مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

حق الشعب الفلسطيني في المقاومة
 ودور الإعلام العربي والإسلامي في دعمه
عزت محمد الرشق
باحث وإعلامي من فلسطين


 

في هذه الدراسة الموجزة نحاول تسليط الضوء على حق ومشروعية المقاومة الفلسطينية، من خلال الشريعة الإسلاميّة، وكذا من خلال المواثيق والمعاهدات الدولية وتجارب الشعوب.

كما نتناول إعلام الدول العربية والإسلامية، وندون أهم الملاحظات ومواطن الخلل في أدائه تجاه المقاومة والانتفاضة الفلسطينية، كما نسجل مقترحاتنا للنهوض بهذا الإعلام ليرتقي إلى مستوى المسؤولية لنصرة الشعب الفلسطيني، والتصدي لحملات التضليل الإعلامي الذي تمارسه الآلة الإعلامية الصهيونية.

 

شرعية الجهاد والمقاومة في الإسلام

لقد شرع الإسلام الجهاد للدفاع عن حرمات الأمة ومقدراتها حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: «كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون»(1).

وأكد القرآن على ضرورة رد الاعتداء بمثله حيث قال الله تعالى في سورة

(50)

البقرة: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين» (2)، وأمر الله قتال المشركين الذين قاتلوا المسلمين: «وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلوكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين» (3)، «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين» (4)، وعلى صعيد السنة النبوية المشرفة، حضت أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ على الجهاد والدفاع عن النفس وحفظ بيضة الإسلام والذود عن كرامة الأمة، حيث ورد في حديث الإمام مسلم «واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» (5)، وجاء في حديث أبو داوود عن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ أنّه  قال: «الجهاد ماض إلى يوم القيامة» (6)، وجاء القصد من تشريع الجهاد هو دفع الشر وحماية المسلمين ورد الاعتداء لا بسبب المخالفة في الدين أو لإزهاق الأرواح وتعذيب البشر، وإنما كان القتال وسيلة لجأ إليها المسلمون للضرورة، بعد أن بدأ الأعداء بظلم المسلمين وقتلهم»(7)، وقد صرح جمهور الفقهاء من المالكية والحنفية وأكثر الشافعية والحنابلة بأن مناط القتال هو الحرابة والقتال والاعتداء على المسلمين (8) وقال الشافعية: وجوب الجهاد: وجوب الوسائل لا المقاصد، إذ المقصود بالقتال إنّما  هو الهداية وما سواها من الشهادة، وأما قتل الكافر فليس بمقصود (9)، وقال الكمال بن الهمام من علماء الحنفية: المقصود من القتال هو إخلاء العالم من الفساد (10)، وقال ابن تيمية: إباحة القتال من المسلمين مبنية على إباحة القتال من غيرهم، وقال ابن القيم: فرض القتال على المسلمين لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم (11).

والجهاد في الإسلام دفع الاعتداء عن المسلمين وديارهم وأموالهم وهذا حق طبيعي لا تزال القوانين الدولية والأعراف البشرية في الماضي والحاضر تقره ولا تمنعه.

فالدفاع عن الأمة هو هدف من أهداف الجهاد البديهية في الإسلام إذ لا يشك أحد في أن من حق المعتدي عليه في أرضه أو عرضه أو ماله أن يرد العدوان.

(51)

وجاء الرسول محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ لهداية البشرية إلى دين الله، واخراج الناس من الظلمات إلى النور، فآمن به في بداية الدعوة البعض من أبناء قومه، وكفر به وقاتله آخرون، وبدأوا يصدون عن سبيل الله ويلحقون بالرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ وبأتباعه الأذى ويمارسون ضدهم مختلف أشكال العذاب، فلذلك أمر الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ بمقاتلة الكفار، وجاء ذلك بأمر الهي وليس رغبة شخصية كما تدل الآية الكريمة: «كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون» (12)، وقوله تعالى في الآية الكريمة: «مالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصير» (13).

وقولـه تعالى في الآية الكريمة: «واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون» (14)، والمراد هنا كل ما يتقوى به على العدو رمحاً كان أو سيفاً أو قوساً أو صاروخاً في عصرنا الحاضر. كما خص الخيل بالذكر لأنها كانت من أعظم مظاهر القوة آنذاك. وروي أنّه  عندما تلا النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ هذه الآية قال: «ألا إن القوة الرمي»، وقد رددها ثلاثاً، والقصد من ذلك بيان أهمية الرمي وتأثيره في الحروب وقد أثبت تاريخ الحروب صحة هذه النظرية، حيث أن «الرمي» كان ولا زال من أهم الأدوات في الحروب قديما وحديثا، فبدأ الإنسان برمي الحجارة ثم تطور لرمي السهم ثم الرمي بالمنجنيق ثم الرصاصة ثم القنابل ثم الصواريخ الموجهة ثم القنابل والقذائف الذرية والنووية وغيرها...

وها هم أبناء الشعب الفلسطيني يعودون من جديد إلى «رمي الحجارة».. وصارت صور مواجهاتهم لجنود العدو الصهيوني وآلته العسكرية بصدورهم العارية وبحجارتهم، صارت مثلاً حاكته كثير من الشعوب وحركات التحرر في نضالها ضد الاحتلال أو الظلم.

(52)

وان قولـه تعالى ترهبون به عدو الله وعدوكم ينطوي على مبدأ بحفظ المجتمع الإنساني من الفوضى، ويردع الطغاة الأقوياء من التلاعب بحياة الناس واستغلالهم واحتلال أراضيهم وتشريد السكان وقتل الأبرياء كما يفعل الكيان الصهيوني اليوم في فلسطين.

حق المقاومة وشرعيتها في المواثيق الدولية

من الضروري هنا ونحن ندلل ونؤكد على أن المقاومة التي يمارسها الشعب الفلسطيني بكل إشكالها ضد العدو الصهيوني إنّما  هي مقاومة تتفق وتنسجم مع المواثيق والأعراف والمعاهدات الدولية.. من المهم القول أننا نورد ذلك ليس لأن الشعب الفلسطيني المجاهد وقواه المقاومة تنتظر مثل هذه الشرعية لتمارس حقها في الدفاع عن شعبها وتحرير أرضها، فهي لا تنقصها الشرعية الإسلامية أو الدوافع الوطنية لجهادها ومقاومتها، وإنما يكون الاستدلال والاستشهاد بالشرائع والقوانين والأعراف الدولية لزيادة التأكيد على ما تتسلح به أعمال المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني من شرعية، وزيادة حجج أصحابها والمدافعين عنها أما الحجج الواهية والمتهافتة لأولئك النفر الذين يعارضون برنامج المقاومة ويحاولون ـ بإرادتهم أو بإرادة وضغوط العدو الصهيوني والولايات المتحدة ـ أن يخرجوا هذه المقاومة عن القانون أو يصفوها بالإرهاب، والذين يبادرون بإدانة كل عملية من عمليات المقاومة وإعلان البراءة منها وممن نفذها خوفاً من عقاب العدو الصهيوني وأميركا أو طمعاً برضاهم!

بكلمة نقول: أن المجاهد الفلسطيني لا يقاتل العدو الصهيوني لأن القانون الدولي معه، أو لأن اتفاقيات جنيف وغيرها يمكن أن تحميه.. وإنما هو يقاتل منطلقاً من حقه الإلهي الشرعي المطلق في مقاومة المحتلين والدفاع عن أرضه وعرضه ومقدساته، ومنطلقاً من واجبه الوطني تجاه أرضه وشعبه.

ومع ذلك فلقد تكفلت كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية، بحق الشعوب

(53)

في مقاومة المحتل والمستعمر الغاصب، وتجسد هذا الحق من خلال ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات مؤتمري لاهاي 1899 و1907، وغيرها:

فقد نص القرار رقم 2649 للجمعية العامة والصادرة بتاريخ 30 تشرين الثاني 1970 م على شرعية نضال الشعوب، حيث جاء فيه:

«إن الجمعية العامة للأمم المتحدة لتؤكد شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والمعترف بحقها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأي وسيلة في متناولها.. وتعتبر أن الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها خلافاً لحق شعوب تلك الأراضي في تقرير المصير، لا يمكن قبوله ويشكل خرقاً فاحشاً للميثاق» (15).

ويأتي القرار رقم 2787 الصادر عن الجمعية العامة ليؤكد على نفس المضمون، الداعي إلى تأكيد شرعية نضال الشعوب وحقها في المقاومة والدفاع عن نفسها وتقرير مصيرها والتحرر من الاستعمار والتسلط والاستعباد الأجنبي، بما في ذلك شعب فلسطين، وقد صدر هذا القرار عن الجمعية العامة في دورتها رقم 26 المنعقدة بتاريخ 6 كانون أول عام 1971 م حيث نص القرار حرفياً:

«إن الجمعية العامة وإذ تعيد تأكيدها، بأن إخضاع الشعوب للاستعباد وللتسلط الأجنبيين وللاستغلال الاستعماري، انتهاك لمبدأ تقرير المصير وإنكار للحقوق الأساسية ومخالفة لميثاق الأمم المتحدة، وإذ تعود فتؤكد حقوق جميع الشعوب غير القابلة للتصرف خصوصاً شعوب زمبابوي وناميبيا وأنغولا وموزمبيق وغينيا، والشعب الفلسطيني في الحرية والمساواة وتقرير المصير، وشرعية نضالها من أجل استرداد تلك الحقوق... كما تؤكد الجمعية العامة شرعية نضال الشعوب في سبيل تقرير المصير والتحرر من الاستعمار والتسلط بكل وسائل النضال المتوفرة التي تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة.

واعتبر القرار رقم 3103 والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة «أن نضال الشعوب المستعمرة هو نضال شرعي ويتفق تماماً مع مبادئ القانون

(54)

الدولي» (16). كما صدر قرار آخر عن الجمعية العامة بتاريخ 29 تشرين الثاني من عام 1974 في الدورة 29 والذي أكد أيضاً على «حق جميع الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والقهر الأجنبي مقاومة المحتل الغاصب والدفاع عن نفسها»، وقد حمل هذا القرار رقم 3246 (17) كما صدر قرار آخر يحمل رقم 3382 في الدورة 30 المنعقدة بتاريخ 10 نوفمبر 1975م حيث نص القرار أيضاً على ما يلي: «تؤكد الجمعية العامة من جديد شرعية كفاح الشعوب في سبيل الاستقلال والسلام الإقليمي والتحرر من السيطرة الاستعمارية بجميع الوسائل المتاحة بما فيها الكفاح المسلح».

كما نصت اتفاقية لاهاي العاشرة المؤرخة بتاريخ 18 أكتوبر 1907 والخاصة بتطبيق مبادئ اتفاقية جنيف المؤرخة بتاريخ 6 يوليو 1906 والخاصة بالشعوب المقهورة والمستعبدة والمستعمرة بحقها في الدفاع عن نفسها والتخلص من الاستعمار الذي احتلها (18).

كما ذكرت اتفاقية جنيف المؤرخة في 27 يوليو 1929 م الخاصة بمعاملة أسرى الحرب.. حيث نصت في مادتها رقم «17» «بحق الشعوب المستعمرة الدفاع عن نفسها بكل ما تملك من وسائل وأدوات» (19)، كما جاء في اتفاقية جنيف التي عقدت في المدة من 21 إبريل إلى 12 أغسطس سنة 1949م، والتي بحثت في مشروعات الاتفاقيات الأربع، التي أقرها المؤتمر الدولي السابع عشر للصليب الاحمر، الذي عقد في استوكهولم، هذا المؤتمر الذي ناقش عدة قضايا منها حق تقرير المصير، ومعاملة الأسرى، وحماية جرحى وأسرى الحرب، وقد وصفت هذه الاتفاقيات باللغتين الفرنسية والإنجليزية، حيث جاء في الاتفاقية الرابعة والتي أقرت في جنيف عام 1949 م ما نصه: «إن من حق الشعوب المحتلة أن تقاوم المستعمر الغاصببأي وسيلة متاحة بما فيها حرب المقاومة الشعبية وحرب الاستنزاف، حتّى تتحرر وتنال استقلالها».

وعرفت المادة الثانية من لائحة لاهاي للعام 1907 «الشعب القائم أو المنتفض في وجه العدو» بأنه مجموعة المواطنين من سكان الأراضي

(55)

المحتلة، الذين يحملون السلاح ويتقدمون لقتال العدو، سواء أكان ذلك بأمر من حكومتهم، أو بدافع من وطنيتهم أو واجبهم. وقررت المادة أن هؤلاء المواطنين المقاتلين يعتبرون في حكم القوات النظامية وتطبق عليهم صفة المحاربين، بشرط توافر شرطين فهيم: حمل السلاح علناً والتقيد بقوانين الحرب وأعرافها.  

وجرى العرف على اعتبار «القوات المتطوعة» و«الشعب المنتفض في وجه العدو» حركات مقاومة شعبية منظمة يستحق افرادها حمل صفة المحاربين. وقد سار الفقه الدولي في هذا الاتجاه.

وكانت الجمعية العامة قد أصدرت، في 24 ـ 10 ـ 1970، وتحت الرقم 2625، «الإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي، الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة »، وقد جاء فيه: أن «على كل دولة أن تمتنع عن اللجوء إلى أي تدبير قسري من شأنه أنّه  يحرم الشعوب من حقها في تقرير مصيرها، ومن حريتها واستقلالها وعندما تنتفض هذه الشعوب، وتقاوم، خلال ممارستها حقها في تقرير مصيرها، أي تدبير قسري كهذا، فمن حقها أن تلتمس وتتلقى دعماً يتلاءم مع أهداف الميثاق ومبادئه».

ولو راجعنا مجموعة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة لوجدنا أن هناك، منذ العالم 1975، نصاً يتكرر سنوياً ويتضمن إعادة تأكيد الجمعية «شرعية كفاح الشعوب في سبيل الاستقلال والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية، ومن التحكم الأجنبي، بكل ما تملك هذه الشعوب من وسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح».

وهكذا يكون واضحاً أن لاخلاف في الاتفاقيات الدولية والمواثيق التي تم التوقيع عليها دولياً بأن من حق شعوب الأرض أن يدافعوا عن أنفسهم أما اعتداءات الدول الأجنبية والاستعمارية واحتلالها بكل الوسائل المتاحة والمتفق عليها دولياً.

وبالإضافة إلى كل ما ذكرنا ينبغي لنا ألا ننسى موقف الجمعية العامة من

(56)

حركات التحرير الوطني في العالم، فقد استطاعت هذه الجمعية أن تكرس وجود هذه الحركات وترفع من شأنها ومكانتها بمنحها صفة العضو المراقب.

وتأتي قضية فلسطين لتكون من أوائل القضايا التي ينبغي أن يدافع عنها، هذه القضية التي لا تفتقر إلى شرعية دولية، فالحق الثابت هو أن وعد بلفور وقرار التقسيم وقيام الكيان الصهيوني والاحتلال لمزيد من الأرض والأهداف التوسعية القائمة، كل هذا يتناقض مع الشرعية الدولية جملة وتفصيلاً وأن تحرير الأرض والجهاد لاستعادتها عنصران أساسيان في مفاهيم القانون الدولي لا يسقطان منه حتّى ولو تخلى بعض الناس عنهما.

 

شرعية المقاومة من خلال تجارب الشعوب في تحصيل حقوقه

إن مقاومة شعبنا الفلسطيني للاحتلال الصهيوني، تشبه الكثير من أمثلة المقاومة التي قامت بها شعوب عديدة قديماً وحديثاً ضد الاستعمار الأجنبي وضد الظلم والعدوان، فشعوب الولايات المتحدة وأوروبا خاضت صراعاً ومقاومة شعبية من أجل التحرر والاستقلال.

وتالياً بعض النماذج الموجزة لتجارب هذه الشعوب في المقاومة: نسوقها ليس لشعبنا الفلسطيني أو لأمتنا من أجل إقناعها بشرعية مقاومتنا ضد العدو الصهيوني، فكما قلنا فنحن لانحتاج من ينظر علينا بشرعية المقاومة، وكذا المجاهدون الذين يقاومون المحتل لا ينتظرون من أحد إقناعهم بأن عملهم وجهادهم ونضالهم مشروع بل واجب وفريضة، وإنّما  نسوق هذه النماذج والأمثلة للولايات المتحدة نفسها ولدول أوروبا ولأولئك المهزومين نفسياً من أبناء الأمة الذين انساقوا وراء المقولات والدعاية المعادية وأصبحوا يتشككون بشرعية المقاومة أو جدواها أو بحقنا في ممارستها..

 

المقاومة الأميركية أو حرب الاستقلال

انطلقت إشارة المقاومة في 29 أيار 1765 من مجلس فرجينيا على شكل

(57)

مقاطعة تجارية، فتمت مقاطعة البضائع الإنكليزية، ومن ثم تطورت حركة المقاومة فقامت لجان شعبية في طول البلاد، ووقع أول صدام عسكري بين كتيبة إنكليزية وأفراد من المليشيا الأميركية في لكسنغتن في 19 نيسان 1775، وكانت الشرارة التي أطلقت لحرب الاستقلال. وفي 4 تموز 1776 اتخذ الكونغرس قراراً بإعلان الاستقلال التام، بعد أن  عقد الكونغرس اتفاقاً مع فرنسا التي بموجبه بدأت تدعم الثورة الأميركية بكل الوسائل المتاحة ، من المعدات العسكرية وحتى أن الشباب الفرنسي بدأ يتطوع بأعداد كبيرة مقدماً خدماته للكونغرس الأميركي، وفي 17 تشرين الأول عام 1777 اضطر الجيش الإنكليزي للاستسلام بفعل ضربات المقاومة في بلدة سراتوغا، فادى هذا الانتصار إلى عقد معاهدة جديدة بين الأميركيين وفرنسا في 6 شباط 1778، وبدأت الأساطيل الفرنسية بمهاجمة الجيش الإنكليزي.

وأثمر هذا التعاون بين الجيش الفرنسي والأميركي بقيادة واشنطن ولافييت على استسلام الجيش الإنكليزي الوحيد الذي له القدرة على المناورة في البر. وذلك في مدينة بورتون في 19 تشرين الأول 1781 وبذلك ربح الأميركيون الحرب ونشأت بذلك الولايات المتحدة الأميركية. 

 

المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي

تم توقيع معاهدة استسلام فرنسا للألمان في 22 حزيران 1940 وتضمنت شروط مذلة لفرنسا، ولكن الجنرال ديغول رفض الاستسلام وغادر فرنسا إلى بريطانيا حيث أعلن تشكيل حكومة فرنسا الحرة التي صممت على متابعة الحرب إلى جانب حلفائها.

وبعد سقوط حكومة فيشي في فرنسا العام 1940 بدأت انتفاضة تعمل في الخفاء ضد الألمان ولم تمض أسابيع قليلة حتّى باشرت جماعات فرنسية صغيرة المقاومة على مختلف أنواعها، من نقل معلومات وتهريب الطيارين البريطانيين وتوزيع المنشورات وتخريب سكك الحديد وغيرها.

 

(58)

وعندما هاجم هتلر روسيا بدأ أعضاء الحزب الشيوعي الفرنسي ينخرطون في المقاومة، كما انضم إليها العمال. وقد انبثق عن هؤلاء جميعاً نوع من الوحدة الوطنية تحققت في أيار «مايو» 1943، عندما تمكن ممثل ديغول الشخصي من إنشاء المجلس الوطني للمقاومة، الذي اصبح بمثابة «فدرالية» ضمت جميع حركات المقاومة الرئيسية. وكان الضابط العسكري حينها شارل ديغول يقود هذه المقاومة من لندن، حيث أسس منظمة اسماها فرنسا الحرة، وسريعاً ما عين لها هيئة باسم اللجنة الوطنية الفرنسية، التي كان يعتبرها حكومة شرعية. وانتقل شارل ديغول إلى الجزائر ليقود معركة تحرير فرنسا منها في العام 1943 وعندما نزلت القوات الحليفة في النورماندي في فرنسا في 6 حزيران «يونيو» نمت المقاومة وقامت بدور مهم في المعارك التي أعقبت الإنزال وساعدت على القوات الألمانية، وأخذت تسيطر على المدن والقرى، طاردة القوات الفيشية، ومفسحة في المجال لحكومة ديغول المؤقتة كي ترسل ممثلين عنها لتتسلم السلطة في الأراضي المحررة، ثم دخلت الوحدة الفرنسية الحرة باريس في 25 آب «أغسطس» 1944، كما دخلها ديغول في اليوم نفسه. واعترف الحلفاء بحكومة ديغول في تشرين أول «أكتوبر» من العام نفسه، التي أكملت مشوارها في تحرير فرنسا بشكل كامل.

 

أشكال المقاومة للاحتلال الألماني في أوروبا

على نقيض فرنسا حيث حاربت الحكومة المقاومة اتسعت الحركات المقاومة في الدول الأخرى المحتلة:

ففي بلجيكا رفضت الكنيسة قبول مرتدي البزات السياسية لتناول القربان المقدس، والسماح برفع الأعلام السياسية في بيوت العبادة. واعترضت على ترحيل العمال إلى ألمانيا، وقاطع الطلاب الأساتذة المتعاونين مع الاحتلال الذين يعينون في الجامعات، وبين شباط وأيار 1943 أعلنت إضرابات كبرى في لياج وشارلروا ولالوفيير ومون وفرنييه.

(59)

وفي لوكسمبرغ: في آب 1941 أعلن إضراب عام كان أول إضراب أعلن عنه في بلد محتل، وفي سنة 1943 تنظم الحزب الوطني اللوكسمبرغي الذي قام بأعمال تخريبية كثيرة، وفر من الجيش الوطني أكثر من 5000 شاب لوكسمبرغي ورحلت بين 1100 و1200 عائلة إلى بولونيا، وفي الأشهر الأخيرة شكل ألوف المقاومين عصابات مسلحة في إحراج الأردين.

وفي هولندا: أعلنت إضرابات لمدة ثلاثة أيام في أمستردام ثم شملت المدن الأخرى في شباط من سنة 1941 م، وتجددت مثل هذه الإضرابات في نيسان وأيار 1943.

وفي الدنمارك: تنظمت المقاومة بعد تشتت طويل بفضل «مجلس الحرية» الذي تألف في شهر آب من سنة 1943 من ممثلين عن كافة الأحزاب الناشطة، وقد ركز كافة الجهود على الصناعات الحيوية التي تخدم المصالح الألمانية وعلى وسائل النقل، ففي 24 حزيران 1944 مثلاً قام 70 وطنياً في مرفأ كوبنهاجن بتخريب مصنع للمدافع الرشاشة والمدافع المضادة للدبابات والبنادق تخريباً كاملاً، وكان الوحيد من نوعه في الدنمارك.

 

المقاومة الفيتنامية ضد الاحتلال الفرنسي

في 1941 عقدت أحزاب فيتنامية عديدة من نزعات متباينة اجتماعاً لها على الأراضي الصينية، وألفت من بينها عصبة المنظمات الثورية في فيتنام وجهت نشاطها ضد اليابانيين المحتلين وضد السلطة الفرنسية وأخذت توسع من نشاطها في جميع جهات البلاد، ونجحوا في تأليف حكومة مؤقتة برئاسة هوشي منه، وأعلنت استقلال البلاد.

ولاقت الفرق الفرنسية مقاومة عنيفة عندما راح الأميرال «دار جنليو» يحاول إعادة السلطة الفرنسية على البلاد، وكان قصف الأسطول الفرنسي لمدينة هايفون بدء حرب عنيفة وقاسية، رغم التفاوت الكبير في الميزان العسكري الذي كان لصالح فرنسا، مع ذلك استطاعت المقاومة الفيتنامية

(60)

السيطرة تماماً على الموقف، وفرض استراتيجيتهم نتيجة للتعاطف والتأييد التي تحظى بها من الأوساط الشعبية، ونظمت نفسها في الجبال، وأخذت تنشئ معامل لصنع الأسلحة واقتصرت المناوشات الحربية على أعمال تؤدي إلى إنهاك الجيش الفرنسي.

وبالرغم من الانتصارات الحربية التي سجلها الجنرال الفرنسي دي لاتر عام 1951 استطاع معها أن يستعيد قسماً من الأراضي التي خسرتها فرنسا منذ عام 1949، اشتد الصراع عنفاً ومرارة رغم الدعم الأميركي للقوات الفيتنامية ليلاً، والمحاولة الأخيرة التي جرب فيها الجيش الفرنسي تسجيل نصر حاسم، أدت إلى انهزامه الذريع أمام «ديان بيان فو» في أيار 1954، وهذه الحرب التي دامت من سنة 1945 إلى 1954 كلفت فرنسا ضعفي قيمة الاستثمارات الفرنسية الموظفة في البلاد.

لقد انهارت الأنظمة الحاكمة أمام الاجتياح النازي، فنهضت الشعوب وحلت محل الحكومات في ممارسة حق الدفاع عن الأرض والاستقلال. وكانت المقاومة الشعبية هي الشكل المعتمد والسائد. وأبلت المقاومة بلاء حسناً، وكان لها الفضل الأكبر في إنهاك العدو قبل سحقه.

واعترفت الدول الكبرى بشرعية هذه المقاومة، وتعاملت معها كممثل شرعي لشعوبها، وأمدتها بالمال والسلاح، وسمحت لها بافتتاح مكاتب رسمية ومراكز تدريب في أراضيها. فالولايات المتحدة مثلاً لم تتوان عن دعم مختلف حركات المقاومة مادياً ومعنوياً. وكان تأييدها للمقاومة الفرنسية كبيراً.

والحقيقة أن كل أنواع المقاومة في أوروبا حظيت بعطف الولايات المتحدة وتشجيعها. ففي شهر آب «أغسطس» 1943، اعترفت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا بالمقاومة الفرنسية. وفي كانون الثاني «يناير» 1942، اصد وزير الخارجية الأميركية تصريحاً أيد فيه المقاومة الألبانية ضد الاحتلال الإيطالي وأعلن:

«أن جهود فرق المقاومة المختلفة التي تعمل في البانيا ضد العدو المشترك
 

(61)

تثير الإعجاب والتقدير».

واعترفت معاهدة السلام مع إيطاليا، في العام 1947، بالمقاومة الإيطالية.

وإذا كانت مختلف الفلسفات القانونية تكرس حق الشعب في أن ينتقض ضد حكومته، فالمنطق يقود، من باب أولى، إلى الاعتراف بحقه في الثورة على قوة غريبة تحتل أرضه.

وقد شهدت بعض البلدان انتفاضات شعبية في السبعينات والثمانينات كالانتفاضة الشعبية الإسلاميّة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني «t»، الذي قاد الشعب الإيراني ضد نظام الشاه. وكذلك مقاومة الشعب الأفغاني ضد الوجود الروسي في أفغانستان من أجل دعم الحكومة اليسارية فهيا، وقد استمرت هذه المقاومة مدة عشر سنين حتّى أجلت القوات السوفياتية عن أفغانستان مع سقوط هذا الاتحاد وتفككه.

وبالرغم من كل القوانين والاتفاقيات الدولية التي تعطي شعبنا الفلسطيني الحق في مقاومة الاحتلال الصهيوني.. وبالرغم من تجارب الشعوب في الولايات المتحدة وأوروبا في المقاومة، هل تنظر الولايات المتحدة ودول أوروبا إلى مقاومة شعبنا الفلسطيني على هذا الأساس ؟! أي أنها مقاومة مشروعة ؟!!

ونقول بصراحة أن الولايات المتحدة بالذات باتت لا تنظر إلى مقاومة الشعب الفلسطيني إلا من المنظار الصهيوني المحض.. فهي لا تلقي بالاً لكل القوانين والاتفاقات والأعراف الدولية، التي تعترف بشرعية مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الصهيوني، وباتت تعتبر هذه المقاومة الشعبية إرهاباً يمارسه أطفال الحجارة أو المقاومين الفلسطينيين ضد الكيان الصهيوني، وترى أن أعمال القتل والتنكيل وهدم الأحياء السكنية وتشريد أهلها وتجريف الأراضي والمزروعات وتجويع الناس وإرهابهم واستخدام كل أشكال الأسلحة الثقيلة من الصواريخ والدبابات وطائرات الأباتشي 3، وطائرات الـ أف 15 وغيرها.. كل ذلك من طرف الكيان الصهيوني وآلته

(62)

 العسكرية إنّما  هو عمل مشروع ودفاع عن النفس في عرف الولايات المتحدة ؟!!

وبتنا للأسف نشهد بعض التراجع في مواقف بعض الدول الأوروبية باتجاه التطابق مع الموقف الأميركي الصهيوني... وهو الأمر الذي يزيد من قناعتنا وقناعة أبطال المقاومة والقوى الحية في شعبنا وأمتنا بضرورة أن تمضي المقاومة إلى منتهاها، وتواصل دورها في التصدي للاحتلال الصهيوني متسلحة بإيمانها بالله أولاً وبالتحام الشعب الفلسطيني معها والتفافه حول برنامجها... وعدم انتظار أخذ الإذن لا من الولايات المتحدة ولا من دول أوروبا ولا من سلطة أوسلو ولا من كائناً من كان، ويكفيها قوله تعالى: «أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وأن الله على نصرهم لقدير» (20).

 

مواطن الخلل في الإعلام العربي والإسلامي تجاه المقاومة

1 ـ لم يرتق إعلام الدول العربية والإسلامية إلى مستوى المسؤولية والالتزام الواضح تجاه الشعب الفلسطيني ومعاناته وقضيته ومقاومته الباسلة وانتفاضته المباركة، ولم تحظ الانتفاضة والمقاومة بما تستحقه من اهتمام إعلام الدول الإسلاميّة إلا لفترات زمنية قصيرة.

2 ـ إن أداء الإعلام العربي كان باهتاً وضعيفاً جداً، في الوقت الذي تجند فيه إسرائيل كل طاقاتها الإعلامية. بل ـ وللأسف ـ تحول الخطاب الإعلامي في العديد من الفضائيات إلى خطاب توفيقي وسيط أو محايد ما بين المقاومة وما بين الاحتلال الإسرائيلي، بحيث أصبحت تدفع باتجاه التطبيع وليس دعم المقاومة.

3 ـ لقد تخلف الإعلام في الدول العربية والإسلامية في دوره ومهامه ومسؤولياته ومستواه عن إرادة الشعوب العربية والإسلامية وتطلعاتها ومواقفها، فالإعلام كان في واد والشعوب العربية والإسلامية كانت في واد آخر، بل عن هذا الإعلام اصبح في كثير من الحالات يروج للكثير من القضايا

(63)

  المعادية للأمة ومواقفها.

4 ـ انعكست الكثير من السياسات الرسمية على أداء الإعلام في الدول العربية والإسلامية، بحيث اصبح إعلاماً موجهاً بأبواق الأنظمة والحكومات، فأصبح الإعلام يخدم حكومات الدول وتلميع صورتها أمام شعوبها  ومحاولة إعطاء حيز أكثر للانتفاضة في فترات محدودة لامتصاص الاحتقان وحالات التعاطف الشعبي الكبير مع الشعب الفلسطيني.

5 ـ انشغل الإعلام بالقضايا الجانبية والبرامج الراقصة والترفيهية لشعوب هي أحوج ما تكون للحرية والكرامة وليس للترفيه فقط، وغدت برامج المسابقات ومن سيربح المليون وغيرها البضاعة الرائجة للفضائيات العربية في الوقت الذي ترنو فيه شعوب المنطقة والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص إلى تحريك ملايين العرب والمسلمين للتضامن مع الشعب الفلسطيني المقاوم ونصرته.

6 ـ ساهم إعلام كثير من الدول العربية والإسلامية في عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني من خلال استضافة رموز الكيان.. وظهرت بعض الفضائيات ووسائل الإعلام وكأنها تقف على بعد مسافة واحدة ومتساوية بين الرواية الفلسطينية ورواية العدو الصهيوني، وأصبحت تطرح الانتفاضة الفلسطينية وكأنها «عنف» والعمليات الفدائية وكأنها «اعتداءات».

7 ـ التغطية الإعلامية كانت تتم من زاوية الموقف الرسمي العربي الذي يتبنى خيار التسوية، ويسقط خيار الانتفاضة والمقاومة، فاهتم الإعلام الرسمي بالترويج لعملية التسوية وتسويقها على الشعوب العربية والإسلامية، مظهراً إياها بأنها انتصار كبير للشعب الفلسطيني وللأمة، وراح هذا الإعلام يشجع الفلسطينيين على القبول بما تعرضه عملية التسوية والتنكر من الماضي الجهادي، والتعامل مع القوى الشعبية المقاومة وبرنامجها، الجهادي ورفضها للتسوية وكأنها قوى منبوذة تسير خارج الزمن وعكس التاريخ، متجاهلاً مخاطر هذه العملية وما تنطوي عليه من تنازلات وتفريط بحقوق ومقدسات
 

 (64)

الأمة، وبذلك مارس الإعلام الرسمي عملية تضليل إعلامي لجماهير الأمة، وساهم في إضعاف المقاومة، ولم يكن صادقاً في نقل الحقائق وتوصيفها، حتّى إذا مااكتشفت شعوب الأمة مساوئ ومخاطر عملية التسوية بنفسها كفرت بهذا الإعلام الذي فقد مصداقيته.

8 ـ لم يواكب الإعلام العربي والإسلامي التطورات الحاصلة بعد 11 أيلول/ سبتمبر 2001 وما نتج عنها من محاولة الآلة الإعلامية الصهيونية اعتبار أن  المقاومة الفلسطينية والعمليات الاستشهادية للمجاهدين الفلسطينيين هي الوجه الآخر لهجمات واشنطن ونيويورك، واعتبار حركة حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منظمات إرهابية..؟! فقد وقف الإعلام الرسمي مذهولاً كبقية الحكومات أمام ضخامة الحدث، وكان الأولى به أن يبادر بحملة إعلامية هجومية واثقة للدفاع عن المقاومة الفلسطينية باعتبارها مقاومة مشروعة ورفض المنطق الصهيوني الذي يحاول ابتزاز الفلسطينيين والاستفراد بهم في ظل هذه الأجواء الدولية.

9 ـ الاعتماد على الروايات الإسرائيلية ومعلومات الوكالات التي تكون منحازة أحياناً للاحتلال.

 

برامج الانطلاق للأعلام العربي والإسلامي

1 ـ ضرورة تكوين وتوحيد الرؤية في الإعلام العربي والإسلامي تجاه قضية فلسطين والصراع مع العدو الصهيوني، بحيث يكون الإعلام هو جزء من منظومة عمل متكامل لخدمة القضية الفلسطينية والانتفاضة المباركة من كل الوجوه والمجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

2 ـ ضرورة إيجاد مؤسسات إعلامية مستقلة وملتزمة ومؤمنة بخيار المقاومة وتوظف كافة الطاقات بهذا الاتجاه، ودعم المؤسسات الإعلامية الفلسطينية الجادة والملتزمة لتمكينها من مواصلة رسالتها الإعلامية وخدمة القضية.

3 ـ إنشاء قناة فضائية متخصصة بالقضية الفلسطينية، يمكن أن يطلق عليها

(65)
اسم «قناة القدس الفضائية»، تتوفر لها الإمكانات المادية والكادر البشري المتخصص والمؤهل قضية فلسطين من جميع الجوانب وإبراز أوضاع الشعب الفلسطيني وما يتعرض له من عدوان صهيوني يومي، كما تسلط الضوء على حقيقة الأطماع الصهيونية، وتخدم الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية.

4 ـ إنشاء «وكالة القدس للأنباء»، ويمكن اعتماد وكالة أنباء قدس برس المستقلة القائمة حالياً، بحيث تملك هذه الوكالة شبكة واسعة من المراسلين في كل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وكذلك في العواصم الهامة لتغطية الحدث الفلسطيني بعيون عربية وإسلامية ملتزمة، ولتصبح هذه الوكالة مصدراً رئيسياً لكل وسائل الأعلام في كل ما يتعلق بفلسطين.

5 ـ تأسيس «شركة إنتاج إعلامي متخصصة بخدمة قضية فلسطين»، وتعنى بإنتاج البرامج والأفلام التسجيلية والدرامية وتسويقها بمختلف اللغات على الفضائيات.

6 ـ توجيه رجال الفن والإعلام ومؤسسات الإنتاج الإعلامي العربية والإسلامية لعمل وإنتاج برامج وأفلام وطنية هادفة تخدم قضية فلسطين وتوجه وتحشد طاقات الأمة تجاهها.. وإنتاج الأفلام والبرامج التي تكشف حقيقة الكيان الصهيوني وممارساته الإرهابية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.

7 ـ العمل على تنظيم دورات تدريبية للطاقات الإعلامية الفلسطينية في مختلف المجالات الصحفية والفنية والإنتاج التلفزيوني، من خلال فتح المعاهد والمراكز الإعلامية المتخصصة، وتخصيص مقاعد في كليات الإعلام العربية والإسلامية للطلبة الفلسطينيين الذين يعتزمون التخصص في مجالات الإعلام المختلفة، مما يمكن هؤلاء مع الوقت من تطوير وسائل تقديم الرسالة الإعلامية المتعلقة بقضية فلسطين والانتفاضة.

8 ـ إعداد وإدارة «حملة إعلامية دولية للتفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني»، ومواجهة محاولات الكيان الصهيوني والإدارة

(66)

الأميركية لوصم مقاومة الشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة بالإرهاب، ومواجهة محاولات الولايات المتحدة فرض تعريفها الخاص بالإرهاب على دول العالم.

9 ـ الاتصال بأصحاب القرار أو من يمكنهم التأثير على القرار في وسائل الإعلام الرسمية لإقناعهم بأهمية إيلاء الانتفاضة والمقاومة ما تستحقه من مساحة في وسائل الإعلام، وتطوير أشكال تغطية أحداث وتطورات القضية بشكل عام والانتفاضة بشكل خاص.

10 ـ وضع آلية وبرنامج متكاملين لتغطية أخبار الانتفاضة وذلك حسب أولويات الأحداث وإرفاق ذلك بكل ما يتطلب من إثارة تعيد اهتمام المواطن العربي بما يجري في فلسطين.

11 ـ تقديم برامج حول حضارة وتاريخ فلسطين فضلاً عن التوسع في تغطية القضايا المجتمعية الفلسطينية التي تسلط الضوء على المشاكل الاجتماعية الخانقة التي يحياها الفلسطينيون تحت الاحتلال، مع العلم أنّه  يكاد لا تقدم أي من هذه البرامج في وسائل الإعلام الرسمي.

12 ـ بذل جهود علمية حثيثة وجادة لـ «تفنيد سلسلة المزاعم والأباطيل والروايات الصهيونية» حول حقهم في فلسطين، وحول تبرير عدوانهم وقمعهم اليومي بحق الشعب الفلسطيني، وحول مزاعمهم بالسعي للسلام.. ومواجهة هذه الأباطيل الصهيونية بالحقائق الفلسطينية والعربية والإسلامية، ونشر ذلك في مختلف وسائل الأعلام.

13 ـ «الاهتمام باللغات الحية في العالم » بإيجاد وسائل إعلامية مؤثرة كالفضائيات وغيرها بهذه اللغات، حتّى يمكننا من مخاطبة معظم شعوب العالم بعدالة قضيتنا، وحتى تتصدى هذه الوسائل لحملة التضليل الإعلامي التي يقوم بها العدو الصهيوني وأبواقه الإعلامية.

14 ـ حث وتشجيع الإعلاميين والصحفيين والفنانين في العالم العربي والإسلامي للمبادرة لخدمة قضية فلسطين والانتفاضة والمقاومة، كل من
 

(67)

خلال موقعه ودعوة الحكومات إلى رفع القيود المفروضة عليهم وإطلاق أيديهم وإعطاؤهم حرية العمل الإبداعي لخدمة هذه القضية المباركة.

15 ـ إعداد واعتماد «قائمة المصطلحات والمفاهيم البديلة» والمقصود هنا تتبع كل المصطلحات والمفاهيم التي بدأت تتسرب عمداً أو سهواً إلى وسائل إعلامنا العربي والإسلامي والتي تخدم في المحصلة العدو الصهيوني وخطابه الإعلامي ومزاعمه، فالملاحظ أنّه  مع مرور الوقت أصبح هناك تساهلاً في التعامل مع كثير من المصطلحات والكلمات التي كانت مرفوضة وتقابل بحساسية كبيرة من المواطن العربي والمسلم، وضرورة أن يتبنى الإعلام المفاهيم الوطنية والإسلامية وخاصة حول «العدو ـ الاحتلال ـ المقاومة ـ القضية المركزية».

16 ـ مطالبة وسائل الأعلام العربية والإسلامية بالامتناع عن استضافة المسؤولين والسياسيين الصهاينة للتحدث عبر هذه الوسائل بذريعة الرأي والرأي الآخر، لما يمثله ذلك من تطبيع مرفوض مع رموز الكيان الصهيوني، ولأن ذلك يعتبر شكلاً من أشكال الترويج للمزاعم والأكاذيب الصهيونية.

17 ـ العمل على إبراز الصورة الحقيقية لانتفاضة الشعب الفلسطيني ومقاومته، وعدالة المطالب التي يسعى شعبنا لتحقيقها، ونشر ذلك في الأوساط والبلدان الغربية التي تأثرت بالدعاية الصهيونية المظللة، عبر كافة الوسائل الممكنة من مؤتمرات أو ندوات أو معارض وغيرها.

18 ـ إيجاد الآليات والوسائل المناسبة لتأمين حماية كاملة للصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين مهنياً ومعيشياً من خلال إنشاء صندوق الإعلاميين الفلسطينيين ودعمه، لتمكينهم من مواصلة دورهم الوطني في خدمة قضيتهم.

19 ـ إنشاء مؤسسة تقوم بدور رصد وتبيان وتحليل آثار ونتائج المقاومة والانتفاضة على المجتمع الصهيوني: سياسياً، عسكرياً، اجتماعياً، واقتصادياً.

20 ـ الاهتمام ببث الأمل في نفوس الأمة، واليقين بالنصر على الاحتلال الصهيوني، ومعالجة حالات الإحباط واليأس التي يتعرض لها المواطن العربي

(68)

والمسلم بسبب تصاعد العدوان الصهيوني والدعم الأميركي اللامحدود للإرهاب الصهيوني، وبسبب ملاحقة حركات المقاومة التي تشكل الأمل الوحيد لهذا المواطن، وهذا يتطلب التركيز على الصور المشرقة للمقاومة الفلسطينية ولصمود الشعب الفلسطيني وإصراره على مواصلة الجهاد والمقاومة والتمسك بحقوقه، وحالة التعالي على الجراح والصبر الاحتساب، رغم سقوط الشهداء وهدم البيوت والتجويع والتنكيل، كما يتطلب إظهار حقيقة معاناة المجتمع الصهيوني جراء الانتفاضة وعمليات المقاومة، وفقدانه الأمن والاستقرار وزيادة معدلات الهجرة المعاكسة من الصهاينة، وتأثر الاقتصاد الصهيوني وخسارته مليارات الدولارات وتوقف السياحة «إن كنتم تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون» (21).

21 ـ تنظيم «مسابقة القدس العالمية » بشكل دوري كل عام، بحيث تشمل كافة مجالات العمل الثقافي والأدبي والفني، من البحوث والدراسات والشعر والقصة والرواية والمسرح الرسم والكاريكاتور والنشيد وغيرها..

22 ـ تنظيم «مهرجان فلسطين السينمائي»، بحيث يكون مهرجاناً سنوياً أيضاً لتشجيع وتكريم المبدعين من الشباب الذين يقومون بإنتاج الأفلام التسجيلية والدرامية حول فلسطين والصراع مع العدو الصهيوني وتمجيد المقاومة والانتفاضة.

23 ـ إيجاد «ميثاق شرف إعلامي من أجل فلسطين» يشمل مجموعة الثوابت والسياسات المطلوب احترامها والالتزام بها من قبل الصحفيين والإعلاميين العرب والمسلمين، ويكون بمثابة عهد وقسم وعهد لهؤلاء أمام الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلاميّة.

24 ـ إنشاء «المجلس الإعلامي العالمي لنصرة فلسطين»، وتقترح أن ينبثق هذا المجلس ليكون بمثابة الهيئة العالمية التي تعنى بخدمة قضية فلسطين على الصعيد الإعلامي وإيجاد آليات التعاون والتنسيق والتفاعل بين إعلاميي الأمة بما يخدم الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية.

(69)

25 ـ وضع آلية لإنجاز وتعميم ورقة «تقدير الموقف الإعلامي لفلسطين»، بحيث يتولى إعداده بشكل دوري «كل أسبوعين مثلاً» نخبة من الصحفيين والإعلاميين، ليكون بمثابة توجيهات إرشادية مقترحة للإعلاميين والصحفيين ووسائل الإعلام العربية والإسلامية، يتضمن الإشارة لأهم الأحداث أو التطورات السياسية أو الميدانية، التي تتعلق بقضية فلسطين، محلياً وإقليمياً ودولياً، وخلاصة المعلومات الموثقة ومضامين الطرح الإعلامي المقترحة، للاستفادة منها في تغطية الأحداث المتعلقة بالقضية أو الكتابة حولها.

26 ـ تعميم فكرة «أسبوع فلسطين» أو «أسبوع القدس» بحيث يكون عبارة عن نشاط سنوي في معظم الأقطار العربية والإسلاميّة  يتضمن: تنظيم معرض للصور ومهرجان لعرض أحدث الأفلام المتعلقة بفلسطين، ومعرض للكتاب ومهرجان للأنشودة والأغنية وأمسية شعرية وندوات ثقافية وماراثون خيري للتبرع لصالح الانتفاضة والشعب الفلسطيني.

(70)

__________________________________

1 ـ البقرة / 216.

2 ـ البقرة / 194.

3 ـ التوبة / 36.

4 ـ البقرة / 190.

5 ـ شرح مسلم للنووي: 12 / 45 ـ 46.

6 ـ رواه أبو داوود.

7 ـ د. وهبة الزحيلي، العلاقات الدولية في الإسلام، ص 25.

8 ـ بداية المجتهد «1/371، وفتح القدير 4 / 219».

9 ـ مغنى المحتاج «4 / 210»

10 ـ فتح القدير، 4/277.

11 ـ زاد المعاد، 2/58.

12 ـ البقرة / 216.

13 ـ النساء / 75.

14 ـ الأنفال / 60.

15 ـ د.علي حمدان، قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالصراع على فلسطين ص 239.

16 ـ الدكتور بشار صوفية، فلسطين والأمم المتحدة ص 113.

17 ـ نفس المرجع، ص 114.

18 ـ اتفاقيات جنيف لحماية ضحايا الحرب «إصدار الهلال الأحمر» ص 215.

19 ـ نفس المرجع ص 217.

20 ـ الحج / 39.
21 ـ النساء / 104. 
 

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية