وَمضات و إلماعات خاطفة من سيرة أهل البيت ( ع )


على مر العصور بقيت القلوب تهفو ولهاً إلى عشق أهل البيت(ع) الذي يمثل أروع مصاديق العشق الإلهي وبقيت العقول ترنوا إلى سيرتهم المقدسة للاستضاءة بمشاعل نورهم الوضّاء وللشروع في أي اصلاح اجتماعي تجد نفسك وبشكل عفوي أنك تنهل من هذه السيرة العطرة لأنهم منارات الهدى وفيض الله ورحمته ،
و بإلماعات خاطفة لهذا النور الساطع سأذكر بما يناسب المقام إن الذكرى تنفع المؤمنين،وأنا هنا لا أطلب فقط من الإنسان المسلم أن لا يسيء إلى المجتمع بل أن يرتقي إلى مقام أسمى وهو مقابلة الإساءة بالإحسان وقد كان لأهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين الباع الأطول في تجذير ثقافة التسامح والتواضع والإيثار ونكران الذات في سبيل الله ووحدة المسلمين،فهذا الرسول الأكرم(ص)كان يومياً يرجع إلى أهله والدماء تسيل من أعلى رأسه إلى أسفل قدميه بسبب أذى كفار قريش ومع ذلك كان يقول((اللهم أغفر لهؤلاء القوم إنهم على جهالة لا يعرفون من أنا))وهذا أمير المؤمنين(ع) الذي جرى ما جرى عليه من إقصاء واضطهاد ونهب لميراثه وكسر لضلع الزهراء(ع) وبعد كل ذلك يقول(( لأسالِمَنَّ ما سلمت أمور المسلمين )) وهذا الإمام الحسن(ع)الذي كان يتصدى له أحد المبغضين يومياً فيتطاول عليه ويشتمه ويشتم أمه الزهراء(ع) فيرد عليه الإمام(ع)بقوله (( إنْ كانت أمي كذلك غفر الله لها وإن لم تكن كما قلت أنت غفر الله لك )) .
وهذا الإمام الحسين(ع)الذي رآه أهله وأصحابه يبكي ليلة العاشر من محرم ولما سئل عن سبب بكائه فأجاب((أني أبكي على هؤلاء القوم من أمة جدي سيدخلون النار بسبب قتلي))
فهذه ومضات خاطفة من سيرتهم المقدسة والمقام لا يسع للاسترسال ولذلك أقول أن مَن يدعي الانتساب إلى أهل البيت(ع)وأنه موال لهم وطالب لشفاعتهم ومتبرئ من أعدائهم فعليه أن يسير بسيرتهم ويهتدي بهديهم وإلا فيكون إدعائه زوراً وبهتاناً بل إنه أكثر من ذلك وأضّر لأنه سيسيء إلى مقامهم المقدس لأن الإمام الصادق(ع) يقول((إنكم إذا قلتم وإذا فعلتم لا يقولون أحسن فلان أو أساء،بل يقولون أحسن أدب جعفر أو أساء أدب جعفر فكونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا)).
فمن أراد أن يكون مصداقاً لمفهوم شيعة علي(ع) فعليه أن يحث الخطى جاهداً ليتصف بصفات أهل البيت عليهم السلام وأن يتشبه بهم بقدر ما يمن الله عليه من وسعٍ وطاقة وما أروع الشاعر حين قال:
وتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلهم
-
إنَّ التشبّه بالكرام جميلُ

وهناك الكثير من الصفات والمميزات التي يجب أن تتوفر في الإنسان لكي يرقى لأن يكون من شيعة أمير المؤمنين(ع) وهذه الصفات مذكورة وبشكل مهلهل في بطون أمهات الكتب وخصوصاً الأخلاقية منها وأذكر فقط منها ما ورد عن الإمام الباقر(ع)إذ يقول(( إنما شيعة علي(ع) المتباذلون في ولايتنا،المتحابون في مودتنا،المتزاورون لإحياء أمرنا،الذين إذا غضبوا لم يظلموا،وإذا رضوا لم يسرفوا بركةً على من جاوروا،سلمٌ لمن خالطوا))(تحف العقول/ص216) .
 

              

 

الرئيسية