الشروط الواجب توفّرها فيمَنْ يتصدّى
لنقد العلماء و لتجديد و إصلاح الحوزات العلمية
لاشك أن أسلوب النقد والمتابعة هو السر الكامن وراء استمرار وديمومة النجاح
والتقدم ولكن بشرط أن يكون هذا النقد بناءاً وموضوعياً ويمتاز بالمرونة
واللياقة بحيث لا يخدش أو يجرح الآخرين ويحافظ على مقامهم الاجتماعي
فالإمام السجاد(ع) يقول ((من نصح أخاه في السر فقد زانه ومن نصحه في
العلانية فقد شانه))
والبعض يصنف النقد إلى النقد البنّاء والنقد الهدّام فأما النقد البنّاء
فبالإضافة إلى ما تقدم فإنه يقصد به وضع اليد على مواطن الخطأ والتعثر سواء
كانت قصوراً أو تقصيراً و تشخيصها كخطوة أولى في العلاج والسير نحو التكامل
أما ما يسمونه بالنقد الهدام فيقصد به إشاعة وتضخيم الأخطاء من دون تقديم
بدائل أصلح أو حلول مناسبة والغرض من ذلك هو التشهير وإسقاط وإفشال نجاح
الآخرين بدافع الحقد والحسد وبحسب اعتقادي أنه لا يمكن لنا أن نسمي ذلك
نقداً أساساً بل يجوز لنا أن نطلق عليه عقدة نفسية يعاني منها الفاشلون
والعاجزون حسداً وحقداً فمتسافل الدرجات يحسد من علا ، أما أفضل أنواع
النقد باعتقادي والذي يستحق الإجلال والإكبار فهو النقد الذاتي فقد ورد عن
أمير المؤمنين(ع) (( مُعلّم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس
ومؤدبهم))(ميزان الحكمة/ج1 ص54) ،
ثم أنه هنالك ضوابط يجب أن تُراعى قبل وأثناء عملية النقد إذ قبل ممارسة
النقد يجب أن تكون هناك أرضية خصبة لذلك بحيث أن الشخص الذي تريد أن توجه
له النقد يكون لديه استعداد لتقبل ذلك منك ثم يجب مراعاة المقامات العلمية
والاجتماعية فالإنسان الناقد إذا كان أعلى مرتبة من الذي يتوجه له بالنقد
يختلف أسلوبه فيما لو كان الاثنان من مرتبة واحدة هذا فضلاً عما إذا كان
الناقد أدنى مرتبةً ومقاماً من الذي يتوجه له بالنقد ومع كل ذلك يجب أن
يكون النقد بحدود فلا يصح من المريض أن يتوجه بالنقد إلى الطبيب لأنه أعلم
باختصاصه منه كما لا يصح من الجاهل أن ينتقد العالم لأن العالم يعرف الجاهل
لأنه كان جاهلاً،أما الجاهل فلا يعرف العالم لأنه لم يكن عالماً فكيف يجوز
له انتقاده على شيء لا علم له به بل أن الذي ينتقد العلماء والحوزات
العلمية عموماً بقصد التجديد والإصلاح يجب أن تتوفر فيه ضوابط ومعايير
وشروط خاصة جداً لكي يكون نقده وتدخله سائغاً ومقبولاً بل نافعاً ومثمراً
للحوزات العلمية والعلماء وأجهزة المرجعية ومن هذه الشروط ما حددها سماحة
السيد روح الله الموسوي الخميني(قدس الله خَفِيُّه) إذ يقول :
(( إننا لا ندّعي أبداً أن كل أبناء هذه الطبقة جيدون ومنزهون وأنه لا حاجة
لإصلاحهم أنهم مثل سائر الطبقات فيهم الجيد والسيئ ، والسيئون منه أكثر
فساداً وضرراً كما أن الجيدين منهم أكثر نفعاً من كل الطبقات أكثر نفعاً
للناس والبلاد ولاستقلالها لكن إصلاحهم لا يكون على يد أمثال رضا خان (رئيس
إيران قبل الثورة الإسلامية) الذي لم يكن يعرف كيف تكتب كلمة روحاني بهاء
هوز أم بحاء حطي،إن الذي يحق له أن يمد يده لإصلاح هذا الجهاز لابد أن يكون
حائزاً على الشروط التالية :.
1. أن يكون متخصصاً في العلوم الدينية فلا يكون كلامه أعمى وعن جهل .
2. أن يكون محبّاً للدين والعلماء ومعتقداً بضرورة وجود العلماء في البلاد
.
3. سلامة نيتهِ فلا يكون تدخله طلباً للنفع الشخصي .
4. أن يمتلك عقلاً مدبراً ومميزاً بين الصلاح والفساد لتكون أعماله مبنية
على خطط حكيمة .
5. أن يكون له نفوذ علمائي ليتمكن من تنفيذ مخططاته .
هذه الشروط إذا ما توفرت فإنها تتوفر في العلماء من الدرجة الأولى أما
الباقون فكلهم خارجون عن هذا الحساب))(من كتاب كشف الأسرار)(مكانة العلماء
في فكر الإمام الخميني/ص58) .