لا تَلعن الظلام إشْعل شمعة


لا يختلف معي أحد على قصر عمر الإنسان وضئالة أعماله ، فما هذه الحياة الدنيا إلا ومضات خاطفة تمر علينا كلمح البصر وفي العالم المثالي سنرى هذه الدنيا على حقيقتها يوم يرونها كأن لم يلبثوا فيها إلا عَشيّةً وضحاها ولقد ورد في الحكمة أن العمر القصير والعلم كثير فخذ من كل علم لبابه وكذلك القول والعمل منه الصالح ومنه الطالح فأختر من كل قولٍ وفعلٍ أنفعه فإن لم تجد فالصمت بك أولى ولك أزكى وما أروع الرسول الأعظم محمد(ص)إذ يقول(( مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت))فهناك فئة من الناس يا حبذا لو أنهم يقدمون بدائل أصلح للواقع الذي يرونه فاسداً من وجهة نظرهم وإنما هم يشحذون ويستنفرون كل طاقاتهم لإفشال نجاح الآخرين أو إسقاطهم اجتماعياً وتوجيه النقد الهدام بشتى الوسائل الشرعية منها وغير الشرعية لمجرد أنهم يختلفون معهم في الفكر والتوجه ومن دون تقديم واقع أفضل وهؤلاء يصطلح عليهم بالاصطلاح السياسي اسم(النهلستيّون)أي العدميّون الذين يدمرون ويحطمون كل ما يرونه فاسداً من دون تقديم بدائل أنفع فأقول لهؤلاء أن هناك شخصان فقط لا يخطئان وهما كل من الإمام المعصوم(ع)والصنف الآخر هو الذي لا يعمل فكل من يعمل يخطئ تارةً وتارةً أخرى يصيب فالمهم في العمل هو درجة الإخلاص والتقوى وليس المهم نتائجه ولذلك قال الشاعر:

على المرء أنْ يسعى بمقدار جهده      وليس عليه أنْ يكون موفَّقاً

ومن هذا نفهم ما ورد عن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين بأن المهم في كل السكنات والحركات أن تكون خالصة لوجه الله تعالى وعلى أثر ذلك يكون لكل مجتهد نصيب فإن أصاب فله كفلان من الثواب وإن أخطأ فله كفلٌ واحد، وعليه أقول أن الساحة الاجتماعية والفكرية وحتى الحوزوية تتسع للجميع فإن رأى أحدكم أن هناك انحراف أو فساد في اتجاه معين فليقدم ما يراه أنفع وأنسب وأصلح من دون إسقاط الآخرين فالخالق عز وجل مُطَلِعْ على الجميع وهو يعز من يشاء ويذل من يشاء ويرفع من يراه أصلح لدينه ولخلقه ويحطم من يراه ضاراً لدينهِ وعدواً لخلقهِ والله يُمهلِ ولا يُهمل وكذلك سيتضح للمجتمع ولو بعد حين، من عمله كان لله فينموا،ومن عمله كان للدنيا وملذاتها وحطامها ، فإعمل خالصاً لوجه الله واترك الحكم للواحد القهار وما أروع الحكمة التي وردت على لسان أحد الفلاسفة إذ يقول ((لا تلعن الظلام أشعل شمعة)) .
 

              

 

الرئيسية