رأي الأكثرية
لو فرضنا أن الأمر شورى.. فهل رأي الأكثرية هو الملاك؟ وما العمل في حالة عدم
الحصول على الملاك؟
هذا السؤال في مذهبنا لا موضع له بعد أن رفضنا الشورى، فهو نظري بحت بالنسبة لنا،
ولكن نجيب عن السؤال الأول بالعمل برأي الأكثرية، لأن الكل فقهاء خبراء في المفروض،
فعند التعارض تكون الأكثرية مرجحة للرأي بلا شك، وهي تجعل الرأي مرشحاً لإصابة
الواقع أكثر من الرأي المعاكس؛ فالأكثرية هنا أكثرية خبراء لا أكثرية شعب غوغائي في
قبال قلة مفكرة خبيرة حتى تتوجه الطعون على الأكثرية.
وجواب السؤال الثاني هو لو تمكنا من جمع اثنين على رأي لكان عندنا بينة تعتبر
أكثرية بالنسبة للآحاد الباقين المتعددي الآراء، ويكون العمل بها متعيناً لنفس
السبب الآنف.
وإذا كان الخبراء متعددي الآراء كتعدد الأجساد والشخصيات، وليس في الأمة سواهم، فلا
سبيل سوى عرض القرارات المتعددة على الشعب ليختار الشعب أحدها بعد تعذر العمل بها
جميعاً. ويُعاد الانتخاب لو لم يحصل قرار على الأكثرية، لأنه لابدّ من تخليص البلاد
من هذا الضياع، ولا سبيل سوى ما ذكرنا تماماً، كاختيار علاج طبيب من بين علاجات
لأطباء متساوين في الثقافة، مختلفين في علاج المرض بعدد أشخاصهم. ويعاد الانتخاب
إذا لم ينل قرار الأكثرية المطلوبة، لأن الأمة تتشرذم وتتمزق لو اختار كل فريق منها
قراراً يعاكس القرارات الباقية، فهذا هو الفشل وذهاب الريح والتفرق والضياع عن سبيل
الله تعالى، فلابدّ من الأخذ بالقرار الذي يحظى برأي أكثر الشعب، لأن المصلحة
العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، فلا يحق للأقلية أن ترفض تطبيق القرار المذكور
لما ذكرناه من أهمية المصلحة العامة.
لزوم مشاورة الفقيه للعلماء
هل يجب على الفقيه أن يشاور أصحاب النظر من العلماء؟
إن الإجابة عن هذا السؤال قد تقدمت، فالتشاور مستحب مع أبناء الشعب فضلاً عن
العلماء الخبراء. وإذا كان العلماء أقل منزلة من ذاك الفقيه كان الجعل يتناوله
دونهم. وإذا كانوا متساوين كانت الأمة تختار قائدها، وقد مر تفصيل كل ذلك آنفاً.
فالتشاور غير واجب بحدّ ذاته إلاّ إذا حدث عنوان ثانوي في بعض الحالات، مثل جمع
الكلمة والشعور بالثقة واحترامهم ونحو ذلك من مصالح قد توجب أخذ رأي ابن الشعب
العامي فضلاً عن العلماء المجتهدين الإجلاء.