مؤلفات الإمام الشهيد السيد محمد صادق الصدر ( قدس سره)

كتاب فقه الطب لسماحة السيد الشهيد محمد صادق الصدر

القسم الثاني : مع المريض :: كتاب الطهارة :: موجبات الوضوء :: الوضوء :: أسباب غسل الجنابة :: كيفية غسل الجنابة :: أحكام الحيض :: أحكام النفاس :: الاحتضار :: الغسل :: بقية التجهيز :: غُسل مسّ الميت :: مسوّغات التيمّم :: كيفية التيمم :: النجاسات :: المطهرات :: كتاب الصلاة ::أفعال الصلاة :: مبطلات الصلاة


القسم الثاني
مع المريض

أعني ما يعود إلى التكليف الشرعي للمريض من ناحية طبية
وهو مقسّم بإعتبار عدد من الكتب الفقهية
كتاب الطهارة
فصل
في المياه
1. لا يشترط في جواز شرب الماء أن يكون معقماً ومصفى ، بل يجوز شربه مطلقاً ما لم يؤد إلى ضرر عاجل معتد به ، فيحرم . أما الضرر البطئ الناتج من شرب الماء غير المصفى مثلاً ، فلا دليل على حرمته .
2. نجاسة الماء لا تعني كونه غير معقم أو أنه مضر صحياً ، بل قد يكون معقماً ونجساً ، لأن النجاسة حكم شرعي تعبدي لا ربط لها بالتأثير الصحي .
3. نعم ، قد تكون نجاسة الماء بتغير أحد أوصافة : اللون أو الطعم أو الرائحة ، مثالاً على الربط المشار إليه ، إلا أن الواقع خلافه أيضاً ، لإمكان بقاء الحكم بالنجاسة حتى بعد زوال التغير .
4. يحرم الأضرار بالمياه العامة كالأنهر والبحيرات ونحوها ، بحيث تسقط عن إمكانية الاستفادة من جانب منها فضلاً عن الجميع . ولكن التلويث غير المضر لا دليل على حرمته .
5. وأما تلويث المياه المملوكة فهو حرام مطلقاً أعني سواء كان مضراً أم لا ، لأنه تصرف بمال الغير بغير إذنه .
6. الملوحة الموجودة في ماء البحار أو الآبار لا تعني أنها مياه مضافة . كما لا تعني نجاستها أوعدم جواز التطهير بها من الحدث والخبث ، وكذلك شربها أو استعمالها في أي مورد كالطبخ أو التداوي . فحكمها حكم الماء الصافي تماماً .
7. الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر ، يعني الذي تم التوضؤ به طاهر في نفسه مطهر لغيره . وأما المستعمل في رفع الحدث الأكبر بالغسل ، فهو طاهر في نفسه ، ويجوز استعماله في رفع الخبث وفي الوضؤ وفي الأغسال المستحبة ، والأحوط عدم استعماله في الأغسال الواجبة .
8. ماء الاستنجاء وإن كان ملوثاً بالمفهوم الطبي ، إلا أنه طاهر شرعاً بشروط :
أولاً : أن لا تكون فيه أجزاء متميزة من النجاسة على الأحوط .
ثانياً : أن لا يتعدى الغائط المحل .
ثالثاً : أن لا تصيب الماء نجاسة من الداخل أو من الخارج ولو من نفس النوع أو من نفس الشخص ، والكلام إنما في الماء القليل ، وأما لو كان معتصماً فلا إشكال في طهارته ما لم يتغير .
رابعاً : أن لا يصيب أحد المخرجين نجاسة من المخرج الآخر .
خامساً : أن لا يتغير بالنجاسة .

فصل
في موجبات الوضوء

وهي أمور :
9. الأول والثاني : البول والغائط من الموضع المعتاد ، سواء كان طبيعياً أو طارئاً بعمل الجراحة وقد أصبح معتاداً . وكذلك الخارج من المحل الطارئ إذا صدق أنه خارج بفعله . وإلا لم ينقض .
10. البلل المشتبه المردّد بين البول وغيره من الرطوبات الطاهرة ، بحكم البول إن كان قبل الإستبراء بالخرطات ، وإلا حكم بطهارته .
11. الثالث : خروج الريح من الدبر الطبيعي سواء كان بفعله أم لا ، وسواء سمي بالاسمين المعروفين أم لا . وإذا لم يكن الموضع معتاداً فإن كان بفعله وبالاسمين نقض ، وإلا فلا .
12. الرابع : النوم الغالب على الحالتين : السمع والبصر بمعنى فقدان شعوره بواقعه بالمرة ، وهو ما يسمى بالإغفاء . فإن كان دون ذلك لم ينقض وإن فقد الحاستين ، بل وإن رأى بعض الأحلام الخفيفة ، وإن كان الاحتياط المؤكد خلافه عندئذ .
13. ومثل النوم في الحدث : كل ما غلب على العقل من سكر أو إعماء أو تخدير ونحوها ، وفي إلحاق الجنون به وجه احتياطي . وأما إذا لم يغلب السكر والإغماء على العقل . وعلامته إمكان التفاهم ولو قليلاً ، لم ينقص .
14. الخامس : الإستحاضة بكل أنواعها سواء أوجبت غسلاً أم لا .
15. السادس : الحدث الأكبر بكل أنواعه ، فإنه ناقض للوضوء ، كما هو ناقض للغسل ، غير أن الغسل منه ، يجزي عن الوضوء مطلقاً .
16. يستحب للرجل الاستبراء من البول بالخرطات ، بأن يمسح ثلاثاً بضغط خفيف من المعقد إلى أصل القضيب، وثلاثاً تحت القضيب من أصله إلى رأسه بضغط خفيف أيضاً ، ثم يعصر الحشفة أو ينترها ثلاثاً ، وأثره الشرعي : الحكم بطهارة البلل المشتبه المردد بين البول وغير المني . ولا استبراء على النساء ، والبلل الخارج منهن محكوم بالطهارة إلا مع الاطمئنان بكونه بولاً .

فصل
في الوضوء

وأحكامه مسطورة في الفقه ولا مجال لتكرارها ، ولكننا نختار هنا ما هو أقرب للحالة الصحية أو الطبية للإنسان .
فمن ذلك : أحكام الجبيرة :
وهي – في اللغة - الألواح الموضوعة على الكسور ، ويلحق بها القماش والدواء الموضوع على الجروح والقروح والحروق ونحوها .
17. إذا تمكن من نزع الجبيرة وغسل ما تحتها من الجلد المصاب أو بغمسها في الماء ، بدون ضرر صحي ، وجب ذلك .
18. وإذا تمكن بدون ضرر من تكرار الصب على العضو الملتف بالجبيرة حتى يصل الماء إلى البشرة بشكل يصدق عليه الغسل ، وجب ذلك وأجزأه ، إن كانت البشرة طاهرة .
19. وإذا لم يتمكن من ذلك كله ، لخوف الضرر أو لعدم التمكن من إزالة النجاسة الملتصقة ، مسح على الجبيرة بالماء ، على نحو يصدق عليه الغسل ولو بأقل مراتبه ، على الأحوط .
20. الجرح أو أية إصابة مكشوفة ، مما لا يمكن غسله ، يجوز الاكتفاء بغسل ما حوله على الأقوى . والأحوط استحباباً مع ذلك وضع خرقة عليه والمسح عليها .
21- وإذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو كامل أو لكل الأعضاء عدا اعضاء التيمم ، فالأحوط الجمع بين التيمم والوضوء الاضطراري . أما لو كانت الجبيرة على أعضاء التيمم أو بعضها ، مضافاً إلى باقي أعضاء الوضوء بحيث لا يمكن التيمم على البشرة ، تعين عليه الوضوء المذكور من غير تيمم وإن كان أحوط .
22- إذا استوعبت الجبيرة من العضو مقداراً زائداً على محل الكسر أو الجرح . فإن كان مما تستوعبه الجبيرة عادة أو يحتاج إليها طبياً لحقه حكمها . وإلا فإن أمكنه كشف المقدار الزائد بدون ظن ضرر ، كشف عنه وغسله في موضع الغسل ومسحه في موضع المسح . وإن لم يمكن ذلك مسح على الجبيرة ، وضم إليه التيمم أيضاً على الأحوط .
23- يكفي في الجبيرة الواقعة في محل الغسل مسحها كحال الوضوء الاعتيادي ، والواقعة في محل المسح مسحها كحاله أيضاً .
24- لا جبيرة على الرمد الذي يضر معه الوضوء ، بل يتعين التيمم . إلا إذا كان محتوياً على إصابة أخرى كقرحة أو جرح ، فيشمله حكم الجبيرة .
25- المانع الذي لا يمكن معه إيصال الماء إلى البشرة ، كالقير وبعض الأصباغ ، ولم يمكن إزالته إلا بحرج شديد ، حكمه حكم الجبيرة على الأقوى . والأحوط ضم التيمم إليه ، وخاصة إذا كان السبب حاصلاً بعد دخول الوقت .
26- الجبيرة على الماسح بحكم البشرة ، فيجب المسح ببلعها من غير استئناف ماء جديد .
27- حكم التيمم مع الجبيرة حكم الوضوء ، وكذلك الغسل .
28- يجوز لصاحب الجبيرة المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها ، مع يأسه من البرء إلى نهاية الوقت ، ويجوز له أيضاً المبادرة إليها برجاء المطلوبية الناتج من أحتمال عدم البرء . وعلى كلا الحالين لو ارتفع العذر خلال الوقت ، فالأحوط له إعادة الطهارة والصلاة ، والأحوط له على كل حال وخاصة مع احتمال البرء تأخير الصلاة إلى حين اليأس أو ضيق الوقت .
ومن ذلك : أحكام التشويه الخلقي أو العارض .
29. بالنسبة إلى تحديد المغسول من الوجه يرجع غير مستوي الخلقة إلى المستوي فيها ، كما لو كان طويل الأصابع أو قصيرها أو كان أغم قد نبت الشعر على جبهته ، أو كان أصلع قد إنحسر الشعر عن مقدم رأسه كلياً أو جزئياً . وأما غير مستوي الخلقة لكبر الوجه أو لصغره ، فيجب عليه غسل ما دارت عليه الوسطى والإبهام المتناسبتان مع ذلك الوجه .
30. من له رأسان ، فإن كانا شخصين بشعورهما الذاتي ، وجب على كل واحد غسل الوجه الخاص به ، وإن كان شخصاً واحداً ، فإن كان احد الرأسين أو الوجهين أوضح أو أقوى خلقة من الآخر ، اجتزأ عليه غسلاً ومسحاً وترك الأخر . وإن كانا متساويين في القوة والضعف وجب غسلهما ومسحهما معاً احتياطاً ، وإن كان للإجتزاء في غسل أحدهما وجه.
31. من كان له وجهان في رأس واحد ، شمله حكم التساوي أو الأختلاف في الخلقة الذن ذكرناه في المسألة السابقة .
32. من كان له وجهه زيادة عن الخلقة الطبيعية وجب غسلها ضمن الوجه ، ومن كان في وجهه نقيصة كالعين الممسوحة إقتصر على غسل الموجود .
33. من كان له يد زائدة من الكتف في أحد الجانبين أو كليهما . فإن اختلفت في قوة الخلقة ، وجب غسل الأقوى فقط ، وإن تماثلا وجب غسلهما معاً مخيراً في تقديم أيهما شاء .
34. من كانت له ذراع زائدة من فوق المرفق ، فإن تشابهتا في الخلقة وجب غسلهما معاً ، وإلا غسل الأقوى أو الأصلية وترك الزائدة .
35. من كانت له ذراع زائدة من المرفق أو دونه أو كف زائدة أو أصبع زائد وجب غسل كل ذلك .
36. مع وجود الزوائد التي أشرنا إليها ، فإن تعين الأقوى غسله ومسح به ، وإلا وجب غسلهما والمسح بهما معاً .
37. لو قطعت اليد من فوق المرفق سقط غسلها والمسح بها . وكذا إن قطعت من المرفق تماماً . ولو قطعتا معاً اقتصر من الوضوء على غسل الوجه على الأحوط ولو قطعت مما دونه ولو قليلاً أو كان المقطوع كفه أو أصابعه أو بعضها ، وجب غسل الباقي ، فإن بقي في الكف ما يصدق تعه المسح ولو براحة اليد أو بأصبع واحد وجب ، وإلا سقط .
38. من كانت له قدمان في رجل واحدة ، فإن بانت الأصلية وجب مسحها دون الأخرى ، وإلا وجب مسحهما معاً .
39. من كان له بدنان على حقو واحد ، إختص كل منهما بوجهه ويديه ووجب عليهما معاً مسح القدمين .
40. من قطعت قدمه أو قدماه وحدهما ، أو مع الساق أو جزء منه سقط مسح المقطوع . ومن قطع جزء من قدمه ، فإن بقي منه جزء يصدق معه المسح طولاً أو عرضاً ، وجب المسح وإلا سقط أيضاً
41. مع تغيير البشرة أو بضعها بعملية جراحية أو نحوها ، في مواضع الغسل أو المسح من الوضوء ، وجب المسح على البشرة الموجودة .
42. من كان له عظم ظاهر في موضع الغسل ، وجب غسله على الأحوط ، بخلاف من كان له عظم ظاهر في موضع المسح فإن مسحه مبني على الاحتياط الاستحبابي ، بل إن الاجتزاء بمسحه مشكل .
43. من كان له جرح جاف في موضع الغسل ، وكان داخله واضحاً للعيان ، وجب غسله على الأحوط وجوباً بخلاف ما إذا كان مثله في موضع المسح . ويستمر هذا الحكم حتى يندمل أو يضيق بحيث لا يصدق على داخله أنه من البشرة الظاهرة .
ومن ذلك : النظر في بعض شرائط الوضوء .
44. يجب رفع ما يمنع وصول الماء إلى البشرة أو تحريكه كالخاتم ونحوه وكذلك الأدوية اللاصقة مع الإمكان . ولو شك في وجود الحاجب جاز البناء على عدمه ، وخاصة مع سبقه بالعدم . ولو شك في شيء أنه حاجب أم لا ، وجب إزالته وإيصال الماء إلى ما تحته ، ما لم يطمئن بعدم مانعيته .
45. يجوز استعمال الماء المطلق المخلوط بغيره من التراب أو الطحين أو الصابون ، بحيث لا يخرجه عن الإطلاق. يجوز استعماله في الوضوء وغيره وكذلك الماء غير المعقم ، ما لم يظن إفضاؤه إلى ضرر معتد به .
46. من كان غير قادر على الموالاة في الوضوء ، لضعف شديد أو حر شديد أو برد شديد أو غير ذلك ، فإن كان مع انحفاظ صورة الوضوء نسبياً ، لزم ، وإلا فالأحوط له أن يوالي بمقدار استطاعته ثم يتيمم .
47. دائم الحدث بحيث لا يستقيم له وضوء كامل إلا في خلاله الحدث . سواء كان هو السلس أو البطن أو الريح أو النوم . فإن استقام له التيمم مع المبادرة إلى الصلاة ، وجب باعتباره أقصر زماناً ، وإلا كان فاقداً للطهورين . والأحوط به وجوباً إنجاز الوضوء بحاله مع المبادرة إلى الصلاة
48. من كان غير قادر على إجراء الماء على أعضاء وضوئه ، بعدم إمرار اليد أو غيرها عليها ، إما لضعف شديد أو لكونه مقطوع الكفين ، أمكنه استغلال تدفق الماء من الحنفية أو نحوها لإجرائه على أعضاء وضوئه ، ما عدا اليد اليسرى فإن الاقتصار على الماء القليل عليهما أحوط ، فإن لم يتمكن حتى من ذلك انتقل حاله إلى التيمم .
49. من كانت بعض أعضاء وضوئه متنجسة دون أعضاء التيمم وجب تطهيرها قبل مباشرة غسلها أو مسحها . والأحوط التطهير قبل البدء بالوضوء كله ، فإن عجز عن التطهير للضعف ونحوه انتقل فرضه إلى التيمم . وكذلك إن عجز عنه لقلة الماء ، بن كان له ماء واحد قليل ، إما أن يصرفه بالتطهير أو بالوضوء ، وإما إن كانت أعضاء وضوئه وتيممه متنجسة ، فإن كان عجزه عن التطهير للضعف كان فقداً للطهورين ، والأحوط له المبادرة إلى التيمم رجاء المطلوبية مع جفاف أعضائه . وإن كان عجزه لقلة الماء ، أمكن صرفه في التطهير ثم التيمم .

فصل
في أسباب غسل الجنابة

والسبب أمران ، هما الإنزال والإدخال ، كما هو مسطور في محله .
50. لا فرق في سببية المني للحدث بين أن يكون خارجاً في يقظة أو نوم ،أو يكون خارجاً في صحة أو مرض أو يكون خارجاً بالإرادة أو القهر ، أو يكون خارجاً بالملاعبة أو عدمها ، أو يكون خارجاً بالحلال أو الحرام أو يكون حاصلاً على العلامات المعتبرة ، وهي الدفق والشهوة وفتور الجسد ، أم لا ما دام معلوم المنوية أو مطمئناً منها . وكذلك لا فرق بين أن يكون في ليل أو نهار ، أو خلال قيام الفرد بعبادة أو بدونها إلى غير ذلك من التفاصيل . فإن مجرد خروج المني من موضعه الطبيعي سبب لغسل الجنابة .
51. لا فرق في خروج المني بين أن يكون مبتور الآلة أو بعضها ، أو سليماً . كما لا فرق في خروجه بين الموضع الطبيعي وغيره إذا أصبح معتاداً واجتمعت فيه العلامات المعتبرة السابقة . وفي حال المرض تسقط علامية الدفق .
52. إذا تم دخول الحشفة كلها حصل السبب الآخر للجنابة ، سواء أنزل ام للم ينزل ، وسواء حملت المرأة منه أم لا ، وسواء وضع الرجل مانعاً من دخول المني أم لا ، وسواء كانت المرأة سليمة أو عفلاء أو قرناء أو نحو ذلك .
53. الظاهر عدم حصول الجنابة مع عدم دخول الحشفة كلها وعدم الإنزال . وإن دخل بعضها ، وخرجت سوائل غير المني .
54. لو انقطع مقدار معتد به من الحشفة لم يكف دخولها فقط بل احتاج إلى دخول ما بعدها بمقدار المقطوع . ولو انقطعت الحشفة كلها كفى دخول ما بعدها بمقدارها ، والأحوط الاجتزاء بمسمى الدخول عندئذ ، والأحوط معه الجمع بين الغسل والوضوء .
55. لو كان له إحليلان كفى دخول أحدهما في حصول الجنابة وكذلك إنزاله . ولو كان له آلة المرأة وآلة الرجل، بحيث يمكن دخول أحدهما في الآخر ، وهو من معاني الخنثى ، وإن بعد الفرض ، حصلت الجنابة له بالإدخال ، وإن لم ينزل على الأحوط . والأحوط له عندئذ الجمع بين الغسل والوضوء ، والأحوط ترك هذا الإدخال ، باعتبار ارتباط جوازه بالتحليل أو الزواج ولم يحصل . ولكن لا يصدق عليه الزنى ، لأنه أخذ في مفهومه الإدخال في الغير ولم يحصل .
56. السبب الوحيد لجنابة المرأة هو إدخال الرجل في فرجها ، سواء أنزل أم لم ينزل . وسواء أنزلت هي أم لم تنزل ، وإنزالها من دون هذا السبب ليس جنابة ، بل هو سائل طاهر غير موجب لحدث ولخبث . غير أن الاحتياط الإستحبابي الأكيد على خلافه .

فصل
في كيفية غسل الجنابة

57. تفاصيل الكيفية يأخذها القارئ من محلها من الفقه . كما يمكن أن يكون ما ذكرناه في الوضوء من أحكام الأجزاء والشرائط مما يلقي ضوءاً كافياً على جانب الغسل . يما فيها أحكام الجبيرة وغيرها فلا حاجة للتكرار ، وإنما نذكر بعض المسائل هنا لمجرد إيضاح الفرق .
58. من كان له رأسان على بدن واحد ، فأن كانا شخصين في شعورهما الذاتي اختص كل منهما بغسل رأسه مع تطبيق الباقي على الجسم المشترك ، وإن كان شخصاً واحداً ، فإن تساوى الرأسان في الخلقة وجب غسلهما معاً وإلا غسل الأقوى وترك الأضعف .
59. من كانت له في أحد الجانبين زوائد عن الخلقة الطبيعية ، أو كليهما ، كيد أو كف أو رجل أو غيرها وجب غسلها جميعاً على الأحوط ضمن غسل جانبها . وإن كان لترك غسل العضو الضعيف في الخلقة وجه .
60. من كان له بدنان على حقو واحد مع رجلين فقط ، اختص كل منهما بغسل رأسه وجسمه واشتركا في غسل الرجلين، ولو كان لكل منهما عورة اختصت الجنابة به وإن كان شعورهما الذاتي أن العورة لأحدهما المعين اختصت الجنابة به .
61. لا تجب الموالاة بين أعضاء الغسل ، بل يمكن الفصل بينها عدة ساعات ، فلو فعل عضوا صبحاً والآخر عصراً جاز ، والأحوط عدم التأخير أكثر . ولكن الموالاة واجبة في العضو الواحد على الاحوط .
62. الحدث الأصغر خلال الغسل، ولو من باب عدم الموالاة كما قلنا في المسألة السابقة ، لا يبطله. بل يحتاط الفرد بالإتيان بالوضوء بعدة ، رجاء المطلوبية أو لاستحبابه النفسي ، والأحوط تكرار الغسل مع الوضوء .
63. على ذلك فدائم الحدث الأصغر من أي نوع كان ، لا إشكال في صحة غسله ، بل حتى لو كان الغسل في الحال الطبيعي محل أشكال إلا أن غسله صحيح في هذه الحال.
64. من كان غير قادر على إجراء الماء على أعضائة أمكنه استغلال تدفيق الماء من الحنفية لإجراء الماء ، ولا يوجد هنا الإشكال الذي ذكرناه في اليد اليسرى من أعضاء الوضوء .
65. من نقص منه جزء كاليد أو الكف أو القدم أو الأذن أو غيربها ، سقط غسله ويغسل الباقي ويجزيه .

فصل
في أحكام الحيض

66. الدم الذي يقذفه الرحم الذي ليس لجرح أو قرح أو عذرة ، فهو إما لحيض أو لاستحاضة أو نفاس . والأقسام الثلاثة الأولى نجسة ولا توجب غسلاً ، والثلاثة الأخيرة توجب الغسل في الأغلب مضافاً إلى نجاستها على تفصيل مذكور في محله .
67. ورد في بعض الأخبار بأن ما يخرج من الجانب الأيمن من الدم فهو حيض ، وما يخرج من الجانب الأيسر فهو استحاضة . فقد يقال بعدم إمكان ذلك مع أن الدم له مسلك واحد لا تميز فيه الجهات . وجواب ذلك من عدة وجوه :
الوجه الأول : ضعف سند الرواية الدالة على ذلك فلا تكون حجة .
الوجه الثاني : معارضته بما يدل على العكس : وإن ما خرج من الطرف الأيسر حيض وما خرج من الأيمن فهو استحاضة ، وهما يتعارضان ويتساقطان عن الحجية . وترجع إلى الأخبار الأخرى التي عليها عمل مشهور العلماء .
الوجه الثالث : إن لهذا الشكل من البيان عدة تفسيرات منها :
التفسير الأول : إن هناك في الرحم غدتان إو مصدران للدم ، أحدهما في يمينه والآخر في شماله . فما خرج من اليمين فهو حيض وما خرج من الشمال فهو استحاضة.
التفسير الثاني : إن المرأة تضع القطنة لمراقبة الدم ، فقد تجد في أحد طرفيها دماً دون الآخر . فإن كان هو الطرف الأيمن تحيضت وإلا فلا .
التفسير الثالث : إن الدم إذا كان قليلاً نسبياً ، فإن المرأة قد تحس بنزوله من الطرف الأيمن من المجرى أو من الطرف الأيسر .
الى غير ذلك من التفسيرات المحتملة .
68. إذا افتضت البكر فسال دم غير قليل ، فإن حصل وثوق أو اطمئنان بأنه للعذرة أو للحيض عملت عليه . وكذلك إن كان حكمها الاستحاضة . وإن بقي التردد أمكن رفعه باستمرار الدم وعدمه. فإن دم العذرة ينقطع غالباً . ويمكنها شرعاً الاستعلام بالقطنة بعد وضعها وإخراجها بعد دقائق ، فإن كانت مطوّقة بالدم فهو من العذرة ، وإن كانت مستنقعة من الحيض وجب عليها الاحتياط بالتعبد رجاء المطلوبية حتى تجزم بالأمر ، فإن أستمر الدم ثلاثة أيام فأكثر فهو ليس لعذره اطمناناً ، فإ، كان حكمها الحيض بنت عليه وإلا فهي مستحاضة .
69. الأقوى اجتماع الحيض مع الحمل ، فيترتب عليه حكمه ، وإن لم يكن طبياً له نفس السبب .
70. يحرم وطء الحائض قبلاً ، حاملاً كانت أو حائلاً ، وكذلك دبراً على الأحوط ، ولا بأس بالاستمتاع بغيره وإن كره ما بين السرة والركبة . وهو جائز حتى لو لزم منه الإنزال . وترتفع الحرمة بالنقاء وغسل الموضع والمهم في الحرمة ليس هو وجود الدم بل (حدث الحيض) ولذا جاز في الاستحاضة مع وجوده . والظاهر جوازه معها حتى لو لم تعمل ما يجب عليها من التطهيرات .
71. يحرم على المرأة تمكين زوجها من الوطء خلال أيام الحيض وخلال أيام الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة متى حصلت . ولا تكون بذلك ناشزاً ، نعم ، لو تخيلت الطهر فواقعها زوجها ثم بان حيضاً ، كان ذلك اشتباهاً معفواً عنه ، بشرط أن تكون القاعدة الشرعية هي المثبتة للطهر والقاطعة لأستصحاب الحي . كما لو كانت معتادة ستة أيام وانقطع دمها عند العادة ثم رأت بعد يوم أو يومين إلى ما دون العشرة . وواقعها زوجها في النقاء المتخلل .

فصل
في أحكام النفاس

72. دم النفاس هو دم تقذفه الرحم بالولادة أو بعدها . أما ما يخرج قبلها فليس بنفاس وإن علمنا استناده إلى الولادة . وأما الدم المنفصل عنها فهو نفاس ما دمنا نعلم استناده إليها . نعم ، لكون الدم الخارج بالطلق المتعقب للولادة قبلها ، نفاساً وجه .
73. لا حد لقليله زماناً وأكثره عشرة أيام على الأقوى ، وتحسب من حين انتهاء خروج الطفل ، وإن كان النفاس من أوله ثابتاً . كما أنه في صورة التوأم تحسب العشرة من الثاني ومبدأ النفاس من الأول ، فإن انفصلت ولادتها عشرة أيام فأكثر كان لكل منهما نفاس مستقل .
74. النفاس يثبت للسقط ، كما يثبت للجنين المتكامل ، بل يثبت إذا سقطت بعد التلقيح مباشرة ، فضلاً عما بعده ، نعم ، لو شككنا بحصول الحمل ، لم يكن الدم نفاساً
75. لا فرق في الحكم بالنفاس ، بين أن يكون الحمل من حلال أو حرام ، وبين أن يكون من حرة أو أمة . وبين أن يكون الحمل طبيعيا أو مشوها كالتوأم السيامي أو باي شكل آخر .
76. لو كان للمرأة بدنان على حقو واحد ، وحملت إحداهما وولدت ، فإن كانت العورة متعددة فلا إشكال بإختصاص النفاس بالوالدة منهما . وإن كانت واحدة ، فالاحوط للأخرى الجمع بين أحكام النفاس وأحكام الاستحاضة ، وإن كان لكون هذا الحكم مبني على الاحتياط الاستحبابي وجه . وأما التي كانت حاملاً فهي في نفاس قطعاً.
77. إن مات الولد في رحم الحامل وجب إخراجه ، لأنه قد يؤدي إلى ضرر بليغ للأم فإن نزل دم خلال الاخراج فهو دم نفاس .
78. إن كان لأمرأة في جوفها رحمان اثنان أمكن أن تحمل بأحدهما أو بكليهما ، وأمكن أن يكون لها بكل منهما نفاس ، سواء كان المخرج واحداً أو متعدداً .

فصل
في الإحتضار

79. الإحتضار هو فترة الإعداد للوفاة أو فترة خروج الروح . وهو أمر لا تعرفه التجارب المادية وإنما يعرفه الفرد من نفسه ، ويعرفه له ذووه أن وجدوا ، وهي تختلق في طول الزمان وقصره وفي صعوبتها وعدمها . وإذا كان الموت لغير حادث فيه مسبوق في الأغلب بما يسمى بصحوة الموت ، وهي تتخلل الثقلين : المرض والإحتضار . فإذا زالت الصحوة وثقل حاله فهو في احتضار .
80. ويجب عندئذ توجيهه إلى القبلة ، كما هو مشروح في الققه ، فإذا تم الموت لم يجب ذلك لا إبتداء ً ولا استدامة .
81. المهم شرعاً هو العلم أو الاطمئنان بحصول الموت ليجب تجهيزه ودفنه . وإلا لزم تأخيره إلى حين حصول العلم . وهناك علامات في الطب القديم وعلامات في الطب الحديث لذلك ، وكلها صالحة كدلائل لحصول العلم المشار إليه .
فالدلائل في الطب الحديث ثلاثة : توقف القلب أو الدورة الدموية . وتوقف النفس أو الجهاز التنفسي ، وتوقف حدقة العين مع سقوط الضوء عليها . وأما توقف ذبذبات المخ فليست بعلامة لأنها تستمر بعد الموت لفترة .
ونحن لا نعلم حصول أي من هذه الدلائل أسبق ، وإن كان المعروف أن الراس آخر ما يموت من الأعضاء ، فيكون توقف الحدقة آخر ما يحصل من الثلاثة . على الطبيب التأكد من حصولها جميعاًً للجزم بالموت .
وأما الدلائل القديمة ، فهي ما ذكره الشهيد الثاني في شرحه على اللمعة الدمشقية حيث قال : كانخساف صدغيه وميل أنفه وامتداد جلدة وجهه وانخلاع كفه من ذراعيه واسترخاء قدميه وتقلص أنثييه إلى فوق مع تدلي الجلدة ونحو ذلك .
ولم يؤكد الطب الحديث وجود واحدة منها أو إمكان حدوث غيرها ، ولم يذكر الشهيد الثاني ما إذا كانت تحصل لكل ميت أو بعضها ، أو قد لا يحصل منها شئ كما في الشاب القوي يموت لحادث . إلا أنه نص على ضرورة حصول العلم منها أو من غيرها .
82. من كان له رأسان باعتبارهما شخصين فمات أحدهما ، لم يجب على الآخر الحي توجيهه إلى القبلة . وإنما لا بد من قطعه لئلا يضر بصاحبه ومن ثم تجهيزه ودفنه .
83. من كان له بدنان على حقو واحد ومات أحدهما ، لزوم على صاحبه توجيهه إلى القبلة ، على الأحوط ومن ثم قطعه وتجهيزه ودفنه ، فإن كان القطع مضراً لصاحبه أمكن القطع بمقدار أو بشكل غير مضر . فإن كان مضراً على كل حال لزم اختيار أخف الضررين من بقائه وقطعه . فإن تسارى الضرران إو كان بقاؤه أخف جاز بقؤه إلى حين موت صاحبه أو إلى حين اشتداد ضرر البقاء .
84. قال الفقهاء : من مستحبات الإحتضار : أن تغمض عيناه ويطبق فوه ويشد لحياه وتمد يداه إلى جانبيه وساقاه ويغطى بثوب . أقول : هذا كله مع الإمكان ، فإن كان بعض هذه المواضع صلباً لا يمكن تحريكه سقط الاستحباب .

فصل
في الغسل

وأحكامه مسطورة في الفقه ، ونذكر فيما يلم ما هو شبه بالأمور الطبية .
85. إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل ، كما لو كان محروقاً أو مجدوراً ، وجب أن ييمم ثلاث مرات ،ينوي بالأول بدلية غسل السدر وبالثاني بدلية غسل الكافور ، وبالثالث بدلية غسل القراح . ويجب أن يكون التيمم بيد الميت مع الإمكان والأحوط ضم يد الحي إليه بتيمم آخر ، فإن لم يكن بيد الميت تعين بيد الحي.
86. لو كان الميت إنسانان ملتصقان ، كما لو كانا توأمين سياميين أو كانا بدنين على حقو واحد ، وجب تغسيل كل منهما على حدة ، فتكون هناك ستة أغسال ، فيجب الترتيب مع كل واحد ، ولا يجب بين واحد وواحد. ويجب غسل الجزء المشترك لو وجد ، مع كل الأغسال .
87. لو كان الميت ناقص الجسم ، كما لو كان قد انقطع منه شيء قبل موته ، كيده أو رجله أو غير ذلك ، وجب تجهيزالموجود فقط ، ولم يجب البحث عن المجزء المفقود .
88. إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه ، وجب تطهيره ، ولو بعد وضعه في القبر ، ولا يجب ذلك بعد الدفن .
89. إذا خرج من الميت بول أو مني لا تجب إعادة غسله ، ولا إيجاد الوضوء به ول التيمم ، ولو قبل إنزاله في القبر .
فصل
في بقية التجهيز
90- لو كان الميت بمنزلة إنسانين ملتصقين ، كما مثلنا ، وجب تكفينه وتحنيطه والصلاة عليه بهذه الصفة ، فيزاد له في التكفين ما يلزم وكذلك في التحنيط ، ويصلى عليه مرتين ، ولو كان بمنزلة ثلاث أشخاص وجبت الزيادة أيضاً ، وإن بعد الفرض .
91. ولي الميت الذي يكون بهذه المثابة ، ممن يجب أخذ إذنه في الصلاة عليه ، وغير ذلك هو واحد ولا يمكن – عادة – أن يتعدد ، لفرض أن الإنسانين ملتصقان بولادة واحدة ، ولهما قرابة واحدة إلى ذويهما .
ولا يمكن فرض تعدد الولي إلا إذا التصق إنسانان بعد ولادتهما أو خلال حياتهما ، عمداً أو خطاً ، ثم ماتا معاً ، وكان وليهما متعدداً ، فيجب تجهيز كل منهما بإذن وليه . فإن أذنا لواحد ، نفذ ، وإلا أختص كل واحد بمن أذن له ، ولا يجب فصلهما لأجل تسهيل التجهيز والإذن والدفن ، بل هو مخالف للإحتياط ، وكذلك الحال في الملتصقين بالولادة ، بل عدم الوجوب هنا أوضح .
92- لا يجب تعدد القبر للإنسانين الملتصقين ، ولا يجب فصلهما لدفنهما في قبرين ، سواء كانا ملتصقين بالولادة أو بعدها ، بل يجوز دفنهما في قبر واحد .
93- خلال الدفن إن أمكن توجيه كلا الإنسانين الملتصقين ، إلى القبلة في القبر ، فهو المطلوب . ويختلف في ذلك حسب محل التصاقهما . فإن لم يمكن عليهما التدقيق قي التوجيه وأمكن التقريب لهما أو لأحدهما تعين ، وإلا كان الدافن مخيراً في توجيه أي منهما مع ترك الآخر المتعذر توجيهه ، ولا يجوز له أن يهمل توجيههما معاً إلا مع التعذر فيهما معاً أن كان .
94- إذا ماتت الحامل الكافرة ، ومات في بطنها حملها من مسلم ، دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر ، مستدبرة القبلة ، سواء كانت الروح قد ولجت الجنين أم لا . وهذا حكم تعبدي ثابت في الفقه ، ولا يعني أن وجه الجنين يكون دائماً إلى ظهر أمه . فإن كانت الأم مسلمة وجهت إلى القبلة وأهمل الجنين .
95. تقوم فكرة الدفن على عدة فوائد ، منها :
أولاً : ستر الميت عن أنظار الآخرين ، بعد أن أصبح في حال لا يحسد عليها .
ثانياً : ستره عن إعتداء الآخرين عليه من بشر أو سباع أو حشرات .
ثالثاً : ستر رائحته ، ومضاعفات جسده عن الناس ، وفي ذلك أخذ الشارع المقدس صحة البيئة بنظر لاعتبار ، حيث لا ضرر من كثرة الرائحة والتفسخ تحت الأرض .
96- إذا كان جسم الميت ناقصاً قبل موته ، وجب تجهيز ما هو موجود فقط ، وإن انفصل عنه بموته أو بعده ، وجب تجهيزه معاً.
97- إن علمنا أن الأجزاء المتعددة لميت واحد ، وجب تجهيزها بتجهيز واحد ، وإن علمنا أنها لموتى متعددين وجب تجهيز كل منها على حدة . وإن شككنا في ذلك فالأحوط تعدد التجهيز ، بعد ضم ما يوثق أنه ميت واحد إلى بعضها البعض ، لتجهيزها معاً . فإنه كما لا يجوز تجهيز ميتين بتجهيز واحد ، لا يجوز أيضاً ، تجهيز ميت واحد بتجهيزين على الأحوط الأقوى .

فصل
غسل مس الميت

98. إذا مس إنسان حي ميتاً بعد برده بالموت وقبل إتمام أغساله الثلاثة ، يجب عليه الغسل ، ما دام عنوان مس الميت صادقاً عليه . لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة وبين الصغير والكبير حتى السقط الذي ولجته الروح .
كما لا فرق بين المس الإختياري ، والإضطراري والإكراهي ، ولا بين جسد الميت التام والناقص ، بل إذا مس قطعة مشتملة على عظم وجب الغسل . كما لا فرق بين الظاهر كما في داخل الجرح أو شق ونحوه ، حتى المس بالشعر إذا كان المس صادقاً وخاصة إذا كان هو شعر الممسوس ، وكذلك الشعر بالشعر إذا صدق المس.

فصل
مسوغات التيمم

99. من مسوغات التيمم وأسبابه خوف الضرر من إستعمال الماء ، بحدوث مرض أو زيادته أو بطء شفائه أو المنع من المداواة أو بعضها ، خوفاً على النفس أو بعض البدن ، ومنه الرمد المانع من استعمال الماء . كما أن منه خوف الضرر الذي يعسر تحمله وهو الخشونة التي قد تحدث في الجلد والتشقق أو الحمرة .
100. لو خاف من استعمال الماء على غيره لا على نفسه ، بأحد الأشكال السابقة ، وجب التيمم وهذا يحصل في عدة موارد : كالحامل تخاف على الجنين ، والمرضعة تخاف على الطفل ، والتوأمين الملتصقين يخاف أحدهما على صاحبه .
101. لا فرق من خوف الضرر بين أن يكون منشؤه في الجسم كالضعف والمرض أو في الماء كالبرودة الشديدة والحرارة الشديدة ، أو كونه مخلوطاً بمواد طبيعسة أو صناعية يحتمل ضررها بدون أن تخرجه عن إسم الماء . وبين أن يكون المانع في الجو كالبرد الشديد أو الحر الشديد ، وبين أن يكون في اللباس باعتبار أن نزعه موجب لاحتمال الضرر ، وهكذا .
102. إذا خالف المكلف تكليفه وتجشم الوضوء مع احتمال الضرر ، فإن كان الضرر بسيطاً أو نحوه صح وضوؤه . وإن كان الضرر محرماً كالتهلكة أو قريباً منها بطل .
103. إذا كان الضرر بسيطاً جداً ، بحيث لا يصدق عليه المرض عرفاً ، لم يكن سبباً لصحة التيمم بل يتعين الوضوء .
104. من كان مسجوناً في مكان مغصوب أو في موضع يحتوي ترابه على مواد مضرة بالملامسة ، ولم يجد شيئاً آخر للتيم ، كان فاقداً للطهورين .
فصل
كيفية التيمم
يندرج في هذا الفصل ، مما يناسب موضوع الكتاب: أشكال التشويه الخلقي أو الطارئ .
105. من كان أغم قد نبت الشعر على بعض جبهته ، وجب مسح هذا المقدار من الشعر على الأحوط ، بما لا يخرج بمده عن حده .
106. من كان أصلع المقدم من رأسه لم يجب مسح أكثر من الجبهة من جهة جلدة الرأس . فإن كانت متميزة مسحها ، وإلا أحتاط قليلاً من المسح بحيث يعلم دخول الجبهة كلها من المسح .
107. من قطعت أصابعه أو بعضها ، من أحد الكفين أو كليهما ، أمكنه التيمم بما بقي من كفه .
108. من قطعت كفاه معاً من الرسغ أو فوقه ، سقط مسحهما ، ويمسح جبهته بالتراب ناوياً التيمم على الأحوط .
109. من قطعت إحدى كفيه من الرسغ فما فوق ، سقط مسحها ، واستعمل اليد الأخرى في مسح جبهته ولو بعدة حركات طولاً وعرضاً . وأما ظاهر اليد الموجودة فالأحوط له أن يمسحها بالتراب بدلاً من مسحها باليد الأخرى .
110. من لم يمكنه المسح على جبهته أو كفه لجرح أو نحوه ، أمكنه استعمال الجبيرة على الأحوط ولا يسقط التيمم . وذلك بأن يضع على الموضع المتضرر خرقة أو نحوها ويمسح عليها .
111. من كان له رأسان ، فإن كان هو إنساناً واحداً وجب مسح كلا الوجهين مع تماثلهما في القوة ، وإلا اقتصر على مسح الأقوى منهما. وإن كان في شعوره أنهما اثنان اقتصر المتيمم منهما على مسح وجهه . ويستعمل الأجزاء المشتركة أعني اليدين في تيممه .
112. من كان له وجهان في رأس واجد ، فإن كان أحدهما أقوى اقتصر على مسحه ، وإلا وجب مسح كليهما احتياطاً .
113. من كانت له كف إضافية أو يد إضافية في أحد الجانبين أو كليهما ، فإن كان أحدهما أقوى اقتصر على ضربه ومسحه . وإلا وجب استعمالهما معاً في الضرب والمسح . والأحوط أن يكون ضرب الأكف الثلاثة أو الأربعة له ، دفعة واحدة مع الإمكان .
114. من كانت له كفان أو يدان فقطعت إحداهما اقتصر في التيمم بالأخرى ، سواء كانا متماثلين بالخلقة أو كان الباقي هو الأضعف فضلاً عما إذا كان هو الأقوى .
115. العاجز عن الحركة ، ييممه غيره ، ويضرب بيد العاجز ويمسح بهما مع الإمكان ، ومع العجز يضرب المتولي بيدي نفسه ويمسح بهما الوجه وظاهر الكفين للعاجز .

فصل
في النجاسات

116. النجاسات اثنا عشر نذكر منها ما يناسب موضوع الكتاب .
الأول والثاني : بول وخرء الحيوان ذي النفس السائلة ، من غير مأكول اللحم ولو بالعارض كالجلال وموطوء الإنسان . أما ما كان من حيوان جائز الأكل شرعاً أو من غير ذي النفس السائلة ، فإنهما منهما طاهران ، كما أنهما من الطير كذلك مطلقاً ، وإن كان غير مأكول اللحم على الأقوى . وإن كان الأحوط خلافه . والمراد بذي النفس السائلة : ما كان دمه سائلاً متدفقاً بحسب طبعه عند الذبح .
الثالث : المني من كل حيوان ذي نفس سائلة حل أكله أو حرم . دون غير ذي النفس ، فإنه منه طاهر .
الرابع : ميتة ذي النفس من الحيوان مما تحله الحياة ، وكذلك ما يقطع من جسده حياً مما تحله الحياة من الأعضاء الظاهرة والباطنة ، عدا ما ينفصل من بدن الإنسان الحي من الأجزاء الصغار كالبثور والثالول وغيرها .
أما ما لا تحله الحياة كالشعر والصوف والوبر والظلف والحافر والمنقار والقرن الخارجي ، بل والسن أيضاً على وجه ، وكذا البيض من الميتة إذا إكتسى القشر الخارجي وإن لم يتصلب ، من مأكول اللحم وغيره . فإن كل ذلك طاهر، إلا أن يكون الحيوان نجس العين أعني الكلب والخنزير ، فإن كل ذلك نجس منهما ، فضلاً عن غير ذلك من أعضائهما .
الخامس : دم ذي النفس السائلة الخارج من الجسم ، وأما الدم الذي خلق في الجسم ولم يخرج فهو طاهر حتى يخرج . ولذا قال سبحانه وتعالى : (أو دماً مسفوحاً) ، ومن هنا كان الدم المتخلف في الذبيحة طاهراً أو تعبداً .
السادس : المسكر المائع بالأصل دون الجامد كالحشيشة ، وإن غلى وصار مائعاً بالعرض ، على أن يكون المائع منه متخذاً من العنب أو التمر أو العسل أو الشعير على الأقوى . وما سواه من أقسام المسكر طاهر وإن حرم شربه .
إلى غير ذلك من النجاسات .
117. يحرم أكل النجس وشربه وكذلك إطعامه للغير ممن يحرم عليه ذلك ، سواء كان عالما ً أو جاهلاً . كما لا يجوز استعمال النجس فيما يشترط فيه الطهارة ، ولا إعطاؤه للغير كذلك من دون إخباره ، فيما لا يعذر فيه الجاهل . ويجوز الانتفاع بالنجس فيما لا يشترط فيه الطهارة فضلاً عن المتنجس .
118. في ما يعفى عنه من النجاسات ، في اشتراط الطهارة كالصلاة والطواف .
الأول : دم الجروح والقروح الخارجة من الإنسان نفسه ، فإنها معفوة حتى تبرأ ، والأحوط وجوباً اعتبار عدم سرايتها إلى محال لا تصل إليها عرفاً وعادة . والمراد بالبرء التماثل للشقاء على الأحوط ، وإن كان لصيرورته جلداً طبيعياً وجه وجيه . ويكون العذر مستمراً إلى ذلك الحين . مع ما قد يخالطه من الأمور في الحياة الاعتيادية وعمل الفرد كالعرق والتراب والطحين والجص وغيرها . أما ما لا يكون معتاداً له أو ليس من عمله ، فلا يكون الخليط معفواً ، والأحوط استحباباً مؤكداً المنع من أي خليط .
الثاني : الدم في البدن واللباس إذا كانت سعته أقل من الدرهم البغلي ، ولم يكن دم نجس العين ولا دم غير مأكول اللحم ، ولا الميتة ولا من أحد الدماء الثلاثة . وهي الحيض والاستحاضة والنفاس ، وأن لا يكون خلاطه شيء من الخارج حتى عرق الجسم . وتقدير سعة الدرهم البغلي بعقدة الإبهام العليا هو الأحوط الأقوى .
119. لو كان الدم متفرقاً في الثياب والبدن ، فإن كان من دم الجروح والقروح ، ولم يتجاوز محله الغرفي ، فلا إشكال . وإن لم يكن منها لوحظ التقدير بالدرهم على فرض اجتماعه ، فيدور العفو مداره . ولو تفشى الدم من أحد جانبي الثوب إلى الآخر فهو دم واحد مع وحدة الثوب وإن كان قواشه سميكاً . لا مثل الظهارة والبطانة والملفوف في طيات عديدة ، فإنه يعتبر دمين ويدور العفو مدار مقدار المجموع .
120. إذا أصبح دم الجرح أو نحوه من البشرة عرفاً، وإن بقي على احمراره ، فإنه يكون قابلاً للتطهير ، والوضوء عليه بدون جبيرة . وكذلك كل شيء طارئ على الجلد إذا أصبح من الجلد عرفاً كالدواء اللاصق وغيره .
وكذلك يعتبر من الجلد عرفاً أو يعتبر لوناً له ما كان من غبار خفيف جداً عليه . وكذلك درجة من الوسخ للقدم أو في بعض الأظفار ، مما يكون معتاداً عليه لدى أغلب الناس ، أو الغالب من طبقة الفرد . فيجوز الغسل عليه في الوضوء والغسل . والمسح عليه .
121. لو اشتبه الدم الذي هو أقل من مقدار الدرهم من حيث النوع بين العفو عنه وغيره ، حكم بالعفو عنه حتى يعلم أنه من غيره . ولو صلى فيه وانكشف عدم العفو لم يجب إعادة الصلاة ، ولو اشتبه مقدار الدم بين المعفو عنه وغيره بني على عدم العفو على الأحوط .

فصل
في المطهرات

ونذكر هنا بحسب ما يناسب موضوع الكتاب وهو :
أولاً وثانياً : الماء والتراب ، فإنهما منظفان عرفاً وحقيقة وطبياً . والتطهير بالماء المعتصم وهو نوعان : الكر والجاري .. لا يجب فيه التعدد ولا العصر في القماش ونحوه . أما التطهير بالقليل للمتنجس ببول غير الرضيع ، فيعتبر فيه التعدد مرتين والأحوط كونهما غير الغسلة المزيلة . كما بعتبر العصر في الثياب على الأحوط . أما المتنجس بغير البول والمتنجس بالمتنجس بالبول ، فيجزي فيه المرة الواحدة بعد الإزالة ، ويكفي في تحققها استمرار جريان الماء بعد الإزالة ، ولو قليلاً .
وبالنسبة إلى التعفير بالتراب فهو يجب في ولوغ الكلب بالإناء . ويكفي فيه إدخال التراب في الإناء وتحريكه تحريكاً عنيفاً على وجه يستولي التراب على جميع أجزائه ، ويؤثر على ما فيه من رطوبه أو لزوجة . ولا يشترط في تحققه المسح باليد أو بآلة ، وأما إذا تعذر التعفير ، فلا يبعد بقاء الإناء على النجاسة ، ولا يسقط بالتعذر حتى في الغسل بالماء المعتصم .
ويلحق بالتطهير بالتراب : التطهير بالأرض ، فإنها مكونة غالباً منه وإن اختلفت عنه عنواناً .
فهي تطهر بامشي عليها النجاسة الحكمية الحاصلة بعد زوال العين ، من باطن القدم وباطن ما يلبس بالقدم كالنعل والحذاء ، بما يسمى مشياً ولو خمس خطوات . والأحوط قصر الحكم بالطهارة على ما إذا حصلت النجاسة من المشي دون سبب آخر .
ثالثاً : الاستحالة إلى جسم آخر، فيطهر ما أحاله النار دخاناً أو بخاراً أو رماداً ، سواء كان نجساً أو متنجساً. وكذا المستحيل بغيرها كالرطوبة . أما ما أحالته النار فحماً أو خزفاً أو آجراً أو جصاً أو نورة فهو باق على النجاسة على الأحوط .
وكل حيوان تكون من نجس أو متنجس كدود العذرة والميتة والبيض المتنجس الفاسد . فهو طاهر .
ويطهر الخمر بنقلابه خلاً بنفسه أو بعلاج خارجي ، نعم لو أصاب الخمر نجاسة خارجية ثم انقلب خلاً ، لم يطهر على الأحوط .
ومنه نعرف حصول الطهارة بالتصعيد ، لأن الماء أو أي سائل متنجس إذاً انقلب بخاراً أصبح طاهراً كما عرفنا، فإذا رجع ماء كان طاهراً ، إلا إذا صدق عليه عنوان إحدى النجاسات ، كالخمر فإنه سكر . وأما السائل المجتمع من الأعيان الأخرى للنجاسة ، فليس منها عرفاً كالبول والدم وغيرهما .
رابعاً : زوال عين النجاسة عن بواطن الإنسان وجسد الحيوان الصامت ظاهره فضلاً عن باطنه ، بل في ثبوت النجاسة لبواطن الإنسان وجسد الحيوان منع . بل وكذا المنع في سراية النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن .
ولذلك عدة صور :
الصورة الأولى : أن يكون كلا المتلاقيين متكونين في الباطن ، كالمذي إذا لاقى البول في البطن .
الصورة الثانية : أن يكون أحد المتلاقيين من الظاهر والآخر من الباطن ، كما في ماء الحقنة فإنه لا ينجس بملاقاة النجاسة في الأمعاء ، إن قلنا بنجاستها ، إذا خرج خالياً من عين النجاسة.
الصورة الثالثة : أن يكون كلا المتلاقيين ظاهراً ولكن التلاقي في الباطن ، كما إذا ابتلع الإنسان شيئاً طاهراً وشرب عليه ماء نجساً . وخرج ذلك الطاهر من جوفة بالقيء أو غيره غير متلطخ بالنجاسة حكم بطهارته . أما الملاقاة في فضاء الفم فالأحوط فيه الحكم بالنجاسة .
خامساً : الاستبراء للحيوان الجلال ، فإنه مطهر له من نجاسة الجلل ، والأحوط اعتبار مضي المدة المعينة له شرعاً . كما هو مذكور في محله .

كتاب الصلاة
فصل
في شرائط الصلاة

1- شرائط الصلاة إجمالاً :
أولاً : دخول الوقت وهو الفجر الصادق لصلاة الصبح ، وزوال الشمس للزهرين ، وذهاب الحمرة المشرقية للعشاءين .
ثانياً : التوجه إلى القبلة وهي جهة الكعبة مع الإمكان .
ثالثاً : أن يكون الفرد متطهراً من الحدث الأصغر والأكبر معاً حسب تكليفه .
رابعاً : أن يكون جسده وثيابه خالية من النجاسات غير المعفو عنها .
خامساً : أن يكون المصلي مستور العورة ، وهو للرجل الدبر والقضيب والأنثيان ، وللمرأة جميع جسدها ألا الوجه والكفين .
سادساً : أن تكون الثياب والمكان مباحاً غير مغصوب .
سابعاً : أن يكون المكان خالياً من النجاسة المسرية إلى الجسد مع الثياب . وأما محل السجود فيجب أن يكون طاهراً .
ثامناً : أن يسجد على ما يصح السجود عليه وهو الأرض أو ما نبت منها غير المأكول والملبوس .
تاسعاً : أن لا يكون لباسه مما لا يؤكل لحمه ولا من غير المذكى ، ولا من الذهب أو الحرير الخالص للرجال .
عاشراً : الاستقرار في مكان الصلاة .
وفي حدود موضوع هذا الكتاب يقع الكلام في التشويه الأصلي أو العارض للفرد ، مع بعض المسائل الأخرى .
2- من كان له رأسان، فإن كان الوجهان بإتجاه واحد ، جعلهما باتجاه القبلة خلال الصلاة ، وإن لم يكونا باتجاه واحد ، فإن كانا لشخصين كان لكل منهما حكم نفسه . وإن كانا لشخص واحد فإن كان أحدهما أقوى خلقياً من الآخر توجه بالأقوى وإلا كان مخيراً عي توجييه أي منهما شاء .
3- من كان له بدنان على حقو واحد ، وهما شخصان لا محالة ، ولكل منهما تكليفه في التوجه إلى القبلة والطهارة للجسد والثياب والطهارة بالوضوء والغسل وغيره. على كل منهما حفظ جميع الشرائط في الجزء المشترك بينهما .
4- لو كان الفرد مقطوع القضيب والخصيتين لحادث أو مرض ، لم يجب ستر مكانهما ، واختص الوجوب بالدبر .
5- لو كانت المرأة قد حلقت رأسها وجب عليها ستر الرأس أيضاً .
6- إذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه أو المتنجس ، ودار الأمر بين الصلاة به والصلاة عارياً . فإن اضطر إلى لبسه صحت صلاته فيه ، ولو أمكن التقليل منه بحيث يقتصر من الستر على مقدار الواجب لزم على الأحوط . ولو لم يضطر حتى إلى هذا المقدار صلى عارياً بالنسبة إلى الأربعة الأولى ، وهو ما عدا النجس . وأما النجس فيصلى فيه مع التقليل منه بمقدار الواجب ، والأحوط الجمع بينه وبين الصلاة عارياً .
7- إذا كان في الثياب أو المكان جراثيم غير مضرة ضرراً معتداً به ، صحت الصلاة ، وإن كانت مضرة ضرراً معتداً به بطلت .
8- إذا كان الستر بالكمادات أو اللفاف الطبي كفى في صحة الصلاة .
9- إذا انحصر المكان فيما فيه نجاسة مسرية أو المغصوب لغير الغاصب والمضطرب ، صحت صلاته فيه . وإن لم ينحصر وجب إبداله أو الانتظار إلى حين إمكان الإبدال ما دام الوقت واسعاً ، وإلا بطلت صلاته ، ولكن لصلاة غير الغاصب في المكان أو الثوب المغصوب وجه فقهي ، والأحوط خلافه .
10- المكان في المستشفيات والمصحات والمستوصفات ونحوها عادة من المال المجهول المالك ، فيجب أخذ إذن الحاكم الشرعي في الصلاة فيها . ودفع أجر رمزي معتد به عن ذلك ، وقد سبق أن تحدثنا عن ذلك في القسم الأول من هذا الكتاب . وإذا كان لباس المريض أو سريره أو اللفافات الطبية أو غيرها من المجهول المالك ، فالأمر فيها كذلك .
11- من له شلل ارتعاشي لا يستقر جسمه أو بعضه عن الحركة ، فإن كان له فترة استقرار أو خفة ، لزم اختيارها للصلاة خلالها ، وإلا صلى متى شاء .
12- إذا كان الدواء الموضوع على الجسم أو اللفاف أو غيرهما متنجساً أو عين نجاسة أو مما لا يؤكل لحمه أو مغصوباً ، فإن اضطر إليه ، كما هو عادة ، صحت صلاته فيه ، وإن كان يتمكن من نزعه وتطهير الموضع قبل الصلاة ولو بمقدارها وجب .
13- إذا كان المريض بحيث تتضمن معالجته اهتزاز سريره باستمرار . فإن كان مضطراً للصلاة عليه ، صحت صلاته ، وإن تمكن من تغيير مكانه للصلاة ولو بمقدارها وجب .
14- إذا مضى عليه الوقت كله وهو نائم أو في (بنج) وتخدير يفقده شعوره ، كان معذوراً عن أداء الصلاة ، ويجب عليه قضاؤها عند الإمكان ، ويجوز له اختيار هذه الحالة إذا لم يكن وقت الصلاة داخلاً أو كان قد صلى قبله . وإن علم فوات وقت الصلاة التي تليه . وأما مع دخول الوقت وعدم أداء الصلاة ، فيجب عليه المبادرة إليها قبل التخدير إن علم فوات الوقت به كما هو الغالب .
15- الجروح والدماء السائلة من الأمراض أو العمليات الجراحية ، مما يعفى عنها في الصلاة ، وإن اختلطت بدواء أو بعرق الجسم ، نعم مع احتمال زوال العذر خلال الوقت . إما أن يؤخر صلاته إلى حين زواله أن ضيق الوقت ، وإما أن يصلي رجاء عدم الزوال ، فإن لم يزل صحت صلاته وإن زال صلى من جديد .
16- إذا كان بحيث لا يدرك أوقات الصلاة ، فإن كان ذلك من الناحية العقلية سقطت عنه الصلاة ، وكذلك إن كان موقتاً لنوم أو تخدير ويجب عليه القضاء مع زوال المانع . وإن كان من جهة مرض كالعمى والصمم والإقعاد ، وجب عليه بذل إمكانه في الفحص أو تأخير الصلاة حتى يحصل له اليقين بدخول الوقت . وإن كان من جهة حالة نفسية كالحزن أو الغضب الشديدين لم يعذر ، ما لم تصدق عليه الغفلة والنسيان طول الوقت .
17- لو أدخل الطبيب أو أي إنسان إلى جوف الفرد أو في لحمه أو تحت جلده أو في أي مكان من بدنه شيئاً ، بحيث لا يستطيع التخلص منه فوراً . وليس مما تهضمه المعدة بل يثبت في الجسم فترة من الزمن قلت أو كثرت ، بحيه يضطر أن يصلي فيه ، على حين يكون هذا الشيء بخساً أو مغصوباً أو مجهول المالك أو من الحيوان غير المأكول اللحم ونحو ذلك . فإن استطاع أن يتأكد من حقيقته وحليّته قبل استعماله أو إدخاله ، فهو الأحوط الأولى ، وإن لم يفعل بل تناوله عصياناً أو نسياناً أو غفلة ، كان لا بد من تحليله أن كان مغصوباً أو مجهول المالك ، مع الإمكان ، وإن لم يمكن صحت صلاته . وأما إذا كان نجساً أو من غير مأكول اللحم فلا إشكال في صحتها .
18- لا تجوز الصلاة على المكان المتحرك ، مع الإمكان ، وخاصة مع الاضطراب المعتد به . وأما إذا كان الفرد يسير بسيره مستقراً عرفاً ، كالسيارة والطائرة والسفينة وأضرابها، فإن الصلاة صحيحة ما دام الاستقرار والاستقبال محفوظاً ، والصلاة الاختيارية تامة . وبخلافة تبطل في غير الضرورة ، ومع الضرورة يسقط ما اضطر إلى تركه ويأتي بالباقي . فإن اقتصر على الممكن وإن لم يمكن فعل تكبيرة الإحرام مستقبلاً . وإن لم يمكن سقط ذلك أيضاً . وإن تعذر القيام صلى جالساً ، فإن تعذر صلى قائماً مومياً برأيه مع الإمكان وإلا فبعينه . وإن لم يمكن هذا القيام جلس وأومأ ، فإن لم يمكن فاضطجع وأومأ .

فصل
في أفعال الصلاة

19- الواجب من أفعال الصلاة : النية وتكبيرة الإحرام والقيام والركوع والسجود والذكر فيهما والقراءة والتشهد والتسليم والطمأنينة والترتيب والموالاة ، ونتعرض فيما يلي إلى الفروع التي تناسب موضوعنا .
20- في العيوب اللسانية ، وهي تشمل التكبير والقراءة وذكر الركوع والسجود والتشهد والتسليم . فمن كان لا يستطيع الكلام بالمرة لكونه أخرس بالولادة أو مؤوف اللسان أو مقطوعه ، نوى القراءة والأذكار في قلبه تفصيلاً مع الإمكان ، كأنه يقرؤها في نفسه . ومع تعذر ذلك نواها إجمالاً ، مستمراً بمقدار المدة التي تتم قراءتها فيها.
21- الألثغ والتمتام والفأفاء وأضرابهم ، إن أمكنهم إصلاح ألسنتهم أو تقليل الخطأ وجب ، وإلا أجزأت القراءة ، ولا يجب عليهم عندئذ الألتحاق بصلاة الجماعة وإن كان أحوط .
22- لا يجوز الذكر والقرآن ببطء شديد ولا بسرعة عالية ، بحيث يخرج الكلام عن مستواه العرفي ، فمن اتصف بذلك وجب التدريب على الصحة . ومع التعذر يصلي بمقدار إمكانه.
23- من كان له وجهان أو رأسان أو بدنان على حقو واحد ، فإن كان شخصين ، كان لكل منهما قراءته الخاصة به . وإن كان شخصاً واحداً كذي الوجهين فالأحوط القراءة والذكر بكلا اللسانين .
24- من لا يقدر إلا على الملحون ، ولا يمكنه التعلم أجزأه ذلك ، ولا يجب عليه أن يصلي مأموماً . وكذا إذا ضاق الوقت على التعلم ، نعم ، إذا كان مقصراً في ترك التعلم وجب عليه أن يصلي مأموماً ، مع الإمكان ، وإذا تعلم بغض الفاتحة قرأه ، والأحوط أن يقرأ من سائر القرآن عوض البقية ، ويكفي فيه أن يكون بمقدار الفائت من الفاتحة . وكذا إذا تعذرت الفاتحة كلها ، وأمكنه قراءة غيرها من الآيات ، وإذا لم يعرف شيئاً من القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح بمقدار القراءة ، بل الأحوط الإتيان بالتسبيحات الأربع . وإذا عرف الفاتحة وجهل السورة أو بعضها ، بحيث لم يستطع أن يتعلم أية سورة أو بعضها بحيث لم يستطع أن يتعلم أية سورة بعد الفاتحة ، فالظاهر سقوطها مع العجز عن تعلمها .
25- في العيوب والتشويهات الجسدية المانعة عن الحركة الكاملة . وهي تشمل القيام والركوع والسجود والجلوس والتشهد .
26-إذا قدر على ما يصدق عليه القيام عرفاً ولو منحنياً أو منفرج الرجلين ، صلى قائماً ، وإن عجز عن الاستقلال بالقيام اتكأ على عصا أو حائط أو إنسان ، وكذلك له أن يتكئ على أمثالها في حال الارتفاع للقيام والهوى للركوع والسجود ، مع تعذر الإستقلال فيهما .
27- فإن تعذر القيام صلى جالساً مستقلاً مع الإمكان ومتكئاً مع عدمه . فإن تعذر ذلك صلى مضطجعاً على الجانب الأيمن ووجهه إلى القبلة كهيئة المدفون ، ومع تعذره مع الجانب الأيسر ووجهه إلى القبلة ـ وإن تعذر ذلك ، صلى مستلقياً ورجلاه إلى القبلة ، كهيئة المحتضر . ويومي المضطجع والمستلقي للركوع والسجود برأسه مع الإمكان ، وإلا فبعينيه ، والأولى أن يجعل إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع ، ولا يسقط الذكر فيهما مع إمكانه .
ويجب أن يضع على جبهته شيئاً مما يصح السجود عليه ، بخلاف من يومي قائماً أو جالساً ، فإن وضع ذلك مبني على الإحتياط الاستحبابي .
28- إذا قدر على القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب أن يقوم إلى أن يعجز فيجلس .وإذا أحس بالقدرة على القيام قام ، وهكذا ، ولا يجب عليه استئناف ما فعله حال الجلوس . وكذا كل مرتبة أخفض أو أعلى مما هو ممكن له ومشروح في المسألة السابقة . يصير إليه مع الإمكان . غير أن تحويل المضطجع – على ضعفه – إلى حال المستلقي ، مع الاختلاف في التوجه إلى القبلة ، لا يخلو من صعوبة على المريض نفسه ، فإن أمكنه ذلك ولو بالاستعانة بغيره وعدم الإتيان بما يبطل الصلاة اختياراًًًًً . وجب وإلا سقط .
29- إذا دار الأمر بين القيام في الجزء السابق والقيام في الجزء اللحق ، فالترجيح للسابق ، حتى فيما إذا لم يكن القيام في الجزء السابق ركناً ، وكان في الجزء اللاحق ركناً كل مرتبة إلى أو أخفض في صلاة المريض ، مما شرحناه فيما سبق .
30- إذا عجز المصلي عن الانحناء التام للركوع ، ولو بما يحقق مسماه ، اعتمد على ما يعينه ، وإذا عجز حتى عن المسمى أومأ للركوع قائماً برأسه مع الإمكان وإلا فبعينيه . وإذا دار أمره بين الركوع جالساً والإيماء له قائماً ، تعين الأول ، والأحوط الجمع بينهما بتكرار الصلاة رجاء المطلوبية .
31- إذا كان الفرد على هيئة الراكع خلقة أو لعرض كالشيخوخة ، فإن أمكنه الانتصاب التام أو بمسماه للقراءة وللهوي إلى الركوع ، وجب ولو أمكنه ذلك بالاستعانة بعصا أو غيرها ، لزم ، وإلا فإن ، تمكن من رفع بدنه بمقدار يصدق الركوع عرفاً على الانحناء بعده ، لزمه ذلك . وألا زاد من انحنائه عن حال خلقته بنية الركوع ، ما لم يخرج عن مسماه ، فإن، عجز عن ذلك أومأ برأسه ، وإلا فبعينيه .
32- حد الركوع جالساً أن ينحني بمقدار ما يساوي وجهه ركبتيه ، والأحوط أن يساوي ذقنه لهما . والأفضل الزيادة في الانحناء إلى أن يستوي ظهره . إذا لم يتمكن من الركوع التنقل إلى الايماء ، كما تقدم.
33- إذا عجز عن السجود الاختياري انحنى بالمقدار الممكن ، ورفع المسجد ألى جبهته ، مع لزوم استقراره ، ووضع الجبهة عليه . ووضع بقية المساجد في محالها . والظاهر صدق السجود حتى مع ارتفاع المسجد بحيث يتوخى أقل ارتفاع ممكن للمسجد بالنسبة إليه . فإن عجز عن كل ذلك أومأ برأسه ، وإلا فبالعينين ، وإن لم يمكن حتى ذلك نواها بقلبه والأحوط له استحباباً أن يشير إلى السجود بيده ونحوه . كما أن الأحوط له اسحباباً رفع المسجد إلى الجبهة ، وكذا وضع المساجد في محالها أو ما هو الممكن منها.
34- إذا كان بجبهته قرحة أو نحوها مما يمنعه عن وضعها على المسجد ، أو كان فيها شيء لاصق لا يمكن إزالته كالدواء أو الصبغ . فإن لم يستغرقها سجد على الموضع السليم ، ولو بإن يحفر حفرة ليقع الجزء السليم على الأرض ، وإن استغرقها المرض ، وإن استغرقها سجد على أحد الجبينين مقدماً للأيمن على الأحوط استحباباً ، والأحوط لزوماً الجمع بينه وبين السجود على الذقن ، ويجمع بينهما بتكرار الصلاة أو بنية رجاء المطلوبية . فإن تعذر السجود على الجبين ، اقتصر على السجود على الذقن . ولا ينتقل إلى الايماء ، فإن تعذر كل ذلك أومأ إلى السجود برأسه ، وإلا فبعينيه على ما تقدم . هذا كله في حالة المرض ، وأما مع لصوق شيء على الجبهة ، فإن لم يستوعب سجد على السليم ، كما سبق ، وأن استوعب فالظاهر كفاية السجود عليه . والأجود له الجمع بينه وبين السجود على الجبين والذقن بتكرار الصلاة ، على النحو السابق .
35- من انقطعت بعض مساجده كراحة اليد أو إبهام الرجل سقط وضعه على الأرض ، فإن بقي منه بقية وجب وضعها ، وإلا لم يجب وضع الجزء الآخر بدله ، كالذراع في اليد أو الساق بدل القدم .
36- من كانت له يد زائدة أو رجل زائدة أو قدم كذلك في أحد الطرفين أو كليهما ، فإن كان أحدهما أقوى في الخلقة وضعه في السجود وترك الآخر. وإن أمكن وضع أحدهما دون الآخر تعين . وإن تماثلا في القوة أو الضعف، فالأحوط وضعهما معاً مع الإمكان .
37- لا يجب وضع اليدين على الركبتين في الركوع اختيارياً، مع تحقق الاستقرار بدونهما ، فضلاً عن حالة الاضطرار . وله وضع إحداهما دون الأخرى ، مع عدم صدق العبث في الصلاة .
38- لا يجب وضع الذراعين على الأرض في السجود لا رفعهما، اختياراً ، فضلاً عن حالة الضطرار أو القطع. نعم، يستحب للمرأة مع الإمكان وضع الذراعين وللرجل رفعهما .
39- الأحوط استحباباً اختيار جلسة التشهد المعهودة في حالته ، وعند رفع الرأس من إحدى السجودين ، ولا يتعين ذلك وجوباً حتى في حالة الاختيار . بل له أن يكون متربعاً أو متوركاً أو حتى ماداً إحدى رجليه أن كليهما، ما لم يصدق العبث اختياراً . وأما في حالة الاضطرار فلا إشكال فيه .
40- كما أن الاستقلال في الجلوس في المواضع المشار إليها مما لا دليل عليه ، فله الاعتماد بيده على الأرض حال الجلوس ، أو على أي شيء آخر ، اختياراً فضلاً عن الاضطرار . وإن كان الأحوط خلافه .
41- ينبغي للفرد أن لا يتخذ خلال الصلاة في بعض أجزائها حالة جزء آخر ، كانحناء رأسه حال القيام كأنه يومي للركوع أو السجود ، ولكن لا إشكال فيه مع عدم قصده . بل هو كستحب مع قصد الخشوع والخضوع ، لا عبثاً ، كما أنه جائز مع الاضطرار ، بلا إشكال .
ومن أمثلة ذلك أيضاً ميل الجسم حال التشهد ، إلى حد الراكع جالساً ، وإن كان لا إشكال فيه مع عدم قصده ، وممكن حال الاضطرارا أيضاً .
ومن أمثلته : الإيماء بالعين حال السجود ، كأن يومي للسجود أو للركوع ، وحكمه ما سبق أيضاً ، بل هو راجح إن كان يقصد الخشوع .
42- من كان له في خلقته جبهتان أو وجهان ، فإن كان أحدهما أقوى سجد عليه وترك الآخر . وكذا من كان له رأسان ، وهما شخص واحد وإن كانا لشخصين كان لكل منهما سجوده . وكذلك لو كان له بدنان على حقو واحد . ولو كانا توأمين ملتصقين فإن أمكن لهما أه لأحدهما السجود الاختياري ، وجب ، وإلا أتى بالممكن منه. وإن تعذر مسماه أومأ بالرأس ثم بالعين ، كما سبق .
43- إذا قلنا بأن الواجب في النية اللفظ أو الإخطار الذهني ، أمكن فرض العجز عنهما ، وإن كانت مجرد القصد الارتكازي لم تتعذر ما دامت الصلاة ممكنة . ولكن إن عجز عن النية أو عن الترتيب أو عن الموالاة أو عن الالتفت إلى أجزاء الصلاة أو ركعاتها ، بسب نعاس شديد أو حزن أو عضب شديدين أو غير ذلك . فإن كان السبب قابلاً للزوال ، كما مثلنا ، انتظر حتى يزول إن وسع الوقت وإلا بذل أقصى إمكانه في الانتباه ، وإعتمد على الظن ، ولو ضعيفاً مع تعذر القوى . وأجزأه . وكذلك إن لم يكن قابلاً للزوال كالخرف والسفه الشديد . وإنما الفرق بينهما في جواز المبادرة إلى الصلاة وعدمه .

فصل
مبطلات الصلاة

44- ملخص المبطلات: الحث والتكفير والكلام والقهقهة والبكاء ومحو الصورة والالتفات إلى الخلف والأكل والشرب وقول أمين وزيادة أو نقصان الجزء الركني مطلقاً أو غيره عمداً ، والشك في إتمام ركعتين من الصلاة فنتكلم عنها فيما يلي في حدود ما هو المرتبط بموضوع الكتاب.
45- بعض هذه المبطلات تؤثر في إبطال الصلاة إذا وقعت عمداً خاصة ، وأما لو وقعت سهواً لم تبطل كالكلام والبكاء والقهقهة والأكل والشرب وقول أمين والتكفير. وفي وقوعها عن اضطرار أو إكراه لغير تقية وجهان أحوطهما الإباطال . أما في التقية فلا بطلان . وأما المبطلات الأخريات ، وهي الحدث ومحو الصورة والالتفات إلى الخلف ونقصان أو زيادة الجزء الركني ، فتبطل به الصلاة على كل حال . والسهو المشار إليه لا يفرق فيه بين أن يكون الإنسان في حال يكثر منه السهو كحال المرض أو الحزن أوغيرها ، أو في حال يقل فيه السهو كحال الطبيعي .
46- ذو الرأسين أو الجسمين على حقو واحد أو الملتصقين ، ما دام تعدد الفرد محرزاً، فإن لكل فرد حكمه الشرعي من هذه المبطلات . فقد يكون أوجد بعضها أحدهما دون الآخر أو أوجدها أحدهما سهواً والآخر عمداً وهكذا . فيتبع كل حكمه . نعم صدور المبطل من الجزء المشترك فيهما يبتع أخس القصدين . فلو أوجده أحدهما سهواً والآخر عمداً ، حكمنا بكونه عمداً على كليهما على الأحوط .
47- لو فرضنا شخصاً يدوم عليه حدوث المبطل بحيث لا يجد وقتاً كافياً للصلاة بدونه. وبعد التجاوز على الفروض النادرة يبقى عدد من الأشخاص تحت الفرض وهم دائم الحدث ودائم الحركة بالشلل ونحوه ، ومن يكون وجهه مستدبراً إلى أحد الجانبين خلقياً أو لعرض ثابت . أما دائم الحدث فقد تحدثنا عنه فيما سبق .
وأما الآخران فيصليان على حالهما . أما دائم البكاء لحزن شديد ونحوه فالبكاء بدون صوت غير مبطل للصلاة مطلقاً يهني سواء كان لدين أو دنيا . والبكاء بصوت ما لم يكن للدنيا اختياراً لم يبطل . وأولى بالصحة البكاء من خوف الله أو الطمع برحمته أو شوقً اليه ونحو ذلك . حتى لو كان بصوت عالٍ ما لم يكن ماحياً لصورة الصلاة.
48- كثرة الشك من الأمراض التفسية فلو حدث ذلك في الصلاة ، في ركعاتها أو أفعالها فلا عبرة به ، بل يبنى على وقوع الفعل ما لم يكن ذلك مفسداً فيبنى على عدمه . ولو كثر شكه في فعل معين من الصلاة كان كثير الشك به خاصة . والعبرة في الكثرة إلى العرف. ولا يبعد تحققها بثلاثة شكوك في عمل واحد من صلاة واحدة أو ثلاث صلوات متوالية .
وأما لو حدث ذلك في أصل الصلاة ، بمعنى كثرة شكه في أنه صلى أم لا ، فيجب عليه ايجاد الصلاة ما لم يحصل له الوثوق بوجودها ، ولو يمقدار قليل . ما لم يحصل الأمر به إلى حد الضرر أو الحرج ، فلا يجب.
49- من كثر نسيانه ، فإن كان ذلك سبباً للشك كان كثير الشك فيشمله ما سبق. وإن كان سبباً لليقين أو الاطمئنان بعدم حصول ما نسيه ، فيرتب الحكم على عدمه . فلو علم أنه لم يركع ركع ، فلو علم بعد ذلك خطأه وأنه قد ركع مرتين بطلت صلاته . ويكرر ذلك مما لم يبلغ إلى حد الضرر أو الحرج . وكذلك الحال بالعلم بعدم حصول الصلاة فإنه تجب عليه عندئذ ما لم يحصل ضرر أو حرج . وأما بالنسبة إلى الجزء غير الركني إن حصل له العلم والوثوق بتركه ففعله ، لم تبطل صلاته وإن انكشفت له الزيادة .
50- وكذلك الحال في صورة العلم أو الوثوق بالإتيان بالجزء ، فإنه يتركه . ويبني على الصحة . ما لم يؤد إلى العلم بعد ذلك بترك جزء ركني ، فيعيد الصلاة مكرراً ما لم يحصل ضرر معتد به أو حرج . وكذلك لو علم أو وثق بعدم إتيانه بالصلاة صلى ولو انكشف التكرار ، ما لم يحصل الضرر أو الحرج .
51- يمكن الإتيان بصلاة الاحتياط وسجدة السهو ، مع تجدد العذر بعد التسليم بحسب ما هو الممكن من الأجزاء والشرائط كالصلاة جلوساً أو اضطجاعاً أو إيماء . كما لو تجدد له العذر خلال الصلاة نفسها وإن كان الأحوط استحباباً له في كل ذلك الإعادة مع ارتفاع العذر في الوقت خاصة ، في غير صورة ضيق الوقت .
52- لو صلى الصلاة بعذر إيماء أو جلوساً ، ثم ارتفع عذره بعد التسليم ، وجب أن يصلي صلاة الاحتياط ويأتي بسجود السهو ، بحسب إمكانه الجديد . ولا تجوز المماثلة بينها وبين الصلاة بعد ارتفاع العذر.
 

السابق  || التالي

السيرة الذاتية || الصور || المؤلفات || ما كتب حوله