المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين وجميع عباده
الصالحين.
الحمد لله على نعمه العظيمة، والشكر له على مننه المتتابعة التي تأتي في رأس
قائمتها الثورة الإسلامية المباركة ذات الدويّ العالمي، التي جعلت الكفر العالمي
يرتعد هلعاً ويحار كيف يطفئ بركانها الهادر الذي آلى على نفسه أن يفجر في كل بقعة
بركاناً ضخماً يجعل الطواغيت رماداً.
لقد ولدت الثورة الإسلامية الطاهرة بزعامة باعثها العملاق الإمام الخميني المجيد في
زمن لفّ الكفر المعمورة، وأخذ يمضغ رؤوس المسلمين بهدوء، وفي أحلى لياليه وأعذبها،
ومن أقوى قلاعه وأرحبها، وفي هدأة الفجر الساحرة المتمدد فيها الكفر في كل ناح، صرخ
الله في وجهه من إيران صرخة دمرت عليه وجعلت أعلاه أسفله وصار في قلب التيار المارد
لا تستقر يده ولا قدمه على شيء!
من أصغر بقعة في العالم من لبنان، وعلى أكبر مفسدين في الأرض؛ أمريكا وفرنسا
وإسرائيل، نهض الصابرون وثاروا، وبكى الكافرون ورقصوا رقصة الموت، ودسوا أنفسهم في
التراب متحصنين من الثائر الإسلامي، الناهج نهج الإمام الخميني الفقيه العادل الذي
أخذ بيد الفقيه لمركزه الذي اختاره الله له.
وعزّ على الكافرين والمنافقين والبلهاء الذين لا ينظرون أبعد من أنوفهم، عزّ عليهم
أن يروا المقصور على صلاة الجنائز وعلى صلاة الجنائز فقط من كل المهمات؛ فهكذا أقنع
الاستعمار الناس على الدين ورجاله؛ عزّ عليهم أن يروا الفقيه رسالياً حاكماً عادلاً
باعثاً في الشعوب حياة كريمة. وتصايحوا من كل ناح رافضين حكومة الفقيه طالبين سجنه
من جديد. وقامت المعركة بين مؤيد ومعارض؛ وحار الكثيرون من الذين انخدعوا ولم يدروا
أين يضعون أقدامهم؛ وانبرى كثيرون من المفكرين والعلماء فكتبوا المقالات والمؤلفات
وخطبوا وناظروا في هذا الموضوع الجليل، ولاية الفقيه وحكومته، موضوع الساعة، أخطر
موضوع في عصرنا على الإطلاق! وكان لزاماً على أرض الجنوب اللبناني، أرض عاملة منبت
العلماء الأحبار، أرض الجهاد والشرف الكبيرين، الأرض التي قهرت إسرائيل وأبكتها
وأرعبتها وكسرت شوكتها وأذلتها، ونكست رأسها أمام شعوب الدنيا، وفعلت ما عجز عن
فعله العرب مجتمعين منذ قيام دولة إسرائيل؛ كان لزاماً على أرض الجهاد أن تقول
كلمتها في هذا الموضوع الجليل، بعد أن عاشته نظرياً وعملياً وما زالت تعيش في رحابه
المجيدة، ولمست بركاته لمس اليقين. لابدّ من قول كلمتها بصدق وموضوعية، مرددة قوله
عز وجل: {الحق أحق أن يتبع}.
وقد اقتفينا في ترتيب البحث نفس الترتيب المذكور في إرشاد موضوعات المؤتمر الثاني
للإمام الثامن علي الرضا (صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الكرام)، متجنبين
الإسهاب في العبارة، متوخين الإكثار من الأدلة لدعم حق وإزهاق باطل. ونسأله عز وجل
التوفيق والقبول ونصر الجمهورية الإسلامية على أعدائها الطواغيت. نسأله عز وجل
تشييد ولاية الفقيه المعصوم، وغرس ثمارها وثورتها في كل الدنيا، حتى ترفرف راية
العدل والتوحيد في كل بقاع العالم.