا تخرج من الارتكاس في الذاتية.
  هذه الحالة النفسية لها عواملها التاريخية والاجتماعية والسياسية، ويعمل على تعميقها اليوم كل المرهوبين من مستقبل رسالة الاسلام.
  لا يصعب على المتتبع أن يرى ضخامة الجهود المنصبّة لاثارة أنواع النزاعات بين المسلمين، وتحتلّ الاثارات الطائفية مركز الصدارة في هذه الجهود.
من هنا نزداد إيمانا برسالة التقريب لأنها مسؤولية إنقاذ الامة من مخططات أعدائها، ومسؤولية الارتفاع بها الى مستوى حمل الرسالة العالمية، ومسؤولية النهوض بالدور المنتظر لهذه الامة على الساحة العالمية.
  و"رسالة التقريب" رغم أنها مجلة علمية محكمة تحاول أن تقطع خطوات على طريق هذه المسؤولية الكبرى، فهي في جملة بحوثها تحاول تعميق فكرة التقريب بين المسلمين تعميقا علميا موضوعيا لا يخاطب العقل فحسب، بل ينفذ أيضاً الى الروح لمعالجة الحالة النفسية الطائفية السائدة، كما أن المجلة تتطلع الى المستقبل أكثر مما تنظر الى الماضي.
  إننا على أعتاب المولد النبوي الشريف، وهو موسم ربيع التقريب وأسبوع الوحدة، والمؤتمر السنوي للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية. وانطلاقا مما يستشعره المجمع من أهمية التطلع الى المستقبل جعل موضوع مؤتمره هذا العام "الاسلام والامة الاسلامية في القرن القادم" ليدرس حال الامة الراهن، وسبل تجاوز السلبيات لمواجهة تحديات القرن الجديد بقوة تتناسب وشخصية أمة الرسالة الخاتمة.
  إن مولد الرسول (صلى الله عليه وآله) كان مولد أمة.. وهذه الامة لابد أن تبقى خير أمة أخرجت للناس.. وهذا يتطلب صيانة عزّتها وكرامتها وسؤددها وقوتها.. ولا يتحقق ذلك الاّ بوحدة الكلمة ورصّ الصفوف ونبذ المفرقين، وحثّ الخطى على طريق المثل الاعلى المنشود.
  لا يمكن القضاء على حالة التخلف النفسية بين ليلة وضحاها، لكن المهم أن يجدّ المخلصون في سبيل إزالة هذه الحالة بانعاش فكرة "الامة الواحدة" وبالايمان الكامل برسالة التقريب، واللّه الموفق.
رئيس التحرير
 
 

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية