مركز الصدرين للدراسات السياسية || الكتب السياسية

ولاية الأمر

ادلة وجوب اقامة الدولة الإسلامية

1ـ القرآن الكريم
2ـ السنة
3ـ العقل
4ـ الاجماع
مسألة وجوب اقامة الدولة في الاسلام توشك ان تكون من ضروريات هذا الدين، إلاّ ان الفترة الزمنية الطويلة التي حجب الإسلام فيها عن التصدي للحكم والقيادة أدت الى تضبيب الرؤية الفقهية والفهم الفقهي لهذه المسألة، مما يحوجنا ان نثير البحث عنه من الزاوية الفقهية في هذه الدارسة، للتوصل الى غاية هذا البحث في (ولاية الأمر) واليك إشارة الى جملة من هذه الأدلة.
***
1 ـ من القرآن الكريم
الخطاب القرآني للهيئة الاجتماعية
في القرآن الكريم طوائف من الخطاب لا نستطيع ان نفهمها فهماً صحيحاً، ولا يمكن تطبيقها إلا من خلال وجود سيادة مركزية شرعية، وهذه الطوائف من الآيات تدل بصورة غير مباشرة(بالملازمة) على وجوب الدولة الإسلامية، بشكل صريح.
ونحن نقتصر هنا على ذكر ثلاث طوائف من هذه الآيات، وفي القرآن طوائف أخرى وشواهد كثيرة على ما نقول نقتصر منها على ما يمكن الاستشهاد والاستدلال بها.
الطائفة الاولى:
وهي الآيات الدالة على وجوب القضاء والحكم والفصل فيما بين الناس ووجوب اجراء الحدود ووجوب جهاد الكفار وقتالهم، واليك نماذج من هذه الآيات في وجوب اجراء الشرعية يقول تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)[1].
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)[2].
(السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ)[3].
وفي معاقبة البغاة والمحاربين يقول تعالى:
(إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[4].
وفي الإصلاح والقتال يقول تعالى:
(وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)[5].
(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ)[6].
(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[7].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[8].
(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه)[9].
هذه نماذج من الطائفة الأولى من آيات الاحكام تشير الى أحكام الزامية قطعية في الإسلام.
وهذه الطائفة من آيات الاحكام تختلف عن الاحكام الالزامية التي تتعلق بذمة الافراد من قبيل قوله تعالى:
(وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ)[10].
(وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ)[11].
(أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)[12].
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[13].
(وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ)[14].
فهذه الطوائف من آيات الاحكام تخاطب الافراد وتلزمهم باحكام شرعية لها بالنسبة لكل فرد امتثال وعصيان، فقد يطيع احد حكم الصلاة او الصيام ويعصيه آخر، ولا تضر معصية الثاني بطاعة الأول، ونستطيع ان نسمي هذه الطائفة من الأحكام بالأحكام ذات الطابع الفردي وهي طائفة واسعة من الأحكام.
والى جانب هذه الطائفة توجد طائفة أخرى من الأحكام لا تخاطب الافراد بصفتهم الفردية وانما تخاطب المجتمع (الهيئة الاجتماعية) وليس لهذه الاحكام الاطاعة واحد وعصيان واحد في كل الهيئة الاجتماعية، ولا ينحصل الحكم ـ كما في الطائفة الاولى الى مجموعة من الاحكام الالزامية بعدد الافراد حتى يكون لكل فرد طاعة ومعصية مستقلة، وانما يكون للحكم طاعة واحدة ومعصية واحدة فقط.
وذلك لأن تنفيذ وامتثال هذه الطائفة من الاحكام لا يتم من دون وجود أمرين، لابد منهما، لتنفيذ هذه الاحكام، وهذان الأمران هما:
1 ـ القوة والنفوذ وبسط اليد.
2 ـ الشرعية.
وهذان العنصران هما العنصران الرئيسيان اللذان يشكلان العمود الفقري للدولة، فلابد من وجود قوة ونفوذ وسلطان في تنفيذ هذه الاحكام، يعاقب المتخلفين ويلزمهم بإطاعة الحكم الشرعي.
ولابد من ان تملك هذه السلطة سيادة شرعية لتتمكن من تنفيذ هذه الاحكام.
وهذان العنصران هما العنصران الاساسيان المكونان للدولة الاسلامية ولا تقوم الدولة الا بهما، ولا يمكن تنفيذ هذه الاحكام الا بهما، فلابد لتنفيذ هذه الخطابات من قيام دولة اسلامية تتمتع بالقوة والشرعية لتتمكن من تنفيذ هذه الاحكام.
يقول الشيخ المنتظري(حفظه الله) في تقرير دروس استاذه السيد البروجردي(رحمه الله): (ان في الاجتماع الامور لا تكون من وظائف الافراد، ولا ترتبط بهم، بل تكون من الامور العامة الاجتماعية عليها حفظ نظام الاجتماع، مثل القضاء، وولاية الغيب، والقصر، وبيان تعريف اللقطة، والمجهول المالك، وحفظ الانتظامات الداخلية، وسد الثغور، والامر بالجهاد، والدفاع عند هجوم الاعداء، ونحو ذلك مما يرتبط بسياسة المدن. فليست هذه الامور مما يتصدى اليها كل أحد بل تكون من وظائف قيم الاجتماع ومن بيده أزمة الامور الاجتماعية وعليه اعباء الرياسة والخلافة).
ثم يقول عن الإسلام ان (اكثر احكامه مرتبطة بسياسة المدن وتنظيم الاجتماع وتأمين سعادة هذه النشأة ولأجل ذلك أتفق الخاصة والعامة على أنه يلزم في محيط الإسلام وجود سائس وزعيم يدير أمور المسلمين بل هو من ضروريات الإسلام، وان اختلفوا في شرائطه وخصوصياته وان تعيينه من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم او بالانتخاب العام[15].
ويقول صاحب (العقائد النسفية): والمسلمون لابد لهم من أمام يقوم بتنفيذ احكامهم واقامة حدودهم، وسد ثغورهم،وتجهيز جيوشهم، واخذ صدقاتهم، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطرق واقامة الجمع والاعياد وقطع المنازعات الواقعة بين العباد، وقبول الشهادات القائمة على الحقوق[16].
ويقول مؤلف (السياسة الشرعية) في فصل وجوب اتخاذ الامارة (فاوجب صلى الله عليه وآله وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على سائر انواع الاجماع، ولأن الله تعالى اوجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك الا بقوة وامارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل، واقامة الحج، والجمع، والاعياد،ونصر المظلوم، واقامة الحدود، ولا تتم الا بالقوة والإمارة)[17].
الطائفة الثانية:
وهذه طائفة من الآيات مما يتطلب تنفيذها وجود سيادة مركزية شرعية نذكر منها نموذجين فقط وهما آيتا (الاعتصام والسلم).
1 ـ آية الإعتصام:
يقول تعالى: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا) [18].
الإعتصام بحبل الله في هذه الآية المباركة تكليف للمجموع، بصفة الجمع(من قبيل العموم المجموعي) وليس تكليفاً للافراد (اي ما يكون من قبيل العموم الاستغراقي) ولذلك فلا يكون لهذه الآية الكريمة في المجتمع الإسلامي الا امتثالاً واحداً، او عصياناً واحداً، ولا يمكن أن ينحلّ (كما في العموم الاستغراقي) الى مجموعة من الإلزامات والإلتزامات، ذلك ان الاعتصام بحبل الله في المجتمع أمر واحد، فأما ان يتم في كل المجتمع، او ينتفي، وليس بوسع كل فرد أن يكون له اعتصام مستقل عن الآخرين.
فان الاعتصام بحبل الله بمعنى طلب العصمة والوقاية والسلامة من السقوط والضياع والهلاك، ولا تتم هذه العصمة الا بالتمسك بحبل الله والإلتزام بحدوده تعالى.
والاعتصام بحبل الله على نوعين:
1 ـ الاعتصام الفردي.
2ـ الاعتصام الاجتماعي.
أما الاعتصام الفردي فهو تكليف متوجه الى الافراد بصفتهم الفردية. وينحل هذا الحكم الى مجموعة واسعة من الالزامات والالتزامات بعدد الافراد.
وكلما يحقق الاعتصام في مساحة من المساحات فردية او اجتماعية يؤتي اثره في تلك المساحة،ولو أن فرداً واحداً من المجتمع اعتصم بحبل الله واتقى الله تعالى ـ لوحده ـ لآتاه الله تعالى ثمار هذا الاعتصام والتقوى، ولو لم يشاركه فيه آخرون ( وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)[19].
فان الهداية ثمرة الاعتصام في أية مساحة فردية او أجتماعية.
( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) [20].
فان الدخول في رحمة الله وفضله والهداية الى الله من نتائج الاعتصام بالله، سواء كان الاعتصام قد تحقق في مساحة فردية ضيقة او في مساحة اجتماعية، والذي بعتصم بالله يدخله الله في رحمته ويهديه وهذا هو الاعتصام الفردي.
وفي مقابل ذلك الاعتصام الجمعي(بصفة المجموع) وهذا الاعتصام الثاين يختلف عن الاعتصام الاول في حقيقته وآثاره، فان الاعتصام الثاني لا يتحقق الا من قبل المجموع، ولا يمكن تحقيقه في مساحة من مساحات المتجمع دون سائر المساحات في المجتمع.
فاما ان يتحقق الاعتصام في كل المجتمع واما ان ينتفي في كل المجتمع وذلك ان الآية الكريمة تقيد الاعتصام بكلمة(جميعاً: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا) وكأن الجميع ان لم يعتصموا بمجموعهم فلا يتحقق الاعتصام اصلاً ثم يعقب ذلك بكلمة ( وَلاَ تَفَرَّقُواْ).
فعامل التفرق ـ إذن ـ ينفي الاعتصام من الأساس ويؤدي الى افشال واحباط القوة والسيادة في المجتمع الإسلامي( وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [21].
واذا انثلم الاعتصام بالتفرق والاختلاف فان نتيجة الاختلاف والتفرق تنال الجميع، حتى اولئك الذين بقوا متمسكين بحبل الله، ويكون مثل ذلك مثل قوله تعالى: ( وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً)، فان نتيجة الاختلاف والتفرق لا تقتصر على اولئك الذين تفرقوا فقط على محاور الهوى والطاغوت، وانما يشمل حتى اولئك الذين لم يمارسوا ظلماً وعدواناً وثبتوا على محور الهدى.
هذا في الشأن الدنيوي لأمثال هذه الذنوب، واما العقوبة الآخروية فهي تجري بميزان دقيق، ولا تصيب الا الذين ظلموا خاصة، ويكون مثل ذلك مثل القائد الذي يدعوا جيشه ان يتسلحوا وان يرصدوا العدو جميعاً لينتصروا عليه، فان تخلف جملة منهم عن اداء واجبهم من الرصد والمرابطة والتسلح، فان الهزيمة لا تصيب الذين تخلفوا منهم عن اداء واجبهم فقط، وانما تصيب الجميع.
إذن، التكليف بالاعتصام بحبل الله لا يمكن تنفيذه الا من خلال الهيئة الاجتماعية فقط.
ومن الواضح ان تنفيذ هذا التكليف من خلال الهيئة الاجتماعية لا يتم الا بوجود سلطة مركزية ذات نفوذ وقوة تتمكن من الزام الناس جميعاً بالتمسك بحبل الله ومراقبة حركة الناس وعقوبة المتخلفين.. ومن غير ذلك يستحيل تطبيق وتنفيذ هذا الحكم الشرعي.
والآية الكريمة تطلب من المسلمين أمرين اثنين: الاول منهما: ان يتمسكوا بحبل الله، والثاني: ان لا يسمحوا لأحد باختراق الاعتصام الجمعي بحبل الله، والامر الثاني لا يتم الا من خلال وجود سلطة مركزية شرعية كما اشرنا اليها من قبل.
2 ـ آية الدخول في السلم:
يقول تعالى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) [22].
وشأن هذه الآية الكريمة شأن آية الاعتصام، فإن هذه الآية تدعوا الى الدخول الجمعي في السلم، وتحقيق السلم لله في المجتمع، بصورة جمعية.
وكلمة (كافة) الواردة في الآية الكريمة صريحة في هذا الشأن، ولن يتحقق السلم في المجتمع بالتسليم لله والسلم في العلاقة بالله، في دائرة فردية او دائرة اجتماعية محدودة، وانما يتم في الوسط الاجتماعي العريض(كافة).
وقد يكون شطر من المجتمع سلماً لله تعالى ينفذون أحكام الله عن تسليم ورضا، ولكن شطر آخر تخترق هذا السلم، ويأذن في ذلك المجتمع بحرب من الله، فيفسدون حالة السلم في كل الوسط الاجتماعي، وينتفي السلم لله تعالى في ذلك المجتمع رأساً.
أرأيت لو أن جمعاً من المفسدين كانوا يمارسون الخروج على أحكام الله تعالى علانية وجهاراً في مجتمع مسلم، هل يصح ان يقال عن ذلك المجتمع أنه داخل ( في السلم كافة)؟
ولا يمكن ان يتحقق هذا السلم الاجتماعي الا بوجود سلطة مركزية ذات نفوذ وسلطان في حياة الناس تحمي المجتمع من حالات الاختراق الفردي والجماعي لحدود الله تعالى، وتحكم السلم لله تعالى في المجتمع بالقوة والسلطان ولهذه الطائفة من الآيات الكريمة نظائر أخرى في القرآن الكريم اكتفينا منها بهاتين الآيتين.
الطائفة الثالثة:
وهذه طائفة ثالثة من آيات القرآن الكريم نذكر منها آية (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر):
( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [23].
ولتوضيح دلالة هذه الآية الكريمة على وجوب اقامة سلطة وسيادة مركزية شرعية لابد ان نشير الى مجموعة من النقاط بالتسلسل.
1 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس غاية في حد ذاته، في احكام الله، (كما في الصلاة والصوم والحج)، وانما هو اداة لتحقيق حاكمية شريعة الله تعالى في المجتمع، ولذلك يرتفع الوجوب رأساً عند القطع بعدم جدوى الأمر بالمعروف، واليأس من تأثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما يتفق ذلك في كثير من الحالات.
وقد وردت جملة من النصوص الشرعية في هذا المعنى، نشير الى بعضها: منها ما روى عن أبي جعفر عليه السلام: (أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض.. ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتؤمن المذاهب، تحل المكاسب، وترد المظالم وتعمر الارض، وينتصف من الاعداء، ويستقيم الأمر)[24].
ومنها رواية ابن ابي عمير عن ابي عبد الله عليه السلام:(ما قدست أمة لم يؤخذ لضعيفها من قويها غير متعتع) [25].
وبموجب هذه الرواية، الأمر بالمعروف اداة لإسترداد حقوق الضعفاء من الأقوياء.
منها ما رواه احمد بن عيسى العلوي عن الحسن عن ابيه عن جده : (لا يحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيره)[26].
ومنها رواية تحق العقول عن أمير المؤمنين عليه السلام: (فبدأ الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه، لعلمه بأنها اذا أديت واقيمت استقامت الفرائض كلها، هينها وصعبها)[27].
2 ـ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر(امر) و(نهي) وليس توصية ونصيحة، والامر والنهي يستبطن سيادة الآمر وحاكميته على المأمروين، ويستبطن علو الآمر والناهي عن المأمورين، كما يقول علماء الاصول وهو يسلتزم ولاية الآمر والناهي، وحقه عليهم في الطاعة وهذه الولاية من ولاية الله تعالى ورسوله وأولي الامر على المؤمنين، وبموجب هذه الولاية والسيادة يجوز للآمرين بالمعروف ان يستعملوا القوة في الزام الناس بالطاعة واجبارهم على الاستسلام لحكم الله تعالى.
وقد ورد في ذلك مجموعة من الروايات نورد بعضها:
عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: (فانكروا بقلوبكم، والفظوا بالسنتكم، وصكوا بها جباهكم، ولا تخافوا في الله لومة لائم، فان اتعظوا،والى الحق رجعوا، فلا سبيل عليهم، انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، اولئك لهم عذاب أليم، هنالك فجاهدوهم بابدانكم وابغضوهم بقلوبكم، غير طالبين سلطاناً، ولا باغين مالاً، ولا مريدين بالظام ظفراً، حتى يفيئوا الى أمر الله ويمضوا على طاعته)[28] .
والحديث واضح في جعل السبيل على هؤلاء المنحرفين من قبل الله تعالى حتى يفيئوا الى أمر الله، وهذا السبيل هو السلطان والنفوذ.
وعن ابن ابي عمير عن يحيى الطويل عن ابي عبد الله عليه السلام قال: (ما جعل الله بسط اللسان وكيف اليد، ولكن جعلهما يبسطان معاً ويكفان معاً)[29].
فلابد ان يكون الى جانب بسط اللسان الكف ايضا، والا فلا ينفع بسط اللسان وحده، اذ كف الآمرون ايديهم عن المنحرفين من الناس.
وروى ابن جرير الطبري في تأريخه عن عبد الرحمن بن ابي ليلى الفقيه، قال: إني سمعت علياً عليه السلام يقول يوم لقينا أهل الشام: (أيها المؤمنون ان من رأى عدوانا يعمل به، ومنكراً يدعى اليه فانكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكر بلسانه فقد أجر، وهو افضل من صاحبه، ومن أنكر بالسيف، لتكون كلمة الله العليا، وكلمة الظالمين السفلى، فذلك الذي اصاب سبيل الهدى، وقام على طريق ونور في قلبه اليقين)[30].
قال الرضي : وقد قال عليه السلام في كلام له يجري هذا المجرى: (فمنهم المنكر للمنكر بقلبه ولسانه ويده، فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه، التارك بيده، فذلك مستمسك بخصلتين من خصال الخير، ومضيع خصلة، ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه، فذلك الذي اضاع اشرف الخصلتين من ثلاث وتمسك بواحدة، ومنهم تارك لانكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الاحياء، وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الامر بالمعروف والنهي عنه الا كنفثة في بحر لجّي، وان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق، وأفضل من ذلك كله عدل عند امام جائر)[31].
عن تفسير الامام الحسن العسكري عليه السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من رأى منكم منكراً فلينكر بيده، ان استطاع، فان لم يستطع فبلسانه، فان لم يستطع، فبقلبه فحسبه ان يعلم الله من قلبه أنه لذلك كاره)[32].
3 ـ ومن المؤكد الذي لا يمكن النقاش فيه أن الإسلام لن يسمح لعامة الناس ان يحملوا السلام بايديهم ويبحثوا في الاسواق والشوارع عن المنحرفين والعاملين بالمنكرات لضربهم او تأديبهم وعقوبتهم، فان ذلك يؤدي الى أشاعة الهرج والفوضى في المجتمع، ولا يمكن ان يقبل به الإسلام او اي نظام آخر، وكيف يمكن لنظام أن يأمر الناس ان يأخذوا بأيديهم السلاح ويلاحقوا المنحرفين بالضرب والجرح والقتل.
فلابد ـ اذن ـ ان يتم هذا التكليف الشرعي من خلال جهاز خاص بهذا الشأن ينهض بهذه المسؤولة الشرعية.
وفي القرآن الكريم في آيات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أشارة الى ذلك.
يقول تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[33].
وكلمة ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ) هي المقصودة بهذا الشأن في هذه الآية المباركة، فليس كل المسلمين ينهضون بهذا الشأن، وانما امة (جماعة) منهم، وكلمة (منكم) في الآية الكريمة ظاهرة في التبعيض، تدل على ان هذا التكليف الإلهي يخص جماعة وطائفة من المؤمنين فقط في مقابل الآيات التي تعمم هذا التكليف الإلهي على عامة المؤمنين لقوله تعالى: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)، حيث تفيد عمومه تكليف الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لكل المؤمنين، وكان لهذا التكليف الإلهي نحوان من التنفيذ: نحو يتطلب التنظيم والتخصيص والولاية، ونحو آخر يعم كل المؤمنين ولا يستلزم الهرج والفوضى، ويستطيع ان ينهض به عامة المؤمنين من غير ان يحدث خلل في الحياة الاجتماعية.
4 ـ ويشترط في عمل هذه الطائفة من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر إذن الامام وموافقته وترخيصه، ولا يصح عملهم في الضرب والجرح والقتل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير إذن الإمام وموافقته، وذلك لحرمة اراقة الدم إلاّ اذا كان بمجوز قطعي.
فان قاعدة الاحتياط في باب الدماء والاموال تقتضي الأخذ بهذا الشرط (إذن الإمام) في الضرب والجرح وحجز الاموال من باب القدر المتيقن، والقدر المتيقن من تجاوز حرمة الدماء والاموال هو إذن الامام وموافقته وتخويله، وقد ورد في الحدود تصريح بذلك في الروايات، فعن الامام الصادق عليه السلام: (اقامة الحدود الى من إليه الحكم)[34].
وملاك الامرين في باب الحدود وباب الضرب والجرح في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واحد، وقد صرح باشتراط شرعية الضرب والجرح في باب الامر بالمعروف بإذن الامام وموافقته جمع من الفقهاء[35]منهم الشيخ في النهاية، قال رحمه الله : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجبان بالقلب واللسان واليد اذا تمكن المكلف من ذلك، وعلم أنه لا يؤدي الى ضرر عليه ولا على احد من المؤمنين.. وقد يكون الامر بالمعروف باليد بان يحمل الناس على ذلك بالتأديب والردع وقتل النفوس وضرب من الجراحات الا ان هذا الضرب لا يجب فعله الا بإذن سلطان الوقت المنصوب للرياسة[36].
وقال المحقق في الشرائع: (والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان اجماعاً.. ولو افتقر الى الجرح والقتل هل يجب؟ قيل: نعم، وقيل: لا، إلاّ بإذن الامام، وهو الأظهر)[37].
5 ـ وهذا شرط هل هو شرط للوجوب او الوجود(الواجب)؟ فاذا كان الثاني، هو ما نرجحه، فان كل الادلة الآمرة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر تدل على وجوب تحصيل القوة، وعلى وجوب اقامة الدولة لتحقيق القوة والسلطان الذي لابد منه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والقرائن والشواهد تدل وتشهد على ماذكرنا من رجوع الشرط الى الوجود (كما في اشتراط الصلاة بالطهور) وليس الى الوجوب(كما في اشتراط الحج بالاستطاعة والزكاة بالنصاب)، وذلك من قبيل الاطلاقات الآمرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فان الذي يمعن النظر في هذه الاطلاقات يجدها آبية عن تقيد الوجوب بشرط القدرة وشرط قيام سلطان للحق.
وعليه فان ادلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الكتاب والسنة تدل على وجوب اقامة الدولة الاسلامية، لتمكين المؤمنين من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع الإسلامي.
2 ـ من السنة
رواية الفضل بن شاذان:
روى الصدوق في كتابيه الحليلي عيون اخبار الرضا[38]وعلل الشرائع[39]، فقال: حدثني عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان النيسابوري.. فان قال قائل ولم جعل اولي الامر، وأمر بطاعتهم؟ قيل: لعلل كثرة:
منها ان الخلق لما وقفوا على حد محدود، وأمروا أن لايتعدا تلك الحدود، لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك، ولا يقوم الا بان يجعل عليهم فيها أميناً يأخذهم بالوقت لما أبيح لهم، ويمنعهم من التعدي على ما حظر عليهم، لأنه لو لم يكن ذلك لكان احد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيماً يمنعهم من الفساد، ويقيم فيهم الحدود والاحكام.
ومنها انا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة الملل بقوا وعاشوا الا بقيم رئيس، لما لابد لهم منه في أمر الدين والدينا، فلم يجز في حكم الحكيم ان يترك الخلق مما يعلم أنه لابد لهم منه، ولا قوام لهم الا به فيقاتلون به عدوهم، ويقسمون به فيئهم، ويقيمون جمعتهم وجماعتهم، ويمنع ظالهم من مظلومهم.
ومنها: أنه لو لم يجعل لهم أماماً قيّماً، او أميناً حافظاً مستودعاً لدرست الملة، وذهب الدين، وغيرت السنن والاحكام، ولزاد فيه المتبدعون ونقصس منه الملحدون، وشبه ذلك على المسلمين، اذا قد وحدنا الخلق منقوصين محتاجين، غير كاملين، مع اختلافهم واختلاف اهوائهم وتشتت حالاتهم، فلوا لم يجعل فيها قيماً حافظاً لما جاء به الرسول الاول لفسدوا على نحو ما بيناه، وغيرت الشرائع والسنن والاحكام والإيمان، وكان في ذلك فساد الخلق اجمعين وفي ، نهاية الرواية وهي رواية طويلة، روى الصدوق رحمه الله، عن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: قلت للفضل بن شاذان لما سمعت منه هذه العلل: أخبروني عن هذه العلل التي ذكرتها عن الاستباط والاستخراج وهي من نتائج العقل او هي مما سمعته ورويته؟
فقال لي: ما كنت أعلم مراد الله بما فرض ولا مراد رسوله بما شرع وسنّ، ولا اعلل ذلك من ذات نفسي، بل سمعنا من مولاي ابي الحسن علي بن موسى الرضا مرة بعد مرة، والشيء بعد الشيء، فجمعتها. فقلت: فاحدث بها عنك عن الرضا عليه السلام؟
فقال نعم.
توثيق سند الرواية
الفضل بن شاذان من ثقاة اصحاب الامامين الهادي والعسكري عليهما السلام صرح بجلالة قدره الشيخ في الفهرست، والنجاشي، وغيرهما.
واما عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار فهو من مشايخ الصدوق، وقد ترضى عليه في المشيخة[40]فان كان ذلك يثبت وثاقته فهو دليل على وثاقته، الا فلم يصلنا توثيق له.
واما علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري فقد اختلفوا فيه. فقالوا بوثاقته لإعتماد الكشي عليه في كتاب الرجال، ولذا ذكره الشيخ الطوسي بالفضل، ونفى صاحب المدارك وثاقته، ويميل الى ذلك سيدنا الاستاذ الخوئي دام ظله.
ومهما يكن من شأن سند الرواية، فان رواية الفضل بن شاذان تشير الى ثلاث نقاط رئيسية في ضرورة وجود الدولة.
1 ـ حماية الضوابط الاجتماعية، فلا يمكن ان يعيش الناس حياة آمنة مطمئنة وسليمة من دون وجود ضوابط اجتماعية، وهي الحدود الآلهية التي يحمي الناس بعضهم من عدوان بعض، والتي تضبط الغرائز والانفعالات، وتنظم حياة الناس.
ولابد لهذه الضوابط من رقابة وحماية ومن دون وجود رقابة وحماية لا تكون هذه الضوابط قادرة على تنظيم حياة الناس، والدولة هي التي تنهض بشأن الرقابة وحماية الضوابط وصد التجاوزات.
2 ـ ولابد للمجتمع من توفير الخدمات الاجتماعية الضرورية في الدفاع، وتوفير الامن الداخلي والشؤون الصحية وشؤون التربية والتعليم، وتوفير المواد الاساسية لمعيشة الناس، وما شابه ذلك من ضروريات الحياة الاجتماعية، ولا يمكن لفرد او مجموعة من الافراد من القيام بهذه الخدمات، ولا يمكن ان ينهض كل فرد في المجتمع بتوفير الخدمات التي تخصه.
وكلما تتقدم الحياة الاجتماعية تزداد هذه الضروريات وتتسع دائرتها،و تزداد تعقيداً، ولا يمكن ان يقوم بها غير أجهزة الدولة المتخصصة بهذه الشؤون.
3ـ وأخيراً من الضروريات الأساسية في المجتمع حماية الدين من التحريف والتشويه وسوء الاستغلال. فان الدين قوة كبرى في المجتمع، وهو معرض دائماً للتحريف وسوء التأويل والاستغلال، ولابد من وجود سلطان نافذ قوي في المجتمع يحمي الدين من سوء الاستغلال والتحريف، وهذا السلطان هو سلطان الدولة الإسلامية.
هذه هي النقاط الرئيسية المذكورة في رواية الفضل بن شاذان في تفسير وتوجيه ضرورة الدولة في حياة المجتمع.
ومن المؤكد ان هذه الضروريات الثلاثة لا تختص بوقت، وكما هي قائمة في عصر الحضور فهي قائمة في عصر الغيبة ايضا. وهذه الضروريات الثلاثة تستوجب السعي والعمل لإقامة الدولة الإسلامية من قبل عامة المكلفين.
يقول الغزالي: (نظام الدين بالمعرفة والعبادة لا يتوصل اليها لا بصحة البدن وبقاء الحياة وسلامة قدرة الحاجات من الكسوة والسكن والأمن.. وليس يأمن الإنسان على روحه وبدنه وماله ومسكنه وقوته في جميع الاحوال.. فلا ينتظم الدين الا بتحقيق الأمن على هذه المهمات الضرورية وإلا فمن كان جميع اوقاته مستغرقاً بحراسة نفسه من سيوف الظلمة متى يتفرغ للعلم والعمل وهما وسيلتاه الى سعادة الآخرة. فإذن بأن أن نظام الدنيا شرط لنظام الدين)[41].
ثم يقول: (وعلى الجملة لا يتمادى العاقل في ان الخلق على اختلاف طبقاتهم وما هم عليه من تشتت الأهواء وتباين الآراء لو خلوا وآراؤهم، ولم يكن لهم رأي مطاع يجمع شتاتهم لهلكوا من عند آخرهم، وهذا داء لا علاج له الا بسلطان قاهر مطاع يجمع شتات الآراء.. فبان ان السلطان ضروري في نظام الدنيا، ونظام الدنيا ضروري في نظام الدين، ونظام الدين ضروري في الفوز بسعادة الآخرى، وهو مقصود الانبياء طبعاً، وكان وجوب الامام من ضروريات الشرع الذي لا سبيل الى تركه)[42].
***
3 ـ الدليل العقلي
بامكاننا ان نصوغ هذا الدليل بصورة القياس الاستثنائي وهو يتركب من مقدمتين ونتيجة:
اما المقدمة الاولى فتختص بضرورة وجود الدولة لأي مجتمع، اذ لا يمكن ان تنظم الحياة الاجتماعية من دونها، سواءً كانت هذه الدولة دولة رشيدة تحكم بشريعة الله تعالى، ام دولة ظالمة جائرة(وهذه مقدمة عقلية).
والمقدمة الثانية تتناول حرمة الارتباط بدولة جائرة ووجوب رفضها ومكافحتها وحرمة التعاون معها.(وهذه مقدمة شرعية).
والنتيجة العقلية التي تترتب على هاتين المقدمتين هي وجوب اقامة الدولة الإسلامية لإستيفاء الضرورة المذكورة في المقدمة الاولى، واجتناب الارتباط بالطاغوت الذي تحدثنا عن حرمته في المقدمة الثانية.
واليك تفصيل هاتين المقدمتين والنتيجة المترتبة عليها.
ضرورة (الدولة) في حياة الناس:
وهذه هي المقدمة الاولى التي وصفناها بـ(العقلية) وأهم النقاط الأساسية في ضرورة الدولة في حياة الناس ثلاثة:
1ـ توفير الخدمات الضرورية:
وهذه الخدمات لا يمكن ان ينهض بها بطبيعة الحال فردا او مجموعة افراد، فهي ضرورية، واسعة، وذات احجام كبيرة من الناحية المادية والمعنوية ينوء بها الفرد، كالخدمات الصحية وخدمات المواصلات وخدمات التربية والتعليم، وتوفير المواد الغذائية وضرورات معيشة الناس، وتنظيم حياتهم، وهذه الخدمات تزداد ضرورة وتعقيداً كلما يتقدم الزمان، حتى يستحيل ان يستغنى عنها المجتمع، ويمتنع ان ينهض بها شخص او جهة غير جهاز الدولة.
فان القيام بمثل هذه المسؤولية يتطلب سلطاناً ونفوذاً وقوة في حياة الناس تمكن الجهاز من القيام بتوفير هذه الخدمات والزام الناس باداء مسؤولياتهم في الحياة الاجتماعية.. ولا يتأتي ذلك لغير جهاز الدولة.
2 ـ حل الخلافات والزام الناس بحدود القانون:
وهو الشأن الثاني من شؤون الدولة من تنظيم الحقوق والحدود في حياة الناس، لتنظيم حياة الناس ضمن هذه الحدود والحقوق، ولابد من حل المشاكل والخلافات في حياة الناس بموجب هذه الحدود، ولابد من سلطان ونفوذ يلزم الناس بالطاعة ضمن هذه الحدود.. وكل ذلك يتطلب قيام الدولة في حياة المجتمع.
3 ـ توفير الأمن في حياة الناس:
ولابد من توفير الامن في حياة الناس من عدوان بعضهم على بعض، ومن اعتداء الاعداء من الخارج، ولايمكن ايقاف العدوان وصده، وتوفير الأمن للناس من غير قوة وسلطان ونفوذ،وهذه الضرورة تختلف عن الضرورة السابقة التي كانت تنشأ من الخلاف في الحدود والحقوق فيما بين الناس، وتختص بموارد العدوان الذي يقع في الناس من بعضهم على بعض.
والدولة هي المسؤولة عن حماية حقوق الناس وأمنهم والدفاع عنهم، تلك أهم نقاط الرئيسية في ضرورة وجود هذه المؤسسة في حياة الناس، وهذه الضرورات تجعل قيام الدولة في حياة الناس أمراً ضرورياً بالغاً، لا يمكن ان يستغني عنها الناس بحال من الاحوال، سواء كانت الدولة رشيدة عادلة قائمة على أسس شرعية ام جائرة منحرفة.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (لا يصلح الناس الا امير بّر او فاجر) قالو: ياأمير المؤمنين هذا البر فكيف بالفاجر؟ قال: (ان الفاجر يؤمن الله به السبيل ويجاهد به العدو، ويجبني به الفئ، ويقيم به الحدود، ويحج به البيت، ويعبد الله فيه المسلم آمناً حتى يأتيه أجله)[43].
حرمة الركون الى دولة الظالمين:
وهذه هي المقدمة الثانية، والتي وصفناها بالشرعية، في هذا القياس الاستثنائي ومضمون هذه المقدمة تحريم الركون الى الظالمين والرضا بافعالهم ووجوب مكافحتهم، وقد دل على ذلك القرآن الكريم والسنة الشريفة بوضوح فمن القرآن الكريم قوله تعالى: ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) [44].
والركون هو السكون والإطمئنان والإستقرار، وقد نهانا الله تعالى من الركون الى الظالمين.
ومن أوضح مصاديق الظلم هو الحكم بغير ما أنزل الله تعالى على أنبيائه والانحراف عن شريعة الله.
(وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[45].
(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [46].
والركون الى الظالمين هو الإطمئنان والسكون اليهم. وليس من شك ان العيش في ظل سيادة حكومة ظالمة، وقبول سيادتها وقراراتها، والانسجام معها، والإطمئنان الى مؤسساتها، وخدماتها، وقراراتها، وما تهيؤها هذه الدولة من أمن وحماية للمواطنين من أبرز مصاديق الركون والسكون الى الظالمين، وقد حرمه الله تعالى، ونهى عنه نهياً صريحاً واضحاً في محكم كتابه.
ومن القرآن الكريم قوله تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)[47].
والسبيل هنا هو السلطان والنفوذ ونستظهر نحن أن الآية بصدد نفي نفوذ الكافرين على المسلمين من الناحية الشرعية، وليس من الناحية التكوينية في الدنيا او الآخرة، فان سياق الآية الكريمة غريب عن ذلك، وقد ذكر هذا الرأي القرطبي في تفسيره فقال في ضمن الاراء التي ذكرها في تفسير الآية الكريمة: (ان الله سبحانه لا يحل للكافرين على المؤمنين سبيلاً شرعاً، وان وجد خلاف الشرع)[48].
ونقل عن أبي العربي: احتج علماؤنا بهذه الآية في الاحتجاج على أن الكافر لا يملك العبد المسلم وبه قال أشهب، والشافعي، لأن الله سبحانه نفي السبيل للكافر عليه، والملك بالشراء سبيل، فلا يشرع، ولا ينعقد بذلك[49].
وهذا الرأي هو الذي نستظهره من الآية الكريمة، ونميل اليه، ومن ذلك قوله تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا)[50].
الطاغوت كما يقول الراغب في المفردات كل متعد وكل معبود من دون الله، ولذلك سمّي الساحر والكاهن والمارد من الجن والصارف عن طريق الخير طاغوت[51]، وأوضح مصداق للطاغوت حكام الجور الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، ويجورون، ويظلمون، يتعدون حدود الله، وقد أمرنا الله تعالى أن نكفر بهم، والكفر بهم رفض سيادتهم وحاكميتهم، ورفض التسليم والانتقياد لهم ونفيهم وطردهم عن موضع السيادة في المجتمع.
وعليه فان آيات القرآن صريحة في نفي الطاغوت ورفض سيادته وحرمة الركون اليه..
النتيجة:
والنتيجة المترتبة على هاتين المقدمتين هي وجوب اقامة الدولة الاسلامية ونصب الامام العادل في المسلمين لتنفيذ احكام الله تعالى، وتنظيم شؤون المجتمع الاسلامي بموجب حدود الله تعالى واحكامه واستيفاء الضرورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية التي تتوقف على قيام الدولة الاسلامية بصورة مشروعة، فقد عرفنا أن قيام الدولة ضرورة حتمية في كل مجتمع، سواء كانت الدولة اسلامية ام جائرة ومنحرفة، فاذا كان واجب المسلمين تجاه الأنظمة الجائرة والمنحرفة هو مكافحتها ونفيها وطردها، فلا محالة يجب عليهم اقامة الدولة الاسلامية لاستيفاء هذه الضرورات بصورة مشروعة وسلمية.
4 ـ الإجماع
عندما نستعرض كلمات أئمة وفقهاء المذاهب الاسلامية نجدها صريحة في ادعاء الاجماع الى وجوب اقامة الدولة يقول الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في تلخيص الشافي للسيد المرتضى: (أختلف الناس في وجوب الامامة في وجهين).
فقال الجمهور الاكثر والسواد الأعظم أنها واجبة، وقال نفر يسير ـ شذوذ منهم ـ أنها ليست واجبة، ولم يكونوا هؤلاء، فرقة مشهورة يشار اليهم، إنما هم من شذاذ الحشودية ممن لا يعرفون بشهرتهم، وأختلف من قال بوجوبها على وجهين:
فقالت الشيعة باجمعها، وكثير من المعتزلة: إن طريق وجوبها العقل وليس وجوبها بموقف على السمع. وقال باقي المعتزلة: إنها واجبة سمعاً[52].
يقول الماوردي في (الآداب السلطانية): (وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالاجماع، وان شذ عنهم الامم، واختلف في وجوبها هل وجبت بالعقل او بالشرع؟ فقالت طائفة وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم، ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم، ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين، وهمجاً مضاعين، وقالت طائفة أخرى بل وجبت بالشرع دون العقل لأن الامام يقوم بأمور شرعية، قد كان مجوزاً في العقل لا يرد التعبد بها)[53].
وقال القرطبي: (ولا خلاف في وجوب ذلك" اي نصب الامام والحاكم بين الأمة"، ولا بين الائمة إلاّ ما روى عن الأصم، حيث كان عن الشريعة أصم، وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه، قال أنها غير واجبة في الدين بل يسوغ ذلك، وان الامة متى أقاموا حججهم وجهادهم وتناصفوا فيما بينهم وبذلوا الحق من انفسهم.. اجزاهم ذلك ولا يجب عليهم أن ينصبوا اماماً يتولى ذلك)[54].
ويقرر السيد شريف الجرجاني في شرح المواقف لعضد الدين الايجي الاجماع على وجوب نصب الامام بان الصحابة وان اختلفوا في تعين الشخص الذي تعهد اليه الامامة، إلاّ أنهم لم يختلفوا في وجوب نصب أمام يحكم بين الناس وفي الناس[55].
يقول الشهرستاني: ( ولما قربت وفاة ابي بكر رضي الله عنه، فقالوا تشاوروا في الامر. ثم وصف عمر بصفاته وعهد اليه.. وما دار في قلبه ولا في قلب واحد ان يجوز خلو الارض عن امام.. فدل ذلك كله على ان الصحابة رضوان الله عليهم، وهم الصدر الاول كانوا على بكرة ابيهم متفقين على انه لا بد من امام.. فذلك الاجماع على هذا الوجه دليل قاطع على وجوب الامامة)[56]
ويقول ابن خلدون في المقدمة: (ثم ان نصب الامام واجب قد عرف وجوبه في الشرع باجماع الصحابة والتابعين، لأن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند وفاته بادروا الى بيعة أبي بكر رضي الله عنه، وتسليم النظر إليه في أمورهم وكذا في كل عصر من بعد ذلك، ولم تترك الناس فوضى في عصر من الاعصار، واستقر ذلك جمعاً دالاً على وجوب نصب الامام)[57].
ويقرر التفتازاني الاجماع السابق في شرحه على المقاصد، ولا يستثني من هذا الاجماع من طوائف المسلمين الا (النجدات) وهم قوم من الخوارج اصحاب نجدة بن عويمر[58].
ويبدو أن استثناء الاصم من المعتزلة والنجدات من الخوراج غير دقيق، اما الاصم فقد قال صاحب كتاب المغني عبد الجبار بن أحمد شيخ المعتزلة: إن شيخه الجبائي حكى عن الاصم: (انه لو انصف الناس بعضهم بعضاً وزال التظالم وما يوجب إقامة الحد لا ستغنى الناس عن الامام ثم قال والمعلوم من حال الناس خلاف ذلك فاذن علم من قوله ان اقامته واجب)[59].
واما الخوارج فقد كانوا على هذا الرأي أولاً، ثم عدلوا عنه وأمروا عليهم عبد الله بن وهب الراسبي.
ولتوضيح هذا الاجماع نقول أن مصب هذا الاجماع هو تمكين المستحق للامامة من الامامة وممارسة الحكم فيما بين المسلمين.. ويختلف المسلمون في شرط الاستحقاق للخلافة، فمن المسلمين من يقول أنه بالنصن ومنهم من يعتقد ان شرط الاهلية والاستحقاق للامامة هو (الشرط العامة) ـ العدالة، الفقاهة، الكفاءة ـ وشرط التنجيز هو الاختيار، وهؤلاء واولئك يجمعون فيما بينهم من غير خلاف على وجوب نصب الامام.
وبطبيعة الحال يكون مصب هذا الاجماع هو تمكين من يستحق الامامة من ممارسة الحكم والسيادة.. وهذا القدر مما يتفق عليه جمع المسلمين، من غير استثناء، الا من شذ منهم كالنجدات والاصم، على شك في شذوذ هؤلاء مما ذكرنا.
____________________
[1] البقرة ـ 178
[2] النور ـ 2
[3] المائدة ـ 38
[4] المائدة ـ 33
[5] الحجرات ـ 9
[6] البقرة ـ 190
[7] البقرة ـ 244
[8] آل عمران ـ 200
[9] الانفال ـ 39
[10] الانعام ـ 27
[11] هود ـ 115
[12] الاسراء ـ 78
[13] البقرة ـ 183
[14] البقرة ـ 196
[15] البدر الزاهر في صلاة الجمعة والمسافر للشيخ حسين علي المنتظري ، ص 52
[16] شرح سعد الدين التفتازاني على العقائد النسفية لنجم الدين النسفي، ص 138.
[17] السياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعية، دار الكتاب العربي بمصر، 1969.
[18] آل عمران ـ 103
[19] آل عمران ـ 101
[20] النساء ـ 175
[21] الانفال ـ 46
[22] البقرة ـ 208
[23] آل عمران ـ 104
[24] وسائل الشيعة 11/395
[25] المصدر نفسه.
[26] وسائل الشيعة 11/399ح 25
[27] المصدر نفسه/ 11/403ح9.
[28] فروع الكافي 1/342و 1/61
[29] روضة الكافي ص 384
[30] وسائل الشيعة 11/405
[31] نهج البلاغة القسم الثاني ، ص 234
[32] وسائل الشيعة 11/ 406 ـ 407
[33] آل عمران: 100
[34] وسائل الشيعة 18/338
[35] راجع كلمات الفقهاء في ذلك في كتاب ولاية الفقيه لآية الله المنتظري 2/216ـ 217
[36] النهاية في مجرد الفقه والفقاوى/ 299
[37] الشرائع كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
[38] 2/97 من عيون اخبار الرضا، ط النجف 1390هـ وزاد في العيون على السند المذكور قوله : (وحدثنا الحاكم، ابو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان، عن عمه ابي عبد الله محمد بن شاذان، قال: قال الفضل بن شاذان.
[39] علل الشرائع ،ص251،ط النجف 1385هـ.
[40] معجم رجال الحديث11/36
[41] الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي 105/106 مطبعة حجازي بالقاهرة.
[42] الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي 105/106 مطبعة حجازي بالقاهرة.
[43] كنز العمال 5/715، الحديث 14286
[44] هود، الآية: 113
[45] البقرة، الآية 229
[46] المائدة، الآية 45
[47] النساء/ 141
[48] تفسير القرطبي 5/420
[49] تفسير القرطبي 5/421
[50] النساء/ 60
[51] المفردات للراغب 305
[52] تلخيص الشافي للشيخ أبي جعفر الطوسي 551 ـ 58 ط النجف، تقديم السيد حسين آل بحر العلوم.
[53] الاحكام السلطانية للماوردي، ص 5، ط مصطفى البابي مصر
[54] الجامع لاحكام القرآن للقرطبي 1/2641.و
[55] المواقف لعضد الدين الايججي، بشرح السيد الشريف الجرجاني، 8/345 مطبعة السعادة،1907م
[56] نهاية الاقدام للشهرستاني ،479،ط 1344ه
[57] مقدمة ابن خلدون، ص 191.
[58] شرح المقاصد للتفتازاني،2/273،ط الآستانة التركية.
[59] المغنى، الجزء المتمم العشرين، القسم الاول في الامامة، ص 48(نقلاً عن كتاب رئاسة الدولة 62)

السابق || التالي 

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية

مركز الصدرين للدراسات السياسية