القسم الأول: نظرية وحدة المرجعية والقيادة
تمهيد
إنّ البحث حول ولاية وحاكمية الفقيه في الإسلام يكتسب اليوم بعداً جوهرياً في تكوين
الحركة السياسية والإجتماعية للأمة. ولا يكتفي بهذا المقدار، وإنما يتعداه ليدخل
إلى عمق البناء النفسي لكل فرد.
فالإسلام الذي جاء لخلاص البشرية وانتشالها من مستنقع الجهل وحضيض الحيوانية لم
يكتف بعرض مجموعة من المعارف والأفكار لكي يفكر الناس من بعدها بوضع الطرق والمناهج
المناسبة لتطبيقها، بل قدم الطريقة العملية للتطبيق، معتبراً أن هذا الأمر ينبغي أن
ينبع من الإسلام نفسه. وبعبارة أخرى. عندما قدم الإسلام نظريته الشاملة للحياة طرح
في عمق هذه النظرية المنهج الأمثل للعمل وبيّن عدم إمكانية انفصال هذين البعدين إلا
على مستوى التحليل.
إنّ قول الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ}[1] يبين هذا التأكيد على الإتحاد العيني بين النظرية والتطبيق من
خلال اعتبار التارك للحكومة الإلهية كافراً على المستوى العقائدي.
فالإيمان الذي يعتبر أساس قبول الإسلام ومعيار القيمة والحساب:
{لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ
فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}[2].
لا يمكن أن يكون صادقاً إلا إذا تجلى بالعمل: (والإيمان لا يثبت إلا بالعمل)[3].
ومن جانب آخر، نجد أن الإسلام لا يقبل التجزئة بين أحكامه وتعاليمه بمعنى أن نقبل
ببعضه وننكر أو نترك البعض الآخر: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ
وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ
الْعَذَابِ..}[4].
ولهذا، يكتسب هذا البحث بعداً جوهرياً في أنه يمثل أحد أركان الفكر الإسلامي ويمتزج
بروح الطريقة التي يقدمها الإسلام كأساس لتثبيت الإيمان.
إنّ حاكمية الفقيه الجامع للشرائط هي التعبير الدقيق عن النظام السياسي للإسلام في
عصر الغيبة. هذا النظام الذي يرتبط بجميع أبعاد وجود الإنسان ارتباطاً لا يؤدي
انفصامه إلا إلى الخيبة والفشل. ويشهد على هذا التاريخ السياسي للمسلمين ومقولة
النبي الأكرم(ص):
(أول ما يضيع من الإسلام الحكم وآخره الصلاة).
فإن ضياع هذا البعد أو فقدانه لقيمته الإلهية يؤدي إلى ضياع أهم أركان المعنويات
وعمود الدين وهو الصلاة.
ومن هنا نتوجه إلى أحد معاني الآية الشريفة: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ
اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[5].
فإنكار الحكومة الإلهية يعتبر كفراً بالله والإسلام حتى مع ادعاء الإيمان بالله
ورسوله واليوم الآخر. وسبب ذلك يعود إلى التلازم الحتمي بين الإيمان بالله وقبول
حاكميته. وهذا إبليس الرجيم قد اعترف بخالقية الله:
{قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}[6].
إلا أنه اعتبر من الكافرين: {فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ
وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[7].
لأنه رفض السجود لآدم حيث أمره الله تعالى.
إنّ هذه الحادثة التي افتتحت بها حياة البشرية على الأرض تبين لنا أن مجرد الإيمان
بالله لا يكفي لنجاة الإنسان في الدنيا والآخرة، بل لابد أن يتجلى هذا الإيمان
بالإذعان لإرادته وحكمه، وإلا كان نفاقاً.
وفي عصرنا الحالي تتجلى الحاكمية الإلهية بمبدأ ولاية الفقيه، بحيث صار هذا المبدأ
معياراً لصحة إيمان المرء أو عدمه.
الإمام الخميني وولاية الفقيه:
إنّ هذا الكتاب الذي يمثل إحدى بركات نهضة الإمام الخميني(ره) يهدف إلى: إثبات هذا
الأصل وارتباطه بالإسلام كأساس لا يقبل الإنفصام، بالإضافة إلى بيان أهم الأبعاد
والثمار العملية لنظرية ولاية الفقيه ودورها في صياغة الشخصية الإسلامية الأصيلة،
وتوجيه المجتمع نحو الصلاح الحقيقي، والإجابة عن أكثر الأسئلة حساسية في هذا
المجال.
والحق أن ما سيأتي فيه مدين بكله للإمام الخميني(ره)، الذي لم يكتف بإثبات أصل
ولاية الفقيه من الناحية النظرية، بل قام بتثبيته عملياً من خلال إقامة الجمهورية
الإسلامية في إيران بقيادة الفقه والشريعة.
لقد أثبت الإمام بشكل فريد ضرورة حاكمية الفقاهة والشريعة وأحدث نقلة نوعية لا مثيل
لها على مستوى البناء الفكري والبنية الثقافية والنفسية في حياة المسلمين عامة
والشيعة خاصة.
فالإسلام الذي كان غريباً بين أهله، مجهولاً إلا رسمه، أصبح الطريق الأوحد للخلاص
عند ملايين المسلمين، وذلك عندما تجلى في التحدي الأكبر؛ أي الحكومة. ولم يكن هذا
ليحدث لولا الثورة الفكرية التي قام بها الإمام، وأثبت للجميع أن روح الإسلام لا
يمكن أن تظهر إلا من خلال إقامة الحكومة الإسلامية. ويمكن تقسيم حركة الإمام نحو
هذا الهدف إلى ثلاث مراحل هي:
المرحلة الأولى: إثبات ضرورة ولاية الفقيه وإقامة الحكومة الإسلامية المبنية على
حاكمية الفقيه.
المرحلة الثانية: تأسيس الجمهورية الإسلامية بعد الحركة الثورية الهادرة التي
اقتلعت عرش الطاغوت.
المرحلة الثالثة: إثبات الأبعاد الأساسية لولاية الفقيه وارتباطها بحقيقة الإسلام
وروحه التي تمثل الطريق الأوحد للوصول إلى الله سبحانه.
وقد لعبت المرحلة الثانية دوراً أساسياً في إقبال الملايين على تبني ولاية الفقيه
وقبولها لما ظهر من شخصية الإمام الخميني التي أعادت للأذهان والقلوب صورة الإمام
المعصوم وحاكميته.
أما المرحلة الأولى فإنها اقتصرت على الثلة المجاهدة الثائرة من العلماء والمجاهدين
الذين قادوا سفينة الثورة إلى شاطئ الإنتصار، حتى إذا ثبتت أركان الجمهورية
الإسلامية واستقرت قاموا بنشر مبدأ ولاية الفقيه على نطاق واسع وبالطرق العلمية
المختلفة.
أما الإمام، فقد كان نظره بعيداً جداً، ولم يكن همه الأخير أن يؤسس جمهورية
للمستضعفين، بل أراد أن يجعل الإسلام كله يحكم ويظهر بفلسفته العملية:
(والحكومة في نظر المجتهد الحقيقي هي الفلسفة العملية لكل الفقه في جميع أبعاد حياة
الإنسان)[8].
وبتعبير آخر، كان الإمام يريد أن يحقق المرحلة الثالثة، وهي الإنتقال من الجمهورية
الإسلامية إلى الحكومة الإسلامية. فبمجرد أن انتصرت الثورة المباركة عام 1979م حتى
بدأ السعي الحثيث للإمام لإعداد وتهيئة العلماء والأمة لقبول الثورة الكبرى وتحمل
مسؤوليتها، ثورة الإسلام وروحه العظيمة.
لكن الأحداث المؤلمة التي جرت[9]، وانشغال الإمام بمواجهة الحرب المفروضة، وإسراع
البعض إلى انتخاب الشيخ منتظري[10]. خليفة للإمام ومئات المصاعب الأخرى التي لم
تسمح للإمام بإظهار كافة الأبعاد المرتبطة بولاية الفقيه ومستقبلها كما تسنى له في
مرحلة ما قبل الثورة.
حتى إذا توقفت الحرب، وعلم الإمام بقرب الرحيل[11]، أسرع إلى عزل الشيخ منتظري ووجه
إلى العلماء والأمة مجموعة من البيانات المصيرية طالباً منهم أن يتحملوا كامل
المسؤولية تجاه هذا الأمر الخطير معتبراً أنه لا يمكن أن يتساهل بشأنه إطلاقاً[12].
ولم تمض سوى أشهر قليلة حتى فجع المؤمنون برحيل هذا الإمام العظيم الذي فجّر ينابيع
الشوق إلى العترة الطاهرة فأضحت سيولاً جارفة هادرة تسير بحركة العشق إلى صاحب
الطلعة الغراء عجل الله تعالى فرجه.
ماذا حدث بعد الإمام؟
وهل تحقق ما أراده السيد الأكبر؟
ما يمكن أن يقال هو إن الكثيرين من الأتباع لم يتسن لهم أن يتعرفوا بدقة على حقيقة
المرحلة الثالثة، ولكنهم بحمد الله ـ لم يتصرفوا خلاف ما أراده الإمام بشكل عام ولم
ينقلبوا على أعقابهم. فالجمهورية الإسلامية حُفظت مجدداً بمبايعة الفقيه والقائد
الصالح الإمام الخامنئي الذي حمل تركة ثقيلة وأمانة غالية ثمنها الآلاف من الشهداء
والتضحيات التي لا تقدر إلا في عالم اللوح المحفوظ. وكان على هذا القائد أن يحافظ
على خط الإمام ونهجه والثورة الكبرى في لجة أمواج البلاء العاتية والمحن الكبرى.
ما يمكن أن يقال أن الأمل كبير في أن تتحقق على يد هذا الإمام الثورة الكبرى التي
بدأها الإمام الخميني في المرحلة الثالثة. وهذا ما شهدت به الأيام اللاحقة عندما
بايعته الأمة مرة أخرى كمرجع ديني في المسائل الجزئية في الحياة.
هذه البيعة، وإن تأخرت ـ ولهذا الأمر أسباب عديدة سنتعرض لها ضمن هذا الكتاب ـ إلا
أنها مثلت حركة الوعي التكاملي نحو الإسلام العظيم.
أما هذا الكتاب فإنه سيركز البحث والكلام حول المرحلة الثالثة التي مازالت خافية
على الكثيرين ممن منعتهم الظروف المختلفة من القراءة الدقيقة لفكر الإمام الخميني
وتعاليمه في مرحلة ما بعد الثورة.
ومن الله التوفيق
[1] المائدة: 44.
[2] الأنعام: 158.
[3] الكافي: ج2.
[4] البقرة: 85.
[5] المائدة: 44.
[6] ص:76.
[7] البقرة: 34.
[8] نداء الإمام الخميني إلى العلماء ـ 15 رجب.
[9] استشهاد أهم أركان الثورة الفكرية أمثال مطهري وبهشتي.
[10] ذكر الإمام هذا الأمر وعبر عنه بأنه لم يكن لازماً: (رسالة اللوعة).
[11] راجع حديث الإنطلاق ـ حميد أنصاري.[12] أنظر بيان 15 رجب الموجه إلى علماء
البلاد.
الأسس الفكرية لمبدأ ولاية الفقيه
في المرحلة الأولى قام الإمام الخميني(ره)بإثبات مبدأ ولاية الفقيه كضرورة من
ضروريات الدين، وإخراجها من نطاق الأبحاث الفرعية التي تتبع رأي المجتهد.
أما المسلك الذي اعتمده الإمام ـ ويظهر في كتاب الحكومة الإسلامية ـ فقد كان بإثبات
هذا الأصل من الناحية العقلية واعتباره أمراً كلياً محيطاً بكافة الفروع العملية
للفقه الإسلامي، وأيضاً من خلال الطريقة الإجتهادية المتعارفة لكي يؤكد عدم
الإنفصام بين الولاية والفقاهة.
ثم أكمل الإمام المنحى الأول(العقلي) في المرحلة الثالثة لتتبلور النظرية بشكل
شمولي.
وبالنسبة للمنحى الثاني، فإن القسم الثاني من هذا الكتاب سيترجم البحث الذي أعده
الشيخ الفاضل جعفر كريمي كونه يشرح نظرية الإمام في هذا المجال بشكل ميسر وسهل.
أما في القسم الأول من الكتاب فإننا سنتعرف على طريقة جديدة لم نعهدها من قبل في أي
من الكتب التي تناولت هذا الموضوع، هذه الطريقة يمكن أن نطلق عليها اسم (روح
الإسلام). وقد وفقنا الله تعالى لهذا بمتابعة الإمام وتعاليمه إتباع الفصيل أثر
أمه. وألهمنا الرب المتعال هذه النظرية ببركة عشق الإمام الذي أخذ بمجامع القلوب
حتى صار اسمه وذكره، قوله وفعله يسري في الوجود كما تسري الروح في البدن، ولهذا قصة
أخرى.
وإنني أدعو الأخوة المؤمنين إلى تصفح هذا الكتاب وقراءته بتمعن ودقة لكي يتعرفوا
بشكل أكبر على عظمة هذا الإنسان الذي اشتعل وجوده بعشق الإسلام، وتفجر بركانه ثورة
كبرى ستبقى حتى قيام القائم بإذن الله.
ولاية الفقيه مسألة عقائدية وليست فقهية
إنّ البحث حول الولاية يشتق من ولاية الله(سبحانه وتعالى) التي يستدل عليها بالعقل
والفطرة من خلال الإعتقاد بوحدانية الله تعالى.
فالإيمان بوحدانية الله يستلزم الإعتقاد بالتوحيد في ربوبيته التشريعية والتوحيد في
ألوهيته سبحانه، بما يعني أنه لا يجوز تولي أو قبول سلطة وحاكمية أحد إلا الله.
أما الإيمان بالكمال المطلق لرب العالمين: الذات الجامعة للجمال والكمال على نحو
الإطلاق، فإنه يستلزم الإعتقاد بوجود الفيض من الله على نحو الإطلاق أيضاً ـ وإلا
فإننا نلصق صفة النقص والمحدودية به. وهذا يدلنا على ضرورة النبوة والإمامة لأنهما
تمثلان اللطف الواجب من الله تعالى: (كتب على نفسه الرحمة..).
فوجود النبي في حياة البشر ضرورة نتعرف عليها ونؤمن بها إنطلاقاً من اعتقادنا
الجازم بلطف الله وحكمته وعدله. هذه الصفات تتجلى ببعث الأنبياء والحفاظ على خط
النبوة الخاتمة بوجود الإمام المعصوم(ع).
وفي عصر غيبة الإمام المعصوم يبقى هذا اللطف واجباً لأنه من صفات الله الذي لا
تغيره الحوادث ولا تبدله الأزمان.
أي أن وجود فقيه يحفظ خط الإمامة والشريعة، ويقود الناس نحو الإمام الغائب ـ عجل
الله تعالى فرجه ـ يمثل هذا اللطف الذي لا يمكن الإستغناء عنه ـ وبما أن اللطف واجب
من الله لأنه الغني المطلق، فإن وجود مثل هذا الفقيه ضروري حتماً. وإن إنكار هذه
الضرورة مع الإلتفات إلى ما تستلزمه يعد إنكاراً لصفات الله المطلقة وهو على حد
الكفر بالله. وعلى هذا الأساس ذكر الإمام(ره)هذا الأصل في كتاب الحكومة الإسلامية:
(والدليل على ولاية الفقيه في عصر الغيبة هو الدليل نفسه الذي يثبت النبوة
والإمامة).
ولكن، لا ينبغي أن نقع في هذه الشبهة التي دارت حول الإمامة من قبل وهي:
(إنّ هذا اللطف لو كان واجباً من الله للزم أن يكون الإمام حاكماً على المسلمين،
بينما نجد أن أكثر الأئمة (ع) لم يحكموا ولم يتسلموا مقاليد الحكومة).
فإن ضرورة وجود الإمام لا تعني أن يجبر الله تعالى عباده على القبول بحاكمية الإمام
لأن الحكومة تقوم على أساس القبول والإختيار والمشاركة والمبايعة. بل تعني أن الله
لا يخلي الأرض من حجة له على الناس:
(اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجه)[1].
ويبقى دور الناس في أن يقبلوا فيفوزوا، أو يعرضوا فيهلكوا. وكذلك في مورد ولاية
الفقيه. فإن ضرورة وجود الولي الفقيه نصل إليها من خلال اعتقادنا الراسخ بأن الإمام
المعصوم لا يمكن أن يترك شيعته من بعده بدون حجة له عليهم. ولذلك ورد التأكيد في
الحديث المشهور عن إمام الزمان(عج) على ضرورة الرجوع إلى الفقهاء وحكومتهم، ولا
يعقل أن يأمر الإمام المعصوم بهذا الأمر مع هذا التأكيد والتشديد ولا يكون لأمره
متعلق واقعي.
أما الشيعة، فماذا فعلوا؟ وما هو تكليفهم؟ فلاشك في أن عليهم أن يكونوا على يقين
تام بأن رحمة الله وحكمة الإمام تستلزم وجود الولي الفقيه الجامع للشرائط، وأن
عليهم أن يبحثوا عنه ليبايعوه، ليكون ذلك خطوة أساسية باتجاه البيعة الكبرى في عصر
الظهور إن شاء الله تعالى.
المسألة الأخرى هي ما ذكره العلامة جوادي الآملي في كتابه حول ولاية الفقيه[2]، في
أنها:
فوق الأمر بالمذكور في سورة الشورى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[3].
لأن أمر الولاية والحكومة يتعلق بالأحكام الإلهية، ولا يحق لأحد أن يصدر الأحكام من
نفسه، بل أن مقتضى العبودية والتسليم لله أن يرجع العبد في هذا الأمر الخطير إلى
الله تعالى.
وبعبارة أخرى، لأن مسألة الحكومة في الإسلام تقف على رأس المسائل والأحكام لا يعقل
أن يترك الله عباده بدون تعيينها لهم. فهي من شؤون الفعل الإلهي وليست تابعة
لاجتهاد الناس أو انتخابهم.
وفي العقيدة يجري البحث حول صفات الله وأفعاله. وبما أن أصل الولاية على الناس من
شؤون الله فهو موضوع عقائدي حتماً. ويمكن اعتباره أصلاً من أصول العقيدة الإسلامية
كونه من اللوازم الحتمية للأصول الأخرى ولا يجوز أن نفرقه عنها.
وهكذا يمكننا أن نخلص إلى ما يلي:
1ـ أن أصل ولاية الفقيه ينبع من ولاية الله تعالى.
2ـ وأن ثبوت ولاية الله المطلقة لازم الإعتقاد بتوحيده.
3ـ لهذا فإن ولاية الفقيه تابعة للإعتقاد بوحدانية الله.
4ـ والإيمان بالله يستلزم الإعتقاد بلطفه المطلق.
5ـ وإن اللطف الإلهي يستلزم وجود ولي فقيه يحفظ خط الإمامة إلى عصر الظهور.
فعلى هذه الأسس إن أصل البحث حول ولاية الفقيه يعود إلى العقل وليس إلى النقل. أما
إذا اعتمدنا على النقل فهو من باب الشواهد والقرائن أو من جهة ثبوت عصمة من ننقل
عنه.
[1] نهج البلاغة
[2] ولاية الفقيه، جوادي الآملي، ترجمة المؤلف.
[3] الشورى: 38.
شبهة التعريف: الولاية أو المرجعية
مما يقال، في معرض الحديث عن الولاية والمرجعية، إن هناك ارتباطاً بين المسألتين،
ويذكرون وجوهاً للإرتباط بشكل أو بآخر.
وفي العالم الإسلامي نجد أن شبهة فصل السياسة عن الدين لعبت دوراً خبيثاً لإسقاط
قداسة الولاية. وقام البعض باللعب على الألفاظ لأجل تضليل الكثيرين. ولكننا من خلال
النظر في تعريف المقامين نعلم وجه الشبهة وحلها.
فالمرجعية: هي المقام الذي يرجع الناس إليه لمعرفة أحكام الله. لأنه يمثل المصدر
الشرعي القادر على استنباط الأحكام من منابعها الأصيلة.
أما ولاية الفقيه: فهي المقام الذي يرجع الناس إليه لمعرفة تكليفهم، حيث يمثل
المصدر الشرعي الذي يستنبط الأحكام من منابعها الأصيلة.
فهل نجد فارقاً بين هذين المقامين؟
وهل يجوز أن يكون الولي إلا مجتهداً مطلقاً جامعاً للشرائط؟
وهل يجوز أن يكون المرجع إلا مجتهداً مطلقاً جامعاً للشرائط؟
استخدام البعض الإختلاف في اللفظين(الولي والمرجع) لأهداف سيئة، سواء عن جهل أم
تعمد وذلك لإسقاط الولاية من مقامها المقدس.
فمن المعروف أن مقام المرجعية يعد من أهم المقامات المقدسة في نفوس الشيعة، وذلك
لقرون خلت، حتى صار محوراً أساسياً في حياتهم يتعرفون منه على أمور الحلال والحرام
ويرجعون إليه فيما يضلعهم من الخطوب والمرام. أما مصطلح(الولي الفقيه) فقد راج
مؤخراً ـ لأسباب علمية بالدرجة الأولى. وبتعبير آخر، إن دور المرجع على المستوى
السياسي والحكومي والذي يعبر عنه بالولاية هو الشيء الجديد على بعض الناس. ونظراً
إلى هذا التخصيص فقد ظن البعض أن الولاية شيء والمرجعية شيء آخر. فإذا قمنا
بالمقارنة الأولية دون أن نتعرف على معنى اللفظين، لن يكون للولاية في نفوسنا ما
للمرجعية من قداسة. وعندئذ يسهل إسقاط هيبة وقوة الولاية إذا ما أرادت أن تزاحم
المرجعية.
وبالفعل استخدم بعض المتسترين بالإسلام مثل هذه الشبهة لتحريف الأذهان عن فهم حقيقة
الولاية حينما اعتبروا أن الولاية شأن المجتهد. فإما أن يقول بها أم لا. وعليه
يتحدد تكليفه وتكليف مقلديه!
ولكن، بالنظر إلى تعريف ولاية الفقيه وشروطها ودورها نجد أنها عبارة عن المرجعية
الدينية في القضايا الأساسية كالمقدسات والأنفس والأعراض والأموال. وهذه الشؤون
والقضايا هي شؤون الحكومة.
بينما إذا أخذنا مفهوم المرجعية المتبادر في أذهان البعض فهو المرجعية الدينية في
القضايا الفردية، كالنجاسات والطهارات والصلاة والصيام.
ولا أحد يشك في أهمية وأولوية وحساسية الأمور المتعلقة بالولاية والحكومة إذا ما
قورنت بالقضايا الفردية.بل أنها تقدم على سائر الأمور الفردية عند التزاحم.كما قال
الإمام الخميني(ره):
(إنّ حفظ الجمهورية الإسلامية أوجب من جميع الواجبات حتى الصلاة).
هذا، مع أننا لا نوافق على التفريق في حدود المرجعيتين كما سنبين في طيات هذا
الكتاب. ولكن أولئك البعض، ورغم موافقتهم على ولاية الفقيه، إلا أنهم يشيرون بطريق
الغمز إلى مقام الولاية بعيداً عن الأمور الدينية العامة. أي بالرغم من الإعتراف
بولاية الفقيه، إلا أن الفقاهة عندهم ليست إلا صفة عارضة لا دخل لها في إصدار
الأحكام الولايتية.
كل هذا نشأ من شبهة التفريق بين السياسة والعبادة بالإعتبارات التالية:
أولاً: إنّ شأن الحكومة يعد أمراً إدارياً بحتاً(بالمعنى العلمي لا المذهبي).
ثانياً: عدم فهم حقيقة أهداف الحكومة الإسلامية والدور الذي ينبغي أن يقوم به
الحاكم الإسلامي من هداية المجتمع وقيادته وتطبيق جميع أبعاد الشريعة الإلهية.
ثالثاً: عدم فهم حقيقة العلاقة بين السياسة والعبادة.
فولاية الفقيه هي المرجعية في جميع الأمور التي لا يرضى الشارع المقدس بتركها. وعلى
هذا الأساس فإنها تشمل جميع أبعاد وجود الإنسان، لأن الله لا يرضى لعباده أن يتركوا
شيئاً من واجباتهم.
يقول الإمام الخميني(ره):
(والهدف الأساسي هو كيف نحكم الأصول الثابتة للفقه في عمل الإنسان والمجتمع، ونتمكن
من الحصول على جواب للمشاكل. هذا ما يخشاه الإستكبار، أي أن يكون للفقه والإجتهاد
بعد عيني وعملي ويمنح المسلمين قوة المواجهة).
وهذا ما ستبينه الصفحات التالية من الكتاب.
روح الإسلام
إنّ أهم الأدلة وأعلاها شأناً في مورد ولاية الفقيه ودورها ومسؤولية الأمة تجاهها
يمكن استخلاصها من الفهم الصحيح والشامل لدين الإسلام.
فإذا استطعنا أن نبني تصوراً واضحاً وشاملاً لدين الإسلام، الذي يمثل في جوهره
روحاً حقيقية مستقلة وقائمة بذاتها، فسوف نصل إلى تصور جميع المسائل المتعلقة
بولاية الفقيه بالبداهة.
وهنا يوجد مرحلتان قبل الوصول إلى الفهم الشامل والمستوعب لحقيقة ولاية الفقيه
وأبعادها:
المرحلة الأولى: التعرف على الإسلام بصورته الكلية.[1]
المرحلة الثانية: تطبيق هذه المعرفة على ولاية الفقيه.
وبهذه الطريقة تندفع عشرات الشبهات التي يمكن أن تطرأ، وتسقط الأوهام العالقة بهذا
البحث، ويعلم سبب بعد المسلمين عن هذه الوديعة الكبرى وعلة تفرقهم.
المرحلة الأولى:
لا يشك أحد من المسلمين أن الإسلام هو دين الله الذي أنزله على عبده ورسوله
محمد(ص)، وقد بلّغه بكل أمانة للعالمين، باعتباره الطريق الأوحد للوصول إلى الله:
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ..}[2].
وإن أهم مميزات هذا الدين الإلهي تبرز في الأبعاد التالية:
1ـ البعد الغيبي: وهو أنه من الله وليس من وضع البشر.
2ـ البعد الغائي: فالغاية النهائية للإسلام هي إيصال الإنسان إلى السعادة المطلقة.
3ـ البعد الشمولي: الإسلام يشمل جميع أبعاد وجود الإنسان بطولها وعرضها. بمعنى أنه
ما من شيء إلا ولله فيه حكم.
4ـ البعد التوحيدي: وهو الإرتباط العيني بين مسائله وأحكامه.
1ـ البعد الغيبي:
النص الأصلي للإسلام هو القرآن الكريم الذي ثبت بالدليل العقلي أنه من الله رب
العالمين وخالق كل شيء[3]. فهو المعجزة الباقية التي تبين تعاليم الإسلام ومبادئه
وأحكامه. وهو التعبير الكلامي عن الإرادة التشريعية لله.
فالعقل يثبت لنا وجود الله ووحدانيته ولزوم عبادته لأنه الإله الأوحد لهذا الوجود،
ولأن عبادة الله مغروزة في أعماق وجودنا.
ويثبت أيضاً ضرورة إرسال الأنبياء لبيان طريق عبادته والوصول إليه.
وقد أثبت العقل أن القرآن رسالة الله إلى الناس، فهي وحيه الذي أنزله على قلب النبي
الأمين ليبينه للناس أجمعين.
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[4].
وهذا الكتاب الشريف بيّن لنا أن طاعة الرسول والأئمة الذين هم أولي الأمر المعصومين
واجبة.
{أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}[5].
بناءً على هذا، فإن طاعة الله وإتباع أوامره لتحقيق مرضاته والوصول إليه لا يمكن أن
تتحقق إلا بإتباع القرآن الكريم وسنة المعصومين عليهم السلام.
وعليه، فإن جميع الأوامر الإلهية موجودة عند المعصومين(ع). وهم لا يخطئون في نقلها
وتطبيقها.
فالبعد الغيبي(وهو الإرتباط بالله الذي لا تدركه الأبصار). يظهر في الإسلام من خلال
طاعة المعصومين في كل شيء. والإسلام دين الله الذي لم يضعه البشر، وإنما حمله
الأمناء وقاموا بتبليغه وحفظه.
2ـ البعد الغائي:
إنّ التأمل في أحكام الإسلام وتعاليمه يهدينا إلى أنه رسالة تهدف إلى إيصال الإنسان
إلى أعلى درجات الكمال والسعادة. فما من فضيلة يتصورها الإنسان بعقله إلا ويدعو
الإسلام إليها، وما من رذيلة إلا وقد أمر باجتنابها. بل أن الإسلام فوق ما وصلت
إليه عقولنا القاصرة حيث دلنا على سعادة لم نكن لنتصورها أو نفكر بها، كذلك حذرنا
من شقاء لم نكن لنلتفت إليه لولا أن هدانا إلى معرفته.
وعلى هذا الأساس يمثل الإسلام طريقة الوصول إلى الغاية النهائية التي خلقنا لأجلها.
ولا يوجد أي طريق آخر يمكن أن يوصلنا إليها: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ
الإِسْلاَمُ}.[6]
3ـ البعد الشمولي:
إنّ الإعتقاد بالربوبية التشريعية لله ينطلق من الإيمان الصادق بحقيقة التوحيد. فلا
يجوز طاعة أو عبادة أحد إلا الله لأنه إله كل شيء، ولا معبود سواه يستحق العبادة.
حيث كل شيء فقير إليه. ومعنى العبودية الحقة هو أن يكون العبد مسلماً لله في كل
شؤونه وأحواله.
وعلى هذه القاعدة فإن رحمة الله تستلزم أن لا يترك عبده حائراً لا يهتدي إلى
عبادته، أي أن مقتضى الألوهية أن يعين المعبود لعبده كل ما يريد منه.
ويمثل الإسلام هذه الإرادة التشريعية للمعبود سبحانه. فهو الحامل لجميع أوامره
ونواهيه التي تشمل كافة أبعاد وجود العبد. فإذا قال قائل بعدم وجود أحكام لله في
مسألة ما، فهذا يدل على عدم فهم حقيقة الرابطة بين الإنسان وخالقه. لأن العبودية
تعني الطاعة في كل شيء، وهي تستلزم وجود أوامر في كل شيء.
ومعظم الذين أنكروا وجود أحكام إلهية في بعض مجالات الحياة، فبالإضافة إلى إنكارهم
التوحيد، ليس لهم نصيب من المعرفة بالأحكام الشرعية ولم يتذوقوا من روح الفقه
الإسلامي شيئاً.
إنّ التفصيل الدقيق في أحكام الطهارة والنجاسة ـ مثلاً ـ يحكي بوضوح عن اهتمام
الإسلام بأبسط مسائل الحياة وابتلاءاتها. فهل يعقل أن يترك هذا الدين الإلهي
الإهتمام بالشؤون المصيرية للإنسان، وهو الذي يمتلك رؤية كونية متكاملة وشاملة؟
فبدلاً من أن تكون هذه التفصيلات الدقيقة والمتشعبة للأحكام في الإسلام دليلاً
للبعض على ضرورة وجود أحكام إلهية في القضايا الكبرى، كالقضايا المعنوية والأخلاقية
والحكومية والإدارية. فإنهم انشغلوا بها واكتفوا بالبحث حولها ودراسة تفريعاتها حتى
صار أحدهم يفتخر بالوصول إلى القمة في أحكام الدماء الثلاثة[7].
4ـ البعد التوحيدي
وهو البعد الأشد خفاءً عند الكثيرين، والذي استطاع الإمام الخميني(ره) أن يميط
اللثام عنه، وبنى عليه قواعد ولاية الفقيه ودورها.
وحقيقته أن جميع أحكام الإسلام وتعاليمه ترتبط فيما بينها برابطة واحدة هي الرابطة
العينية.
ولأجل توضيح هذه الفكرة ينبغي أن نفرق بين مسألتين:
الأولى: العلاقة بين أحكام الإسلام.
الثانية: العلاقة بين أبعاد وجود الإنسان وشؤونه.
فإذا تناولنا أحكام الإسلام على حدة، نعلم أن لكل واقعة حكماً واحداً لا يتغير
بمقتضى القاعدة المشهورة:
(حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة).[8]
وهذا الحكم يسمى بالحكم الواقعي. ولا تناقض بين هذه القاعدة وقاعدة (الضرورات تبيح
المحظورات)، لأن الثانية لا تغير حكم الموضوع، وإنما يكون للموضوع بعد آخر.
فإذا أخذنا شرب الخمر مثلاً: نعلم أن حكم الشرع هو حرمة شرب الخمر في جميع الأحوال
إلا عند الضرورة. ولكن على أثر التبادر والإتفاق يقال: يحرم شرب الخمر، دون ذكر
الإستثناء لأنه من الأمور البديهية.
فلا شيء من الحكم تغير هنا، وإنما الموضوع هو الذي تغير مما يستدعي وجود حكم آخر
له.
والأحكام الواقعية هي التي يسعى الفقيه للوصول إليها من خلال الإجتهاد المعروف.
أما، إلى أي مدى يوفق المجتهدون في سعيهم؟
فلا أحد منهم يدّعي أنه وصل في جميع المجالات والفروع إلى الأحكام الواقعية
الثابتة[9].
والمسألة الثانية تتعلق بأبعاد حياة الإنسان، كالبعد السياسي والمعنوي والإقتصادي
والعسكري والإجتماعي والإداري و.. وهذا التقسيم نصل إليه من خلال النظر في طبيعة
حياة الإنسان وحاجاته.
وعمدة الشبهات في هذا المجال نشأت من جراء الخلط بين المسألتين، فاعتقد البعض بوجود
أحكام اقتصادية وأخرى سياسية وثالثة إجتماعية وهكذا..
وبدلاً من تطبيق الإسلام على الحياة قاموا بتطبيق أبعاد وشؤون الإنسان على الإسلام،
وكانت النتيجة عندهم أن للإسلام أحكاماً سياسية واجتماعية و...
وقد عبر الإمام (ره) عن هذا الأمر في العديد من المواضع حين أعلن أن الإسلام دين
كله سياسة أو أنه كله أخلاق وهكذا..
(والله.. إن الإسلام كله سياسة)[10]
(إنّ الدين الإسلامي دين سياسي، وكل أموره سياسية حتى العبادي منها)[11].
(إنّ أحكام الإسلام الأخلاقية سياسية أيضاً)[12].
والحق أن دين الإسلام عندما أراد هداية الإنسان إلى سعادته الكبرى أراده أن يسلك
بكل وجوده تحت ظل حكم الله وطاعته، دون ترك أي بعد خارج سلطان الله وإرادته.
ولذلك أدغم جميع الأبعاد والشؤون الإنسانية في قالب الحكم الواقعي، بحيث لا يمكن أن
نجد أي حكم إلهي إلا ويراعي جميع أبعاد الإنسان وشؤونه.
(الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى).
وحقيقة التربية الإلهية المودعة في الشريعة المقدسة هي التي تراعي الشمولية في كل
حكم من أحكامها. وكل حكم يكون له بعد سياسي وآخر إجتماعي وثالث صحي ورابع إداري و..
لا أن هذا الحكم يكون سياسياً والآخر عبادياً وهكذا.
والهدف وراء جميع التشريعات الإلهية هي تحقيق الإنسان بحقيقة العبودية، من خلال
الإمتثال لحكم الله، وبهذا الإمتثال يحصل الإنسان على التكامل على جميع الصعد
والأبعاد.
أما النظرة الأخرى فهي التي ترى أن هناك حكماً في البعد السياسي، فإذا طبقناه ـ
مثلاً ـ نحصل على التكامل السياسي. وهناك حكم في البعد الصحي فإذا طبقناه ـ مثلاً ـ
نحصل على التكامل الصحي..
ولكن، من خلال معرفة حقيقة التشريع القائمة على أساس العبودية وهي الخضوع التام
وترك الأنا والإنية، ندرك المعنى الأول بسهولة.
وعلى قاعدة أن الحكم الواحد له أبعاد مختلفة في جوهره، فإننا إذا عزلنا أحد الأبعاد
أو بعضها عنه، فإن النتيجة ستكون الخروج عن دائرة الحكم الواقعي حتماً. فنحن الذين
لا نشاهد أحياناً من الحكم إلا بعداً واحداً أو بعضها، أو يغلب علينا هذا البعد على
أثر العادة أو الدراسة المسبقة أو الإشتغال الجزئي..
إننا إذا نظرنا إلى الحج أو الصلاة ـ مثلاً ـ هل يمكننا أن نقول إنهما عبادتان
فرديتان. فما هو سبب الأمر الإلهي بوجوب الحج كل عام في زمن واحد، حيث يجتمع ملايين
المسلمين. أليس هذا لإظهار قوة الإسلام وعظمته؟ أليس هذا لكي يتداول المسلمون في
الأوضاع والهموم المشتركة؟ ولهذا قال الإمام الخميني(ره): (إنّ الحج بدون البراءة
من المشركين هو حج بلا روح).
وكذلك في مورد الصلاة، فإن صلاة الجماعة وصلاة العيد وغيرها من الصلوات التي تم
التأكيد فيها بدرجة كبيرة على الإجتماع، ألا يعتبر كل هذا بعداً إجتماعياً واضحاً
في العبادات الفردية.
والواقع أن الدخول في تفاصيل الأحكام يخرجنا عن الهدف من هذا البحث، وإنما نلفت نظر
القارئ الكريم إلى خطورة تجزئة الأحكام، لأنه يحرمه من الحصول على فيوضات وثمار
العبادات الشرعية بأكملها.
فمن الخطأ أن نقول إن الصلاة عبادة فردية، وإن الجهاد عبادة سياسية، بل أن الصلاة
عبادة جامعة لكل الشؤون والأبعاد الفردية والإجتماعية وكذلك الجهاد وكافة الأحكام
الإسلامية.
وعلى هذا الأساس فإن إقامة الحكومة الإلهية على الأرض تعد حكماً عاماً يشمل جميع
أبعاد الإنسان. وهو على رأس جميع الأحكام الإلهية لأنه أشمل منها جميعاً. وعظمة هذا
الحكم الشرعي الإلهي الذي يوجب إقامة الحكومة الإسلامية تتجلى من الجهتين:
الجهة الأولى: في شموليته لجميع أبعاد الإنسان.
الجهة الثانية: في حيطته لجميع الأحكام الأخرى كالصلاة والحج والصوم والجهاد
وغيرها.. ولهذا قال الإمام الخميني(ره): (إنّ حفظ الجمهورية الإسلامية أوجب من جميع
الواجبات حتى الصلاة). (إنّ حفظ هذه الجمهورية الإسلامية من أعظم الفرائض).
وعندما يتعمق الفقيه أو المتعبد بالأحكام الشرعية بحقيقة حكم الله في أي مجال فإنه
سيكتشف شيئاً فشيئاً، الأبعاد المختلفة فيه. وستظهر له تلك الشؤون المتعددة في قالب
الحكم الواحد. وعندها سيدرك معنى مقولة الإمام(ره):
(الإسلام سياسته عين عبادته وعبادته عين سياسته).
موقع ولاية الفقيه:
والآن، بعد أن اتضحت لنا الأبعاد الأساسية لدين الإسلام نستطيع أن نخرج بالنتيجة
التالية:
(إنّ الإجتهاد المطلوب هو الذي يسعى للوصول إلى الحكم الواقعي انطلاقاً من قاعدة
عدم الفصل بين الأبعاد المختلفة لوجود الإنسان وشؤونه).
فإذا مال الإجتهاد عن هذه القاعدة، ونظر إلى الأحكام الإلهية بعيداً عن هذه الوحدة
العينية (إجتماع جميع الأبعاد في الحكم الواحد) فإنه سيفقد أهم شروط صحته وسلامته.
أو لنقل إن احتمال وقوع الخطأ في الإجتهاد يصبح وارداً بنسبة كبيرة.
وذلك بالدليل التالي:
إن أي إنسان لا يستطيع أن يصل إلى الأحكام بدون الإجتهاد أو التقليد(أي الأخذ عن
مجتهد). وبالتالي فإن الإجتهاد هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحكم الواقعي في عصر
الغيبة.
وللإجتهاد شروط أساسية منها:
1ـ التمكن من القواعد الأصولية للإستنباط (ملكة الإستنباط).
2ـ الذائقة الفقهية.
3ـ معرفة الزمان والمكان.
4ـ معرفة اللغة العربية وعلم الرجال.
فالمجتهد هو الفقيه الذي عايش منابع الأحكام الشرعية وعرف لغتها وحصل على الأداة
اللازمة لاستخراج الأحكام منها وتطبيقها على موضوعاتها بعد تحديد تلك الموضوعات.
فمعايشة المنابع والمصادر الأصيلة هي الذائقة الفقهية.
والأداة اللازمة هي القواعد الأصولية المبنية على الفقه التقليدي (الجواهري)[13].
أما معرفة الزمان والمكان فهي التي تمكّن المجتهد من تطبيق الأحكام على موضوعاتها
المتغيرة بتغير الزمان والمكان. لأن هذين العنصرين هما الطريق لتحديد موضوعات
الأحكام.
وقد بين الإمام الخميني(ره) هذه الأصول في أكثر من موضع ودافع عنها بقوة، بل اعتبر
أن الخروج عنها غير مقبول إطلاقاً:
(أما فيما يتعلق بأسلوب تدريس وتحقيق الحوزات، فإنني أعتقد بالفقه التقليدي
والإجتهاد الجواهري، ولا أجيز التخلف عن ذلك. فالإجتهاد بنفس الأسلوب صحيح، إلا أن
هذا لا يعني أن فقه الإسلام غير متجدد. فالزمان والمكان عنصران أساسيان في
الإجتهاد)[14]
فهل يمكن أن نقبل بفقيه لا ينظر إلى القرآن الكريم كمصدر للتشريع؟! أو بفقيه لا
يعتبر الروايات مع كثرتها، أو يسقط من حسبانه بعض الجوامع الروائية المعتبرة؟!
ألا يعد ترك الفقه الجواهري والمنهج الأصولي التقليدي خيانة للأمانة العلمية أو
خيانة للإسلام كما عبّر الإمام؟!
إنّ النظر بلا مبالاة أو الإعتراض من بعيد على الطريقة الأصولية الرائقة في
الإجتهاد لا يعدو أن يكون أحد أثنين:
إما جهلاً بالتراث الغني والجهود العظيمة المتضافرة للفقهاء عبر مئات السنين:
وإما إغراضاً للقضاء على التشيع والفقه الجعفري.
ولا ننكر إمكانية وصول شخص ما إلى ملكة استنباط الأحكام الشرعية بدون دراسة ما وصل
إليه الفقهاء: فقيهاً بعد فقيه. فهذا ممكن عقلاً، بل ويؤيده الواقع التاريخي. فإن
الفقهاء الأوائل، أو فقهاء ما قبل عصر الشيخ الجليل مرتضى الأنصاري كانوا يتميزون
بصفة الفقاهة، وكان تقليدهم مبرءاً للذمة. وإلا للزم التسلسل وهو باطل. وربما يكون
أحدهم قد درس من الكتب معشار ما يدرسه الفقيه في عصرنا الحالي، أو لم يطلع إلا على
الروايات الشريفة في الباب الذي اجتهد فيه. ولكن اجتهاداً مثل هذا في عصرنا الحالي
لم يعد مقبولاً لسببين:
الأول: تعذر حصول الطمأنينة والبيّنة للمقلدين.
الثاني: إحتمال صدور الكثير من الأخطاء والشبهات التي تم جبرانها على مر السنين.
ولأجل التحقق من هذا النبوغ الإجتهادي ـ لو حصل لأحد العلماء ـ يحتاج العلماء إلى
رأي أهل الخبرة الذين بدورهم لا وسيلة لهم للتحقيق إلا من خلال الأبحاث الأصولية
والفقهية التي يقدمها هذا النابغة والتي تبين طريقته في استنباط الأحكام الشرعية.
فالمتوقع في مثل هذا، وعلى أحسن التقديرات، أن يقدم أبحاثاً تشبه الأبحاث التي كتبت
قبل مئات السنين(حيث أنه تجاوز مئات السنين من الأبحاث المتضافرة)، مما سيدل على
ضعفه أو عدم اطلاعه، لأن الأبحاث الموجودة بين أيدي أهل الخبرة أقوى وأكثر غنى. هذا
مع حفظ مقام السابقين الذين لولاهم لما وصل الفقه إلى هذا الغنى.
وفي حال ادعى أحد المقلدين حصول الإطمئنان في نفسه لمثل هذا الفقيه، فإن طمأنينته
غير معتبرة وغير مبرأة للذمة لأنه تجاوز رأي أهل الخبرة الذين هم حجة في خبرتهم.
ولهذا الأمر، كان تشديد الإمام الخميني(ره)على حفظ الفقه التقليدي الذي يمثل طريقة
عريقة للإستنباط، استفادت من تجارب السابقين ولم تهمل أي رأي أو فكرة، فوصلت إلى
هذا الغنى في أسلوب التحقيق والإجتهاد.
إنّ إهمال العالم لجهود من حوله فضلاً عن جهود السابقين لهو أدل دليل على جهله أو
سوء قصده. ولا يمكن أن نغفر للعالم ذلك، إذا كنا سنغفر للجاهل عدم التحقيق!
ولكن هذا لا يعني أن الإمام لم يحدث تطويراً تكاملياً في الفقه وأصول الإستنباط
بمجرد أن شدد على الطريقة التقليدية في الإجتهاد.
بل على العكس، كان الإمام صاحب ثورة فقهية بكل ما للكلمة من معنى. ومن المتوقع أن
تحمل إلينا الأيام الآتية أصداء هذه الثورة العظيمة التي قامت على أساس دراسة
الجهود السابقة والإستفادة منها.
إنّ أهم ما في هذه الثورة الفقهية هو تركيز الإمام على الشمولية والعمق والتأكيد
على ضرورة الإحاطة بظروف الزمان والمكان وأحوالهما.
فإن تحديد موضوع[15]الحكم يتصل مباشرة بهذين العنصرين، وذلك لأن المتغير في حياة
الإنسان هو الموضوعات وليس الأحكام. فالموضوع المشار إليه بحكم ما قد يكون في عصر
شيئاً ما وفي عصر آخر يتغير:
(فالمسألة التي كان لها حكم سابق يمكن أن تأخذ حكماً جديداً بسبب ما يتعلق
بالعلاقات الحاكمة على سياسة واجتماع واقتصاد نظام ما. بمعنى أنه من خلال المعرفة
الدقيقة للعلاقات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية للموضوع الأول الذي لا يبدو في
الظاهر مختلفاً عن السابق، نجد أنه أصبح جديداً في الواقع ولابد أنه يحتاج إلى حكم
جديد).[16]
ومن خلال هذا البيان نجد الإمام يؤكد على دخالة المعرفة السياسية والعلاقات
الإجتماعية والنظم الحاكمة في أصل الإجتهاد. وما لم يتابع الفقيه هذا التغيير الذي
يعد أحد مقتضيات الزمان والمكان، فإنه لن يتمكن من تحديد موضوعات الأحكام بدقة.
وعندما يصدر حكماً، فإنه سيكون متعلقاً بغير الموضوع المطلوب. وبالتالي لن يكون
اجتهاده متجهاً نحو الحكم الواقعي البتة.
إنّ هذه المعرفة التي يؤكد الإمام على وجوب تحصيلها من قبل المجتهد تدخل في الشروط
الأساسية للإجتهاد وكذلك في تقييم المجتهدين من ناحية الأعلمية أيضاً.
وبعبارة أخرى، إنّ المعرفة المذكورة تعد جزءاً من النصاب المطلوب الذي يعطي للمجتهد
أهلية الإجتهاد الواقعي. وعندما ننظر إلى هذا الشرط نجده متحققاً بأعلى صورة وأفضل
حالاته في الحاكم الإسلامي لأنه يعرف أكثر من غيره ظروف الزمان والمكان والعلاقات
الحاكمة عليهما. وسبب ذلك أنه لا يكتفي بقراءة الأخبار والصحف، ولا يكتفي بالإطلاع
على التقارير الواردة من الأجهزة المختلفة التي يديرها، بل يقوم بالتخطيط لهذين
العنصرين وإدارتهما، وبالتالي فإنه يعد أحد صانعي الشرطين المذكورين. عندما نلتفت
إلى هذه النقطة، ندرك أن الشخص الوحيد المؤهل لحيازة درجة الأعلمية في شرطي الزمان
والمكان هو الولي الفقيه المتصدي لقيادة الأمة الإسلامية، وبنظر الكاتب، يعتبر هذا
الأمر أحد أركان مبدأ عدم الفصل بين الولاية والمرجعية. وليس كما ذكر من البناء على
أن مصلحة المسلمين هي بتوحيد المرجعيتين، وإن كانت المصلحة أمراً حساساً للغاية.
ومن أهم ما في هذه الثورة الفقهية للإمام الرجوع إلى الأحكام الأولية للإسلام،
والتي تتجسد في الحكومة.
فمن المعلوم أن الأئمة الأطهار عليهم السلام لم يكونوا مبسوطي الأيدي في عصور القمع
التي عاشوها بين حكام الجور. ومن جانب آخر، كان لابد من الإجابة عن مسائل الإبتلاء
المتعلقة بعشرات الأمور الحكومية، فحكموا لشيعتهم بسلسلة من الأحكام الإستثنائية
على قاعدة الضرورات، كالأنفال والأخماس وغيرها..
ونظراً إلى تمادي عصور التنكيل ـ لا أعادها الله ـ تحولت هذه الأحكام الثانوية إلى
أحكام أولية في أذهان البعض. حيث اتجه الإجتهاد نحوها، ودار حولها لمئات السنين.
حتى إذا جاء الإمام الخميني(ره)وأقام صرح الجمهورية الإسلامية وأعاد إلى الفقه بعده
العملي الكلي المتجلي بالحكومة، أراد إرجاع الأحكام الأولية إلى حيز التطبيق
والعمل، ظن أولئك أن الإمام يصدر ومن موقع الولاية أحكاماً ثانوية، كما حدث في مورد
خمس المناجم في الدولة الإسلامية وإحياء الموات وأحكام الحج. أي أن ما كان حكماً
أولياً في الأصل ـ لأن الأصل هو وجود حكومة إسلامية وليس العكس . رجع مرة أخرى إلى
موقع الإجتهاد وليس من باب المصالح الطارئة.
وقد ازداد الأمر تعقيداً عند بعض المخلصين عندما وجدوا بعض الإختلافات في فقه
الإمام الخميني(ره)نفسه. كالإختلاف المتعلق بباب الخمس بين تحرير الوسيلة، والفتاوى
التي أصدرها الإمام بعد انتصار الثورة المباركة وتأسيس الجمهورية.
ونظراً إلى قداسة الرسالة العملية في أذهانهم، ونظراً إلى بعد المسافة والتواصل
وأسباب أخرى، بقي هؤلاء على رأيهم السابق ولم يلتفتوا إلى الأحكام الأولية التي
أصدرها الإمام.
والواقع أن الإمام كان يجري تغييراً جوهرياً في فهم وتحديد الموضوعات. لأن وجود
الدولة الإسلامية يلعب دوراً أساسياً في تحديد موضوعات الأحكام.
أما لماذا لم يغير الإمام أو يعدّل في المسائل المدرجة في (تحرير الوسيلة)، وهو
الأحرص على ذمة الناس، فمنها أن الأحكام الثانوية ما زالت تنطبق على طائفة كبيرة من
المسلمين خارج الجمهورية الإسلامية المباركة. ومنها الإنشغالات الكبرى التي تركزت
نحو صياغة الدستور وتعديله في نفس الجمهورية.
فبالإلتفات إلى ما ذكرناه يتضح أن الإمام لا يرى أي انفصال بين الولاية والمرجعية،
وذلك عندما تجتمع شروط الولاية من الفقاهة والكفاءة والتصدي والبيعة. وذلك بناء على
الأسس التالية:
أولاً: الولي الفقيه هو الوحيد الذي يقدر على التقدم نحو الحكم الواقعي، وذلك لأنه
يجمع كافة أبعاد وشؤون الإنسان في قيادته وإدارته للأمة والدولة.
ثانياً: الولي الفقيه هو الأعلم بظروف الزمان والمكان لأنه يدير هذين العنصرين
ويصنعهما.
ثالثاً: الولي الفقيه هو الأولى في تشخيص الأحكام الأولية للإسلام فيما يتعلق
بالدولة الإسلامية، لأن بناء الأحكام الأولية قائم على وجود دولة إسلامية وليس
العكس.
فهذه هي الأركان والمعالم الجديدة للمرجعية الشاملة للولي الفقيه التي تجعل منه
الفقيه الأوحد القادر على تعريف الناس بحقيقة تكليفهم في ظل وجود الدولة الإسلامية.
________________________________________
[1] أحيل القارئ العزيز إلى كتاب(الإسلام كما جاء)، للمؤلف.
[2] آل عمران: 85.
[3] لأجل التوسع ينبغي الرجوع إلى الكتب العقائدية المفصلة.
[4] النحل:44.
[5] النساء: 59.
[6] آل عمران: 19.
[7] وهي الحيض والنفاس، والإستحاضة عند النساء.
[8] الكافي: ج1.
[9] ومن هنا نجد الفقهاء يحتاطون في المسائل الشرعية.
[10] الكلمات القصار، للإمام الخميني.
[11] نفس المصدر.
[12] منهج الثورة الإسلامية، الإمام، ص 119.
[13] نسبة إلى الشيخ الجليل محمد حسن آل نجف صاحب كتاب الجواهر.
[14] بيان الإمام للعلماء ـ 15 رجب.
[15] موضوع الحكم هو الأمر الذي تدور حوله الأحكام الخمسة من الوجوب أو الحرمة أو
الكراهة أو الإستحباب أو الإباحة. كالدم فهو موضوع حكم النجاسة مثلاً.
[16] بيان الإمام للعلماء، 15 رجب.