شتم العلماء بين الغِيبة و البهتان


أرى من المؤلم ويعز علي بعد مرور أربعة عشر قرناً على بدأ الرسالة الإسلامية الخالدة أن نوجه في قضايا اجتماعية وأخلاقية من المفترض أنها أصبحت من مبادئ وبديهيات الأخلاق الإسلامية وكنا ولا زلنا نأمل من المجتمع الإسلامي أن يسعى نحو الرُقيّ والتكامل جيلاً بعد جيل لا أن يتسافل إلى الحد الذي يبلغ به التجرؤ على قياداته الشرعية من العلماء المسلمين والنيل من مقاماتهم المقدسة وكان الأولى بهم أن يصغوا إلى صوت الحق في كتابه الكريم الذي لا يسمح بمجرد القول السوء بغض النظر عمن يقصد بذلك السوء كقوله تعالى((لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً)) (النساء:148) ،بل وينهى الباري عز وجل عن كل ألوان السخرية والتنابز بالألقاب وذلك بقوله تعالى((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بالألْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) (الحجرات:11) ،
أما شتم العلماء فإنه إن لم يكن بهتان فهو غيبة على أقل التقادير لأن الغيبة كما عرفها رسول الله (ص)((الغيبة أن تذكر الرجل بما فيه من خلفهِ))(كنز العمال خ8014)، فكيف إذا لم يكن فيه ما تقول!،فيجيب الرسول(ص)على ذلك بقوله(0إعلم إنك إذا ذكرته بما ليس فيه بهته))(البحار/ج77ص89)،أما الذين يحضرون هذه المجالس ولا يردّون هذه الأباطيل فيقول عنهم أمير المؤمنين(ع)((السامع للغيبة كالمغتاب))(غرر الحكم) وقد ورد عن النبي (ص)إنه قال لأبي ذر (رض)(( يا أبا ذر إياك والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا))(البحارج77ص89)،وقد ورد عن أمير المؤمنين(ع)أنه قال:.((الغيبة جهد العاجز))(شرح نهج البلاغة ج20ص373) ،
أي أنها وسيلة الذين لا يستطيعون تقديم أي شيءٍ نافعٍ للإسلام والمسلمين .
وفي حرمة اغتياب المؤمن ورد عن الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق(ع) أنه قال((ومَنْ اغتابه بما فيه فهو خارج من ولاية الله تعالى داخل في ولاية الشيطان))(بحار الأنوار المجلد/75/باب الغيبة ح12)(الأربعون حديثاً/ص353).
بل ومجرد الاستماع إلى هذه الأباطيل يجعلك شريكاً في تحمل آثامها إذ ورد عن النبي (ص) أنه قال(المستمع أحدُ المغتابين))(المحجة البيضاء المجلد الخامس/كتاب آفات اللسان ص260)(الأربعون حديثاً/ص362)،
بل وأكثر من ذلك إذ أن النبي الأعظم محمد (ص) يوجب على المسلم التصدي للدفاع عن أخيه المسلم نصرةً له وبعكسه سيتحمل عقوبة وإثماً وخذلاناً في الدنيا والآخرة فلقد ورد عن الصدوق بإسناده عن جعفر بن محمد(ع) عن آبائه في وصية النبي(ص)لعلي(ع):.((يا علي من اغتيب عنده أخوه المسلم فإستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة)) (وسائل الشيعة المجلد الثامن/الباب156 من أبواب الأحكام العشرة ح1)(الأربعون حديثاً/ص363) ،
وعن عقاب الأعمال بسنده عن النبي (ص) أنه قال(( من رَدّ عن أخيه غيبةً سمعها في مجلسٍ رد الله عنه ألف بابٍ من الشر في الدنيا والآخرة فإن لم يرد عنه وأعجبه كان عليه كوزر من إغتاب)) (وسائل الشيعة / المجلد الثامن/الباب 156-من أبواب أحكام العشرة ح5) ( الأربعون حديثاً/ص363).
علماً أن أكثر ما يتبجح به هؤلاء الذين يتجرأون ويتطاولون على العلماء وأتباعهم ما هي إلا إشاعات مغرضة ومندسة من قبل الدوائر الإستكبارية وأذنابها في المنطقة التي لطالما حاولت إسقاط هيبة وسطوة العلماء في نظر ونفوس الجماهير لتحطيم هذه العلاقة القدسية التي أقضت مضاجع الإمبريالية العالمية وأفشلت الكثير من أطروحاتهم التوسعية وما أروع أمير المؤمنين(ع) الذي يميز بين الحق والباطل بكل بساطة ويُسر من دون الخوض في مفاهيم فلسفية معمقة أو استدلالات أصولية مركبة إذ يقول(ع)((الباطل تقول سمعتُ والحقّ تقول رأيت))(التفسير المعين/251)،ويقول البارئ عز وجل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات:12).

 

              

 

الرئيسية