مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

المنهج – التجديد - التقريب
أ. د. الشيخ نصر فريد واصل
مفتي الديار المصرية السابق
الامام محمود شلتوت

مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله الهادي الأمين الذي بعثه الله رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته وتمسك بشريعته إلى يوم الدين (وبعد).فإن الفقه في الدين من أجمل وأعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده المؤمنين المخلصين، لأنه يحقق الخير للإنسان في كل أمور الدنيا والدين. ومن فقه دينه من المسلمين فقه دنياه، ودانت له بعز ومجد، واستخلفها له خلافة شرعية وهي مسخرة له بأمر ربه ومولاه يعمرها ويستخرج منها كل خيراتها وكنوزها زينة له ومنفعة لدينه ودنياه وطاعة لله في قوله تعالى:( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) وقوله سبحانه (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) وقوله تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). (188)وقد أمر الله بالتفقه في الدين ورغّب فيه عباده المؤمنين، وحثهم عليه بقوله تعالى: (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ).وإن مكانة العلماء الذين رفعهم الله لهذه المنزلة الرفيعة التي قرنها سبحانه وتعالى باسمه وذاته العلية وملائكته الكرام وشهدوا له بالوحدانية كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).لا تتحقق لهؤلاء العلماء هذه المكانة السامية بغير الفقه في الدين، ولهذا قال(ص) (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين).والفقه في الدين له أصول وفروع، وأصوله ثابتة لا تعديل ولا تبديل ولا تغيير فيها إلى يوم الدين، وفروعه كلها قائمة على أصوله التشريعية ومرتبطة بها ارتباطا وثيقا لا فكاك عنه في جميع العصور إلى يوم الدين، وإن اختلفت صياغتها وعبارتها عند الفقهاء عن الأصول القائمة عليها بما يوافق المدارك الإنسانية والعقول البشرية ومصالح العباد في كل زمان ومكان؛ باعتبار أن هذه الفروع هي فقه لهذه الأصول التشريعية وتفسير لها حسب أصول التفسير وقواعدهم الشرعية التي دل عليها الشرع الحكيم بطريق النص أو العقل الذي يوافقه الشرع، وهذا التفسير بمداركه الفقهية المتعددة هو ما يعبر عنه بالمذاهب الفقهية في الشريعة الإسلامية المنسوبة إلى أصحابها.ولهذا كانت الفروع الفقهية لأصول الشريعة الإسلامية في كل العصور وحدة واحدة يكمل بعضها البعض ولا يستغني إحداهما عن الآخر، ولا يمكن الفصل بينها فصلا كاملا بأي حال في أي عصر من العصور التشريعية (189) الإسلامية؛ لأنها جميعا لبنات متعددة لبناء واحد كامل وأصل واحد شامل هو نصوص الشريعة الإسلامية عقيدة وشريعة.وكان من الجهل كل الجهل والخطأ كل الخطأ فصل هذه الفروع عن أصولها الشرعية، وتركها أو إلغائها في أي عصر من العصور الإسلامية مهما تقدمت العلوم والمدارك والعقول البشرية في أي زمان وفي أي مكان، ومهما تقدمت الثقافات الإنسانية. ومن هنا كانت أهمية تحقيق التراث العلمي الذي يحمي ويحفظ هذه الفروع الفقهية بكل مذاهبها الإسلامية ليظل أصل النبع الفقهي والتشريعي للإسلام والمسلمين نقيا صافيا من كل دخيل أجنبي عنه، ومتصلا مع كل أجيال البشر، ومحققا لهم في مجال العمل والتشريع والتطبيق كل الخير والسلام لكل بني الإنسان مهما بعدت فيما بينهم الديار، ومهما اختلفت عندهم الأجناس والألسنة والألوان مادام دين الله الإسلام، وشرعه بأصوله التشريعية وفروعه الفقهية هو الذي يحكم بينهم في كل الأحوال.وبهذا فإنه لا غنى عن هذا التشريع في مجال التطبيق والعمل والتنفيذ لكل إنسان في أي زمان وفي أي مكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.ولقد آمن فقهاء الإسلام على مر العصور قديما وحديثا بذلك وعرفوا مكانة الفقه الإسلامي وشرفه بين علوم الدنيا والدين ومن بين هؤلاء الفقهاء كان العالم الحجة المجدد فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت.وإذا كانت حياة عظماء الرجال تقاس بمقدار كفاحهم ونضالهم من أجل بلوغ المثل العليا، والقيم الفاضلة للمجتمع المثالي فإن فضيلة الشيخ محمود شلتوت أحد هؤلاء الذين قطعوا في هذا الطريق شوطا طويلا نفع به الإسلام والمسلمين. (190)فقد توسع في كثير من مجالات العلم وفروعه.. توسع في دراسة الفقه، حتى أصبح فقيها من أكبر فقهاء عصره، واسع الأفق قوي الحجة، بصيرا بالأحكام الشرعية الملائمة لحاجات الناس، ومقتضيات العصر، سائرا بها في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. كما أعتنى بتفسير القرآن الكريم وتدبر أسراره... ودرس أحوال مجتمعه حتى استطاع أن يتعرف على أمراض المجتمع، ووسائل علاجها فحارب التقليد والجمود والعصبية المذهبية التي جعلت من المذاهب أديانا وفرقت بين المسلمين ونادى بمبدأ الاجتهاد، وفتح بابه، وندد بفكرة سد باب الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، واعتبره حدا للعقول، وتعطيلا لكتاب الله، ومجافاة لنصوصه الداعية إلى البحث والنظر.والإمام محمود شلتوت له مدرسة في ذلك دفعت قافلة الفكر الإسلامي إلى الأمام. وله الكثير من الآراء الإصلاحية التي طالع بها العالم منذ عهد الشباب.ومن هنا كان الأمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت أحد أولئك الذين عاشوا قضية الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى للمسلمين ديناً وجعله خاتم الرسالات السماوية إلى الأرض قولا وعملا. وكان النموذج المشاهد الملموس لداعية الإسلام المعاصر الذي يملك الوسائل والأسباب والخصائص والمميزات التي تدفع به الى النجاح والتقدم فيما يدعو إليه من إصلاح وتجديد في شتى المجالات.ولكل ذلك سوف نتحدث عن حياته وآثاره العلمية ونتعرف على أفكاره في مجالات الفقه والتفسير وعلم الكلام وكيف كانت عنايته بالفقه المقارن والتقريب بين المذاهب ودوره البارز في التقريب بين مذاهب أهل السنة والشيعة وفتاواه في جواز التعبد بالمذاهب الإسلامية السنية والشيعية الصحيحة، وقيادته لحركة الإصلاح والتجديد والاجتهاد. (191)
أولاً: حياته وآراؤه(1)الشيخ شلتوت إمام عالم وباحث محقق ومفكر واسع الأفق ملأ عصره بعلمه وبحثه وفكره ودوي صوته بالحق في شجاعة العالم المحقق وأسلوب الباحث المجدد.وهو الإمام العلامة الداعية المفسر الفقيه الأصولي الأديب اللغوي. محمود بن محمد بن عبد الهادي شلتوت.ولد الإمام في الخامس من شهر شوال سنة عشر وثلاثمائة وألف من الهجرة 5/10/1310هـ الموافق للثاني والعشرين من شهر أبريل سنة ثلاثة وتسعين وثمانمائة وألف من الميلاد 22/4/1892 في قرية منشأة بني منصور (منية بني منصور) التابعة لمركز آيتاى البارود أحد مراكز مديرية البحيرة بمصر في بيت عرف بالعلم والأدب، ورباه والده المرحوم الشيخ محمد شلتوت إلى أن بلغ السابعة من عمره ثم لحق بربه فتولى تربيته عمه الشيخ محمد عبد القوي شلتوت الذي ألحقه بكتّاب القرية ليحفظ القرآن الكريم فحفظه في مدة يسيرة والتحق بمعهد الاسكندرية الديني سنة 1906م، وتلقى العلم بهذا المعهد العتيق على أيدي نخبة وصفوة من العلماء الأوفياء الصالحين؛ منهم الشيخ الجيزاوي والشيخ عبدالمجيد سليم وغيرهم. وكان رحمه الله أول فرقته في جميع مراحل الدراسة. حصل على الشهادة العالمية النظامية في سنة 1918 ولم يتجاوز عمره الخامسة والعشرين وكان أول الناجحين فيها.ثم عين مدرسا بمعهد الإسكندرية الذي تخرج منه وهو في السادسة والعشرين من عمره في 3 فبراير 1919.وفي هذا العام قامت الثورة الشعبية المصرية بزعامة سعد زغلول وامتدت (192) الثورة حتى شملت جميع القرى والمدن وقام الشيخ فيها بواجبه وشارك فيها بقلمه ولسانه.وعندما عين الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخا للأزهر سنة 1928 ورأى الإفادة من الشيخ محمود شلتوت لما رآه فيه من علم وفهم وحب للإصلاح والتجديد نقله إلى القاهرة مدرسا بالقسم العالي، وظل يدرس بالقسم العالي إلى أن اختارته مشيخة الأزهر للتدريس بقسم التخصص سنة 1930 ليدرس لحملة الشهادة العالمية، واصبح زميلا لأساتذته السابقين.ولما تقدم الإمام المراغي شيخ الأزهر آنذاك بمذكراته الإصلاحية إلى أولياء الأمور كان الشيخ شلتوت أول المؤيدين له من الأزهريين، وتتضمن المذكرة إعادة تنظيم الأزهر على ضوء ما جاء فيها من مقترحات. وكتب الشيخ شلتوت عدة مقالات في جريدة السياسة اليومية يطالب فيها بتأييد هذه المذكرة والعمل على تنفيذها، ولم يستجب القصر الملكي في ذاك الوقت الى هذه المطالب، ورد المذكرة مما دعا الشيخ المراغي إلى الاستقالة من منصبه.وعين الشيخ محمد الأحمدي الظواهري شيخا للأزهر خلفا له ومع أنه من رجال الإصلاح إلا إنه كان يرى علاج الأمور بالرفق ومطالبة أولياء الأمور بالتفاهم معهم في تنفيذ برامج الإصلاح.ولذلك عارضه كثير من العلماء والطلاب وقابل ثورتهم بالشدة ففصل كثير منهم من منصبه من بينهم الشيخ شلتوت وظن الكثير أن الشيخ الظواهري يرفض الإصلاح.وفي يوم السبت 17 سبتمبر 1931م تم فصل الشيخ شلتوت من العمل فاتجه إلى العمل بالمحاماة أمام المحاكم الشرعية مع زميله الشيخ علي عبد الرازق (193) (وزير الأوقاف الأسبق) والكتابة في الصحف والمجلات مطالبا بضرورة إصلاح الأزهر.ولقد استفاد كثيرا من قيامه بالعمل في المحاماة فقد فتحت له آفاق من الفكر الذي يتعلق بالحياة العملية للناس.وفي شهر فبراير سنة 1935 أعيد الشيخ شلتوت إلى عمله بالأزهر مع إخوانه المفصولين فعين مدرسا بكلية الشريعة.وعندما عاد الشيخ المراغي إلى مشيخة الأزهر مرة ثانية عين الشيخ شلتوت وكيلا لكلية الشريعة في شهر فبراير سنة 1937 ثم أختاره المجلس الأعلى للأزهر عضوا في الوفد الذي يمثل الأزهر في مؤتمر القانون الدولي المقارن بمدينة لاهاي في هولندة.وتقدم الشيخ شلتوت ببحثه القيم (المسؤولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية) وقد نال هذا البحث استحسان واعجاب أعضاء المؤتمر. وقرر المؤتمر بناء على هذا البحث: 1ـ اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا من مصادر التشريع العام الحديث.2- اعتبار الشريعة الإسلامية صالحة للتطور وقائمة بذاتها وليست مأخوذة من غيرها.3- تسجيل البحث في سجل المؤتمر باللغة العربية واعتباره من الأبحاث التي تدخر للرجوع إليها.4- جعل اللغة العربية إحدى اللغات المستعملة في المؤتمر في دورته المقبلة.5- أن يدعى إلى المؤتمر المقبل أكبر عدد ممكن من علماء الشريعة (194)الإسلامية من مختلف المذاهب والأقاليم.ونظرا لما عرف عنه من فكر ثاقب في الإصلاح عين الشيخ شلتوت مفتشا عاما بالمعاهد الأزهرية لمعالجة ما بها من قصور 1938و بعد أن قام بمهمة الإصلاح فيها عاد مرة ثانية إلى وكالة كلية الشريعة ثم تقلد مناصب عديدة بعد ذلك وحصل على عضوية كثير من المجالس العلمية، في سنة 1938 اختاره وزير الحقانية عضوا شرعيا بلجنة تعديل القانون المدني، وفي سنة 1939 عين عضوا بلجنة الفتوى بالأزهر.واختير عضوا في لجنة إذاعة التفسير بمحطة الإذاعة المصرية وتقدم باقتراح حديث الصباح – قبل وبعد التلاوة القرآنية.وفي سنة 1941 عين عضوا بجماعة كبار العلماء فكان أصغر عضو فيها.وفي أول اجتماع للجنة كبار العلماء بعد تعيينه عضوا فيها تقدم باقتراح يطلب فيه ما يلي:1ـ إنشاء مكتب علمي للجماعة تكون مهمته معرفة الشبهات والمزاعم التي يروج لها أعداء الإسلام والرد عليها.2- بحث المعاملات التي جدت في المجتمعات الإسلامية.3- وضع مؤلف علمي يحتوي على بيان ما في كتب التفسير المتداولة من الإسرائيليات على التفسير، وأخذها الناس على أنها من معاني القرآن التي لا يدل على صحتها نقل ولا عقل، وكذلك تنقية كتب الدين من البدع والخرافات(2).وقد استجيب لطلبه وألفت لجنة برياسة الشيخ عبدالمجيد سليم وعضوية الشيخ شلتوت. ولقد تابع الشيخ شلتوت اقتراحه بالمطالبة بإنشاء مجمع البحوث الإسلامية (195) وتم إنشاء المجمع في عهد مشيخته سنة 1961.وفي عام 1946 عين عضوا بمجمع اللغة العربية ثم أنتدب بعد ذلك لتدريس فقه القرآن والسنة بجامعة فؤاد الأول – القاهرة الآن – وفي سنة 1950م عين مراقبا عاما لمراقبة البحوث والثقافة الإسلامية، وفي سنة 1957 عين مستشارا للمؤتمر الإسلامي وعضوا في اللجنة العليا للعلاقات الثقافية الخارجية وعضوا في مجلس الإذاعة الأعلى وغير ذلك من المناصب.ومن أبرز الأعمال التي قام بها أنه عمل على توحيد الصف الإسلامي فكان من كبار المؤسسين لدار التقريب بين المذاهب الإسلامية التي قامت لتحقيق الأخوة الإسلامية وإزالة الجفوة الموجودة بين الشيعة وأهل السنة وتوثيق الصلات بين المذاهب الإسلامية عموما والتي كان من آثارها الفتوى بجواز التعبّد على مذهب الأمامية الجعفرية من الشيعة – سنذكرها فيما بعد – ومن طيب ثمرات الشيخ شلتوت كذلك أنه قام بتفسير العشرة أجزاء الأولى من القرآن الكريم تفسيرا موضوعيا ممتازا. وفي سنة 1957 أيضا عين للجامع الأزهر وظل في منصبه حتى صدر القرار الجمهوري بتعيينه شيخا للأزهر في 21 أكتوبر سنة 1958 ، وظل الأمام شلتوت شيخا للأزهر إلى أن توفاه الله في ليلة الجمعة السادس والعشرين من شهر رجب سنة ألف وثلاثمائة وثمانين وثلاث من الهجرة النبوية الشريفة الموافق 12 ديسمبر 1963 ميلادية.وقد كان الشيخ شلتوت يؤمن برسالة الأزهر لأنها تحمل أساسا رسالة الإسلام وإيصال الدعوة الإسلامية إلى كل الناس وقام بتعديل المناهج في الأزهر بما يناسب عقول المخاطبين في عصره فقد قال في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر الملحقين الثقافيين التي يطالب فيها بإعادة النظر في مناهج الأزهر: (إن هذ (196) الذي نريده للأزهر هو في الوقع انقلاب ولكنه انقلاب محبب إلى النفوس الغيورة على ماضيها المتطلعة إلى مستقبلها، انقلاب يصل بالعقلية الأزهرية إلى الفكر الأصيل، وهو في الوقت نفسه يربط العقلية الأزهرية أو الفكرة الإسلامية الصحيحة بالحياة الواقعية التي يعيش العالم فيها اليوم).
ثانيا: منهجه وأفكاره في الفقه والتفسير وعلم الكلامأ- منهجه وأفكاره في الفقه:تأثر الشيخ شلتوت بمنهج أستاذه الشيخ المراغي عندما كتب مذكرته في شؤون الأسرة واوضح فيها آراء الفقهاء في شتى المذاهب الفقهية لكبار الفقهاء في الإسلام دون التقيد أو التعصب لمذهب أو لرأي معين.كما تأثر بمذكرة الشيخ المراغي لإصلاح الأزهر الذي يقول فيها: (يجب أن يدرس الفقه الإسلامي دراسة حرة خالية من التعصب لمذهب. وأن تدرس قواعده مرتبطة بأصولها من الأدلة، وأن تكون الغاية من هذه الدراسة عدم المساس بالأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة المجمع عليها. والنظر في الأحكام الاجتهادية لجعلها ملائمة للعصور والأمكنة والعرف وأمزجة الأمم المختلفة كما يفعل السلف من الفقهاء).تأثر الشيخ شلتوت بهذا المنهج المقارن ورأى ضرورة إصلاح الفقه وتجديده ليوافق ظروف الزمان والمكان. ولإيمانه بذلك لم يغفل الشيخ شلتوت قضية فقهية من قضايا عصره دون أن يصدر رأيه فيها، فكان مصدر الفتوى في كثير من شؤون الفقه ومسائله، يزاحم أساتذته الكبار مزاحمة ناهضة مشرئبة إلى الاجتهاد حتى زاملهم مزاملة الكفء، للكفء وصار ينتظر رأيه (197)الفقهي فيما يختلف فيه المتجادلون، فإذا تصدر للحكم فالرأي المؤيد بالدليل والإفتاء المستند إلى الترجيح الصحيح(3).ولقد ألف الشيخ شلتوت كتابا في مقارنة المذاهب الفقهية(4) بالاشتراك مع محمد علي السايس، ونهج فيه المنهج المقارن يأتي فيه بالقضية الفقهية من وجهة نظر كل مذهب ثم يرجح المذهب الذي يناسب ظروف العصر مؤيدا بالأدلة والبراهين. ولذلك فهو كان من أوائل الذين اهتموا بتجديد الفقه بحيث يلائم العصر والبيئة حتى ينتفع الناس به، ثائرا على التعصب والجمود، وكان من آثار هذا المنهج أنه أفتى بجواز التعبد بالمذاهب الإسلامية الصحيحة السنية والشيعية(5).ب- منهجه وأفكاره في التفسير:الشيخ شلتوت إمام عالم فسر القرآن الكريم فجلى هدايات القرآن في جوانب الحياة المختلفة، وأظهر كثيرا من نواحي الإعجاز البياني والتشريعي والعقدي والأخلاقي؛ وذلك في تبصر ووعي وأدراك لثقافة العصر وقضاياه المتجددة. وهو في تفسيره يؤكد حقيقة هذا الدين، وهو أنه الدين الذي رضيه الله للبشرية دينا خاتما أرسل به خاتم أنبيائه ورسله محمدا (ص)، وأنه الدين العام الخالد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين إذا استقامت البشرية على – منهجه يحقق لها التقدم والرقي والسعادة والأمن والاستقرار، فهو الدين الذي يصلح به كل زمان – ومكان لأنه يلبي حاجة العقل والقلب والجسد والروح (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)(6) . وهو الصراط المستقيم (صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)(7) .وقد أدرك الشيخ شلتوت بوعيه الثاقب أن المسلم لا يمكن أن يعيش بعيدا (198)عن حقائق العصر ومتغيرات الحياة ومتطلباتها، فربط التفسير بالواقع وحارب الجمود والتقليد وقضى على ركود العقل واستغلال الدين لمصلحة فئة من الناس ودعا إلى الائتلاف والوحدة(8).وكانت الطريقة المألوفة في التفسير هي أن يسير المفسر مع آيات الذكر الحكيم آية بعد أية وسورة بعد سورة حسب الترتيب المصحفي. واستمر الحال على ذلك أزمان حتى جاء عصر النهضة الحديثة – في القرن الرابع عشر الهجري - فكان نهضة في جميع المجالات العلمية والفكرية والمادية والحضارية، وفي النهضة الفكرية ظهر التجديد في طريقة التفسير وأسلوبه على يد جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وسلك تلاميذ الشيخ محمد عبده وأعلام مدرسته هذا المنهج بالاتجاه إلى وجوب الهداية في القرآن، فالتفسير الذي لا يسعى إلى بيان وجوه الهداية لا يستحق أن يسمى تفسيرا، وكذلك خلت تفاسيرهم من الإسرائيليات المكذوبة والأخبار الموضوعة والأقاصيص المعلقة، كما خلت إلى حد كبير من التعميق والإغراق في البحوث العربية من بلاغة ونحو وصرف ولغة. والبحوث الشرعية من فقه وأصول فقه وعلم وكلام، والبحوث الفلسفية والعلوم الطبيعية والكونية. فالتوغل في تلك المباحث يبعد القارئ غالبا عن تعرف الهداية في القرآن.ومن أراد تفسير القرآن الكريم على المنهج القويم فليتجه أولاً إلى بيان وجوه الهداية التي أرشد إليها القرآن الكريم في العقيدة والتشريع والعبادة والأخلاق، وجوانب الحياة الأخرى، ويتجه كذلك إلى الوجوه التي كان القرآن بها معجزة خالدة.وقد أذن الله سبحانه بأن يكون في كل عصر وجيل علماء يبذلون جهود (199) ويخصصون أنفسهم لخدمة كتاب الله تفسيره، كل على قدر طاقته وحسب ثقافته وأجواء عصره، ومن هؤلاء العلماء الشيخ محمود شلتوت رحمه الله، فقد تغيرت أحوال الناس واختلف العصر، وأصبح الناس في القرن العشرين في حاجة إلى تفسير يلائم حال الناس وثقافتهم وقام الشيخ شلتوت بواجبه نحو كتاب الله وخدمته وكتب بحوثه والقى محاضرات في تفسير القرآن بطريقة فريدة ونموذج رائع وأسلوب جديد يلائم ذوق العصر وثقافته، عمد فيه إلى بيان وجوه الهداية والإعجاز في القرآن الكريم عقيدة وتشريعا وأخلاقاً.ووضح الشيخ شلتوت منهجه فقال أثناء تفسيره لسورة البقرة: «وقد سلكنا بهذا الصنيع سبيلا غير التي ألفها الناس في التفسير لنضع بين يدى القارئ الموضوعات التي عرضت لها السورة فيما قبل هذه الآية والموضوعات التي عرضت لها فيما بعدها في سلك واحد يجمع بين حبات كل جانب ويعطى للناظر إليه صورة كاملة لجميع ما احتوت عليه تلك السورة الكريمة وتعينه على الرجوع بكل مسألة فيها إلى نوعها وغرضها التي ترتبط فيها مع زميلاتها، ولعل القراء يلمسون من هذا الصنيع ذلك المعنى الذي يوحي به اهتمام السورة في الجانب الأول من جانبيها بتتبع أنباء بني إسرائيل وتقصيها على النحو العجيب، والمؤذن بأن القرآن الكريم صادر من العليم الحكيم، كما يوحي باهتمام السورة في جانبها الآخر بعظمة هذا الدين وكونه منهجا واضحا وصراطا مستقيما يهدي للتي هي أقوم ويرسم للناس طريق السعادة في الدنيا والآخرة ويهيئ للأمة حياة هانئة مستقرة ونظاما قويا يعيشون في ظله آمنين مطمئنين»(9).ولقد انتهج الشيخ شلتوت منهج التفسير الموضوعي وهو تفسير القرآن (200) الكريم بجمع الآيات من السور المختلفة التي تحدثت عن موضوع واحد ودراستها دراسة موضوعية مرتبطا بعضها ببعض مستخرجاً منها العبر والأحكام والعظات.وقد تميز تفسيره للعشرة أجزاء الأولى من القرآن الكريم.أولاً: بتنظيم وترتيب المعلومات والتبويب والفهرسة للموضوعات فكان يذكر إجمالاً في مستهل كل سورة: الموضوعات الرئيسية والمحاور التي تدور عليها، ثم يبين مقاصد السورة ثم يبين طريقته في بيان الموضوعات وأسلوبه في البحث.ثانياً: خلو تفسيره من الإسرائيليات والموضوعات والمرويات الضعيفة.ثالثاً: تجنب في تفسيره أمرين يجب تنزيه التفسير عنهما:الأمر الأول: التفسير على وفق آراء المذاهب والفرق.الأمر الثاني: التفسير على مقتضى النظريات العلمية.فنجد تفسيره خالياً من التأثر بالعصبية المذهبية أو الطائفية، وإنما كان رائده الدليل ووجهته الحق وطريقته الاستقامة على منهج القرآن الذي يأمرنا بالوحدة، ولم يكلف أحداً باتباع مذهب معين من الناس إلا إذا وافق الحق والدليل من القرآن والسنة.كما أنه لا ينبغي أن ننساق إلى النظريات العلمية والتأثر بها، والتي قد تتغير من وقت لآخر وقد تكون صحيحة وغير صحيحة(10).رابعاً: يتميز تفسير الشيخ شلتوت أيضا بإبراز خصائص النظم القرآني.خامساً: يتميز بتوضيح وبيان أوجه الهداية والموعظة في القرآن الكريم.جـ - منهجه في علم الكلام وآراؤه في بعض المسائل الإعتقادية(11): (201)يرى الشيخ شلتوت أن السلف أفضل الناس عقيدة ومنهجا وأهداهم طريقة ومذهبا وأكمل الأمة إيمانا.وجملة مذهبهم أن الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح، ويشمل الإيمان بالله الأعلى ووحدانيته وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكل ما أخبر به الصادق الأمين محمد (ص) وثبت عنه بطريق صحيح، وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.ومذهبهم في آيات الصفات: أن يوصف الله سبحانه بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله(ص) دون تكييف ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، وإمرار صفات الله في القرآن على ظاهرها كما جاءت دون الخوض في تأويلها (أمروها كما جاءت).ويتركز مذهبهم في آيات الصفات على أسس ثلاثة.الأول: تنزيه الله عزوجل عن مشابهة المخلوقين ذاتا وفعلا قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) .الثاني: أن يوصف الله تعالى بما وصف نفسه أو وصفه به رسوله(ص) فقط وينفي ما نفاه القرآن والسنة الصحيحة عنه.الثالث: قطع الطمع في إدراك الكيفية لقوله تعالى: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(12).ويقول الشيخ شلتوت في وصف منهج السلف الصالح: (وقد كان علماء السلف رحمهم الله تعالى: يكتفون بما قرره القرآن في العقائد والأخلاق والقصص ولا يحاولون التوسع فيه ولا السؤال عن تفصيله، وما كانوا يسألون إلا عن آيات (202) الأحكام ذات الوجهين في الدلالة، وإن منهجهم في ذلك لهو المنهج السليم الذي يندرئ به الخلاف الضار في أصول الدين وتقمع به العصبية العمياء التي تقطع أواصر الأخوة بين المسلمين(13).فقد جعلوا القرآن إمامهم ودستورهم والهادي لهم إلى طريق السعادتين الدنيوية والأخروية أحلوا حلاله وحرموا حرامه ولم يتسائلون عن المتشابه وعملوا بأوامره واجتنبوا نواهيه؛ ولذلك دانت لهم الدنيا وانتشر الإسلام في ربوع العالمين في عهدهم، وجابوا البلاد شرقا وغربا ينشرون الدين ويعلنون كلمة التوحيد، فكان سبيلهم العمل وابتغاء مرضاة الله وترك الكلام فيما لا يجدي، والتفوا حول الغاية التي وجههم القرآن إليها.وكانوا على منهج العقيدة الصحيحة الخالصة الصافية والسلوك العملي في تطبيق ماجاء به القرآن ضمانا لفلاحهم والتمسك بأخلاق القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه لا من خلفة.ثالثا: دعوته للتقريب بين المذاهب(14)من أهم جوانب منهج الشيخ شلتوت الإصلاحي: سعيه الدائب لتحقيق الوحدة الإسلامية والتقريب والتوفيق بين المسلمين جميعا على اختلاف مذاهبهم وديارهم.ومن أجل ذلك عمل على تقريب الخلاف بين المسلمين في الفكر أو الجنسية أو المذاهب أو الطائفية. وإبعاد أسباب الخلافات والتنازع بينهم.وكان يؤمن بأن الاتفاق الفكري بين المسلمين هو الأصل ويحتاج إلى توجيه وإرشاد إلى سبيل الاتحاد، ولذلك كان دائما يبين الأسباب المؤدية إلى الوحدة (203) والمنافع التي تترتب عليها من العزة والقوة والمنعة للمسلمين، وكان يدعو إلى محاربة العصبية المذهبية لإزالة العوائق والموانع أمام تحقيق الوحدة الإسلامية.وانطلاقا من هذا الفكر شارك الشيخ شلتوت من أول يوم في جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية من نشأتها، وكان من أوائل الرجال الذين نادوا بالتقريب بين المذاهب الإسلامية كلها التي لا تخالف أصلا من أصول الإسلام، وخاصة التقريب بين أهل السنة والشيعة؛ لأن المسلمين جميعا ربهم واحد ودينهم واحد وكتابهم واحد وقبلتهم وأصول عقيدتهم وعبادتهم واحدة.ويقول الشيخ شلتوت في دعوته من أجل التوفيق بين المسلمين: «إن دعوة التقريب هي دعوة التوحيد والوحدة هي دعوة الإسلام والسلام، وإن أسلوبها الذي تنهجه لهو الأسلوب الحكيم الذي أمر الله به رسوله الكريم في قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).وإن المتقي لله في مقام ابتغاء العلم هو ذلك الذي لا تأخذه عصبية ولا تسيطر عليه مذهبية ولا ينظر يمينا أو شمالا دون قصده».ويقول أيضاً: «لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم وأسهمت منذ أول يوم في جماعتها وفي وجوه نشاط دارها بأمور كثيرة كان منها تلك الفصول المتتابعة في تفسير القرآن الكريم التي ظلت تنشرها مجلة «رسالة الإسلام» قرابة أربعة عشر عاما حتى أكملت كتابا سويا، أعتقد أنه تضمن أعز أفكاري وأخلد آثاري، وأعظم ما أرجو به ثواب ربي، فإن خير ما يحتسبه المؤمن عند الله ما ينفقه من الجهد الخالص في خدمة كتاب الله. ولقد تهيأ لي بهذه الأوجه (204)من النشاط العلمي أن أطل على العالم الإسلامي من نافذة مشرقة عالية وأن أعرف كثيرا من الحقائق التي كانت تحول بين المسلمين واجتماع الكلمة وائتلاف القلوب على أخوة الإسلام.وبهذا تكون الفكرة التي آمنا بها وعملنا جاهدين في سبيل تحقيقها قد تركزت الآن وأصبحت رسالة الدار محل التقدير والتنفيذ»(15).وكان يرى الشيخ شلتوت ومن معه أن فكرة التقريب بين المذاهب تقوم على أساس التعارف العلمي وتضيق شقة الخلاف؛ وليس معناها التوحيد بين المذاهب. وإنما التقريب المقصود هو أن لا يصل الخلاف في الفروع إلى حد العداوة؛ فالتقريب اتجاه جاد داخل الإسلام مجرد من اللون الطائفي أو الإقليمي للتخلص من العداوة المتبادلة بين أصحاب المذاهب الإسلامية المختلفة والعمل على صيانة وحدة الأمة الإسلامية، والتقريب مرتبط ارتباطا تاما بوحدة الأمة المسلمة، ويسعى لإنقاذ الوحدة الإسلامية من عوامل الهدم والمكايد التي يدبرها للإسلام أعداؤه، وليس التقريب انتصارا وغلبة لمذهب على آخر، وليس إدماجا لمذهب في آخر، وليس تقريبا بين الأديان المختلفة، وإنما يقوم على التسليم بحقوق وواجبات عامة للمسلمين في كل مكان، بغض النظر عن مذهبه وجنسيته ولونه وكذلك اعتقاد أخوة المسلم للمسلم لأنها أخوة في الله، فليس بين المسلمين خلاف في الأساسيات والأصول العامة وإنما الخلاف في الفروع فحسب(16).ومن أجل هذه الأفكار البناءة أنشئت جماعة التقريب بين المذاهب في القاهرة سنة 1948 (205)
جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة(17)أنشئت هذه الجماعة في القاهرة سنة 1948 واستمرت حتى عام 1970م وقد أنفتح بها باب للمسلمين عظيم من الأمل في توحيد صف المسلمين على اختلاف مذاهبهم في جميع أنحاء العالم فقام المخلصون من هذه الأمة المحافظة على دين الإسلام بتأليف هذه الجماعة مبتغين من ذلك تأليف قلوب المسلمين وتوحيد أمتهم وجمعهم على كلمة سواء ونبذ التعصب البغيض الذي يفرق شمل الأمة، لكي يعود المسلمون كما كانوا أمة واحدة رائدها إعلاء كلمة الله وغايتها إعزاز دين الله ونشر شريعته، وإبلاغ العالمين رسالة خاتم النبيين محمد(ص).ولقد جمعت هذه الجماعة صفوة من أهل العلم والدين والرأي عند أهل السنة والشيعة وفي مقدمة هؤلاء المغفور لهم: فضيلة الشيخ محمد مصطفى المراغي والشيخ مصطفى عبدالرازق والشيخ عبدالمجيد سليم والشيخ شلتوت وكلهم قد تولى منصب مشيخة الأزهر.ومن الشيعة المغفور لهم الأمام الأكبر الحاج أقا حسين البروجردي الزعيم الأكبر لعلماء الشيعة بإيران ويسمى آية الله الكبرى، والأمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء الشيعي العراقي، والشيخ عبدالمحسن شرف الدين الموسوي الشيعي اللبناني والشيخ العلامة محمد تقي القمي الذي كان أول من دعا إلى هذه الفكرة وإلى تأليف هذه الجماعة، وهو عالم من علماء الشيعة الأمامية بإيران جاء إلى مصر وألتقى بالعلماء والمثقفين وعرض عليهم فكرته فوجد أذانا صاغية وقلوبا واعية وأعينا مبصرة ووجد ترحيبا وإقبالا وتشجيعا وقد أعتنق هذه الفكرة الألوف من مختلف البلاد الإسلامية فانتسبوا إلى (206) جماعتها.وكان من أثر هذا التقارب وجهود المؤسسين لجماعة التقريب ومنهج الشيخ شلتوت رحمه الله أن قرر الأزهر دراسة المذهب الشيعي الأمامي الزيدي في كلية الشريعة، كما أن جامعة إيران أدخلت دراسة فقه السنة في كلية «المعقول والمنقول» بها، وكانت للدار مجلة ربع سنوية تصدر بأسم «رسالة الإسلام» تصدر في معظم أعدادها ببحث في التفسير لفضيلة الشيخ محمود شلتوت والمنهج الذي سارت عليه جماعة التقريب بين المذاهب يتمثل فيما يأتي:1ـ أن جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية لا تريد المساس بالفقه الإسلامي ولا إدماج بعضها في بعض بل هي ترى في هذا الاختلاف الفقهي مفخرة للمسلمين لأنه دليل على خصوبة في التفكير وسعة في الأفق، واستيفاء، وحسن تقدير للمصالح التي أنزل الله شريعته لكفالتها وصونها.2- لا تمد الجماعة يدها إلا إلى أقرب المذاهب الإسلامية التي تعتقد العقائد الصحيحة للإسلام والتي يجب الإيمان بها.3- الآراء والأفكار التي لا صلة لها بالعقائد الصحيحة لا تؤدي ولا تدفع إلى التقاطع والتناحر، وإنما يعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه.4- العمل على تبصير المسلمين بدينهم وقطع أسباب الخلاف والتفريق بينهم.5- بيان ما هو عقيدة يجب الإيمان بها وما هو معارف لا يضر الخلاف فيها، وأن من بين هذه المعارف ما يظن أنه من العقائد وهو ليس منها عند التحقيق.والغرض من جماعة التقريب بين المذاهب الاسلامية أن تكون مركز (207) إسلاميا لهذه الفكرة تتمركز فيه جهود جميع المعنيين بها في أنحاء العالم، وتتبادل بحوثهم وأفكارهم وعلومهم في رفق وحسن تقبل فيتهيأ لها جو من البحث العلمي الخالص على ضوء القواعد الإسلامية الصحيحة.وحينئذ تتجلى أمام المسلمين أسباب الخلاف فيما وراء العقائد الدينية والأحكام التشريعية فيعالجونها ويصلون في المسائل أو النظريات الخلافية نفسها إلى الرأي الصحيح، الذي يهدي إليه العقل والدليل، فإذا جاء بعد ذلك ما لم تجتمع عليه القلوب أو تقطع به الأدلة كان أمره بعد ذلك هينا لا ينبغي أن يقضي إلى التقاطع والتناكر والتقاذف، وإنما هو خلاف في الفروع تبعا لاختلاف الأفهام ومعرفة الأدلة، وبذلك يتبادلون الاحترام والمودة والتعارف والتعاون كما هو شأن المؤمنين المخلصين.ولما كان الشيخ شلتوت يتطلع إلى تحقيق الوحدة الإسلامية، كما تطلع ويتطلع إليها غيره، لأنه أدرك الخسارة الفادحة التي لحقت بالمسلمين من جراء الفرقة والتنازع والاقتتال الذي أدى إلى ضعفهم وتكالب الأمم الغربية المستعمرة عليهم، وقد مزقتهم العصبيات والفروقات المذهبية والخلافات الطائفية قيد اجتهاده في جماعة التقريب بين طائفتي أهل السنة والشيعة، وظل مع زملائه في الفكرة يقوم بواجبه نحو التوفيق والتقريب. ولإيمانه بالفكرة اقترح في إحدى جلسات الدار أن يعتبر السنة والشيعة المشتركون في الجماعة مذاهب إسلامية لا طوائف او فرق. وهو الذي كتب المقدمة العلمية المعروفة لتفسير مجمع البيان للازهر كان يكتب تفسيره للقرآن الكريم في مجلة دار التقريب وهي (رسالة الإسلام) وكان في هذا الوقت وكيلا للأزهر وفي أثناء توليه شيخا للأزهر الشريف أصدر فتواه الشهيرة بشأن المذاهب الاسلامية، وهي جواز إتباع (208)مذهب الامامية الجعفرية أو الزيدية مقررا أنها ليست فتوى رجل واحد وإنما هي فتوى كل أولئك الرجال الذين حملوا أمانة التقريب.ونستطيع تلمس دعوته للتقريب ونبذه للعصبية المذهبية وحبه للوحدة بين المسلمين في قوله: (إن المتقي لله في مقام ابتغاء العلم هو ذلك الذي لا تأخذه عصبية ولا تسيطر عليه مذهبية ولا ينظر يمينا أو شمالاً دون قصده.كنت أود لو أستطيع أن أصور بنفسي فكرة الحرية المذهبية الصحيحة المستقيمة على نهج الإسلام والتي كان عليها الأئمة الأعلام في تاريخنا الفقهي أولئك الذين كانوا يترفعون عن العصبية الضيقة ويربئون بدين الله وشريعته عن الجمود والخمول،فلا يزعم أحدهم أنه أتى بالحق الذي لا مرية فيه، وأن على سائر الناس أن يتبعوه، ولكن يقول (هذا مذهبي وما وصل إليه جهدي وعلمي ولست أبيح لأحد تقليدي واتباعي دون أن ينظر ويعلم من أين قلت ما قلت فإن الدليل إذا استقام فهو عمدتي والحديث إذا صح فهو مذهبي).ثم يقول مصورا جمال الوحدة بين المسلمين وكمالها: كنت أود لو أستطيع أن أتحدث عن الاجتماعات في دار التقريب حيث يجلس المصري إلى الإيراني أو اللبناني أو العراقي أو الباكستاني أو غير هؤلاء من مختلف الشعوب الإسلامية، وحيث يجلس الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي بجانب الأمامي والزيدي حول مائدة واحدة تدوي أصوات فيها آداب وعلم وفيها تصوف وفقه وفيها مع كل ذلك روح الأخوة وذوق المودة والمحبة وزمالة التعليم والعرفان.ثم هو يبين لنا الأسباب التي دعت إلى الفرقة والعصبية ويرشدنا إلى كيفية الخروج منها والعمل على إزالتها، ليتوحد الصف الإسلامي فيقول: لقد كان أكثر الكاتبين عن الفرق الإسلامية متأثرا بروح التعصب الممقوت، (209) فكانت كتاباتهم مما تورث نيران العداوة والبغضاء بين أبناء الملة الواحدة، وكان كل كاتب لا ينظر الى من خلفه إلاّ من زاوية واحدة وهي تسخيف رأيه وتسفيه عقيدته بأسلوب لا يليق بالمسلم، وشره أكثر من نفعه ثم يقول عن الوحدة وأنها مطلب أساسي للجماعة المسلمة: إن الله سبحانه طلب من الأمة الإسلامية أن توحد كلمتها فلا تكون شيعا وأحزابا يضرب بعضهم رقاب بعض، وقد استغل المستعمرون أسباب الفرقة بين المسلمين أسوأ استغلال، ورغم أن المصلحين من المسلمين تنبهوا إلى الأضرار التي تحيق بدينهم وبلادهم من جراء هذه الفرقة فنادوا بوجوب وحدة الصف الإسلامي والتخلي عن أسباب النفرة بين أبناء الملة الواحدة، والعقيدة الواحدة، وليست الدعوة إلى تقريب المذاهب الاسلامية دعوة إلى لقاء أو غلبة مذهب على حساب مذهب آخر ولكنها دعوة على تنقية المذاهب من الشوائب التي أثارتها العصبيات والنفرات الطائفية وأذكتها العقلية الشعوبية. ولقد فهم المسلمون الأولون حقيقة هذا الدين الحنيف واختلفوا في فهم نص من كتاب الله أو سنة رسول الله (ص) ولكنهم مع هذا الخلاف – كانوا يداً واحدة على من عاداهم.ثم خلف من بعدهم خلف جعلوا دينهم تبعا لأهوائهم فتفرقت الأمة إلى شيع وأحزاب ومذاهب وعصبيات، واستباح بعضهم دماء بعض، وطمع فيهم الأعداء. ومن لا يستطيع أن يدفع عن نفسه أذى، وذهبت ريحهم وضعفت كلمتهم ولقي الإسلام على يد هؤلاء وأولئك ما لقي من نكبات، ومصائب، ولولا قوة تعاليمه وصفاء جوهره ومنبعه وسلامته وطهارة عقيدته واستقامتها مع الفطرة الإنسانية لحرمت الإنسانية من مزاياه وفضائله(18).بهذه الكلمات الرائعة وضح الشيخ شلتوت للأمة الإسلامية المنهج الذي يجب (210)أن تستقيم عليه، وإنها لكلمات جديرة بالدراسة والفهم والاهتمام لعل المسلمين اليوم يدركون اسباب ما حاق بهم من خلاف ونزاع أدى إلى التناحر والتقاتل بالسلاح بين المسلم وأخيه المسلم في هذه السنوات العصيبة. والحق أن الشيخ شلتوت وجه الأمة الإسلامية إلى مافيه خيرها وعزها بالرجوع مباشرة إلى كتاب الله ومنهجه المستقيم وسنة رسوله (ص).رابعا: المبادئ الفقهية لفتواه بجواز التعبد بالمذاهب الإسلامية(19)انتهينا فيما سبق إلى أن الشيخ شلتوت اهتم بالفقه المقارن وأنه لم يكن يتعصب لمذهب بعينه إلا إذا قوى دليله وبانت حجته. وأنه كان يرى وجوب التقريب بين المذاهب الإسلامية الصحيحة السنية والشيعية توحيدا لصف الإسلام والمسلمين؛ لأن في الاتحاد قوة وفي التفرق ضعف ومذلة. والله خلقنا أمة واحدة دينها واحد ولغتها واحدة وقبلتها واحدة ولإيمانه العميق بهذه المبادئ في الوقت الذي كانت فيه بذور الخلاف بين أهل السنة والشيعة موجودة حاول بقدر إمكانه هو ومن سار معه على درب التقريب قطع بذور الخلاف وإحلال بذور الوحدة والتعاون محلها؛ فعندما سئل «إن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكي تقع عبادته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة، فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الأمامية الإثنى عشرية مثلا؟؟ أجاب فضيلته وكان وقتها شيخا للأزهر بما يلي:«إن الإسلام لا يوجب على أحد اتباع مذهب معين بل نقول إن لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا (211)والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة، ولمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل الى غيره أي مذهب كان – ولا حرج عليه في شيء. وإن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الأمامية الأثنى عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة، فما كان دين الله وما كانت شريعته تابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز – لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد – تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات».
خامسا: اجتهاداته ومكانته العلميةكان الشيخ شلتوت يعتقد أن الاجتهاد من أهم الأسس التي يقوم عليها أي إصلاح أو تجديد وأن أي إصلاح أو تجديد لا يقوم على الاجتهاد مصيره إلى الجمود ثم الفناء.والاجتهاد الذي يعتقده أشبه بسلسلة متصلة حلقاتها تسلم أولها إلى أخراها وتؤخذ أخراها من أولاها، فهو اجتهاد مبني على أساس الماضي، وقد التزم الشيخ شلتوت بهذا الاجتهاد وعدم الجمود في البحث، فهو يؤمن بأن كل تفكير لا يقوم على أساس من الاجتهاد مقضي عليه بالجمود وبما ينتهي إليه من موت لا مفر منه.ولذلك نجد الشيخ شلتوت يصرح في مواضع كثيرة بأن الاجتهاد مصدر من أهم مصادر التشريع الإسلامي، وهو نعمة من الله أعز بها المسلمين عن أن يخضعوا لغيرهم في تشريع أحكامهم، فيما يجدّ لهم من أمور لم يرد في الشرع (212) عنها حكم، فيقول عن الاجتهاد: «وقد رفع الاسلام بهذا الوضع جماعة المسلمين عن أن يخضعوا في أحكامهم وتصرفاتهم لغير الله، ومنحهم حق التفكير والنظر والترجيح واختيار الأصلح في دائرة ما رسمه من الأصول التشريعية فلم يترك العقل وراء الأهواء والرغبات ولم يقيده في كل شيء بمنصوص قد لا يتفق مع ما يجدّ من شؤون الحياة كما لم يلزم أهل أي عصر باجتهاد أهل عصر سابق دفعتهم اعتبارات خاصة إلى اختيار ما اختاروا(20).وكان دائما ينادي باتباع أحكام الله تعالى دون الخضوع فيها لرأي معين أو مذهب خاص فيقول: «واجب علينا ألا ندين بالولاء والانقياد لغير أحكام الله ورسوله ولا نتابع قولا لمتقدم أو متأخر لا يستند إلى دليل من الكتاب والسنة، وبذلك تكون فتاوانا وآراؤنا مستمدة من ينابيع الإسلام ومصادره الأصلية ولا نبالي فيها خلاف من يخالفنا»(21).فكان الشيخ شلتوت بحق ينهج في منهجه الاجتهادي منهجا عظيما يعتبر امتداداً حقيقياً للحركة التي أبداها أستاذاه جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في الثورة على التقليد والجمود والمناداة بالاجتهاد والتجديد.ولإيمانه بضرورة الاجتهاد والإصلاح والتجديد وقف موقفا صلبا في وجه الذين ينادون بغلق باب الاجتهاد بقوله: «يجب أن نجتهد وأن نؤمن بأن حاجة اليوم من الفقه واللغة وعقائد الدين غيرها بالأمس وأن نؤمن بأن فضل الله في كل ذلك لم يكن وقفا على الأولين ، وغير صحيح ما يقال إن السابقين حللوا المصادر وقعدوا القواعد وطبقوها على كل ما يمكن أن يجيء به الزمن ويحدث للناس من اقضية وحاجات(22).ولنظرة الشيخ شلتوت العميقة في الاجتهاد وأنه السبيل لتوحيد الأمة (213) الإسلامية لا فرق فيها بين أهل السنة والشيعة طالما أن الجميع مسلمون ويلتزمون العقيدة الإيمانية الصحيحة كان يقول: «انتهى زمن العصبية ولا أنسى أني درست المقارنة بين المذاهب بكلية الشريعة بالأزهر فكنت أعرض آراء المذاهب في المسألة الواحدة وأبرز من بينها مذهب الشيعة، وكثيرا ما كانت أرجح مذهبهم خضوعا لقوة الدليل، ولا أنسى أيضا أني كنت أفتي في كثير من المذاهب بمذهب الشيعة، وأخص منها بالذكر ما نجد الناس في حاجة ملحة إليه وهو فيما يختص بالقدر المحرم من الرضاع. كما أخص بالذكر ما تضمنه قانون الأحوال الشخصية من مسائل ومنها على سبيل المثال: الطلاق الثلاث بلفظ واحد فإنه يقع في أكثر المذاهب السنية ثلاثا ولكنه يقع في الشيعة واحدة رجعية وقد رأى القانون العمل به..» (23).ولكل ما سبق حظي الشيخ شلتوت بمكانة علمية فريدة في عصره فكان إماما ممتازا في شخصيته، ممتازا في خلقه، ممتازا في فطرته الطبيعية، فاحتل مكانة سامية في فقه الشريعة الإسلامية أتاحت له أن يكون المرجع الأكبر في عصره لطلاب المعرفة في كل ما يتعلق بمشكلات العصر الحديث وموقف الإسلام منها وقد أعانه على بلوغ هذه المنزلة:1ـ مواهبه الشخصية حيث كان يتمتع بذكاء حاد وذاكرة قوية وحب للبحث والقراءة والاستيعاب، وبصيرة ملهمة في فقه ما يستوعبه من دراسات.2- تأثر تأثرا كبيرا بالفقيهين المجتهدين أبن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية ثم تأثر بالإمامين الكبيرين جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، ثم تأثر بعلاقته القوية وصداقته الشخصية للباحثين الكبيرين الإمام المراغي والإمام عبدالمجيد سليم، ولكنه لم يقلد واحدا منهم في آرائه، وإنما كان (214) تأثيرهم فيه دعوته لأن يطلق لعقله العنان في البحث والدراسة دون تأثره بمذهب من المذاهب أو طائفة من الطوائف فإن التبس عليه أمر عاد إلى الكتاب والسنة وكبار الباحثين في شتى الاتجاهات.3- تعمق في القراءة والبحث والدراسة ما شاء الله أن يتعمق فدرس آراء أهل السنة والمعتزلة والأشاعرة، كما درس المذاهب الأربعة ومذهب الشيعة الأمامية والشيعة الزيدية ومذهب الظاهرية ومذهب الإباضية وأعانه على ذلك بصيرته النفاذة وتفكيره اللماح من إدراك الحقيقة في ثنايا هذه المذاهب وغيرها.4- أفادته تجاربه العديدة ومباشرته لكثير من الأعمال الثقافية الهامة في الإذاعة والمؤتمر الإسلامي ووزارة الشؤون الاجتماعية وغيرها أفاده كل ذلك في الاتصال بالمشكلات الاجتماعية العديدة والبحث عن حلول مناسبة لها في نطاق الشريعة الإسلامية، كما أفادته رحلاته العديدة في أنحاء العالم وصلاته بكبار زعماء العالم الإسلامي وكبار المستشرقين في معرفة كثير من الحقائق وألوان المعارف العديدة التي لم تتح لغيره من الشرعيين.لكل ما سبق كان الشيخ شلتوت (رحمه الله – صاحب بصيرة ملهمة في فقه القرآن الكريم والحديث الشريف وبهذا بلغ مبلغ الاجتهاد فيما يصدره من آراء أو يكتبه من فتاوى أو يؤلفه من مصنفات وكان جريئا فيما يعتقده حقا، فإذا بحث موضوعا ألم بأطرافه وأقوال السلف فيه ، ووازن بينها، فإذا أطمأن إلى رأي اقتنع به عقله وأطمأن إليه قلبه أعلنه على الملأ مؤيداً بالأدلة والبراهين، غير ملتفت إلى مخالفة المخالفين أو جمود المقلدين حتى ولو خالفه الجميع، وبهذا كانت له آراؤه الاجتهادية في شتى المسائل الاجتهادية: فأفتى بحل إيداع (215) الأموال في صناديق التوفير والأرباح الناتجة عنها وأفتى بجواز التعبد على المذاهب الفقهية الثمانية المعروفة وهي مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، والشيعة الإثنى عشرية والشيعة الزيدية والظاهرية والإباضية. كما أفتى بحل تنظيم النسل وغير ذلك من الفتاوى المذكورة في كتابه الفتاوى.ونستطيع تلمس جوانب الاجتهاد عند الشيخ شلتوت من موقفه من قضية الربا أو الفوائد في أجابته الشهيرة على الاستفتاء التالي:نص الفتوى «من المشاريع الهامة التي تعود بالخير على المسلمين ما يحتاج إلى قرض من المصارف يتقاضى عنه المصرف ربحا، فهل يحجم المسلمون عن ذلك على أنه ربا ويترك المجال لغير المسلمين وما حكم الشرع في الأسهم والسندات؟؟».أجاب فضيلته قائلا: لاشك في أن القرآن حرم على المؤمنين التعامل بالربا والربا حُدد بالعرف الذي نزل فيه القرآن بالدين يكون لرجل على آخر فيطالبه به عند حلول أجله فيقول له الآخر: آخر دينك وأزيدك على مالك فيفعلان ذلك. (وهو الربا أضعافا مضاعفة) فنهاهم الله عنه في الإسلام، وأوضح أن هذا الصنيع لا يجري عادة إلا بين معدم غير واجد وموسر يستغل حاجة الناس غير مكترث بشيء من معاني الرحمة التي يبني الإسلام مجتمعه عليها، والتي لو عدمت في المجتمعات لأصبحت كغابات الحيوانات المتفرسة، وهذا النوع من لا تقبل إنسانية فاضلة الحكم بإباحته،وقد قابل القرآن الكريم حرمته في جميع الآيات التي وجد فيها بالصدقة التي تبذل في مساعدة الفقير المحتاج، وتشير هذه المقابلة إلى أن تلك الحالة كان جديرا بها أن تجري فيها الصدقة وهي التبرع المحض فإن لم تكن صدقة فلا أكثر من الرد بالمثل، ومن النظرة (216) إلى الميسرة (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)(24).(لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ، وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(25).أما الزيادة والمضاعفة فهما ظلم وعدوان وهما من موجبات المقت والغضب عند الله (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)(26).والفقهاء تمشيا مع توسيع نطاق التراحم والبعد عما يفتح على الناس باب التزاحم المادي في الضغط على أرباب الحاجات توسعوا كثيرا فيما تناوله الربا، وكان لهم في ذلك مشارب مختلفة وآراء متعددة، ورأى كثير منهم أن الحرمة فيما يحرمون تتناول المتعاقدين معا المقرض والمقترض وإني – الشيخ شلتوت – اعتقد أن ضرورة المقترض وحاجته ما يرفع عنه إثم ذلك التعامل لأنه مضطر أو في حكم المضطر والله يقول: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)(27) وقد صرح بذلك بعض الفقهاء فقالوا يجوز للمحتاج الأستقراض بالربح(28) وإذا كان للأفراد ضرورة أو حاجة تبيح لهم هذه المعاملة وكان تقديرها مما يرجع إليهم وحدهم وهم مؤمنون بصيرون بدينهم فإن للأمة أيضا ضرورة أو حاجة كثيرا ما تدعو إلى الاقتراض بالربح، فالمزارعون كما نعلم تشتد حاجتهم في زراعاتهم وإنتاجهم إلى ما يهيئون به الأرض الزراعية، والحكومة كما نعلم تشتد – حاجتها إلى مصالح الأمة العامة وإلى ما تعد به العدة لمكافحة الأعداء المغيرين، والتجار تشتد حاجتهم إلى ما يستوردون به البضائع التي تحتاجها الأمة وتعمر بها الأسواق، ونرى مثل ذلك في المصانع والمنشآت التي لا غنى لمجموع الأمة عنها والتي يتسع بها ميدان العمل، فتخفف عن كاهل الأمة وطأة العمال العاطلين، ولا ريب أن الإسلام الذي (217)يبني أحكامه على قاعدة اليسر ورفع الضرورة والعمل على العزة والتقدم، وعلاج التعطل يعطي للأمة في شخصي هيئتها وأفرادها هذا الحق، ويبيح لها – مادامت مواردها – في قلة – أن تقترض بالربح تحقيقا لتلك المصالح التي بها قيام الأمة وحفظ كيانها.غير أني أرى أن يكون تقدير الحاجة والمصلحة مما يؤخذ عن – أولى الرأي – من المؤمنين القانونيين – والاقتصاديين والشرعيين ويكون ذلك في ناحيتين: ناحية تقدير الحاجة وناحية تقدير الأرباح، واختيار مصدر القروض فلا يكون قرض إلا حيث تكون الحاجة الحقيقية ولا يكون قرض إلا بالقدر المحتاج إليه وتدفع إليه الضرورة والحاجة ولا يكون قرض إلا من جهة لا تضمر استغلالنا واستعمارنا. ولو أن الأمم الإسلامية تكاتفت على وضع أساس اقتصادي يحقق مصالحها ويقيها شر التحكم الأجنبي لوجدوا من مبادئ الإسلام الاقتصادية ما يجعلهم في مقدمة الأمم اقتصادا وقوة وحضارة، أما الفرق بين الأسهم والسندات فهو أن الأسهم من الشركات التي أباحها الإسلام باسم المضاربة وهي التي تتبع الأسهم فيها ربح الشركة وخسارتها وأما السندات وهي القرض بفائدة معينة لا تتبع الربح والخسارة فإن الإسلام لا يبيحها إلا حيث دعت أليها الضرورة الواضحة التي تفوق أضرار السندات التي يعرفها الناس ويقرها الاقتصاديون(29).هذه فتواه في فوائد القروض نقلناها بنصها من كتاب الفتاوى والذي يعتبر مرجعا هاما في حل المشكلات المعاصرة من وجهة نظر الإسلام. ومن خلال هذه الفتوى يتضح أن الشيخ شلتوت رحمه الله كان لا يصدر رأيا إلا مؤيدا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية مدعما بالبراهين القوية وعندما يخالفه بعض الفقهاء والمحدثين في بعض آرائه فكان لا يضيق بهم ولا يتعصب لرأيه (218)لأنه كان مجتهدا يدعو إلى الاجتهاد.وقد اقتفينا أثره وسرنا على منهجه في دار الإفتاء المصرية لمسايرة ما يستجد من مشكلات في هذا العصر تحتاج إلى اجتهاد لحلولها ولقد ترك لنا الشيخ شلتوت ثروة علمية ضخمة بما أصدره من مؤلفات علمية قيمة.
مؤلفات الشيخ شلتوتللامام الأكبر الشيخ محمود شلتوت مؤلفات وبحوث علمية كبيرة القدر عظيمة النفع نذكر أهمها:1ـ القرآن والمرأة.2- القرآن والقتال.3- مقارنة المذاهب الفقهية .4- يسألون.5- المسؤولية المدنية والجنائية في الشريعة الاسلامية.6- فقه القرآن والسنة.7- تنظيم النسل.8- منهج القرآن في بناء المجتمع.9- الوصايا العشر.10- الإسلام والتكافل الاجتماعي.11- أحاديث الصباح في الإذاعة.وقد جمعت هذه المؤلفات والبحوث في الكتب الجامعة الآتية:1ـ الإسلام عقيدة وشريعة. (219)2- الفتاوى.3- من توجيهات الإسلام.4- تفسير القرآن الكريم (الأجزاء العشرة الأولى).5- إلى القرآن الكريم جمعه وقدم له إبنه الأكبر – عميد/ هادي محمود شلتوت رحمه الله.سادساً: دوره في الإصلاح الاجتماعي المصلحون في كل أمة هم مشاعل الهداية ومصابيح الأمل والتوجيه وهم الدلائل على الخير لمن يرجوه ويطلبه، ولقد كان من أئمة الإصلاح في مصر والعالم الإسلامي الشيخ محمود شلتوت. كان الشيخ شلتوت يؤمن بفكرته في الإصلاح والتجديد في كل الميادين ويرى أنه لابد من وضع الخطط الكافية لهذا الإصلاح والتجديد لأن أي وضع يريد له صاحبه النجاح والاستمرار والاستقرار في وجوده وفي غير وجوده، لابد أن يسير في خطة محكمة بحيث تبدأ هذه الخطة بتحديد الهدف بكل دقة، ثم رسم المنهج الفكري الواضح ثم إخراج هذا الوضع إلى حيز الواقع والتنفيذ بالأسلوب المقنع القائم على أسس قوية ومتينة. وبذلك فدعوة الشيخ شلتوت للإصلاح والتجديد تقوم على:1ـ تحرير العقل في مختلف شؤون الحياة.2- التوفيق بين الدين وتطورات الحضارة المعاصرة.3- تحرره من قيود التحزب والعصبية والجمود ثائرا على التخلف وداعيا إلى نبذ الخرافة والتقليد مع المحافظة على روح الدين وجوهره، فكان له من وراء ذلك كله آراء وأفكار خالف بها من سبقه من الذين دأبوا على التقليد (220) والجمود(30).ومما دفع الشيخ شلتوت إلى إصلاح حال المجتمع ما وجده من تخلف المسلمين عن المشاركة في السيطرة على الواقع المعاصر والفهم الخاطئ من المسلمين للإسلام وفد إليهم من مخالطتهم لغيرهم وتمكن منهم بسبب ركودهم في تدبر معنى الإسلام الصحيح.ولذلك سعى لإصلاح حالة المسلمين الثقافية والفكرية والأخذ بيدهم إلى طريق التقدم والنهوض في شتى المجالات وقام بتصحيح فهم المسلمين للإسلام بعد أن شوهته الأوهام والخرفات التي لا تمت إلى الواقع بصلة.والإصلاح الاجتماعي الذي قام به الشيخ شلتوت يتمثل فيما قام به من دور فعال في إصلاح بعض السلبيات في المجتمع المصري في عصر الشيخ شلتوت ليست عنا ببعيد ولا غريب، فلا تزال بعض آثاره باقية حتى اليوم، مثل الإيمان بالخرافات والأوهام والتعويذات والشعوذات والأباطيل.ثم استجدت مشاكل اجتماعية أخرى بعد ذلك كان من نتيجتها ما ساد المجتمع من فوضى وقلق وانعدام الفرص المتكافئة وانتشار النفاق والرياء وتفشي الظلم والرشوة .. الخ.وكل هذا قد شجع عليه فساد الحكم في البلاد، كما شجع عليه الاستعمار وأعوانه الذين ابتليت بهم البلاد، والذي كان من أهم مبادئهم فرق تسد.ولقد أسهم الشيخ شلتوت بدور فعال في إصلاح هذه الأوضاع المخالفة لشرع الله وعمل على تحرير العقل من الأوهام والخرافات والرجوع به إلى جوهر الإسلام وحقيقته النقية السليمة.وندعوا الله أن يوفقنا جميعا للعمل بشرعه الحكيم والالتزام به قولاً وعملاً (221)من خلال كتاب الله وسنة نبيه ومنهجه الكريم الحكيم إنه نعم المولى ونعم النصير.مراجع البحث1ـ الإسلام عقيدة وشريعة طبعة 1985م.2- الأشباه والنظائر لأبن نجيم طبعة دار الكتب العلمية 1985م.3- أعلام في تاريخ وادي النيل للأستاذ محمد رفعت المحامي.4- البحر الرائق شرح كنز الرقائق لأبن نجيم الحنفي الطبعة الثانية دار المعارف.5- تفسير القرآن الكريم للشيخ محمود شلتوت الطبعة العاشرة سنة 1984.6- دعوة التقريب من خلال رسالة الإسلام جمع وترتيب محمد محمد المدني طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سنة 1966.7- رسالة الأزهر للشيخ محمود شلتوت.8- الشيخ شلتوت ومنهجه في التفسير رسالة دكتوراه مقدمة لكلية أصول الدين بالقاهرة سنة 1989 للباحث عبد العزيز عزت.9- الشيخ محمود شلتوت وحركة الإصلاح والتجديد رسالة ماجستير مقدمة لكلية أصول الدين بالقاهرة سنة 1988 للباحث سيد محمد الصاوي10- الفتاوى للشيخ محمود شلتوت طبعة دار الشروق سنة 1980.11- قصة التقريب بين المذاهب الاسلامية للشيخ محمد تقي الدين القمي طبعة شوال 1379هـ.12- مشيخة الأزهر للأستاذ علي عبدالعظيم طبعة مجمع البحوث الإسلامية (222) سنة 1997م.13- مقارنة المذاهب في الفقه للشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد علي السايس الطبعة الثانية.14- مقدمة التفسير سورة هود مخطوط بقلم الشيخ محمود شلتوت.15- مجلة الأزهر الجزء السادس عدد شعبان 1383هـ يناير 1964م.16- مجلة الأزهر وملحقها عدد شعبان سنة 1378هـ يناير 1959م.17- مجلة رسالة الإسلام نشر دار التقريب بين المذاهب الإسلامية عدد المحرم 1384هـ يونية 1964م.18- مجلة الرسالة العدد 437 المجلد التاسع.الهوامش:  1_ الشيخ محمود شلتوت وحركة الاصلاح والتجديد رسالة ماجستير مقدمة لكلية أصول الدين بالقاهرة سنة 1988 للباحث سيد محمد الصاوي ، ص 1 وما بعدها. مشيخة الأزهر على عبدالعظيم ج 2، ص 185 وما بعدها طبعة مجمع البحوث الاسلامية سنة 1979.
النهضة الاسلامية في سير اعلامها المعاصرين. د. محمد رجب البيومي طبعة مجمع البحوث الاسلامية سنة 1982، ج 3، ص 54 ومابعدها.
الشيخ شلتوت ومنهجه في التفسير، رسالة دكتوراه مقدمة لكلية أصول الدين القاهرة سنة 1989 للباحث عبدالعزيز عزت ص 2، وما بعدها.
2_ نشر هذا الاقتراح بمجلة الرسالة العدد 437 المجلد التاسع.
3_ النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين. د. محمد رجب البيومي ، ج 3، ص 60، مشيخة الأزهر لعلي عبدالعظيم المرجع السابق ، ج 2، ص 187.
4_ مقارنة المذاهب في الفقه للشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد علي السايس. الطبعة الثانية، ص 1 وما بعدها.
5_ الشيخ محمود شلتوت وحركة الإصلاح والتجديد المرجع السابق، ص 34 ومابعدها.
6_ الروم / 30.
7_ الشورى/ 53.
8_ من كلمات محمود عباس العقاد في تأبين الشيخ شلتوت نشر مجلة الأزهر الجزء السادس السنة الخامسة والثلاثون عدد شعبان 1383هـ يناير 1964.
9_ تفسير القرآن الكريم للأمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت، ص 79.
10_ الشيخ شلتوت ومنهجه في التفسير المرجع السابق، ص 16، ص 227 - 231.
11_ الإسلام عقيدة وشريعة طبعة سنة 1985، ص 25 وما بعدها. الشيخ شلتوت ومنهجه في التفسير المرجع السابق، ص 405 وما بعدها.
12_ طه/ 110.
13_ مقدمة لتفسير سورة هود «مخطوط» بقلم الأمام الشيخ محمود شلتوت.
14_ دعوة التقريب من خلال رسالة الاسلام جمع وترتيب محمد محمد المدني طبع المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية سنة 1966م ، ص 1 وما بعدها، مشيخة الأزهر لعلي عبد العظيم المرجع السابق، ج 2، ص 186 ومابعدها، مجلة رسالة الاسلام نشر دار التقريب بين المذاهب الاسلامية عدد المحرم 1384هـ يونية 1964 ، ص 203 وما به قصة التقريب بين المذاهب الإسلامية – محمد تقي الدين القمي ، ط شوال سنة 1379هـ ، ص 3 ومابعدها، الشيخ محمود شلتوت وحركة الإصح والتجديد المرجع الى 293 وما بعدها.
15_ كتاب دعوة التقريب من خلال رسالة الإسلام. جمع وترتيب الشيخ محمد محمد المدني موضوع «مقدمة قصة التقريب للشيخ شلتوت» ص 8 – 14 طبع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سنة 1966.
16_ مشيخة الأزهر لعلي عبد العظيم المرجع السابق ، ج 2، ص 186ومابعدها، الشيخ شلتوت ومنهجه في التفسير المرجع السابق، ص 91، ومابعدها والشيخ محمود شلتوت وحركة الإصلاح والتجديد المرجع السابق، ص 293 ومابعدها.
17_ مقرها القاهرة آنذاك 19ش أحمد حشمت بالزمالك وانظر المرجع السابق نفس الموضع.
18_ مقدمة قصة التقريب للشيخ محمود شلتوت في (كتاب دعوة الاسلامية) الذي أصدره المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية جمع وترتيب المسلم الشيخ محمد محمد المدني السابق، ص 1 وما بعدها.
19_ مشيخة الأزهر لعلي عبدالعظيم ، ج 2، ص 187، الشيخ شلتوت ومنهجه في التفسير المرجع السابق، ص 91 وما بعدها، الشيخ محمود شلتوت وحركة الإصلاح والتجديد المرجع السابق، ص 293 وما بعدها .
20_ تفسير الشيخ شلتوت، ص 208 الطبعة العاشرة سنة 1984م.
21_ أعلام في تاريخ وادي النيل – محمد رفعت المحامي، ص 280.
22_ رسالة الأزهر للشيخ شلتوت، ص 21، 22، ملحق مجلة الأزهر عدد شعبان سنة 1978هـ يناير سنة 1959م.
23_ رسالة الأزهر للشيخ شلتوت، ص 21، 22، ملحق مجلة الأزهر عدد شعبان سنة 1378هـ يناير 1959.
24_ البقرة/ 276 .
25_ البقرة/ 279-280.
26_ آل عمران/ 131.
27_ البقرة/ 119.
28_ راجع البحر الرائق شرح كنز الدقائق لأبن نجيم الحنفي ، ج 6، ص 137، ط دار المعارف الأشباه والنظائر لأبن نجيم ، ط دار الكتب العلمية سنة 1985، ص 92.
29_ الشيخ محمود شلتوت، الفتاوى، ص 353 – طبعة دار الشروق سنة 1980.
30_ الشيخ محمود شلتوت وحركة الإصلاح والتجديد المرجع السابق، ص 228، ص 233.

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية