الناس لم تتَّفق على النبيّ الواحد فكيف تتَّفق على المرجع الواحد


إن الاختلاف الحاصل في تعدد الآراء هو سُنة الحياة وأن هذا التعدد في الآراء له جوانب ايجابية أهمها أنه يجعل الساحة الفكرية غنية بالأطروحات ثم أن الناس وبما يمتلكون من أذواق وأمزجة مختلفة لم يجمعوا على إتّباع النبي الواحد الذي يمتلك العصمة الواجبة فكيف يمكن استقطاب وإجماع هؤلاء الناس حول المرجع الواحد وخاصةً أننا نعلم أن فتاوى الفقهاء لا تمثل بالضرورة أحكام الإسلام تماماً وكمالاً وذلك لأن الفقيه يجتهد بقدر ما يمن الله عليه من إصابة للحكم الواقعي فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله كفلٌ واحد من الأجر،أما الأحكام الواقعية للإسلام فهي منحصرة بالمعصومين عليهم السلام وبالتالي قد تكون للفقهاء إيجابيات وقد تؤشر عليهم بعض السلبيات وسواءً كانت تلك المؤشرات قصوراً أم تقصيراً فلا يجب التركيز عليها بهدف التعتيم على الجوانب المضيئة عند ذلك الفقيه وإلغاء كل إنجازاته وإيجابياته المثمرة لأنه لكل فقيه يوجد أتباع ومقلدين وأن محاولات الإسقاط والتشهير هذه ستؤدي إلى التحزبات والتعسكرات التي تؤول في النهاية إلى التشرذم والفرقة وإضعاف شوكة المسلمين بسبب تصّدع وحدة البنية الاجتماعية .
ثم أن عوام الناس ليس من تكليفها الشرعي وليس من مسؤوليتها نقد وإصلاح الفقهاء وأن هذا النقد البناء والإصلاح يشترط في جهات معينة يمتلكون صفاتاً محددة سوف أتعرض لها بعد قليل وأن الشيء الأهم الذي وددت أن أوضحه تحت هذا العنوان هو أن هذا التعدد والاختلاف يتيح أمام العوام عدة اختيارات في المناهج الفكرية والعبادية بما يتناسب مع توجهاتهم والرؤى والثقافات التي يتبنونها والتي بها يشعرون أنهم قد أدّوا ما عليهم من تكاليف شرعية أمام الخالق عز وجل .


 

              

 

الرئيسية