إبراهيم ( عليه السلام )
الشبهة (4) :
قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ
أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً)(الأنعام: من الآية74) أليس قول
إبراهيم لأبيه ( آزرّ ) باسمه فيه سوء أدب منه (ع) تجاه آزرّ أو ما
شابه ؟ .
الجواب :بسمه تعالى : هذا لاجل هدايته وإصلاحه في الدنيا والاخرة
كما قال له : (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا
لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً)
(مريم:43) . وكانت محاولته لهدايته عديدة لانه يعتبرها الجزء
الحقيقي تجاه أتعابه عليه .
فان الجزاء الحقيقي انما هو سعادة الاخرة لا سعادة الدنيا , بل من
الممكن القول ان سوء الادب سيكون لو تركه سائرا ً في غيه مستمرا ً
على ذنوبه وليس سوء الادب في الهداية أكيدا ً .
مضافا ً الى ان السؤال ينفتح لو آزارّ هو أبوه ووالده الحقيقي ,
ليكون سوء الادب تجاهه متحققا ً. مع التنزل عما سبق . ولكن ثبت
بالدليل عدم كونه أبا ً له . وانما يناديه بذلك باعتباره المربي له
ومعه فسوء الادب تجاهه ليس بفضيع لانه ليس والده الحقيقي .
مضافا ً الى ان سياق الآية واضح في ان ( آزر ّ ) لم يقع في كلام
إبراهيم (ع) وانما يبدأ كلامه بقوله :
( أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً)(الأنعام: من الآية74) .
الشبهة (5) :
قال تعالى : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ
إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ
لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ........)
(التوبة: 114) .
اعتقد ان عداء ( آزر ) وكفره بالله ( تبارك وتعالى ) كان ظاهرا ً
غير خاف عن إبراهيم (ع) منذ البداية , فبماذا تفسرون لنا قوله
تعالى (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ ؟ .
الجواب : بسمه تعالى :اعتقد ان الرد :انه تبين له انه لا يستحق
المغفرة وان الله لن يغفر له .أو تبين له :انه غير صالح للهداية بل
هو مصر ومعاند . وهذا لم يكن واضحا ً من قبل .كما قال تعالى : (مَا
كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ
عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )(آل عمران:
من الآية179) .
الشبهة (6) :
قال تعالى : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً
قَالَ هَذَا رَبِّي)(الأنعام: 76) . وقال تعالى : (فَلَمَّا رَأى
الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي )(الأنعام: من الآية77)
وقال تعالى :( فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا
رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ )(الأنعام: من الآية78) .
اليس في قوله (ع) هذا شرك ظاهر لا نعلمه منه (ع) ؟ .
الجواب : بسمه تعالى : جواب ذلك موجود في كل كتب التفسير . وحاصر
الوجوه الممكنة عدة أمور :
الاول : ان يكون قوله : ( هذا ربي ) مسوقا ً مساق الاستفهام
الاستفهتم الاستنكاري , يعني ان هذا لا يمكن ان يكون ربي .
الثاني : ان يكون ترديدا ً لاعتقاد الكافر لاجل الوصول بهم الى
النتيجة التي يريدها وهي التوصل الى التوحيد المطلق . لكي يكون ذلك
لزاما ً لهم وهداية لهم .
الثالث : ان يكون هذا من قبيل مستويات التربية التي مر بها إبراهيم
(ع) , قبل بلوغه الدرجة الرفيعة . وكان هذا حاصلا ً في أول أمره
كما هو واضح تأريخيا ً .
كما انه من الواضح انه مر تدرج في المراتب فقد جعله رسولا ً , ثم
جعله خليلا ً , ثم جعله إماما ً . فمن الممكن ان يكون قد مر في
مراحله الاولى بمثل ذلك .
الشبهة (7) :
قال تعالى : (فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (الصافات:89) . وقال تعالى
:( قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ
كَانُوا يَنْطِقُونَ) (الانبياء:63) . اليس في هذا الدعاء منه (ع)
كذب ( على الظاهــــــر) وهو المعصوم (ع) ؟
الجواب : بسمه تعالى : أما الآية الاولى فجوابها واضح , لاننا لا
نستطيع نا نقول كونها كذب لاحتمال ان يكون سيقما ً فعلا ً لمرض فيه
بل يجب ان نقول ذلك لانه معصوم لا يكذب .
واما الآية الثانية : فكل كتب التفسير تصدت لذكر الوجوه فيها .
ومنها :
أولا ً : ان هذا الخبر يعتبره منوط بالشرط : ((إِنْ كَانُوا
يَنْطِقُونَ)) . ولكن حيث انهم لا ينطقون . اذن فلم يفعله كبيرهم .
ثانيا ُ : ان ( كَبِيرُهُمْ ) ليس فاعلا ً بل مبتدأ وخبره هذا يعني
هذا هو كبيرهم . وأما فاعل
( فعله ) فهو ضمير ليس له ذكر في العبارة يعود على الفاعل الواقعي
.
ثالثا ً : ان المراد من (كَبِيرُهُمْ ) انسان لا صنم , وهو اما ان
يراد به إبراهيم كما أحتمله بن عربي في تفسيره با عتبار تسلطه
عليهم وعلى تكسيرهم . ويراد به نمرود الذي جعله ونصبه للعبادة (1)
. ويكون الفعل المسند اليه هو الضلال الناتج منه وليس التكسير .
الشبهة (8) :
قوله تعالى : ( وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)(البقرة: من
الآية260) . نحن نعلم ان إبراهيم (ع ) وجميع المعصومين عليهم
السلام في أعلى درجات اليقين بقدرة الله عز وجل على احياء الموتى .
فكيف كان هذا القول منه ؟
الجواب : بسمة تعالى : الاطمئنان حالة نفسية , واليقين حالة عقلية
. فيمكن ان يكون اليقين موجودا ً , والاطمئنان النفسي أي استقرار
القلب والخلود الى الراحة الفكرية غير موجود . وبذلك العمل الذي
أمره الله تعالى به حصل له الاطمئنان و وليس هو اليقين لكي يصح
السؤال .
الشبهة (9) :
قال تعالى :( نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً )(هود: 70) .
وقال تعالى :( فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ
)(الذريات:28) وقال تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ
الرَّوْعُ)(هود:74) .
الخوف من غير الله قبيح وهو منهم (ع) اقبح . والمعروف ان موطنه
الاصلي هو النفوس غير المتكاملة ,فكيف تفسرون لنا خوف إبراهيم (ع)
وهو في أعلى درجات تكامله النفسي ؟ وقد يقال نفس الشيء تجاه موسى
(ع) بعد قتله للقبطي ؟ .قال تعالى :( وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ
فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (الشعراء:14) وقال تعالى : (قَالا
رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ
يَطْغَى) (طـه:45) . وقال تعالى :
( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ)(القصص:18) .
الجواب : بسمه تعالى : الخوف من غير الله سبحانه ليس بقبيح لانه
قهري وجبلي لايمكن الفكاك منه وهو مقتضى النظر الى الاسباب التي
سنها الله تعالى في خلقه . كقول زوجة إبراهيم (ع) ) أَأَلِدُ
وَأَنَا عَجُوزٌ)(هود: من الآية72) .وقول زكريا : ( أَنَّى يَكُونُ
لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ
الْكِبَرِ عِتِيّاً) (مريم:8) .
هذا مضافا ً الى انه يمكن ان يرى الفرد وجود مصلحة عامة في الحفاظ
على ذاته لاجل اطاعة الله وهداية الناس . فيجب عليه تجنب أسباب
الموت والقتل . فيكون خوفه مشروعا ً وصحيحا .
الشبهة (10) :
قال تعالى: ( يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ , إِنَّ إِبْرَاهِيمَ
لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) (هود:75) .
قد يقال في المقام . ان الرسل ليس لهم الا التبليغ والامتثال لامر
الله المولى جل وعلى , فما معنى مجادلة إبراهيم (ع) فيهم ؟
الجواب : بسمه تعالى : هو يرجو رحمة الله فيهم والعطف عليهم . فاذا
حصل الإصرار على ذلك وذكر المبررات له , صدق معنى المجادلة وهو غير
مخل بمقام النبوة .