مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

تطورات في حركة التقريب


    (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها).. وكلمة التقريب هي من هذه الشجرة الطيبة التي تمتد جذورها في ما قرّره اللّه سبحانه وتعالى لهذه الامة من اعتصام بحبل اللّه ومن نهي عن التنازع والتفرقة، وفي فطرة الانسان التي تعشق الانسجام والوئام وتنفر إن كانت سليمة من النزاع والخصام.
  لقد بدأ العالم الاسلامي يتحسس بكل وجوده حاجته الى التفيؤ بظلال شجرة التقريب، بعد أن اتضحت لكل ذي بصيرة غواشي الفرقة، وماجرته على المسلمين من قتل وتشريد وإبادة، واستهانة بالكرامات وطعن بالمقدسات.
  بدأنا - والحمد للّه - نسمع نداء التقريب يرتفع من أوساط كنا نحسبها يوما معادية للتقريب، وبدأت بلدان العالم الاسلامي تتنافس في هذا الخير العميم (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)
  لم يعد "التقريب" مجمعا ومجلة فحسب، بل تحول الى تيار عام تعقد له الندوات، وتلقى فيه المحاضرات، وتهتم به بعض الفضائيات، وتكتب فيه المقالات والمؤلفات.
  لقد كان المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية رائدا بحق في هذا المضمار بعد دار التقريب في القاهرة، ثم نحن نجد اليوم منظمة المؤتمر الاسلامي بكل مؤسساتها وهكذا رابطة العالم الاسلامي بكبار مسؤوليها، وجامعات العالم الاسلامي في سوريا والاردن وقطر والكويت واليمن والمغرب تهتم بأمر التقريب وتقيم له المحاضرات والندوات العلمية.نحن مقبلون على سنة حوار الحضارات، وهي دعوة انطلقت من نفس الروح التقريبية التي تريد أن تجمع المسلمين، فخطت خطوة رحبة عالمية لتجعل العلاقة بين الشعوب علاقة "تعارف" وتفاهم وتعايش سلمي بعيد عن صراع المادة، وحرب الشهوات، واصطدام المصالح الآنية الضيقة.
  ربما كانت ثورة الاتصالات هي التي منحت عالمنا الاسلامي فرصة الاطلاع الأوسع على مايحيط به من أخطار وما ينتظره من مصير. وربما كانت الصحوة الاسلامية هي التي حركت الأفكار والنفوس لتستشرف مصيرها، وربما يعود هذا الوعي الاسلامي العام إلى ماواجهه العالم الاسلامي في السنوات الأخيرة - نتيجة تفرد السيطرة الامريكية - من بطش وغزو عسكري واقتصادي وثقافي رهيب.
  مهما يكن السبب فالحالة الموجودة تبشّر بالتعالي على الخلافات الصغيرة، وبالترفّع عن الانزلاق في النزاعات الجانبية، وبالدعوة إلى أهداف كبيرة من شأنها أن تحقق عزّة الاسلام والمسلمين.
  ومن الطبيعي أن يصحب هذه الحالة الايجابية جهود مكثفة لإثارة النزاعات الحدودية والقبلية والطائفية والقومية. ومن المحتمل أن هذه الجهود قد يصحبها بعض النجاح بسبب ضعف الإرادة السياسية. لكن الوعي الشعبي كفيل بإحباطها. الموقف السياسي لابد أن يستجيب للموقف الشعبي والشعوب اليوم عازمة على أن لا تعرّض عزتها وكرامتها لتلاعب المتلاعبين. وعسى أن تتحقق إرادتها قريبا بإذن اللّه تعالى.رئيس التحرير

 

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية