مَنْ يشتم العلماء اليوم كان سيشتم الإمام الرضا ( ع ) في زمانه


من ضمن ما ورد من إشكالات وشُبُهات عقائدية في أصول الدين ، وتحديداً في أصل العدل ، هو أن الإنسان قد يرتكب من الكبائر والذنوب لمعدل معين من السنين التي تمثل عمر ذلك الإنسان المذنب والتي قد تكون كمعدل في أعلى نِسبهِ الثمانين عاماً فهل من العدل بأن يُعاقَب ذلك المذنب ، وأن تكون عقوبته جهنم خالداً فيها وليس لمدة ما أرتكب فيها من ذنوب أي أن الإشكال هو أن يعاقب عدلاً بقدر ما عاش من العمر أي أن يبقى في جهنم لمدة ثمانين عاماً على سبيل المثال،وليس إلى ما لا نهاية في ذلك العذاب،وجواب هذا الإشكال هو أن هذه الدنيا الفانية ما هي إلا مسرحاً للاختبار يتم فيها الكشف عن ملكات واستعداد ونوايا الإنسان وهذا الكشف يكون للإنسان نفسه أولاً لكي لا يعترض فيما بعد على ما آلت إليه أفعاله ونواياه أي سيكون الإنسان غير قادر على الاعتراض في يوم الحشر و بما ستشهد عليه أجزاءه وبالتالي فإن هذا الإنسان العاصي حتى لو عاش خالداً في الدنيا أو إلى ملايين السنين سيبقى يرتكب نفس الذنوب والكبائر والمعاصي وبالتالي سيكون عقابه على قدر ذلك الاستعداد في أن يكون عاصياً مذنباً إلى ما لا نهاية،ألا ترى أننا عندما نرى في المنام كوابيساً مزعجة نقول في حينها لو نجانا الله منها لنكونن من التائبين فماذا يحصل بعد الاستيقاظ من النوم إن الذي يحصل هو العودة إلى الذنب من جديد وممّا يدعم ويؤكّد رؤيتي هذه هو قول البارئ عزَّ وجلّ في كتابه الكريم ((مَنْ قتلَ نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنَّما قتلَ الناسَ جميعاً ومَنْ أحياها فَكأنَّما أحْيا الناسَ جميعاً)) فإنِّي أرى أنَّ أحد أوْجه التفسير لهذه الآية الكريمة وإنْ كنْتُ لَستُ مُختَصَّاً في التفسير ولكنَّني أطرح رؤيتي حَوْل هذه الآية على سبيل الأطروحة ، فإنّي أرى أنَّ المقصود في هذه الآية هو أنَّ الإنسان الذي يتجرَّأُ ويستسيغ قتل النفس الإنسانية بغير حقٍّ ولو لِمرَّةٍ واحدة فإنَّ ذلك سيؤدّي الى كسر الحاجز النفسي بينه وبين الإقْدام على إزهاق الروح الإنسانية ولو لملايين المرّات التي تَعْقُب ذلك العمل الإجرامي الأول من دون وجَلٍ أو تردّد لأنَّه بذلك يكون قد إمتلك الإستعداد النفسي لذلك الفعل من دون رادعٍ يردعه أو صوت ضمير يحاسبه وبذلك فإنَّ الله تعالى يحاسبه على ذلك الإستعداد النفسي لأنَّ ذلك الإنسان لو توفَّرت له الفرصة وَدَعَت الحاجة إلى تكرار جريمة قتل النفس المحترمة لَما تردَّد في ذلك وفي الشَقِّ الثاني من الآية الكريمة سيكون جزاء وثواب منْ أنقذَ وأحيا النفس الإنسانية ولو لمرَّة واحدة هو نفس جزاء وثواب مَنْ أنقذ وأحيا الناس جميعاً لأنَّه يمتلك الإستعداد النفسي لتكرار عملية الإقدام على التضحية في سبيل إنقاذ وإحياء الناس ولو لملايين المرات إذا ما دعت الضرورة لذلك ، وعلى بحث تفصيلي لا يسع المقام لذكره(يراجع فيها كتب أصول الدين للفيلسوف الشهيد مرتضى مطهري أو للسيّد عبد الحسين دستغيب او للسيد كاظم الحائري أو (دروس في العقيدة) لمحمد تقي مصباح اليزدي أو (ألف باء الإسلام) للسيد هادي المدرسي ،
ومن هذا أردتُ أن أقول بأن الذي يشتم ويتجاسر على العلماء اليوم يمتلك من الاستعداد النفسي الذي يؤهله لأن يتطاول على المقام المقدس للإمام الرضا(ع) فيما لو كان معاصراً له ، إذ يا ترى ما كان قوله عندما يرى الإمام الرضا (ع) يجاور المأمون في قرب أحد قصوره في مدينة مرو ، وما كان قوله وهو يشهد علاقة المصاهرة التي حدثت بين الإمام الرضا (ع) والطاغية المأمون..؟ أني أجزم يقيناً بأن هؤلاء لكانوا قد تطاولوا على المقام المقدس للإمام الرضا(ع) ولكانوا مع الخوارج والمبغضين والمنافقين والناصبين العداء لأهل البيت(صلوات الله عليهم أجمعين).
وأذكر لكم دليلاً معاصراً على ما تقدم ، إذ أن السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر(سلام الله عليه) لم يكن يجاور صدام الكافر ( طاغية البعث اللعين الذي حكم العراق لعقود من الزمن ) ولم تحدث بينهم علاقة مصاهرة بل لم يلتقي به على الإطلاق وكان الاتصال الوحيد الذي حصل بينهما هو عندما اتصل صدام الكافر هاتفياً بالسيد الشهيد الصدر الثاني(قدس الله خَفِيُّه) قبل يوم من الجمعة الأخيرة في حياته وطلب منه عدم إقامة الصلاة في هذه الجمعة التي كان يقيمها الشهيد الصدر الثاني بنفسهِ في مسجد الكوفة المعظم فما كان من السيد الشهيد الصدر الثاني(سلام الله عليه) إلا أن أجابه بهذه العبارة ( الصلاة بأمر الله وليس بأمرك ) وأقفل الخط الهاتفي بوجههِ فإغتاله في اليوم الثاني مباشرةً بسيناريو محترف إنكشف فيما بعد بإعتراف قادة البعث الكافر بعد سقوط النظام ، وكان خلال كل خطب الجمع التي أقامها الشهيد الصدر الثاني(قدس الله خَفِيُّه) في مسجد الكوفة المعظم يتناول الدولة بالنقد وبشكل علني وتحدٍ صريح بالإضافة إلى ما كان يفعله وكلاء السيد الشهيد الصدر الثاني(قدس الله خَفِيُّه) في بقية المحافظات التي تقام فيها شعيرة الجمعة المقدسة في وسط وجنوب العراق مما أحدث ثورة شعبية عارمة ألهبت حماس الجماهير التي التفت حول هذه المرجعية الشجاعة الثائرة المصلحة وبرغم كل ذلك ألصقت التهم بالشهيد الصدر الثاني(قدس الله خَفِيُّه) في أنه عميل لصدام الكافر ولسلطة البعث وأُشيعَ ذلك محلياً وإقليميا وعالمياً إذ أن الشجاعة والتضحية التي أبداها الشهيد الصدر(سلام الله عليه) فاقت كل التصورات وإن الجبناء والمتخاذلين لم يستطيعوا أن يعترفوا على أنهم جبناء فأرادوا تصوير الشهيد الصدر الثاني(سلام الله عليه) على أنه عميل إذ لا يعقل بحسب إدّعائهم أن يكون هناك رجل في هذا العصر بهذا المستوى من الشجاعة والتضحية لكي لا ينكشف أمرهم وتنفضح ادعاءاتهم الباطلة وأحلامهم الدنيوية للجماهير.
وبعد كل ما تقدم أعتقد أن الجميع سيتفق معي بأن من يشتم العلماء اليوم ويتصدى للشهيد الصدر الثاني(قدس الله خَفِيُّه) كما تقدم سيكون يقيناً من المناوئين والمحاربين للإمام الرضا(ع) فيما لو عاصره لأنهم يمتلكون الاستعداد النفسي لذلك .



 

              

 

الرئيسية