مركز الصدرين للتقريب بين المذاهبالإسلامية

ابراز الوحدة الاسلامية الكلية للاسلام
عقيدة وشريعة كإطار للعرض المذهبي(11)
 أ. د. محمد فتحي عثمان
أستاذ جامعي


 

كثيراً ما ترد في الإعلام الغربي تعبيرات مثل (الاسلام السني) و(الإسلام الشيعي)، وكأنهما مختلفان تماماً. وقد أضيف إلى هذين مؤخراً تعبير (الاسلام الوهابي)، الذي عدله البعض إلى (الاسلام السلفي)، وهو تعبير ربما كان أدق موضوعياً، لكنه يترجم غالباً بكلمة (أرثذوكس)Orthodoxe، أو بعبارة (إسلام الأوائل أو الأسلاف) Early Islam، وكلاهما لا يوضحان المقصود ويؤديان إلى بلبلة القارئ الغربي.

ويؤدي هذا كله في أذهان الغربيين الى تصور دين الوحدانية والتوحيد أدياناً شتى!

يحدث هذا بينما يسعى المسلمون جاهدين لتوحيد صفوفهم والتنسيق فيما بينهم لمواجهة التحديات المتعددة المتباينة، ولا سيما بعد أن رأوا الدول القومية في أوروبا قد استطاعت اقامة وحدة قارية ذات سلطات وعملة موحدة على الرغم من الاختلافات العرقية واللغوية والتاريخية، ورأوا في مختلف ارجاء العالم مجمّعات اقليمية نشطة في مجالات متعددة، حققت جهودها نجاحاً بدرجات متفاوتة. ثم أوشك تيار (العولمة) GLobaLization أن يحيط بكرتنا الأرضية كلها في شتى اطرافها، بعد أن قربت ثورة الاتصالات الجامعة Mass Communication بين الأرجاء وطوت شاسع المسافات، وأحالت الكوكب الارضي الى قرية صغيرة حقاً!

والمسلمون في هذا العالم المعاصر، يبذلون جهودهم الدنيوية لمواجهة التحديات المتعددة القائمة واحتذاء حذو التجمعات المتباينة، لكنهم يبدون احياناً كثيرة أمام أنفسهم وأمام غيرهم وقد تفرّقوا شيعاً ومذاهب وإن اجتمعوا على كلمة الاسلام. وقد حرصوا ـ وبخاصة في الغرب ـ على أن يخاطبوا غير المسلمين ويبصروهم بالقيم الانسانية العالمية الجامعة في القرآن، وبالوشائج القريبة التي تجمع المسلمين بكل مؤمن بالله وبالقيم الروحية والخلقية ولا سيما (أهل الكتاب) إذا يعتبرهم المسلمون شركاءهم في اتباع (ملة ابراهيم حنيفاً) باعتبارهم يهوداً ومسيحيين، والمسلمون يذكرون ابراهيم عليه السلام مرة او مرتين في كل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة في كل يوم، ويتضرعون الى الله أن يبارك رسولهم محمداً كما بارك من قبل إبراهيم عليهما معاً وعلى أنبياء الله ورسله جميعاً أزكى السلام.

وبينما يجدّ المسلمون في هذا، الخطوات السديدة لتحقيق الوحدة الانسانية، واجتماع المؤمنين بالله الواحد على ما يجمعهم من أصول وقيم للتعاون على الخير ومكارم الأخلاق في عالمنا المعاصر، تراهم احوج ما يكونون الى مثل هذا التقارب الرشيد والمودة المخلصة مع بعضهم بعضاً، حتى يؤكدوا لأنفسهم وللناس أنهم مسلمون قبل كل شيء وإن تعددت مذاهبهم، يجمعهم الإيمان بالله الواحد وبرسالة محمد(ص) وبالقرآن الكريم وحي الله المنزّل على رسوله، الذي يجتمع مئات الملايين من المسلمين عليه بذات سوره وآياته كلها دون اختلاف في شتى الأنحاء وعلى مرّ القرون.

* إن ثمة ظروفاً جغرافية وتاريخية أدّت الى قيام المذاهب بعد وفاة الرسول(ص) وتفرّق صحابته في البلدان، ومع كل منهم ما استطاع تلقيه وحفظه من رسول الله عليه الصلاة والسلام. لقد حدث ذلك منذ أربعة عشر قرناً، وأدّت المسافات الجغرافية وصعوبة سبل الاتصال، وتأخر تدوين سنة الرسول (ص) بعض الوقت، ثم ما أعقب ذلك من قيام دول اقليمية متعددة في اراضي الخلافة ـ أدت هذه العوامل كلها وغيرها الى أن يكون (عند كل قوم علماً) ـ كما عبّر بجلاء وأمانة إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه. وما لبثت المذاهب المتعددة ان تبلورت، وأثرت الفكر الاسلامي والفقه الاسلامي ببحوثها ومناقشاتها واجتهاداتها القرون الطوال. ثم جاء التوقف عن الاجتهاد ومتابعة التقليد في كثير من المذاهب، فانغلق المذهب على ما اجتمع لديه من قبل، وتبع ذلك انحصار المذاهب الاخرى ـ فكرياً ونفسياً بصورة ما على الأقل، وربما تفاقم الأمر فأدى الانغلاق والانعزال في بعض الأحيان الى فرقة وخصام، وقد يتصاعدان الى العداء والصدام!

لكننا اليوم، تتوافر في أيدينا مدونات سنة رسول الله (ص) وبحوث علمائها، مطبوعة على الورق وعلى أقراص تسجيلات الكومبيوتر، محققة مفهرسة، كما يجتمع لدينا التراث المنشور للمذاهب المتعددة. وحتى النادر الذي لا يزال مخطوطاً تيسر تصويره واستحضار صورته الى أي مكان في عالمنا المعاصر. كذلك تيسّرت للمسلمين وعلمائهم وطلابهم سبل ا لاتصال البشري المباشر وسبل الاتصال العلمي والفكري بوسائل العصر السريعة المتقدمة. وقد تسنـّى لهؤلاء أن يلتقوا في عديد من المؤتمرات وفي كثير من المناسبات في مختلف البلدان، وأن يقرأوا الكتب والدوريات المنشورة لمختلف المذاهب، وأن يتواصلوا عبر الهاتف والبريد الالكتروني والانترنت. وهكذا تيسر تماماً إطّلاع اتباع كل مذهب على ما عند غيرهم من المذاهب الأخرى: تراثاً او بحوثاً مستخدمة. وقد ارتفعت الاصوات تلح على مواصلة الاجتهاد بين من كانوا قد انصرفوا عنه، وتؤكد ضرورة ذلك لمواجهة التغير (الكيفي) في الظروف والحاجات في عصرنا. كما أبرزت المتطلبات الحياتية للمسلمين في تعاملهم فيما بينهم وفي علاقاتهم مع غيرهم، ضرورة تعاون المسلمين في عالمنا المعاصر الذي صار صغيراً جداً.

ومع هذه العوامل كلها التي تحفز بشدة للتقارب والحوار البنـّاء والاجتهاد والتعاون على الخير، وتيسّر الوسائل لذلك كله، ظلّت هناك أشباح من الفرقة المذهبية تتحرك لتثير الفتن او تؤبّد الفرق وتجهّدها، وتشد الناس الى الوراء.

* إن اختلاف الآراء بين الأفراد والجماعات هو في ذاته ظاهرة انسانية طبيعية صحية، تدوم مع دوام العافية والحيوية الفكرية للفرد والجماعة، ولكن تلكما العافية والحيوية تستمران وتزكوان مع التواصل والتفاعل، وتضعفان وقد تتوقفان مع الانغلاق والانعزال، والذي قد يقول بالتخلّي عن المذاهب تماماً كأنما يقول بإنكار الواقع وإهدار التاريخ! وإنما المطلوب والمأهول أن تكفل مع حياة الاسلام عقيدة وشريعة، وحيوية الفكر الاسلامي والفقه الاسلامي، فيكون نشاط الفقه المذهبي في اطار من الوحدة الكلية للاسلام، ومؤكداً لهذه الوحدة الاساسية الجامعة. وإنما يتحقق ذلك بتقرير خطوات منهجية يلتزمها العرض المذهبي، تضمن إثراء المذهب بالبحث مع تأكيد انبثاقه عن المورد الاسلامي الموحدّ الأصل، ومن ثم اجتماعه مع المذاهب الاخرى على هذا المورد، وتعامله معها تعامل الأخوة المتقاربين في تحاور ودود يؤكد الأصل الجامع مهما تفرعت الفروع.

* وأول هذه الخطوات المنهجية: تسليط الضوء على قيام المذاهب والظروف المصاحبة لذلك، حتى تتبين بجلاء (تاريخية) الظاهرة وأنها ليست أصلاً في الدين قامت بقيامه في حياة رسوله عليه الصلاة والسلام، وتتأكد (إنسانية) تلك الظاهرة كما يبرز (دوام) الإسلام في مجموعه الكلي عقيدة وشريعة و(ذهنية) الاختلاف، و(شمول) الاسلام الجامع و(جزئية) الاختلاف الخاص بالمذهب. ويكون هذا التنوير التاريخي الكاشف موضوعياً اميناً قدر طاقة الإنسان المؤمن بربه وبمسؤوليته عن كلمته كيف صدرت والى أين تؤدي، بحيث يُنصف المذهب المعروض والمذاهب الاخرى على السواء، ويقدّم الصورة الحقة لمنهجيات الحوار والاختلاف وأخلاقياته في رسالة الاسلام. وعلى هذا النحو يتعزز القول بأن المذاهب الاسلامية (تنزع في إطار وحدة الإسلام)، لا تناقض وتصادم بين شراذم لا تجتمع على شيء مشترك.

* ولعلّ في الاهتمام بتاريخ المذاهب مع استثمار المعرفة التاريخية المتطورة في تنميته وإثرائه وتحليله، ما يحقق ما سلف بيانه من الوعي بوضع الاختلاف المذهبي وحجمه الصحيح بالنسبة لرسالة الله الكلية الخالدة وحقائقها الكبرى المُجمع عليها بين المسلمين، ولعل استنارة بحث هذا التاريخ ببحوث التاريخ الاجتماعي للمسلمين مما يعود بالنفع والإثراء على كليهما. فكثيراً ما غلب التاريخ السياسي والحربي على التأريخ الاجتماعي والحضاري عند المسلمين وغيرهم، والحق أن تراثنا غني في مصادره المتنوعة بتاريخ المجتمعات الاسلامية، التي قد تتفرق في كتب التاريخ والتراجم والطبقات والبلدان والرحلات والأدب وغيرها، بل تنبث ايضاً في كتب احكام الفقه والفتاوى والنوازل، وإنما تحتاج الى من يجمعها ويجدُّ في تنظيمها وتحليلها. ومنها يتأكد ما أبرزه الإمام ابن القيم (ت 571 و / 1350) في فصل قيّم له افتتح به الجزء الثالث من كتابه المنير (إعلام الموقعين)، من أن اختلاف الأحكام باختلاف الأزمنة والأمكنة والعوائد هو (اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان) في أكثر الأحيان.

* والعرض المذهبي يلزمه بطبيعة الحال في منهج الاحتجاج ابراز اسانيد الحكم المعروض من القرآن والسنة، وهذا خير اطار للوحدة الكلية للاسلام عقيدة وشريعة. وقد كان هذا شأن كتب العقيدة والفقه في القرون الأولى، ومنها كتب الفقه المبكرة في مذاهب أهل السنة مثل موطأ الإمام مالك (ت 179 هـ / 795)، وكتب الإمام أبي يوسف (ت 189 هـ / 799) والإمام محمد بن الحسن (ت 189 هـ / 804) والإمام الشافعي (ت 204 هـ / 819). لكن غلبت المختصرات في القرون المتأخرة واقتصرت على إيراد الأحكام دون التدليل عليها، نتيجة لشيوع التقليد، وحرصاً على إمداد طلاب العلوم الدينية وبخاصة الناشئين منهم بما يستظهرونه، وهكذا اتجهت الكتب الى إعمال الذاكرة لا الى البحث العقلي والتمحيص.

* كذلك فإن الاهتمام بدراسة المذاهب المختلفة في العقيدة او الفقه، مما يوسع أفق الدارس المتمذهب، ويبين وجهة النظر الأخرى وحجتها، مما كان يعرف بالنسبة للفقه في المغرب الاسلامي (بالخلاف العالي)، وكان يعرف في المشرق (باختلاف الفقهاء) والآن يعرف (بالفقه المقارن) وسوابقه كثيرة في مؤلفات فقهائنا القدامى، مثل (اختلاف الفقهاء) لابن جرير الطبري (ت 310 هـ / 922)، و(المحلّى) لابن حزم (ت 456 هـ / 1064)، و(بداية المجتهد) لابن رشد (ت 595 / 1198)، و(المغني) لابن قدامة (ت 620 هـ / 1223) وليست دراسة المذاهب الاخرى تعني بحال أي مساس بما اختاره الدارس لنفسه من مذهب، وإنما هو تأكيد لوحدة الدين الجامع لهذه المدارس الفقهية. والأمر نفسه يتحقق بالنسبة للمدارس العقدية، مما يؤكد اجتماع هذه المدارس كلها على أساس واحد متين، مما عبر عنه القول الحكيم المشهور لإمام مبرز أمين: (رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب).

* وإن مواصلة الاجتهاد لمواجهة المتغيرات المتجددة والمشكلات الطارئة، من شأنه أن يحفز المجتهدين من مختلف المذاهب الى التعاون على الحق والخير، وتبادل الرأي والحوار بالحكمة والحسنى.

* وسيأخذ تراث الماضي بكل أبعاده التاريخية والنفسية والفكرية مكانه الصحيح بالنسبة لدفع الواقع المعاصر وحاجاته ومشكلاته، وما يتطلبه من وحدة المسلمين ازاء التحديات والتكتلات المعاصرة وتعاونهم فيما بينهم ومع غيرهم، والعمل على ابراز مقتضيات العدل الاسلامي تجاه كل (انسان) باعتباره انساناً كرمه الله، في مختلف صور التطبيق التي تشمل جميع البشر: رجالاً أو نساء، مالكين لرأس مال او عمالاً فيه أم عاجزين عن العمل لمرض او شيخوخة، حكاماً او محكومين، دولاً قوية او ضعيفة، متقدمة او نامية، بل إن العدل ينبغي أن يتحقق لكل خلق الله: من حيوان ونبات وبيئة طبيعية، مما ائتمن الله البشر عليها لعمارة الكون كله الذي تحيا في رحابه الأجيال المتعاقبة الى النهاية، ولا ينبغي الجور على الموارد لصالح جيل واحد او فئة محدودة منه.

* ويتعزز التقارب المذهبي بالتقارب الحياتي بين المسلمين شعوباً وحكومات، في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، سواء في المشروعات التي تقوم بها المؤسسات الخاصة او مؤسسات الدول وأجهزتها. وسوف تحتاج بعض جوانب هذه المشروعات الى آراء الفقهاء المجتهدين بجانب آراء الخبراء المتخصصين في المشروعات نفسها اقتصادياً او تقنياً، وسيحتاج هؤلاء الفقهاء على اختلاف مذاهبهم الى التشاور وتبادل الرأي والحوار في هذه المشروعات التي قد تجمع أكثر من شعب مسلم وهؤلاء يتبعون اكثر من مذهب.

وقد كان من رواد هذا التقارب المذهبي الضروري المأمول في العصر الحديث السيد جمال الدين الأفغاني (ت 1897)، وكانت حياته نفسها مثالاً لما يدعو اليه، فلقد دار البحث الآن: هل كان أصله رحمه الله من أسد آباد في افغانستان او من أسد آباد في ايران، وهل كان سنياً او شيعياً، ويبدو أنه كما ذكر الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني الأمين العام السابق للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية (كان رغم نشأته الشيعية يسلك ما يوهم أنه كان خلقياً حنيفا ومجتهدا، كما يقول عنه تلميذه الامام محمد عبده)، وصدرت صحيفته (العروة الوثقى) سنة 1878 في باريس تخاطب المسلمين جميعاً وتجمعهم على أخبارها وفكرها الملحّ على الوحدة. وواصل رسالة الوحدة والتقريب الشيخ محمد عبده رحمه الله وصحيفته (المنار) التي صدرت في مصر ورفعت الشعار المأثور (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) وشهدت الأقطار المغاربية من جهود التوحيد والتقريب الرائدة في العصر الحديث كتابات شيخ تونس المجدد محمد الطاهر بن عاشور (ت 1973)، وشيخ الجزائر المصلح عبدالحميد بن باديس (ت 1940)، والأول شيخ الثاني وإن تأخرت وفاته عنه، رحمهما الله وجزاهما خيراً عن جهودهما وعن كل من انتفع بها.

ثم قامت مؤسسات معاصرة تهدف لتحقيق التقارب بين المذاهب الاسلامية، وتأكيد الاجتماع على الوحدة الكلية للاسلام، في مقدمتها (دار التقريب بين المذاهب الاسلامية)، التي تأسست في القاهرة 1947، وكان من أركانها شيخان جليلان من شيوخ الأزهر هما الشيخ عبدالمجيد سليم (ت 1954) والشيخ محمود شلتوت (ت 1963) رحمهما الله، ومن علماء الشيعة كان الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1954)، وأمينها العام الشيخ محمد تقي الدين القمي (ت 1990) رحمهما الله، وصدرت عنها صحيفة (رسالة الاسلام) سنة 1949 التي توقفت عن الصدور نهائياً سنة 1972.

وقد قامت جمهورية ايران الاسلامية بترجمة منشوراتها الى اللغة الفارسية ونشرها.

وكان من ثمرات جهودها ان صار للفقه الجعفري بمكانه الى جانب المذاهب الاربعة لأهل السنة في دراسات الجامع الأزهر ثم جامعة الأزهر بعد ذلك. فاستندت تشريعات الأحوال الشخصية والميراث في مصر الى الفقه الجعفري وفقه المذهب الإباضي في بعض الأحكام. وصدر للفقيه الشيعي اللبناني الشيخ محمد جواد مغنية كتاب (الفقه على المذاهب الخمسة)، وهو يجمع بين المذهب الجعفري والمذاهب الأربعة المعروفة لأهل السنة في أحكام العبادات والأحوال الشخصية وكانت طبعته الأولى في سنة 1960، وعندي طبعته السابعة وتاريخها سنة 1982، ولا شك أن طبعات متوالية قد اعقبتها. ومن ناحية أخرى كان الشيخ محمد اطفيش رحمه الله قد نشر في مصر مبكراً كتاباً في فقه المذهب الإباضي هو (النيل شرح شفاء العليل) ثم صدرت في سلطنة عمان كتباً أخرى في المذهب مؤخراً.

ودعت مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية في لندن الى ندوة دولية للتقريب بين المذاهب في دمشق خلال شهر ابريل (نيسان) سنة 1999، وقد نشرت بحوثها ومناقشاتها في الكويت تحت عنوان (استراتيجية التقريب بين المذاهب الاسلامية)، كما تأسس (المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية) (2) وأصدر مجلة فصلية هي (رسالة التقريب) في عام 1994، وآزرت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو ISESCO) جهود التقريب بعقد ندوتين في عام 1991 وعام 1996 في مدينة الرباط، اسفرتا عن وضع المبادئ والأسس لتحقيق هذا الهدف، وأقر المؤتمر السادس للمنظمة في اواخر عام 1997 أن يكون في خطة عمل المنظمة (وضع استراتيجية مشتركة للتقريب بين المذاهب الاسلامية) على أن يقدم للمؤتمر العام السابع في اواخر سنة 2000.

وهكذا تتوالى الجهود في هذه السبيل المباركة معتصمة بحبل الله المتين: "قل هذه سبيلي، أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني، وسبحان الله وما أنا من المشركين".

وعلى الله قصد السبيل.

 

------------------------

1 - من الموضوعات المشاركة في المتلقى الدولي للتفاهم بين المذاهب الاسلامية الذي عقده المجلس الاسلامي الأعلى في الجزائر بين 11/12/13 / محرم 1423 الموافق (25/26/27/مارس 2002م.

2 - في سنة 1990 أمر قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام السيد علي الحسيني الخامنئي (حفظه الله) بتأسيس هذا المجمع الذي ضم في مجلسه الأعلى علماء ومفكرين من أقطار العالم الاسلامي على أختلاف مذاهبهم و جنسياتهم على أن يبقى المجمع مؤسسة عالمية لا تخص منطقة دون أخرى أو قطراً دون آخر، أو عنصراً دون عنصر.

ومن اهدافه السعي لتحقيق التفاهم بين العلماء والمفكرين والزعماء الدينيين في العالم الاسلامي، ويساهم في احياء و نشر الثقافة والمعارف الاسلامية، وتوسيع فكرة التقريب بين المفكرين والمثقفين ونقلها إلى الجماهير المسلمة لتوعيتها، ونشر مبدأ الاجتهاد واستنباط الاحكام الشرعية في المذاهب الاسلامية، والسعي لتشكيل جبهة موحدة امام الهجمة الاعلامية والثقافية.

ومن نشاطاته مؤتمر الوحدة الاسلامية: الذي يعقد سنوياً مابين الثاني عشر والسابع عشر من شهر ربيع الاول والذي يقترن بذكرى ميلاد الرسول الاكرم(ص).

ومن نشاطاته عقد ندوات تقريبية عالمية كندوة التقريب العالمية في مكة المكرمة والتي تعقد سنويا بمناسبة الحج وعقد ندوة التقريب العالمية في تركيا، والمؤتمر العالمي لذكرى مئوية السيد جمال الدين الاسد آبادي (الافغاني) ، والؤتمر العالمي للتقريب بين المذاهب في مدينة حلب، وعقد الندوة العالمية لذكرى السيد البروجردي والشيخ شلتوت، كما أسس المجمع جامعة المذاهب الاسلامية سنة 1992 لتبادل النظر والآراء بين الاساتذة والطلاب من المذاهب المختلفة.
 
 

مركز الصدرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية