مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

المرجعية الدينية والتقريب
بين المذاهب الاسلامية (1)
السيد محمد باقر الحكيم


مقدمة
انّ فكرة الوحدة الاسلامية والتقريب بين المذاهب الاسلامية، وبالأحرى فكرة التعايش المذهبي بين المسلمين والاحترام المتبادل بين اتجاهاتهم المذهبية والاجتهادية، من الأفكار التي كانت موضع الاهتمام الخاص والقبول لأئمة أهل البيت(ع) واتباعهم منذ البداية وفي الصدر الأول الاسلامي، وذلك عندما وجدت ظاهرة الاختلاف في الفهم للاسلام والاجتهاد في تفسيره سواء على المستوى الفكري والنظري أو على المستوى السياسي والاجتماعي.
ولم يكن ذلك - كما قد يُتصور - بسبب الظروف السياسية والاجتماعية التي أحاطت بهم حيث كانوا فيها الطرف المستضعف والأضعف سياسياً واجتماعياً، بل كان ذلك بسبب الايمان النظري بقيمة الحرية الفكرية والسياسية ضمن الضوابط والقواعد الاسلامية العامة، لذلكم نشاهد منهم هذا القبول والاحترام للرأي الآخر، والتعايش معه فكرياً وسياسياً حتى لو كان هذا الرأي بعيداً عن الحق والصواب في نظرهم، وفي زمان القدرة والقوة السياسية التي كانت تتحقق لهم في بعض الأحيان والمراحل.
ويشهد لذلك سيرة الامام علي(ع) أيام خلافته مع مخالفيه، وهو بحث تناولت جانباً منه في (كتابي الوحدة الاسلامية من منظور الثقلين).
كما يشهد لذلك أيضاً - في زمن أئمة أهل البيت(ع) - موقف الامامين محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق(ع)، والاحترام المتبادل بينهما وبين العلماء في فترتهما الزمنية ممن تحولوا بعد ذلك إلى أئمة للمذاهب الاسلامية، أو كان لهم دور كبير في وصول هذا التراث الاسلامي الغزير الذي نجده الآن بين أيدي جمهور المسلمين.
فقد أخذ عن الامام الباقر(ع) علماء آخرون منهم الامامان المعروفان أپو حنيفة محمد بن النعمان ومالك بن أنس.
وقد كان كل من الامامين الباقر والصادق(ع) في موضع من القوة والعزة الاجتماعية والسياسية في ذلك العصر مالا ينكره أحد من المسلمين حتى عرضت الخلافة في زمن ضعف الأمويين على الامام الصادق(ع) من قبل القائد العسكري الذي اوصل العباسيين إلى الخلافة أپي مسلم الخراساني - كما يذكر المؤرخون - فلم يقبلها.
ويؤكد هذه الحقيقة موقف بعض مراجع الدين المتميزين الكبار من أتباع أهل البيت(ع) الذين كانوا ولازالوا يمثلون موقع الرمز والقدوة بين علماء وأتباع أهل البيت(ع). حيث نلاحظ فيهم وراثة هذا الاهتمام والفهم النظري والموقف العملي من قبل المرجعية الدينية(2)
وامتياز هؤلاء الاعلام بهذا الاهتمام بصورة واضحة قد يكون لأسباب عديدة ومختلفة تتعلق بأشخاصهم وظروفهم الخاصة أو ظروف المجتمع الاسلامي الذي كانوا يعيشون فيه، ولكن في الوقت نفسه يعبّر عن اتجاه فطري وعملي لدى الامامية كلهم.
فمن الرعيل الأول بعد الغيبة الصغرى نجد الشيخ محمد بن أحمد بن الجنيد الاسكافي البغدادي، والشيخ محمد بن علي بن الحسين المعروف بالصدوق، والشيخ محمد بن محمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد والسيد علي بن الحسين بن موسى المعروف بالشريف المرتضى والشيخ محمد بن الحسين المعروف بالشيخ الطوسي.
وجاء بعدهم أعلام آخرون في القرون الأخرى مثل الشيخ أپي علي الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب كتاب التفسير المعروف بـ(مجمع البيان)، ومحمد بن الحسن نصير الدين الطوسي الذي كان له الفضل الكبير في المحافظة على العلم والعلماء من جميع المذاهب والتراث الاسلامي لجميع المذاهب الاسلامية في زمن الهجوم الوحشي الثاني للمغول على العالم الاسلامي بقيادة هولاكو.
والحسن بن يوسف بن المطهر المعروف بالعلامة الحلّي الذي كان له دور كبير في احياء الفقه المقارن والحوار المذهبي العلمي، والشهيدان الأول والثاني اللبنانيان: محمد بن جمال الدين مكي العاملي وزين الدين الجبعي العاملي، اللذين ذهبا ضحية التآمر الطائفي لما كان يتمتعان به من روح الحوار والتقريب والتسامح المذهبي. والشيخ بهاء الدين محمد بن عبد الصمد العاملي المعروف بالشيخ البهائي والسيد مهدي بن صالح الطباطبائي المعروف بـ(بحر العلوم) والشيخ جعفر بن خضر الجناجي المعروف بـ(كاشف الغطاء) والسيد ميرزا حسن الشيرازي المعروف بالمجدد الشيرازي الكبير صاحب قضية تحريم التنباك المعروفة، وغير هؤلاء عديدون ممن يمثلون أدواراً مهمة في تاريخ المرجعية ويحظون باحترام خاص متميّز في أوساطها وأوساط أتباع أهل البيت(ع).
وقد كانت أدوارهم في مجال التقريب والاحترام للرأي والاجتهاد والموقف المخالف تتراوح بين: الحوارات التي كانوا يعقدونها بصورة علمية مضبوطة محفوفة بالاحترام المتبادل، وتأليف كتب الفقه أو التفسير أو الحديث المقارن، أو الاستفادة والأخذ والعطاء من علماء المذاهب الأخرى أو الافادة والعطاء لهم، أو الحماية والاسناد والمحافظة على وجودهم وتراثهم وجماعتهم، أو الاصلاح بين الحكام من المذاهب المتعددة عندما يختلفون لتجسيد الموقف الواحد أمام أعدائهم، أو في رعاية أمتهم الاسلامية، أو تحقيق الوحدة الاسلامية في اطار الموقف الواحد للأمة تجاه قضاياها المصيرية.
ولاشك أنّ تناول هذا الموضوع التاريخي وإن كان موضوعاً هاماً ولكنه يحتاج إلى بحث واسع لامجال له في مقالنا هذا، وانّما أحاول هنا أن أذكر بعض النماذج والأمثلة لتوضيح هذه الفكرة بمقدار ما يرتبط بموضوع مؤتمرنا القائم، من خلال تناول محورين للحديث:
أحدهما: يتناول موضوع المرجعية الدينية عند الشيعة الامامية الاثني عشرية بصورة موجزة لعلاقته بهذا البحث حيث انه موضوع يمكنه أن يلقي بعض الضوء والوضوح على الموضوع الرئيس في مؤتمرنا وهو آية الله العظمى الامام السيد البروجردي الذي كان من المراجع العظام في عصره، وشيخ الأزهر الامام الشيخ محمود شلتوت الذي يمثل أهم منصب ديني لدى جمهور المسلمين في العصر الحاضر.
ثانيهما: يتناول بعض النماذج والأمثلة للمراجع الدينيين الهامين التقريبيين من الرعيل الأول والعصر الحاضر لتصبح الفكرة واضحة نظرياً وعملياً.المحور الأول - المرجعية الدينية(3)
من الممكن أن نكوّن تصوراً اجمالياً عن المرجعية الدينية لدى الشيعة الامامية الاثنى عشرية من خلال دراسة الأبعاد التالية:
الأول: الخلفية العقائدية (والاجتماعية السياسية) والفكرية الفقهية للمرجعية، حيث انّ المرجعية الدينية في بعدها العقائدي تنطلق من فكرة الامامة لدى الامامية الأثنى عشرية، وانّ المرجع يمثل بصورة عامة نائب الامام الغائب الحي وإن كان يختلف المجتهدون في حدود صلاحيات المرجع ونسبتها إلى صلاحيات الامام المعصوم نفسه.
وبذلك يتبين انّ للمرجعية خلفية اجتماعية وسياسية أيضاً لأن الامامة لها هذا الدور، فالمرجع له مستوى من الولاية العامة، كما انه في الوقت نفسه له حق القضاء وفصل الخصومات بين الناس، ويتحمل أيضاً بصورة أساسية مسؤولية الارشاد والتربية والتزكية والقيادة للجماعة كما تتحملها الامامة أيضاً.
وللمرجعية دور آخر وهو دور الرجوع إليها والأخذ منها في فهم الاسلام وعقائده وأفكاره وكذلك الرجوع إليها في معرفة الأحكام والمواقف الشرعية وتفاصيل الشريعة الاسلامية وطريقة معالجتها للحوادث والمشاكل.
ويلخص الحديث المروي عن الامام الثاني عشر المهدي المنتظر (عج) المعروف اصطلاحاً بالتوقيع وهو قوله(ع) عند سؤاله عن الموقف في غيبته الكبرى عندما ينقطع حبل النيابة الخاصة بعد نوابه الأربعة (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله).
الثاني: شروط ومواصفات المرجعية، وذلك لأنّ المرجع لا يكون مرجعاً إلا إذا توفرت فيه شروط أساسية مهمة، وقد اهتمّ أئمة أهل البيت(ع) وجماعتهم وشيعتهم الاثنا عشرية بالتخطيط لتوفير هذه الشروط والمواصفات في جماعة من الأشخاص في كل جيل من الأجيال بحيث لم تنقطع مطلقاً الحركة التكاملية لوجود هذه المواصفات وتطورها في كل الأجيال بالرغم من بعض الظروف الصعبة التي كانوا يمرون بها.
وهذه الشروط والمواصفات هي:
أ- الدرجة العالية من الاجتهاد والقدرة على استنطاق القرآن الكريم والسنّة النبوية واستنباط الحكم الشرعي منها، بحيث يكون قد مارس ذلك بصورة مستوعبة لجميع أبواب الفقه والشريعة والعقيدة الاسلامية والفكر الاسلامي ذات العلاقة بها، وهو مايمكن أن نعبّر عنه بـ(الاجتهاد المطلق الفعلي) في المعرفة الاسلامية، في مقابل الاجتهاد الجزئي أو حصول ملكة الاجتهاد دون ممارسة الاستنباط فعلاً.
ويضعون موازين وضوابط دقيقة لإحراز هذه الصفة عن طريق أهل الخبرة والمعرفة.
ب - التقوى والورع في الأخلاق والسلوك، ووجود الملكات الروحية والنفسية بدرجة عالية تؤهله لهذا الموقع وتجعله قريباً من درجة العصمة التي يعتقد بها شيعة أهل البيت الامامية الاثنا عشرية على أنها صفة لازمة في أئمتهم (ع).
ولذلك يخضع المرجع لإمتحان طويل الأمد في جميع أدوار حياته: في التلمذة، والتدريس، والتبليغ، والاجتهاد وفي جميع أبعاد سلوكه في العبادة، والعلاقات الاجتماعية، والتعامل مع الناس، وقضايا الأمة، ومع الأهل والعشيرة والأصدقاء تخضع في كل ذلك وغيره إلى إمتحان دقيق ورقابة مشددة من الأمة وأبنائها الذين يرجعون إليه ويراقبون فيه ذلك أكثر مما يراقبونه في أنفسهم وأهليهم، أو في خاصتهم ومن يعتمدون عليه في أعمالهم، ويتشددون في ذلك أكثر مما يتشددون في علمه ومعرفته حيث انهم يسعون لمعرفة ذلك بصورة شخصية.
ج - (العقل) بمعنى حسن التدبير والخبرة في إدارة الأمور العامة، والفهم الصحيح للواقع السياسي والاجتماعي وكيفية التمييز بين الصالح والأصلح، والفاسد والأفسد، والمهم والأهم، وكيفية التعامل مع هذه الأمور من خلال التجارب العملية، والمنهج الصحيح الذي يتمثل باستخدام الحكمة والرؤية النظرية والعملية للحركة السياسية والاجتماعية.
د - التصدي الشجاع والفعلي للأمور العامة وللدفاع عن الاسلام والأمة الاسلامية ومصالحها والوقوف في وجه الأعداء والمخاطر التي تحيط بها.
والشرط الثالث والرابع يشترط عادة في المرجع الديني السياسي الذي يتصدى للأمور العامة وللقيادة والولاية.
الثالث: كيفية انتخاب المرجع، انّ انتخاب المرجع يمثل عملية معقدة حيث يقوم كل فرد من أبناء الجماعة بالفحص عن الشخص الذي تتوفر فيه هذه الشروط لتقليده والارتباط به، وتكون هذه الشروط هي الأساس في شرعية هذا الانتخاب، ولابد أن يكون هذا المرجع هو الأفضل والأعلم بين الجميع، فهي عملية يمارسها الأشخاص بصورة ذاتية، ويمثل هذا الفحص بهذه الصورة والارتباط به واجباً شرعياً حيث لا تصح عباداته ومعاملاته بدون ذلك، وانّ أي فساد في العبادة والمعاملة دون هذا الارتباط يتحمل المكلّف مسؤوليته الشرعية ولا يكون معذوراً فيه.
صحيح انه يمكنه أن يستعين في عملية الفحص بأهل الخبرة الذين يثق بهم ويعرفهم بصورة شخصية بعلمهم وبتقواهم، ولكنه في كل الأحوال يتحمل مسؤولية ذلك بصورة ذاتية، وقد يقع هذا الشخص أو ذاك تحت تأثير عوامل أخرى شخصية أو اقليمية أو ذاتية، ولكن جميع الفقهاء والعلماء يؤكدون بصورة واضحة انّ هذه العوامل لا تجيز ولا تبرر التقليد.
وهذه الطريقة في الاختيار أدّت إلى وجود عدة ظواهر:
أولها: ظاهرة تعدد المرجعية في العالم الشيعي لطبيعة اختلاف القناعات في الوصول إلى تحقق هذه الشروط أو الوقوع تحت تأثير العوامل الأخرى، ولكنها في الوقت نفسه ومن خلال التجارب أثبتت هذه الثقافة العامة في اختيار المرجع انها أفضل ضمانة لعدم الانحراف كما كانت أفضل طريقة لتطور المرجعية وتكاملها من خلال التنافس الشريف الواجب في الوصول إلى أعلى درجات الكمال في توفير هذه الشروط حيث يجب الرجوع إلى الأفضل والأعلم من المراجع.
ثانيها: وجود ظاهرة مراجع عامين ترتبط بهم الجماعة من مختلف أقطارها الجغرافية عندما تثبت التجارب وطول المدة الأفضلية لأحدهم على الآخرين، ومراجع خاصين أو محليين ترتبط بهم جماعة محدودة من الناس في هذا المكان أو ذاك لأسباب موضوعية بسبب الاختلاف في القناعات لأسباب ذاتية بسب الوقوع تحت تأثير العوامل الأخرى.
ثالثها: ظاهرة تجدد المرجعية وتطورها وتحولها من مكان إلى آخر بحسب تطور المرجع أو الحوزة العلمية التي تعيش فيها أو تطور الظروف الاجتماعية والسياسية التي تسمح للمرجع أن يعبر عن وجوده وتطوره وحركته ويكشف عن مواصفاته المطلوبة، فلا تتقيّد المرجعية ببلد أو قطر.
رابعها: ظاهرة وجود التنوع في المرجعية بين المرجعية الدينية الفقهية، والمرجعية الدينية الاجتماعية السياسية، حيث يظهر على بعض المراجع الكفاءة العالية - لأسباب شخصية أو موضوعية - في الجانب العلمي فيرجع إليه المقلدون في معرفة الأحكام الشرعية.
ويظهر على بعض المراجع الآخرين الكفاءة العالية في الجانب الاجتماعي السياسي لأسباب شخصية أو موضوعية فينقاد إليهم المقلدون وأبناء الأمة.المحور الثاني - المرجعية والتقريب
ومن أجل توضيح الموقف العام للمرجعية الدينية تجاه فكرة التقريب بين المذاهب الاسلامية والتعايش الفكري والاجتماعي بينها، أشير إلى أربعة أمثلة للمراجع بشيء من التوضيح.
المثال الأول والثاني اختارهما من الرعيل الأول للمراجع، حيث يمكن أن يعبّرا عن الجذور العميقة لهذه الفكرة، والمثال الثالث والرابع من الرعيل المعاصر، حيث يمكن أن يعبّرا عن الموقف الحقيقي الذي تراه المرجعية في الظروف الفعلية التي تعيشها أمتنا الاسلامية.
وسوف يتبين من خلال الحديث عن هذه الأمثلة أنّ هذا الاختيار يمثل أمراً واقعياً في حركة المرجعية، كما هو يمثل في الوقت نفسه ابعاداً في قضية الوحدة والتقريب والتعايش.الرعيل الأول للمرجعية
يمثل كل من الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه والشيخ ابن الجنيد محمد بن أحمد بن الجنيد البغدادي الاسكافي نموذجا للرعيل الأول للمرجعية، حيث انهما عاصرا الغيبة الصغرى في بدء نشأتها، وكانت مرجعيتهما في بداية الغيبة الكبرى.
كما انّ الشيخ الصدوق يمثل في شخصيته وتربيته ونتاجه العلمي وانتمائه المدرسي مثالاً للمدرسة الفقهية الحديثة السائدة في العالم الشيعي آنذاك ولاسيما في بلاد (قم والري)، وانّ الشيخ ابن الجنيد يمثل في شخصيته وتربيته ونتاجه العلمي وانتمائه المدرسي مثالاً للمدرسة الفقهية الناشئة التي تقوم على أساس التفريع والاستنباط والاستنتاج والتي كانت ولادتها في بغداد، ويعتبر أحد مؤسسي هذه المدرسة، وإن كان قد سبقه نسبياً وعاصره فيها ابن أبي عقيل العماني الذي لا يظهر بصورة واضحة مكان استقراره ونشاطه العلمي.
1- الشيخ الصدوق: يمثل الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه المعروف بالصدوق مثالاً متميزاً للمرجعية الصالحة لدى الامامية الاثنى عشرية، حيث كان والده علي بن الحسين من المراجع الوكلاء المحليين في عهد الغيبة الصغرى، وإلى جانب نائب الامام الحجة(عج) الحسين بن روح النوبختي، وهو يحظى باحترام متميّز أيضاً في عالم الحديث لدى الشيعة، مضافاً إلى ماكان يحظى به من احترام متميز لدى الشيعة القميين والرازيين في عصره وهم نخبة الشيعة في ايران كلها، كما انّ أسرته برمتها كانت من الأسر العلمية المتميزة في ذلك العصر.
وقد كانت ولادته بين سنة 306 - 311 بدعوة من الامام المهدي (عج) في قصة معروفة تؤكدها الروايات التاريخية الموثوقة، ولذا فهو بذلك يحظى بقدسية خاصة.
وكان يتيمز منذ حداثة سنه بحفظ الأخبار وروايتها بحيث (سمع منه شيوخ الطائفة وهو حديث السن) كما يذكر ذلك الرجالي المعروف بالنجاشي القريب من عصره، كما كان يتميز بكثرة الأسفار والرحلات إلى الحواضر العلمية مثل بغداد والكوفة ونيسابور وبلاد ما وراء النهر ومكة مضافا إلى قم مسكنه والري وهي أصله ومدفنه وغيرها من المناطق.
كما كانت له مراسلات كثيرة مع مختلف مناطق العالم الاسلامي مثل واسط وقزوين ومصر والبصرة والكوفة والمدائن ونيسابور وبغداد، بحيث ألـّف كتاباً في هذه الرسائل اختص كل مصر منها بكتاب.
وامتاز أيضاً بكثرة المؤلفات في مختلف العلوم الاسلامية (العقيدة والفقه والتفسير والحديث والرجال والتاريخ) حتى قال الشيخ الطوسي عنه أنّ له نحو ثلاثمائة مؤلف ورسالة، وبكثرة الشيوخ ومن أخذ عنهم حتى عدَّ بعض المترجمين له مائة وثمانية وتسعين شيخا من مختلف المذاهب والبلاد الاسلامية.
كما عرف أيضا بالحفظ للحديث والنقد له وللرجال.
وهو في شخصيته وعلمه وتاريخه يمثل نموذجاً واضحاً لبداية مراحل المرجعية الدينية لدى الشيعة الاثني عشرية من ناحية، كما هو وارث مدرسة الحديث القمية من ناحية أخرى، وهو أمر يمتاز به على معاصره الآخر الذي سوف نشير إليه في المثال الثاني. كما انه يمثل الرمز في سعة الاطلاع والحركة والعلاقات بما يتناسب مع ذلك العصر، وكان ولايزال يحظى باحترام وقدسية خاصة لدى جميع أجيال شيعة أهل البيت(ع) وعلمائهم، ومن ذلك اعتبار كتابه (من لا يحضره الفقيه) أحد الكتب الأربعة المتميزة.
وقد كانت وفاته سنة 381 هجرية في مدينة الري، حيث كان ولازال قبره مزاراً عاماً للمؤمنين ، وقد ظهرت له كرامات عديدة.الشيخ الصدوق والتقريب
وإذا أردنا أن ننظر إلى الشيخ الصدوق من زاوية التقريب والتعايش بين المذاهب الاسلامية، يمكن أن نلاحظ - باختصار - هذه الأبعاد التي يمكن أن تكون منهجاً وقدوة في مجال التقريب الفكري والفقهي والنظري.
الأول: العلاقات الواسعة مع مختلف الأوساط العلمية والاجتماعية في العالم الاسلامي، وهو أمر يؤكده جميع مترجميه وتؤكده كثرة أسفاره وطول المكوث فيها، بحيث انه أقام في بلاد ماوراء النهر لمدة أربع سنوات ألـّف فيها كتابه القيّم الفريد (من لا يحضره الفقيه)، وعرف عنه انه قد قضى أكثر حياته في التنقل والسفر، وقد يكون في ذلك شيء من المبالغة، ولكنها تعبّر عن حقيقة هذه العلاقات الواسعة في ذلك الوقت الذي كان السفر فيه صعوبات كبيرة ولاسيما للعلماء.
ولم يكن يفرّق في أسفاره هذه وعلاقاته بين المذاهب الاسلامية إلا بقدر ما تفرضه طبيعة التربية العلمية والاستفادة منه والعلاقة به من امتيازات.
الثاني: الأخذ والعطاء، حيث أخذ وسمع الشيخ الصدوق من شيوخ كثيرين ومن مختلف الأقطار والمذاهب الاسلامية عدّ منهم بعض المترجمين له مائة وثمانية وتسعين، كما أخذ منه منذ حداثته شيوخ طائفته، كما أخذ منه عدد آخر من شيوخ المذاهب الأخرى.
وقد هيأت له كثرة أسفاره وتنقلاته فرصة واسعة لذلك.
الثالث: الحرية والاستقلال في التفكير بعيداً عن التعصب، ويلاحظ ذلك بوضوح في الشيخ الصدوق من خلال بعض آرائه التي يخالف بها جمهور الشيعة الامامية.
مثل القول بسهو النبي(ص) حيث يروى ذلك كما يرويه محدثو جمهور المسلمين.
وكذلك الموقف المتشدد ضد الغلو والغلاة، حيث يبدو منه انه يرى الغلو في المغالات بنسبة الأوصاف أو الكرامات حتى مايكون منه معقولاً ومقبولاً، ولكن لابد فيه من الدليل والاثبات.
ويمكن أن نلاحظ ذلك بوضوح عندما نقارن بين النتائج التي توصل إليها في كتابه (الاعتقادات) والنتائج التي توصل إليها تلميذه الشيخ المفيد، مما يؤكد وجود هذه الصفة في الاستقلال والحرية الفكرية بعيداً عن التعصب.
الرابع: قبول فكرة الحوار العلمي سواء على مستوى العقائد أو الفقه والممارسة له عملياً، حيث ينص المؤرخون على انه قد جرت بينه وبين علماء العامة في مجلس ركن الدولة الحسن بن أبي شجاع خمس مناظرات(4) .
2- إبن الجنيد الاسكافي البغدادي:
ويمثل ابن الجنيد الاسكافي مثالاً آخر للمرجعية الدينية الصالحة، ولكنه مثال يحيطه شيء من الغموض والالتباس، وقد يكون ذلك للاسباب التي سوف نشير إليها.
ويبدو ان ابن الجنيد من حيث الولادة والوفاة متقدم على الشيخ الصدوق بعقد من الزمن أو يزيد قليلا، حيث لم تثبّت ولادته ووفاته بصورة دقيقة.
ولكن ولادته كانت في النهروان قرب بغداد، فهو من أپناء المدرسة البغدادية، حيث انّ هذه المنطقة كانت تخرج أعداد المعلمين والكتاب والمحدثين، كما يذكر ذلك بعض المؤرخين(5) .
وإذا أخذنا بنظر الاعتبار ان ولادته ونشأته العلمية الأولى كانت في عصر الغيبة الصغرى وفي زمن نيابة النائب الثالث الحسين بن روح النوبختي، وقد كان مقره في بغداد، فانّ ابن الجنيد يكون بطبيعة الحال قريباً من المنبع الرئيسي الذي يرجع إليه أتباع أهل البيت(ع) في قضاياهم الدينية.
وقد عاش ابن الجنيد في سن الرشد العلمي والفقهي ظروفاً سياسية جديدة شهدتها بغداد عند دخول آل بويه إليها وتسلـُّمهم للسلطة فيها وسياسة الحرية المذهبية والعلمية والسياسية التي اتبعوها في البلاد، وسياسة الموازنة في الانتماء المذهبي بالرغم من تشيّعهم لأئمة أهل البيت(ع).
وقد أدّت هذه الحرية السياسية والمذهبية من ناحية وسياسة الموازنة من ناحية أخرى إلى حدوث صراعات وفتن في الشارع الشعبي بين المتعصبين من أپناء المذاهب الذين كانوا يحاولون أن يعبّروا عن آرائهم وشعائرهم ومراسيمهم المذهبية، بحيث أدى إلى وقوع صدامات مادية تتّسم بالقسوة والوحشية أحياناً.
ومع قطع النظر عن التحليل السياسي لخلفية قرار آل بويه باتباع هذه السياسة وعدم انتهاجهم السياسة المتبعة في ذلك الوقت من فرض الرأي والموقف بقوة السلاح بعد أن كانوا هم المنتصرين، وكانت الأوضاع السياسية في ايران ومصر وسوريا أوضاعاً تلتزم بهذا المنهج السياسي، حيث كانت دولة الفاطميين في مصر والحمدانيين في سوريا وآل بويه في ايران ومنها امتدوا إلى مراكز الخلافة الاسلامية، وهل أن ذلك يعبّر عن الخلفية الفكرية لمذهب أهل البيت(ع) انعكست على آل بويه، أو أنّ ذلك بسبب الاحساس بالضعف والخوف من وجود حركة شعبية مضادة تطيح بنفوذهم الجديد، فحاولوا أن يجمعوا بين المصالح السياسية من خلال هذه الموازنة، أو غير ذلك من الاسباب، ولكن هذه السياسة كان لها آثارها العميقة على الأوضاع الفكرية والمذهبية في الوسط البغدادي الذي كان يعيش عصره الذهبي الثقافي والفكري في ذلك الوقت.
ونلاحظ هنا ان ابن الجنيد قد حظي وحصل على شهادات قيّمة في حقه من كبار علماء الشيعة الامامية الاثنى عشرية، سواء في الوثائق أو المستوى العلمي والاجتماعي، وذلك من أمثال الشيخ النجاشي الرجالي المعروف، والعالم الكبير العلامة الحلي أو الألمعي المتميز السيد بحر العلوم وغيرهم من كبار علماء الرجال والتراجم أو الفقهاء المتبحرين مثال المحقق الحلي والسيد صفي الدين محمد بن سعد أو الشهيد الأول والثاني، بل نجد أوصاف مثل (فقيه الرافضة ومتكلمهم) يطلقها عليه بعض علماء العامة كما يقول عنه ابن النديم واسماعيل باشا البغدادي بأنه كان من (أكابر الامامية).
كما أنّ مؤلفاته العديدة التي يسردها الشيخ النجاشي والشيخ الطوسي تدل بصورة واضحة على غزارة علمه وسعة اطلاعه وتنوع العلوم التي خاض البحث فيها والعلاقات الواسعة التي كانت لديه بالاوساط الشعبية والرسمية.
ولكن مع ذلك كلّه نواجه في شخصيته قضيتين مهمتين تثير الجدل والغموض والنقاش حوله، وتؤدي إلى اتخاذ بعض المواقف السلبية الحادة تجاهه في عصره وبعده:
القضية الأولى: هو ما ينسب إليه من اعتماده على القياس كدليل من أدلة استنباط الأحكام الشرعية، وهو مما لم تقل به الامامية الاثنا عشرية.
القضية الثانية: نسبة القول باعتماد الرأي والظن في استنباط الحكم الشرعي، بل نسبة اعتقاده بأنّ بعض ما صدر عن أئمة أهل البيت(ع) انّما هو من باب الرأي والاجتهاد.
وبالرغم من كل ذلك لانجد إلا القليل جداً ممن ينتقص من شخصيته بسبب ذلك، وانّما يحاول بعض العلماء أن يشكك في هذه النسبة أو يجد التفسير لها أو التبرير.
ومع قطع النظر عن هذه الأبعاد من البحث التي لا نرى لها مجالاً للحديث هنا، يمكن أن نلاحظ في شخصيته الملاحظات التالية:
الأولى: انه يعتبر من كبار المراجع والعلماء في عصره.
الثانية: ان ابن الجنيد يعتبر أحد المؤسسين المهمين للمنهج الاجتهادي السائد الآن، وانه تمكن من أن يحقق تطوراًوانتقالاً في منهج الاستنباط لدى الشيعة الامامية من منهج الحديث أو التقيد بنصوصه إلى منهج التفريع وتطبيق القواعد والتوفيق والجمع بين الأحاديث.
الثالثة: انه كان يحظى أيضاً باحترام الأوساط الشيعية العامة.
الرابعة: انه كانت له علاقة وطيدة بالدولة الحاكمة القوية وهي دولة آل بويه، والتي كانت تعيش ظروفاً استثنائية وتتبع فيها سياسة التوازن الطائفي والحرية السياسية والمذهبية.
الخامسة: انّ ظهور شخصيته كانت في بداية الغيبة الكبرى للامام المهدي (عج) التي أصبحت الحاجة فيها للرجوع إلى العلماء في تفاصيل الأحكام الشرعية أمراً ملحاً.
وهذه الأمور الخمسة بمجموعها يمكن أن تقدم لنا تفسيراً علمياً موضوعياً عن شخصيته التقريبية والتي تتمثل بالأپعاد التالية:
أ- الافتاء العام لجميع المذاهب الاسلامية من موقع المسؤولية الشرعية والأخلاقية التي كان يفرضها الوضع السياسي والاجتماعي له والفراغ العلمي.
ب - العمل على تقريب وجهات النظر وتخفيف حدّة الصراع المذهبي بين المسلمين من خلال تقديم الحكم الشرعي مدعوماً بالأدلة التي يعتمد عليها جميع المسلمين، ومنها دليل القياس أو الظن لاسيما وانّ الأحناف كانوا يمثلون القاعدة الكبيرة بين المسلمين في بغداد ذلك الوقت.
ج - اتباع المنهج الجديد في الاستنباط، وهو منهج التفريع والتطبيق للقواعد، والذي كان قريباً من منهج جمهور المسلمين في التفريع والتطبيق وأصبح بعد ذلك هو المنهج السائد بين الامامية أيضا - كان ذلك سبباً لإثارة النقد والتجريح في حقه، وقد توقف هذا النقد بعد أن أصبح هذا المنهج هو المنهج المعروف.
يقول أحد العلماء في حقّه بلحاظ هذا المنهج ممن كان قد اطلع على أحد كتبه العلمية المعروفة والمفقودة في الوقت الحاضر (وقع إليَّ من هذا الكتاب - تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة - مجلد واحد، وقد ذهب من أوله أوراق وهو كتاب (النكاح) ، فتصفحته ولمحت مضمونه، فلم أر لأحد من هذه الطائفة كتاباً أجود منه ولا أپلغ و لا أحسن عبارة ولا أدق معنى، وقد استعرض فيه الفروع والأصول وذكر الخلاف في المسائل وتحدث على ذلك واستدل بطرق الامامية وطرق مخالفيهم..).
ثم يشهد العلامة الحلّي بعد نقل هذا الكلام عن السيد صفي الدين محمد بن معد: (وأقول أنا: قد وقع إليّ من مصنفات هذا الشيخ المعظم الشأن كتاب (الأحمدي في الفقه المحمدي) وهو مختصر هذا الكتاب، وهو كتاب جيد يدل على فضل الرجل وكماله وبلوغه الغاية القصوى في الفقه وجودة النظر، وإن ذكرت خلافه وأقواله في كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة) (6) .
د - الابتعاد عن التعصب في الحركة العلمية والثقافية والاستفادة من جميع الامكانات الفعلية، ومنها استخدامه طريقة المعتزلة في الحوار والمناظرة، بحيث أدى ذلك إلى اتهام بعض علماء الجمهور المتعصبين له بسرقة هذا المنهج من المعتزلة، مع ان منهج الامامية في حرية التفكير والمناظرة له تاريخه العريق والمتجذر الذي ينتهي إلى تاريخ أئمة أهل البيت(ع) وعصر الصادقين(ع) على الأقل.
وبذلك نخلص إلى تبيّن وجود مثال آخر تقريبي يمثل مدرسة أخرى، وهي مدرسة البغداديين التي تبلورت بعد ذلك على يد الشيخ المفيد والسيد المرتضى، واستقرت على يد الشيخ الطوسي.
كما انه مثال يعبّر عن المرجعية السياسية الدينية العامة التي يعتبر من أهم معالمها تقديم مصالح الأمة على مصالح الشخص والجماعة.الرعيل المعاصر للمرجعية
يمثل المرجعية الدينية في العصر الحاضر عدد كبير من المراجع الدينيين منذ بداية القرن الرابع الهجري وحتى يومنا الحاضر، حيث كانوا يتميزون بصورة واضحة في منهجهم التقريبي أمثال السيد ميرزا حسن الشيرازي الكبير الذي كان انتقاله إلى سامراء وتطوير علاقته بالخلافة العثمانية يمثل خطوة مهمة في هذاالاتجاه وذلك للمحافظة على وحدة الأمة وقوتها أمام التهديدات الخطيرة التي كانت تواجهها من خلال التمهيد للغزو العسكري بالحركة التبشيرية الواسعة والمعاهدات الاقتصادية المذلّة.
ومن هؤلاء المراجع الكبار العظام الآخوند الخراساني صاحب (كفاية الأصول) والسيد محمد سعيد الحبوبي والسيد مهدي الحيدري والسيد محمد كاظم اليزدي صاحب (العروة الوثقى) والميرزا محمد تقي الشيرازي، والمحقق النائيني والسيد أبو الحسن الاصفهاني، وانتهاء بالسيد البروجردي والسيد الحكيم والامام الخميني الذين كان لهم دور متميز في الدفاع عن الأمة الاسلامية والخلافة الاسلامية العثمانية السنية في مواجهة الغزو الانجليزي تعبوياً وعسكرياً وعدم الاستسلام للوعود العريضة بالحرية السياسية والمذهبية، وكذلك مواقفهم المشهودة في مواجهة الحركة الصهيونية التي كانت ولازالت تهدد المقدسات الاسلامية في فلسطين .
والحديث عن مواقفهم الفكرية والسياسية في المجالات التقريبية حديث واسع، لذا سوف أكتفي بالاشارة إلى مثالين معاصرين لفضيلة شيخ الأزهر الشيخ شلتوت وكان له معهما علاقة ومراسلة خاصة، وهما:
آية الله العظمى المرجع الكبير السيد البروجردي الذي تحولت إليه المرجعية العامة بعد الحرب العالمية الثانية، ووفاة المرجع الأعلى السيد أپو الحسن الاصفهاني.
وآية الله العظمى المرجع الكبير السيد محسن الحكيم الذي كان مرجعاً معاصراً للسيد البروجردي، ولكنه أصبح المرجع الأعلى بعد وفاته سنة 1960م - 1380هـ حتى توفاه الله تعالى في سنة 1970م - 1390هـ .
ولا أريد أن أطيل الحديث في ترجمتهما، لأنهما مرجعان معاصران ولاسيما السيد البرودجردي الذي نقيم هذا المؤتمر لتكريمه وقرينه شيخ الأزهر الشيخ شلتوت، وانّما أحاول أن أتناول الجانب التقريبي في مرجعيتهما، وهما يمثلان نموذجين صالحين للمرجعية ومختلفين في أبعادهما التقريبية أيضاً، بالرغم من انّهما متعاصرين كتعاصر الشيخ الصدوق وابن الجنيد الاسكافي مع تقدم أحدهما على الآخر بعقد من الزمن أو يزيد قليلاً.
كما انهما وإن كانا من سلالة واحدة، حيث يجمعهما الجد السابع لهما وهو السيد الشريف مراد الطباطبائي الحسني، ولكنهما عاشا في بلدين مختلفين، أحدهما في العراق والآخر في ايران.
1- الامام البروجردي
أما الامام البروجردي، فسوف يطلع السادة الأفاضل بصورة تفصيلية على معالم حياته وشخصيته من خلال بحوث هذا المؤتمر والكتب المؤلفة والمعروضة عن شخصيته، ولكنه بصورة إجمالية: ان الامام البروجردي الطباطبائي ينتمي إلى أسرة علمية عريقة في أصولها وفروعها، وقد درس على خيرة العلماء في ايران والنجف الأشرف ثم رجع إلى ايران ليستقر في بروجرد مدفن جدّه الأعلى السيد محمد الطباطبائي جد الأسر العلمية الثلاث المعروفة آل بحر العلوم وآل الحجة وآل البروجردي.
وعند وفاة المرجع الأعلى الامام السيد أبو الحسن الاصفهاني توجه إليه علماء وطلبة الحوزة العلمية بطلب الانتقال إلى قم ليتسلم فيها شؤون المرجعية والحوزة العلمية والتدريس، ورجع إليه غالبية الشيعة في ايران والباكستان والهند وأفريقيا والكويت ، وبعض الشيعة في مناطق أخرى.
ولاشك بأنّ الشيعة في ايران يمثلون من حيث الكم والكيف الثقل الأهم في الشيعة الامامية في وقت كانت حوزة النجف الأشرف في العراق لازالت تضم الثقل الكبير في الجانب العلمي والكمي، ولكن هذا الثقل يمثل الجانب الايراني فيه الجانب الأهم أيضاً.
وقد ركّز (قدس الله سرّه الشريف) في حركته المرجعية على بناء المؤسسات العلمية كالمدارس والمساجد والحوزات العلمية وعلى نشر الكتب التراثية، وعلى نشر وتأليف الموسوعات الحديثية والرجالية.
ويمكن أن نلاحظ في عمله التقريبي الأبعاد التالية:
1- نشر كتب الفقه والتفسير المقارن مثل كتاب (التبيان) للشيخ الطوسي الذي يعتبر الأصل لكتاب (مجمع البيان) وحلقة الوصل بين التفسير الشيعي والتفسير السني الروائي المتمثل بجامع البيان للطبري، حيث أخذ منه واعتمد عليه بصورة أساسية. وكذلك نشر كتاب الخلاف للشيخ الطوسي نفسه الذي كان ولايزال يعتبر من كتب الفقه المقارن.
وبذلك يكون السيد البروجردي قد أحيا مرة أخرى المنهج التقريبي الذي بدأه الرعيل الأول.
2- التأكيد على عنصر المشتركات في الفقه والتراث بين المسلمين، ومن هذا المنطلق كان تأييده لفكرة دار التقريب واسنادها واهتمامه بالتركيز على حديث الثقلين أكثر من التركيز على موضوع الامامة والعقائد الأخرى الخلافية.
3- تأكيده للمنهج التقريبي في أخذ الحديث وفهمه، وذلك من خلال ماكان يصفه الرعيل الأول من مراجعة مصادر الحديث لدى السنة والشيعة، إيماناً منه بأنّ هناك عدداً كبيراً من الأحاديث الموجودة في كتب جمهور المسلمين هي أحاديث معتبرة ويمكن التثبت من اعتبارها من خلال تجميع مضامينها وأسانيدها، وهذه حقيقة يعترف بها الفقه الشيعي بصورة عامة بما يعبّر عنه فيه من الأحاديث (النبوية) التي لا يوجد فيها سند معتبر خاص ولكنها تم تداولها في جميع العصور حتى أصبحت متواترة أو موثوقة الصدور.
4- تأكيده للمنهج التقريبي في الاستنباط من خلال فكرة انّ الكثير من التفاصيل التي وردت في الأحاديث الخاصة بطريق أهل البيت(ع) انما جاءت لتوضيح أو تكميل أو ملء الفراغات الفقهية التي كانت موجودة في الوسط العلمي الاسلامي، وبذلك يشكل معرفة الفقه العام وفهمه قرينة مهمة في فهم هذه الأحاديث واستنباط الحكم الشرعي منها.
وقد كانت لجهود آية الله العظمى السيد البروجردي العلمية والمنهجية واسناده ورعايته لفكرة تأسيس دار التقريب (التي قادها العلاّمة الشيخ محمد تقي القمي والثلّة الطيبة من رفاقه ومنهم شيخ الأزهر الشريف الفقيد الشيخ شلتوت) الدور الكبير في تأسيس هذا المنهج الاسلامي الأصيل وما أنتجه من ثمرات علمية وفكرية ومناخ روحي ونفسي، حيث توج ذلك كلّه بصدور الفتوى لشيخ الأزهر الشريف الشيخ شلتوت بصحة التعبُّد بمذهب الامامية الاثني عشرية.
ولاشك بحسب نظري ونظر الكثير من المراقبين بوجود عوامل أخرى هيئت المناخ لصدور هذه الفتوى، وهي عوامل تستحق الاشارة إليها - كما سوف أصنع - ولكنها لا تقلل مطلقاً من أهمية هذه الجهود ودورها في هذه الثمرة الطيبة، ولا تسيء إليها باتهامها بأنها فتوى سياسية - كما يحاول البعض أن يصنع ذلك - فانه يكفينا ما أكده الفقيد الغالي فضيلة الشيخ شلتوت من اخلاصه وصدقه فيها وهو صادق فيما يقول وما يؤكد لأن هذه الرؤية والاخلاص كانا موجودين لديه ولدى أستاذه الشيخ عبد المجيد سليم، ولكن المناخ السياسي والاجتماعي لم يكن ملائماً لحدوث ذلك وتقبله.
فشكر الله سعيهم وأجزل ثوابهم وثواب كل من ساهم في هذا العمل الوحدوي العظيم، وتقبله منهم أفضل القبول.2- الامام الحكيم:
وأما الامام الحكيم، فهو ينتمي أيضاً إلى جد الأسرة العلمية للامام البروجردي نفسها في الأصول ولكنها انقطعت عن العلم فترة قصيرة من الزمن بسبب ظروف الهجرة إلى العراق واستقرارها في النجف الأشرف وتوجهها لطب الأبدان وخدمة المرقد الشريف للامام علي(ع) ، حتى استأنفت مرة أخرى هذا المسار في أواسط القرن الثالث عشر للهجرة، وتخرج منها منذ ذلك الوقت وحتى الآن عشرات المجتهدين وكبار العلماء والمراجع والمؤلفين، واستشهد منها في العقدين الماضيين حوالي خمسين شهيداً فيهم عدد من المجتهدين والأفاضل.
وقد تصدى الامام الحكيم للمرجعية الدينية بصورة رسمية بعد وفاة المرجع الأعلى الاصفهاني سنة 1365هـ - 1936 ميلادية، ورجع عليه عموم الشيعة في العراق وأفغانستان ولبنان ومناطق الدول الخليجية وبعض مناطق الهند والباكستان ولاسيما بعد وفاة المرجع آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين.
ثم انتهت إليه المرجعية الدينية العليا بعد وفاة الامام البروجردي، حيث رجع إليه عموم الشيعة في المناطق الأخرى كما ذكرت، علماً انه في جميع الأحوال كان هناك مراجع آخرون إلى جانب مرجعية الامام الحكيم ومرجعية الامام البروجردي، ولكنهم أما محليون أو محدودو المرجعية نسبياً.
والحديث عن الامام الحكيم حديث واسع لا يسعه هذا المجال من البحث، ولكن لابد أن أشير إلى عدة ملاحظات في حياته:
الأولى: انّ ولادته كانت سنة 1306 هـ وفقد والده عملياً بعد ثلاث سنوات من ولادته، حيث كان قد هاجر إلى لبنان للقيام بواجباته هناك، ثم توفاه الله بعد ذلك بقليل، وكان عمر السيد الحكيم حينها ست سنوات، فبدأ حياته عصامياً.
الثانية: انه كان قد شارك في حرب الجهاد ضد الغزو الانجليزي في سن السابعة والعشرين تقريباً، حيث كان الأمين المساعد لقائد الجبهة الشعبية في (الشعيبة) آية الله المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي الذي كان زميلاً لوالده وكان له حق الرعاية والتربية الروحية، وبذلك بدأ حياته العملية في هذه الظروف الصعبة ظروف الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة والخلافة الاسلامية ووقوع العالم الاسلامي تحت السيطرة العسكرية للأجانب.
وكانت مساهمته هذه لها دور خاص في فهمه السياسي والاجتماعي والتقريبي، حيث كان المجاهدون يقاتلون ومن جميع المذاهب والأعراق طوعاً جنباً إلى جنب دفاعاً عن الاسلام والقيم الاسلامية.
الثالثة: وقد ركّز في عمله العلمي بصورة أساسية على:
1- الفقه والأصول، وكان حصيلة ذلك كتابه العلمي الفريد الذي كان ولازال محط أنظار العلماء والباحثين في الحوزات العلمية، وهو كتاب (مستمسك العروة الوثقى) وإلى جانبه كتابه في الأصول (حقائق الأصول).
2- وقد اعتمد في منهجه الفقهي على المنهج التقريبي في الفتيا، فكانت له فتاوى في الحج في إجزاء الحج بحكم الهلال للقاضي حتى لو كان مخالفاً، وكذلك فتوى إجزاء صلاة الجماعة مع أئمة الجماعة العامين، وطهارة أهل الكتاب، وإجزاء دفع الزكاة للحكومات الاسلامية حتى لو كان الحاكم من غير أتباع أهل البيت(ع)، وحلية الذبائح في سوق المسلمين حتى لو كانت قد جلبت من سوق أخرى مالم يعلم بعدم التذكية.
الرابعة: ركّز الامام الحكيم في عمله المرجعي:
1- على الطبقات الفقيرة والمستضعفة من أبناء الجاليات الاسلامية المختلفة وأقام العلاقات الوطيدة مع الأوساط العلمية والشعبية لأبناء المذاهب الأخرى.
2- اهتم بصورة خاصة بنشر الثقافة الاسلامية وتربية الكادر الاسلامي من خلال انشاء المكتبات العامة للمطالعة وتأسيس المدارس النظامية الجديدة والكليات العلمية مثل كلية الفقه وكلية أصول الدين وإدخال الفقه والاصول والتفسير المقارن لها، ورعاية التنظيمات الاسلامية المنفتحة على جميع المذاهب الاسلامية دون فرق.
الخامسة: تصدى الامام الحكيم بصورة واسعة للعمل الاجتماعي والسياسي إلى جانب العمل العلمي والثقافي بحيث تميزت مرجعيته بهذه الصفة أيضاً.
ولذا كانت له مشاركات واسعة في المؤتمرات الدولية الاسلامية ولاسيما ذات العلاقة بفلسطين وقضايا العالم الاسلامي.
كما قام بتأسيس جماعة العلماء في النجف الأشرف وفي بغداد والكاظمية للقيام بالواجبات الاجتماعية والثقافية والسياسية العامة.
كما قام في الوقت نفسه بالتصدي لمواجهة الغزو الثقافي والسياسي الذي شهده عالمنا الاسلامي بعد الحرب العالمية الثانية من خلال الأفكار والاطروحات السياسية كالشيوعية والاشتراكية والليبرالية ، وطرح الفكر الاسلامي وإقامة الحكم الاسلامي كبديل لكل هذه الطروحات.
وكان منهجه في ذلك على العموم هو منهج الحكمة والموعظة الحسنة والضغوط السياسية والشعبية في اطار المحافظة على النظام العام والأمن والاستقرار وتقديم المصالح العليا للبلاد على القضايا التفصيلية.
وبذلك جمع الامام الحكيم بين المرجعية الدينية الفقهية والفكرية والمرجعية الدينية السياسية.
السادسة: انّ الامام الحكيم انتهج المنهج العملي في التقريب مضافاً إلى الجانب الفقهي وكان لذلك دور كبير في تحقيق وحدة المسلمين وتقاربهم والتعايش بينهم على المستوى الشعبي بالرغم من السياسات الطائفية المقيتة التي اتبعتها بعض الأنظمة التي حكمت العراق ولازالت.
ويمكن أن ألخص معالم هذا المنهج التقريبي الاجتماعي والعملي في النقاط التالية:
النقطة الأولى: الاهتمام بالقضايا الكبرى والمصيرية المشتركة للأمة مثل:
1- القضية الفلسطينية، حيث كان له في هذا المجال - مضافاً إلى الطرح السياسي والمشاركة في الأحداث الكبيرة كإنتكاسة الخامس من حزيران وإحراق المسجد الأقصى وحضور المؤتمرات - الفتوى المهمة في تأييد العمل الفدائي وجواز صرف الزكوات عليه في وقت كان يعاني فيه العمل الفدائي أزمة في جنوب لبنان، وكان أپناء الجنوب من مقلّدي الامام الحكيم.
وكذلك موقفه المهم في منع حكومة الشاه من الاعتراف باسرائيل ورسالة الشيخ شلتوت إليه وجوابه عليها أفضل دليل على ذلك حيث كان جوابه الرسالة الوحيدة العملية في هذا المجال.
مضافاً إلى تقديمه الطرح الفكري والسياسي لإنقاذ فلسطين وهي الانتقال من الدائرة الضيقة إلى الدائرة الاسلامية الواسعة.
2- قضية الغزو السياسي والثقافي الأجنبي الذي أشرت إليه، وكان لموقفه ضد التهديد الشيوعي للعراق وخطر استيلاء الحزب الشيوعي على مقدرات الحكم هناك بعد انقلاب تموز 1958م دور كبير في احباط هذا التهديد الخطير، وهو موقف يعرفه جميع المتابعين للأحداث ولاسيما فتواه الجريئة (الانتماء إلى الحزب الشيوعي كفر وإلحاد أو ترويج للكفر والإلحاد) والتي هزّت أركان الحزب الشيوعي الذي كاد أًن يسيطر على الأوضاع بعد أن سيطر على الشارع العراقي، وهزمت الأحزاب القومية والليبرالية واليسارية الأخرى.
وإني لعلى ثقة ولديَّ بعض المعلومات، انّ لهذا الموقف الأثر الكبير في نفس الرئيس الراحل عبد الناصر الذي كان يراقب الأحداث عن كثب ويشعر بخطورتها، الأمر الذي جعله يفتح صفحة جديدة كانت مطوية أو منسية مع الشيعة في العراق والعالم، ويهيء المناخ لصدور الفتوى التاريخية لشيخ الأزهر فقيدنا الراحل الشيخ شلتوت، وذلك لتكوين موقف اقليمي واحد ضد هذا التهديد الخطير.
وفي هذا المجال لابد أن أشير أيضا إلى الدور المهم الذي قام به الامام الحكيم في حماية علماء الاسلام من أهل السنة الذين كانوا يواجهون خطر القتل والموت على يد الشيوعيين كأخوانهم الشيعة تحت شعار أنهم من أنصار القومية العربية، ويعرف هذه الحقيقة جميع علماء أهل السنة في العراق الذين عاصروا هذه الأحداث.
كما قام الامام الحكيم بعمل واسع من أجل حماية الضباط من أهل السنة أيضاً الذين كانوا يتعرضون بسبب هذا المد الأحمر لخطر القتل صبراً (الاعدام) وقد تم اعدام بعضهم فعلاً، ورسالة الامام الحكيم بشأنهم مدونة في مذكرات الطبقجلي.
3- قضية الاستبداد السياسي والطائفية السياسية التي كان يقف الامام الحكيم فيها مدافعاً عن جميع أبناء الشعب العراقي دون فرق، وكلمته مع رئيس الوزراء (طاهر يحيى) بهذا الصدد معروفة حيث قال له اننا نطالب بحكم عادل حتى لو كان الحاكم سنياً، ونرفض الظلم والطغيان حتى لو كان الحاكم شيعياً.
النقطة الثانية: الدفاع عن المظلومين من أهل السنة كما حدث ذلك بالنسبة إلى جماعة الأكراد في العراق وغالبيتهم من أهل السنة، فقد وقف الامام الحكيم مدافعاً عنهم ومحرّماً على غالبية الجنود وأپناء القوات المسلحة من أتباعه قتالهم.
وكذلك موقفه من محاولات (عبد الكريم قاسم ) لغزو الكويت واحتلالها مع ان غالبية شعب الكويت من أهل السنة.
النقطة الثالثة: اقامة العلاقات الحميمة مع أوساط أهل السنة العلمية والاجتماعية والسياسية سواء في داخل العراق أو خارجه من خلال تبادل الزيارات وأهداء الكتب والحضور في المؤتمرات والمنتديات أو اقامة المؤسسات المشتركة والتعاون على البر والتقوى معهم في مختلف المجالات والأحداث، وتدريس الثقافة الاسلامية لجميع المذاهب في المؤسسات العلمية الشيعية كما في كلية الفقه وأصول الدين وغير ذلك من النشاطات.
والانفتاح على الدول العربية والاسلامية في العلاقات كما في الباكستان والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن ولبنان...
وقد كان لهذه النقاط والخطوط من الحركة الثقافية والاجتماعية للمرجعية الدينية بصورة عامة آثارها العميقة في مجتمعنا الاسلامي بحيث هيئت الأرضية للإنجازات الكبيرة التي يشهدها عالمنا الاسلامي هذه الأيام ومنها العودة إلى الحياة الاسلامية وإلى المقاومة الاسلامية وروح التضحية والفداء.
وكان من جملة ذلك هذا الانجاز العظيم الذي قام به العبد الصالح الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) وهو من مراجع الاسلام في إقامة الدولة الاسلامية وإلتزام قضية فلسطين ونصرة الشعب الفلسطيني ضد العدوان الصهيوني، وهذه العزّة والكرامة التي يشعر بها المسلمون في كل مكان، وهذه اللقاءات الخيّرة التي يشهدها عالمنا الاسلامي هنا وفي مصر والمغرب وسوريا والأردن والمملكة العربية السعودية وعمان في حركة تقريبية واسعة، يتعاون فيها الجميع تحت راية الاسلام وفي ظل الرحمة الالهية ودين اليسر والسماح والعقل والمنطق والايمان بالله الواحد الأحد وبالرسالة الخاتمة والأمة الواحدة التي هي خير أمة أخرجت للناس.
----------------------
1 - من الموضوعات المشاركة في الندوة العالمية لذكرى العلمين آية الله العظمى السيد البروجردي والشيخ محمود شلتوت من قبل في شوال 1422 هـ بمنابسة مرور اربعين عاماً على وفاتهما.
2 - التي هي (موقع ديني واجتماعي خاص) يحظى بالاحترام والقدسية والاتباع لدى شيعة أهل البيت(ع) من الامامية الاثني عشرية - وذلك منذ الغيبة الصغرى للامام المهدي عجل الله فرجه الشريف وهو في عقيدتهم الدينية الامام الثاني عشر والمولود في سنة 255 والذي لايزال حياً وغائباً عن الأنظار يقوم بدور الامامة في مثل هذه الحالة الاستثنائية.
3 - لقد تناولت بحث المرجعية الدينية في كتاب مستقل تحت عنوان (المرجعية الصالحة) طبع جزء منه بصورة محدودة والباقي منه تحت الاعداد.
4 - رجال النجاشي / 392 - ركن الدولة هذا كان أمير (الري) ووصفه ابن الأثير بقوله كان حليماً كريماً واسع الكرم كثير البذل حسن السياسة لرعاياه وجنده رؤوفا عادلاً بهم في الحكم بينهم وكان متحرجاً من الظلم.. إلى أن قال في وفاته: أصيب به الدين والدنيا جميعا لاستكمال جميع خلال الخير فيه - الكامل في التاريخ ج 8 ص 672.
5 - معجم البلدان 1/ 148.
6 - ايضاح الاشتباه 291 - 292 .


مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية