دليل الاحتياط العقلي في تَجَنُّب شتم العلماء


إن دليل الاحتياط العقلي يسير بنا إلى شاطئ الأمان وإلى رضا الرحمن سواء في ظاهرة شتم العلماء أو في غيرها من الفتن التي نتعرض لها بين الحين والآخر والتي تحيط بنا من كل حدبٍ وصوب،ولتوضيح مفهوم الاحتياط العقلي ولو أجمالا فنقول على سبيل المثال إنه فيما لو قال لك طفل صغير أو رجل مجنون أنه يتربص بك من خلفك ذئب،مفترس أو أفعى سامة فبالاحتياط عقلاً وحذراً من احتمال صحة الادعاء يجب عليك الالتفات إلى الخلف للتحقق خصوصاً أن عملية الالتفات هذه لا يترتب عليها ضرر أو أية ضريبة أخرى يستلزم دفعها،ومن هذا أقول إلى كل من يتجرأ بشتم العلماء أن الاحتياط عقلاً يوجب عليك الالتفات إلى كل ما تقدم في البحث من أسباب ودوافع ومنزلقات ونتائج لظاهرة شتم العلماء والذي هو ليس كلام أو تحذير من طفل صغير أو رجل مجنون كما تقدم في المثال وهو ليس كلامي فحسب وإنما هو بحثٌ مدعَم ومسند بكلام الخالق عز وجل وآياته المباركة وتوجيهات العترة المحمدية المقدسة صلوات الله عليهم أجمعين ،
وكذلك وصايا علمائنا الأعلام المجاهدين المخلصين العاملين خصوصاً أن الابتعاد عن هذه الظاهرة وهذه الأفعال الرذيلة لا تحملك أية خسارة ولا يستلزم منك دفع أي ضريبة بسبب تجنبك شتم العلماء بل على العكس من ذلك فإنه سيورثك المودة بين الناس والذكر المبارك في أوساط المجتمع هذا من حصاد الدنيا،أما في الآخرة فيجنبك الوقوف الطويل أمام الملك الجبار ويبعدك عن كل هذه الألغام والمطبات التي تقود إلى الهاوية وما أدراك ما هي في نار حامية وساءت مستقرا خصوصاً إذا ظهر في يوم الحشر يوم تبلى السرائر ويظهر لك وللخلق أجمعين أن هؤلاء العلماء الذين كنت تشتمهم وتتطاول عليهم كانوا يسيرون بمسارات شرعية وأنهم فارغوا الذمة أمام الخالق عز وجل وأنهم كانوا قد ادوّا ما عليهم من تكاليف شرعية بينهم وبين الله جل وعلا وأنهم كانوا معذورين بمعاذير شرعية فيما قد صدر منهم في الحياة الدنيا،وما أروع أمير المؤمنين(ع) الذي خاطب الملحدين والماديين بحسب الاصطلاح المعاصر وإن كان ليعز عليّ أن أصل بمستوى الخطاب والبحث الذي من المفترض أن يكون موجهاً إلى المسلمين إلى مستوى خطاب الماديين إذ يقول أمير المؤمنين(ع) شعراً :


قال المُنَجِّم والطبيب كِلاهما
لاتُحْشَرُ الأجساد فقلتُ إليكما

إنْ كان قولُكما فَلَسْتُ بخاسرٍ
وإنْ كان قَوْلي فالخسار عليكما


فأمير المؤمنين(ع) يخاطب الذين يشكّكون بالمعاد و بيوم الحشر والحساب خصوصاً الذين يسلكون في العلوم الطبيعية والبشرية كالطبيب كما ذكر في الأبيات الشعرية الذي قد ينفي بحسب ما لديه من علوم إعادة تكوين بنية الجسم البشري بعد فنائه وبلاء عظامه في التربة فيقول لهم أمير المؤمنين(صلوات الله عليه)إن كان إدعائكم صائباً فلستُ بخاسرٍ ولا نادم على الأفعال التي فعلتها امتثالاً لأوامر الإسلام في القرآن الكريم وتوجيهات رسول الله(ص) لأن الالتزام بتلك الوصايا ينتج عنه الكثير من المنافع الدنيوية كالمقام الاجتماعي والمنزلة العلمية ومحبة المجتمع وغيرها ، أما فيما لو كان ادعائكم باطلاً أي كان قولي هو الصواب بالإيمان بالمعاد فستخسران خسراناً مبيناً ولن ينفع الندم بعد ذلك لأنه يكون حينها قد رفعت الأقلام وجفت الصحف بينما نحن الذين آمنا بالمعاد نكون قد تهيأنا لذلك اليوم مسبقاً،وكذلك يكون حال من التزم بتعاليم الله عز وجل ووصايا رسولهِ الكريم(ص) في الابتعاد عن كل ما يسيء إلى الإسلام والمسلمين وخصوصاً القيادات الإسلامية من العلماء العاملين المخلصين فيتهيئون لذلك اليوم العظيم ومن دون خسارةٍ تُذكر في الدنيا ولا في الآخرة .
 

              

 

الرئيسية